مدة القراءة: 15 دقائق

حذر خبير القانون الدستوري البروفيسور أحمد مبارك الخالدي، عميد كلية القانون بجامعة النجاح سابقاً، من أن عدداً من التوافقات التي تمت بين الفصائل، وكذلك عدداً من قرارات ومراسيم رئاسة السلطة بقوانين، يتعارض مع القانون الأساسي للسلطة في حالة إجراء انتخابات المجلس التشريعي على أساسها؛ ودعا إلى حلّ هذه التعارضات والإشكالات قبل الذهاب للانتخابات، حتى لا يكون ثمة مجال للطعن في شرعيتها.

وتساءل الخالدي، الذي تولى سابقاً رئاسة لجنة صياغة الدستور الفلسطيني، ووزارة العدل في حكومة السلطة العاشرة، عما إذا كان يجوز الاتفاق على إجراء انتخابات خارج نطاق القانون الأساسي تحت ذريعة التوافق. ونبه إلى أن الانتخابات إذا لم تعجب نتائجها طرفاً معيناً، فمن حقه رفع دعوى للمحكمة الدستورية، التي من حقها النظر في الطعن، والحكم بعدم دستورية الانتخابات، وبالتالي إلغاء نتائجها أو الآثار المترتبة عليها.

وفي رأيه الاستشاري الذي نشره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، نبه الخالدي إلى تعارض القانون الأساسي المقر في 2005 مع القرار رقم واحد لرئيس السلطة بتعديله سنة 2007، حيث ينص القانون الأساسي على حقّ الفلسطينيين بالترشح أفراداً وجماعات، بينما خالف قرار رئيس السلطة القانون الأساسي بنصه على الترشح وفق القوائم فقط. كما أن القانون الأساسي ينص على أساس النظام المختلط، بحيث يكون 50% للأكثرية النسبية، و50% لنظام القوائم؛ أما التوافق الفصائلي فذهب إلى الانتخابات وفق النسبية الكاملة 100% بخلاف القانون.

كما اشترط قرار رئيس السلطة بقانون سنة 2007 على المترشح لعضوية المجلس التشريعي ولرئاسة السلطة الالتزام بما التزمت به منظمة التحرير من التزامات، وهذا يتضمن اتفاقات أوسلو وما انبنى عليها. وهو ما يناقض القانون الأساسي الذي اعتمد التعددية السياسية؛ وحرية الرأي، ووجود فصائل كبيرة وقطاعات عريضة من الشعب الفلسطيني تعارض هذه الاتفاقات والالتزامات.

ونبه الخالدي إلى إشكاليات مرتبطة بحق اختيار رئيس السلطة لرئيس الحكومة من القائمة الفائزة أم من غيرها؛ وإلى أن مرسوم رئيس السلطة بالانتخابات يشمل السلطة وصلاحياتها، لكنه لا يغطي المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ويفترض أن يصدر بترتيب آخر عن قيادة المنظمة، وليس في مرسوم واحد مع انتخابات التشريعي ورئاسة السلطة. وأشار الخالدي إلى أن الحل الخاطئ للمجلس التشريعي أدى لعدد من الإشكاليات، ولو أن هذا المجلس ظلَّ قائماً بمسؤولياته لربما أمكن تجاوزها.

وقد عالجت ورقة الخالدي أيضاً عدة إشكاليات منها؛ الإطار الدستوري والديموقراطي لممارسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وأولوية الاتفاق على التأسيس الوطني والقانوني والعملي للانتخابات، والفصل في الطعون الانتخابية في قطاع غزة، والضمانات الدولية لحماية الانتخابات ونتائجها، والترشيح بطريقة تتغلب على قيود الاحتلال للانتخابات ونتائجها، ومدى جدية انتخاب المجلس الوطني وهيكلة مؤسسات المنظمة، والصعوبات العملية لإجراء الانتخابات في الداخل وللمجلس الوطني وخصوصاً في ظلّ جائحة كورونا، ومدى توفر الإجراءات الجدية لإجراء انتخابات المجلس الوطني في ظلّ عدم توفر بيانات بقوائم من يحق لهم الانتخاب في مناطق انتشار الفلسطينيين في الخارج.

ودعا الخالدي إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية اللازمة لتصحيح الأوضاع الناتجة عن المخالفات الجوهرية للقانون الأساسي؛ وإلى تحقيق المصالحة وفق استراتيجية واحدة للمشروع الوطني الفلسطيني؛ والاتفاق على توحيد المؤسسات الدستورية الفلسطينية، على أسس المشاركة الحقيقية من كل قوى الشعب الفلسطيني في السلطة الوطنية، على الأسس التي تُحددها القوانين المشروعة دستورياً وديموقراطياً. كما دعا إلى تحديد الأهداف الوطنية العليا وطرق النضال لإنجازها. كما أكد الخالدي على أولوية العمل على التوافق على البرنامج الوطني، في مواجهة الاستحقاقات الداخلية وترتيب البيت الفلسطيني، وفي مواجهة التحديات الصهيونية والإقليمية والدولية.


للاطلاع على الرأي القانوني والسياسي بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> رأي استشاري: رأي قانوني وسياسي في إجراء انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية … أ. د. أحمد مبارك الخالدي (17 صفحة، 13.5 MB)


إعداد: أ. د. أحمد مبارك الخالدي*.
(خاص بمركز الزيتونة).

سأحاول إبداء الرأي القانوني وفقاً للقانون الأساسي، وفي الجانب السياسي الوطني، وذلك من خلال المناقشة لما يثيره التوافق على إجراء الانتخابات في الظروف الحالية، قبل اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية اللازمة لتصحيح الأوضاع الناتجة عن المخالفات الجوهرية للقانون الأساسي؛ وقبل تحقيق المصالحة وفق استراتيجية واحدة للمشروع الوطني الفلسطيني؛ والاتفاق على توحيد المؤسسات الدستورية الفلسطينية، على أسس المشاركة الحقيقة من كل قوى الشعب الفلسطيني في السلطة الوطنية، على أسس الديموقراطية كما تحددها القوانين المشروعة دستورياً وديموقراطياً. وسأتناول أهم الجوانب القانونية والسياسية في شكل نقاط على النحو التالي:

أولاً: الإطار الدستوري والديموقراطي لممارسات السلطة الوطنية الفلسطينية:

جاء في مقدمة القانون الأساسي الفلسطيني أنه يُشكِّل بالبداهة خطوة أساسية على طريق تحقيق الحقوق الوطنية والتاريخية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني، وأنه لا يصادر، على أي نحو، حقه في مواصلة السعي والعمل من أجل العودة وتقرير المصير، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف. وأنه لا يُسقط حقاً لفلسطيني، حيثما وجد، في التمتع بحقوق متساوية مع مواطنيه على أرض الوطن. وأن هذا القانون الأساسي يستمد قوته من إرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة.

وبناء على ذلك، جاءت نصوص القانون الأساسي التي تنظم النظام السياسي الفلسطيني مؤكدة على أن الشعب مصدر السلطات (المادة الثانية من القانون الأساسي)، وأن نظام الحكم الذي يقيمه هو نظام ديموقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية (المادة الخامسة من القانون الأساسي)، وأن جميع السلطات والأجهزة والهيئات والمؤسسات والأشخاص تخضع للقانون (المادة السادسة).

يثير التوافق على إجراء الانتخابات قبل التفاهمات على الأمور الجوهرية، التي هي جوهر الخلاف والصراع بين الفصائل الفلسطينية، تساؤلات عدة أهمها: هل يجوز الاتفاق على إجراء الانتخابات خارج نطاق القانون الأساسي، وتعديله وفق نصوص القانون الأساسي بمجرد توافق سياسي بين الفصائل؟ وماذا عن القانون الأساسي في ظلّ هذا التفاهم؟ هل تمّ تجميده والاتفاق على العمل بقرارات يتم انتقائها؟ وفي حال الاتفاق على إجراء الانتخابات خارج أحكام القانون الأساسي بدعوى ضرورات المصلحة الوطنية العليا، من يضمن أن السلطة في رام الله التي لديها محكمة دستورية أن تطلب من المحكمة الدستورية إلغاء نتائج الانتخابات إذا جاءت في غير صالحها؟ فوفقاً لقانون المحكمة الدستورية رقم 3 لسنة 2006 في المادة 24، تختص المحكمة الدستورية دون غيرها بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة. وبموجب المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية يكون لها في سبيل القيام بالاختصاصات المنصوص عليها في المادة 24 ممارسة كل الصلاحيات في النظر، والحكم بعدم دستورية أي تشريع أو عمل مخالف للدستور كلياً أو جزئياً، وعند الحكم بعدم دستورية أي عمل يعد محظور التطبيق، وعلى الجهة التي قامت به تصويب الوضع وفقاً لأحكام القانون الأساسي، والقانون أورد الحق للمتظلم أو تعويضه عن الضرر أو كلاهما معاً. وهل يمكن الاتفاق على عدم الطعن أمام المحكمة الدستورية على نتائج الانتخابات، بدعوى مخالفة إجراء الانتخابات، حسبما يتم الاتفاق عليه بالمخالفة للقانون الأساسي.

ثانياً: الانتخابات في القانون الأساسي وقانون الانتخابات العامة:

وفقاً للمادة 34 والمادة 48 من القانون الأساسي لسنة 2003 المعدل، ينتخب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأعضاء المجلس التشريعي انتخاباً عاماً ومباشراً وفقاً لأحكام قانون الانتخاب الفلسطيني. والموافقة على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية يثير التساؤل عن أي قانون للانتخاب ستجرى الانتخابات وفقاً لأحكامه، حيث لدينا قانون الانتخابات العامة التي أقره المجلس التشريعي سنة 2005، والقرار رقم 1 من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بتعديله سنة 2007.

فالقرار بقانون رقم 1 لسنة 2007 الصادر عن رئيس السلطة، والمعدل لقانون الانتخابات لسنة 2005 الصادر عن المجلس التشريعي صاحب السلطة التشريعية الأصيل، جاء مخالفاً للقانون الأساسي في المادة 26 منه التي تنص على أن للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفراداً وجماعات، ولهم على وجه الخصوص الحق في التصويت والترشيح في الانتخابات كأفراد لاختيار ممثلين منهم، يتم انتخابهم بالاقتراع العام وفقاً للقانون. لكن القرار بقانون لسنة 2007، ألغى هذا الحق بالمخالفة للقانون الأساسي، حيث نصت المادة 4 من القرار بقانون لسنة 2007 على أن الترشح فقط بنظام القائمة الانتخابية، وألغى المادة 3 من القانون رقم 9 لسنة 2005 بشأن الانتخابات التي كانت تنص على أن يقوم قانون الانتخابات الفلسطيني على أساس النظام الانتخابي المختلط مناصفة (50%-50%) بين نظام الأكثرية النسبية؛ تعدد الدوائر، ونظام القوائم. فهل يمكن الاتفاق على الالتفاف على هذه المخالفة للقانون الأساسي بالاتفاق على تفصيل عجز الفقرة 4 من المادة 4 التي تنص على:

“4- تشكل القائمة الانتخابية من حزب أو ائتلاف أحزاب أو مجموعة من الناخبين تشكل لغرض الانتخابات على أن تستوفي شروط الترشح وفقاً لأحكام هذا القانون”. فيتم الاتفاق على تفسير ذلك بأنه يجوز لعدد من الأفراد، والتي حددت عددهم المادة 49 من القرار بقانون لسنة 2007 الاتفاق على تقديم قائمة مغلقة من المستقلين تجمعهم لغرض الانتخابات دون إشتراط أن يكونوا حزباً مسجلاً، ويكتفى من برنامجهم الانتخابي بأنهم سيعملون كجماعة رقابية على السياسات التشريعية وحماية السلطة من الفساد.

كذلك قرار رئيس السلطة بقانون سنة 2007 خالف القانون الأساسي باشتراطه لقبول الترشح لرئاسة السلطة ولعضوية المجلس التشريعي في المادة 36 والمادة 45 أن يلتزم المترشح بمنظمة التحرير. فهل هذا الأمر يعني الالتزام بما التزمت به المنظمة من سياسات ومنها الالتزامات السياسية التي فرضتها أوسلو Oslo Accords والتزامات أخرى عديدة. وهذا يناقض حكم المادة 5 من القانون الأساسي التي اعتمدت التعددية السياسية كأساس للنظام الديموقراطي النيابي الفلسطيني. فهذا الشرط يحول النظام السياسي الفلسطيني إلى ما يشبه نظام الحزب الواحد كما كان في الأنظمة الشمولية التي كانت لا تعترف إلا باتجاه واحد للديموقراطية إذا كانت لصالح حزب السلطة الحاكمة الوحيد. ولا حلّ ديموقراطي لهذا المشكل إلا بإلغاء هذا الشرط، أو على الأقل الاتفاق على تفسيره بأنه يعني الاتفاق على أن منظمة التحرير الفلسطينية، وفق الإطار الوطني الوارد في مقدمة القانون الأساسي، أساسية على طريق تحقيق الحقوق الوطنية والتاريخية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني، وأنها لا تصادر الحق في مواصلة السعي والعمل من أجل العودة وتقرير المصير، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف. وأنها لا تسقط حقاً لفلسطيني، وأنها تستمد قوتها في العمل الوطني من تمثيلها لإرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة.

ثالثاً: ما أثر الموافقة على الانتخابات على القانون الأساسي:

بمعنى هل سيتم الالتزام بباقي نصوص القانون الأساسي فيما عدا ما تقدم؟

لا بدّ من الالتزام الصريح من جميع الأطراف بالقانون الأساسي وما تمليه طبيعة النظام الديموقراطي من أحكام تنظم الحياة السياسية. إن الأمر غير واضح فيما تمّ الاتفاق على إعماله، وما تمّ الاتفاق على تعطيله هذه المرة لإجراء الانتخابات. فمثلاً من سيقوم بتشكيل الحكومة؟ هل هو الفائز بأغلبية النواب في المجلس التشريعي؟ النص في القانون الأساسي في المادة 45 جاء عامّاً، ولم يقيد صراحة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في اختياره لرئيس الوزراء بقواعد الديموقراطية النيابية، التي تعطي الحزب الفائز بأغلبية المقاعد النيابية الحق في تشكيل الحكومة، فعبارة المادة المذكورة تقول “يختار رئيس السلطة الوطنية رئيس الوزراء ويكلفه بتشكيل حكومته وله أن يقيله أو يقبل استقالته…”. فهل سيتم الاتفاق على إعمال المنطق الديموقراطي النيابي في أن يقوم الحائز لأغلبية النواب المنتخبين بتشكيل الحكومة.

إن القبول بإجراء الانتخابات على أساس قرار رئيس السلطة بقانون سنة 2007 يعني القبول بمشروع القرار بقانون المخالف للقانون الأساسي، وأنه يعدل القانون الأساسي، وهذا غير جائز دستورياً، لأنه لا القرار بقانون ولا حتى القانون العادي يمكنه أن يعدل القانون الأساسي، باعتباره المنظم للمؤسسات الدستورية للنظام السياسي الفلسطيني.

رابعاً: هل يمكن إجراء الانتخابات بالتتابع في مواعيد محددة سلفاً:

أُعلن في 7/1/2021 في وسائل التواصل الاجتماعي عن موافقة رئيس السلطة الوطنية على إجراء الانتخابات خلال أربعة أشهر. وهذه المدة غير كافية للاتفاق بين الفصائل، ولا تكفي للإعداد اللازم لإجرائها، وبذلك لا يوجِد الثقة بجدية إجرائها، ولا بتوفر الضمانات لعدم إمكانية تَهرُّب طرف من الالتزام بإجراء الانتخابات الثلاث؛ إذا رأى من خلال أول انتخابات تُجرى أن الأمور تسير في غير صالحه. وجزئياً، يمكن إيجاد مخرج قانوني بوضع نص يتضمن ذكر المواعيد المتتابعة بالتحديد خلال المهلة التي يحددها المرسوم الرئاسي.

ولتوضيح ذلك: ينص قانون الانتخابات العامة على الدعوة للانتخابات، وذلك بأن يصدر رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل انتهاء مدة ولايته أو انتهاء مدة ولاية المجلس التشريعي، مرسوماً يدعو فيه لإجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية في فلسطين ويحدد فيه موعد الاقتراع، ويُنشَر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويُعلَن عنه في الصحف اليومية المحلية. بمعنى أن النص وضع حداً لا يقل عن ثلاثة شهور، ولكنه لم يقيّد الحد الذي لا يزيد عنه، فيمكن بذلك أن ينص في المرسوم على المواعيد الثلاث في المرسوم الرئاسي الداعي للانتخابات. وفي الواقع العملي نظم سياسية كثيرة تعلن عن مواعيد مستقبلة للانتخابات تزيد عن ثلاثة أشهر، ولا يوجد نصوص تحدد الحد الأقصى لإجراء الانتخابات في المستقبل.

خامساً: أولوية الاتفاق على التأسيس الوطني والقانوني والعملي للانتخابات:

بدل أن تدفعنا المتغيرات الإقليمية والدولية إلى التسرع في إصدار مرسوم بموعد الانتخابات يتيح الظهور بمظهر يوهم خارجياً أننا متفقون على صفقة حل القضية الفلسطينية، ويقر داخلياً الخروقات للدستور والقوانين الصادرة عن السلطة التشريعية الفلسطينية، لماذا لا يتم البحث في التأسيس القانوني والوطني لإجراء الانتخابات بدل هذه الحيرة والتخبط التشريعي والغموض السياسي؟

ويمكن التأسيس القانوني لإجراء انتخابات ناجحة بإجراء ممكن، وذلك بسحب القرار الخاطئ بحل المجلس التشريعي الفلسطيني، بسبب الخلاف السياسي على السلطة بين فتح وحماس، بعد حيازة حماس للأغلبية في المجلس التشريعي، ورفض جانب من مؤسسات السلطة الفلسطينية العمل مع الحكومة التي شكلتها حماس بموافقة المجلس التشريعي ومصادقة رئيس السلطة، بدعوى عدم انعقاده لفترة طويلة، علماً بأن المادة 52 من القانون الأساسي أعطت لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الاختصاص في أن يفتتح الدورة العادية الأولى على أساس مبدأ الفصل بين السلطات المذكور في المادة 2 من القانون الأساسي على النحو التالي: “يفتتح رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الدورة العادية الأولى للمجلس، ويلقي بيانه الافتتاحي”.

لكن المادة 16 من النظام الأساسي الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني عدَّلت المادة 52 من القانون الأساسي، بالإضافة الى مخالفتها للمادة 51 من القانون الأساسي التي حددت سقف النظام الداخلي للمجلس بألا يتناقض وأحكام القانون الأساسي والمبادىء الدستورية العامة، فجعلت لرئيس السلطة وحده الاختصاص بدعوة المجلس للانعقاد بنصها على أن:

يعقد المجلس بدعوة من رئيس السلطة الوطنية دورته العادية السنوية على فترتين مدة كل منها أربعة أشهر؛ تبدأ الأولى في الأسبوع الأول من شهر آذار (مارس)، والثانية في الأسبوع الأول من شهر أيلول [سبتمبر]، أو في دورات غير عادية، بدعوة من رئيسه بناء على طلب من مجلس الوزراء أو من ربع عدد أعضاء المجلس، فإذا لم يدعِ رئيس المجلس إلى مثل هذا الاجتماع يعتبر الاجتماع منعقداً حكماً بالمكان والزمان المحددين في طلب أعضائه أو طلب مجلس الوزراء.

فالنظام الداخلي للمجلس التشريعي جعل لرئيس المجلس فقط دعوة المجلس لدورة غير عادية، بناء على طلب من مجلس الوزراء أو من ربع عدد أعضاء المجلس، وحتى إذا لم يدعِ رئيس المجلس إلى مثل هذا الاجتماع يعد الاجتماع منعقداً حكماً.

وهذا التعديل من قبل النظام الداخلي للمجلس التشريعي لنص المادة 52 من القانون الأساسي غير الدستوري، سمح لرئيس السلطة الفلسطينية في أن يتحكم في انعقاد المجلس التشريعي أو تعليق انعقاد جلسات المجلس متى ما شاء وللأجل الذي يريد، حيث لم تكتفِ المادة 16 من النظام الداخلي للمجلس بما قررته المادة في أن رئيس السلطة الوطنية يفتتح الدورة العادية الأولى، بل وعدلت القانون الأساسي بأن أضافت لصلاحيات الرئيس الاختصاص وحده في دعوة المجلس للانعقاد في كل دوراته سواء الدورة العادية الأولى أم كل الدورات العادية السنوية في آذار/مارس وفي أيلول/ سبتمبر.

وعليه، من الممكن لرئيس السلطة الوطنية الذي أعطاه نظام المجلس التشريعي الاختصاص بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد في دوراته العادية كما حلّ المجلس، أن يقوم بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد في جلسة واحدة متواصلة للنظر بالتعديلات، وإقرار ما تقتضيه المصلحة الوطنية لتوحيد مناطق السلطة المبعثرة جغرافياً وسياسياً، بدل زيادة بعثرته قانونياً، ويعطي الثقة في أن الانتخابات لن يكون الغرض منها اكتساب الشرعية في تمثيل الشعب الفلسطيني، وبقاء الصراع على السلطة، والتفرد بخيارات تقرير المصير لحقوق الشعب الفلسطيني دون موافقة الكل الفلسطيني، وحصر العمل في المشروع الوطني في خيار التفاوض.

إن ما يعزز الشراكة السياسية الوطنية بواسطة الانتخابات أن تتفق الأطراف الفلسطينية على كيفية الخروج من الأزمة الحالية، خصوصاً أنه من غير المؤكد ما إذا كان الاحتلال سيسمح بإجراء الانتخابات في الضفة والقدس، وأنه سيقوم باعتقال من لا يوافق على برنامج السلطة السلمي التفاوضي لمقاومة الاحتلال، كما حدث عقب الانتخابات التشريعية السابقة، الأمر الذي يجب فيه البحث عن ضمانات لهذه الانتخابات.

سادساً: إشكالية الفصل في الطعون الانتخابية في قطاع غزة:

وفقا للقانون رقم 9 لسنة 2005 بشأن الانتخابات العامة، وكذلك في قرار رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بقانون لنظام الانتخابات رقم 1 لسنة 2007 المعدل للقانون السابق، أعطي الاختصاص بنظر الطعون الانتخابية لمحكمة واحدة هي محكمة قضايا الانتخابات، التي تشكل بمرسوم من رئيس السلطة من تسعة أشخاص بما فيهم رئيسها حيث نصت على الآتي: “بمقتضى مرسوم رئاسي، تشكل محكمة قضايا الانتخابات من رئيس وثمانية قضاة بناء على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى”.

ووفقا للمادة 21 من قرار رئيس السلطة الفلسطينية بقانون: “تنعقد المحكمة بحضور ثلاثة من قضاتها، وفي القضايا الهامة تنعقد بهيئة مكونة من خمسة قضاة على الأقل، حسبما يقرر رئيس المحكمة ذلك”.

ويلاحظ على النص غموضه فيما يتعلق برئيس المحكمة من حيث الشروط فيمن يكون رئيس المحكمة، فهل المقصود أن الأمر متروك لمجلس القضاء الأعلى لينسب من يشاء؟ أو أن الأمر موكول لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يعين من يشاء؟

ثم إنه وفقاً للمادة 21 بأن المحكمة في القضايا المهمة (دون تحديد للقضايا المهمة) تنعقد بهيئة مكونة من خمسة قضاة على الأقل حسبما يقرر رئيس المحكمة. فهل هناك إمكانية لعقدها في غزة؟ وهل هناك قبول بقضاة من محاكم غزة في عضوية المحكمة؟ ثم إنه وفقاً لنص المادة 21 في القضايا المهمة؛ تنعقد المحكمة بهيئة مكونة من خمسة قضاة على الأقل. لا يمكن إتاحة الفرصة لإمكانية عقدها في غزة للنظر بالقضايا وجاهياً مع الذين يتقدمون بطعون انتخابية لحماية حقوقهم القانونية، إلا إذا توفر وجود خمسة قضاة من قضاة محكمة قضايا الانتخابات يقيمون في قطاع غزة.

وعليه، لحل هذه الإشكالية يجب أن يصدر رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية قراراً بقانون يعدل فيه قراره بقانون رقم 1 لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة، ينص على أن يكون المرسوم بتشكيل محكمة قضايا الانتخابات من 11 قاضياً من قضاة الاستئناف على الأقل، وأن يكون من بينهم 5 ممن يقيمون في قطاع غزة، ويسمى من بينهم نائباً لرئيس المحكمة يترأس جلسات هيئة المحكمة التي تنعقد هناك للنظر في القضايا المرفوعة من المقيمين في قطاع غزة.

سابعاً: الضمانات الدولية لحماية الانتخابات ونتائجها:

يتم الحديث عن ضمان عدد من الدول الإقليمية التزام السلطة الوطنية الفلسطينية بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وللمجلس الوطني الفلسطيني بالتتابع. ولجدية هذه الضمانة يجب قبل إصدار المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات أن توسع الأطراف الفلسطينية سعيها لزيادة قوى دولية مؤثرة بالإضافة إلى من يؤيدها إقليمياً لضمان حماية دولية للانتخابات، ولمن ينتخبه الشعب بطريقة ديموقراطية. فمثلاً يتم الحديث من مندوب فلسطين في الولايات المتحدة الأمريكية عن عقد مجلس الأمن الدولي UN Security Council جلسة مفتوحة في أواخر كانون الثاني/ يناير 2021 لبحث مسألة “مؤتمر دولي للسلام”، فيمكن انتهاز الفرصة والعمل على أن تكون الانتخابات الفلسطينية مدخلاً لاحترام حقّ الفلسطينيين في تقرير المصير، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على الحقوق الوطنية الثابتة للشعوب ومنها الشعب الفلسطيني، ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لسنة 1948، الذي ينص على الإقرار بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2672 أ، وب، وج، ود لسنة 1970، والعديد من القرارات الأخرى التي تنص على الاعتراف لشعب فلسطين بحق تقرير المصير، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2787 لسنة 1971، الذي يؤكد على شرعية نضال الشعوب في سبيل تقرير المصير، والتحرر من الاستعمار والتسلط والاستعباد الأجنبي، بما في ذلك شعب فلسطين.

وذلك لأنه وقبل إجراء الانتخابات، من الأجدر سياسياً لحماية الحقوق الثابتة والشرعية للشعب الفلسطيني أن يتم السعي للحصول على موافقات إقليمية ودولية على إجراء الانتخابات الفلسطينية، ولحماية نتائج الانتخابات والاعتراف بشرعية السلطات الدستورية للدولة الفلسطينية المترتبة عليها، وفي ذلك تجنب المساومات الدولية، فلا يكون مقابل الاعتراف بشرعية السلطات الدستورية التي تمثل الشعب الفلسطيني ثمنه إجبار الفلسطينيين على القبول بالتصفية الدولية للحقوق الفلسطينية الثابتة للشعوب وتقرير المصير. حتى نحافظ على ما جاء في مقدمة القانون الأساسي الفلسطيني أنه يشكل بالبداهة خطوة أساسية على طريق تحقيق الحقوق الوطنية والتاريخية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني، وأنه لا يصادر حقّ الفلسطينيين في مواصلة العمل بكل السبل المشروعة من أجل العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وأن مؤسساته الدستورية لن تُسقِط حقاً من الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وأن تظل الهيئات الحاكمة في فلسطين تستمد قراراتها وقوتها من إرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة.

وعلى الصعيد الداخلي، مما يحمي شرعية الانتخابات والذين ينتخبهم الشعب، العملُ من أجل وجود إشراف دولي وداخلي على الانتخابات، لضمان عدم تدخل الاحتلال لصالح فريق أو قائمة انتخابية أو لضمان عدم تزويرها محلياً، خصوصاً أن هناك أكثر من 20 ألف شخص في اللجان التي تتولى الإشراف على الانتخابات، استقلت جهة باختيارهم، وبالتالي يجب الحصول على موافقة أو رضى الأطراف السياسية الفلسطينية على طريقة اختيارهم.

وربما هناك ظروف مواتية على المستوى الدولي الإقليمي، فمثلاً يمكن الاستفادة من ظروف المصالحة لدول التعاون الخليجية، وما أعلنته في بيانها الختامي من أن دول المجلس تؤكد دعمها للسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران/ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان حقوق اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية، وإعادتهم، والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وتفعيل جهود المجتمع الدولي لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

ثامناً: الترشيح بطريقة تتغلب على قيود الاحتلال للانتخابات ونتائجها:

تدرك كل الأطراف الفلسطينية ما حدث من الاحتلال عقب انتخابات المجلس التشريعي السابقة، ورفضه الاعتراف أو التعامل مع نتائج الانتخابات، فيجب الاستفادة من التجربة السابقة لتفويت الفرصة على الاحتلال، من ذلك مثلاً أن يتم ترشيح أشخاص من أماكن خارج سيطرة الاحتلال المباشرة، وأن يكون أغلبية المرشحين من تلك الأماكن للاستفادة من نظام التمثيل النسبي الكامل، كترشيح اكثرية من غزة لأن المرشحين من الضفة سيكونون عرضة للضغوط من عدة جهات.

تاسعاً: مدى جدية انتخاب المجلس الوطني وهيكلة مؤسسات المنظمة:

ثم ماذا عن انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني؟ هل تمّ الاتفاق على الفصل بين المجلس الوطني الفلسطيني، الذي من المفترض أنه يمثل كل الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات، وبين السلطة الوطنية الفلسطينية التي لا يشارك في مكوناتها سوى فلسطينيي الضفة (بما فيها القدس) وغزة؟ وإذا كان من الممكن أن يكون أعضاء المجلس التشريعي أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني، فلا يجوز أن يتم الدمج بين بقية مؤسسات المجلس الوطني الفلسطيني في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، فمثلاً ليس من المصلحة الوطنية أن يكون رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية هو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وعليه، هل هناك تفكير في ترشيح فلسطيني في الخارج لرئاسة المجلس الوطني الفلسطيني، وآخر لرئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لكي لا يكون مقيداً بالقيود التي يفرضها الاحتلال على السلطة الفلسطينية في الأراضي التي تديرها السلطة الوطنية تحت الاحتلال، تلك القيود التي من شأنها منع الشعب الفلسطيني من الدفاع عن نفسه في مواجهة الاحتلال والمطالبة بحقوقه بغير التفاوض.

عاشراً: الصعوبات العملية لإجراء الانتخابات في الداخل وللمجلس الوطني:

في ظلّ تعاظم خطر جائحة كورونا، كيف ستُجرى الانتخابات في ظلّ هذا الوباء الفتاك والذي يحتاج إلى الملايين من الدولارات للحصول على العلاجات واللقاحات الأفضل، التي تخفف من آثاره الضارة بحياة وصحة الملايين من الشعب الفلسطيني؟ مع ضرورات التباعد الجسدي بين الأفراد في الأماكن العامة.

ووفقاً للمادة 34، والمادة 48 من القانون الأساسي، فإن التصويت في الانتخاب حقّ للناخب الفلسطيني، وأنه انتخابٌ عامٌ يتم بالطريق المباشر وفقاً لأحكام قانون الانتخاب الفلسطيني، وهو ما كانت تنص عليه المادة 2 من قانون الانتخاب الفلسطيني رقم 9 لسنة 2005 الصادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني، وأعاد قرار الرئيس بقانون الانتخاب المعدل للقانون السابق النص في المادتين 3 و4 منه، على أن تجري الانتخابات لمنصب الرئيس وأعضاء المجلس التشريعي بالاقتراع العام السري والمباشر.

والاقتراع المباشر يعني أنه يتم من قبل الناخب وجاهياً، حيث يقوم بنفسه دون وسيط باختيار النائب الذي يمثله، فهذا يقتضي وضع الحل القانوني للسماح بالاقتراع بما يراعي هذه الحالة الضرورية، مع الأخذ في الاعتبار مراعاة توفير وسائل الحماية للتصويت التي تضمن عدم التلاعب في النتائج، تلك الخطورة التي تتضاعف في حال الأخذ بالتصويت الإلكتروني، مع ملاحظة عدم توفر الوسائل الفنية ونقص المعرفة من الناخبين في كيفية ممارسة هذا الحق بطريقة آمنة. وهذا الأمر يزداد تعقيداً في انتخابات المجلس الوطني من قبل الفلسطينيين الموزعين في الشتات، وبالإضافة إلى ما تقدم عدم توفر قاعدة البيانات عن الناخبين، ولا سجلات للناخبين. وإشكاليات أخرى كبيرة تعرقل إمكانية إجراء الانتخابات في بلدان الشتات، فمثلاً توجد صعوبة عملية وسياسية في قبول إجراء الانتخابات في الأردن، تجعل كثير من الفلسطينيين الذين يحملون الجواز الأردني يخشون من التأثير السلبي لمشاركتهم على الحقوق التي لهم بموجب حملهم الجنسية الأردنية.

أحد عشر: مدى توفر الإجراءات الجدية لإجراء الانتخابات:

ثمة ما يؤكد عدم الجدية في إجراء الانتخابات للمجلس الوطني، حيث إننا لا نرى مثلاً محاولات لإقناع الأردن أن الانتخابات لصالح الحفاظ على الأردن وإفشال طرح الوطن البديل، كما أنه لصالح حماية حقوق الأردنيين من أصل فلسطيني. ولا نرى جهوداً تُبذل للعمل على تحقيق ما تُوافِق عليه الأردن من تأييدها لإقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب المملكة الأردنية، وأن السيادة الأردنية لن تمس، وإقناعهم بالموافقة على أن لا يكون لمشاركة الأردنيين من أصل فلسطيني في تأييد إقامة مؤسسات منظمة التحرير بالمشاركة في الانتخابات ما من شأنه أن يفقدهم حقوقهم المدنية والسياسية في الأردن.

ويضاف إلى ذلك في التجمعات الفلسطينية في البلدان الأخرى كما في الأردن، أنه لا تتوافر بيانات بقوائم من يحق لهم الانتخاب. وفي الواقع العملي، لا توجد أعمال تقوم بها السلطة الوطنية الفلسطينية في الإعداد للانتخابات في الشتات، الأمر الذي يدعم القول بعدم جدية الموافقة على إجراء الانتخابات، والذهاب إلى الإعداد لإصدار المرسوم الذي يحدد مواعيد الانتخابات في المهلة التي يحددها المرسوم الرئاسي، والتي يتراوح الحديث عنها أنها ما بين أربعة إلى ستة أشهر من تاريخ صدور القرار.

ويضيف الذين يشكون في جدية إجراء الانتخابات، أنه لا يوجد حوارات مع القوى الفلسطينية على أسس الشراكة السياسية في مؤسسات السلطات الدستورية الفلسطينية وضماناتها، ولا على الهدف الوطني وأشكال النضال والمقاومة، وما يمكن التفاوض عليه وما لا يقبل التفاوض عليه. ولم يتم الاتفاق الفلسطيني على أن المقاومة للاحتلال مشروعة من أجل تقرير المصير والتحرر من الاستعمار والاستعباد، كما يؤكد ذلك القانون الدولي والقرارات الدولية الصادرة تطبيقاً له بخصوص فلسطين والتي سبق ذكر بعض منها.

فهل تمت موافقة جميع القوى الفلسطينية على الإعداد لكل ما ينجح الانتخابات في تحقيق الأهداف الوطنية؟ أم أن طريق الانتخابات الشاملة غير سالكة كما يرى كثيرون ويضربون مثلاً أنه في الصراع على السلطة عقب الانتخابات السابقة وفوز حماس بأغلبية مقاعد التشريعي وبالتالي حقها الدستوري في تشكيل أداة الحكم كان قادة في السلطة الوطنية يلوحون بإعلان قطاع غزة إقليم متمرد وأنه محكوم بحركة “إرهابية”، مما جعل دولاً عربية بالإضافة إلى أخرى أجنبية تصنف فصائل المقاومة بـ”الحركات الإرهابية”. ويتساءلون هل تمّ تغيير المواقف وتجري السلطة محاولات جدية لتغيير ذلك وإسقاط صفة “الإرهاب” عن المقاومة للاحتلال؟

***

في الختام، ندعُ الله أن تكون النوايا خالصة للمصلحة الوطنية العليا، وأن يتم الاتفاق على ما يجعل الانتخابات مكملة لجهود إنهاء الانقسام، وتوحيد الجهود السياسية والعملية التي تجعل الاحتلال يقر بالحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للسقوط لا بالتفاوض ولا بالتقادم.

[*] أستاذ القانون الدستوري، وعميد كلية القانون بجامعة النجاح (سابقاً)، ورئيس لجنة صياغة مشروع الدستور الفلسطيني، ووزير العدل في الحكومة الفلسطينية العاشرة.


للاطلاع على الرأي القانوني والسياسي بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> رأي استشاري: رأي قانوني وسياسي في إجراء انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية … أ. د. أحمد مبارك الخالدي (17 صفحة، 13.5 MB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 11/1/2021
آخر تحديث، 13/1/2021


جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات


المزيد من الدراسات والتقارير