مدة القراءة: 5 دقائق

الصفحات الخمس الأولى من  الفصل الأول: “التوزيع الجغرافي والديموغرافي للاجئين الفلسطينيين في لبنان” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الأول كاملاً اضغط هنا  (56 صفحة، 948 KB)


مقدمة الكتاب:

هذه هي الطبعة الثانية لهذا الكتاب، بعد تحديث الكثير من محتوياته، حسب الإحصائيات والمعلومات المتوفرة حتى أواخر سنة 2011؛ مع الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان فإن أحدث المعلومات المتوفرة في ذلك التاريخ، تعود إلى سنوات سابقة.

أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي قصة معاناة مستمرة منذ أكثر من ستين عاماً. في لبنان يُحرم الفلسطينيون من عدد من حقوقهم المدنية، ويُحرمون من حقوق العمل في الكثير من المهن، كما يُحرمون من حقوق التملك. وتشكل البيئة السياسية والقانونية اللبنانية بيئة طاردة للفلسطينيين بحجة منع توطينهم. ولكن الحقيقة هي أن الفلسطينيين لا يرغبون أصلاً في التوطين، وإنما يرغبون بمعاملة إنسانية عادلة، غير مرتبطة بإعطائهم الجنسية، أو الحقوق السياسية الخاصة بأقرانهم اللبنانيين. كما أن الاحتجاج بأن الإبقاء على معاناة الفلسطينيين وحرمانهم من حقوق الحياة الإنسانية الكريمة، يعين على استمرار اهتمامهم بقضيتهم، هي حجة غير مستندة إلى أية أسس صحيحة. إذ إن استمرار المعاناة يدفع الفلسطينيين للهجرة إلى دول أوروبا الغربية وأمريكا وكندا وأستراليا وأمريكا الجنوبية، حيث توجد مخاطر أكبر في توطينهم وذوبانهم، وابتعادهم عن مركز الاهتمام بقضيتهم. كما أن الفلسطينيين الذين حصلوا على حقوقهم المدنية في البلاد العربية لم ينسوا قضيتهم، ولم يتوقفوا عن العمل على تحرير أرضهم، ومثال ذلك الفلسطينيون في سورية، وكذلك في الكويت التي شهدت نشأة حركتي فتح وحماس في الخارج.

يعرض هذا الكتاب أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الديموغرافية والقانونية والتعليمية والاجتماعية، كما يعرض مشاريع التسوية السياسية المتعلقة باللاجئين، وهناك فصل خاص حول مأساة مخيم نهر البارد.

والكتاب موثق من الناحية العلمية، ومكتوب بطريقة موضوعية، ويستعين بالكثير من الجداول والأرقام والإحصائيات التي تدعم الحقائق والمعلومات الواردة في النصوص.

نسأل الله سبحانه، أن يفيد هذا الكتاب في تسليط الضوء على قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأن تُسهم المعلومات الواردة فيه في دفع صناع القرار اللبناني إلى التخفيف من معاناة إخوانهم الفلسطينيين.

المحرر

***

الفصل الأول: التوزيع الجغرافي والديموغرافي للاجئين الفلسطينيين في لبنان

علي هويدي

مقدمة:

ظهرت أهمية العامل الديموغرافي والجغرافي للاجئين الفلسطينيين في الصراع العربي مع المشروع الصهيوني، عندما تمّ طرح قضية اللاجئين على طاولة المفاوضات. كما تنبّه إليه رواد الاستيطان اليهودي منذ اللحظات الأولى، فقد أطلق اللورد شافتسبري Shaftesbury مقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” منذ القرن التاسع عشر . وبرزت كذلك أهمية الصراع الديموغرافي والجغرافي من خلال ما عبّر عنه الجنرال الإسرائيلي المتقاعد شلومو غازيت Shlomo Gazit عندما قال: “إن الخطر الداهم على إسرائيل هو الخطر الديموغرافي، وإذا لم يتمّ علاجه خلال جيل أو جيلين؛ فإن دولة إسرائيل لن تستمر في القيام كدولة يهودية صهيونية” .

وليس بمستغربٍ أن تعُدَّ الباحثة اليهودية دونا آرزت Donna Arzt، مخططاً تحت عنوان “إعادة توزيع الفلسطينيين في العالم” يهدف إلى إعادة توزيع اللاجئين الفلسطينيين على دول منطقة الشرق العربي وبعض دول الغرب كحلٍّ نهائيٍّ للصراع العربي الإسرائيلي، إذ قدرت عدد اللاجئين في لبنان سنة 1995 بـ 372 ألف لاجئ. وافترضت أن عددهم سيصل إلى نحو 482 ألفاً سنة 2005، حيث يمكن توزيعهم في ذلك الوقت بحيث ينتقل 215,874 لاجئاً إلى الدول العربية، و191,436 لاجئاً إلى الخارج، ويبقى 75 ألف لاجئ، يمكن أن يعودوا إلى قراهم الأصلية في الجليل، ويشترط للعودة أن يكون لهم أقارب من الدرجة الأولى، وألا يكون لديهم مشاعر معادية لـ”إسرائيل”…، وإذا رفضت “إسرائيل” دخولهم يمكنهم الاستئناف لدى لجنة دولية ، ولا يدل هذا الاقتراح إلا على عنصرية صاحبه .

وعلى الرغم من بروز أهمية العاملين الديموغرافي والجغرافي للاجئين الفلسطينيين في لبنان تحديداً، ولارتباطه في معظم الأحيان بالتطورات السياسية التي تجري على الساحة اللبنانية الإقليمية أو الدولية، إلا أنه قلما تجد بحثاً متخصصاً لتوزيع اللاجئين بشكل أكاديميٍّ علميٍّ؛ يشكل رافداً للمعلومات للباحثين والدارسين وصناع القرار؛ لذلك سيكون بحثنا هذا منصباً على توزيع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مع ذكر أبرز المدن والقرى الفلسطينية التي طردوا منها، وأعدادهم، وطريقة توزيعهم وأماكنها ابتداءً من النكبة في سنة 1948، وما رافقها من دور لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East (UNRWA) أو الدولة اللبنانية من عملية تسجيل مع تضارب الإحصاءات ووفرتها. كذلك سنتطرق إلى المسجلين وغير المسجلين من اللاجئين، بالإضافة إلى فاقدي الأوراق الثبوتية وأماكن انتشارهم وأعدادهم. بالإضافة إلى التركيز على المخيمات، والتجمعات، والمناطق التي ينتشر فيها اللاجئون، والتجمعات الخاصة بالمهجّرين من مخيمي تل الزعتر والنبطية، وسنتحدث عن هجرة اللاجئين إلى الخارج، وعن مخاوف الدولة اللبنانية غير الواقعية من التوطين والتي أدّت إلى حرمان الفلسطيني من تحسين ظروفه السكنية، وسنتطرق إلى الملكية العقارية للاجئين في لبنان مقارنة بتملك الأجانب، مع تسليط الضوء على الفئات العمرية للاجئين، وتوقعات الزيادة بين السكان في العقدين القادمين.

أولاً: لجوء الفلسطينيين إلى لبنان:

إثر النكبة التي حلَّت بالشعب الفلسطيني سنة 1948، لجأ العديد من سكان المدن والقرى والأرياف الفلسطينية إلى دول الجوار؛ الأردن، وسورية، والعراق، ومصر، والضفة الغربية، وقطاع غزة، ولبنان، وتراوح عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا إلى المغادرة إلى لبنان بعد نكبة فلسطين ما بين 100-130 ألف لاجئ فلسطيني قدم معظمهم قبل إعلان دولة “إسرائيل” . ويشير سلمان أبو ستة في كتابه “حق العودة مقدّس وقانوني وممكن” إلى أن “القوات اليهودية طردت أكثر من نصف اللاجئين وهم تحت حماية بريطانيا، وقبل إعلان دولة إسرائيل، وقبل دخول القوات العربية فلسطين” .

وشكّل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان حينها حوالي 13.8% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين الذي قدر عددهم من قبل لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، والمعروفة باسم “لجنة كلاب” Clapp Committee، بحوالي 760 ألف لاجئ، وذلك في تقرير اللجنة المقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة United Nations General Assembly (UNGA) سنة 1949.
أمّا القرى والمدن الفلسطينية التي اقتلع منها الفلسطينيون فقد أظهرت البيانات التي جمعتها الأونروا بين سنتي 1950 و1951 أن 59.9% من اللاجئين قدموا إلى لبنان من منطقة الجليل، وتحديداً من القرى التابعة إلى قضاء عكا، وبيسان، والناصرة، وصفد، وطبريا؛ في حين قدم حوالي 28.14% من حيفا، كما تمّ تهجير حوالي 11% من مناطق يافا واللد والرملة. وهناك أقلية بلغت حوالي 1.43% هربت من القدس وجوارها، وأقل من ذلك من الضفة الغربية من مناطق نابلس وجنين، ونسبة هؤلاء لمجموع اللاجئين الذين هربوا إلى لبنان لم تتجاوز 0.12% .

ثانياً: الأونروا وتسجيل اللاجئين:

إثر طرد العصابات الصهيونية للفلسطينيين من قراهم ومدنهم الآمنة، لعبت المنظمات الدولية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر International Committee of the Red Cross (ICRC)، وجمعيات خيرية دولية أخرى، ومنظمات غير حكومية دوراً بارزاً في تقديم المساعدات الطارئة للاجئين الفلسطينيين. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1948 أسست الأمم المتحدة United Nations (UN) منظمة تسمى “هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين”؛ وذلك لتقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين، وتنسيق الخدمات التي تقدمها لهم المنظمات غير الحكومية، وبعض منظمات الأمم المتحدة الأخرى؛ مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) The United Nations Children’s Fund (UNICEF)، ومنظمة الصحة العالمية World Health Organization (WHO)، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدةThe Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO)، والمنظمة العالمية للاجئين.

وفي 8/12/1949 وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)؛ لتعمل كوكالة متخصصة ومؤقتة، على أن تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات، ويمتد آخر تجديد حتى 30/6/2008، وتعرّف الأونروا نفسها بأنها وكالة إغاثة وتنمية بشرية، تُعنى بتوفير التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية، والمعونة الطارئة للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة، والضفة الغربية، والأردن، ولبنان، والجمهورية العربية السورية . وعرّفت الأونروا اللاجئ الفلسطيني بأنه الشخص الذي كانت فلسطين مقراً لإقامته “بين شهري يونيو/ حزيران 1946 ومايو/ أيار 1948″، وأن يكون قد فقد مسكنه ومصدر رزقه “نتيجة للحرب العربية الإسرائيلية عام 1948” .

وعند مباشرة عمل الوكالة الدولية “الأونروا” مهامَّها في سنة 1950 تبنت أرقام لجنة كلاب المذكورة، وتمّ تسجيل اللاجئين بشكل رسمي بحيث أصبح لكل لاجئ فلسطيني رقم متسلسل، ومنذ ذلك الحين ترى المنظمة الدولية أن خدماتها موجهة فقط “للاجئين المسجلين لديها منذ تاريخ 1/5/1951” ولم تشمل الفلسطينيين الذين اضطروا إلى الخروج بعد هذا التاريخ. إلا أن الأونروا بدأت بتقديم جزء من “الخدمات الصحية (الاستشفاء) للاجئين غير المسجلين أو ما يعرف بفئة ((Not Regristered NR ابتداءً من كانون الثاني/ يناير 2004، ويشترط في ذلك أن يبرز اللاجئ الفلسطيني إثباتاً بأنه مسجّل في الدولة اللبنانية لدى لوائح وزارة الداخلية” .

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الأول كاملاً اضغط هنا  (56 صفحة، 948 KB)