مدة القراءة: 13 دقائق

إعداد: أ. د. وليد عبد الحي.[*]
(خاص بمركز الزيتونة).

تعريف “معاداة السامية”:

يرتبط تعريف مصطلح “معاداة السامية” (أو اللا سامية) بالكاتب الألماني ويلهيلم مار Wilhelm Marr والذي طرحه سنة 1879، خلال المناقشات في ألمانيا في تلك الفترة حول الاندماج في المجتمع الألماني من قبل الأقليات المختلفة وخصوصاً اليهود، نظراً للعلاقة الملتبسة بين الديانتين المسيحية واليهودية منذ المرحلة الهيلينية مروراً بالإمبراطورية الرومانية المسيحية، وبالرغم من أن السامية -كعرقية- تشمل أعراقاً أخرى غير اليهود، إلا أن المصطلح ارتبط بـ”كراهية اليهود” تحديداً، وتزايد هذا التوجه في القرون الوسطى في الدول المسيحية وصولاً إلى القضية الشهيرة الخاصة بالضابط اليهودي الفرنسي ألفرد دريفوس Alfred Dreyfus سنة 1894، ثم المرحلة النازية قبيل الحرب العالمية الثانية.[1]

وفي الوقت الحالي تبنت الولايات المتحدة، ومعها ثلاثون دولة، التعريف الإجرائي لمعاداة السامية الذي نشره مركز مراقبة العنصرية وكراهية الأجانب الأوروبي سنة 2016، مستنداً إلى تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست The International Holocaust Remembrance Alliance”، وينص هذا التعريف لمعاداة السامية على أن “معاداة السامية هي نظرة معينة لليهود، والتي يمكن وسمها بكراهية لليهود، وكل المظاهر الخطابية والجسدية لمعاداة السامية الموجهة نحو اليهود أو غير اليهود و/أو ممتلكاتهم أو تجاه مؤسسات المجتمع اليهودي ومرافقه الدينية”.[2]


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“ … أ. د. وليد عبد الحي (18 صفحة، 2.2 MB)


لكن المصطلح، وخصوصاً في العقود الثلاثة الماضية، أخذ يتسع إلى حدّ صعوبة الفصل بين معناه وبين معاني أبعاد جديدة يجري توظيفها بشكل متواصل، وقد نبَّه العديد من الكتاب الغربيين، وخصوصاً الأمريكيين، إلى هذا الخلط بين معاداة السامية وكل من نقد السياسة—وأحياناً السياسيين—الإسرائيلية، أو نقد الصهيونية كأيديولوجية، أو نقد اليهودية، أو حتى التصويت على قرارات دولية في الأمم المتحدة تدين السياسات الإسرائيلية، وهو خلط سياسي توظفه السياسة الإسرائيلية بشكل كبير لمواجهة تنامي الصورة السلبية لـ”إسرائيل” لدى الرأي العام الدولي.[3]

ولعل القرار الذي اتخذه الكونجرس الأمريكي سنة 2008 بخصوص اللاجئين اليهود يستهدف تعويم مفهوم اللاجئ وربطه لاحقاً بمعاداة السامية؛ فقد نص القرار الأمريكي على “أن اليهود العرب يندرجون تحت مشكلة اللاجئين بشكل عام” طبقاً لتوصيفات الأمم المتحدة، على الرغم من أن أغلب اليهود هاجروا طوعاً وليس قسراً، والهدف من ذلك هو لربط ممتلكات اليهود في الدول العربية بممتلكات العرب في فلسطين لأغراض المقايضة، وفي حالة رفض هذا التعريف يتم وسم من يتبنى الرفض بمعاداة السامية.[4]

لكن ما سمي “الموجة الثالثة من معاداة السامية” أو ما أطلق عليه البعض اسم معاداة السامية الجديدة New anti-Semitism، ركز الموضوع في “مواقف الرأي العام العربي من السياسات الإسرائيلية”، معتبراً أن مواقف التيارات السياسية العربية الرافضة للسياسات الإسرائيلية هي تجديد “لمعاداة السامية” (بالرغم من أن العرب ساميون). ويتضح هذا الخلط المتعمد بين اليهود والصهيونية و”إسرائيل” ومعاداة السامية بشكل واضح في مناقشات المؤتمرات وفي الكتابات التي ترعاها جماعات الضغط اليهودية، مثل كتابات عضو البرلمان الكندي السابق إروين كوتلرIrwin Cotler.[5] بل إن الأمر تطور إلى حدّ وسم بعض مؤسسات حقوق الإنسان أو البيئة في مناقشات وزارة الخارجية الأمريكية بمعاداة السامية، والدعوة لإدراج هذه المؤسسات مثل منظمة العفو الدولية Amnesty، وأوكسفام Oxfam، وهيئات مراقبة حقوق الإنسان ضمن قوائم معاداة السامية.[6] وهو ما جعل حدود المفهوم تشمل أبعاداً لا حصر لها بغرض توظيفه سياسياً من قبل “إسرائيل” وحلفائها.

التوظيف الإسرائيلي لشعار معاداة السامية:

لعل العناية بالموضوع من قبل “إسرائيل” ليست أمراً عابراً بل إنه أحد أدوات الديبلوماسية الإسرائيلية، كما يتضح من النقاط التالية:

أولاً: توظيف معاداة السامية لتشجيع الهجرة اليهودية لـ”إسرائيل”:

طبقاً لأرقام الوكالة اليهودية—وهي جهة تنسق أعمالها مع الحكومة الإسرائيلية—هناك علاقة واضحة بين نسبة الهجرة إلى “إسرائيل” ونسبة “النشاطات العنيفة أو غير العنيفة” التي يتم تصنيفها على أنها مؤشر على نزعة معاداة السامية، وللتدليل على هذه العلاقة نقدم مثالاً على ما أشارت له الوكالة عن أن ما مجموعه 9,880 يهودياً هاجر من أوروبا الغربية إلى “إسرائيل” سنة 2015، وكان نحو 8 آلاف منهم من فرنسا، وهي السنة التي تصفها المراجع اليهودية بأنها الأسوأ في تنامي نزعة معاداة السامية، خصوصاً في فرنسا التي تضم ثالث أكبر تجمع يهودي في العالم بعد “إسرائيل” والولايات المتحدة.[7] وتدل الدراسات الغربية على وجود علاقة واضحة بين ارتفاع منسوب وقائع الدعاية عن “معاداة السامية” وبين ارتفاع نسبة الهجرة إلى “إسرائيل” مباشرة؛ فإذا حسبنا السنوات من 2000 إلى 2021، وحسبنا المتوسط لعدد الأحداث التي تنم عن معاداة للسامية وقارناها بالسنوات التي كان فيها عدد المهاجرين اليهود إلى ” إسرائيل” أعلى من المعدل السنوي، سنجد النتائج الواردة في الجدول التالي:[8]

مقارنة بين سنوات تزايد معاداة السامية وسنوات تزايد عدد المهاجرين اليهود لـ”إسرائيل” خلال الفترة من 2000-2021

السنوات التي زادت فيها أحداث معاداة السامية
عن متوسط الأحداث للفترة 2000-2021
السنوات التي زاد فيها عدد المهاجرين اليهود لـ”إسرائيل“
عن متوسط عدد المهاجرين اليهود للفترة من 2000-2021
2004 2007-2005
2012 2012
2014 2014
2015 2015
2018 2018
2021 (الشهور الستة الأولى) 2021 (الشهور الستة الأولى)

يوضح الجدول السابق أن هناك تطابقاً شبة تام بين السنوات التي شهدت ما رأته الأوساط الصهيونية زيادة في ظاهرة معاداة للسامية والسنوات التي عرفت ارتفاعاً في عدد اليهود المهاجرين إلى فلسطين المحتلة.

ومعلوم أن “إسرائيل” تسعى لردم الفجوة الديموجرافية بين اليهود والعرب في فلسطين التاريخية، وليس أمامها من علاج إلا برفع نسبة الزيادة السكانية التي هي الآن 1.9% بين اليهود مقابل 2.7% بين العرب من ناحية، وزيادة الهجرة اليهودية من كل مجتمعات العالم إلى “إسرائيل” من ناحية أخرى. ولعل الترهيب بمعاداة السامية يعزز نزعة الهجرة من قبل اليهود لفلسطين.

ولجعل الصورة أكثر وضوحاً، لا بدّ من ربط الهجرات المعاصرة بالهجرات قبيل قيام “إسرائيل” وبعدها بقليل، ويتبين من هذه الصورة أن أجهزة الأمن الإسرائيلية، وتحديداً الموساد Mossad، لعبت دوراً في “خلق بيئة قلقة لليهودي” أينما كان لدفعه للهجرة قسراً إذا لم تُجدِ معه وسائل الإغراء،[9] ويكفي أن نشير في هذا الجانب إلى مسألتين:[10]

1. إثارة موضوع معاداة السامية من قبل “إسرائيل” لترسيخ فكرة أن “إسرائيل” هي الممثل والمدافع عن اليهود في كل العالم وليس في “إسرائيل” وحدها، وهو تمهيد لربطهم بها كخطوة أولى نحو جرهم لفلسطين لاحقاً، وهو أمر ليس منفصلاً عن موضوع الدولة اليهودية التي سعى بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu لتكريس فكرتها. ذلك يعني أن إثارة موضوع معاداة السامية، هي لتكريس فكرة أن الحامي لليهود خارج “إسرائيل” من العنصرية والهجمات العنيفة هي “إسرائيل”، وهو ما يجعل اليهودي يفكر في اللجوء لهذا “الحامي” له، وعليه فإن زيادة حدة معاداة السامية تقود مباشرة إلى تعزيز الارتباط بين اليهودي أينما كان وبين “إسرائيل”، فـ”إسرائيل” هي الدولة الوحيدة في العالم التي ليس لها حدود جغرافية واضحة ولا حدود ديموجرافية للمواطنة فيها بناء على قانون العودة لسنة 1950 وتعديلاته سنة 1970.

2. الدور الذي لعبته أجهزة المخابرات الإسرائيلية في نقل اليهود إلى فلسطين المحتلة، وما يسّر مهمة المخابرات الإسرائيلية في هذا المجال هو إرباك حياة اليهودي في هذه المجتمعات من خلال التشجيع “غير المباشر” أو العمليات السرية لمعاداة السامية، وتشير المخابرات الإسرائيلية (الموساد) على موقعها الإلكتروني إلى أن أحد مهامها هي نقل يهود الخارج إلى “إسرائيل” في الأوضاع المضطربة في أية دولة أخرى.[11] ويؤكد مقال في صحيفة هآرتس سنة 2010 هذه الفكرة بالقول حرفياً:

لطالما اعتبرت أجهزة المخابرات الإسرائيلية نفسها مسؤولة ليس فقط عن أمن المواطنين الإسرائيليين، ولكن أيضاً عن أمن الجاليات اليهودية في الخارج. ويمكن إرجاع فكرة “أجهزة مخابرات الشعب اليهودي” إلى بيت الموساد Le’Aliyah Bet، وهو فرع من الهاجاناه Haganah السري الذي جلب مهاجرين يهود غير شرعيين تحت أنظار الانتداب البريطاني، وظل يعمل بعد تأسيس الدولة، وتم تعيين وحدتين بدلاً من بيت الموساد، الذي تم حله في عام 1952. وكانت الوحدة الأكثر سرية هي وحدة Bitzur التابعة للموساد، والمكلفة بالإشراف على هجرة اليهود من البلدان التي كانت حياتهم فيها معرضة للخطر. وكذلك حماية الجاليات اليهودية في الشتات، أما الوحدة الأخرى وهي وحدة ناتيف Nativ، فكان دورها تشجيع الهجرة من الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، وبعد سقوط الستار الحديدي تم تكليف هذه الوحدة بإصدار تأشيرات الهجرة وإنشاء مراكز ثقافية وتتبع أي مظاهر معاداة السامية لتوظيفها سياسياً.[12]

وتتأكد مهمة الموساد في مجال استثمار الاضطرابات في أي دولة وربطها بمعاداة السامية في الخارج وتوظيفها سياسياً من خلال بعض الأمثلة:[13]

1. الهجرة الواسعة من العراق (1950-1951): فقد هاجمت الحركة الصهيونية إلى حدّ الاتهام بالخيانة قادة الطائفة اليهودية في العراق، وخصوصاً الحاخام ساسون خضوريSasson Kadoorie، لأنه كان أقرب لتيار التعايش مع العرب، ووقعت انفجارات في أحياء يهودية في العراق دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذه الانفجارات، فكيف يمكن تفسير الهجوم على رجال الدين اليهود الداعين للتعايش مع مجتمعاتهم، والانفجارات التي تريد وضع اليهودي في هذه الدول في قلق شديد تدفعه للبحث عمن يساعده على الهروب؟ إنها المصلحة الإسرائيلية في توظيف معاداة السامية لزيادة السكان في “إسرائيل”.

إن مراجعة الأدبيات الإسرائيلية حول دور أجهزة المخابرات الإسرائيلية أو التنظيمات اليهودية المرتبطة بالسفارات الإسرائيلية أو الأحزاب الصهيونية تدل، وبشكل لا لبس فيه، على أن “إسرائيل” قامت بأعمال عنف سرية ضد اليهود لإجبارهم على الهجرة لـ”إسرائيل” من خلال تأجيج فكرة معاداة السامية، ويكفي أن نشير إلى الوثائق التالية:[14]

أ. كشف تقرير للسفارة البريطانية في بغداد بخصوص عمليات التفجير في العراق خلال الفترة 1950-1951 أن التفجيرات هي من تدبير “نشطاء صهاينة يريدون تسريع هجرة اليهود من العراق، ولجذب الأثرياء اليهود المترددين في الهجرة إلى إسرائيل”.

ب. بعد موجة الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفييتي بعد تفككه، لاحظت الحكومة الإسرائيلية أن هناك تزايداً في عدد المهاجرين اليهود من أوروبا الشرقية إلى دول أخرى غير “إسرائيل”، مثل أوروبا وخصوصاً فرنسا والولايات المتحدة وبعض دول أمريكا اللاتينية، وقد طلبت “إسرائيل” من الحكومة الألمانية منع منح تأشيرات هجرة لليهود ليضطروا للتوجه إلى “إسرائيل”.

ج. منعت “إسرائيل” نشر كتاب هاجاي ايشيد Haggai Eshed وعنوانه “من أعطى التعليمات Who Gave the Instructions” سنة 1960 لأنه يتضمن معلومات عن عمليات قامت بها اجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لإجبار اليهود على الهجرة لـ”إسرائيل”.

د. من المعلوم أن “إسرائيل” أنشأت منظمات سرية خاصة—ملحقة بسفاراتها في الخارج—للعمل على وضع الخطط لدفع اليهود للهجرة إلى “إسرائيل” طوعاً أو قسراً، فمنظمة القلعة Fortress التابعة للموساد والتي تم إنشاؤها سنة 1967 وما تزال عاملة، تخصصت في تهجير اليهود من الدول العربية، بينما منظمة نيتف Nativ فتخصصت بالتهجير من أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي، وقد تفرع عن هذه المنظمة هيئة تسمى “بار Bar”، وتعمل تحت ستار البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية.

هـ. اتهامات المفكر النرويجي يوهان غالتنج Johan Galtung، وهو أحد أبرز علماء الاجتماع المعاصرين وصاحب العدد الأكبر من التنبؤات السياسية المهمة. وقد أثارت صحيفة هآرتس هذه الاتهامات التي تتضمن الربط بين هجمات وقعت سنة 2011 في النرويج وقُتل فيها عشرات الأفراد، حيث أشار غالتنج إلى العلاقة بين المسؤول عن الهجمات وبين منظمة لها صلات وثيقة بالحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً من خلال الموساد. كما أشار غالتنج إلى أن اليهود يمتلكون ست شركات إعلامية تسيطر على 96% من وسائل الإعلام، وأن 70% من أعضاء الهيئة التدريسية في أهم 20 جامعة أمريكية هم من اليهود، وهي عوامل تسهم في التلاعب بالرأي العام المحلي والدولي عند وقوع مثل هذه الأحداث وربطها بمعاداة السامية.

و. نظراً للموقف المؤيد للفلسطينيين من زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربن Jeremy Corbyn تم تجميد عضويته في الحزب بحجة “معاداة السامية”، وقد وصف كوربين ذلك بقوله “إن حجم معاداة السامية داخل حزب العمال تمّ المبالغة فيه بشكل كبير لأسباب سياسية من قبل خصومنا داخل الحزب وخارجه” في إشارة لـ”إسرائيل” وغيرها.

2. الدور الذي لعبته المنظمة العالمية ليهود الأقطار العربية World Organization of Jews from Arab Countries التي مارست نشاطاتها خلال الفترة 1975-1999، ولعبت شخصية مردخاي بن بورات Mordechai Ben-Porat الذي عمل مبعوثاً للموساد في إيران دوراً مهماً في هذه المنظمة ونشاطاتها الخاصة بهجرة اليهود العرب، بل ينتقد أحد قادة هذه المنظمة وهو الدكتور جاك بارنز Jaques Barnes من أنه “لم يجد أحداً يوظف قضيتنا (اليهود العرب) بنفس مستوى توظيف قضية المحرقة (الهولوكوست) ومعاداة السامية”.[15]

ثانياً: توظيف معاداة السامية لتعزيز الحس القومي اليهودي:

كثيراً ما يتم استخدام تعبير السامية لتأكيد الهوية القومية لليهود، خصوصاً غير المتدينين منهم، فالعلماني اليهودي في أوروبا أكثر تقبلاً لفكرة “العرق السامي” لأنها تكثف المضمون القومي على حساب المضمون الديني الذي ليس له المكانة نفسها في المنظومة المعرفية لهذا العلماني، وقد نبهت استطلاعات الرأي العام الدولية صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية إلى أن نسبة النزعة الدينية بين اليهود خارج “إسرائيل” تتراجع، إذ بينت أحد هذه الدراسات أن 38% من يهود العالم يعدّون أنفسهم متدينين، مقابل 54% غير متدينين و2% ملحدين، وهي صورة تتناقض مع نسبة التدين في “إسرائيل”،[16] وعليه شعرت النخبة الحاكمة في “إسرائيل” أن تعبير “معاداة السامية” له صدى أقوى من تعبير “اليهودية” في صفوف يهود الخارج، ومن هنا أصبحت الأدبيات الصهيونية تركز على التعبير العرقي في الخارج أكثر من التعبير الديني قياساً بالمراحل السابقة، فاليهودي غير المتدين أقل قابلية للإقدام على الهجرة لدولة دينية، لكن اليهودي “الإثني أو العرقي” أكثر قابلية عندما يُصنف بانتمائه للسامية.[17]

وتشير الدراسات المتخصصة في هذا المجال إلى أن الصهيونية تستخدم تعبير السامية في دول أقل عناية بالأصل الديني للفرد، بينما تستخدم تعبير اليهودية في الدول التي تولي أهمية للتراث الديني، وقد تناول الكثير من الباحثين، لا سيّما الغربيين منهم، هذه الازدواجية في الأدبيات السياسية الصهيونية،[18] وفي مرحلة لاحقة تمّ الربط بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية واعتبارهما وجهان لعملة واحدة، وتمت ملاحقة عدد من الكتاب والسياسيين في دول أوروبية ممن انتقدوا الصهيونية وتمّ اعتبار انتقاداتهم للصهيونية شكلاً من أشكال معاداة السامية.[19]

ثالثاً: توظيف معاداة السامية لردع نقاد السياسات الإسرائيلية في المجتمع الدولي:

ويتجلى توظيف معاداة السامية في هذا البعد في الجوانب التالية:

1. الحذر من تأييد الفلسطينيين: كان للسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين أثرها السلبي على صورة “إسرائيل” في الذهن الأوروبي بشكل خاص والعالمي بشكل عام، وترتب على ذلك تزايُدُ التعاطف مع الفلسطينيين، وأدركت “إسرائيل” خطورة ذلك، لذا بدأت في توظيف معاداة السامية من خلال ربط “الهجمات على اليهود أو معابدهم” بالفلسطينيين أو مؤيديهم من الجماعات الأوروبية لحقوق الإنسان أو غيرها خصوصاً الحركات الإسلامية، بغض النظر عن مدى توفر الأدلة على هذا الادعاء.[20]

ويمكن توضيح الفكرة السابقة ببعض الأمثلة؛ فقد أدى القتال الذي نشب بين المقاومة و”إسرائيل” في أيار/ مايو 2021 إلى زيادة التوترات في الولايات المتحدة بين مؤيدي “إسرائيل” وأنصار الفلسطينيين، الأمر الذي دفع رابطة مكافحة التشهير Anti-Defamation League—وهي منظمة يهودية دولية مقرها نيويورك—إلى الإشارة بأنها شهدت “تصاعداً خطيراً وجذرياً” في جرائم الكراهية المعادية للسامية منذ اندلاع الصراع، وقال جوناثان جرينبلات Jonathan Greenblatt، الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير في بيان له “إننا نتتبع أعمال المضايقة والتخريب والعنف بالإضافة إلى سيل من الانتهاكات عبر الإنترنت” تجاه اليهود، وأضاف: “أن ذلك يحدث في جميع أنحاء العالم”. وكتبت خمس مجموعات يهودية رسالة إلى الرئيس جو بايدن Joe Biden أعربت فيها عن قلقها إزاء التصاعد الأخير لجرائم الكراهية المعادية للسامية في الولايات المتحدة وسط المواجهة العسكرية بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية، ودعت الجالية اليهودية الأمريكية، ورابطة مكافحة التشهير، والاتحادات اليهودية لأمريكا الشمالية، وهداسا Hadassah، واتحاد التجمعات اليهودية الأرثوذكسية الأمريكية، الرئيس الأمريكي بايدن لاستخدام برنامجه لإدانة معاداة السامية واتخاذ عدد من الإجراءات لمكافحة معاداة اليهود. وأشارت هذه المنظمات في رسالتها إلى أنها “تخشى أن الطريقة التي استخدم بها الصراع لتضخيم الخطاب المعادي للسامية، وتشجيع الجهات الفاعلة الخطرة لمهاجمة اليهود والمجتمعات اليهودية، الأمر الذي ستكون لها تداعيات أبعد مما نشهده بكثير خلال فترة القتال في الأسبوعين الماضيين”.[21]

2. من الضروري التنبه إلى أن ارتفاع وتيرة الحديث عن معاداة السامية تتزايد في الفترة التي يتعرض لها الفلسطينيون إلى قدر أكبر من الاعتداءات، فالدراسات والتقارير الغربية تؤكد ذلك من خلال المؤشرات التالية:[22]

أ. أول مرة ترتفع نداءات مواجهة معاداة السامية بشكل كبير في الولايات المتحدة سنة 1994 بعد واقعة قيام يهودي أمريكي بمجزرة في الحرم الإبراهيمي في الخليل، والذي قتل وجرح فيها قرابة 130 فرداً فلسطينياً، وكانت ردة الفعل في الشارع الأمريكي قوية، مما دفع لإحياء موضوع معاداة السامية لامتصاص آثار الجريمة ضدّ الفلسطينيين.

ب. تزايدت وتيرة حملات إثارة “معاداة السامية” ثانية بشكل كبير في كانون الأول/ ديسمبر 2000، مع اشتداد الانتفاضة الفلسطينية وما نجم عنها من تعاطف دولي مع الشعب الفلسطيني.

ج. عادت موجة الحديث عن معاداة السامية في أيار/ مايو 2021، بعد أن بدأت وسائل الإعلام في نقل تدمير “إسرائيل” للمنازل والقصف العنيف على غزة إلى جانب ضرب أبراج سكنية تضم مراكز إعلامية مختلفة، إلى جانب انتقاد مؤسسات المجتمع المدني العالمية وهيئات حقوق الإنسان السياسة الإسرائيلية.

رابعاً: إثارة يهود الخارج لاستمرار دعم “إسرائيل” مادياً ومعنوياً:

تسعى “إسرائيل” إلى توظيف وقائع معاداة السامية لإعادة تعزيز الترابط بين يهود الخارج و”إسرائيل”، خصوصاً في الولايات المتحدة كما ذكرنا سابقاً، فمعلوم أن نسبة انتقاد يهود الولايات المتحدة للسياسات الإسرائيلية تتزايد، وهو أمر لا تراه “إسرائيل” إيجابياً، لكن معاداة السامية ستشد هذا الجمهور اليهودي ثانية لـ”إسرائيل”. وتشير الأرقام الرسمية الأمريكية أنه خلال الأسبوعين السابقين على معركة سيف القدس في أيار/ مايو 2021، وقع 127 حادثاً مما يمكن وصفه معاداة السامية، لكن العدد ارتفع إلى 222 حادثاً خلال أسبوعين من تفجر القتال بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وأن ظاهرة الترابط بين زيادة الهجمات وبين وقوع اشتباكات عسكرية فلسطينية إسرائيلية أمر تؤكده فترات الاشتباك السابقة، لكنها في معركة سيف القدس عرفت تزايداً في النسبة، طبقاً لأرقام هيئة مكافحة التشهير الأمريكية.[23]

بل يلاحظ أنه في الفترة التي دانت فيها المنظمات الدولية (الحكومية أو غير الحكومية) أهداف الغارات الإسرائيلية في معركة سيف القدس فإن هجمات “معاداة السامية” تزايدت مباشرة، مما دفع هذه المنظمات (مثل منظمة العفو الدولية) لإصدار بيانات تدين معاداة السامية، مما يوجِد توازناً مع البيانات الشديدة التأييد للفلسطينيين.[24]

الخلاصة:

إن الديبلوماسية الإعلامية الإسرائيلية تقوم في موضوع معاداة السامية على الأسس التالية:

1. تعمم مفهوم معاداة السامية على أي نقد للسياسة الإسرائيلية في أي مجال من مجالات العلاقات الدولية.

2. اعتبار أي نزعة تعاطف إنساني مع الفلسطينيين أو الدعوة لحقوقهم بأنها تعبير عن نزعة لا سامية.

3. إيجاد حالة من القلق لدى اليهود في الخارج لتشجيعهم على الهجرة لـ”إسرائيل”.

4. منع فتور حماس يهود الخارج لـ”إسرائيل”، وضمان استمرار تأييدهم لها بالمال، وبتسهيل فتح القنوات أمام نشاطاتها السياسية والاستخبارية والاقتصادية في الدول التي يتواجدون فيها.

5. لا تتورع “إسرائيل” من تضخيم أو افتعال أحداث أو أعمال عنف بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم ربط هذه الأحداث بمعاداة السامية لتحقيق الأهداف المشار لها أعلاه.

التوصية:

لا بدّ للمؤسسات الحقوقية، ومراكز الأبحاث العربية والفلسطينية، وقوى المقاومة من تتبع ورصد الوقائع التي تدلل على الربط بين “دبلوماسية توظيف معاداة السامية” التي تنتهجها “إسرائيل” وبين هذه الوقائع، والعمل على تعميم نتائج هذا الرصد على وسائل الإعلام المختلفة وعلى البعثات الديبلوماسية والباحثين، خصوصاً في الدول والمجتمعات الأجنبية.


الهوامش:
[*] خبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية، أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك في الأردن سابقاً، حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وهو عضو سابق في مجلس أمناء جامعة الزيتونة في الأردن، وجامعة إربد الأهلية، والمركز الوطني لحقوق الإنسان وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للإعلام. ألَّف 37 كتاباً، يتركز معظمها في الدراسات المستقبلية من الناحيتين النظرية والتطبيقية، ونُشر له نحو 120 بحثاً في المجلات العلمية المُحكّمة.
[1] Anti-Semitism in medieval Europe, site of Britannica, https://www.britannica.com/topic/anti-Semitism/Anti-Semitism-in-medieval-Europe
[2] Defining Anti-Semitism, Fact Sheet, site of U.S. Department of State, 8/6/2010, https://2009-2017.state.gov/j/drl/rls/fs/2010/122352.htm; and Defining Anti-Semitism, U.S. Department of State, https://www.state.gov/defining-anti-semitism
[3] How Benjamin Netanyahu enables anti-Semitism, The Washington Post newspaper, 26/2/2018, https://www.washingtonpost.com/news/made-by-history/wp/2018/02/26/how-benjamin-netanyahu-enables-anti-semitism; Is B.D.S. Anti-Semitic? A Closer Look at the Boycott Israel Campaign, The New York Times newspaper, 27/7/2019, https://www.nytimes.com/2019/07/27/world/middleeast/bds-israel-boycott-antisemitic.html; and How Israel Manipulates the Struggle Against Anti-Semitism, site of Orient XXI, https://orientxxi.info/magazine/how-israel-manipulates-the-struggle-against-anti-semitism,2906
[4] صحيفة معاريف، 30/11/2017، انظر: https://www.maariv.co.il/news/israel/Article-611940 (باللغة العبرية)
[5] New antisemitism explained, site of Everything Explained Today, https://everything.explained.today/New_antisemitism
[6] U.S. weighs labeling leading human rights groups ‘anti-Semitic’, site of POLITICO, 21/10/2020, https://www.politico.com/news/2020/10/21/state-department-weighs-labeling-several-prominent-human-rights-groups-anti-semitic-430882
انظر أيضاً التقارير حول التوجه الأمريكي في هذا الخصوص في:
Weaponizing Anti-Semitism, State Department Delegitimizes Human Rights Groups, site of The American Prospect, 12/11/2020, https://prospect.org/politics/weaponizing-anti-semitism-state-department-delegitimizes-human-rights-groups/
[7] Anti-Semitism drives record-high Western European immigration to Israel, The Times of Israel newspaper, 14/1/2016, https://www.timesofisrael.com/anti-semitism-drives-record-high-western-european-immigration-to-israel
[8] ‘Things have only gotten worse’: French Jews are fleeing their country, site of NATIONAL GEOGRAPHIC, 20/11/2019, https://www.nationalgeographic.com/history/article/french-jews-fleeing-country; and As attacks rise in France, Jews flock to Israel, site of USA TODAY, 22/11/2004, http://usatoday30.usatoday.com/news/world/2004-11-22-jews-france_x.htm
وللاطلاع على مؤشرات الزيادة في عدد الهجمات الخاصة بـ”معاداة السامية”، انظر: Anti-Semitism in the US hits 4-decade high: report, site of DW Akademie,12/5/2020, https://www.dw.com/en/anti-semitism-in-the-us-hits-4-decade-high-report/a-53402428; Number of reported anti-Semitic incidents in France from 1998 to 2020, site of Statista, https://www.statista.com/statistics/970381/anti-semitic-incidents-france; and Numbers of anti-Semitic incidents reported to Community Security Trust (CST) in the United Kingdom (UK) from 2004 to 2020, Statista, https://www.statista.com/statistics/383740/antisemitic-incidents-reported-uk-y-on-y
[9] للتعرف على العلاقة بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأجنبية في مجال هجرة اليهود من الدول الأجنبية وعمليات تنظيم الهجرة إلى “إسرائيل” انظر: Why the Mossad Must Remain an Intelligence Service for All Jews, Haaretz newspaper, 4/11/2010, https://www.haaretz.com/1.5134754
[10] Yehouda Shenhav, “What do Palestinians and Arab-Jews Have in Common? Nationalism and Ethnicity Examined Through the Compensation Question,” Department of Sociology and Anthropology, Tel Aviv University, https://people.socsci.tau.ac.il/mu/yshenhav/files/2013/07 What-do-Palestinians-and-Arab-Jews-Have-in-Common1.pdf; Ari Alexander, “The Jews of Baghdad and Zionism: 1920-1948,” M. A. Thesis, Faculty of Oriental Studies, Oxford University, pp.103–104, https://users.ox.ac.uk/~metheses/Alexander.pdf; and Avery Weinman, “Reverberation from the “Eartquake”: Collective Memory and Why Mizrahi Israelis vote for the Israeli Right,” History Department, University of California, 2019, p. 14.
[11] Site of Israeli Secret Intelligence Services (Mossad), https://www.mossad.gov.il/eng/about/ Pages/default.aspx
[12] Why the Mossad Must Remain an Intelligence Service for All Jews, Haaretz, 4/11/2010.
[13] صحيفة هآرتس، 30/8/2011، انظر: https://www.haaretz.co.il/misc/1.1097018 (باللغة العبرية)
[14] انظر التفاصيل في هذه المراجع (باللغة العبرية) التي تناولت كل قضايا العلاقات بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية وموضوع الهجرة اليهودية من الخارج إلى ”إسرائيل“: هآرتس، 21/8/2011، انظر: https://www.haaretz.co.il/misc/1.856847؛ ومعاريف، 30/11/2017؛ وموقع معهد فان لير، القدس، كانون الثاني/ يناير 2021، في: https://hazmanhazeh.org.il/mena-immigration؛ وصحيفة يديعوت أحرونوت، 22/3/2016، في: https://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4781582,00.html؛ وموقع مشروع بن يهودا، في: https://benyehuda.org/read/2172#ch1205؛ وهآرتس، 30/8/2011؛ وانظر: Labour suspends Jeremy Corbyn over reaction to anti-Semitism report, site of British Broadcasting Corporation (BBC), 29/10/2020, https://www.bbc.com/news/uk-politics-54730425
انظر كذلك الدراسة المهمة الخاصة بالبعثات الإسرائيلية ودورها في تهجير اليهود: Pauline Peretz, “The action of Nativ’s emissaries in the United States: A trigger for the American movement to aid Soviet Jews, 1958–1974,” Bulletin du Centre de Recherche Francais a Jerusalem, no. 14, 2004, pp. 112–128. (Translated into English from French)
[15] Yehouda Shenhav, “Ethnicity and National Memory: The World Organization of Jews from Arab Countries (WOJAC) in the Context of the Palestinian National Struggle,” British Journal of Middle Eastern Studies, issue 1, vol. 29, 2002, pp. 28–45.
[16] New Poll Shows Atheism on Rise, With Jews Found to Be Least Religious, Haaretz, 20/8/2012, https://www.haaretz.com/jewish/jews-least-observant-int-l-poll-finds-1.5287579; and Jeff Diamant, “Jews in U.S. are far less religious than Christians and Americans overall, at least by traditional measures,” site of Pew Research Center, 13/5/2021, https://www.pewresearch.org/fact-tank/2021/05/13/jews-in-u-s-are-far-less-religious-than-christians-and-americans-overall-at-least-by-traditional-measures
[17] Jeanne Favret-Saada, “A fuzzy distinction: Anti-Judaism and anti-Semitism,” Hau: Journal of Ethnographic Theory, vol. 4, no. 3, 2014, pp. 335–340,https://www.journals.uchicago.edu/doi/full/10.14318/hau4.3.021
[18] لمزيد من التفاصيل، انظر: Ibid.
[19] What’s the difference between anti-Semitism and anti-Zionism?, BBC, 29/4/2016, https://www.bbc.com/news/magazine-36160928
[20] Benjamin Ward, Europe’s Worrying Surge of Antisemitism, site of Human Rights Watch, 17/5/2021, https://www.hrw.org/news/2021/05/17/europes-worrying-surge-antisemitism
[21] Jewish groups sound alarm on rise in antisemitic hate crimes amid tensions between Israel, Hamas, USA TODAY, 22/5/2021,https://www.usatoday.com/story/news/nation/2021/05/22/ israel-hamas-conflict-jewish-groups-sound-alarm-antisemitism-us/5220334001
[22] Jewish groups sound alarm on rise in antisemitic hate crimes amid tensions between Israel, Hamas, USA TODAY, 22/5/2021.
[23] Who’s behind recent rise in US anti-Semitic attacks?, BBC, 28/5/2021, https://www.bbc.com/news/world-us-canada-57286341
[24] Officials Say Hate Crimes Against Jews Are Growing In The Aftermath Of Gaza Violence, site of npr, 24/5/2021, https://www.npr.org/2021/05/24/999790233/officials-say-hate-crimes-against-jews-are-growing-in-the-aftermath-of-gaza-viol

للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“ … أ. د. وليد عبد الحي (18 صفحة، 2.2 MB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 4/10/2021



جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من المقالات والتحليلات السياسية: