مدة القراءة: 8 دقائق

تقدير استراتيجي رقم (31) – أيار/ مايو 2011.

ملخص التقدير: بالرغم من مراحل الهبوط ومن المعوقات الخارجية والداخلية، تمكنت المقاومة، في عدّة مراحل، من تشكيل تحدّ استراتيجي للكيان الإسرائيلي، وأحياناً نفذت أعمالاً عسكرية وضعت الاحتلال أمام تحديات جديّة.

من الممكن أن تستأنف القيادة الفلسطينية دوراً مقاوماً فاعلاً، في حال وفّرت بعض مقومات نجاح المقاومة، مثل: التوافق على برنامج وطني موحد لتحصين الصف الداخلي أمنياً، وإعداد المقاتلين بما يتلاءم مع مراحل الصراع، وتجلية الأهداف المرحلية والاستراتيجية للمواجهة، وكسب تأييد الشعوب العربية والإسلامية، وتحويل المقاومة إلى برنامج عمل على أجندة هذه الشعوب، ووقف التنسيق الأمني مع العدو.

في ضوء التطورات العربية التي أدت إلى نقل المبادرة ليد الشعوب، من المرجح أن تشهد المقاومة الفلسطينية حالة صعود، يمكن أن تظهر من خلال تخفيف مصر الضغط على قطاع غزة، مع احتمال بروز مقاومات، أو حواضن للمقاومة، بشكل أو بآخر، في الفضاءات الاستراتيجية المحيطة بفلسطين، كما أنه من المتوقع أن تقف الأنظمة العربية الجديدة إلى جانب خيار المقاومة، وأن تفتح الأبواب لفعاليات داعمة للمقاومة، مادية وإعلامية وثقافية، وغير ذلك.

مقدمة:

مرت المقاومة الفلسطينية بعدد من المراحل وبظروف متنوعة، وتذبذب أداؤها وفقاً لمعطيات كل مرحلة وكل ظرف. تصاعدت المقاومة أحياناً، وخبت أحياناً أخرى؛ مرت في الكثير من الأزمات، وأتاها أوقات من الاطمئنان. تحولت في بعض الأحيان إلى ثورة أو حرب كما في مواجهة الاجتياحات الإسرائيلية على لبنان، وفي حالة قطاع غزة في حرب الكوانين عام 2008/ 2009. لقد أزعجت المقاومة الفلسطينية “إسرائيل”، وفي بعض المرات شكلت تحدياً استراتيجياً حقيقياً تعد له “إسرائيل” الإعداد الاستراتيجي كما في انتفاضة الأقصى، وشكلت ظاهرة عسكرية في مرحلة العمليات الاستشهادية التي برزت في تسعينات القرن الماضي، والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

خلال مسيرتها الطويلة تأرجحت أزمات المقاومة الفلسطينية بين معطيات الداخل والخارج، لكن الدواعي الداخلية كانت دائماً الأخطر، والأكثر إعمالاً في جسد المقاومة. لم تكن هناك جدية عالية في العمل المقاوم الفلسطيني من ناحية التدريب والتحصين الأمني والتكتيك العسكري والتسليح، ولم تكن قيادات الفصائل على استعداد دائم لعمل ثوري ملتزم بالمتطلبات الأخلاقية العملية للمقاومة. ولعل تباين التوجهات السياسية بين التيارات المختلفة، كان يشكل عامل الضعف الأبرز.

ولم تسلم المقاومة من القوى الخارجية، التي كانت معنية دائماً بإفشال المقاومة وتمزيق الجسد الفلسطيني، وتحويل الشعب الفلسطيني إلى جمهور من المتسولين. وقد تآلفت قوى خارجية ضد المقاومة ودعماً لـ”إسرائيل”. عملت أنظمة عربية كثيرة على إفشال المقاومة الفلسطينية، كما عملت على إبقاء شعوبها تحت رقبة الاستعمار والفقر والتخلف، وقد عانت المقاومة من العديد من الانتكاسات بسبب سياسات الأنظمة العربية. حيث اختارت بعض الأنظمة الانحياز إلى خيار التسوية وتبعتها عموم الأنظمة العربية من خلال اعتماد مظلة سياسية عربية تقتضي التقيد بالسلام الشامل مع “إسرائيل” مقابل تسوية “متفق عليها” مع السلطة الفلسطينية. ومع ذلك لم تسلم الساحة الفلسطينية الداخلية من تدخل هذا النظام العربي أو ذاك للعبث بثوابت قضيتهم الوطنية.

الآن وقد بدأت موجة التغيير على الساحة العربية، وسقطت بعض الأنظمة، فإنه من المتوقع أن تمر المقاومة بظروف جديدة ومغايرة لظروف الماضي، وأن تتأثر بها من عدة زوايا.

مستويات مقاومة الاحتلال:

مقاومة الاحتلال الإسرائيلي عبارة عن عدة مستويات وهي:

1. المقاطعة، تشمل المقاطعة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، الخ. هذا مستوى من المقاطعة بمقدور كل شخص، ولا يستطيع أحد أن يقول إنه لا يقدر عليه. كل شخص يستطيع الامتناع عن شراء البضاعة الإسرائيلية، إلا إذا كان هناك قرار وطني بأن سلعة ما لا مفر إطلاقاً من شرائها من العدو. هذا مستوى لم تحققه المقاومة الفلسطينية حتى الآن على الرغم من مرور عشرات السنين على اغتصاب فلسطين واحتلال عام 1967.

2. العصيان المدني الكلي، يشمل عدم حمل بطاقات الهوية الإسرائيلية (الهوية التي يحملها الفلسطيني الآن في الضفة الغربية تحمل الرقم الإسرائيلي)، وعدم الالتزام بكل القوانين المرتبطة بالاحتلال، أو تعبر عن مصالحه الأمنية. هذا ممكن الآن، علماً أن مثل هذا المستوى من المقاومة يتطلب شعباً واعياً باحترام النظام العام الداخلي حتى لا تحصل الفوضى، ويتطلب تشكيل لجان شعبية على مستوى من المهنية والرغبة في التضحية من أجل تنظيم شؤون الناس المدنية.

3. الانتفاضة، هي ليست من أعمال المقاومة وإنما من أعمال الاحتجاج، وهي عبارة عن رد فعل شعبي تلقائي ناجم عن الإحباط الشديد ووجود فراغ كبير في مواجهة الاحتلال. عندما تخلو الساحة من المقاومين، ومن آفاق التخلص من الاحتلال، يخرج الناس ليعبروا بطرق متعددة عما يعتمل في داخلهم من ضيق. وقد نشبت منذ عام 1920 في فلسطين حوالي خمس وعشرين انتفاضة، أوصلت الاحتلال (أحياناً البريطاني وأحياناً أخرى الإسرائيلي) كي يراجع حساباته بسبب ارتفاع التكلفة التي يدفعها ثمن احتلال الأرض والسيطرة على السكان، وتقديم وعود، ولكنه كان يتملص منها، بطريقة يساعده فيها أحياناً طرف دولي أو طرف عربي أو آخر فلسطيني.

4. المقاومة المسلحة، هي المستوى الأرقى والأعنف، والأجدى من الناحية التاريخية. تاريخياً، كانت المقاومة المسلحة الأكثر نجاحاً في طرد الاحتلال والاستعمار، وتحقيق حق تقرير المصير والاستقلال الوطني.

مقومات أساسية لنجاح المقاومة:

حتى تنجح مقاومة الاحتلال أو الاستعمار، لا بد من توفر أساسيات ترتكز عليها المقاومة، أذكر منها:

1. التحصين الأمني: من المفترض أن تتوفر لدى المقاومة دقة أمنية، وحرص أمني شديد حتى لا تدخل إلى التنظيم عناصر فاسدة أو جاهلة أو عميلة تعمل لحساب العدو. الخلل الأمني خطير جداً، وهو أخطر من قدرة العدو على جمع معلومات عبر وسائله التقنية. العملاء والجواسيس عبارة عن آفة خطيرة جداً، تهلك المقاتلين والمناصرين والداعمين. الفصائل الفلسطيني فشلت في التحصين الأمني، وفقط خلال السنوات الأخيرة بدأت بعض الفصائل تركز عليه.

2. القدوة القيادية: من المهم أن تكون قيادة المقاومة على مستوى أخلاقي رفيع إن أرادت المقاومة حشد التأييد لها. يجب أن تكون القيادات رزينة، وصاحبة رأي سديد وفضيلة، وعلى استعداد دائم للتضحية وتصدُّر العمل ضد الاحتلال. تستطيع القيادة الأخلاقية أن تجمع الناس حولها بحيث تصبح كل فئات المجتمع داعمة للمقاومة، لا مجرد جماهير منفصلة عن المقاومين. لقد أخرجت المقاومة العديد من القيادات الأخلاقية، لكن يبدو أن القيادة التي كانت تعيش في المدن وتمارس حياة رغدة هي التي تصدرت المواقف في النهاية.

3. إعداد المقاتلين إعداداً جيداً ليكونوا قادرين على ممارسة فنون القتال الفدائي، ضمن إطار الحرب الشعبية، والاستفادة من التكنولوجيا والخبرات والوسائط القتالية المتطورة، بما يتلاءم مع البيئة الفلسطينية، وبما يؤدي إلى إيلام العدو في مواطن ضعفه.

4. توفر وضوح الهدف، والعمل على تحقيقه. عدم الوضوح يؤثر سلباً على المقاتل، ويجعله عرضة للتيه والضياع، ومن الممكن أن يتخلى بذلك بسهولة عن الاستمرار في المقاومة. وهذا يتطلب وضوحاً لدى القيادة، وبرامج ثقافية على المستوى الوطني لكي يتحدث الجميع بذات الهدف. ومن الأفضل أن تتوفر وثيقة تتضمن الأهداف، وتحظى بإجماع مختلف الفئات المنخرطة في المقاومة.

5. العمل المستمر على كسب تأييد الشعوب العربية التي تستضيف المقاومة الفلسطينية، ذلك من أجل الحشد والحماية والتعزيز. وحتى يتحقق ذلك، من واجب الفلسطيني ألا يجعل الفلسطيني من نفسه قائداً على من يستضيفه، وأن يجنح للين والمعاملة الحسنة، وترسيخ مسألة القدوة عملياً، والجدية في مواجهة “إسرائيل”.

6. وقف التنسيق الأمني الراهن، الذي يوفر المساعدة لقوات الاحتلال على كشف أسرار المقاومة والنيل من كوادرها وقياداتها، وتدمير بنيتها التحتية. وجعل مسألة وحدة السلاح ضمن الأجهزة الأمنية، مسألة لاحقة لما بعد ؟زوال الاحتلال” واستعادة الحقوق الوطنية.

البيئة العربية والمقاومة الفلسطينية:

لم تكن البيئة العربية مناسبة لمقاومة فلسطينية، على الأقل منذ هزيمة حزيران/ يونيو 1967، ذلك لأن الأنظمة العربية بقيت ضمن دائرة النفوذ أو الطغيان الغربي، ولم يكن من المتوقع أن تتوفر بيئة مناسبة لمقاومة حقيقية تنطلق من بلدان عربية ضد إسرائيل لأن كل الأنظمة العربية كانت تخشى “إسرائيل”، وتخشى إجراءات غربية وإسرائيلية ضدها، وبالتالي كانت تتفادى الأعمال التي تعرضها للضغوط التي تنجم عن دعم المقاومة أو توفير جو مناسب لها.

وأما في ظل موجة التغييرات التي يشهدها الوطن العربي، من الممكن ملاحظة التطورات التالية:

1. قيادة التغيير في الوطن العربي الآن هي الشعب، والشعب دائماً أحرص على مصالحه وعزته وكرامته من حاكمه. يتعرض الحاكم لضغط المصالح بخاصة مصلحة التمسك بالكرسي، ومن الممكن، كما هو وارد في كل الدول العربية، أن يسير في طريق الصفقات من أجل البقاء على سدة السلطة أو توريث أبنائه. الشعب الآن بخاصة في تونس ومصر يمسك بزمام الأمور، وهو يشكل عنصر الضبط والرقابة، ومن الصعب على المسؤول أن يتلاعب كما كان الأمر في السابق. قد يتعرض الشعب للتضليل أحياناً، لكن تطور الأمور يكشف ما قد خفي، وسرعان ما يقوّم الشعب الخلل.

2. الشعوب العربية أحرص على استقلال الأمة من حكامها، وهي سئمت حياة التبعية والذل والتحكم بها من قبل دول غربية، وهي بالتأكيد ستستمر في تأكيد ذاتها أمام هذه الدول بعد استقرار الأوضاع الداخلية في الدول التي تنجح بها الثورات.

3. الشعوب العربية أقرب بعضها لبعض من الحكام بعضهم لبعض. الأنظمة العربية متنافرة، فيما بينها، في الغالب لأسباب عدة على رأسها تقديم المصالح الذاتية، وعدم امتلاك القدرة على القرار والخضوع لأمزجة خارجية، ولهذا بقيت الأمة ممزقة إلى درجة أن التضامن العربي، في مجالات ثانوية، لم يكن على المستوى المطلوب. الشعوب العربية تختزن في داخلها مشاعر الوحدة والأخوة والمصير المشترك، وستتبلور هذه المشاعر في سياسات عملية تغير كثيراً في جوهر التعاون العربي، وستنعكس حتماً على عمل جامعة الدول العربية. الشعوب العربية ستحمل همومها بصورة شبه جماعية، وتلك الآمال التي كبرت في نفوس العرب في عقود سابقة ستجد طريقاً نحو النمو.

4. سيتم تحديد معالم أنظمة عربية جديدة وفق معايير الانتخابات وحرية الاختيار، وصحيح أن فكرة حرية الاختيار تحتاج لبعض الوقت حتى تصبح سلوكاً، إلا أن مجرد البدء أفضل من البقاء تحت طغيان الحاكم وسطوة أجهزة الأمن. ومن شأن الانتخابات الدورية أن تصحح المسار إذا أخطأ الشعب طريقه.

5. الموجة القائمة الآن في الوطن العربي لن تحدث تغييراً فقط في الدول التي يتغير فيها نظام الحكم، وإنما ستشمل تغييراً في دول عربية لم تتحرك فيها الجماهير، ذلك لأن ما يحصل في دول ثائرة يشكل عاملاً ضاغطاً على حكام في دول هادئة؛ أي أن موجة التغيير ستطال مختلف أنحاء الوطن العربي.


6.
 من الملاحظ أن “إسرائيل” عبارة عن كيان متهم من قبل جماهير الثورات أو مرفوضة أو منبوذة. جماهير مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين رفعت شعارات، أو أطلقت صيحات ضد “إسرائيل” وضد من يتعاملون معها من الحكام، وليس من المتوقع أن تكون مقبولة، أو يسهل التعامل معها من قِبل أنظمة الحكم الجديدة.


7.
 إن أهم نقطة في كل الثورات العربية تتعلق في البعد الأخلاقي، إذ خرجت الجماهير تدافع عن حريتها، وتقف بقوة ضد اللصوصية والتبعية والاستبداد والفساد والتآمر على الناس واستغلالهم. تتطلع الثورات إلى انقلاب أخلاقي يميز مرحلة جديدة من تاريخ العرب الحديث، ولا يمكن لمن يتمسكون بقيم العمل الجماعي والتعاون المتبادل والحرية والتماسك الذاتي أن يفرطوا بقضاياهم، أو أن يستكينوا لقوى تسلبهم حقوقهم، أو تسيطر على بلدانهم. وهو ما سينعكس أخلاقياً وعملياً على العمل لفلسطين.


تفاعل المقاومة الفلسطينية مع الوضع العربي الجديد:

السؤال المطروح الآن: هل تملك المقاومة الفلسطينية مقومات التأقلم مع وضع عربي جديد يتميز بالميزات الواردة أعلاه؟ حيث تنقلب الآن الساحات العربية إلى ميادين الحرية والتحرير والتغيير، فهل ستطور المقاومة الفلسطينية مفاهيم جديدة للعمل، وتتبع أساليب ومقاربات مختلفة عما كان في السابق؟ وهل سيكون بمقدور هذه المقاومة مخاطبة الجماهير العربية بأبعاد جديدة تؤدي إلى حشد الطاقات العربية دعماً للمقاومة؟

كما أشرنا، فقد خسرت المقاومة الفلسطينية، في السابق، التفاعل المطلوب من جماهير الأمة، ودخلت في صراعات الأنظمة وتحالفاتها المتموجة، فهل سيكون التخطيط مختلفاً الآن؟ الأمر يتطلب ممن يريدون الاستفادة من المتغيرات أن يتبنوا الخطوات التالية:

1. إخراج القضية الفلسطينية من حوصلة “الفلسطنة”، أي من قَصْرِ القضية على الفلسطينيين. لقد أضرت الفلسطنة بالمقاومة، وأشعرت جماهير الأمة بان الثقة بها غير موجودة، وأن الأنظمة العربية هي عماد البحث عن حل للحقوق الوطنية الفلسطينية.


2.
 التركيز على المقاومة من داخل فلسطين، وفي هذا سيكون لقطاع غزة الدور الريادي. أما في الضفة الغربية فلا بد من وقف عملية التفاوض والعودة لفكرة المقاومة. جماهير الأمة لن تقف مع جهة فلسطينية تنسق أمنياً مع “إسرائيل”.


3.
 تطوير برامج تهدف إلى جعل المقاومة الفلسطينية جزءاً لا يتجزأ من أعمال الأمة الهادفة نحو تحرير الأرض العربية وطرد الاستعمار الغربي من المنطقة العربية.


4.
 التصرف بأخلاق القدوة، والتخلي تماماً عن الارتجالية والتعصب والابتزاز. هذا يتطلب تطوير أخلاقيات حمل السلاح، وأخلاقيات التحصين الأمني، وأخلاقيات احترام الموقع الجغرافي الذي تتواجد فيه المقاومة.


5.
 تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بناء على فكر المقاومة وليس فكر المساومة، وأيضاً توحيد المقاومة الفلسطينية تحت قيادة عسكرية سرية واحدة تؤمن بضرورة مواجهة إسرائيل، ولا تستجيب للمساومات السياسية على القضية الفلسطينية.


المتوقع:

هناك ما يمكن توقعه على المدى القصير والمدى البعيد، وذلك كما يلي:

أولاً: على المدى القصير، ستضغط جماهير الشعب المصري من أجل التخلص تدريجياً من اتفاقية كامب ديفيد الخاصة بسيناء، والتخلص من اتفاقية الغاز الموقعة مع “إسرائيل”. وهذا نلاحظه من خلال تفجير أنابيب الغاز التي تنقل الغاز المصري إلى إسرائيل. وأيضاً سيبدأ النظام المصري المؤقت بتخفيف الضغط على قطاع غزة، وتخفيف ملاحقة المهربين الذين ينقلون المال والسلاح إلى غزة عبر الأنفاق. وقد بدأنا نرى ذلك بالفعل، وبدأت المقاومة العربية قي سيناء وفلسطين تتنفس هواء أقل تلوثاً من السابق. أما في سوريا، فإن فكرة المقاومة ستبدأ تزدهر. عندما تبدأ جماهير الشعب السوري تضغط في هذا الاتجاه، ومن الممكن أن تبادر الحكومة السورية نفسها لتطوير أسلوبها من أجل استعادة أرضها المحتلة.

ثانياً:  على المدى الطويل، ستتمتع المقاومة الفلسطينية بحرية في العمل الإعلامي والتثقيفي في ساحات عربية عدة، وسيكون بمقدورها التفاعل مع الجماهير بيسر وسهولة مما يهيئ للمقاومة دعماً جماهيرياً معنوياً ومالياً أفضل مما هي عليه الأمور الآن. ستتعرض الأنظمة الجديدة لضغوط جديدة من دول غربية لوقف عمل المقاومة العلني في بلدان عربية، لكن إرادة الشعوب العربية ستكون الأقوى، وقد يُفتح المجال أمام المقاومة الفلسطينية لتأخذ بعدها العربي على مختلف المستويات الرسمية وغير الرسمية. وهذا في النهاية سينعكس على المؤسسات العربية المختلفة مثل الجامعة العربية التي قد تراجع حساباتها فتميل إلى التعامل مع فريق المقاومة وليس مع فريق التسوية. أي أن المقاومة ستحظى بالشرعية العربية، وليس طاولة المفاوضات مع “إسرائيل”.

المقترحات:

1. إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وتحديد أولويات العمل الوطني، بما يعيد للمقاومة مكانتها ودورها اللائقين.

2. ابتعاد فصائل المقاومة عن سلوكيات التعصب والانتقائية؛ والارتقاء إلى مستوى اتحدي في مشروع التحرير.

3. تشبيك العلاقات الرسمية مع الأنظمة العربية الجديدة، وأي مواقع عربية رسمية أخرى، وتفعيلها والانفتاح على النخب والقوى الحيّة على امتداد الساحة العربية، بما يدعم الخيارات الوطنية للشعب الفلسطيني.

4. تطوير استراتيجيات جديدة للمقاومة، تراعي كافة المستويات: المقاطعة بكل صورها، العصيان المدني الكلي، الانتفاضة الشعبية، والمقاومة المسلحة.

5. العمل على تفعيل آليات وقف التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، والضغط على الجهات التي تقدم له الدعم والمساندة (المادية والمعنوية).

6. تحويل مشروع تحرير فلسطين واسترجاع الحقوق المغتصبة إلى برنامج عمل يومي، على أجندة الشعوب العربية والإسلامية، وكل أحرار العالم.

* يتقدم مركز الزيتونة للدكتور عبد الستار قاسم بخالص الشكر على كتابته النص الأساسي الذي اعتمد عليه هذا التقدير. 

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 19/5/2011