مدة القراءة: 10 دقائق

إعداد: أ. د. وليد عبد الحي.[1]
(خاص بمركز الزيتونة).

مقدمة:

هل كان تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان Jake Sullivan في شهر آب/ أغسطس 2021 وفي أعقاب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بأن “التزامنا نحو إسرائيل وتايوان سيبقى قوياً كما كان دائماً”،[2] يحمل دلالة معينة؟ لماذا لم يقل إن التزامنا تجاه حلفائنا بشكل عام سيبقى كما هو؟ لماذا تمّ التخصيص لكل من “إسرائيل” وتايوان فقط؟

لقد أشرنا في مقال سابق إلى التباين بين الدول في ترتيب السّلم الأمني،[3] فلكل دولة ثلاث درجات من الأمن: أمن الدولة وبقاؤها، أي عدم اقتطاع أي جزء من جغرافيتها أو مواردها؛ ثم أمن المجتمع، أي ضمان استمرار الأمن الاجتماعي واستمرار التطور في كل القطاعات؛ ثم أمن النظام السياسي، أي بقاء من هو في السلطة على كرسيها. وكل دولة تعمل على ضمان هذه الأبعاد الثلاثة، لكن الفارق بين الدول هو في ترتيب أولويات هذه الأبعاد وتحديد ما هو الأمن الأكثر أولوية ثم الأقل فالأقل.

إن كلاً من “إسرائيل” وتايوان تشتركان في منظورهما الأمني، فهما الأكثر قلقاً وعناية بين كل دول العالم على بقاء كيانهما السياسي لأنهما موضع نقاش لم ينقطع حول شرعية وجودهما أصلاً، مما يجعل من أمن وبقاء الدولة هو القيمة العليا في سلّمهما القيمي الأمني. وهما تدركان أن الموقف الأمريكي يشكل أحد ضمانات البقاء لهما على المسرح الدولي، لكن صدمة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان شكّلت إيقاظاً لهواجس الدولتين من أن ينطوي المستقبل على احتمال تخلٍ أمريكي عنهما، ومن هنا جاء تصريح سوليفان باتجاه الدولتين لطمأنتهما.

فتايوان تدرك تماماً أن الصين الأم تعمل بكل الوسائل على تجريدها من وجودها المستقل، وقد حققت قدراً كبيراً في هذا المجال، فبعد أن كانت تايوان تحتل المقعد الصيني في الأمم المتحدة United Nations، وتتمتع بحق النقض (الفيتو Veto) في مجلس الأمن الدولي United Nations Security Council خلال الفترة 1945–1971، تمّ إحلال جمهورية الصين الشعبية بدلاً منها، ونزعت الولايات المتحدة اعترافها الديبلوماسي عنها سنة 1979، وأصبح شعار صين واحدة أحد الركائز الاستراتيجية للصين الشعبية باتجاه بناء الصين الكبرى التي تضم الصين الأم، وهونغ كونغ، وجزر مكاو، لتتبعهما لاحقاً تايوان.



للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: ”إسرائيل“ في مرآة تايوان … أ. د. وليد عبد الحي (14 صفحة، 1.8 MB)


بالمقابل فإن “إسرائيل” لديها المنظور الأمني نفسه من حيث أولوية أمن الدولة وبقائها، فهي تدرك أنها كيان تمت إقامته بمساندة غربية (مثل تايوان)، وأنها اقتطاع قسري لمنطقة جغرافية من بيئتها الإقليمية التاريخية (مثل تايوان)، وأن بقاءها مرهون بمساندة القوى الاستعمارية القديمة والحديثة (مثل تايوان)، إلى جانب أن الأغلبية السكانية للإقليم الذي تتواجد فيه يرفضها ويراها مجرد كيان استعماري استيطاني، بغض النظر عن توجهات بعض قادة المنطقة (كما هو حال أغلبية الشعب الصيني الذي يرفض تايوان ككيان مستقل)، وكل ذلك يقف وراء تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي الذي ترك صدى، كما جعل كاتباً إسرائيلياً يضع عنواناً لمقالته هو: “تايوان: إسرائيل الشرق الأقصى Taiwan: the Israel of the Far East”.ا[4]

وقد رأت النخب الفكرية الإسرائيلية أن الانسحاب من أفغانستان سينعكس على “إسرائيل” من خلال التهديد الأمني لوجودها بواسطة ما يلي:[5]

1. تحفيز قوى المقاومة الشعبية المسلحة على استثمار هذا التراجع والاهتزاز الذي أصاب صورة الولايات المتحدة، مما يفتح المجال على المدى المتوسط والبعيد أمام احتمال نظرية الدومينو من جديد في الشرق الأوسط.

2. إن الانسحاب من أفغانستان قد يتبعه انسحاب من سورية والعراق، وربما مناطق أخرى من الشرق الأوسط، وهو أمر يحرر الطاقات الإيرانية من أعباء الوجود والضغوط الأمريكية، مما يشكل مصدر قلق حاد لـ”إسرائيل”…

3. إن الانسحاب يشير إلى أن احتمالات الانخراط الأمريكي في مواجهات عسكرية كبرى في الشرق الأوسط على غرار ما جرى في العراق، وأفغانستان، وليبيا…إلخ، تراجعت بالقدر الذي يحرم “إسرائيل” من توظيف القوة الأمريكية بالشكل الذي كان سابقاً.

أولاً: العلاقة الأمريكية التايوانية ودلالاتها الإسرائيلية:

من الضروري التنبه إلى أن “إسرائيل” لم تعترف بتايوان ولكنها اعترفت بالصين الشعبية منذ 1950 خصوصاً أن الفترة من 1949–1955 كان التصور الصيني—ماوتسي تونغ Mao Tse-tung تحديداً— سلبياً تجاه الموقف العربي من “إسرائيل”، بل كان الإعلام الصيني في هذه الفترة يشير “إلى أن العرب حلفاء لبريطانيا ويريدون القضاء على الحركة الصهيونية كحركة تحرر” وهو أمر عكسته التوجهات الإعلامية الصينية خلال هذه الفترة، لكن الموقف الصيني تغير لاحقاً تغيراً جذرياً خصوصاً بعد مؤتمر باندونغ Bandung Conference سنة 1955.[6]

وقد شكلت السياسة الأمريكية تجاه تايوان خلال الفترة من 1971 إلى الآن إيقاظاً للقلق الإسرائيلي من عمق النزعة البراجماتية في السياسة الأمريكية، إذ أدرك الإسرائيليون أن “مقايضة المساعدات الصينية لفيتنام بالموقف الأمريكي من تايوان” في مفاوضات نيكسون Richard Nixon/ماوتسي تونغ قد تتكرر في مناطق أخرى بما فيها الشرق الأوسط.[7] كما جرى مع أفغانستان حين تخلت عنها الولايات المتحدة وتركت النخب الأفغانية التي تعاونت معها تائهة وعاجزة عن تحديد اتجاهاتها المستقبلية، إلى جانب تخليها عن شاه إيران بعد الثورة الإيرانية سنة 1979، وتخليها عن زعماء عرب خلال الفترة 2010 إلى 2021، ناهيك عن سياساتها في أمريكا اللاتينية، أو مع بعض الأقليات كما جرى مع الأكراد في أكثر من موقف… .[8]

ثانياً: حجم العلاقات الأمريكية التايوانية مقارنة بحجمها الإسرائيلي:

تكشف مقارنة الاقتصاد التايواني والإسرائيلي عن مؤشرات تجعل من تايوان ذات وزن أكبر من “إسرائيل” مما يعزّز نزعة البراجماتية الأمريكية ويزيد القلق الإسرائيلي: [9]

1. حجم الناتج المحلي التايواني يساوي 759.1 مليار دولار مقابل 446.8 مليار لـ”إسرائيل” أي أن حجم الناتج المحلي الإسرائيلي يساوي 58.9% من الناتج التايواني فقط.

2. حجم التجارة الأمريكية التايوانية يساوي 105.9 مليارات دولار مقابل 33.9 مليار دولار مع “إسرائيل”، أي أن تجارة “إسرائيل” مع أمريكا تساوي 32% من التجارة مع تايوان فقط.

3. تحتل “إسرائيل” المرتبة 20، بقوة 3464 على مقياس القوة العسكرية، مقابل المرتبة 22؛ 0.4154 لتايوان،[10] مع ضرورة التنبه إلى أن “إسرائيل” دولة نووية بينما لم تسمح الولايات المتحدة لتايوان بلوغ القدرة النووية.

4. يلاحظ أن وثيقة الرئيس الأمريكي جو بايدن Joseph Biden الخاصة برؤيته الاستراتيجية للفترة القادمة[11] تؤكد بشكل واضح على أولوية منطقة الباسيفيكي على منطقة الشرق الأوسط في ظلّ تصاعد المنافسة في الباسيفيكي، وهو ما يعني زيادة القيمة الاستراتيجية لتايوان في تلك المنطقة على حساب دول الشرق الأوسط ومنها “إسرائيل”. أي أن القيمة الاستراتيجية لتايوان قد تعلو في المدى القصير على القيمة الاستراتيجية لـ”إسرائيل” في المنظور الأمريكي، لا سيّما مع تزايد الدراسات الأمريكية التي تشير إلى “إسرائيل” كعبء استراتيجي أكثر منها عوناً.[12]

5. الفارق في مقاييس القوة التقليدية (المساحة والسكان)، فعدد سكان تايوان قرابة 24 مليون نسمة مقابل ما يقرب الـ 9 ملايين لـ”إسرائيل”، مع ملاحظة أن التجانس الاجتماعي أعلى كثيراً في تايوان منه في “إسرائيل”، كما أن مساحة تايوان تصل إلى 36 ألف كم2 مقابل نحو 21 ألف كم2 لـ”إسرائيل”.

6. تعدُّ جماعات الضغط التايوانية ضمن أقوى جماعات الضغط الفاعلة في الولايات المتحدة، وبعضها لها نفوذ كبير مثل الشؤون الحكومية لمجموعة جيبهارت Gephardt Group Government Affairs، وبعض الدراسات تشير إلى تأثير كبير لهذه الجماعات الضاغطة على السياسة الأمريكية، لكن هذه الجماعات عجزت عن منع سحب الاعتراف الأمريكي بتايوان وطردها من الأمم المتحدة.[13] ويعدُّ تجمع تايوان Taiwan Caucus للحزبين (الجمهوري Republican Party والديموقراطيDemocratic Party) ثاني أكبر تجمع في الكونجرس Congress، ويبلغ عدد أعضائه 139 عضواً. ويركز التجمع الحزبي نشاطاته حصرياً على تحسين العلاقات الأمريكية مع تايوان. وقد لاحظ خبراء الصين الشعبية أنه بصرف النظر عن مجموعات الضغط الإسرائيلية، من المحتمل أن تكون مجموعات التأييد لتايوان هي التي أنفقت معظم الأموال للتأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة.[14]

7. تتوازى الدولتان، “إسرائيل” وتايوان، في معدلات العولمة (درجة الانخراط في الحياة الدولية سياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً…إلخ)؛ فمعدل العولمة التايوانية هو 78.6، متقدمة نسبياً على “إسرائيل” التي بلغ معدل عولمتها سنة 2020 نحو 77.86.

8. وبمعايير الاستقرار السياسي والديموقراطية، يتبين أيضاً أن تايوان متقدمة خلال الفترة 2010–2020 في جانب الديموقراطية، 7.52 و8.94، مقابل 7.28 و7.84 في “إسرائيل”، ويظهر الفارق الكبير لصالح تايوان في نطاق الاستقرار السياسي، فـ”إسرائيل” ما تزال في الخانة السالبة -1.34 و–0.83 مقابل مؤشر إيجابي لتايوان +86 و+77.[15]

ذلك يعني أن تايوان قد تكون بحاجة أقل للعون الدولي، ولا تشكل عبئاً على غرار “إسرائيل” التي تحتل المرتبة الأولى عالمياً في تلقي المساعدات الأمريكية. وقد أشار تقرير قدمه وو تسو لي Wu Tzu-li، الباحث في معهد بحوث الدفاع الوطني والأمن التايواني Institute for National Defense and Security Research، إلى ضرورة الاستفادة من الدرس الإسرائيلي في مجال الدفاع في علاقاتها مع الولايات المتحدة.[16]

ثالثاً: الفروق بين تايوان و”إسرائيل” في العلاقات مع الولايات المتحدة:

لا شكّ أن هناك فروقاً بين تايوان و”إسرائيل” في علاقاتهما مع الولايات المتحدة، وتتمثل في الآتي:

1. إن خصم تايوان، وهو الصين الشعبية، يمثل إحدى القوى العالمية المركزية، ولها قرارها الاستراتيجي الموحد من ناحية والمستقل من ناحية ثانية، خلافاً للطرف العربي الذي يفتقد هذه الصفات في صراعه مع “إسرائيل”.

2. إن اللوبي اليهودي Jewish Lobby ما زال يمثل أحد أهم جماعات الضغط في الولايات المتحدة، وقد أشارت دراسة مقارنة للوبي الدولتين في الولايات المتحدة، إلى النتائج التالية:[17]

أ. إن وزن اللوبي التايواني Taiwan Lobby يتزايد في التأثير على السياسة الأمريكية الخارجية، ويتضح ذلك في استمرار العلاقة الأمريكية التايوانية في كل المجالات دون تمثيل ديبلوماسي بينهما، والاقتصار على مكتب لرعاية المصالح.

ب. إن التداخل الثقافي، خصوصاً التداخل الديني مع الإنجيليين الأمريكيين وقطاع مهم من الجمهوريين والديمقراطيين، هو الأقوى بين “إسرائيل” وأمريكا مقارنة بتايوان.

ج. قدرة اللوبي اليهودي على استثمار الانتخابات الأمريكية الرئاسية والبرلمانية، بينما تختفي مواضيع الانتخابات المختلفة من دعاية اللوبي التايواني.

د. إن القضايا الإسرائيلية تشكل حضوراً أكبر في مناظرات المرشحين للرئاسة، أو السلطة التشريعية الأمريكية قياساً لحضور القضايا التايوانية.

هـ. إن وسائل الإعلام الأمريكية أكثر عناية بالقضايا الإسرائيلية منها بالقضايا التايوانية.

3. إن العلاقة الدينية خصوصاً مع التيار الإنجيلي في المجتمع الأمريكي، تجعل درجة الانحياز لأمريكا عالية، لكن أغلب دراسات استطلاع الرأي العام الأمريكي تشير إلى أن اللوبي اليهودي بدأ يواجه حملات انتقاد متواصلة من النخب الفكرية الأمريكية، إلى جانب أن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع في درجة التعاطف الشعبي الأمريكي مع “إسرائيل” خصوصاً في صفوف الشباب الذين سيقودون الولايات المتحدة مستقبلاً.[18]

4. لكن “إسرائيل” تتمتع بميزة مقابل تايوان، وهي أن عدد الدول التي تعترف بها هو 164 دولة مقابل 15 دولة تعترف بتايوان. لكن “إسرائيل” عرفت في فترة من الفترات عدم اعتراف عدد كبير من الدول بها خصوصاً بعد سنة 1967 وسنة 1973، لكنها عادت لتوسيع نطاق الاعتراف بها، بما في ذلك في المنطقة العربية.

5. تشكل مشكلة العلاقة الإسرائيلية مع تايوان مأزقاً إسرائيلياً، فهي علاقة ترضي الولايات المتحدة لكنها تغضب الصين التي ترفض العلاقة مع الدول التي تتعامل مع تايوان، وهو ما يعني أن التعاون الإسرائيلي مع تايوان يعزز العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، لكنه يشكل استفزازاً للصين التي تسعى “إسرائيل” لتطوير العلاقة معها أيضا.[19] وقد كانت تايوان تعترف بـ”إسرائيل” منذ نشأة الكيان الصهيوني، بينما تجنبت “إسرائيل” الاعتراف بتايوان، فقد كانت “إسرائيل” هي أول من اعترف بالصين الشعبية في الشرق الأوسط ورفضت الاعتراف بتايوان، وبقي الأمر كذلك حتى سنة 1992 بعد أن اعترفت بكين بـ”إسرائيل”، ويلاحظ أنه في السنة التالية قامت كل من تايوان و”إسرائيل” بفتح ممثليات تجارية لكل منهما عند الآخر. وقد بلغ عدد الاتفاقيات الإسرائيلية التايوانية حتى الآن نحو 30 اتفاقية تجارية تغطي مجالات التعاون الحكومي، والتكنولوجيا، والمياه، والزراعة، والطائرات المسيرة…إلخ.[20] والملاحظ أن تطور العلاقات التايوانية مع “إسرائيل” ارتبط بتطورين آخرين:

أ. تنامي النزعة البراجماتية في السياسة الخارجية الصينية لاستثمار العلاقة مع “إسرائيل” باتجاه الحصول على التكنولوجيا الغربية من خلالها، وضمان مساندتها في الولايات المتحدة من خلال اللوبي اليهودي، مما يعني أن العلاقات التايوانية الإسرائيلية قابلة لتكون موضع مساومة إسرائيلية صينية.
ب. بداية الاعتراف الرسمي العربي بـ”إسرائيل” طمأن تايوان على أن علاقاتها مع العرب لن تتأثر على الرغم من تطور علاقاتها مع “إسرائيل” من ناحية، وأضعف من ناحية أخرى أي حرج صيني في تطوير العلاقة مع “إسرائيل”.

رابعاً: استثمار تايوان و”إسرائيل” لسياسات ترامب:

استثمر الحزب الديموقراطي التقدمي Democratic Progressive Party في تايوان، وهو الحزب الأكثر نزوعاً للانفصال عن الصين الأم والذي يحظى بتأييد 57% من سكان تايوان، فترة الرئيس دونالد ترامب Donald Trump في محاولة توسيع نطاق الحركة التايوانية على المسرح الدولي والدخول في بعض المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية World Health Organization (WHO)، فبعد إقرار قانون السفر التايواني من قبل الكونجرس الأمريكي في 16/3/2018، تحولت العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان منذ ذلك الحين إلى أساس رسمي وعالي المستوى. ووقّع الجانبان منذ ذلك الحين اتفاقية قنصلية تضفي الطابع الرسمي على العلاقات القنصلية القائمة بينهما في 13/9/2019،[21] وهو الاستثمار نفسه الذي قامت به “إسرائيل” لانتزاع اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، والاعتراف بسلطة “إسرائيل” على هضبة الجولان السورية…إلخ.

لكن الخطة الاستراتيجية لبايدن، والتي أشرنا لها، أعلت من مكانة تايوان نظراً لأهميتها في الصراع الباسيفيكي، بينما أخرت أولوية الشرق الأوسط في تخطيطها الاستراتيجي، وهو ما تعزز بالانسحاب من أفغانستان، وقد أدى ذلك—كما أشرنا—إلى إيجاد هواجس إسرائيلية بخصوص مدى استقرار المكانة الاستراتيجية لـ”إسرائيل” في المنظور الأمريكي، في ضوء التحول نحو الباسيفيكي، ناهيك عن احتمالات الأزمة الأوكرانية وانشغال الولايات المتحدة بها.

الخلاصة:

1. تشكل النزعة البراجماتية الأمريكية مصدر قلق لكل من تايوان و”إسرائيل”.

2. إن طبيعة العلاقة الصينية الأمريكية تمثل عقبة أمام علاقات تايوان و”إسرائيل” مع كل من بكين وواشنطن.

3. إن القلق الوجودي لكل من تايوان و”إسرائيل” يدفعهما للتعاون من ناحية، وتبادل الخبرات والدروس من ناحية إدارة علاقاتهما الدولية.

4. إن احتمالات مواجهة كل من “إسرائيل” وتايوان أزمات حادة في علاقاتهما مع كل من أمريكا والصين هو احتمال يقدر له أن يتزايد، مع احتمال أن تكون الأزمة التايوانية أكثر حدة منها لـ”إسرائيل”.


[1] خبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية، أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك في الأردن سابقاً، حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وهو عضو سابق في مجلس أمناء جامعة الزيتونة في الأردن، وجامعة إربد الأهلية، والمركز الوطني لحقوق الإنسان وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للإعلام. ألَّف 37 كتاباً، يتركز معظمها في الدراسات المستقبلية من الناحيتين النظرية والتطبيقية، ونُشر له نحو 120 بحثاً في المجلات العلمية المُحكّمة.
[2] Lexi Lonas, US Reiterates Support for Taiwan After Afghanistan Withdrawal, Site of the Hill, 18/8/2021, https://thehill.com/policy/international/568354-us-reiterates-support-for-taiwan-after-afghanistan-withdrawal
[3] وليد عبد الحي، مؤشرات العسكرة والاستراتيجيات الأمني في الدول العربية، موقع مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2/8/2021، انظر: https://www.alzaytouna.net
[4] Uriel Sturm, Taiwan – the Israel of the Far Eas, The Jerusalem Post newspaper, 16/1/2020, https://www.jpost.com/magazine/taiwan-the-israel-of-the-far-east-614365
[5] Eldad Shavit and Shimon Stein, Lesson in the Limits of Power: The Withdrawal of the United States and its Allies from Afghanistan, site of The Institute for National Security Studies, 24/8/2021, https://www.inss.org.il/publication/afghanistan-withdrawal /
[6] انظر حول هذه الفترة في العلاقات الإسرائيلية الصينية:
Yitzhak Shichor, The Middle East in China’s Foreign Policy (New York: Cambridge University Press, 1979), pp. 22–27; Tianqi Feng, China and Israel and the “Period of Silence,” 1955-1978, Advances in Social Science, Education and Humanities Research journal, vol. 497, Proceedings of the 2nd International Conference on Literature, Art and Human Development (ICLAHD 2020), pp. 262–263; and Mohamed Mousa Mohamed Ali Binhuwaidin, China’s Foreign Policy Towards the Gulf and Arabian Peninsula Region, 1949–1999, Durham E-Theses, Durham University, http://etheses.dur.ac.uk/4947/1/4947_2398.PDF
[7] The Jerusalem Post, 16/1/2020, https://www.jpost.com/magazine/taiwan-the-israel-of-the-far-east-614365
[8] Stephen Walt, The Real Reason U.S. Allies Are Upset About Afghanistan, Foreign Policy magazine, 27/8/2021, https://foreignpolicy.com/2021/08/27/the-real-reason-u-s-allies-are-upset-about-afghanistan/
[9] The Economist Intelligence Unit, “Democracy Index 2020: In Sickness and in Health?,” 3/2/2021, https://pages.eiu.com/rs/753-RIQ-438/images/democracy-index-2020.pdf?mkt_tok=NzUzLVJJUS00MzgAAAF_0_oV3WR43ErnuEj_F7w8ErzmKCvtyNC7r328LXOQ8TgHi1DeOBcVpoWnVQlrhkq6bkZmZKILA_deUWceTg6Ig24YW0Zhse1ggTLOrQycxG5S4A; Political Stability Index and its Circumstances in Political Stability – Country Rankings, site of TheGlobalEconomy.com, https://www.theglobaleconomy.com/rankings/wb_political_stability/; Overall globalization – Country rankings, TheGlobalEconomy.com, https://www.theglobaleconomy.com/rankings/kof_overall_glob/; World Economic Outlook Database, site of International Monetary Fund, https://www.imf.org/en/; Australia-Taiwan Relationship, site of Australian Government-Department of Foreign Affairs and Trade, https://www.dfat.gov.au/geo/taiwan/australia-taiwan-relationship; and Taiwan, site of Office of the United States Trade Representative,https://ustr.gov/countries-regions/china/taiwan
[10] 2022 Military Strength Ranking, site of Global Firepower, https://www.globalfirepower.com/countries-listing.php
[11] President Joseph.Biden,.JR, Interim National Security Strategic Guidance, site of The White House, March 2021, https://www.whitehouse.gov/wp-content/uploads/2021/03/NSC-1v2.pdf
[12] Anthony Cordesman, Israel as a Strategic Liability?, site of Center Strategic and International Studies, 2/6/2010, https://www.csis.org/analysis/israel-strategic-liability; and file:///C:/Users/marina/Downloads/815433%20(2).pdf
[13] Holly Zhang and Ben Freeman, The Taiwan Lobby, Center for international Policy, April 2021, pp.8–22, https://mronline.org/wp-content/uploads/2021/04/3ba8a1_b42f98810cf54d5ba207b098c1dcdaef.pdf; and Ben Freeman, Guest Column: How Taiwan’s Lobbyists Help the Island Punch Above Its Weight in Washington, site of Foreign Lobby Report, 22/4/2021, https://www.foreignlobby.com/2021/04/22/opinion-how-taiwans-lobbyists-help-the-island-punch-above-its-weight-in-washington/
[14] Site of Global Times, https://www.globaltimes.cn/content/1188720.shtml
[15] يتم قياس الاستقرار السياسي على مقياس يتالف من صفر إلى 2.50 ايجابي و صفر إلى 2.5 سلبي.
[16] US-Israel Model Apt for Taiwan: Expert, site of Taipei Times, 22/11/2021, https://www.taipeitimes.com/News/taiwan/archives/2021/11/22/2003768288
[17] Bill Sharp, Taiwan: Learn From Israel, site of Ketagalan Media, 26/8/2020, https://ketagalanmedia.com/2020/08/26/taiwan-learn-from-israel/
[18] Max Fisher, As Israel’s Dependence on U.S. Shrinks, So Does U.S. Leverage, The New York Times newspaper, 24/5/2021, https://www.nytimes.com/2021/05/24/world/middleeast/Israel-American-support.html; and Stephen Walt, Its Time to End the Special Relationship With Israel, Foreign Policy, 27/5/2021, https://foreignpolicy.com/2021/05/27/its-time-to-end-the-special-relationship-with-israel/
[19] Christina Lin, The Taiwan Question in Sino‐Israel Relations: A New Quartet of U.S., China, Israel and Taiwan, ISPSW Strategy Series: Focus on Defense and International Security, no. 233, site of Institut für Strategie- Politik- Sicherheits- und Wirtschaftsberatung (ISPSW), May 2013, https://www.ispsw.com/wp-content/uploads/2020/10/723_Lin.pdf
[20] Roie Yellinek, Taiwan and Israel: Don’t Recognize, But Collaborate, site of The Begin-Sadat Center for Strategic Studies (BESA), 12/3/2020, https://besacenter.org/taiwan-israel-collaboration/
[21] Mathew Burke, US and Taiwan Strengthen Ties by Signing Agreement to Formalize Consular Functions, site of Stars and Stripes, 8/10/2019, https://www.stripes.com/theaters/asia_pacific/us-and-taiwan-strengthen-ties-by-signing-agreement-to-formalize-consular-functions-1.602182


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: ”إسرائيل“ في مرآة تايوان … أ. د. وليد عبد الحي (14 صفحة، 1.8 MB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 3/2/2022



جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من الأوراق العلمية: