مدة القراءة: 5 دقائق

الصفحات الخمس الأولى من الفصل الرابع: “حرب شاملة على الحركة الإسلامية وأنصارها بعد أحداث غزة سنة 2007” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الرابع كاملاً اضغط هنا  (28 صفحة، 847 KB)

كان عداء القوم على الحركة الإسلامية ونوابها وأنصارها، وخاصة العاملين في الدعاية الانتخابية لمرشحي التغيير والإصلاح الإسلامية، بل والذين انتخبوهم، عداءً كبيراً ظلّ مكبوتاً في صدورهم ينتظر اللحظة المناسبة للتنفيس، حتى حصلت الأحداث المؤسفة في غزة في شهر تموز/ يوليو 2007، فكانت الفرصة التي انتظروها طويلاً لينفّسوا عن هذا العداء المكبوت. فكانت الملاحقة المتواصلة والاعتقالات الجماعية والتعذيب بكل الأساليب والوسائل الممنوعة والمحرمة وفق القوانين الدولية والفلسطينية، ووصلت هذه الحرب الشاملة إلى كلّ حيّ وكلّ بيت وكلّ إنسان كان له أيّ صلة بالحركة الإسلامية.

أما السياسات التي اعتمدتها السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية في حربها الشاملة في هذه المرحلة والتي تواصلت بعد ذلك ولم تتوقف حتى كتابة هذه الدراسة فكانت كالتالي:

1. سياسة الاعتقال والاختطاف للمواطنين بالجملة، ثم التعذيب بأساليب مبالغ فيها ووسائل لاإنسانية، دون ذنب أو تهمة حقيقية لهم، ثم عرضهم على محاكم عسكرية هزلية غير قانونية.

2. التنسيق الأمني المباشر والميداني، وتبادل المعلومات والملفات مع الاحتلال. وسياسة تبادل وتكامل الأدوار مع هذا الاحتلال، فالشخص الذي يشكل اعتقاله مثلاً حرجاً أو ضرراً للسلطة الفلسطينية يقوم جيش الاحتلال باعتقاله… وهكذا.

3.  تلفيق التهم الخطيرة بالنواب الإسلاميين وهيئات مكاتبهم، وعزلهم ورفع الغطاء الاجتماعي والشعبي والمؤسساتي عنهم، ومنعهم من التواصل مع الشعب والتفاعل مع قضاياه، لإثبات عدم مصداقية هؤلاء النواب في خدمة شعبهم وقضيته العادلة.

4. عدم السماح للحركة الإسلامية وأنصارها من ممارسة أعمالهم والقيام بواجباتهم تجاه أمتهم ومنع انخراطهم مع الجماهير أو التأثير فيهم.

5. سياسة الإغلاق والحرق والاستيلاء على كلّ المؤسسات والجمعيات التابعة للحركة الإسلامية.

6. سياسة الفصل الوظيفي وترقين قيود موظفي الأجهزة الأمنية من المتعاطفين مع الحركة الإسلامية وقطع المساعدات عنهم، وتعميم “القائمة السوداء” لنشطاء الحركة الإسلامية لمنع توظيفهم.

7. سياسة الابتزاز والتلفيق والتلاعب بالمواطنين وإرادتهم وانتمائهم، ومحاولة تجنيدهم لخدمة الأهداف الشاذة التي وضعوها، أو تعبئة استمارات العضوية لحركة فتح، حتى وصل الأمر إلى محاولة إسقاط بعض أفراد الحركة الإسلامية من أجل إجبارهم على العمل معهم كمُخْبِرين من داخل صفوف الحركة، تماماً كما يفعل الاحتلال.

وفيما يلي بيان وتفصيل لبعض هذه السياسات والإجراءات التي قامت بها السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية التابعة لها في هذه المرحلة الخطيرة، والتي تشكل قمة الاستهداف والانتهاكات التي حصلت بعد الانتخابات التشريعية وحتى الآن (حزيران/ يونيو 2013):
 
1. اختطاف وتعذيب وانتهاكات بالجملة:

ما أن بدأت أحداث غزة المؤسفة في حزيران/ يونيو 2007 حتى بدأت الحرب الشاملة والمتواصلة على أبناء وأنصار الحركة الإسلامية كما ذكرنا. وتواصلت هذه الحملة بعد ذلك ولم تتوقف حتى هذه اللحظة، وشملت الاعتقال والاختطاف والتعذيب الشديد للآلاف منهم ، وسادت أجواء الرعب والخوف كلّ المواطنين في الضفة الغربية، حتى أن معظم الذين تضرروا وانتهكت حقوقهم بسبب هذه الحملة لم يجرؤوا على مجرد رفع الشكاوى للمؤسسات الحقوقية الرسمية.

فقد سجلت “الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان” مثلاً، وهي هيئة تابعة للسلطة، 125 شكوى فقط بالاعتقال التعسفي في الضفة الغربية سنة 2007 . وفي سنة 2008 سجلت 324 شكوى فقط . وفي سنة 2009 تلقت الهيئة 720 شكوى . أما في سنة 2010 فقد ارتفع الرقم إلى حوالي 1,559 شكوى بالاعتقال السياسي التعسفي . مع ملاحظة أنه في سنة 2007 وسنة 2008 كان عدد حالات الاعتقال السياسي التعسفي أكثر منه في سنتي 2009 و2010، ولكن الخوف قلّ نوعاً ما في سنة 2010، مما شجع الضحايا فيها على التجرؤ على رفع الشكاوى للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات.

علماً أن هناك أضعاف هذه الأعداد ممن تمّ اعتقالهم بهذه الطريقة وتعذيبهم خلال هذه السنوات لم يتوجهوا بالشكوى للهيئة المستقلة أو لغيرها من المؤسسات، وما زلنا حتى الآن (حزيران/ يونيو 2013) نكتشف العديد من حالات الاعتقال والتعذيب والاستهداف للمواطنين في تلك المرحلة، والتي لم توثق ولم تصل تفاصيلها إلى المؤسسات الحقوقية بسبب خوف أصحابها من بطش الأجهزة الأمنية التي مارست هذه الانتهاكات.

علما أنه لم يكن هناك أيّ سبب أو داع لكل هذه الحملات والجرائم في الضفة الغربية، سوى الانتقام ممن كانوا سبب هزيمة القوم في الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة. فقد ثبت أن معظم التحقيق مع هؤلاء كان حول الانتخابات والمشاركة فيها بأي نوع من المشاركة. وليس هناك سبب آخر لكل هذه الجرائم والانتهاكات في الضفة الغربية التي كانت بعيدة عن مجريات الأحداث في غزة بشكل عام. ولم يسجل في الضفة الغربية أيّ حدث يستدعي كلّ هذه الجرائم.

جاءت كلّ هذه الإجراءات العدوانية بعد إعلان الرئيس لحالة الطوارئ في منتصف حزيران/ يونيو 2007، وبعد صدور المراسيم الرئاسية التي لها قوة القانون، والتي هي في الحقيقة خارجة عن القانون ، في أواخر حزيران/ يونيو 2007، والقاضية بحظر ما سماه الرئيس: المليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية وشبه العسكرية، وتوسيع اختصاص القضاء العسكري، واعتبار القوة التنفيذية ومليشيات حماس خارجة عن القانون .

فكانت هذه الحملة العدوانية الظالمة عامة وشاملة وبلغت كلّ مدينة وكلّ قرية وكلّ حيّ وكلّ زنقة وكلّ بيت في الضفة الغربية. حيث باشرت أجهزة الأمن الفلسطينية، كما تقول الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، بحملة اعتقالات ومداهمات شملت المئات من أنصار حركة حماس، دون اتباع الإجراءات القانونية ودون مذكرة توقيف من جهة الاختصاص، أو دون تقديم لائحة اتهام، أو توجيه اتهامات باطلة أو غير جدية… وتمّ افتتاح سجون عسكرية جديدة في محافظة جنين أولاً ثم في باقي المحافظات، وأعادت فتح سجن جنيد في مدينة نابلس ليكون مركزاً للتحقيق لأجهزة الأمن الوقائي والمخابرات والاستخبارات .

محافظة سلفيت مثالاً:

في محافظة سلفيت الصغيرة مثلاً بدأت الحرب الشاملة على جميع أنصار الحركة الإسلامية، وخاصة العاملين في الدعاية الانتخابية في جميع قرى وبلدات المحافظة، وهم معروفون لديهم بالتفصيل، ويعرفون ماذا فعل كلّ واحد منهم، فقد تبين أنهم احتفظوا بكل المعلومات والصور والوثائق عن الدعاية الانتخابية ومن قام بها، بل ومن غلب على ظنهم أنه انتخب قائمة ومرشحي التغيير والإصلاح الإسلامية، أو حتى الذين عبروا عن فرحتهم بفوز المرشحين الإسلاميين أو شاركوا في مهرجانات الفوز بعد الانتخابات.

فكانت العقوبات لهم جميعاً شديدة وعنيفة، بعيدة عن الأخلاق وعن الوطنية وعن الدين وعن مبادئ حقوق الإنسان. معظمهم تمّ اعتقالهم بطريقة وحشية، وعذبوهم في الزنازين بما يشيب منه الولدان: علّقوهم بالحبال كالخراف في أسقف الزنازين، بطريقة عجيبة، فكانوا يقيدون الواحد منهم بيديه خلف ظهره، ثم يربطون يديه بحبل إلى سقف الزنزانة، ويرفعونه ببكرة حتى ترتفع أقدامه عن الأرض فتنخلع أكتافه. وبعضهم يعلق من رجليه إلى سقف الزنزانة، وهو مقيد الأيدي والأرجل لساعات طويلة، حتى يتجمع الدم في وجهه وعينيه، وبعضهم كان يفقد الوعي في أثناء هذه الأساليب الهمجية.

وفي حالات أخرى كانوا يلقون الواحد منهم في زنزانة ليس فيها شيء، ويتركونه أسبوعاً أو أسبوعين في فصل الشتاء دون فراش أو أغطية أو أيّ شيء. وأحياناً يملؤون أرض الزنزانة بالماء طوال هذه المدة. هذا عدا عن الشتائم بألفاظ قبيحة ووقحة، والتلفظ بألفاظ الكفر والفسق… وكذلك الضرب المبرح والجلد بالعصي وأسلاك الكهرباء والبرابيش. كما قاموا بتعرية بعض المواطنين تعرية تامة في زنازين التحقيق.   

وثبت أن بعض هؤلاء المعتقلين تعرضوا لمحاولات اغتصاب، والذي سبب لهم أزمات نفسية حادة، كما حدث مع الأخوين م.م وأ.م عندنا في محافظة سلفيت في مقر المخابرات في 12/4/2010، دون ذنب اقترفاه، ودون جريمة ارتكباها. وعند انتشار الخبر في وسائل الإعلام ادّعَوْا أن ذلك حصل بسبب تجاوزات فردية قام بها بعض المحققين، ثم أطلقوا سراح هذين الأخوين دون أن تثبت ضدهما أيّ جريمة أو أيّ مخالفة قانونية، بل إن كلّ من عرفهما من أهل بلدهما يشهد لهما بالطيبة والتدين والأخلاق العالية والمعاملة الحسنة مع جميع الناس.

ومن ذلك أيضاً حلق اللحى للمشايخ رغماً عنهم باستخدام القوة، كما حصل مع الشيخ حسام حرب (أبو حسان) في زنازين الأمن الوقائي في سلفيت، على الرغم من علمهم بأنه من رجال الدين والإصلاح المعروفين على مستوى المحافظة، وهو يعمل إمام مسجد منذ سنوات طويلة، وتعرض للاعتقال والسجن على يد الاحتلال مرات عديدة، وهو الآن (حزيران/ يونيو 2013) معتقل إدارياً في سجن النقب الصحراوي. ولكن عند هؤلاء القوم لا فرق عندهم بين كبير أو صغير وبين رجل أو امرأة وبين عالم أو جاهل. حتى أساتذة الجامعات وعمداء الكليات تعرضوا لهذه الوسائل والأساليب الهمجية نفسها في قصص يندى لها جبين الإنسانية.

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الرابع كاملاً اضغط هنا  (28 صفحة، 847 KB)



>> 
إقرأ أيضاً  

 
>> الصفحات الأولى من كتاب “الديموقراطية الزائفة والحصانة المسلوبة”

>> الصفحات الخمس الأولى من الفصل الأول: “إجراءات الاحتلال: اعتقال واستهداف وانتهاكات”

>> الصفحات الخمس الأولى من الفصل الثاني: “ظلم ذوي القربى: الانتهاكات قبل الاعتقال الأول حزيران/ يونيو 2006”

>> الصفحات الخمس الأولى من الفصل الثالث: “انتهاكات خطيرة ضدّ النواب الإسلاميين ومكاتبهم قبل الاعتقال الأول وفي أثنائه”