مدة القراءة: 8 دقائق

تقدير استراتيجي رقم (12) – حزيران/ يونيو 2009. 

ملخص التقدير: يعيش الشارع العربي عموماً، والفلسطيني خصوصاً، حالة ترقب لما ستؤول إليه مبادرة المصالحة العربية التي أطلقها العاهل السعودي الملك عبد الله.

وليس خافياً أن خلافات الدول العربية تتأثر إلى حد بعيد بسياسات الإدارة الأمريكية من قضايا الشرق الأوسط وتطورات المسار الفلسطيني – الإسرائيلي من جهة، وبالملفات الخلافية بينها من جهة ثانية؛ مثل العلاقة مع إيران وتقويم دورها في قضايا عربية مختلفة، والتعامل مع المبادرة العربية، خصوصاً في ظل حكومة اليمين الإسرائيلية ووجود إدارة أوباما التي تطرح أسلوب الحوار مع العالمين العربي والإسلامي.

وبعد تقييم الإشارات الإيجابية التي وردت من الإدارة الأمريكية تجاه سوريا، تبين أنها لا تعدو مجرد تغييرات رمزية، بما يعني أن المشهد العربي غير مقبل على انفراج جوهري. لذلك، فمن المتوقع أن يتأرجح الوضع العربي – الفلسطيني، في الغالب بين ثلاثة احتمالات: أولها التوافق حول المبادرة العربية بما يؤدي إلى محاصرة الطرف الفلسطيني الذي يرفض “الالتزام” بها، وثانيها استمرار الاصطفاف العربي الحالي، وبالتالي استمرار الانقسام الفلسطيني، وثالثها حصول تهدئة عربية تشمل الجبهة الفلسطينية، تسهل عملية الحوار، دون التوافق على حكومة وطنية.


مدخل

يمر النظام العربي الرسمي في اللحظة الجارية بحالة هدوء سياسي نسبي قياساً إلى الفترة الصاخبة التي مر بها حتى انعقاد القمة العربية في قطر نهاية آذار/ مارس الماضي، وهو هدوء وثيق الصلة بجهود المصالحة التي قادتها المملكة السعودية بين كل من مصر وسوريا وقطر منذ قمة الكويت الاقتصادية التي سبقت القمة العربية بثلاثة أيام، وكان من نتائجها الأولية وقف الحملات الدعائية والإعلامية المتبادلة وبما يمهد تالياً لحوار في العمق ينهي القضايا الخلافية، والتي بدت آنذاك وما زالت محصورة في أربعة ملفات متداخلة، وهي:

1. تنظيم العلاقة العربية مع إيران، وتقويم الدور الإيراني في العراق وفي ملفات عربية مختلفة من بينها الملف الفلسطيني.

2. كيفية التعامل مع المبادرة العربية للسلام في ظل التغيرات التي أصابت المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف، ووجود إدارة ديموقراطية في واشنطن، تطرح أسلوب الحوار والمشاركة على العالم كله، وتبدي مواقف إيجابية نسبية تجاه القضية الفلسطينية والعراق وسوريا مقارنة بما سارت عليه إدارة بوش السابقة.

3. الانقسام الفلسطيني وتفعيل مصالحة فلسطينية تكون مدعومة عربياً وليس فقط مصرياً.

4. الوضع في لبنان في ضوء المنافسة الانتخابية الشرسة بين تياري 14 آذار القريب من مصر والسعودية و8 آذار القريب من سوريا وإيران.

5. ورغم الخصوصية التي يتميز بها كل ملف من هذه الملفات الأربعة في ذاته، فهناك حالة تداخل وتشابك فيما بينها، إذ يبدو الأمر وكأننا أمام حالة من حالات الأواني المستطرقة التي يصعب وضع الحدود بين قنواتها المختلفة، وبما يفرض بالتالي معالجة متكاملة، وهذه بدورها ليست مرهونة بالأطراف العربية وحسب، بل تحتاج إسهامات إقليمية ودولية، الأمر الذى يوضح حجم الصعوبة في تسوية القضايا الخلافية العربية ما لم تقترن بتسوية بعض قضايا الخلاف بين أطراف عربية مهمة وأخرى إقليمية ودولية معاً.

أولاً: ملامح المشهد العربي:
في ضوء هذا المدخل العام يمكن كشف ملامح الحالة العربية الراهنة على النحو التالي:
1. أن حالة الهدوء النسبي السائدة عربياً تحجب وراءها سياسات ترقب وانتظار عربية متبادلة لما ستتطور إليه بعض القضايا بفعل السياسات الأمريكية الجديدة، تجاه العراق وفلسطين وسوريا ولبنان من جانب، ولما ستؤول إليه التطورات اللبنانية بعد الانتخابات من جانب ثانٍ، ومحصلة الحوار الوطنى الفلسطيني من جانب ثالث.

2. من الناحية الرسمية يتسم الموقف العربي تجاه المبادرة العربية للسلام بالثبات، غير أن درجات الحماس الفعلي بين الدول العربية تجاه المبادرة تبدو متباينة، فثمة فريق يعتبر المبادرة هي الخيار العربي الوحيد، وفريق ثانٍ يرى أن المبادرة ليست مطروحة إلى الأبد وأن العرب عليهم أن يعيدوا النظر فيها إذا استمر رفض “إسرائيل” لها، وفريق ثالث يرى أن المبادرة فشلت وأن البديل الوحيد المتاح هو المقاومة.

3. أن التقييم العربي للدور الإيراني في قضايا عربية مختلفة يشهد انقساماً مهماً بين اتجاهين أساسيين، الأول يعتبر إيران حليفاً رئيسياً للقضايا العربية لا يمكن الاستغناء عنه، وأن إدخال إيران في معادلات الصراع مع “إسرائيل” من شأنه أن يسد كثيراً من فجوة القوة القائمة بين العرب و”إسرائيل”،

وأنه لا يمكن اعتبار إيران تهديداً للأمن العربي، وأن سياساتها وإن انطوت على بعض المآخذ لا تعادل أبداً التهديد الوجودي الإسرائيلي للعالم العربي برمته، وأن الحوار مع طهران هو السبيل الوحيد لمعالجة تلك المآخذ.

أما الاتجاه الثانى وإن اتفق مع الاتجاه الأول على أن هناك فارقاً نوعياً بين تهديدات “إسرائيل” للعالم العربي، وبين سياسات إيران الهجومية بوجه عام، وأنه لا يمكن المساواة بينهما في درجة التهديد، إلا أنه يرى أن تدخلات إيران في العراق وفي القضية الفلسطينية هي سبب مباشر في تعثر الحالة الأمنية العراقية، وفي تعميق الانقسام الفلسطيني، وأن عدداً من التحركات الإيرانية في أكثر من بلد عربي تمثل مصدر إزعاج وقلق لا يجب السكوت عليه، وأن إدخال إيران في معادلات الصراع مع “إسرائيل” لا يصحح الخلل في التوازن مع “إسرائيل” بقدر ما يعقد الأمور لغير المصلحة العربية.

4. تعد الانتخابات اللبنانية المقررة في حزيران/ يونيو المقبل بمثابة معمل اختبار لأكثر من عنصر مهم في السياسة العربية، فمن جانب تعد اختباراً للسياسة السورية المعلنة تجاه لبنان بعدم التدخل في الشأن اللبناني، وما سيترتب على ذلك من مواقف عربية تحديداً سعودية ومصرية تجاه سوريا. ومن جانب آخر ستحدد التوجه اللبناني العام لدور لبنان العربي وعلاقاته المستقبلية مع الولايات المتحدة وإيران.

5. ينطوي المشهد العربي الراهن على تذبذب في العلاقة المحتملة بين سوريا والولايات المتحدة، وبينما تراهن سوريا على انفراجة كبرى مع واشنطن واعتراف بدور سوري مباشر في لبنان، وموقف أمريكى داعم لمطالبها باستعادة الجولان كاملة في أي مفاوضات محتملة مع “إسرائيل”، وتطوير العلاقات الاقتصادية وقبول العلاقات السورية الخاصة مع إيران كما هي، وتفهم إقامة فصائل المقاومة الفلسطينية على أراضيها، لا تبدو المواقف الأمريكية الفعلية تجاه سوريا أكثر من مجرد تغيرات رمزية محدودة تمثلت في زيارات مسؤولين أمريكيين وبحث الملفات المختلفة دون التوصل إلى تفاهمات محددة، وجاء قرار إدارة الرئيس أوباما بتمديد العمل بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ 2004 كخطوة غير متوقعة، ولكنها تعكس أن الحوار السوري الأمريكي لم ينضج بعد.

6. أن قضية الإصلاح السياسي والمشاركة السياسية والتحول الديموقراطي لم تعد عاملاً ضاغطاً على أي بلد عربي.

7. أن المؤشرات الأولية منذ مجيء إدارة أوباما تعكس نوعاً من الانفراج في العلاقات المصرية الأمريكية وخروجاً من حالة التأزم التي طبعت تلك العلاقات في سنوات إدارة بوش الاخيرة، ويُعد قرار الرئيس أوباما عرض رؤيته عن علاقات بلاده المستقبلية مع العالم الإسلامي من القاهرة في الرابع من حزيران/ يونيو بمثابة تأكيد على حيوية الدور المصري في قضايا المنطقة العربية والإسلامية.

ثانياً: ملامح المشهد الفلسطيني:
يتميز المشهد الفلسطيني بدوره بعدد من السمات الهيكلية، على النحو التالي:
1. انقسام سياسي وجغرافي ينذر بإعادة تعريف القضية الفلسطينية على نحو يضر بكونها قضية عادلة لشعب يناضل من أجل حقوقه المشروعة في دولة مستقلة وذات سيادة غير منقوصة.

2. يتمثل الانقسام الفلسطيني سياسياً في التباين حول رؤيتين؛ الأولى تمثلها السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وتؤمن بأن المفاوضات هي السبيل الوحيد للحصول على الدولة وعلى السيادة، وأن ميزان القوى مع “إسرائيل” لا يفسح أي مجال للعمل العسكري، وأن إدارة الرئيس أوباما تمثل فرصة مشجعة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لقبول حل الدولتين وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. وتعد نقطة ضعف هذه الرؤية الرئيسة هي ضعف مردود المفاوضات التي أجرتها السلطة بالفعل مع الحكومة الإسرائيلية السابقة بقيادة أولمرت، وتنصل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو من صيغة حل الدولتين والاكتفاء بعرض تحسين الأحوال الاقتصادية للفلسطينيين كأساس للمفاوضات المقبلة.

الرؤية الثانية تمثلها حركة حماس وحكومتها في غزة ومعها عدد من الفصائل الفلسطينية الأخرى وأبرزها الجهاد، وتشكك بداية في جدوى المفاوضات مع أي حكومة إسرائيلية، وتعتبر أن حل الدولتين ينهي القضية الفلسطينية ولا يعيد حقوق الشعب الفلسطيني، وأن نقطة البداية التي يجب معالجتها هي الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فإن المقاومة هي الموقف العملي الوحيد للرد على هذا الاحتلال، وأن الأفضل بالنسبة لهم أن تكون هذه المقاومة مدعومة عربياً بصفةٍ رسميةٍ، وأنه لاعتبارات عملية فهم يحصلون على دعم من أي طرف يساند هذا الموقف، وفي المقدمة إيران وسوريا. ونقطة ضعف هذه الرؤية تتمثل في أن المقاومة المطروحة في شقها العسكري ليست فعالة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وأن ثمن أي مواجهة عسكرية يكون باهظاً ويزيد المعاناة الفلسطينية، كما حدث في القطاع إبان وبعد العدوان الإسرائيلي في كانون الثاني/ يناير 2009.

3. امتداداً لانقسام الرؤية السياسية على النحو المشار إليه، تعتبر السلطة الفلسطينية أن الدور الإيراني سلبي، يعوق المفاوضات ويعمق الانقسام ويضع عبئاً مضاعفاً على المفاوض الفلسطيني. بينما ترى حماس وحلفاؤها أن إيران سند مهم للمقاومة، وأن من الصعب التخلي عن تأييدها أو النظر إليه سلبياً، لكنهم ليسوا خاضعين للسياسة الإيرانية، ولا يعتبرون أنفسهم امتداداً لها، ولا يمثلون تهديداً للأمن المصري تحديداً انطلاقاً من غزة كما يروج البعض.

4. أكدت حصيلة الحوار الفلسطيني بعد خمس جولات برعاية مصرية، أن حالة الشك المتبادل هي السائدة، وأن كل طرف يتصرف انطلاقاً من قناعة أساسية مفادها أن تنازله في أي قضية سيعني فقدان أسس شعبيته، وأن الطرفين الأساسيين، حركة فتح وحركة حماس، متمسكان برؤيتهما جملة وتفصيلاً تجاه كل من حكومة الوفاق الوطني وبرنامجها السياسي، والنظام الانتخابي.

5. أن الراعي المصري يفضل أن يتم التوافق الفلسطيني بناءً على قناعاتٍ ذاتيةٍ من كل الأطراف المشاركة في الحوار، ولكنه لوح بأن الوقت ليس عاملاً مساعداً، وأنه يمكن فرض صيغة توافق إن لم يتوصل الفلسطينيون إلى صيغة مناسبة لهم.

6. أن الانقسام الفلسطيني لم يعد بين فتح وحماس، بل امتد إلى داخل حركة فتح نفسها، وهو ما ظهر في موقف كتلة فتح البرلمانية تجاه تشكيل حكومة سلام فياض الجديدة في 19 أيار/ مايو الماضي، التي اعترضت على هذه الحكومة لاعتبارات تنظيمية وسياسية، وهو موقف شكل نقطة اتفاق مع حركة حماس التي رأت في تشكيل هذه الحكومة، وقبل الانتهاء من الحوار الوطني، بمثابة نعي مبكر للحوار الفلسطيني، وأن الحكومة الجديدة تلبي ضغوطاً أمريكيةً وإسرائيلية، ومن شأنها أن تعوق التوصل إلى اتفاق قريب.

ثالثاً: التشابك بين العربي والفلسطيني:
• يتضح من تفكيك عناصر المشهدين العربي العام والفلسطيني أن كلاً منهما يشكل رافداً للآخر، وكل منهما يغذي الآخر ويتأثر بما فيه من تطورات ذاتية.

• إن الانقسامين العربي والفلسطيني ارتبطا بالخلاف حول ثلاثة عناصر متشابكة، وهي: أولاً منهج التعامل مع المبادرة العربية في المرحلة المقبلة وصلة ذلك ببديل المقاومة، وثانياً صيغة حل الدولتين كأساس للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وثالثاً الدور الايراني وتدخلاته في القضية الفلسطينية سواء مباشرة مع بعض أطرافها أو من خلال طرفٍ ثالث أي حزب الله اللبناني. ومن ثم يبدو جزء من حل الانقسام الفلسطيني مرهوناً بتجاوز مرحلة الانقسامات العربية ذاتها.

• إن تأثر الانقسام الفلسطيني بالانقسام العربي لم يمنع من أن يشكل دينامياته الخاصة به، والتي نشأت بفعل المصالح التي ترتبت على حالة الانقسام الجغرافي منذ حزيران/ يونيو 2007، وهي مصالح لا تخلو من تفضيلات فصائلية بحتة، وأولويات أيديولوجية ليست محل إجماع فلسطيني.

• إن الانقسام الفلسطيني شأنه شأن الانقسام العربي بات حساساً للتغيرات في السياسة الأمريكية تجاه القضايا العربية المختلفة، وأخرى إقليمية وأبرزها العلاقة الأمريكية المحتملة مع إيران.

• رغم الميل الشديد داخل “إسرائيل” نحو سياسات يمينية متطرفة ترفض حقوق الشعب الفلسطيني كما تجسدها حكومة نتنياهو، لم يشكل ذلك فرصة لسرعة الخروج من حالة الانقسام الفلسطيني، بل يبدو العكس صحيحاً.

• إن الانقسام الفلسطيني يمثل عنصر ضغط على حياة الفلسطينيين اليومية، لاسيما في قطاع غزة المحاصر.

• إن التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني لا يمكن إنهاؤها، ولكن يمكن الحد منها إذا تعارضت مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني.

بناءً على ما تقدم، يمكننا القول بأن المشهد الفلسطيني سيكون مفتوحاً على أحد الاحتمالات التالية:
1. توافق عربي – إسلامي حول المبادرة العربية، بما يؤدي إلى محاصرة الطرف الفلسطيني الذي لا يلتزم بهذه المبادرة. يقوم هذا الاحتمال على اعتبار إدارة أوباما أن المبادرة العربية صالحة للتفاوض، ودعوتها إلى توسع إطارها ليجري بموجبها “السلام الشامل” العربي – الإسلامي مع “إسرائيل”.

2. استمرار الاصطفاف العربي، بما يهدد باستمرار حالة الانقسام الفلسطيني. يأتي هذا الاحتمال على خلفية دعم معسكر “الاعتدال” العربي لأبي مازن وحكومة رام الله، والسعي للتوافق مع شروط الرباعية؛ في الوقت الذي تستمر فيه سوريا بدعم الفصائل الفلسطينية في دمشق، كما تتعاطف عدد من البلدان العربية مع حماس ومقاومتها وصمودها في قطاع غزة.
ولو أخذنا بعين الاعتبار استمرار العلاقة القوية بين دمشق وطهران، وتعثر مسار التسوية بين دمشق وتل أبيب، فضلاً عن تعثر علاقة دمشق مع واشنطن، لأصبح من الممكن توقع استمرار الاصطفاف العربي الراهن، وهذا يعني بأن المصالحة الفلسطينية ستبقى أبعد من المتوقع.

3. تهدئة عربية تشمل الجبهة الفلسطينية، تسهل عملية الحوار، دون التوافق على حكومة وطنية. إن حاجة دول “الاعتدال العربي” إلى تأمين الدعم العربي والإسلامي للمبادرة العربية، يجعلها تسعى إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية، باعتبارها الممر الإجباري نحو “الدولة الفلسطينية”. إلاّ أن سيطرة اليمين المتشدد على الحكومة الإسرائيلية، من المرجح أن تؤثر على مستقبل الحوار الفلسطيني وتتركه يراوح مكانه، من غير العبور إلى انتخابات حرة نزيهة، وإلى حكومة واحدة في الضفة والقطاع.

رابعاً: توصيات:
1. إن حاجة واشنطن إلى الحوار مع العالم العربي والإسلامي من البوابة الفلسطينية، تشكل فرصة أمام الدول العربية ذات الوزن الإقليمي كي تمارس نوعاً من الضغط على إدارة أوباما، من أجل مراجعة شروط الرباعية، باعتبارها تتحمل جانباً من المسؤولية عن حالة الانقسام بين الفلسطينيين.

2. إذا كان الخلاف العربي قد ترك آثاره على المشهد الفلسطيني، فإن تبني فريق عربي لسياسة أحد أطراف الانقسام الفلسطيني، مسؤول أيضاً عن تفاقم حالة التشرذم هذه. الأمر الذي يملي على الفريق العربي هذا، مراجعة سياساته بما يعزز الوحدة الفلسطينية، ويحترم الإرادة الحرة للشعب الفلسطيني، والمؤسسات الشرعية التي انبثقت عنه، كما يؤكد على التداول السلمي للسلطة.

3. في ظل حالة الانقسام الحاد وتعدد مظاهر الاختلاف وتنوع قضايا الإشكال، فإن العودة إلى الوثائق الوطنية المتفق عليها تشكل الطريق الأقصر والأضمن للتوصل إلى مصالحة فلسطينية تقوم على رؤية سياسية ودعم عربي، خصوصاً وأن معظم الوثائق التي توافق عليها الفلسطينيون أنجزت بإشراف أو برعاية عربية. إن هذه الاعتبارات تتوفر بشكل واضح في: اتفاق القاهرة 2005، وثيقة الوفاق الوطني 2006، اتفاق مكة 2007، وبرنامج حكومة الوحدة 2007 أيضاً. على هذا الأساس سيكون من المناسب قيام توافق عربي حول ضرورة عقد المصالحة الفلسطينية على قاعدة هذه المرجعيات. 

* يتقدم مركز الزيتونة للدكتور حسن أبو طالب، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، بخالص الشكر على كتابته النص الأساسي الذي اعتمد عليه هذا التقدير.