مدة القراءة: 8 دقائق

تقدير استراتيجي (7) – كانون الأول/ ديسمبر 2008.

 

ملخص:

 تتطلع قواعد حركة فتح وكوادرها إلى عقد المؤتمر السادس، الذي طال انتظاره منذ نحو عشرين عاماً، وكثر الحديث عنه في السنوات الخمسة الماضية. ولذلك، يأتي في حال انعقاده مثقلاً بأعباء ترتيب الملفات الداخلية لفتح، التي تعاني من الترهل والتفكك والفساد، ومن شيخوخة قياداتها، ومن تراجع مكانتها كحركة انفردت تقريباً بقيادة النضال الوطني الفلسطيني طوال الأربعين سنة الماضية.

وعلى الرغم من وجود بيئات داخلية وخارجية تدفع باتجاه انعقاد المؤتمر، إلا أن الأمراض المزمنة في الحركة، وتعارض الكثير من الأجندات والمصالح، وسعي الأطراف المتنافسة والمتنفذة لتحقيق نتائج محددة، تضمن تقوية نفوذها الداخلي وتوجهاتها السياسية، ستجعل احتمالات التأجيل قائمة بانتظار عمل التسويات المناسبة قبل الانعقاد. وفي حالة الانعقاد فمن المرجح أن خط أبي مازن سيقوي من حضوره، كما ستدخل دماء جديدة، وستبقى فتح على شعاراتها في المزاوجة بين مساري التسوية والمقاومة، غير أن مسار التسوية قد يجد فرصته ليكون الفاعل الأقوى على الأرض.

مقدمة:

 قادت حركة فتح النضال الوطني لأكثر من أربعة عقود، وتعدّ بمثابة العمود الفقري للسلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية. على هذه الخلفية، يتركز الاهتمام الداخلي والخارجي بالمؤتمر العام السادس للحركة وموعد انعقاده، خصوصاً وأن مؤتمر فتح العام لم ينعقد منذ 19 عاماً تقريباً، مما أدى إلى ترهل أطر الحركة التنظيمية وهياكلها، وحدوث تبدل كبير في مراكز القوة والنفوذ داخلها، وظهور تغيير جوهري في برنامجها السياسي، وتبدل في حجمها وتأثيرها على الخريطة الفلسطينية.

تُعَّد هذه الاعتبارات وغيرها استحقاقات كبيرة، تفرض نفسها على أجندة المؤتمر السادس، مما يثير التساؤل حول إمكانية انعقاده، ومدى تأثير قراراته إن عقد، خصوصاً في ظل حالة التنازع والتفكك التي تشهدها الحركة.

أولاً: الخلفية التاريخية:

 أخذت مؤتمرات فتح الثلاثة الأولى بعداً جاداً ومنتظماً، غير أن مؤتمرات فتح بعد ذلك أخذت في التباعد، والميل إلى الاحتفالية، وغابت عملياً عن كونها المؤسسة التي تحكم عمل فتح وتنظمه. وقد عقدت فتح مؤتمرها الأول في 12/6/1967، بعد أيام من هزيمة حزيران/ يونيو، التي منيت بها الجيوش العربية؛ حيث قررت الحركة البدء بشن حرب العصابات.

وجاء المؤتمر الثاني في تموز/ يونيو 1968، بعد عام واحد تقريباً، تقرر فيه إنشاء إطار المجلس الثوري؛ ليستوعب الكوادر القيادية التي برزت، وليسهم في إعادة ترتيب البناء الداخلي لفتح، خصوصاً مع حالة التوسع الكبير التي شهدتها إثر معركة الكرامة، وفي أجواء سيطرتها على م. ت. ف.

وجرى المؤتمر الثالث في أيلول/ سبتمبر 1971، بعد نحو ثلاث سنوات، على وقع أحداث أيلول في الأردن، وتزايد الانتقادات الموجهة إلى القيادة.

وانعقد المؤتمر الرابع، في أيلول/ سبتمبر 1980، بعد تسع سنوات؛ بشكل أشار إلى عدم دورية لقاءات مؤتمرات فتح، وعدم أهميتها في رسم سياسات الحركة ووضع توجهاتها. خصوصاً أنَّ هذا الانعقاد جاء بعد تطورات كبيرة واجهتها فتح والحركة الوطنية الفلسطينية مثل حرب أكتوبر 1973، وانشقاق أبو نضال على رأس فتح – المجلس الثوري، وانسحاب جبهة الرفض من م. ت. ف عندما أقرت برنامج النقاط العشرة، كما دخلت الثورة الفلسطينية أتون الحرب الأهلية في لبنان، فضلاً عن توقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد. صحيح أن العسكريين تمكنوا من الحصول على نصف مقاعد المؤتمر، إلاّ أن ذلك لم يَحُل دون استمرار قيادة فتح في التوسع في مسارات العمل السياسي، والانفتاح على الخيارات المرتبطة بالتسوية السلمية.

وتأخر المؤتمر الخامس لغاية آب/ أغسطس 1989، بعد حوالي تسع سنوات أيضاً. مع العلم بأنَّ الوضع الفلسطيني برمته كان قد تعرض لعدة تطورات جوهرية، حيث اجتاحت “إسرائيل” بيروت وخرجت قوات الثورة من لبنان، وانشقت فتح الانتفاضة بقيادة أبو موسى عن فتح – أبو عمار. واندلعت الانتفاضة المباركة وانطلقت حركة حماس، وانعقد المجلس الوطني الـ 19، الذي أعلن استقلال فلسطين واعترف بالقرار 242.

وقد دعا المؤتمرون إلى تصعيد “الكفاح المسلح” في مقابل الاستمرار في “هجوم السلام الفلسطيني”، وتكليف ياسر عرفات “بمنصب القائد العام”.

وفي سبتمبر/ أيلول 2004 ظهرت بوادر انعقاد المؤتمر السادس، عندما أوصى المجلس الثوري للحركة بعقده، وذلك بطلب من “القائد العام”، وتم تشكيل لجنة تحضيرية. إلا أن اجتماعات اللجنة سارت بوتيرة بطيئة دون تحقيق أي تقدم. وهكذا، فمع نهاية 2008، كانت القيادة الفتحاوية ومؤسساتها تعاني من الشيخوخة والترهل.

ثانياً: خلافات فتح الداخلية:

 يشكل عقد المؤتمر السادس أحد المطالب الأساسية التي انشغلت بها قواعد حركة فتح وكوادرها، على أمل تفادي حالة التفكك والفساد، وسعياً لضخ دماء جديدة في جسم الحركة. غير أن عقد المؤتمر يستدعي استحقاقات تتعلق بالتحضيرات المتعلقة به، وبمكان الانعقاد وزمانه، وأعداد المشاركين فيه، والمعايير التي سيتم وفقها اختيار القيادات والكوادر المشاركة.

هناك خلافات كثيرة حول عدد المشاركين، فقد دعت بعض هذه القيادات، مثل: مروان البرغوثي، وقدورة فارس وغيرهم إلى رفع عدد المشاركين إلى 3500 عضو. فيما تسعى اللجنة المركزية لحصر العدد بـ 1200 عضو.

كما أن مكان انعقاد المؤتمر هو موضوع خلاف، ففي الوقت الذي تطالب بعض القيادات بعقده في الداخل، تخشى قيادات أخرى انعكاسات انعقاده تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومن هيمنة تيار السلطة المقيم في الداخل، ومن احتمال استبعاد أو عدم إمكانية قدوم ومشاركة الكثير من الكوادر الفتحاوية في الخارج. ولذلك، فإنها تفضل عقده في الأردن أو مصر. هذا، بالإضافة إلى الجدل الذي يدور حول نسبة المشاركين من التنظيم والعسكر والأقاليم؛ الأمر الذي أدى إلى استفحال الخلافات الداخلية، مما قد ينعكس على إمكانية انعقاده من الأساس.

ثالثاً: الصراع بين فتح وحماس:

 دى فوز حركة حماس بانتخابات المجلس التشريعي في العام 2006، إلى ارتفاع حدة التنافس والصراع بين فتح وحماس، حيث رفضت قيادات السلطة المحسوبة على فتح التنازل عن العديد من أجهزة السلطة ومؤسساتها حتى تتمكن حكومة حماس من تنفيذ برنامجها، وبدأ تنازع الصلاحيات فيما بينهما، وتسارعت وتيرة الانفلات الأمني، الذي تطور إلى مواجهات مسلحة، انتهت مع أحداث حزيران/ يونيو 2007، عندما سيطرت حماس على زمام الأمور في قطاع غزة. وهو ما أثار حمية كوادر حركة فتح وقواعدها، وأحيا المطالبة بعقد المؤتمر العام، على أمل إطلاق مسيرة الإصلاح الداخلي ومحاسبة الفساد، باعتباره “المسؤول الأول” عن خسائر فتح المتتالية.

وعلى خلفية التداخل الحاصل بين فتح والسلطة، شكل اقتراب موعد انتهاء ولاية محمود عباس، ورفض حماس تمديد فترة ولايته، عاملاً إضافياً يزيد من ضرورة عقد هذا المؤتمر. خصوصاً أن انتهاء ولاية عباس سوف تضعف من شرعيته، وبالتالي فإنه سيكون بحاجه إلى تعزيز موقفه وشرعيته، من خلال وقوف حركة فتح (العمود الفقري لـ م. ت. ف والسلطة) خلفه، وخلف برنامجه السياسي الذي يمكن أن تقره أطرها.

رابعاً: المواقف الخارجية:

 لكون قيادة فتح هي قيادة السلطة الفلسطينية، وكوادرها هم نواة مؤسساتها وأجهزتها، وانطلاقاً من اعتبار أن فتح هي التي تمسك بمؤسسات التمثيل الشرعي للشعب الفلسطيني؛ نلحظ اهتماماً عربياً وإقليمياً مميزاً بهذا المؤتمر، وكل طرف يسعى للتأثير في نتائجه بما يتناسب مع رؤيته الخاصة.

1. عربياً:

 تدعم الجامعة العربية، وإن بشكل غير مباشر، بقاء حركة فتح موحدة وقادرة على الإمساك بزمام السلطة، ودفع مسيرة التسوية نحو أهدافها. فالجامعة تبنت المبادرة السعودية في سنة 2002، وأصبحت هذه المبادرة جزءاً من مفاوضات أنابوليس، وخطاب الرئيس عباس وفتح يتسق مع خطاب النظام الرسمي العربي، بينما ما يزال خطاب حماس ببعديه الإسلامي والمقاوم يثير حساسية ومخاوف الأنظمة العربية.

وتملي مكانة مصر العربية ودورها الإقليمي عليها أن تبقى حاضرة وفاعلة بشكل مباشر في كافة تطورات الساحة الفلسطينية، وهي ترى بأن وجود حركة فتح في السلطة هو ضمانة لبقاء المسار الفلسطيني الإسرائيلي على قيد الحياة. من هذا المنطلق، تسعى القاهرة لضبط وتيرة تحولات فتح وتناقضاتها.

والذي أشعل الضوء الأحمر عند أصحاب القرار في القاهرة هو اقتراب موعد انتهاء ولاية محمود عباس، خشية أن يؤدي ذلك إلى زعزعة شرعية خيار التسوية الفلسطيني. وعلى هذه الخلفية، ترى مصر ضرورة تماسك حركة فتح ووقوفها صفاً واحداً خلف عباس، باعتباره الأمر الذي لا يتم واجب استمرار المفاوضات إلا به. هذا، فضلاً عن أن ترهل فتح وتفككها، قد يؤدي إلى صعود حماس لقيادة الشعب الفلسطيني، وهو ما سيربك مسار التسوية المصري، كما قد يربك الوضع الداخلي المصري نفسه.

وينطلق الموقف الأردني من حركة فتح باعتبارها تمثل قيادة السلطة الفلسطينية، التي ينظر إليها عربياً ودولياً باعتبارها القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، وأن أي حل للقضية الفلسطينية سيكون عبرها.

ونظراً لكون نحو نصف سكان المملكة الهاشمية من اللاجئين الفلسطينيين؛ ولأنه يوجد لحركة فتح امتدادات تنظيمية فيها، ولأن لها أكبر حدود مع الدولة الفلسطينية “الموعودة”؛ فإن عمّان تحرص على البقاء قريبة من التطورات الفلسطينية عموماً، ومن تلك التي تخص حركة فتح على وجه التحديد؛ وخصوصاً بعد تزايد الحديث عن التوصل إلى تفاهم حول الحل النهائي بين محمود عباس وإيهود أولمرت، وظهور إشاعات حول احتمالات التنازل الفلسطيني عن حق اللاجئين في العودة، مما أدى لارتفاع منسوب التخوفات الأردنية من احتمالات فرض التوطين على الفلسطينيين في الأردن، وزيادة التخوفات والتساؤلات حول مستقبل الضفة الغربية. وهو ما يدفع القيادة الأردنية إلى أن تكون أكثر قرباً من صناعة القرار الفتحاوي.

2. إسرائيلياً:

 تفضل “إسرائيل” التعامل مع حكومة تسيير الأعمال برئاسة سلام فياض، خصوصاً أن هذه الحكومة بدأت بتنفيذ الإجراءات “المترتبة” على الجانب الفلسطيني بحسب خريطة الطريق؛ مثل حظر الأجنحة المسلحة، والتنسيق الأمني، وسحب تراخيص عدد كبير من الجمعيات الخيرية والمؤسسات المالية، على خلفية دعم فصائل المقاومة.

وتشير بعض المصادر المطلعة، إلى أن الحكومة الإسرائيلية أبدت موافقتها على انعقاد المؤتمر السادس في أريحا؛ لاعتبارها بأنه سوف يسهم في مواجهة حماس، وسيكرس قيادة “الاعتدال” الفتحاوي، ويطوّع البرنامج السياسي لفتح بما يتوافق مع مسار التسوية. على هذه الخلفية يجري الحديث في الأوساط المقربة من رئيس السلطة، أن باراك قد وافق على دخول 200 عضو تمهيداً لعقد المؤتمر في أريحا.

3. دولياً:

 ينعقد أمل الرباعية الدولية، على حركة فتح في الاستمرار على خط التسوية، والالتزام بخريطة الطريق. وبما أن الولايات المتحدة هي الطرف النافذ في هذه المرجعية، فإن واشنطن أظهرت قلقاً كبيراً بعد فوز حماس ومن ثم سيطرتها على قطاع غزة. تعاظم هذا الخوف عندما اقتربت ولاية رئيس السلطة محمود عباس من نهايتها.

وأشارت بعض المصادر المطلعة إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، أخبرت عباس أثناء زيارتها الأخيرة إلى رام الله، دعم الإدارة الأمريكية فكرة انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح، ما دام سوف يؤدي إلى دعم شرعيته، والوقوف في وجه حماس. وهذا يلتقي مع ما ذهب إليه المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط دينيس روس، باعتباره ضمن فريق الرئيس الأمريكي المنتخب أوباما، حيث دعا إلى إعادة ترتيب حركة فتح.

هذا، ويلتقي الاتحاد الأوروبي مع واشنطن في دعم شرعية عباس، ويعبّر عن خشيته من وصول حماس إلى سدة رئاسة السلطة.

خامساً: السيناريوهات المتوقعة:

 من خلال قراءة الواقع الفلسطيني والوضع الداخلي لحركة فتح، والنظر في الظرف الإقليمي والدولي المحيط بها، من المتوقع أن يكون مستقبل المؤتمر السادس للحركة ضمن ثلاثة سيناريوهات، هي:

1. التأجيل واستمرار عملية التفكك:

 يتأثر هذا الاحتمال بوجود عدد كبير من المشكلات، التي ما تزال تنتظر على جدول أعمال اللجنة التحضيرية من غير حل، إضافة إلى الخلاف الجدي الحاصل بين عدد من أقطاب فتح التاريخيين، مثل القدّومي وهاني الحسن والزّعنون وغيرهم، مع عباس. ويزيد من إمكانية حصول هذا الاحتمال عدم نضج التسويات الداخلية بين مختلف التيارات المتناحرة، وخشية بعض الأطراف الفتحاوية النافذة من احتمالات الخسارة؛ أو خشية أطراف خارجية من صعود تيار “المقاومة” على حساب تيار “السلطة والتسوية”.

في هذه الحالة سوف تحبذ الجهات المعنية تأجيل موعد انعقاد المؤتمر، والاكتفاء بما تقدمه فتح حالياً، ولا يمنع ذلك من إجراء بعض التسويات الداخلية للملمة صف فتح الداخلي قدر الإمكان، لحين توفر ظروف أفضل.

2. الانعقاد وتكريس برنامج التسوية:

 يقوم هذا السيناريو على أساس أن ظروف انعقاد المؤتمر، على المستويين العربي والدولي تختلف عن ظروف النشأة والانطلاقة، هذا بالإضافة إلى أن تيارات فتح المهيمنة لا تختلف على برنامج التسوية، وإنما حول من يقود هذا البرنامج، وكيف تتم إدارته في المرحلة القادمة.

وإن كان عقد المؤتمر حاجة تنظيمية، إلا أن البرنامج السياسي للحركة المتماشي مع مسار التسوية هو ضرورة دولية وعربية، وهو ما قد يؤدي إلى إحداث تغيير في البنية التنظيمية لفتح بما ينسجم مع برنامج التسوية؛ وقد يؤدي ذلك لجملة استحقاقات أهمها: تحول فتح إلى حزب سياسي، والسعي للاستمرار في الهيمنة على القرار الفلسطيني، والابتعاد أكثر فأكثر عن المصالحة الفلسطينية.

ولكن حظوظ هذا السيناريو قد تتراجع بسبب احتمال غياب عدد من أقطاب فتح التاريخيين، من أمثال القدّومي وغنيم والزّعنون وهاني الحسن، كما أن هناك الكثير من عناصر فتح تنتقد مسار التسوية بمرارة، وتدعم كتائب شهداء الأقصى وبرامج العمل المقاوم؛ الأمر الذي قد يفسح المجال للطعن بشرعية قرارات المؤتمر وقانونيتها، أو تعرض فتح للانشقاق.

3. الانعقاد والمزاوجة بين المقاومة والمفاوضات:

 يقوم هذا السيناريو على أساس توافق إرادات الأطراف الداخلية والخارجية المعنية بمسار التسوية الفلسطيني – الإسرائيلي، حول ضرورة لمّ شمل فتح لدعم شرعية عباس، والتقاء التيارات الفتحاوية المتصارعة على أساس برامجي، مبني على حلٍّ وسط. بحيث يتولى المؤتمر السادس عملية تقاسم الأدوار بين هذه التيارات، بما قد ينعكس على البرنامج السياسي للحركة، واعتماد مبدأ المزاوجة بين المقاومة والمفاوضات.

إلا أن المؤثرات الداخلية والخارجية وقوة أصحاب خيار السلام، والواقع الجديد في الضفة الغربية، سوف تسهم جميعها في ظهور نوع من المزاوجة الواقعية تعطي بعداً جوهرياً لمسار التسوية، بينما تبقي على شعارات المقاومة ولكن مفرغة من محتواها.

يعزز فرص هذا السيناريو أن رئيس السلطة يحرص على تفادي أي طعن بقانونية القرارات الصادرة عن المؤتمر، ثم إنه قد جرت العادة بأنه لا أهمية كبيرة للقرارات والتوصيات التي تصدر عن المؤتمرات طالما أن القيادة قد أخذت من المؤتمر ما تريد من شرعية وغطاء. وأنها في النهاية ستنفذ ما ترغبه، وبناء على معاييرها وحساباتها. ومن يدري، فقد يكون على المؤتمر العام السابع أن ينتظر ثلاث سنوات أو ربما عشرين سنة لينعقد وليقوم بمحاسبتها؟!

سادساً: المقترحات والتوصيات:

1. من المهم عقد المؤتمر السادس وتحديد مدة ولايته، ليجرى تجديده وعقده بشكل دوري.

2. اعتماد معايير العضوية وفق الاعتبارات الوطنية والمناقبية؛ بما يسهم في إعادة الاعتبار إلى قيم الكفاءة والعطاء؛ وتكريس البناء المؤسسي للحركة.

3. التخلص من الفساد، ومن مظاهر توظيف المال السياسي داخل الحركة.

4. الاستمرار في تبني المقاومة المسلحة في البرنامج السياسي للحركة.

5. الدعوة إلى المصالحة الوطنية على أساس وثيقة الوفاق الوطني واتفاق مكة المكرمة، وإعطاء الأولوية لترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة بناء م. ت. ف ومؤسساتها.

* أُعد هذا التقدير بالاستفادة من حلقة نقاش عقدها المركز في مقره في بيروت، وشارك فيها عدد من الخبراء والمتخصصين.

 

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، كانون الأول/ ديسمبر 2008