مدة القراءة: 8 دقائق

تقدير استراتيجي (40) – كانون الأول/ ديسمبر 2011

ملخص:

وصل الطلب الفلسطيني للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين، المقدم إلى مجلس الأمن إلى طريق مسدود، بعد اصطدامه بحاجز عدم الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة، التي بدونها لا تضطر الإدارة الأميركية إلى استخدام حق النقض “الفيتو” التي هددت باستخدامه؛ وفي ظل عدم اتخاذ القيادة الفلسطينية قراراً بعرضه على التصويت أو بالتوجه إلى الجمعية العامة للحصول على العضوية المراقبة، أو إلى الوكالات التابعة للأمم المتحدة، للحصول على العضوية الكاملة فيها. فالقيادة لا تزال تدرس إمكانية طرح الطلب على التصويت، وما يعنيه ذلك من مواجهة احتمال الهزيمة بعدم الحصول على الأصوات المطلوبة، أو استخدام الفيتو الأميركي إذا حصلت عليها، الأمر الذي سيكون له تداعيات كبيرة على العلاقات الأميركية – الفلسطينية في الحالتين، وخصوصاً في الحالة الثانية.

 الخلفية التاريخية:

حاول الفلسطينيون والعرب، خصوصاً بعد هزيمة 1967، وبعد الاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني سنة 1974، توظيف الشرعية الدولية لصالح القضية الفلسطينية عبر القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، التي بالرغم من الغبن التاريخي الذي احتوته بالنسبة إلى الحقوق الوطنية الطبيعية والتاريخية الفلسطينية، إلا أنها تضمنت الحد الأدنى من هذه الحقوق المتمثلة في: حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير الذي يشمل حقه في إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وحق اللاجئين في العودة والتعويض على أساس قرار 194.

وصدرت الكثير من القرارات التي أعادت التأكيد على القرارات الدولية السابقة التي تحفظ الحقوق الفلسطينية، وصدرت قرارات جديدة تكرس هذه الحقوق، واصطدمت عشرات مشاريع القرارات التي قدمت إلى مجلس الأمن بالفيتو الأميركي.

بعد توقيع اتفاق أوسلو وما تضمنه من تنازلات كبيرة، كان منها الاعتماد على التفاوض الثنائي بعيداً عن الأمم المتحدة وإهمال المؤسسات الدولية إلى أن انتهت المرحلة الانتقالية المنصوص عليها في اتفاق أوسلو دون التوصل إلى اتفاق نهائي، وبعد فشل قمة كامب ديفيد التي حاول فيها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون إنقاذ ما يسمى “عملية السلام” قبل انهيارها التام، وبعد شن العدوان الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية ورئيسها الرئيس الراحل ياسر عرفات؛ عادت منظمة التحرير إلى المؤسسات الدولية، وحصلت على الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي حول الجدار التي تضمنت كنزاً سياسياً وقانونياً هائلاً يمكن استخدامه ليس ضد إقامة الجدار فقط، وإنما ضد الاحتلال باعتباره احتلالاً غير شرعي وغير قانوني، وبالتالي ضد كل ما أقامه الاحتلال من استيطان وجدران ومصادرة وتقطيع أوصال، وما مارسه من سياسات وإجراءات باعتبارها غير شرعية وغير قانونية.

ولم يتم تفعيل الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي مع أنها توفر سلاحاً هاماً، لأن الرهان على المفاوضات عاد بقوة، خصوصاً بعد وفاة ياسر عرفات في 11/11/2004. واستؤنفت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين طوال عام 2008 وفشلت في التوصل إلى اتفاق، وتكرر الفشل بعد إحياء المفاوضات وانهيارها بعد استئنافها في التاسع من أيلول 2010.

بعد مسلسل الفشل المتكرر للمفاوضات وانهيار عملية السلام، ترسخت لدى القيادة الفلسطينية فكرة ضرورة التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية لدولة فلسطين للأسباب الآتية:

أولاً: هناك “ما يشبه الوعد الأميركي” الذي ورد على لسان الرئيس الأميركي في خطابه السنوي في افتتاح الدورة العامة للأمم المتحدة في أيلول عام 2010، حيث تمنى أن يرى مقعداً لفلسطين عند انعقاد الدورة القادمة.

ثانياً: صدور بيان من اللجنة الرباعية الدولية يؤكد على التزامها بإنجاح المفاوضات الثنائية الفلسطينية – الإسرائيلية، ووصولها إلى اتفاق خلال عام يتضمن إقامة دولة فلسطينية بحلول أيلول عام 2010.

ثالثاً: أن الخطة التي أقرتها الحكومة الفلسطينية بعنوان “بناء المؤسسات” لإنهاء الاحتلال وإنجاز متطلبات الدولة الفلسطينية، مدتها عامين، تنتهي في أيلول عام 2011.

وبدأت ملامح السياسة الفلسطينية تظهر بعد تداعيات تقرير غولدستون، ومن خلال خطاب الرئيس الفلسطيني في قمة سرت العربية 2010، حيث تحدث عن خيارات سبعة، كان من ضمنها اللجوء إلى الأمم المتحدة كمكمل ومساعد وليس كبديل عن المفاوضات، التي استمر الرئيس “أبو مازن” يردد، حتى الآن، بأنها خياره الأول والثاني والثالث.

وتجلت السياسة الجديدة بصورة أوضح بعد الربيع العربي وتراجع الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية عن وعودهما، ومع بداية حراك شبابي فلسطيني ضاغط من أجل إنهاء الانقسام.

لقد تركت القيادة الفلسطينية تفاصيل التوجه إلى الأمم المتحدة غامضة، خصوصاً حول ما إذا كانت ستمضي في هذا التوجه، أم ستقبل باستئناف المفاوضات. أو على ماذا ستفعل، وهل ستقدم الطلب إلى مجلس الأمن أولاً، أم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لدرجة أنها كانت تشدد أحياناً على ضرورة الحصول على العضوية الكاملة، وتوحي أحياناً أخرى، وكأن هذا مجرد مناورة تستهدف تحسين الموقف الأميركي والأوروبي، ليمارس الضغط على إسرائيل للموافقة على الطلبات الفلسطينية، من أجل استئناف المفاوضات. وأن نيتها الحقيقية هي تقديم الطلب إلى الجمعية العامة للحصول على العضوية المراقبة، إلى أن حسمت الأمر وقدمت الطلب إلى مجلس الأمن.

 

السلوك الفلسطيني

تباينت ردود الفعل الفلسطينية على التوجه إلى الأمم المتحدة:

– منظمة التحرير وأوساط شعبية واسعة اعتبرته تغييراً يستحق التأييد في السياسة التقليدية التي اعتُمدت منذ توقيع اتفاق أوسلو.

– فيما حذرت قطاعات سياسية وشعبية أخرى من مخاطر هذا التوجه خشية من أن يؤدي طرح طلب الاعتراف بالدولة إلى الأمم المتحدة إلى المساس بحق تقرير المصير لجميع الشعب الفلسطيني وحق العودة ومكانة منظمة التحرير، على أساس أن قبول الطلب الفلسطيني يعني بأن مقعد فلسطين الذي تشغله منظمة التحرير ستشغله الدولة الفلسطينية.

– كما رفضت قطاعات سياسية وشعبية وفلسطينية ثالثة التوجه الفلسطيني من حيث المبدأ، لأنه يكرس التنازل عن 78% من فلسطين، ويعترف بإسرائيل دولة يهودية، كما يظهر بالإشارة إلى قرار 181، ويمس بحق عودة اللاجئين، وكذلك لأنه يتم كخطوة انفرادية دون إشراك الفصائل والقطاعات الأخرى التي لا تزال خارج المنظمة، خصوصاً حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتأتي في ظل استمرار الانقسام الذي سيضر حتى بفرص نجاح الطلب الفلسطيني.

وهذا ما حصل بالفعل، فالتقرير الذي رفعته اللجنة الفرعية المنبثقة عن مجلس الأمن بخصوص الطلب الفلسطيني جاء فيه: إن الدولة الفلسطينية لا تمارس سيطرتها على 40% من الأرض التي ستقام عليها الدولة، وعلى جزء من السكان، وهذا ما استخدمته الدول التي هددت برفض الطلب، أو الامتناع إذا عُرِضَ الطلب للتصويت.

وإذا نظرنا إلى الخارطة الفلسطينية على ضوء تقديم الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة، خصوصاً بعد الخطاب التاريخي الهام الذي ألقاه أبو مازن في الأمم المتحدة، نجد تأييداً واسعاً له، مع وجود أصوات مؤيدة أو رافضة أو متحفظة عليه في كل الفصائل بلا استثناء، حتى في حركة فتح وفصائل منظمة التحرير، لأسباب مبدئية أو تكتيكية، فهناك من يريد العودة إلى الأصول والمنطلقات الأساسية، وهناك من يعطي الأولوية للوحدة أولاً، وهناك من تحفظ عليه لقناعته بعدم جدوى الذهاب إلى الأمم المتحدة (سواء إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة، أحدهما أو كلاهما)، لأنه يؤدي إلى مواجهة حادة مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ويقلل من فرص استئناف المفاوضات.

إن تقديم الطلب إلى مجلس الأمن بالرغم من الدعوات العربية والمبادرة الأوروبية، وتحديداً الفرنسية التي طالبت بتقديم الطلب إلى الجمعية العامة مقابل دعم أوروبي له على أساس التزام فلسطين بعدم اللجوء إلى مجلس الأمن واستئناف المفاوضات، وعدم تقديم طلبات للانضمام إلى الوكالات التابعة للأمم المتحدة؛ يدل على أن القيادة الفلسطينية متمسكة بالحصول على العضوية الكاملة، وفي نفس الوقت، لا ترغب في الدخول في صدام مع الإدارة الأميركية التي تعارض التوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وإن كان الخيار الأخير أقل إحراجاً لها لأنه يجنبها استخدام الفيتو.

كما يدل أيضاً على أن القيادة الفلسطينية متمسكة بخيار المفاوضات، وأن ذهابها إلى الأمم المتحدة ليس بديلاً عن المفاوضات، وإنما من شأنه أن يعزز احتمالات استئنافها؛ ما يجعل اللجوء إلى الأمم المتحدة مجرد تكتيك لتحسين فرص استئناف شروط المفاوضات، وليس إستراتيجية جديدة متكاملة.

لا يصعب الحصول على العضوية غير الكاملة (المراقبة) من الجمعية العامة، حتى دون قبول شروط المبادرة الأوروبية، لأن الأغلبية المطلوبة لصدور القرار في الجمعية العامة مضمونة، فالتصويت يُحْسَب من خلال عدد أصوات الدول المؤيدة والمعارضة، ولا يَحسِب الدول الغائبة أو الممتنعة عن التصويت.

إن تحويل مقعد فلسطين من كيان مراقب إلى دولة مراقبة قد يمكنها من الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، والحصول على عضوية كاملة في الوكالات التابعة للأمم المتحدة، وهذا قد يعزز مكانة فلسطين سياسياً وقانونياً، ويساعد الموقف الفلسطيني المنادي بأن أراضي الدولة التي سيعترف بها محتلة وليس متنازعاً عليها، ولا يمنع مواصلة تقديم الطلب في مجلس الأمن وإعادة تقديمه مرة تلو الأخرى إلى أن يحصل على موافقة مجلس الأمن؛ غير أنه في الوقت نفسه لا يمنع من ضرورة الانتباه إلى المخاوف القانونية التي حذرت منها الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية.

 

السلوك الإسرائيلي:

إن الموقف الإسرائيلي معارض مبدئياً، وبشكل مطلق، للجوء إلى الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لأنه يدرك أن مشاركة الأمم المتحدة ستستدعي القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ويضع ثقلها في خدمة القضية الفلسطينية، الأمر الذي يساعد الفلسطينيين على تحقيق مطلبهم بأن يصبح التفاوض على أساس مرجعية دولية ملزمة لتطبيقها وليس التفاوض حولها، وفقاً للسياسة التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وأدت إلى تآكل الموقف التفاوضي الفلسطيني من إعلان الاستقلال والبرنامج الوطني المقر في المجلس الوطني عام 1988 إلى الموافقة على مبدأ تبادل الأراضي وتقسيم القدس وضم الكتل الاستيطانية، وإيجاد حل عادل “متفق عليه” لقضية اللاجئين التي تمت الموافقة على حلها وفقاً لمعايير كلينتون التي لا تتضمن حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، ولا تحمل إسرائيل المسؤولية القانونية والتاريخية والسياسية عما حل بهم منذ النكبة حتى الآن.

لقد فضلت إسرائيل دائماً المفاوضات الثنائية بعيداً عن القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وعن مشاركة أي طرف حتى الولايات المتحدة، لأنها تريد أن تستفرد بالفلسطينيين، ليجد المفاوض الفلسطيني نفسه ضعيفاً عاجزاً أمام الاختلال الفادح في ميزان القوى والتطبيق المتسارع للمشاريع التوسعية والاستيطانية والعنصرية الإسرائيلية التي تهدد بضياع ما تبقى من أمل بتحقيق حل متوازن.

التداعيات:

لقد لاحظنا أن الذهاب إلى الأمم المتحدة، والحصول على العضوية الكاملة في اليونسكو، أدى إلى تجميد مؤقت للمساعدات الأمريكية، ومنع تحويل العائدات الضريبية الفلسطينية التي تجمعها إسرائيل وتصل إلى 100 مليون دولار شهرياً، أي ثلثي الإيرادات الفلسطينية. ومن المحتمل أن تؤدي الإجراءات الإسرائيلية والأمريكية إلى تقويض السلطة، والمساس بدور الأجهزة الأمنية التي تقوم بالتنسيق والتعاون الأمني مع قوات الاحتلال. كما قد تدفع الفلسطينيين إلى خيارات وبدائل أخرى بعيداً عن مسار المفاوضات الثنائية، مثل العودة إلى خيار المقاومة، ولو من خلال التركيز على المقاومة الشعبية وعلى حملات المقاطعة لـ”إسرائيل”، أو إلى التهديد بحل السلطة أو إعادة النظر في شكلها ووظائفها والتزاماتها، أو إنجاز المصالحة الوطنية واستعادة البعد العربي للقضية الفلسطينية.

وقد لجأت السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ عدد من الإجراءات المعبّرة عن استيائها من تعثّر مسار التسوية، بما في ذلك تنظيم حملة لمقاطعة المنتجات التي تنتجها المستوطنات الإسرائيلية، ودعت إلى تعزيز المقاومة الشعبية وتطوير حملات المقاطعة لـ”إسرائيل”، وتم توقيع اتفاق المصالحة الوطنية في 4/5/2011 في القاهرة، كما تم تشكيل الإطار القيادي المشترك لمنظمة التحرير الفلسطينية في 22/12/2011، بمشاركة كافة القوى الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي. وتتزايد حالياً الدعوات الرامية إلى تطبيق كافة بنود المصالحة. وهذا إن حدث على أساس الشراكة الحقيقية والقواسم الوطنية المشتركة على أسس ديموقراطية، فإنه سيقوي الفلسطينيين ويزيد مناعتهم في مواجهة التهديدات والضغوطات الأمريكية والإسرائيلية.

ومن جانب آخر، فإن السلطة الفلسطينية تعهدت بعدم القيام بأي خطوات أحادية في الأمم المتحدة، خصوصاً عدم تقديم طلبات جديدة في الجمعية العامة والوكالات التابعة لها، وتأجيل تشكيل الحكومة التوافقية الفلسطينية إلى ما بعد 26/1/2012 القادم (موعد انتهاء المهلة التي منحتها اللجنة الرباعية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي حتى يقدما رؤيتيهما حول الحدود والأمن). وهو ما يعني أن السلطة الفلسطينية تريد إبقاء احتمال العودة إلى مسار التسوية السلمية قائماً. أما “إسرائيل” فإنها لن تقدم رؤيتها للتسوية إلا بعد استئناف المفاوضات الثنائية المباشرة، وهذا موقف يَحظى بتأييد الإدارة الأمريكية، بدليل أنها دعت مجدداً لاستئناف المفاوضات أولاً.

السيناريوهات المحتملة لتطور الأحداث:

السيناريو الأول: الاستمرار في تقديم الطلب إلى مجلس الأمن وعدم عرضه للتصويت إلى أن يتم الحصول على الأصوات المطلوبة، وهذا متعذر الآن، ويمكن أن يصبح أصعب مع بداية العام القادم، حيث سيشهد خروج خمس دول من عضوية مجلس الأمن، أربع دول منها من المرجح أن تصوت لصالح الطلب الفلسطيني، ودخول خمس دول جديدة، ثلاث منها من المرجح أن تصوت لصالحه.

ويحتمل هذا السيناريو إمكانية عرض الطلب للتصويت مع عدم حصوله على الأصوات التسعة المطلوبة، والذهاب بعد ذلك إلى تقديم طلب جديد إلى مجلس الأمن لمرة ثانية وثالثة وهكذا، إلى أن يتم موافقة مجلس الأمن وتحصل فلسطين على العضوية الكاملة.

وهذا السيناريو يُحرج الولايات المتحدة، ولكنه لا يؤدي إلى أي مجابهة أميركية – فلسطينية، وهو مرجح في ظل المعطيات المطروحة حالياً.

السيناريو الثاني: طرح الطلب الفلسطيني للتصويت وحصوله على الأصوات المطلوبة وأكثر، وهذا يؤدي إلى الفيتو الأميركي وحصول مواجهة فلسطينية مع الإدارة الأميركية التي لا تريد أن تظهر أمام العالم، خصوصاً بعد الربيع العربي كطرف يقف ضد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته، خصوصاً أنها أيدت قيامها منذ سنوات عديدة، واعتبرت إقامتها تحقق مصلحة إستراتيجية أمنية أميركية. وهذا السيناريو مستبعد، إلا إذا غيّرت بعض الدول التي ستمتنع عن التصويت مواقفها.
السيناريو الثالث: تقديم طلب للحصول على العضوية المراقبة في الجمعية العامة مع أو بدون تقديم طلبات للحصول على العضوية الكاملة في الوكالات التابعة لها، وهذا السيناريو يؤدي إلى مواجهة فلسطينية أقل حدة مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ولكنها يمكن أن تؤدي إلى قطع المساعدات وتجميد العلاقات ومنع تحويل العائدات الضريبية إلى السلطة الفلسطينية.

التوصيات:

1. ضرورة التمسك بالموقف الفلسطيني بوقف الاستيطان وقفاً تاماً، والموافقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 كشرط لاستئناف المفاوضات، باعتبار ذلك يمثل الحد الأدنى للموقف الوطني الفلسطيني.

2. تقديم طلبات فلسطينية للحصول على العضوية المراقبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، وعدم الخضوع للتهديدات والعقوبات الأميركية والإسرائيلية، وطرح الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن وإعادة طرحه باستمرار، سواء إذا استخدم الفيتو الأميركي ضده، أو لم يحصل على الأصوات التسعة المطلوبة.

3. اعتماد سياسة فاعلة في الأمم المتحدة تقوم على ضرورة تطبيق وتفعيل جميع القرارات والتوصيات الصادرة بخصوص القضية الفلسطينية، بما في ذلك الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية بخصوص الجدار، وتقرير غولدستون.

4. إعطاء الأولوية لإنهاء الانقسام وتطبيق اتفاق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية.

5. التأكيد لأن اللجوء إلى الأمم المتحدة لا يعني بأي حال التنازل عن أيٍّ من الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تحرير أرضه وعودة اللاجئين وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

* يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ هاني المصري بخالص الشكر على كتابته النص الأساسي الذي اعتمد عليه هذا التقدير.

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 22/12/2011