مدة القراءة: 4 دقائق

الصفحات الأولى من “دراسة علميّة: السياسة الخارجية للسلطة الفلسطينية 1993-2013 … أ.د. وليد عبد الحي” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الأولى من الدراسة العلميّة … للاطلاع على الدراسة كاملةً اضغط هنا  (36 صفحة، 928 KB)

دراسة علميّة: السياسة الخارجية للسلطة الفلسطينية 1993-2013 … أ.د. وليد عبد الحي


تمهيد:
لم يعرف الفقه الدستوري —فيما نعلم— حالة دولية مماثلة للحالة الفلسطينية من حيث تعقيدات هيكلية السلطة السياسية من ناحية، وصلاحيات الأجهزة السياسية المعنية بالشؤون الخارجية من ناحية أخرى، وهو ما يستدعي الأخذ بمنهج غير تقليدي لتحليل السياسة الخارجية للسلطة الفلسطينية، ويكفي التمعن في الملابسات التالية:


1. منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية سنة 1993 (بعد اتفاقات أوسلو) التبست البنية والوظيفة بين منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني طبقاً لقرارات الجامعة العربية، والمراقب في الأمم المتحدة، وذات التمثيل الدبلوماسي ولو بمستويات مختلفة مع عدد واسع من الدول والمنظمات الدولية) وبين السلطة التي أفرزتها “تفاهمات أوسلو”، وهو ما اتضح في التوتر الذي ساد بين الدائرة السياسية في المنظمة وبين وزارة خارجية السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة في فترات مختلفة منذ ذلك الحين، حول استراتيجية إدارة العلاقات الفلسطينية الدولية.
2. منذ قيام السلطة الفلسطينية 1994 تمّ إنشاء وزارة التخطيط والتعاون الدولي لتقوم مقام وزارة الخارجية، وفي سنة 2003 أنشئت وزارة الخارجية، تلا ذلك إقرار قانون السلك الدبلوماسي سنة 2005، ثم إقرار الهيكل التنظيمي لوزارة الخارجية سنة 2006، أي أن الفترة الممتدة من 1994 إلى 2006 (12 سنة) لم يكن لدى السلطة وزارة خارجية بالمعنى المتكامل، لإدارة علاقاتها الدولية من خلال هذه الوزارة.


ومن الضروري التنبه إلى أن قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني لسنة 2005 ينص على “إن إقرار المجلس التشريعي لقانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني لا يشكل مساساً أو انتقاصاً من منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي مرجعية السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك التزاماً بما ورد في مقدمة القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية” ، وهو الأمر الذي يزيد حدود الصلاحيات بين الأجهزة المعنية بالسياسة الخارجية المزيد من التعقيد.


ومع التواري التدريجي لدور الدائرة السياسية في منظمة التحرير بفعل سياسات متعمدة، أكثر منها بفعل تطبيقات قانونية، تنامى دور وزارة الخارجية للسلطة، غير أنه مع تولي الدكتور سلام فياض وزارة المالية في السلطة، تمّ اتخاذ قرار بإنشاء دائرة العلاقات الدولية في وزارة المالية سنة 2003، كدائرة تتبنى سياسات السلطة الوطنية الفلسطينية بمؤسساتها الوطنية المختلفة السياسية، والاقتصادية، والمالية محلياً وخارجياً.


ونظراً للظروف الاقتصادية المعقدة والعسيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لا سيّما بعد الانتفاضة الثانية سنة 2000، تعاظم دور هذه الدائرة على حساب دور وزارة الخارجية، لا سيّما في ميادين مثل “الحفاظ على العلاقات مع الشركاء الدوليين للسلطة من جهة، لتوفير مصادر مالية من الجهات المانحة وغيرها، من أجل دعم السلطة وتمكينها من الوفاء بالتزاماتها للمواطنين، وتقييم وتنسيق ومتابعة العلاقات بين السلطة الوطنية الفلسطينية والمانحين الدوليين من جهة، وبين مؤسسات السلطة من جهة أخرى”. وعند التمعن في استراتيجية هذه الدائرة طبقاً لما هو مدون على موقعها الإلكتروني، يزداد اللبس في حدود الاختصاصات في مجال إدارة العلاقات الدولية بين السلطة والمجتمع الدولي، إذ تشتمل وظائف هذه الدائرة على:


التنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي من أجل رفع الحصار عن حركة البضائع والأشخاص، والتقدم نحو السلام، الذي يتطلب دعم السلطة للوفاء بالتزاماتها نحو مواطنيها من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى، وحثّ المجتمع الدولي وخاصة اللجنة الدولية الرباعية من أجل ممارسة الضغوط على إسرائيل لإظهار التزامها، من خلال البدء باتخاذ إجراءات فورية وملموسة على أرض الواقع، في ظلّ التفاهم المشترك الذي تمّ التوصل إليه في أنابوليس، التي تشتمل على رفع القيود المادية والإدارية المفروضة على التنقل والحركة التجارية، وإنهاء الحصار؛ من أجل المباشرة في تحويل هذه الرؤية إلى حقيقة واقعة، من خلال تنفيذ خطة السلطة الوطنية للتنمية والإصلاح وبدعم من المجتمع الدولي. كما تتولى هذه الإدارة الاتفاقات والعلاقات الدولية، إذ تضطلع بمهام تمثيل الوزارة في المحافل والمفاوضات بناء على تعليمات الإدارة العامة للعلاقات الدولية والمشاريع. إلى جانب الإشراف والتنسيق والتواصل مع الدول العربية والأجنبية، والإشراف على كافة الجوانب المتعلقة بالتغطية الإعلامية بما فيها التصريحات الإعلامية، ومتابعة إجراءات البروتوكول الخاصة بالدائرة بشكل خاص والوزارة عموماً. والمتابعة والإشراف على استمرار التعاون مع الوزارات المختلفة، لضمان نجاح كافة أشكال التعاون الدولي بالانسجام مع السياسة العامة للوزارة، ومتابعة تقديم التقارير الدورية في موعدها .


3. من ناحية أخرى، فإن المكانة القانونية الدولية للسلطة الفلسطينية تعبر عن ملابساتها الصفة التي منحتها الأمم المتحدة للبعثة الفلسطينية فيها بعد قرار الجمعية العامة في 29/11/2012، إذ أصبحت تسمى “البعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة” Permanent Observer Mission of the State of Palestine to the United Nations  بدلاً من بعثة “الكيان” الفلسطيني، وهو أمر محل نقاش قانوني معقد بين نظريتين قانونيتين هما: النظرية المنشئة Declarative theory والنظرية المقررة Constitutive Theory ، مع ضرورة التنبه إلى أن تفاهمات أوسلو أشارت إلى أن العلاقات الدولية للسلطة الفلسطينية هي من ضمن الموضوعات التي تبحث لاحقاً.


4. من ناحية أخرى فإن التجزؤ الذي أصاب الجسد السياسي الفلسطيني زاد الأمور تعقيداً لتحليل شبكة العلاقات الدولية الفلسطينية، فبعد الصراع الذي جرى في قطاع غزة بعد سنة 2007، أصبح لفلسطين وزارتا خارجية تعملان دون أدنى تنسيق بينهما وباتجاهين متعاكسين في أغلب المواقف، وهو أمر يجعل توصيف السياسة الخارجية الفلسطينية أمراً في غاية التعقيد.


استناداً لكل هذه الملابسات البنيوية، سنعمل على تناول السياسة الدولية للسلطة الفلسطينية على أساس تحديد الاتجاهات trends العامة لها في الأبعاد الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية، وخاصة مع الدول الكبرى أو المنظمات الدولية والإقليمية الأكثر أهمية في المجتمع الدولي.

النص المعروض هو للصفحات الأولى من الدراسة العلميّة … للاطلاع على الدراسة كاملةً اضغط هنا  (36 صفحة، 928 KB)