مدة القراءة: 2 دقائق

قدّم أ. د. محسن محمد صالح ورقة عمل بعنوان “مخططات التهجير والضم بين التصريحات الأمريكية والتنفيذ الإسرائيلي” في اليوم الثاني من مؤتمر الرواد الرابع عشر، الذي ينظّمه الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين، بالشراكة مع جمعية البركة الجزائرية وحركة الإنسان ومدنيات التركية، والائتلاف العراقي لنصرة القدس وفلسطين تحت عنوان: “الانتصار لغزة مسؤولية الأمة”، الذي انعقد في إسطنبول في 26-27 نيسان/ أبريل 2025.

تناولت الورقة طبيعة المشروع الصهيوني بوصفه مشروعاً إلغائياً، استهدف الإنسان الفلسطيني وتاريخه وجغرافيته. وقد ظهر هذا المشروع منذ بدايات الاحتلال، وتجدّد بصور مختلفة عبر العقود؛ ففي نكبة 1948، نفّذ الاحتلال الإسرائيلي عملية تطهير عرقيّ طرد فيها نحو 800 ألف من أصل مليون و400 ألف فلسطيني، واستولى على 77% من أرض فلسطين. ومن خلال مشروع شمال غرب سيناء في الفترة 1953-1955، سعى الاحتلال لترحيل عشرات الآلاف من أبناء قطاع غزة وتوطينهم في سيناء، لكنّ هذا المشروع لقي معارضة شاملة وعنيفة، دفعت بحكومة جمال عبد الناصر إلى إلغائه. كذلك كشفت الوثائق البريطانية عن مشروع إسرائيلي سنة 1971 لتهجير نحو مئة ألف فلسطيني إلى العريش، لكنّه فشل.

وفي سنة 2010، طرح جيورا أيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي خلال الفترة 2004-2006، مشروعاً بعنوان “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين”، نشره مركز بيجن – السادات للدراسات الاستراتيجية، دعا فيه إلى تهجير سكان قطاع غزة نحو العريش، وتنازل الفلسطينيين في الضفة عن مساحة من أراضيهم لصالح المستوطنات. وهو طرح يتقاطع في أهدافه مع “صفقة القرن” التي قدّمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومع خطة الحسم سنة 2017 التي اقترحها بتسلئيل سموتريتش، والتي تسعى لإيجاد بيئة طاردة لأهل الضفة الغربية. وفي الأسابيع الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تسرّبت وثيقة من وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تطرح ثلاثة خيارات، وترى الخيار الأمثل لضمان أمن المستوطنات هو تهجير سكان القطاع.

وعرض أ. د. صالح بعض الأهداف الإسرائيلية من وراء تلك المخططات، منها الانسجام مع الأيديولوجية الصهيونية التي تقوم على تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ومعالجة حالة الهستيريا والرعب التي أحدثها طوفان الأقصى لدى الصهاينة، خصوصاً في مستوطنات غلاف غزة، عبر تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين وتوفير شريط أمني عازل، وإيجاد أجواء نكبة ثانية، وحالة كي وعي، وبيئة انكسار وهزيمة لدى الشعب الفلسطيني لإلغاء فكر المقاومة وبثّ روح الاستسلام.

وختم أ. د. صالح بأنّ صمود الشعب الفلسطيني، ودعم الأمتين العربية والإسلامية له، سيفرض معادلة جديدة تُجبر الاحتلال الإسرائيلي على التراجع عن التهجير المباشر، لكنّه سيسعى لإبقاء بيئة هجرة طاردة من خلال استمرار الحصار ولو جزئياً، ومنع إعادة الإعمار، وتسهيل الهجرة وخصوصاً للكفاءات بالتنسيق مع دول غربية ومتعاونة معه. ومع ذلك، سيبقى الصراع والتدافع قائماً، وسيظل الشعب الفلسطيني متجذراً في أرضه.



مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 8/5/2025