مدة القراءة: 3 دقائق

  سلسلة ترجمات الزيتونة (24) – أيار/ مايو 2007.

مقدمة الزيتونة:

يعكس كلام صموئيل بار، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد هرتزيليا، في دراسته التي قدمها إلى مؤتمر هرتسيليا الأخير (المؤتمر السابع)، تخبطاً إسرائيلياً حقيقياً في قضية ردع الجيوش غير النظامية أو في المعارك غير التقليدية، وهو تخبط ليس ببعيد عما تشهده الولايات المتحدة الأمريكية في المستنقع العراقي حيث فشلت حتى الآن في القضاء على جيوب المقاومة العراقية. ومع أن بار، قدم تصوراً عملياً واصطلاحياً شاملاً للتجربة الإسرائيلية في قمع ما يسمى “المنظمات الإرهابية”، إلا أنه لم يخرج عن الصورة النمطية للتحليل الإسرائيلي التي طالما بنيت على خلط الواقع بالكثير من المغالطات والتضليل، وكثيراً ما جنحت إلى الشوفينية تارة وإلى تلبس شخصية الضحية طوراً. فرغم أن صموئيل بار لم يوارب حين قال إن الحلول التي وضعت من أجل ردع “المنظمات الإرهابية” غير ملائمة وغير مجدية، إلا أنه حين يسير قدماً في تحليله، يبدأ بخلط الوقائع والمفاهيم.

   أولاً، يعزو بار في أكثر مكان من دراسته فشل “إسرائيل” في ردع “المنظمات الإرهابية”، على حد تعبيره، إلى اضطرار “إسرائيل” للالتزام بالقوانين الدولية التي تمنعها من إلحاق الضرر الفعلي بالمنظمة أو بالدولة المضيفة لها، وهي مغالطة معروفة تدحضها الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة ولبنان رداً على خطف الجنود الإسرائيليين الصيف الماضي، حيث تمادت “إسرائيل” في قتل المدنيين من فلسطينيين ولبنانيين، وضرب البُنى التحتية في كل من لبنان وغزة.

   المغالطة الثانية أو التضليل الثاني الذي اشتملت عليه الدراسة، يكمن في قول بار إن الردع القوي الذي مارسته “إسرائيل” رداً على عمليات المقاومة جعلها تخفف من وتيرة هجماتها وخاصة في حالة حماس التي قلّلت من إطلاق صورايخ القسام بعد استهداف “إسرائيل” لمحطة الكهرباء في غزة في معادلة سماها ضرب صاروخ “قسام” يعني انقطاع الكهرباء ساعة عن غزة، مع أن الوقائع الميدانية تشهد أن وتيرة إطلاق صواريخ القسام لم تتأثر بالصلف الصهيوني في الاعتداءات التي لم توفر حجراً ولا بشراً.

   ويعزو صموئيل بار قسماً من الفشل في الردع بسبب صورة “إسرائيل الديمقراطية” الملتزمة بالقرارات الدولية على الردع، فكما يقول “دلّت التجارب الإسرائيلية مع هذه المنظمات على محدودية مجتمعٍ ديمقراطي توجد فيه صحافة حرّة وثقافة منفتحة على الجدل السياسي”. وهذا الكلام إنما يعكس نوعاً من التبرير الذي يمنحه بار “لإسرائيل” لكي تحافظ على مجتمعها مجتمعاً عسكرياً في حالة تأهب قصوى دائمة للرد على أي “اعتداء” عليه.

   ونجد في الدراسة أيضاً أن بار لا يقدّر عمق تجذر العقيدة الإسلامية في نفوس المقاومين، حين يرى أن الردع الإسرائيلي القوي يمكن أن يوصل رسالة للمسلم بأن الإسلام يأمره بالقيام بشيء يسبب له الأذى، مع أنه يعترف في مكان آخر من الدراسة أن القدرة على الردع تضعف كلما كانت الاتجاهات الأيديولوجية، وخاصة الإسلامية منها متجذرة في النفوس. وأخيراً، نجد بار يخطئ أيضاً حين يرى أن أحد دعائم الردع الأساسية هي توجيه ضربات إلى السكان من أجل تخويفهم وجعلهم يمتنعون عن تقديم الدعم “للإرهابيين” مع أن الوقائع الميدانية تثبت أن الاعتداءات الإسرائيلية عمقت مفهوم المقاومة في نفوس الناس، فلم يعد مقتصراً على المنخرطين في صفوف التنظيمات المقاومة، الإسلامية وغير الإسلامية، بل أصبحت المقاومة حالة عامة تعيشها المجتمعات التي تخضع للاحتلال من بشيبها وشبابها وأطفالها ونسائها.

للاطلاع على الدراسة، اضغط على الرابط التالي: 
ترجمة دراسة: التجربة الإسرائيلية في ردع المنظمات الإرهابية  ( 41 صفحة، حجم الملف 361 KB)*

* إذا كان لديك مشكلة في فتح الملف، اضغط هنا

* * *
العنوان الأصلي:  Israeli Experience in Deterring Terrorist Organizations

اسم الكاتب: صموئيل بار Shmuel Bar

المصدر:
مؤسسة السياسة والاستراتيجية  Institute for Policy and Strategy –
ورقة مقدمة إلى مؤتمر هرتزيليا (21-24 كانون الثاني/ يناير 2007 )

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 12/5/2007