مدة القراءة: 4 دقائق

الصفحات الخمس الأولى من  الفصل الثالث: “قوات التحرير الشعبية في ساحة الأرض المحتلة” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الثالث كاملاً اضغط هنا  (82 صفحة، 1.2 MB)

الفصل الثالث: قوات التحرير الشعبية في ساحة الأرض المحتلة

المبحث الأول: تشكيل ق.ت.ش:

أولاً: من الهزيمة إلى المقاومة:

إن هزيمة سنة 1967، في قطاع غزة لم تتمثل في احتلال الجيش الإسرائيلي أراضي القطاع فقط، بل في عجز القيادة العسكرية العليا عن رسم دور فاعل ومستمر للمقاتلين الفلسطينيين، يقوم على استقراء ما فعله المقاتلون سنة 1956، وما يمكن أن يفعله الجيل الآخر، الذي أثبتت السنوات التي تلت أنه كان قادراً على القيام بحركية فاعلة بعيدة المدى على نحو لا يخطر ببال الجيل السابق من القادة. ومهما يكن الأمر، وبالرغم من ذلك القصور، فإن قطاع غزة تفتق بعد نهاية الحرب عن شيء لم يكن في حسبان أحد، حيث لجأ من تبقى من مقاتلي ج.ت.ف ومن الفدائيين خاصة إلى بيارات البرتقال وكروم العنب وإلى الأحراش المطلة على البحر، وانسحب العدد الأكبر إلى مصر والأردن، وذلك استعداداً للالتحاق بالجبهة المصرية والمشاركة في القتال، والبدء في المقاومة السلبية للاحتلال الإسرائيلي.

وقد اضطر عشرات الآلاف من المواطنين في قطاع غزة إلى ترك بيوتهم، والهجرة إلى الأردن خوفاً من ارتكاب الجيش الإسرائيلي المجازر بحقهم، كما حصل سنة 1956. ولم تتوقف ممارسات الاحتلال ضدّ من تبقى ، بل أخذوا في اتباع العديد من الوسائل التي أجبرت السكان على ترك منازلهم؛ مثل اقتحام البيوت ليلاً بحجة البحث عن السلاح أو عن عناصر ج.ت.ف، وجمع الرجال في مكان ما بحجة البحث عن السلاح، واعتقالهم وإبقائهم مُدداً مُختلفة في السجن دون أيّ تهمة، ونسف البيوت والمنازل بحجة أنها لرجال مشبوهين أو أنها تؤوي الفدائيين، وفرض نظام منع التجول ، في أحيان كثيرة بلا سبب، وقد يستمر نظام منع التجول مفروضاً لأيام طويلة، الأمر الذي أدى إلى مُغادرة ما يقرب من 35 ألف فلسطيني من سكان المخيمات مساكنهم بسبب الأعمال الإسرائيلية الاستفزازية والإرهابية، ونزحوا إلى مخيمات اللاجئين في الأردن ، إضافة إلى ذلك قامت “إسرائيل” بتجميع آلاف الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 16-40، وفرزت العسكريين من المدنيين، ثم نفت العسكريين منهم إلى مصر.

ثانياً: لقاءات الضباط في قطاع غزة:

بدأت اللقاءات بين بعض ضباط ج.ت.ف، النقيب وليد أبو شعبان، وحسين الخطيب، وجبر عمّار ، وزياد الحسيني (أبو فهد) ، وناهض الريس، وأحمد صيام، وسالم أبو عمرو، وعلي أبو عمرو، وزهير المصري، وكانت بداية اللقاءات في بيت المواطن رشدي صيام في حيّ الزيتون، وكامل محيسن في الشجاعية، وبيت زياد الحسيني، وبيارة أبو شعبان، وبيارة منير الريس في غزة، وتمت دراسة الوضع السائد من كافة جوانبه، إذ لم يكن الاتصال بالقيادة في الخارج مُتاحاً، فتقرر جمع الذخيرة والأسلحة وتنظيم المقاتلين من ج.ت.ف في مجموعات، وعندما يتاح لهم الاتصال مع القيادة يتطور الوضع حسب تعليمات القيادة التي تصل إليهم من الخارج.

كما اجتمع الضباط الفلسطينيون المنتمون فكرياً إلى ح.ق.ع مع من تبقى من قيادة الحركة، ومنهم عمر خليل عمر، ورمضان داوود سليمان، بالأستاذ صباح ثابت، وناصر ثابت، وقرروا البدء في المقاومة، واتصلوا بمن تبقى من الجناح العسكري في الحركة وبعناصر أخرى من ج.ت.ف.

وقد صدرت التعليمات من القيادة العسكرية الفلسطينية في الخارج، إلى كافة العسكريين الذين مكثوا في قطاع غزة بالبقاء في أماكنهم للمشاركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

بدأ النقيب وليد أبو شعبان بحركة اتصالات سريعة بالعناصر التي كانت ضمن كتيبة الصاعقة في ج.ت.ف، وقد أصدر إليهم تعليماته بالبدء في المقاومة السلبية، وشملت تجميع الأسلحة والذخيرة، وسحب الألغام ونقلها إلى مستودعات خاصة، وتنظيم المجموعات للمقاومة.

كما قام النقيب حسين الخطيب بالاتصال بالضباط وضباط الصف، وإصدار تعليماته بالبحث عن العتاد اللازم للمقاومة وتشوينه ، وكذلك بإجراء بعض اللقاءات مع التنظيمات الموجودة في قطاع غزة، وفق تعليمات النقيب وليد أبو شعبان، أملاً في تشكيل مقاومة عنيدة تشترك فيها القوى الرسمية والشعبية؛ مثل ح.ق.ع، والشيوعيين، وفتح، إلا أن النقيب أبو شعبان لم يبدِ أي ارتياح للإعلان عن تلك اللقاءات التي يشترك فيها العسكريون.

وقد نجح ناهض الريس، والدكتور عبد الحي الحسيني، وفاروق الحسيني في تشكيل تنظيم للمقاومة باسم طلائع المقاومة الشعبية، واتصل بهم النقيب حسين الخطيب، باسم ضباط ج.ت.ف، الذين عُرف أنهم يجمعون جنود الجيش وضباط صفه للقيام بأعمال المقاومة، وبدأ يتلقى من طلائع المقاومة الشعبية، الذي قام بتشكيله الشيوعيون، مساعدة شهرية بناء على كشف أسماء حركية.

اتخذ النقيب وليد أبو شعبان من إحدى البيارات شرقي مدينة غزة مقراً للقيادة، ثم قاعدة لتجميع العتاد والأسلحة والذخيرة، ونقلها إلى مكان آخر، وبدأ بتشكيل المجموعات في كل مناطق القطاع، كما أمر بتجميع السلاح لدى كل مجموعة في منطقتها، وكانت أولى مجموعاته في رفح بقيادة الضابط عوني العشي، والضابط احتياط محمد أبو ظهير، وإبراهيم سليم حسين أحد عناصر كتيبة الصاعقة، وفي منطقة خان يونس كان خليل التلمس، الذي استشهد فيما بعد في أثناء اشتباك مسلح مع الجيش الإسرائيلي في 7/7/1969، وأحمد أبو حدايد، والمدرس أحمد التوم، وفي دير البلح خليل أبو سليم.

وكان يوسف مطر أبو جراد أحد جنود كتيبة الصاعقة قد جنّد الأهل والجيران في جمع الأسلحة وتفكيك الألغام من حقولها وتشوينها في حيّ الزيتون لاستخدامها في الوقت المناسب.

وأما الملازم أول ناهض الريس فقد اتفق مع الملازم أول زياد الحسيني للاتصال بالنقيب وليد أبو شعبان وأبلغه، عن استعداده للانطلاق في العمل النضالي بما لديه من مجموعات تمّ تشكيلها وتدريبها قبل الحرب بأكثر من عام، وكانت تلك المجموعات هي الأولى لتنظيم ق.ت.ش، وقامت بتنفيذ العمليات القتالية قبل الإعلان عن اسم ق.ت.ش ، فاستشهد أحمد عبد الله درويش وأصيب سعدي حسن أبو حشيش في العملية الثانية، في أثناء زراعة الألغام تحت سكة القطار الذي كان يحمل العتاد الحربي للقوات الإسرائيلية على الجبهة المصرية، وعلى إثرها جرى اعتقال سعدي أبو حشيش للمرة الأولى.

كما قام أحد عناصر مجموعة العواذرة في تموز/ يوليو بزرع لغم بجوار سكة القطار شرق المُعسكر في رفح من الجهة الشمالية، أدى انفجاره إلى قتل جميع ركاب السيارة بينهم ضباط من قيادة الجيش الإسرائيلي في المنطقة . كما قامت مجموعة أخرى بنسف كنيس يهودي في مستعمرة عين هشلوشا Ein Hashlosha إلى الشرق من خان يونس، وذلك رداً على عملية هدم مسجد قام بها جنود الاحتلال في نهاية تموز/ يوليو 1967. وقامت مجموعة ثالثة بزرع الألغام في مركز تدريب للجيش الإسرائيلي بمنطقة أبو زبورة إلى الجنوب الشرقي من رفح بنحو 22 كم، فردت قوات الجيش الإسرائيلي بعملية انتقامية تمثلت في إبادة جماعية، وقامت بجمع الشباب والرجال من سنّ 16 إلى 55 ودفنهم أحياء في حفر كانت وكالة الغوث الدولية قد أعدتها للنفايات.

وقتلت القوات الإسرائيلية رمياً بالرصاص المختار عبيد أبو صهيبان، وابنه المُلقب بالشعب، وأحمد شاهين، وجندية أبو عاذرة، وأبناءها وغيرهم، كما قامت بنسف البيوت على رؤوس ساكنيها، ووجدت الجثث تحت أنقاض البيوت التي تمّ نسفها، وقد تجلت قدرة الله في بقاء رضيع على قيد الحياة وهو على صدر أمه، وكان من المُصابين عائشة سلمان الشيخ عيد، وابنها الرضيع نصر ناصر الشيخ عيد.

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الثالث كاملاً اضغط هنا  (82 صفحة، 1.2 MB)