مدة القراءة: 8 دقائق


لا يبدو أن الاجتماع الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي جورج بوش، في 16/7/2007، سوف يحقق للفلسطينيين حلمهم بالدولة أو حقهم بالعودة. بل إن ما يجب أن يخشون منه هو المزيد من البطش الاسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة؛ سيكون، هذه المرة بغطاء دولي وصمت فلسطيني رسمي.

جاءت دعوة بوش إلى عقد هذا الاجتماع، من أجل إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين و(إسرائيل)، بمشاركة بعض جيرانهم. بعد إعلان إدارته نيتها تشكيل محور اعتدال في مواجهة ما دعته محور التشدد والتطرف.  وبعد شهر تماماً من فرض حركة حماس سيطرتها الأمنية على قطاع غزة في 16/6/2007؛ حيث اتّخذ الرئيس الأمريكي موقفاً متشدّداً حرّض فيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على عدم التّحاور مع حركة حماس، بل طالبه بالاستمرار في دعوة قوات دولية للقدوم إلى قطاع غزة بذريعة فرض الأمن والاستقرار وحماية الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كان قد صرّح عباس بإمكانيّة اجرائها.

فهل سيقدم الاسرائيليين “تنازلات” في قضايا الحل الدائم خلال هذا الاجتماع؟ وهل سيقبل عباس ومن خلفه حركة فتح بأي عرض تقدمه لهم أمريكا و(إسرائيل)؟ وما هو مغزى استجابة عباس لرغبة بوش في استمرار القطيعة مع حماس؟ وما هي النتائج المتوقعة في ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي، والإصرار الاسرائيلي على تقديم الأمن على أي مسألة أخرى؟

أما فيما يتعلق بالتصور الأمريكي لهذه الدعوة فقد حدّد الرئيس الأمريكي الإطار السياسي الذي سوف يعمل الاجتماع الدولي ضمنه، وهو تحقيق رؤيته للسلام في الشرق الأوسط المبنية على أساس “حل الدّولتين” التي سبق وأعلنها في 24 حزيران/ يونيو 2002.

من الجدير بالذكر، أن بوش كان قد بيَّن ملامح رؤيته في خطابه هذا؛ حين طالب الفلسطينيين بضرورة اختيار قيادة جديدة، بدلاً عن القيادة الموجودة التي كان يمثّلها رئيس السلطة الراحل ياسر عرفات، كشرط يجب توفره من أجل ولادة الدولة الفلسطينية. لأن الإدارة الأمريكية، بحسب تعبير الرئيس الأمريكي، لن تؤيد إنشاء دولة فلسطينية إلاّ أن يشارك قادتها في كفاح متواصل ضد “الارهابين” ويفككوا بنيتهم التحتية. ثم كرر بوش، في خطاب الدعوة، مطالبة الفلسطينيين “بنبذ العنف والارهاب، الذي رأى أنّ حركة حماس تمثّله. واعتبر أنّ الفلسطينيين يقفون أمام خيار تاريخي واضح بين حماس وعباس، محذراً من أنّ عدم السّير وفق رؤية السلطة التي يقودها عباس يعني سحق إمكان بروز الدولة الفلسطينية.

وفيما يتعلّق بطبيعة هذه الدولة، فقد أوضح بوش بأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية سوف تدعم إنشاء دولة فلسطينية تكون حدودها وبعض نواحي سيادتها مؤقتة إلى أن تُحل كجزء من تسوية نهائيّة في الشرق الأوسط؛ أي أن هذه الدولة ستبقى بحدود مؤقتة وسيادة منقوصة لحين انجاز تسوية الشرق الأوسط، عندها سيتم حسم مصير هذه الدولة ضمن تصور يضم مصر والأردن؛ بما يُفهم أن رؤية بوش تقوم على أساس أن مصير الدولة الفلسطينية مرتبط بالأردن ومصر وليس بشكلٍ مستقلٍ كما يتصوره الفلسطينيون. يؤكّد ذلك ما أشار إليه بوش في موضع آخر من خطابه، حين قال: إذا لبّى الشّعب الفلسطيني ما هو مطلوب منه فيستطيع أن يتوصّل إلى اتّفاق مع (إسرائيل) ومصر والأردن على الأمن وترتيبات أخرى.

وأما عن الأرض التي ستقام عليها هذه الدولة، فلم يلتزم خطابه بحدود العام 1967، وإنما أشار إلى حدود يتم التّوصّل إليها بالتّفاوض بين الطّرفين، مع انسحاب (إسرائيل) إلى حدود آمنة.
وأشار الرئيس الأمريكي بأن لاسرائيل مصلحة كبيرة في نجاح فلسطين ديمقراطية؛ ولم لا ما دامت بسيادة منقوصة وحدود مؤقّتة لحين تحقيق التفاهم مع جارتيها (مصر والأردن). ويكون الثمن أن قيم الدول العربية علاقات دبلوماسية وتجارية أوثق مع (إسرائيل)، تقود إلى تطبيع تام للعلاقات بين إسرائيل والعالم العربي.

إذاً نحن أمام دعوة أمريكية لاجتماع دولي يطالب فيه بوش الفلسطينيين بضرب البنية التّحتية لفصائل المقاومة الفلسطينية وتجديد الثّقة لرئيس السلطة محمود عباس والقبول بما يرضى به، وإلاّ فلا أمل بقيام الدولة الفلسطينية. أما إذا استجاب الفلسطينيون للمطالب الأمريكية فإنّهم سيحصلون على دولة بحدود مؤقتة وسيادة منقوصة تستمر في الحياة إلى حين تتّفق إسرائيل مع مصر والأردن على ترتيبات ما؛ سيكون مستقبل الدولة الفلسطينية معها، بالطبيعة المعروفة للدولة الحديثة، أمرٌ مشكوك فيه. خصوصاً أن الحديث عن إعادة ارتباط الضفة بالأردن يشهد انبعاثاً بعد تكريس انفصال الضفة، ورغبة (إسرائيل) بتمرير ما أسمته (الضفة أولاً).

في حين تجاهلت رؤية بوش قضايا الحل الدائم، وتركتها إلى المؤتمر الدولي الذي سيتولى بحثها. وما دام بوش قد دعا إلى الاجتماع الدولي كبديل عن المؤتمر الذي كان قد أُشير إليه في اتفاق غزة-أريحا وخريطة الطريق، فإن هذا يعني بأننا أمام عدة استحقاقات، منها:

أ)أن الأولوية ستكون للأمن والدولة واختيار قيادة جديدة للشعب الفلسطيني تتبنى برنامج التسوية وتحارب “الارهاب”.

ب)سيكون التفاوض تحت سقف رؤية بوش لحل الدولتين ورسالة الضمانات التي قطعها لشارون في 14/ 4/ 2004 وخطة خريطة الطريق، وليس القرارات الدولية ذات الاختصاص.

ج)ستحاول (إسرائيل) إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع دول عربية جديدة، قد تكون المملكة العربية السعودية في مقدمة هذه الدول؛ بذريعة تقدم مسيرة التسوية وبدئ الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية.

د)ستكون الوحدة الوطنية الفلسطينية والقدس وحق العودة ثمن الوعد بإقامة هذه الدولة.

ومع ذلك، فقد وافق رئيس السلطة الفلسطينية على تلبية الدعوة للمشاركة في هذا الاجتماع. مشدداً في بداية الأمر، على ضرورة أن يتضمّن الاجتماع أجندة واضحة ومحددة للغاية تتضمن قضايا الحل الدائم. كما أعاد، التأكيد على رؤيته بهذا الخصوص، أثناء مقابلة له مع واشنطن بوست ونيوزويك، نقلها موقع عرب 48 في 29/4/2007؛ طالب فيها بانسحاب (إسرائيل) إلى حدود 67، وفتح ممر آمن بين الضفة والقطاع وبحق العودة. كما ذكر برفض ما عُرض في كامب ديفيد 2000، معللاً ذلك بقوله: إذا قدّمنا تنازلات غير مقبولة على الجمهور، لن تحظى بشعبية.

في إشارة ضمنية بأنّ أي حل سوف يتم رفضه إذا لم يصل إلى الحد المشار إليه، وبالتالي لن يتمكن هو من حمايته وضمان تطبيقه. لذلك أعلن بأنّ أي اتّفاق سوف يتم التّوصل إليه سيعرض على الاستفتاء الشعبي في محاولة منه لطمأنة الشارع الفلسطيني الذي ينظر بعين الريبة إلى مواقفه المتشدّدة حيال الحوار مع حركة حماس وإعادة اللحمة بين الضفة والقطاع، وعدم تمسكه بالمرجعيات الوطنية التي تمّ التّوصّل إليها وأهمها وثيقة الوفاق الوطني، وبرنامج حكومة الوحدة الوطنية.

وجميعها تؤكد على حماية حق العودة والعمل على تطبيقه وفق القرار 194، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس، مع الاحتفاظ بحق استخدام كافة الوسائل بما فيها التفاوض والمقاومة من أجل ضمان ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره على أرضه.

خصوصاً أن رئيس السلطة لم يصمد طويلاً عند مواقفه السابقة، فعاد وأعلن عن رؤيته الجديدة التي سوف يتعامل بموجبها مع استحقاق هذا الاجتماع؛ حيث أكد في خطابه الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة في 28/9/2007 العودة إلى المرجعيات التي سيقوم عليها الحل النهائي، وذكر في مقدمتها رؤية بوش لحل الدّولتين، وخريطة الطريق والمشاريع والخطط التي طرحت من جانب أطراف عديدة منذ عام 2000 وحتى الآن. لعله يقصد فيما يقصد من هذه المشاريع وثيقة جنيف التي قدّمت تصوّراً تفصيلياً لتصفية قضية اللاجئين؛ يدعم هذا التّفسير وجود رئيس الفريق الفلسطيني الذي صاغ هذه الوثيقة ياسر عبد ربه ضمن اللجنة التي كلّفها عباس للتّفاوض حول قضايا الحل الدّائم مع الاسرئيليين على هامش هذا الاجتماع. أي أن عباس اعتمد نفس المرجعيات الأمريكية التي أعلن عنها بوش، في خطاب الدعوة؛ ليكون عباس قد كرّس إسقاط المرجعات الدولية التي تضمن بعضاً من حقوق الفلسطينيين وتتيح لهم ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم؛ لصالح تلك الأمريكية.

وأكد عباس على مواصلته معالجة ما أسماه العمل الانقلابي الذي حصل في قطاع غزة، واعداً بأن تتم هذه المعالجة وفق ما ينص عليه نظامنا الأساسي وقوانيننا، كما قال. فيما يعد إشارة إلى مجموعة المراسيم التي أصدرها بعد إعلانه حالة الطوارئ وحل حكومة الوحدة الوطنية؛ حيث كان عباس قد أعلن بأن هذه المراسيم سوف تكون لها قوة القانون.

كان عباس قد دعا في بعضها إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة بشروط تحول دون مشاركة الفصائل التي ما زالت تتبنى برنامج المقاومة وفي مقدمتها حركة حماس. وبيّن عباس أنه يتخذ هذه الاجراءات من أجل حماية الديمقراطية؛ في رسالة موجهة إلى أولمرت: أننا سنقيم نظاماً ديمقراطياً يلتزم بالسلام، ولذلك نحن نستحق الدولة؛ ولا بأس من إسقاط حق الأغلبية في التمثيل وإبداء رأيها في القضايا الوطنية الكبرى، فضلاً عن احترام رغبتها.
وهذا الموقف من رئيس السلطة جلب موافقة رئيس الحكومة الاسرائيلية على المشاركة في الاجتماع الدولي، وهو يستند إلى عدة ثوابت تجعله مطمئناً إلى أن هذا الاجتماع سوف يسير في الاتجاه الذي يحقق لاسرائيل المصالح القريبة والبعيدة. وسوف لن يعرضه إلى مفاجآت تضعه في خانة تملي عليه تقديم أثمان ليس مستعداً لدفعها، مهما كانت شكلية وبسيطة.

فهذا الاجتماع سيعقد بمرجعية الإدارة الأمريكية ورعايتها، وأن الرئيس الأمريكي حصر مهمة المجتمعين بتحقيق رؤيته للسلام في الشرق الأوسط التي أعلنا في 24 حزيران/ يونيو 2006، وإلى خريطة الطريق التي أكدت بشكل جازم بأنه لن يتم تحقيق الحل القائم على أساس دولتين للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني إلاّ من خلال إنهاء ما أسمته العنف والإرهاب، وعندما يصبح لدى الشعب الفلسطيني قيادة تتصرف بحسم ضد الإرهاب.

وإلى مذكرة الضمانات الأمريكية التي تعهد بموجبها بوش، في 14/ 4/ 2004، لرئيس حكومة (إسرائيل) السابق أريل شارون، بمنع أي محاولة من أي طرف لفرض خطة أخرى غير خريطة الطريق كمرجعية لحل القضية الفلسطينية.

بما يعني عند أولمرت أن تحقيق الأمن لاسرائيل سيكون هدف الاجتماع الدولي الأول المطلوب تحقيقه، أما الهدف الثاني الذي يبقى عليه السعي لإنجازه، عبر هذا الاجتماع، هو إقامة علاقات إضافية مع دول عربية جديدة على المستوى الدبلوماسي والتجاري؛ فهذه الغاية من ضمن رؤية بوش المشار إليها، وهذا ما صرحت به وزرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني، مطالبة الدول العربية بالانخراط في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين في إطار التطبيع على مراحل في العلاقات مع (إسرائيل)، بدل انتظار نهاية المسيرة، كما قالت.

ولكن المملكة العربية السعودية التي تعد أكبر دولة عربية مستهدفة بهذا التطبيع، عبّر أكثر من مسئول فيها بأن التطبيع بعد الحل وليس قبله. ووضعت المملكة شروطاً لمشاركتها في حضور الاجتماع؛ تمثلت بوجود برنامج عمل واضح وجدول يحدد المدى الزمني لحل قضايا الوضع الدائم.

ومع أن التطبيع مع الدول العربية المتبقية يعد هدفا غالياً عند الحكومة الاسرائيلية؛ فهو يفتح أمامها الباب للدخول إلى الاقتصاديات العربية وثقافاتها ومجتمعاتها، كما يمهد الطريق أمام انضمامها إلى محور الاعتدال. ومع ذلك بقيت هذه المسألة عالقة، ولعلها تكون واحدة من العوامل التي سوف تؤدي إلى تأجيل موعد انعقاد الاجتماع.

ويركز أولمرت اهتمامه على الأمن الاسرائيلي؛ حيث أن هذا الترتيب للأولويات ليس خارجاً عن السياق، فخريطة الطريق التي يكرر عباس تمسكه بها، تؤكد على أولوية الأمن.

من هنا جاءت مطالبة ليفني لـ محمود عباس كي يخفض من سقف توقعاته، حتى لا يفشل اجتماع الخريف. ودعت رئيس السلطة بأن لا يتحدث إلاّ عما هو ممكن؛ والاسرائيليون يعدون عودة اللاجئين وتفكيك المستوطنات وانسحاب القوات الاسرائيلية إلى حدود الرابع من حزيران أموراً غير واقعية. وعلى هذه الخلفية أشارت صحيفة الخليج العربي في 30/9/2007، إلى أن ضباطاً كباراً من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي سيشاركون في مؤتمر حول الأمن ينظمه الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل.

إذاً لقد تبلورت الرّؤية الاسرائيليَّة على أساس أن تكون الأولوية للأمن وترفض رفع سقف التّوقّعات في الاجتماع الدّولي وترك تحديد أمر قضايا الحل الدّائم إلى مفاوضات لاحقة، تكون ضمن حدود التصور الأمريكي.

وبقي أن نشير إلى أن الاسرائيليين يتذرّعون بضعف رئيس السلطة محمود عباس وعدم قدرته على تحقيق الأمن لإسرائيل ولا تمرير ما سيتم الاتّفاق عليه بخصوص قضايا الحل النِّهائي، وهذه القناعة الاسرائيلية المشتركة تجعل الاسرائيليين يرفضون التقدم في التسوية السياسية أو باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية، حتى بحسب التصور الأمريكي.

وإنما يسعون لفرض الأمن على الضفة والقطاع من خلال إطلاق العنان للآلة الحربية الاسرائيلية في القتل والتّدمير والتّوغلات. وتأكيداً على ذلك، فقد أظهر تقرير صادر عن موقع عرب 48 في 28/9/2007، من أنَّ القوات الاسرائيلية قتلت خلال أسبوع واحد 13 فلسطينيّاً وجرحت 47 واعتقلت 89 آخرين، ونفّذت 33 عمليَّة توغّل في الضفة الغربية.

بما يبدوا وكأنه محاولة اسرائيلية من طرف واحد، لمساعدة أجهزة أمن الرئاسة على فرض الأمن والاستقرار. في حين ما تزال تهديدات قادة الأمن الاسرائيليين تتوالى متوعّدة باجتياح شامل لقطاع غزة، كان آخرها تهديد نائب وزير الأمن الاسرائيلي متان فلنائى الذي أشار إلى أنَّ هجوماً شاملاً للقطاع سيتمّ بعد الانتهاء من كرنفال الاجتماع الدّولي هذا.

ما تقدم، يجعلنا نستنتج بأن الدعوة إلى الاجتماع الدولي جاءت  للتأكيد على أن الحل سيكون وفق المشاريع والتصورات الأمريكية، وليس القرارات الدولية ولا حتى العربية؛ مع أنها متضمنة في المرجعيات التي أشارت إليها دعوة بوش للاجتماع.

وبناءً على التصور الأمريكي المتعلق بشروط إقامة الدولة الفلسطينية وطريقة ولادتها، خصوصاً أن رئيس السلطة الفلسطينية مُصرٌ على ضرورة تحقيق “الحلم الفلسطيني” بإقامة الدولة على أساس رؤية بوش لحل الدولتين.
وبما يثير الشكوك والمخاوف من أن يكرس الاجتماع –في حال انعقاده- انقسام الضفة الغربية عن قطاع غزة سياسياً؛ يتم الإعلان في بداية الأمر عن الضفة كياناً سياسياً مستقلاً تمهيداً لولادة تلك الدولة الفلسطينية عليها بحسب رؤية (إسرائيل) الداعية إلى أن تكون “الضفة أولاً”، مقابل القطاع “كياناً معادياً”.

كما أنه من الممكن أن يوفّر الاجتماع غطاءً دولياً لضرب حركة حماس في القطاع، مهما كانت الخسائر البشرية في أوساط المدنيين والتدمير في البنية التحتية الفلسطينية؛ ما دامت النتيجة هي التخلص من “الارهاب” الذي رأى بوش أن حماس تمثله!

وهذا يجعلنا نتوقع فشل هذا الاجتماع في إحراز تقدم فيما يخص اللاجئين والقدس والدولة. كما يعني بأن مهرجان الخريف سوف ينفض عن إعلان إطلاق مفاوضات تستمر لمدة 6 شهور أو أكثر، يتم خلالها العمل على انجاز مهمتين بالتزامن.

الأولى: الإجهاز على حركة حماس وكتائب القسّام في قطاع غزة، وعلى ما تبقى من بنية المقاومة في الضفة.

والثانية: التفاوض حول طبيعة الدولة الفلسطينية وتوقيت ولادتها وشكل ارتباط الضفة بالأردن، و لاحقاً القطاع بمصر. 

وأما اللاجئون والقدس، فمصيرهم سيكون شبه محسوم؛ القدس موحدة تحت السيادة الاسرائيلية وللفلسطينيين سيطرة على الأماكن الإسلامية المقدسة. وللاجئين إعادة التوطين في بلد ثالث بعد أن تُبقي الدول المضيفة الأعداد التي تناسبها، وتحديداً لاجئي لبنان.

فهل سيبقى عباس مصراً على المضي في هذا الاجتماع مهما كان الثمن؟ وهل ستعمل حماس على إفشال نتائج هذا الاجتماع؟ وما هي وسائلها؟ وما هو الثمن الجديد الذي سوف يدفعه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية؟

 

11/10/2007