مدة القراءة: 11 دقائق

إعداد: أ. عبد القادر ياسين.
(خاص بمركز الزيتونة).

صدر للصديق العزيز، د. محسن محمد صالح، مؤخراً، كتاب عن التنظيم الفلسطيني للإخوان في قطاع غزة، بدأه بفصل عن القضية الفلسطينية (1918–1948)، فحرب 1948 ونتائجها، والتشتُّت، وحكومة عموم فلسطين، ومصير الضفة والقطاع، والبلاد العربية وفلسطين، فالعمل الوطني الفلسطيني (1948–1967)، والإخوان المسلمون وفلسطين، وصولاً إلى دور الإخوان في حرب فلسطين الأولى (1947–1948)، مع خلاصة. كل هذا في خطوط عريضة، تليق بالخلفيات، في 25 صفحة فقط، من القطع الكبير.

بدأ صالح الفصل الثاني، عن الإخوان في قطاع غزة (1949–1956)، بمقدِّمة، قبل أن ينتقل إلى الحديث عن جمعية التوحيد، التي أنشأها ظافر الشوا، في غزة، سنة 1948، ومثَّلت الغطاء العلني لعمل الإخوان، وفيها ترأس سليم الزعنون “لجنة الطلبة”، التي ضمَّت أعضاء من الإخوان، برزوا في فتح لاحقاً، أمثال: كمال عدوان، صلاح خلف، خليل الوزير، وزهير العلمي.

عاد الإخوان إلى العمل العلني في قطاع غزة، خريف 1951، ووضعت يافطة الإخوان جنباً إلى جنب يافطة التوحيد. لكن الانفصال بين المؤسستين سرعان ما وقع، حين حاول الإخوان، تحويل التوحيد إلى شُعبة إخوانية. وتابع الإخوان عملهم تحت قيادة الشيخ عمر صوان، الذي تنحى مع حملة الاعتقالات الواسعة ضدّ الإخوان في مصر، وإقدام حكومة عبد الناصر على سحب ترخيص الجماعة، خريف 1954.

شكَّل الطلاب نحو 70% من مجموع عضوية إخوان القطاع، ترأسهم رياض الزعنون (الطبيب لاحقاً). بينما ضم قسم العمال عدداً من كوادر الموظفين الحكوميين، والمدرسين، والعمال الحِرفيين، والتجار، وتضاعف عددهم، بعد ثورة تموز/ يوليو 1952 المصرية، حين راج بأن الثورة من صنع الإخوان.

بعد حديثه عن مناهج التربية الإخوانية، في تلك الفترة، واعتماد الحركة على الإخوان المصريين، في هذا الصدد، أشار المؤلف إلى أنه سرعان ما طغت الأنشطة الاجتماعية، والرياضية، ما سمح بتسرُّب أعضاء من ضعيفي الالتزام الديني. وما بين 1951، و1954، انتشرت للإخوان ثماني شُعب في أنحاء القطاع.

بعد ضربة 1954، تقلَّص عدد أعضاء الإخوان، وتباطأ التوسع التنظيمي، وتواضع، بعد أن توزع الإخوان إلى مناطق جغرافية. وبعد الاحتلال الإسرائيلي الأول لقطاع غزة (خريف 1956)، عاد التنظيم ليشمل كل القطاع، وترأسه عبد الله أبو عزَّة. أما الزعم بأن ما أفقد الشيوعيين المصداقية كان الاعتراف بالكيان الصهيوني، فكلام تنقصه الدقَّة! وهنا استشهد المؤلف بحسين أبو النمل، الذي زعم بأن الشيوعيين دعوا إلى إنشاء الدولة المستقلَّة “المتحدة، اقتصادياً، مع إسرائيل، والصديقة للشعب اليهودي!” الأمر الذي لم يحدث، مطلقاً. فقد حدث أن التقى مندوبون عن الإخوان، والشيوعي، والبعث، وتقدَّم مندوب الشيوعي بـ”مشروع برنامج جبهة المقاومة”، في صفحتين من القطع الصغير (10X15 سم)، وتضمَّن البرنامج “اعتماد كفاحنا على شعبنا، والأمة العربية، والقوى المحبة للحرية والسلام في العالم، والشرفاء داخل إسرائيل”، والغريب أن مندوبي البعث، والإخوان استبشعا أن تضم “إسرائيل” شرفاء. بينما ثمة من كان، ولم يزل، يؤيد حقوق الشعب الفلسطيني، في فلسطين المحتلة 48؛ كعرب 48، وجماعة “ناطوري كارتا”، والحزب الشيوعي. ومع ذلك فقد كان يمكن الاستغناء عن بند “الشرفاء”، ويقوم التحالف بين الأطراف الثلاثة!

انتقل فتحي البلعاوي، رأس الإخوان المسلمين الفلسطينيين في مصر، إلى قطاع غزة، مرحَّلاً، أواخر سنة 1953، فأضاف بنشاطه الملحوظ إلى الإخوان في القطاع. بعد ذلك، استعرض صالح “الكشافة”، و”الجوالة” (ص71–72)، قبل أن يصل إلى العدوان الإسرائيلي الشهير على غزة (28/2/1955)، والذي استشهد فيه 39 جندياً، ما فجَّر انتفاضة عارمة في القطاع، استمرت ثلاثة أيام بلياليها، على أكتاف تحالف شيوعي – إخواني. ولم تتوقف، إلا بعد وعد عبد الناصر بتنفيذ كل مطالب المنتفضين (إلغاء “مشروع سيناء” لتوطين اللاجئين؛ تسليح القطاع؛ وإشاعة الحريات فيه).

معروف بأن هذه الانتفاضة صحَّحت الكثير من الأوضاع في مصر؛ فكفَّ عبد الناصر عن نظرته الوردية إلى الولايات المتحدة، كما لم يعد يتعامل مع قضية فلسطين باعتبارها قضية مشردين، في أمس الحاجة للمأكل، والمأوى.

غنيٌ عن القول بأن هذه التعديلات في خط عبد الناصر السياسي، استحدثت خطاً سياسياً جديداً لدى الرئيس المصري؛ وهو خط أكثر صحة من سابقه.

جاء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 1956، في سياق “العدوان الثلاثي” على مصر؛ فأعاد الإخوان تنظيم أنفسهم، تحت قيادة عبد الله أبو عزة.

ليس صحيحاً ما زعمه عبد الله أبو عزة من أن الشيوعيين “اتخذوا موقفاً معادياً للوحدة المصرية السورية”. بل الصحيح أن الحزب الشيوعي أقام احتفالاً جماهيرياً غير مسبوق، في مدينة غزة، في الأسبوع الأخير من شهر شباط/ فبراير 1958، احتفالاً بتحقيق وحدة سورية ومصر. كما أن انشقاقاً عن هذا الحزب، حمل اسم “الطليعة الثورية الشيوعية”، أصدر منشوراً سرياً، حيّا فيه هذه الوحدة، وألحَّ على ضمّ فلسطين إلى هذه الوحدة؛ حتى يُصبح أمر تحريرها مناطاً بدولة الوحدة. ومع ذلك، فقد اعتقلت أجهزة الأمن المصرية واحداً وثلاثين شخصاً من قطاع غزة، عشرة منهم لا ينتمون للحزب الشيوعي. وكل ما في الأمر أن الحكومة المصرية منعت تداول العملة المصرية، فئتي الخمسين ومئة جنيه، حتى تحرم الأغنياء المصريين، من الأموال التي هرَّبوها إلى الخارج، ومن الطبيعي أن تكون هذه الأموال من الفئتين المذكورتين. وحدَّد قرار الحكومة يوم 10 آب/ أغسطس 1959، آخر موعد لاستبدال هاتين الفئتين من البنوك في مصر، بينما شدَّد الأمن المصري التفتيش الشخصي على الموانئ والمطارات، والمداخل البرية إلى مصر، لذا لم يكن اعتقال أولئك، في ذلك اليوم (10/8/1959)، محض صدفة، بل إن مسؤوليْن في أجهزة الأمن المصرية بالقطاع، تآمرا لتهريب شنطتين، غصَّتا بالفئتين المذكورتين. وأذكر أنه حين صعد رجال الجمارك لتفتيش سيارة المعتقلين، قال لهم ضابط المباحث المرافق النقيب محمد الحديدي، إن السيارة تحمل شيوعيين خطرين! فما كان من رجال الجمارك إلا أن نزلوا، صاغرين. وحين وصلت سيارة المعتقلين إلى ميدان العباسية، بالقاهرة، نزل رجل أمن مصري، يحمل الشنطتين، بينما واصلت سيارة المعتقلين سيرها إلى “السجن الحربي” في العباسية، بالقاهرة.

خصص المؤلف قسماً من الفصل الثاني للحديث عن “رابطة الطلبة الفلسطينيين في مصر”، التي مثَّلت حاضنة مهمة للشباب الفلسطيني، المتطلِّع لخدمة قضيته الوطنية (ص 86).

جرى الحديث في الفصل الثالث عن “إنشاء التنظيم الفلسطيني”؛ بعد أن شهدت الفترة 1957–1967 انحسار الإخوان في قطاع غزة، بالترافق مع المد الناصري. “وفي هذه الأجواء، انتشرت حالات ترك الجماعة، كما ظهرت حالات من الاهتزاز في القناعات الفكرية…. غير أن ظاهرة التسرُّب الأكبر كانت في فقدان عدد نوعي كبير، من أفضل الكفاءات، والقيادات، التي أسست حركة فتح” (ص 103–104).

احتدم الصراع بين فتح، التي انحدرت من الإخوان، وبين مَن بقي في الإخوان، واستمر وجود عناصر التزمت مع فتح، مع حرصها على البقاء في الإخوان، ما غدا مصدر إرباك، ومشاكل للتنظيم الفلسطيني، حتى أواخر الستينيات، وتسبب ذلك في استقالة عبد البديع صابر من المسؤولية الأولى في إخوان القطاع، سنة 1963، ليحل محله إسماعيل الخالدي.

في سياق الضربة الأمنية الناصرية للإخوان، صيف 1965، تمّ اعتقال المراقب العام لإخوان القطاع، هاني بسيسو، ونائبه عبد الرحمن بارود، حيث توفي الأول في السجن، وحكم على بارود بالسجن سبعة أعوام، خرج بعدها ليصاب بالشلل، قبل أن يتوفاه الله. كما تمّ اعتقال نحو 25 ناشطاً، حاليين وسابقين من إخوان القطاع، لنحو عام واحد.

يذكر المؤلف “يبدو أن الإقامة المؤقتة هي التي غلبت على العمل الإخواني الفلسطيني في مصر” (ص 120).

انتقل صالح للتعامل مع “الإخوان الفلسطينيين في الكويت”، حيث كان للإخوان الكويتيين اهتمام كبير بقضية فلسطين (ص 125)؛ لذا، ربطتهم بالإخوان الفلسطينيين “علاقات الأخوة الإسلامية”، على ما يذكر سليمان حمد، من أوائل الذين وصلوا إلى الكويت من الإخوان الفلسطينيين. ما ساعد حمد وإخوانه على استحداث قِسم فلسطين في “جمعية الإرشاد” الكويتية، مطلع 1954. واستجابةً لضغوط عبد الناصر، فإن حكومة الكويت عمدت إلى إغلاق “جمعية الإرشاد”. وفي السنوات التالية، تشكَّل إطار جديد للإخوان الوافدين، حمل اسم “البعوث”. وعاد الإخوان إلى العمل العام، من خلال “جمعية الإصلاح الاجتماعي”، التي تأسست سنة 1963.

شكَّلت مجموعة الإخوان الفلسطينيين في الكويت حاضنة أساسية، و”منجماً” غنياً لحركة فتح، في مراحلها الأولى. وشعر الإخوان الفلسطينيون في الكويت، بأنهم في إجازة، وفي إقامة مؤقتة؛ فلم ينشغلوا كثيراً بمأسسة العمل، وتطويره. غير أن قفزة نوعية حدثت، بقدوم حسن عبد الحميد، وعمر أبو جبارة إلى الكويت (ص 128–129).

بينما تمت المفاصلة في غزة بين الإخوان وفتح، عبر مفاوضات، أواخر 1961.

أما الإخوان الفلسطينيون في سورية، فلم يُشكِّلوا تنظيماً إخوانياً خاصاً بهم، بل غدوا جزءاً من إخوان سورية، وبعد حين، أصبح محمود عباس، وهاني الحسن ضمن المجموعة الأولى، وإن لم يبرز إلا عدنان النحوي، ونادر الحاج عيسى.

بعد أن استقر عبد البديع صابر في قطر، تولى قيادة إخوان قطاع غزة، في غيابه، هاني بسيسو، وتمّ تثبيت الأول مراقباً عاماً، في اجتماع مجلس شورى الإخوان الفلسطينيين، في بيروت سنة 1969. وبعد نحو عام، استعفى صابر من القيادة، فحل محله نائبه، عبد الله أبو عزة، الذي سرعان ما قدَّم استقالته من موقعه القيادي، قبل أن ينسحب من الإخوان، فحل محله عمر أبو جبارة، وتبعه خيري الأغا، بعد وفاة أبو جبارة. وتولى أحمد ياسين هذا الموقع، خريف 1967. وبعد نحو تسعة أعوام توحَّد تنظيما الإخوان في الضفة الغربية، وقطاع غزة. وفي سنة 1978، تمّ حلّ مجلسَيْ شورى الإخوان، الأردنيين والفلسطينيين، وتمّ انتخاب مجلس موحَّد، ترأسه محمد عبد الرحمن خليفة، مراقب الإخوان في الأردن.

ركَّز الفصل الرابع على “العمل العسكري للإخوان المسلمين في قطاع غزة (1949–1956)”. فقد اجتذب الإخوان المصريون، بجسارتهم في حرب 1948، الكثير من شباب القطاع، الذين تطوعوا للقتال إلى جانب الإخوان المصريين، ما وسَّع دائرة العضوية في إخوان القطاع. ثم كان لتدهور الأوضاع ، الاقتصادية، والاجتماعية، دورٌ ملحوظ في تزايد سخط أهالي القطاع، الذي استفحل مع عجز القوات المصرية عن صدّ الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتوالية على أهالي القطاع. كل هذا ضخَّ دماء جديدة إلى الإخوان في القطاع. وحين انتهت الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى، بالهدنة، التي وقَّعتها الحكومة المصرية في شباط/ فبراير 1949، أخذ ابن العريش الإخواني، كامل الشريف يُنظِّم شبكة للمقاومة المسلَّحة في القطاع. ثم كان للإخوان دور ملحوظ في حرب العصابات ضدّ القوات البريطانية، في قناة السويس (1951–1954)، وفي إسقاط المَلكية (23 تموز/ يوليو 1952).

في قطاع غزة، تمّ انتقاء نوعية خاصة، عالية الانضباط، والالتزام، والاستعداد، وتجنيدها؛ لضمان سريتها، بعيداً عن التنظيم العلني للإخوان. غير أن انطفاءً تدريجياً صاحب انشغال العديد من القيادات السابقة للجهاز بالبحث عن صيغة جديدة للعمل، تمثَّلت في فتح، لاحقاً.

حين أبعد نظام 23 يوليو الضابط الإخواني عبد المنعم عبد الرؤوف، إلى سيناء، عمل الأخير في دعم المقاومة الفلسطينية.

في 25/2/1955، وقع تفجير في “إسرائيل” من الإخوان، فردَّ الإسرائيليون بشن عدوان مسلَّح على مدينة غزة في 28/2/1955. و”كان خليل الوزير الدينمو المحرِّك للنشاط العسكري الإخواني في القطاع”، حسب عبد الله أبو عزة (ص 191).

خصَّص المؤلف الفصل الخامس من كتابه للإخوان ونشأة فتح. فقد غدا معظم قادة التنظيم العسكري للإخوان مؤسِّسين في فتح، بعد الهجمة الإسرائيلية على غزة في 28/2/1955، وما ترتب على الانتفاضة، التي تلتها، من استحداث عبد الناصر قوات الفدائيين الفلسطينيين، في “الكتيبة 141 فدائيون”، الذين وجَّهوا ضربات موجعة لـ”إسرائيل”، حتى أنهم ألحقوا بها 1,387 قتيلاً، في بضعة أسابيع، ما أضاء للشباب الفلسطيني الطريق. ثم كان الاحتلال الإسرائيلي الأول لقطاع غزة، وخلاله أقام الإخوان مع البعثيين “جبهة المقاومة الشعبية”، ما أشعر الإخوان بمدى جدوى العمل الجبهوي. وبعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بنحو أربعة أشهر، تقدَّم خليل الوزير إلى هاني بسيسو بمذكِّرة، اقترح فيها التحوُّل إلى تنظيم يحمل شعار “تحرير فلسطين بالكفاح المسلَّح”، ما يُفيد، أيضاً، في الإفلات من الهجمة الأمنية، والدعاوية الناصرية. وعرض بسيسو المذكِّرة على نائبه، أبو عزة، الذي تغافل عنها، فتحرَّك الوزير ورفاقه، يدعون أعضاء الإخوان للفكرة الجديدة، إلى أن انتقل الوزير إلى الكويت، للعمل فيها. وكان أن التقى مؤسسو فتح الخمسة، خريف 1958، وهم: عادل عبد الكريم ياسين، وعبد الله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد، إضافة إلى الوزير نفسه، وقرروا إصدار مجلة شهرية (فلسطيننا)، نشروا فيها برنامجهم (بيان حركتنا)، و”هيكل البناء الثوري”، والأخير بمثابة النظام الداخلي لفتح.

تناثرت جملة من الأخطاء، والمزاعم في الكتاب، على ألسنة قادة الإخوان آنذاك. وكان الأَوْلى بالمؤلف أن يُجري مقابلة مع الطرف المدَّعى عليه.

• تمّ إبعاد فتحي البلعاوي من مصر في 9/4/1953، وليس أواخر 1953. وكان البلعاوي، حينها، رأس الإخوان الفلسطينيين في مصر، وليس “من أبرز القيادات الإخوانية في مصر” حسب شهادة سليم الزعنون. وفي التاريخ الأول (9/4/1953)، كان البلعاوي ألقى خطاباً نارياً في القاهرة بالذكرى الخامسة لاستشهاد القائد البطل عبد القادر الحسيني، الأمر الذي أزعج الأمن المصري، فأبعد البلعاوي إلى قطاع غزة (ص 66).

• القول بأن فوده هو الذي درَّب شباب الإخوان في مدرسة فلسطين الثانوية، بمدينة غزة، على السلاح. والحقيقة أن الذي درَّبهم هو صلاح البنا، سلف فوده؛ حيث لم يأتِ الأخير، إلا ربيع 1955، بعد أن كان البنا اعتُقل، في سياق حملة الاعتقالات ضدّ الإخوان، خريف 1954. واتُهم بأنه عضو في “التنظيم الخاص” للجماعة، وكان اشترك في حرب 1948 بفلسطين.

• النسبة الأكبر من شهداء، وجرحى العدوان الإسرائيلي (28/2/1955) كانوا من الحرس الوطني الفلسطيني، وليس كلهم من الجنود المصريين (ص 72).

• كأن “الإخواني” سليمان حمد، ناظر مدرسة النصيرات، أراد أن يُضفي مسحة كفاحية على سفره للعمل في الكويت، لتحسين دخله (أيلول/ سبتمبر 1953)، وليس بعد “صدامات مع خليل عويضة [مدير التربية والتعليم في وكالة الأونروا]، ورفاقه الشيوعيين المتنفذين في مدارس وكالة الأونروا” (ص 66). ذلك أن عويضة لم يكن شيوعياً، آنذاك، كما لم يكن ثمة حزب شيوعي في القطاع، منذ وُجِّهت ضربة قاضية لفرع القطاع من “عصبة التحرر الوطني الفلسطينية” (10/8/1952)، بعد أن عثرت أجهزة الأمن على قائمة بأسماء كل أعضاء الفرع الـ 64، ولم يفلت منهم إلا أربعة؛ إثنان إلى الضفة الغربية، وثالث إلى الكويت، والرابع إلى سورية. وبقي القطاع نحو سنة وشهر ونصف الشهر بدون تنظيم شيوعي، إلى أن وصل من العراق الشاعر معين بسيسو، والتقى بثلاثة ممن أُفرج عنهم (سمير البراقوني، ومحمود نصر، وأحمد المبيِّض)، وأضيف إليهم الطالب في السنة الثالثة بكلية آداب جامعة القاهرة (قسم التاريخ)، خالد شُرَّاب، وأسَّسوا، في بيارة الأخير، “الحزب الشيوعي الفلسطيني بقطاع غزة”، أواسط أيلول/ سبتمبر 1953. ثم عن أي “صدامات” يتحدث الأخ حمد، بينما كانت الإخوان في غزة تشيع بأن “يوليو” ثورتهم، وكل أعضاء “مجلس قيادة الثورة” من الإخوان. وظلت الجماعة، في مصر وقطاع غزة، سمناً على عسل مع نظام يوليو، حتى ربيع 1954، وسرعان ما تهادنا، إلى خريف السنة نفسها، على النحو المعروف.

• أما مظاهرات انتفاضة آذار/ مارس 1955، فإنها لم تستمر إلا يومي 1-2 آذار/ مارس، وحتى ضحى الأربعاء 3/3، وليس حتى 10/3، على ما يقول الكتاب (ص 73)، خصوصاً وأن الأمن شنّ حملة اعتقالات، فجر الإثنين 8/3، طالت 68 شخصاً، ستة منهم إخوان، وأكثر من 20 شيوعياً، ومثلهم من أنصارهم، ومَن تبقى من المستقلين، بينهم 3 تمّ اعتقالهم بطريق الخطأ!

• لم يتخذ الشيوعيون في القطاع “موقفاً معادياً للوحدة المصرية السورية”، على ما يؤكد عبد الله أبو عزة في مذكراته، وعنه نقل المؤلف. وأذكر هنا أنه في اليوم الذي وقع فيه الانفصال (28/9/1961)، خرجت مظاهرتان، أولاهما من مخيم الشاطئ، وقادها كاتب هذه السطور، والثانية من وسط مدينة غزة، وقادها ياسر سعيد الشوا، والتقت المظاهرتان عند المجلس التشريعي، واللافت أن المظاهرتين من تدبير الشيوعيين!

• لا أدري لماذا يذكر المؤلف حسني بلال، دوناً عن نحو أربعين شهيداً سقطوا في هذه الانتفاضة، وبينهما شيوعيان، هما بلال ويوسف أديب، الطالب في السنة الثالثة الإعدادية، بمخيم النصيرات.

• ينقل المؤلف عن مذكرات أبو عزة، أنه عند الاحتلال الإسرائيلي للقطاع: “بالنسبة للإخوان، لم يكن يخطر ببالهم سوى الكفاح المسلح” (ص 76)، وربما يقصد أبو عزة عملية إحراق دكان بشاره ترزي (مسيحي)، بدعوى أنه استورد دقيقاً من “إسرائيل”! وقد ترك الإخوان، في مكان الحادث، منشورات أفادت بأن من فعل ذلك هم: “شباب الثأر”. ولم يكونوا يعلمون بأن هذا هو اسم الفرع الفلسطيني في “حركة القوميين العرب”. وقد تأخر دخول هذه الحركة إلى القطاع، حتى خريف 1957.

• بعد بضعة أيام من انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع (7/3/1957)، سارع الإخوان إلى الاتصال بالشيوعيين ، وعرضت عليهم المشاركة في تحالف، واشترطت الجماعة تغيير اسم “الجبهة الوطنية”، إلى “الجبهة الشعبية”، فوافق الشيوعيون. وطبعوا البيان الأول بالاسم الجديد، وقُبيل توزيعه، استأذن مندوب الإخوان في الذهاب إلى المسجد، حتى لا تفوته صلاة العصر، على أن يعود بعدها، لكنه لم يعد، حتى كتابة هذه السطور! وتدبَّس الشيوعيون بالاسم الجديد، مفرِّطين باسم “الجبهة الوطنية”، وإنجازاتها تحت الاحتلال.

وبعد، فقد أضاف هذا الكتاب في التأريخ لـ”جماعة الإخوان المسلمين” بقطاع غزة، في أربعمئة صفحة من القطع الكبير، احتلت الملاحق 55 صفحة منها، والمصادر، والمراجع، والشهادات أربعة وعشرين صفحة، بينما شغلت الصور الفوتوغرافية “التاريخية” ستة وخمسين صفحة. وسيحتل هذا المرجع موقعه المهم اللائق به، في المكتبة التاريخية الفلسطينية، ومكتبة التأريخ للإخوان المسلمين عموماً، ولإخوان قطاع غزة، على نحو خاص، بعد أن تصدر طبعته الثانية، بالتعديلات. ومن هنا تنبع أهميته الملحة لكل من أراد الاستزادة من هذه النبع.

لتحميل الكتاب كاملاً ، اضغط على الرابط التالي:

كتاب: الإخوان المسلمون الفلسطينيون: التنظيم الفلسطيني – قطاع غزة 1949-1967 (400 صفحة، حجم الملف 14.6 MB)

معلومات النشر:

– العنوان: الإخوان المسلمون الفلسطينيون: التنظيم الفلسطيني – قطاع غزة 1949-1967
– تأليف: أ. د. محسن محمد صالح
– الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت
– عدد الصفحات: 398 صفحة
– الطبعة الأولى: 2020
– سعر النسخة الورقية: 17$
– ISBN: 978-9953-572-88-8

 


الإخوان المسلمون الفلسطينيون(التنظيم الفلسطيني-قطاع غزة) 1949-1967
الفصل للتحميل
فهرس المحتويات اضغط هنا (9 صفحات، 648KB)
المقدمة اضغط هنا (9 صفحات، 1.3MB)
الفصل الأول: الإخوان المسلمون وتطورات القضية الفلسطينيةحتى 1967 اضغط هنا (28 صفحة، 2.1MB)
الفصل الثاني: الإخوان المسلمون الفلسطينيون في قطاع غزة 1949-1956 اضغط هنا (61 صفحة، 3MB)
الفصل الثالث: الإخوان المسلمون الفلسطينيون “إنشاء التنظيم” 1957-1967 اضغط هنا (60 صفحة، 4.1MB)
الفصل الرابع: العمل العسكري للإخوان المسلمين في قطاع غزة 1949-1956 اضغط هنا (65 صفحة، 2.7MB)
الفصل الخامس: الإخوان المسلمون الفلسطينيون ونشأة حركة فتح اضغط هنا (77 صفحة، 3.4MB)
الملاحق اضغط هنا (59 صفحة، 1.3MB)
فهرست وقائمة المصادر والمراجع اضغط هنا (44 صفحات، 1.1MB)
الكتاب كاملاً اضغط هنا (400 صفحة، 14.6MB)

– الكتاب متوفر للشراء، عبر: || || || ||


مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2022/8/20