مدة القراءة: 7 دقائق

يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم ورقة عمل للأستاذ هشام أبو محفوظ ، بعنوان ”فلسطينيو الخارج في منظومة إصلاح البيت الفلسطيني: التطورات والمسارات المحتملة“.

وقد قُدِّمت هذه الورقة في الجلسة الثالثة من حلقة نقاش بعنوان: “قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 – تقدير استراتيجي 2021“، والتي أقامها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات يوم الثلاثاء في 2021/2/2.


للاطلاع على الورقة بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:

>> ورقة عمل: فلسطينيو الخارج في منظومة إصلاح البيت الفلسطيني: التطورات والمسارات المحتملة … أ. هشام أبو محفوظ (6 صفحات، 30 MB)




ورقة عمل: فلسطينيو الخارج في منظومة إصلاح البيت الفلسطيني: التطورات والمسارات المحتملة[1] … أ. هشام أبو محفوظ[2]

مقدمة عن فلسطينيي الخارج:

يبلغ تعداد الشعب الفلسطيني قرابة 14 مليوناً في العالم، نصفهم أو أكثر خارج الوطن المحتل، منتشرون في قارات العالم ودوله، وهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وحجر أساس في حراكه الوطني خارج فلسطين. ولهم كل الحق في التعبير عن حقوقهم، وفي مقدمتها حقّ عودتهم وحقّ الشراكة في صنع القرار الفلسطيني والتمثيل في المؤسسات الفلسطينية.

يقدر فلسطينيو الخارج بمساحات عملهم المتحررة من تأثيرات الاحتلال؛ على مدّ جسور التواصل فيما بينهم، وحشد طاقاتهم من خلال التجمعات، والمؤسسات والاتحادات المتنوعة الثقافية والسياسية، التي تحافظ على الهوية، وكلها تصب في خدمة القضية، وتدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

أولاً: عملية التسوية وبدايات تهميش الخارج:

منذ توقيع اتفاق أوسلو Oslo Accords وانتقال قيادة منظمة التحرير ومؤسساتها الرئيسية إلى الأراضي المحتلة تمّ تهميش فلسطينيي الخارج ومؤسسات تمثيلهم واستبعادهم من صنع القرار الفلسطيني، وهذا شكّل جزءاً كبيراً من حالة التردي والاختلال في منظومة البيت الفلسطيني، حيث تمّ تجاوز أكثر من نصف الشعب الفلسطيني وإلغاء دورهم في المشروع الوطني.

ومنذ ذلك الحين ظهرت العديد من المبادرات الفصائلية والشعبية للعمل على استعادة دور فلسطينيي الخارج في صناعة القرار الفلسطيني، وتحقيق تمثيل حقيقي لهم بما يحفظ التوازن في المنظومة السياسية الفلسطينية، ومن هنا جاء تأسيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج في سنة 2017، والذي وضع تفعيل دور فلسطينيي الخارج في إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية وصنع القرار كهدف استراتيجي له، وعمل على وضع البرامج والآليات اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

خلال السنوات الأخيرة، زادت تفاعلات فلسطينيي الخارج، وظهرت عدة أجسام على مستويات محلية وإقليمية، وتشكلت نماذج تمثيلية يمكن البناء عليها وتطويرها، سواء في أوروبا أم أمريكا الجنوبية وكذلك في الولايات المتحدة، وتعد حراكاً مهماً في منظومة إصلاح البيت الفلسطيني من قبل فلسطينيي الخارج، ومن هذه التطورات:

1. على المستوى الشعبي:

أ. المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج: سعى المؤتمر منذ تأسيسه، لوضع آليات فاعلة تضمن دوراً لفلسطينيي الخارج في صناعة القرار الفلسطيني، وكذلك إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية المختلفة، ولأجل ذلك تمّ عقد عدة ورشٍ وندواتٍ بحضورٍ متنوعٍ لمفكرين وممثلين عن الجاليات الفلسطينية حول العالم (ورشة التمثيل في شباط/ فبراير 2020، ومؤتمر أولويات القضية الفلسطينية ودور فلسطينيي الخارج في تشرين الأول/ أكتوبر 2020)، كما أسس المؤتمر عدداً من المنسقيات التي تعبّر عن حالات تمثيلية للجاليات الفلسطينية في الدول.

والمؤتمر الآن يحضّر لانعقاده الثاني بحضور ألف شخصية من فلسطينيي الخارج، تقوم بانتخاب أجسام المؤتمر بشكل مباشر، كحالة تمثيلية حقيقية لفلسطينيي الخارج.

ب. فلسطينيو أوروبا: شكّل فلسطينيو أوروبا حالة رمزية مهمة من خلال مؤتمراتهم الدورية عبر 17 عاماً، ونواة لحالة تمثيلية لأبناء الجاليات الفلسطينية هناك، وقد تعزز هذا الأمر بتشكيل مبادرة فلسطينيي أوروبا للعمل الوطني في سنة 2020، لتشمل طيفاً واسعاً من الشخصيات الوطنية في القارة الأوروبية.

ج. الاتحاد الفلسطيني في أمريكا اللاتينية (أوبال): انبثق الاتحاد عن “مؤتمر فلسطينيو أمريكا اللاتينية” الذي عقد في دولة السلفادور بحضور ممثّلين عن أكثر من 10 جاليات فلسطينية في القارة اللاتينية، وشكل حالة تمثيلية تقوم على التمسك بالثوابت الفلسطينية، والتي تؤكد على ارتباط هذه الجاليات بشعبها وأرضها، وتؤكد على دورها في المشاركة في صنع القرار وبناء المشروع الوطني الفلسطيني.

2. على مستوى المصالحة الفلسطينية:

سعى المؤتمر، عبر تحركاته وأنشطته، على تحصين فلسطينيي الخارج من عدوى الانقسام، ومنع انتقال تبعات الانقسام من الداخل إلى الخارج، وحرص على تحقيق وحدة وطنية لفلسطينيي الخارج، وتعاون مع كافة الفلسطينيين من مختلف المنابت والألوان السياسية. هذه السياسة نجحت في الفترة الماضية بالتخفيف من حدة الانقسام، وأوجدت حالةً وبيئةً مانعةً لنشوب الخلافات، فلسطينياً، حيثما أمكن ذلك، ووفرت ظروفاً في بعض الساحات لوحدة فلسطينية. وعمل المؤتمر على تجديد دعوته للمّ الشمل الفلسطيني ومحاولة تقريب وجهات النظر من خلال مشاركاته في المؤتمرات الداعية للوحدة والمصالحة الفلسطينية.

3. على مستوى الانتخابات والتمثيل لفلسطينيي الخارج:

إن المنظومة القديمة لمنظمة التحرير الفلسطينية وصناعة القرار الفلسطيني، تحتاج إلى مراجعة، والمنظومة الصحيحة هي أن تعبّر المنظومة الفلسطينية بشكل كامل عن كل مقومات ومقدرات الشعب الفلسطيني في الخارج والداخل، لنكون قوة واحدة نواجه فيها المشروع الصهيوني.

عانى فلسطينيو الخارج في الفترات الماضية، التهميش الكامل لحقهم في المشاركة في صنع القرار الفلسطيني، وكان آخره التهميش الجاري الذي ما زال مستمراً، واستبعادهم من كافة اللقاءات الخاصة بالإعداد للانتخابات الفلسطينية، وآخرها اجتماع الفصائل الذي عُقد في القاهرة في 8 شباط/ فبراير 2021 لبحث ترتيبات الانتخابات.

لذلك كان السعي من قبل المؤتمر الشعبي، في المرحلة الماضية لتثبيت هذا الحق بمشاركة حقيقية لفلسطينيي الخارج والسير في خطوات عملية، وإنهاء التهميش والإقصاء، الحاصل بعد اتفاق أوسلو، بما يحقق المشاركة في صناعة القرار.

بالرغم من الحراك الشعبي لفلسطينيي الخارج؛ إلا أن المستوى الرسمي الفلسطيني استمر في حالة الإقصاء والتهميش، وتمثّل ذلك بعقد المجلس الوطني الفلسطيني في مدينة رام الله المحتلة سنة 2018، دون أي توافق فلسطيني، وبتمثيل محدود لفلسطينيي الخارج، لم يتجاوز الأعضاء من خارج فلسطين ما نسبته 27% من مجموع الأعضاء المشاركة، هذا عدا عن غياب الآليات الحقيقية والديموقراطية في اختيار هؤلاء الممثلين عن فلسطينيي الخارج.

وفي سنة 2020، انعقد اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية بين رام الله وبيروت دون أي تمثيل فعلي لفلسطينيي الخارج والجاليات الفلسطينية، واقتصر الأمر على الشخصيات الفصائلية، وكذلك جاءت مخرجاته دون تطلعات وطموح فلسطينيي الخارج.

إلا أن التطور الأهم في هذا الخصوص هو ما جاء في المراسيم الرئاسية الصادرة في كانون الثاني/ يناير 2021، والتي حددت تواريخ استحقاقات تشكيل الأجسام الفلسطينية بناء على التوافق الفصائلي بين حركتي حماس وفتح، لكن هذا المرسوم الرئاسي يبقى دون الطموح؛ حيث إنه دعا لانتخاب كل من المجلس التشريعي الفلسطيني ورئاسة السلطة بتواريخ محددة، وأبقى مسألة تشكيل المجلس الوطني مبهمة وغير واضحة، من خلال ما اصطلح عليه استكمال تشكيل المجلس الوطني، وهذا يبقي الأمور رهن احتمالات عديدة، خاضعة للمحاصصة الفصائلية ومزاج المتحكمين في القرار الفلسطيني.

ثانياً: المسارات المستقبلية المحتملة في إصلاح البيت الداخلي الفلسطيني ودور الخارج فيها:

إن التقاء جناحي الوطن في الداخل والخارج على برنامج فلسطيني موحد، رافض لنهج أوسلو، يستند على ثوابت شعبنا الفلسطيني في مقاومة الاحتلال؛ هو ما يعمل عليه فلسطينيو الخارج، ويجب أن يعمل عليه الكل الفلسطيني للخروج من الأزمة الفلسطينية ومواجهة التحديات والمؤامرات.

والمرحلة الحالية تؤكد أن أمام الشعب الفلسطيني وقيادته بكافة مكوناته في الداخل والخارج؛ فرصة تاريخية، بتحقيق الوحدة الفلسطينية، وضمان التمثيل للكل الفلسطيني، عبر إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء انتخابات للمجلس الوطني تفرز قيادة فلسطينية واسعة التمثيل، وفق برنامج ومشروع وطني جامع ومتوافق عليه، يركز على دحر الاحتلال ومواجهة المشروع الصهيوني في الخارج، والحفاظ على الثوابت الفلسطينية، واستعادة كافة الحقوق المسلوبة.

وبالرغم من تحفظ المؤتمر الشعبي على المسار الفصائلي الحالي الذي يقوم على عقد انتخابات للسلطة الفلسطينية (تشريعي/ رئاسة)، واستكمال لاحق لتشكيل المجلس الوطني، وتوجس المؤتمر من هذا المسار وما رافقه من تعديلات قانونية وتغييرات في الجهاز القضائي؛ إلا أن المؤتمر أعلن أنه لن يكون عائقاً أمام أي توافق فلسطيني شامل يضمن تمثيلاً حقيقياً لفلسطينيي الخارج، ضمن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وضمن الإطار الزمني المعلن دون تسويف أو مماطلة، من خلال عقد الانتخابات حيث أمكن ذلك وبالوسائل المتاحة كافة.

أما في حال تعثر هذا المسار، وتمّ الالتفاف على إرادة شعبنا في الخارج سواء بتأجيل هذا الاستحقاق أم الذهاب إلى محاصصة فصائلية ضيقة بين الفصيلين الكبيرين أو الفصائل التي شاركت في اجتماع الأمناء العامّين سنة 2020، أم أي طريقة أخرى لا تعبّر عن تمثيل حقيقي وديموقراطي لفلسطينيي الخارج في أماكن تواجدهم كافة؛ فإننا مستمرون في نضالنا الشعبي من أجل تحقيق أهدافنا بالوسائل المتاحة، وبالشراكة مع المخلصين من أبناء شعبنا في كل مكان.

والمؤتمر في هذا الخصوص، يكثّف من تواصله مع الفصائل والشخصيات الفلسطينية المستقلة التي ترفض نهج أوسلو، بهدف بلورة رؤية موحدة ومشروع وطني لمواجهة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية، وحالة التهميش لفلسطينيي الخارج. وسيستمر المؤتمر في حشد جهود فلسطينيي الخارج، والسعي لتوحيد صفوفهم، وعدم الارتهان لمسار التهميش، والاستعداد لسيناريوهات إقصاء فلسطينيي الخارج عن المشهد، والمؤتمر ماضٍ بكل ثبات نحو التوجّه بالدعوة إلى عقد “ملتقى حوارٍ وطنيٍ عاجلٍ” في 19 شباط/ فبراير 2021، تشارك فيه شخصيات حول العالم من فلسطينيي الخارج بهدف وضع الآليات الكفيلة بانتخاب ممثلي الخارج.

وفي الختام:

هناك أسس يسعى فلسطينيو الخارج لتكريسها في منظومة الإصلاح الوطني المقبلة، ويؤكد عليها في كل منبر، أبرزها:

• وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

• التأكيد والمحافظة على الثوابت الفلسطينية، وأن عملية إصلاح منظمة التحرير لا بدّ أن تكون على أساس الميثاق الوطني الفلسطيني.

• أي عملية إصلاح يجب ألا تلتزم باستحقاقات أوسلو ولا تكون العملية الإصلاحية على أساسها، ونحن كفلسطينيي الخارج نرفض الدخول في العملية الإصلاحية تحت سقف أوسلو، وأن نكون أداة من أدوات شرعنة أوسلو، مما يفقدنا حقنا في العودة.

• إن حقّ العضوية لكل فلسطيني من فلسطينيي الخارج والداخل في نظام منظمة التحرير الفلسطينية حقّ لكل الفلسطينيين، ونظامها ليس نظاماً فصائلياً.

كما لدى المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، بعض المخاوف يريد أن يعبّر عنها في موضوع الإصلاح، ولديه بعض الآليات المقترحة:

• تشكيل وفد تمثيلي يطالب بالمشاركة في الحوارات المتعلقة بترتيب البيت الفلسطيني للتعبير عن مطالب فلسطينيي الخارج، ويتكون من المؤتمر الشعبي ورموز شعبية في العالم.

• أن يكون لفلسطينيي الخارج والمؤتمر، دور في الإشراف على تسجيلات العضوية والجاليات بسبب خبرته وفاعليته، والمشاركة والإشراف الميداني عليها، بحيث لا يترك المجال لمنافذ من الممكن أن تكون سبباً في تزوير إرادة الشعب الفلسطيني.

• لا بدّ من تفعيل أنظمة التسجيل لفلسطينيي الخارج، في البلدان العربية وباقي أماكن تواجدهم، وتفعيل دورهم من الآن، حتى يتم منح الفرص لكل فلسطيني في المشاركة. وإطلاق مشروع مركز المعلومات.

• التواصل مع الدول العربية والجهات المعنية، بحيث تسهل مشاركة الفلسطينيين في المنظومة السياسية الفلسطينية، والعمل على ضمان عدم تعطيلها للانتخابات، وتوفير آليات التسجيل.


[1] قُدِّمت هذه الورقة في الجلسة الثالثة من حلقة نقاش بعنوان: “قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 – تقدير استراتيجي 2021″، والتي أقامها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات يوم الثلاثاء في 2/2/2021.
[2] نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

للاطلاع على الورقة بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:

>> ورقة عمل: فلسطينيو الخارج في منظومة إصلاح البيت الفلسطيني: التطورات والمسارات المحتملة … أ. هشام أبو محفوظ (6 صفحات، 30 MB)


للمزيد حول حلقة النقاش: قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 – تقدير استراتيجي 2021، اضغط هنا


مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 13/3/2021



جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من الأوراق: