مدة القراءة: 4 دقائق

إعداد: أ. هاني رمضان طالب. (خاص بمركز الزيتونة).

يسر مركز الزيتونة أن يقدم ورقة علميَّة بعنوان “دور النواة التوراتية في مدن الساحل في الكيان الصهيوني: مدينة اللد نموذجاً“، للباحث هاني رمضان طالب.

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على ظاهرة “النواة التوراتية”، نشأتها وتأثيراتها المتنامية على وجود الأقلية الفلسطينية وبقائها في مدن الساحل، واستكشاف مكامن فاعليتها، وطبيعة دورها ومهامها في مدينة اللد كنموذج للدراسة.



للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: دور ”النواة التوراتية“ في مدن الساحل في الكيان الصهيوني: مدينة اللد نموذجاً… أ. هاني رمضان طالب (30 صفحة، 1.9 MB)


وتكمن أهمية الدراسة في أنها عرضت إجراءات سلطات الاحتلال بعد نكبة 1948 على عموم أرض فلسطين التاريخية؛ من تجميع للقلّة الفلسطينية التي تبقّت من السكان الأصليين في مدن الساحل، في أحياء محددة، وهدم أجزاء كبيرة من المدن الساحلية وأحيائها، ومصادرة ممتلكات الفلسطينيين والاستيلاء عليها، واعتمادها سياسة التهويد وتكثيف الاستيطان، مما أدى إلى ظهور جماعات إسرائيلية يهودية متطرفة؛ تحمل أفكاراً عنصرية عُرفت باسم “النوى التوراتية”، استوطنت في قلب المدن الساحلية، وارتبطت بالعصابات الصهيونية؛ التي سعت إلى خداع العرب الفلسطينيين والسيطرة على قطاع العقارات والإسكان، ومن ثم تهجيرهم، ووصل الأمر إلى استخدام العنف والقتل وارتكاب المجازر بحقهم، من أجل تحقيق حلمهم في الاستيلاء الكامل على الأرض.

وأشار الباحث إلى أن الدولة العبرية منذ نشأتها اعتمدت نظام “دولة الرفاه”؛ بتوفير كافة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لليهود، بعد ذلك أخذت ملامح توجهات الخصخصة بالظهور. فقد أدى صعود أحزاب اليمين في “إسرائيل” إلى سدة الحكم سنة 1977، إلى ضعف الدولة مقابل تعزز قوة المجتمع، وتمّ اعتماد السياسة الليبرالية على الصعيد الاقتصادي بدءاً من سنة 1985، وبرزت نخبة اقتصادية دفعت باتجاه السوق الحر، ورفعت أيادي الدولة عن النشاط الاقتصادي، فبدأ التخلي عن سياسة الرفاه الاجتماعي شيئاً فشيئاً، واعتماد آلية الخصخصة، وتضررت بذلك الطبقات الوسطى والضعيفة، كم زادت معدلات الفقر. إلا أن “إسرائيل” تمكنت من احتواء تلك التأثيرات، ومن امتصاص نقمة الشارع بخطاب ديماغوجي، واستغلت تلك الطبقات وجعلتها القاعدة الشعبية للأحزاب اليمينية الحاكمة، وربطت حصولهم على الخدمات بانتظامهم في تلك الأحزاب، كما أنها دعمت جماعات الاستيطان، وزادت من عمليات البناء في المستوطنات الإسرائيلية. أما الطبقة الغنية فقد ازدادت غنى، وتضاعفت نسبة دخلها. كما اعتمدت “إسرائيل” سياسة إهمال الأحياء العربية في المدن الساحلية، وحصر الفلسطينيين في جيتوهات، مما أفقر سكانها الذين يعانون حتى اليوم من ضائقة سكنية واجتماعية واقتصادية، واستندت إلى منطق النيوليبرالية الذي يدفع باتجاه خصخصة ملكية العقارات في هذه الأحياء، مما دفع السكان الأصليين، الفقراء عموماً، إلى ترك هذه الأحياء وإخلائها لمصلحة مواطنين يهود أغنياء.

وأوضح الباحث أن “النواة التوراة” أو “النوى التوراتية” تأسست في أواخر الستينيات من القرن العشرين في كريات شمونة وتكاثرت في عهد حكومة أريل شارون سنة 2005، وهي ترتبط بالمشاريع الاستيطانية الزاحفة في المدن والبلدات داخل أراضي الــــ 48، وهدفها المركزي هو محاصرة الفلسطينيين سكان البلاد الأصليين والتضييق عليهم، إلى أن يتم طردهم نهائياً من المدن الساحلية، كالرملة ويافا وعكا واللد. وتُقدَّر أعداد “النوى التوراتية” بأكثر من ستين “نواة” منتشرة في جميع أنحاء “إسرائيل”، وهي ترى أن الإيمان وممارسة الدِّين اليهودي كعقيدة دينية يجب أن يشمل أيضاً نشاطاً وعملاً على الأرض، لتهويد الحيّز العام، وتطهيره من أي إنسان غير محسوب على اليهود، فهي تعمل بشكل ممنهج لتهويد أيّ مدينة تصل إليها، ومحو تاريخ السكان الأصلانيين وذاكرتهم، وهي تتلقى دعماً وتمويلاً كبيراً من مختلف الوزارات الحكومية والموارد العامة، والجاليات اليهودية في الخارج.

وأضاف الباحث أن “النواة” في مدينة اللد واحدة من أقوى “النوى التوراتية” في “إسرائيل” وأكثرها حدة، حيث تأثرت مدينة اللد، حرفياً، بكل حدث كبير في فلسطين، من تفكيك مستوطنات غزة، وتوسيع سكة القطار، إلى اتفاق أوسلو، ووصول الصهيونية الدينية إلى مراكز النظام السياسي الإسرائيلي، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية السكانية، وازدياد التوترات الأمنية، وصولاً إلى تهديد سلامة وحياة السكان هناك، وتغيير الوضع الديموجرافي في قلب اللد لصالح تعزيز وجود النواة التوراتية؛ وهذا ما شهدته المدينة عقب أحداث هبَّة أيار/ مايو 2021 من إحكام سيطرة سلطات الاحتلال على الأحياء والسكان العرب بالمدينة وتحويلها إلى ثكنة عسكرية، وتعزيز الهيمنة اليهودية، وإطلاق عنان المستوطنين لتنفيذ اعتداءات على المواطنين العرب، بشكل أكثر كثافة وعدوانية.

وخلصت الدراسة إلى أنه لا يمكن اعتبار مشروع النواة التوراتية في أراضي الــــ 48، وفي المدن الساحلية بشكل خاص، أنه مشروع عفوي أو فوضوي، أو يتبع إلى فئة اجتماعية منعزلة، بل إنه يمثل أداة من أدوات الحكومة الصهيونية التي توظفها، لاستكمال تنفيذ مشروعها الاستعماري الإحلالي في ما تبقى من أراضٍ ومدن فلسطينية داخل الخط الأخضر، مع استمرار مسلسل عمليات التطهير العرقي ضدّ الأقلية الفلسطينية، بشكل غير مباشر، تحت غطاء فصل النشاط الاستيطاني إلى حدٍّ ما عن القرارات الحكومية من خلال سياسة الخصخصة، وضمن شعار التطوير والتحسين.



للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: دور ”النواة التوراتية“ في مدن الساحل في الكيان الصهيوني: مدينة اللد نموذجاً… أ. هاني رمضان طالب (30 صفحة، 1.9 MB)



مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 19/7/2022


جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من الأوراق العلمية: