ملف معلومات (26): انعكاس جائحة كورونا على الوضعَين الفلسطيني والإسرائيلي (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ملفَ معلومات 26 بعنوان "انعكاس جائحة كورونا على الوضعَين الفلسطيني والإسرائيلي".
يظهر الملف أن انتشار جائحة "كورونا" زاد من تعقيدات المشهدين الفلسطيني والإسرائيلي. وقد عانت حكومة السلطة الفلسطينية من تراجع الاقتصاد، وازدياد عدد العاطلين عن العمل، وتراجع إيراداتها. ودخل ملف الأسرى منعطفاً خطيراً بسبب الإهمال الإسرائيلي المتعمد لأوضاعهم. أما اللاجئون الفلسطينيون فقد زادت معاناتهم وتهميشهم في ظل تراجع خدمات وكالة الأونروا.
اتبع الاحتلال الإسرائيلي سياسة الابتزاز وفرض القيود على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما انعكس سلباً على الأداء الفلسطيني في مواجهة كورونا، واستغل أزمة جائحة كورونا لتنفيذ مخططاته باستهداف المقدسات الإسلامية وابتزاز الفلسطينيين. ولم يسلم قطاع غزة؛ حيث طالب الجانب الإسرائيلي بعدم إدخال أي علاج لسكان غزة دون تقديم تنازلات في ملف أسرى الاحتلال لدى حركة حماس.
على الجانب الآخر، عانى الجانب الإسرائيلي من تبعات جائحة كورونا؛ وشهد الاقتصاد تراجعاً واضحاً، ما انعكس تقليصاً على الموازنة، وتخفيضاً على رواتب موظفي القطاع العام، وإقفال شركات خاصة.
وانطلاقاً من أهمية الموضوع اختارت هيئة التحرير في مركز الزيتونة إصدار ملف معلومات يتناول انعكاس جائحة كورونا على الوضعين الفلسطيني والإسرائيلي؛ وذلك من خلال عرض أهم الأخبار والتقارير والمقالات التي سلطت الضوء على انعكاس هذه الجائحة على القضية الفلسطينية. ويغطي هذا الملف الفترة من 1/3/2020 إلى 26/8/2020.
وتبرز أهمية الملف في كونه مادة علمية مفصلة، تجمع بين دفتيها ما يحتاجه الباحث والمهتم بالقضية الفلسطينية حول هذا الموضوع.
وتجدر الإشارة إلى أن "ملف معلومات 26" قام بإعداده قسم الأرشيف والمعلومات تحت إشراف د. محسن محمد صالح، بينما تولى الأستاذ باسم القاسم إدارة التحرير.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 9/9/2020
توجهات النخبة السياسية الفلسطينية نحو الصراع العربي - الإسرائيلي (النسخة الإلكترونية)
يهدف هذا الكتاب إلى تقديم بحث متكامل عن آليات تَشكُّل النخب، في إطار النظام السياسي الفلسطيني بمكونيه؛ منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية. ويسعى لتحليل توجهات أعضاء النخبة السياسية الفلسطينية نحو مستقبل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي؛ سواء من حيث سيره في الاتجاه نفسه من الفعل وردود الفعل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع التمسك بخيار التسوية السياسية بالرغم من تعثرها، أم بالدعوة لإيجاد أنماط جديدة لحله حلاً نهائياً، وذلك في ضوء بعض الخصائص النوعية للنخبة السياسية الرسمية، كالاتجاه السياسي والمنصب الحالي. كما يهدف إلى الكشف عن طبيعة دور النخبة السياسية الفلسطينية في إدارة الصراع، ومعرفة اتجاهات هذه النخبة نحو الأهداف الوطنية الفلسطينية؛ وآليات حلّ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي؛ وآليات الحل الدولية والإقليمية للصراع.
معلومات النشر: - العنوان: توجهات النخبة السياسية الفلسطينية نحو الصراع العربي - الإسرائيلي - تأليف: د. عزام عبد الستار شعث - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت - عدد الصفحات: 288 صفحة - تاريخ الصدور: 2019 - ISBN: 978-9953-572-78-9 وتأتي أهمية هذه الدراسة في أنها تختبر توجهات النخبة السياسية الفلسطينية نحو الوضع الراهن ونحو مستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي، فعلى الرغم من وفرة الدراسات النظرية الأكاديمية التي تناولت النخبة السياسية الفلسطينية، إلا أن هذا الكتاب يحاول أن يضيف جديداً من خلال الدراسات التطبيقية والمقارنة التي تتناول موقف النخب السياسية الرسمية، ونخب المعارضة من قضية الصراع وتطوراته.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
- 290 pages
تفكيك الخطاب الموالي لـ"إسرائيل": الهند نموذجاً (النسخة الإلكترونية)
ويشرحلتحميل الفصل الثاني، اضغط على الرابط التالي: الفصل الثاني (90 صفحة، حجم الملف 1.3 MB) معلومات النشر: - العنوان: تفكيك الخطاب الموالي لـ"إسرائيل": الهند نموذجاً - تأليف: د. محمد بلعاوي وحسان عمران - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت - عدد الصفحات: 104 صفحة - تاريخ الصدور: 2019 - سعر النسخة الورقية: 6$
- الكتاب متوفر للشراء، عبر: || || || ||
ويشيرمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 5/1/2018
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
اليوميات الفلسطينية 2014 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب "اليوميات الفلسطينية لسنة 2014". وهو أول مجلد يصدره المركز لهذه اليوميات. ويقع هذا الكتاب في 499 صفحة من القطع الوسط. وهو من إعداد قسم الأرشيف والمعلومات في مركز الزيتونة، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح.
ويعرض هذا الكتاب أبرز الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية خلال سنة 2014. وهو يوثق يومياتها، التي تعبر عن طبيعة المرحلة، أو تعكس التحولات في المسارات السياسية، وتحديداً مواقف القوى الفاعلة فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً. ويقدم الكتاب المعلومات والإحصائيات ذات الدلالة المتعلقة بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وتتضمن المعلومات فلسطينياً مختلف جوانب الأداء السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتعليمي وأداء المقاومة والوضع الداخلي...وغيرها.
معلومات النشر:
- العنوان: "اليوميات الفلسطينية لسنة 2014" - إلى إشراف وتحرير: د. محسن محمد صالح - عدد الصفحات: 499 صفحة - تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2015 - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشاراتكما يغطي الكتاب ما يتعلق بــ"إسرائيل" اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وعسكرياً، وما يتعلق بالاستيطان وبرامج التهويد والاعتداء على القدس والمقدسات؛ بالإضافة الى تغطيته لمسار التسوية السلمية.
ويعد أحد أهم الملفات الدورية التي يصدرها مركز الزيتونة، معتمداً آلية دقيقة في اختيار الأخبار وفق أهميتها، ودورها في تشكيل خريطة الأحداث والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وتبرز أهمية الكتاب في إسهامه بإغناء المكتبة العربية بمرجع يخدم الباحثين والمهتمين بالدراسات الفلسطينية، فضلاً عن الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات الدراسات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
تقرير معلومات (2): معابر قطاع غزة... شريان حياة أم أداة حصار؟ (النسخة الإلكترونية)
نسخة مزيدة ومنقحة (كانون الثاني/ يناير 2009):
يتحدث هذا التقرير عن معابر قطاع غزة، وكيف تقوم "إسرائيل" من خلال السيطرة عليها، باستخدامها كأداة ابتزاز سياسي واقتصادي، وكوسيلة لتـركيع الشعب الفلسطيني من خلال التحكم بحاجاته اليومية والإنسانية بما في ذلك الوقود والمواد الأولية والدواء. ويتناول التقرير الفترة الممتدة منذ اتفاقية المعابر سنة 2005 وحتى كانون الثاني/ يناير 2009، حيث يستعرض فيها اتفاقية المعابر ويتحدث عن السلوك الإسرائيلي وعمليات الإغلاق التي تعرضت لها المعابر، كما يستعرض المواقف الفلسطينية والعربية والدولية من الإغلاق.
رئيس التحرير: د. محسن محمد صالح مدير التحرير: وائل وهبة إعداد: قسم الأرشيف والمعلومات - مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الطبعة الثانية: كانون الثاني/ يناير 2009 المقدمة:
على الرغم من خروج قوات الاحتلال من قطاع غزة في 12 أيلول/ سبتمبر 2005، إلا أنه في حقيقة الأمر لم يتحرر ولم يشعر ساكنوه بالتحرر أو الاستقلال؛ بل تحول إلى أشبه ما يكون بسجن كبير تلفه الأسلاك والحواجز من كل الاتجاهات، في ظل واقع يستخدم فيه الاحتلال الإغلاق كسياسة عقاب جماعي تنعدم فيه كل معاني الحرية. حيث تحيط بقطاع غزة ستة معابر، أحدها مغلق كلياً، فيما بقية المعابر مغلقة معظم أيام السنة بسبب السياسة التي يتبعها الاحتلال. والمعابر الستة هي:1. معبر رفح: يعدّ معبر رفح المعبر الوحيد المخصص لحركة الأفراد خارج قطاع غزة، ويربط القطاع مع جمهورية مصر العربية.
2. معبر المنطار (كارني): معبر تجاري يقع إلى الشرق من مدينة غزة على خط التماس الفاصل بين قطاع غزة و"إسرائيل"، وهو مخصص للحركة التجارية من وإلى القطاع وكذلك لتصدير الخضراوات إلى الضفة الغربية.
3. معبر بيت حانون (إيريز): يقع شمال قطاع غزة، وهو مخصص لعبور العمال والتجار ورجال الأعمال والشخصيات المهمة.
4. معبر صوفا: يقع في الجنوب الشرقي من خان يونس، وهو معبر يصل القطاع و"إسرائيل"، ويستخدم لدخول العمال ومواد البناء إلى قطاع غزة.
5. معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم): يقع معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، وهو مخصص لاستيراد البضائع من مصر عبر "إسرائيل"، واعتمده الاحتلال لاستيراد محدود للبضائع ذات الطابع الإنساني.
6. معبر ناحل عوز: معبر مهجور ومغلق، وتم تحويله لموقع عسكري، وكان مخصصاً لدخول العمال والبضائع.
ويسلط هذا التقرير الضوء على اتفاقية المعابر الموقعة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" في 15/11/2005 وأهم بنودها، مستعرضاً السلوك الإسرائيلي بعد توقيعها، إلى جانب الأداء الفلسطيني والعربي والدولي.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
تقرير معلومات (1): معاناة قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي (النسخة الإلكترونية)
نسخة مزيدة ومنقحة (كانون الثاني/ يناير 2009): أعد قسم الأرشيف والمعلومات في مركز الزيتونة تقريراً معلوماتياً حول ما تعرضت له جميع القطاعات الاقتصادية والصحية والاجتماعية والتعليمية من خسائر، جراء الحصار المفروض على قطاع غزة.
رئيس التحرير: د. محسن محمد صالح مدير التحرير: ربيع الدنان إعداد: قسم الأرشيف والمعلومات - مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الطبعة الأولى: 31 كانون الثاني/ يناير 2008 الطبعة الثانية: 5 كانون الثاني/ يناير 2009 مقدمة:
في أعقاب فوز حركة المقاومة الإسلامية - حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية في 25/1/2006، وتشكيلها للحكومة الفلسطينية العاشرة شدّدت "إسرائيل" حصارها على قطاع غزة، كما تمكنت من حشد التأييد الدولي حول شروطها الرامية إلى إخضاع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية المتمثلة بالآتي:
أولاً: الاعتراف بحق "إسرائيل" في الوجود. ثانيا:ً التخلي عن سلاح المقاومة ونبذ "العنف". ثالثاً: الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة مع "إسرائيل".
لاقت هذه الشروط رفضاً قاطعاً ليس فقط من قبل حماس، بل رفضتها أيضاً العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية الإسلامية والوطنية. وعلى الرغم من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإعلان حماس احترامها للاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع "إسرائيل"، استمر الحصار الإسرائيلي والدولي للقطاع، وعلى الرغم من صدور قرار عن وزراء الخارجية العرب برفع الحصار إلا أن شيئاً من ذلك لم ينفذ.
وبعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 15/6/2007، شددت "إسرائيل" حصارها البحري والبري والجوي على القطاع، وأعلنت غزة كياناً معادياً، وأغلقت المعابر الحدودية للقطاع، ومنعت أهالي غزة من الدخول أو الخروج من القطاع، ومنعت دخول البضائع إلى القطاع إلا ما يسد رمق سكان غزة، وهددت بقطع الوقود عن قطاع غزة.
بعد إطلاق عملية السلام مرة أخرى في مؤتمر أنابوليس الذي عقد في 27/11/2007، ومع بداية العام 2008، قام الرئيس الأمريكي بجولة إلى المنطقة زار خلالها رام الله و"إسرائيل"، وبعد انتهاء بوش من زيارته، شنت "إسرائيل" هجمات عسكرية على قطاع غزة سقط خلالها من جراء القصف ما يقارب 60 شهيداً حتى منتصف كانون الثاني/ يناير 2008.
وفي 18/1/2008 أمر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بـ"إقفال كل المعابر" مع قطاع غزة ، كما قطعت "إسرائيل" الوقود بشكل كاملٍ عن القطاع يوم الأحد في 20/1/2008.
وهكذا أصبح قطاع غزة محاصراً كلياً؛ فجميع المعابر مغلقة في وجهه، وقد ترك القرار الإسرائيلي بوقف تزويد القطاع بالوقود أثراً بالغاً على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية، والصحية، والتعليمية، وانهارت جميع القطاعات الاقتصادية بشكل تام وتكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة. وحسب تقديرات اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، تقدّر الخسائر الشهرية المباشرة التي يتكبدها قطاع غزة منذ منتصف حزيران/ يونيو الماضي بـ45 مليون دولار شهرياً .
ويشار هنا إلى أن احتياجات قطاع غزة حسب تقديرات الأمم المتحدة تقدّر بنحو 900 شاحنة أسبوعياً لتلبية الاحتياجات الأساسية، منها 625 شاحنة مساعدات غذائية أساسية ومواد طبية، و275 شاحنة للمواد الضرورية الأخرى . وقد كان الناطق باسم وكالة الأونروا في قطاع غزة عدنان أبو حسنة قد كشف في 19/11/2007 أن الحصار يزيد من الأعباء التي تواجهها الأونروا، حيث إن أكثر من 70% من سكان القطاع، هم لاجئون فلسطينيون وبالتالي تصبح الوكالة عنواناً رئيسياً لهم .
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
البرنامج النووي الإيراني (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان" البرنامج النووي الإيراني"، من تأليف أ. د. عطا محمد زهرة، ويقع هذا الكتاب في 104 صفحات من القطع الوسط. يبرز الكتاب كيف احتل ملف النووي الايراني مركزاً دولياً متقدماً من حيث حجم الإثارة وقراءات الدارسين والباحثين لأكثر من عشر سنوات. ويلفت الكتاب النظر إلى أن طبيعة البرنامج النووي الإيراني تتلخص باعتبار البعض أن البرنامج "سلمي بامتياز" وآخرون يرونه "عسكريا بامتياز" أما الثالث فيراه "حائراً متردداً بين الاتجاهين". وأوضح الكتاب أن إيران تحيط برنامجها بكثير من الغموض والتعتيم على غرار بعض الدول مثل باكستان والهند و"إسرائيل".
معلومات النشر: - العنوان: البرنامج النووي الإيراني - تأليف: أ. د. عطا محمد زهرة - عدد الصفحات: 104 صفحات - تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2015 - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
ويصنف الكتاب رؤى القيادة الايرانية -بغض النظر عن منطلقاتها الفكرية– بين الرغبة في امتلاك القدرة النووية من جهة، وتطوير الطاقة النووية السلمية من جهة ثانية.
وعن دوافع المشروع النووي يرى مؤلف الكتاب أنها تتلخص في دعم الاقتصاد الوطني، والإسهام في النهضة العلمية في حماية النظام الإسلامي الجمهوري، ومواجهة التحديات الخارجية، وتعزيز مكانة إيران الدولية.
ويرى الكاتب أن النشاط النووي مرّ في ثلاثة مفاصل رئيسية هي توفير أجهزة الطرد المركزي، وإنتاج وتخصيب اليورانيوم، والعمل على إنتاج الماء الثقيل.
ويحتوي الكتاب على خمسة فصول، ركزت على تداعيات المشروع النووي وفرض العقوبات الدولية عليه، والشكوك الغربية حول طبيعته، والأزمة مع المجتمع الدولي.
ويشير زهرة أن أحد أبرز محطات البرنامج النووي هي عندما تم تحويله لمجلس الأمن عام 2006 في سياق منع إيران من امتلاك قدرة نووية ذات صبغة عسكرية، حيث نجم عن ذلك فرض عقوبات اقتصادية وفنية متصاعدة.
وعن رؤية إيران للحل يرى زهرة أن إيران راغبة بتسوية ملفها ضمن إطار أن تسفر المفاوضات عن منحها حق التخصيب وامتلاك التكنولوجيا النووية لتوفير احتياجاتها من الوقود النووي، مع إعطائها الضمانات الخاصة بسلمية برنامجها النووي.
ولفت زهرة النظر الى أن إيران ترفض فكرة استيراد الوقود النووي الباهظ الثمن لأسباب على رأسها عدم خضوعها مستقبلاً للتقلبات السياسة والاقتصادية الدولية، مع قبولها بالالتزامات الواردة في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2015/7/15
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
الوثائق الفلسطينية لسنة 2010 (النسخة الإلكترونية)
ضمن سلسلة مجلدات "الوثائق الفلسطينية" التي درج مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت على إصدارها منذ سنة 2005، أصدر المركز كتابه "الوثائق الفلسطينية لسنة 2010"، في إصدار هو السادس على التوالي ضمن هذه السلسلة، وقد حرره الدكتور محسن محمد صالح ووائل أحمد سعد.
ويحوي الكتاب 305 وثائق، ترسم، في 752 صفحة من القطع المتوسط، خريطة الأحداث المتنوعة التي ارتبطت بالقضية الفلسطينية في سنة 2010، بحيث تعكس صورة موضوعية وشاملة ومتوازنة ومتنوعة عن القضية الفلسطينية لهذه السنة.
معلومات النشر: - العنوان: الوثائق الفلسطينية لسنة 2010 - تحرير: د. محسن محمد صالح، وائل أحمد سعد - الطبعة: الأولى آب / أغسطس 2015 - عدد الصفحات: 752 صفحة - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ويعد كتاب الوثائق الفلسطينية أحد أهم الكتب الدورية التي يصدرها مركز الزيتونة، معتمداً آلية دقيقة في اختيار الوثائق وتصنيفها وفق أهميتها، ودورها في بيان خريطة الأحداث والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية خلال سنة 2010، ورسم الصورة الكلية للأحداث بشكل موضوعي.
وقد حرصت هيئة التحرير على مراعاة القوى المؤثرة والفاعلة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وإسرائيلياً ودولياً، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة مراعاة الوزن النسبي للقوى الفاعلة، ودرجات تأثيرها وأدوارها، ومدى بعدها وقربها من عملية صناعة أحداث السنة.
ويلاحظ من خلال استقراء الوثائق أن الجمود والانقسام والإحباط كانت هي السمات الأبرز للوضع الفلسطيني خلال سنة 2010؛ إذ لم تشهد الأوضاع الفلسطينية تغيراً ذا قيمة على المستويات المحلية والإقليمية والعربية والإسلامية والدولية.
وعانى مسار التسوية السلمية من مزيد من الانتكاسات والإحباطات بعد محاولات تحريكه لإجراء مفاوضات غير مباشرة أو مباشرة، في ضوء تعنّت الحكومة الإسرائيلية ورفض الإدارة الأمريكية ممارسة أي ضغوط عليها. وفي الوقت نفسه، عانى مسار المقاومة المسلحة من حالة الحصار في قطاع غزة، ومن إجراءات القمع والتنسيق الأمني في الضفة الغربية ومن بيئة عربية ودولية معادية أو غير مواتية.
وتبرز أهمية المجلد، الذي استغرق إعداده أكثر من سنة من العمل المتواصل، في تأمينه مادة وثائقية للقضية بجميع جوانبها وتطوراتها، ليسهم بذلك في إغناء المكتبة الفلسطينية بالكتب المرجعية التي تخدم الباحثين والمهتمين بالدراسات الفلسطينية، بالإضافة إلى الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات الدراسات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
صواريخ المقاومة في غزة سلاح الردع الفلسطيني (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان "صواريخ المقاومة في غزة سلاح الردع الفلسطيني"، من تأليف باسم جلال القاسم وإشراف الدكتور محسن محمد صالح، وهذا الكتاب عبارة عن دراسة علمية موثقة تسلّط الضوء على تطورات القدرات الصاروخية الفلسطينية خلال الفترة من 2001 وحتى 2014.
فبعد مرور 13 عاماً على إطلاق أول صاروخٍ من قطاع غزة، تعرض القطاع خلالها لثلاثة حروب إسرائيلية كبيرة كان آخرها عدوان 2014، أثبت هذا السلاح مدى فعاليته وتأثيره في مسار الحرب؛ وتحول من مجرد إزعاج هامشي على خلفية أحداث انتفاضة الأقصى 2000، لا يهتم به صنّاع القرار في تل أبيب، إلى خطر متصاعد باتجاه أن يكون خطراً استراتيجياً، لا يبدو أن الاحتلال يملك القدرة على التعامل معه في الوقت الراهن، أو التخلص منه نهائياً.
معلومات النشر: - العنوان: صواريخ المقاومة في غزة سلاح الردع الفلسطيني - تأليف: باسم القاسم - عدد الصفحات: 92 صفحة - تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2015 - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
ويعرض هذا الكتاب في جزئه الأول مراحل تطور القدرات الصاروخية الفلسطينية، وجهات التصنيع، فقد بدأت المراحل الأولى لإنتاج الصواريخ، في قطاع غزة، بالبحث عن الوسائل والمواد المتفجرة المستخدمة في الصواريخ، حيث واجهت خلالها المقاومة الفلسطينية الكثير من العقبات والصعوبات؛ تمثلت في عدم توفر المواد اللازمة في الأراضي المحتلة، مما حدا بوحدات الهندسة والتطوير التابعة للأجنحة المسلحة للاعتماد على الذات في صناعة المواد اللازمة لصنع الصاروخ.
حاول الاحتلال الإسرائيلي منع وصول الأسلحة والمواد اللازمة إلى أيدي المقاومين، من خلال فرض حصار مشدد على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى إن قوات الاحتلال قامت بمنع معظم المواد الأولية التي تدخل في بعض الصناعات الفلسطينية، وأهمها مواد "التنظيف" التي يُعتقد أنها تحتوي على مركّبات لها استخدام مزدوج، وتستفيد منها المقاومة في تصنيع المتفجرات. كما أنها حاولت منع دخول بعض المواد التي تُستخدم في الزراعة، وأهمها مادة "اليوريا" التي تعتقد قوات الاحتلال أنها العنصر الرئيسي في تصنيع العبوات الناسفة.
لقد أثَّر ذلك على إنتاج المواد المتفجرة الخاصة بالصواريخ وغيرها من الصناعات القتالية؛ إلا أن هذا التضييق لم يوقف التفكير في استحداث طرق محلية لتخطي ذلك؛ حيثُ تؤكد مصادر في كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس أنهم لجؤوا حتى إلى رَوْث البهائم لاستخراج بعض الغازات والمواد الكيماوية التي يمكن استخدامها في تصنيع المتفجرات، وقد نجحوا في ذلك.
في هذا الصدد يؤكد أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، أن كافة الصواريخ حتى عام 2007 كانت مصنعة محلياً، وليست مستوردة، لافتاً النظر إلى الاستغناء عن مادة "تي.إن.تي"، التي تمّ الاستعاضة عنها بمواد مصنعة محلياً وتوازي كفاءتها التفجيرية. بينما ذكرت صحيفة دير شبيغل الألمانية في تقرير لها حول صناعة الصواريخ الفلسطينية، أن المواد الأولية للصاروخ تكلف حوالي 500 يورو.
وذكر التقرير أن أحد أفراد تصنيع الصواريخ التابع لحركة الجهاد الإسلامي قال إنهم يأتون بمادة "تي.إن.تي" مِنْ السودان عن طريق مصر عبر الأنفاق، في حين أن بعض المواد الأخرى تَصِلُ بالزوارق عبر البحرِ إلى غزة وهي من أوروبا الشرقية. أما تركيبة المواد الأولية المستخدمة في صناعة الصواريخ الفلسطينية، فقد ذكر تقرير لشبكة "سي.أن.أن" الأمريكية أنها خليط من السكر والنفط والكحولِ إضافة إلى الأسمدة الكيماوية.
استفادت فصائل المقاومة من عملية سيطرة حركة حماس عسكرياً على القطاع، في منتصف حزيران/ يونيو 2007؛ بعد أن بات التنسيق الأمني بين السلطة و"إسرائيل" من الماضي، وأصبحت عمليات إدخال وتصنيع وتخزين وتجارب الصواريخ بعيدة عن الرصد والاستهداف من قبل قوات الاحتلال. وظهر أثر ذلك من خلال تركيز المقاومة الفلسطينية على إطلاق الصواريخ التي تحسنت دقتها وازداد مداها.
في المقابل لعب التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" في الضفة الغربية، دوراً متقدماً في الحدّ من قدرة المقاومة الفلسطينية على نقل تكنولوجيا الصواريخ من قطاع غزة إلى الضفة، ولم تكن التزامات أوسلو الدافع الوحيد لهذا التوجه لدى السلطة، بل كان الدافع الأقوى خوف السلطة من انتقال سيطرة حماس إلى الضفة بعد سيطرتها على القطاع في منتصف 2007، خصوصاً بعد فشل جولات المصالحة الفلسطينية ومسارات التسوية مع "إسرائيل"، وازدياد عمليات بناء المستوطنات في الضفة.
ثم يعرّج الكتاب في جزئه الثاني، على تطور الوسائل الإسرائيلية لمواجهة هذه الصواريخ، حيث أولت "إسرائيل" اهتماماً كبيراً للتصدي لعمليات تطوير صواريخ المقاومة في قطاع غزة، ولمنع نقل تكنولوجيا الصواريخ إلى الضفة الغربية، كما استعملت أذرعها العسكرية والأمنية للحد من عمليات تهريب الصواريخ إلى القطاع، ونفذت عمليات أمنية وعسكرية خلف الحدود للغرض ذاته. وقد نجحت حتى كتابة هذه السطور، في منع نقل الصواريخ إلى الضفة، مستفيدة من "إنجازات" التنسيق الأمني المستمر بين أجهزة أمن السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. إلا أنها لم توفق بشكل كامل في الحد من عمليات تهريب الصواريخ وموادها الأولية إلى القطاع.
أما فيما يخص مواجهة الصواريخ التي تم تصنيعها أو إدخالها إلى القطاع، فقد قام الكيان بصنع منظومة القبة الحديدية المتخصصة لاعتراض هذه الصواريخ، إلا أن النتائج والوقائع لم تثبت نجاعة هذه المنظومة حتى تاريخه. ففي حين أعلن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فلنائي أن منظومة القبة الحديدية، ستكون قادرة على اعتراض ما لا يقل من 80% من الصواريخ قصيرة المدى التي تطلق على "إسرائيل"، أكد خبراء في الشأن العسكري أن نسبة نجاح المنظومة لا تتعدى 5% على أرض الواقع.
لا تقف مشاكل القبة الحديدية عند نقص كفاءتها، وإنما في تكلفتها العالية مقارنة بصواريخ المقاومة؛ فبينما تكلف المنظومة الواحدة نحو60 مليون دولار، وتكلف عملية الاعتراض الواحدة على الصاروخ نحو 100 ألف دولار، فإن صاروخ المقاومة لا يكلف سوى بضع مئات من الدولارات، ولا تزيد في حالة صواريخ جراد عن بضعة آلاف من الدولارات.
ثم يتناول الكتاب في جزئه الثالث، "أثر الصواريخ الفلسطينية ودورها في المقاومة الفلسطينية"، بداية في دورها في الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في عام 2005؛ حيث شكلت صواريخ المقاومة عنصراً مهماً وأساسياً من عناصر اتخاذ قرار الانسحاب، وذلك بعد أن أصبحت الكلفة العسكرية والأمنية أكبر من أن يتحملها الجيش الإسرائيلي، جراء حمايته نحو ثمانية آلاف مستوطن يقطنون في المستعمرات الواقعة في قطاع غزة.
وقد أشارت مصادر عسكرية إسرائيلية، عشية تطبيق خطة الانفصال من قطاع غزة، إلى أن فصائل المقاومة أطلقت على التجمعات الاستيطانية في قطاع غزة أكثر من 5,626 صاروخاً وقذيفة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.
كما كان لهذه الصواريخ دوراً رادعاً خلال التصدي للحروب الإسرائيلية الثلاث التي شُنت على قطاع غزة، حيث تكبد الاحتلال خسائر مادية واقتصادية وعسكرية كان لها دور مؤثر في اضطرار "إسرائيل" إلى التفاوض لإيقاف هذه الحروب الثلاثة، وبدا تطور هذه الصواريخ واضحاً خلال هذه الفترة، خصوصاً بعد تطور مدياتها بشكل لافت، ودخول أعداد كبيرة من الإسرائيليين في مدى إصاباتها، ففي العدوان الإسرائيلي على غزة 2008-2009 وصل مدى هذه الصواريخ حتى مدينة بئر السبع التي تقع 40 كم من شرق القطاع، ودخل في دائرة التهديد نحو 750 ألف إسرائيلي.
أما في العدوان على غزة 14-21/11/2012، فقد وصل مدى هذه الصواريخ "M75" إلى مدينة هرتسيليا شمال تل أبيب، والتي تبعد 80 كم شمال قطاع غزة، وقصفت المقاومة القدس، وتل أبيب، بالإضافة إلى بئر السبع، وبات نحو خمسة ملايين إسرائيلي في مرمى هذه الصواريخ.
وفي العدوان على قطاع غزة 2014 فقد وصل مدى صواريخ المقاومة إلى 160 كم، صاروخ "R160"، حيث استطاعت الوصول إلى مدينتي حيفا والخضيرة اللتين تبعدان أكثر من 100 كم من قطاع غزة، وأصبح أكثر من ستة ملايين إسرائيلي في مرمى الصواريخ. وقد دخلت معظم المدن الرئيسية داخل الأراضي المحتلة في مرمى الصواريخ كتل أبيب، وحيفا، والقدس، وديمونا، والخضيرة، بالإضافة إلى مطار بن جوريون وعدد من المطارات والقواعد العسكرية.
ويسلط المؤلف في الجزء الأخير من الكتاب، الضوء على تتطور الصواريخ من حيث الكم والنوع والمدى خلال الـ 13 سنة الماضية. وهنا يشير إلى أن الإحصائيات الإسرائيلية حول أعداد الصواريخ الفلسطينية تميزت بوجود فوارق كبيرة، تدل إما عن إرباك داخل المؤسسة الإسرائيلية، وإما، وهو الأرجح، أنها تستخدم هذه الأرقام المتفاوتة خدمة لروايتها الرسمية للتضليل الإعلامي؛ بغية التغطية على حجم نتائج اعتداءاتها على الفلسطينيين حيناً بتضخيم الأرقام، أو الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية والتخفيف من الانتقادات الداخلية والاتهامات بالتقصير للمؤسسة العسكرية من خلال تقليل أعداد الصواريخ والتخفيف من نتائج أضرارها.
ونشر موقع صحيفة هآرتس، مقالاً لـ جدعون ليفي، جاء فيه أنه في سنة 2001 أُطلقت 4 صواريخ من غزة، وفي 2002 أُطلق 34 صاروخاً، وفي 2003 أطلق 155 صاروخاً، وفي 2004 أطلق 281 صاروخاً.
وبحسب تقرير للشاباك سجلت سنة 2005، سقوط 400 صاروخ فلسطيني على المستعمرات الإسرائيلية، مقابل سقوط 1,722 صاروخاً في سنة 2006، و1,263 صاروخاً في سنة 2007. بينما ذكرت معطيات وزارة الخارجية الإسرائيلية أن عدد الصواريخ سنة 2006 بلغ 861 صاروخاً، وأشار بيان قدمته "إسرائيل" إلى مجلس الأمن الدولي حول الأوضاع الراهنة في قطاع غزة وسديروت في 22/1/2008، إلى أن الفلسطينيين أطلقوا من قطاع غزة ما يزيد عن ألفي صاروخ في سنة 2007.
وفي 2008 أطلقت المقاومة 2,048 صاروخاً، و160 صاروخاً في 2009 باستثناء العدوان على غزة نهاية 2008 بداية 2009، أما في سنة 2010 فأطلقت المقاومة 150 صاروخاً، و676 صاروخاً في 2011، وفي 2012 أطلقت المقاومة نحو 1,731 صاروخاً، مقابل 55 صاروخاً ومقذوفة أطلقت في 2013. أما في سنة 2014 قال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 4,382 صاروخاً من غزة على إسرائيل خلال العدوان، لكن هناك تقديرات الأولية تشير إلى أن المقاومة أطلقت أكثر من 8 آلاف صاروخاً وقذيفة.
جدول: عدد الصواريخ التي أطلقت سنوياً من غزة تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 منذ 2001 إلى 2014:
السنة عدد الصواريخ 2001 4 2002 34 2003 155 2004 281 2005 400 2006 1,700 2007 1,263 2008 2,048 2009 160 2010 150 2011 676 صاروخاً وقذيفة 2012 نحو 1,731 2013 55 صاروخاً وقذيفة 2014 نحو 8 آلاف صاروخاً وقذيفة خلال عدوان 2014 كما يشير الكتاب في الختام إلى أنه إلى جانب تطور الصناعة الصاروخية الفلسطينية، طورت المقاومة من استراتيجيات وتكتيكات استخدام هذه الصواريخ؛ بحيث استعملت الأنفاق كمواقع لمنصات الإطلاق، مما قلل بشكل كبير من قدرة الطائرات الإسرائيلية من اكتشافها وقصفها. ولم تكن عمليات إطلاق الصواريخ نتيجة ردة فعل أو تسرّع، بل اتبعت تكتيكات واستراتيجيات وضعت مسبقاً، بحيث تم قصف الأهداف الإسرائيلية على مدى جميع الأيام خلال الحروب الثلاثة، مما أفقد العدو قدرة تقدير حجم المخزون الصاروخي للمقاومة، ومدى تأثر عمليات الإطلاق بالقصف الإسرائيلي، كما تم التركيز على الأهداف الأكثر أهمية كالمطارات والمدن الكبرى، بالإضافة إلى تكثيف استعمال قذائف الهاون والصواريخ قصيرة المدى في ضرب غلاف غزة والتي لا يمكن لمنظومة القبة الحديدة أن تسقطها.
وهذا الكتاب من الكتب والدراسات القليلة التي تعرضت لدراسة صواريخ المقاومة الفلسطينية بشكل شامل، وتتبعت تطورها منذ بدايتها وحتى صيف 2015. وهو يُعدُّ مرجعاً مهماً للمهتمين بهذا المجال، خصوصاً وأنه كتُب وفق أصول البحث العلمي ومناهجه، وتم توثيق معلوماته بشكل دقيق.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2015/10/19
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
الخطاب الصحفي الفلسطيني تجاه المقاومة الفلسطينية (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان الخطاب الصحفي الفلسطيني تجاه المقاومة الفلسطينية، من تأليف الأستاذ رامي محمود خريس.
والكتاب، الواقع في 136 صفحة من القطع المتوسط، هو في أصله رسالة نال بها المؤلف درجة الماجستير في الصحافة والإعلام من كلية الآداب في الجامعة الإسلامية في غزة سنة 2014.
وهذا الكتاب هو عبارة عن دراسة تحليلية وميدانية مقارنة، تهدف إلى رصد وتحليل الخطاب الصحفي الفلسطيني نحو قضية المقاومة الفلسطينية والوقوف على أطروحاته، ورصد الصفات والأدوار المنسوبة إلى القوى الفاعلة، والحجج والبراهين والأطر المرجعية التي يستند إليها منتجو الخطاب، والوقوف على أوجه الاتفاق والاختلاف بين خطاب صحيفتي فلسطين والحياة الجديدة، إضافة إلى معرفة أدوار ومواقف القائمين بالاتصال في صحيفتي الدراسة نحو قضية المقاومة الفلسطينية، والوقوف على أوجه الاتفاق والاختلاف بين القائمين بالاتصال في صحيفتي الدراسة.
معلومات النشر: - العنوان: الخطاب الصحفي الفلسطيني تجاه المقاومة الفلسطينية - تأليف: رامي محمود خريس - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت - عدد الصفحات: 136 صفحة - الطبعة الأولى: 2016 وتشتمل الدراسة على مقدمة وثلاثة فصول، الأول يتناول سمات خطاب صحيفتي الدراسة نحو المقاومة الفلسطينية، ويتضمن الفصل الثاني دراسة القائمين بالاتصال في صحيفتي الدراسة، في حين يشتمل الفصل الثالث على مناقشة النتائج العامة للدراسة والتوصيات، إضافة إلى مصادر ومراجع الدراسة.
استخدمت الدراسة المناهج الوصفية، كما استخدمت منهج تحليل الخطاب، ومنهج الدراسات المسحية، ومنهج دراسة العلاقات المتبادلة، الذي تمّ في إطاره توظيف أسلوب المقارنة المنهجية.
وتمّ جمع بيانات الدراسة من خلال أداتين، هما: استمارة تحليل الخطاب الصحفي وصحيفة الاستقصاء، وقد استخدم الباحث نظريتي "الأطر الإعلامية" و"القائم بالاتصال" في تحليل دراسته.
واختار الباحث صحيفة الحياة الجديدة وصحيفة فلسطين عينةً للدراسة. فالأولى صحيفة يومية قريبة من حركة فتح وتصدر من الضفة بشكل رسمي عن السلطة الفلسطينية، وصحيفة فلسطين يومية تصدر في غزة وقريبة من حركة حماس، كما جرى اختيار السنوات خلال الفترة 2007–2012 زمناً للدراسة؛ لأنها المدة التي شهدت الانقسام الفلسطيني، واشتد فيها التباين والخلاف في وجهات النظر بين الحركتين وانعكس أثره بشكل واضح على وسائل الإعلام المقربة منهما، كما تتناول دراسة القائم بالاتصال في الصحيفتين لمعرفة انعكاس التوجهات الأيديولوجية والسياسية على طبيعة الخطاب الصحفي المنتج، وجرى اختيار المقالات التي تناولت قضية المقاومة بطريقة العينة العمدية، وأعداد الصحف بطريقة العينة العشوائية المنتظمة بأسلوب الأسبوع الصناعي، واختيار القائمين بالاتصال بطريقة العينة العمدية، ووصل عدد الأعداد التي خضعت للدراسة إلى 427 عدداً من كل صحيفة، أي ما مجموعه 854 عدداً من صحيفتي فلسطين والحياة الجديدة.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 5/1/2016
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
النسوية الإسلامية ودورها في التنمية السياسية في فلسطين (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان النسوية الإسلامية ودورها في التنمية السياسية في فلسطين، من تأليف الأستاذة خلود رشاد المصري.
والكتاب، الواقع في 112 صفحة من القطع المتوسط، هو رسالة نالت بها المؤلفة درجة الماجستير في دراسات المرأة، بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس سنة 2014، وهو من الكتب العلمية القليلة التي تغطي ثغرة مهمة في الدراسات المتعلقة بالتيار الإسلامي النسوي الفلسطيني.
وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي، الذي تمّ من خلاله تحليل التطورات التاريخية التي رافقت الحركة النسوية منذ نشأتها وحتى الوقت الراهن، وذلك من خلال الاعتماد على الأدبيات التي عالجت موضوع الحركة النسوية، كما تم استخدام هذا المنهج في دراسة ظهور النسوية الإسلامية وتأثيراتها على مسار الحركة النسوية، والاستعانة بالمنهج الوصفي التحليلي كإجراء مطلوب لاستكمال الموضوع.
معلومات النشر: - العنوان: النسوية الإسلامية ودورها في التنمية السياسية في فلسطين - تأليف: خلود رشاد المصري - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت - عدد الصفحات: 112 صفحة - الطبعة الأولى: 2016 ويحتوي الكتاب على مقدمة وفصلين، حيث يتناول مفهوم النسوية في الغرب، نشأته وتياراته الفكرية، التي استندت عليها الحركات النسوية للدفاع عن المرأة والمطالبة بحقوقها الاجتماعية والسياسية، وذكر بعض التيارات كأمثلة، ثم صورة المرأة في الفكر الغربي من خلال الأصول الدينية والفلاسفة المفكرين في مراحل تاريخية مختلفة مرورا بعصر النهضة الأوروبية وواقع المرأة فيه.
ويناقش الكتاب مصطلح النسوية من خلال رؤية إسلامية، بالإضافة الى مفهوم النسوية الإسلامية، ونشأتها وجدلية تسميتها، وكذلك التأثيرات الغربية في المسمى، حيث المصطلح حديث ومعاصر وتحيط به جدلية كبيرة في الأوساط الإسلامية.
ويتطرق الكتاب الى النسوية الإسلامية في العالم العربي، وحراك الإسلاميات النشط في إثبات وجودهن في القرن الواحد والعشرين، والقفزات النوعية التي تمت في واقع الاسلاميات على الصعيد السياسي، وما تم بعد الربيع العربي من مشاركة الإسلاميات في الأنظمة السياسية الرسمية من خلال الانتخابات.
وخلص الكتاب، إلى أن النسوية الإسلامية الفلسطينية استطاعت أن تفرض وجودها في الساحة الفلسطينية والعمل المؤسسي، واستطاعت الدخول في النظام السياسي، وذلك تناغماً مع الحراك النسوي الإسلامي العام في الأقطار العربية.
وقد اختتم الكتاب بتوصيات عديد تدعو المرأة الى تحقيق المزيد من المكتسبات والنجاحات، متجاوزة التحديات الداخلية والخارجية، ومستعينة بكل السبل المتاحة.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 20/2/2016
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
النزاع على السيادة في فلسطين في ظلّ اتفاقيات أوسلو: المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو، المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً، من تأليف الأستاذ فرحان موسى حسين علقم.
والكتاب، الواقع في 214 صفحة من القطع المتوسط، هو رسالة نال بها المؤلف درجة الماجستير في برنامج الدراسات الإسرائيلية من معهد الدراسات الإقليمية بكلية الدراسات العليا، جامعة القدس سنة 2012.
تسعى هذه الدراسة لتوسيع فهمنا حول تأثير النزاع على السيادة في فلسطين في ظلّ اتفاقيات أوسلو، على المخزون المائي وعلى سياسة " إسرائيل" المائية في الضفة الغربية، والتعرف على إمكانية التصدي لهذه السياسة من خلال هذه الاتفاقيات.
معلومات النشر: - العنوان: النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو: المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً - تأليف: فرحان موسى حسين علقم - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت - عدد الصفحات: 214 صفحة - الطبعة الأولى: 2016 ويتضمن الكتاب خمسة فصول، تناولت الخصائص الجغرافية للضفة الغربية ومصادر المياه فيها، والمياه الفلسطينية في القوانين والمعاهدات الدولية، والهيمنة الإسرائيلية عليها بعد سنة 1967. واختتم الكتاب بجملة من النتائج والتوصيات التي تركزت حول مبدأ امتلاك الشعب الفلسطيني الحق الدائم في السيادة على أرضه، وأن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الرئيسي في حرمانه منها، بالإضافة إلى بعض الوثائق.
وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي لتتبع تطور سياسية "إسرائيل" المائية في منطقة الدراسة. إضافة إلى المنهج الوصفي والتحليلي لوصف وتحليل آثار اتفاقيات أوسلو على سياسية " إٍسرائيل" المائية، وذلك من خلال بحث في الكتب المنشورة، باللغتين العربية والإنجليزية، وإجراء مقابلات مع مسؤولين وخبراء ومستشارين في موضوع المياه.
لقد توصل الباحث إلى ان "إسرائيل" حرصت على إفراغ هذه الاتفاقيات من مضامينها وهذا ما توضحه الأرقام التي تشير إلى تراجع كميات المياه التي حصل عليها الفلسطينيون في سنة 2008 بقرابة 50 مليون م3 عما هو مقدر لهم في اتفاقيات أوسلو، حيث بلغ مجموع ما حصل عليه الفلسطينيون في سنة 2008 هو فقط 88 مليون م3 من المياه، في الوقت الذي ازداد فيه عدد السكان الفلسطينيين بنسبة 42.8% لم يرتفع المجموع العام لم حصل عليه الفلسطينيون إلا بمقدار 5.3%، وتراجعت صحة الفرد السنوية بنسبة 26.3%. وشهدت هذه الفترة تراجعاً في الإنتاج المحلي بنسبة 16.7% وزيادة في الاستيراد من "إسرائيل" بنسبة 98.6%.
يرى الباحث أن الأولوية الأولى تكمن في وضع حدّ لمعاناة الفلسطينيين في موضوع المياه، وذلك من ناحيتين، الأولى تمكين الفلسطينيين من ممارسة سيادتهم على أرضهم وعلى مواردهم الطبيعية، والموارد المائية تحديداً وفق قانون المياه الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تعنى بتنظيم الإدارة المشتركة للمياه المشتركة، أما الثانية فهي إيجاد حلً سريع لازمة المياه الفلسطينية من خلال زيادة الإنتاج من المياه الجوفية للسكان في الضفة الغربية، وإمداد قطاع غزة بما يلبي احتياجاتهم من المياه.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 7/3/2016
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
اليوميات الفلسطينية لسنة 2015 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب "اليوميات الفلسطينية لسنة 2015". وهو المجلد الثاني الذي يصدر عن المركز ضمن هذه السلسلة. ويقع هذا الكتاب في 518 صفحة من القطع الوسط. وهو من إعداد قسم الأرشيف والمعلومات في مركز الزيتونة، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح.
ويعرض الكتاب أبرز الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية خلال سنة 2015. وهو يوثق يومياتها، التي تعبّر عن طبيعة المرحلة، أو تعكس التحولات في المسارات السياسية، وتحديداً مواقف القوى الفاعلة فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً. ويقدّم الكتاب المعلومات والإحصائيات ذات الدلالة المتعلقة بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وتتضمن المعلومات فلسطينياً مختلف جوانب الأداء السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتعليمي وأداء المقاومة والوضع الداخلي…وغيرها.
معلومات النشر: - العنوان: اليوميات الفلسطينية لسنة 2015 - تحرير: د. محسن محمد صالح - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت - عدد الصفحات: 518 صفحة - الطبعة الأولى: 2016 – ISBN: 978-9953-572-48-2 كما يغطي الكتاب ما يتعلق بــ"إسرائيل" اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وعسكرياً، وما يتعلق بالاستيطان وبرامج التهويد والاعتداء على القدس والمقدسات؛ بالإضافة إلى تغطيته لمسار التسوية السلمية.
ويعدّ أحد أهم الملفات الدورية التي يصدرها مركز الزيتونة، معتمداً آلية دقيقة في اختيار الأخبار وفق أهميتها، ودورها في تشكيل خريطة الأحداث والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وتبرز أهمية الكتاب في إسهامه بإغناء المكتبة العربية بمرجع يخدم الباحثين والمهتمين بالدراسات الفلسطينية، فضلاً عن الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات الدراسات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
العملاء والجواسيس الفلسطينيون: عين إسرائيل الثالثة (النسخة الإلكترونية)
معلومات النشر: - العنوان: العملاء و الجواسيس الفلسطينيون: عين إسرائيل الثالثة - تأليف: أحمد حامد البيتاوي - عدد الصفحات: 200 صفحة - تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016 - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات - ISBN: 978-9953-572-57-4
عرض: حسن ابحيص.
صدر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب جديد بعنوان ”العملاء والجواسيس الفلسطينيون: عين إسرائيل الثالثة“، وهو يتناول محاولات الاحتلال الإسرائيلي لاختراق المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال زرع العملاء وتجنيدهم.
يُشكّل الكتاب محاولة جديدة لفهم إحدى أخطر الظواهر على النسيج الفلسطيني، على الصعيد الأمني والسياسي والاجتماعي، باعتبارها ما تزال أكثر أدوات الاحتلال فاعلية في الوصول للقيادات والكوادر السياسية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية، سواء بالاغتيال أم الاعتقال، وفي جمع المعلومات التي يعتمد عليها في حربه ضدّ الفلسطينيين، كانتزاع الاعترافات من الأسرى أو كشف عمليات المقاومة، أو حتى الحصول على التفاصيل الميدانية التي يحتاجها خلال أي عدوان أو عملية عسكرية.
وعلى الرغم من خطورة هذه الظاهرة، إلا أن عدد الدراسات التي تناولتها ما يزال محدوداً وقاصراً عن الإحاطة بها من مختلف جوانبها، ومن هنا تبرز أهمية هذه الدراسة، التي أعدها الباحث أحمد حامد البيتاوي، والتي هي في أصلها رسالة نال بها الكاتب شهادة الماجستير من جامعة النجاح الوطنية في نابلس.
يقع الكتاب في 192 صفحة من القطع المتوسط، ويضُم أربعة فصول، تبدأ بتقديم لمحة تاريخية موجزة عن الجواسيس الفلسطينيين والتجسس الإسرائيلي على الفلسطينيين زمن الاحتلال البريطاني، ثم تتناول أسباب التخابر لصالح الاحتلال الإسرائيلي ودوافعه، ووسائل تجنيد الجواسيس وتأهيلهم وكيفية التواصل معهم، مروراً بمناقشة المهام المتعددة التي ينفذها الجواسيس لصالح الاحتلال، وأشكال تعامل الفلسطينيين والإسرائيليين مع الجواسيس، وانتهاء بتقديم عدد من الاستنتاجات والتوصيات.
العملاء والجواسيس خلال الاحتلال البريطاني
حمل أول فصول الكتاب عنوان ”لمحة تاريخية عن الجاسوسية ومفهومها“، ولكن الكاتب في واقع الأمر استعرض فيه بإيجاز شديد ظهور الجواسيس الفلسطينيين خلال زمن الاحتلال البريطاني لفلسطين، مشيراً إلى أن إحدى أبرز مهامهم كانت تأجيج الخلافات والفتن بين العائلات الفلسطينية المتنافسة، وتشويه صورة الثوار، واغتيال قادة فصائل المقاومة، إلى جانب عملهم كسماسرة سهلوا تسريب الأراضي الفلسطينية للبريطانيين واليهود.
كما تناول الكاتب في هذا الفصل بداية النشاط التجسسي للصهاينة على الفلسطينيين خلال الاحتلال البريطاني، موضحاً أن هذا النشاط ركّز في تلك المرحلة على أمرين: المعلومات التي تمكّنهم من الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وجمع المعلومات عن المقاومين للمشروع الصهيوني.
فهم الدوافع والأسباب
يحاول الكاتب في ثاني فصول الكتاب الإحاطة بالأسباب والدوافع التي تؤدي بالشخص إلى العمالة والجاسوسية، وتساعد على استمرار هذه الظاهرة، مقسماً إياها إلى ثلاثة فئات أو عوامل رئيسية: أولها العوامل الاستعدادية أو الكامنة، التي ترتبط بخلفية الفرد ونشأته وعلاقته بوالديه وأقرانه. أما الفئة الثانية فتضم العوامل المهيئة أو المعززة، وهي موجودة في بيئة الفرد وتؤثر فيه، كالظروف المادية والأسرية ومعاملة العائلة للفرد. وآخرها فئة العوامل الضاغطة أو المعجّلة، وهي الضغوط المزمنة التي يتعرض لها الفرد وتتفاعل مع صفاته وسماته الداخلية.
ويُجمل الكاتب أبرز الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي قد تؤدي إلى وقوع الفرد في العمالة في 12 سبباً أساسياً، قد تتداخل فيما بينها، تبدأ بضعف الحصانة الذاتية للفرد، دينياً وأخلاقياً ووطنياً، مستشهداً في هذا السياق بكلام للرئيس السابق للشاباك، يعقوب بيري، يذكر فيه أن الوازع الديني لدى الشبان الفلسطينيين يُعدّ أحد أبرز العقبات التي تحول دون تجنيد العملاء. كما يُشير الكاتب في السياق نفسه إلى أن الفساد الأخلاقي هو أحد مداخل السقوط الأمني التي قد يستغلها الاحتلال لتجنيد العملاء.
ومن ضمن العوامل الفردية كذلك يتطرق الكاتب لدافع الحقد والانتقام الشخصي من المجتمع والأفراد كأحد أسباب الوقوع في العمالة، مُشيراً إلى أن هذا النوع هو من أخطر أنواع الجواسيس وأكثرهم عمقاً وعنفاً، ويتم تجنيده بسهولة، أو لربما يكون هو المبادر بطلب التعامل مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية. ويُحذّر الكاتب في هذا السياق من النتائج العكسية التي قد تنجم عن نظرة المجتمع السلبية لأهل الجاسوس وأقاربه، وتدفعهم للانتقام من المجتمع الذي عاقبهم على جريمة لم يقترفوها.
كما يُناقش دور ضعف الوعي الأمني لدى الفلسطينيين بصورة عامة، وهشاشة البناء التنظيمي للفصائل، الذي أدّى إلى إيجاد ثغرة تُتيح للاحتلال النفاذ عبرها، مشيراً إلى وجود عدد من المظاهر والسلوكيات السلبية التي تمارسها نسبة كبيرة من الأفراد نتيجة لضعف الوعي الأمني؛ أبرزها الثرثرة، والفضول، والتدخل في أمور الغير، والميل للتفاخر، وحبّ الظهور، والاستعراض، والمباهاة، والثقة المفرطة بالآخرين. أما على الصعيد الفصائلي، فتبرز إشكاليات انكشاف التنظيم والكوادر من خلال المهرجانات المختلفة، والانتخابات الداخلية العلنية، وسهولة الانضمام إليها دون انتقاء أو اختبار لخلفية المنتسبين الجدد، وهلامية الخلايا العسكرية وتشعبها، وكثرة أعداد عناصرها ومعرفة بعضهم البعض.
ثم يتناول العوامل الضاغطة التي يستغلها الاحتلال لمحاولة تجنيد العملاء عبر ابتزازهم أو إغرائهم، كانتشار الفقر والبطالة في صفوف الفلسطينيين، ولجوء الكثير منهم للعمل داخل المناطق المحتلة سنة 1948، وسيطرة الاحتلال على المعابر والحواجز، مقيداً بذلك حركة الفلسطينيين وسفرهم للتعليم أو العلاج أو العمل.
ومن بين الأسباب التي يستعرضها الكاتب كذلك أساليب التربية الخاطئة، التي قد تدفع الأبناء إلى ممارسات وسلوكيات خاطئة تُسهّل وقوعهم في شباك العمالة، وشبكة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تُعدّ تربة خصبة لإسقاط العملاء، والنشاطات التطبيعية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والدور الذي تمارسه بعض منظمات المجتمع المدني الممولة من الخارج، إلى جانب غياب العقوبات الرادعة والتراخي في التعامل مع العملاء والجواسيس.
كما يتوقف الكاتب عند ملف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال باعتباره أحد أسباب العمالة، لا سيّما وأن المعلومات التي تطلبها الاستخبارات الإسرائيلية من عملائها تُشبه كثيراً في طبيعتها المعلومات التي تحصل عليها من الأجهزة الأمنية للسلطة، وهو ما يُسهّل على عناصر الأمن السابقين في السلطة تمرير مثل هذه المعلومات، بعد أن تمّ أصلاً كسر الحاجز النفسي الذي يحول دون ذلك.
وسائل التجنيد والتواصل وعملية التأهيل
وفي الفصل الثاني نفسه، تستعرض الدراسة وسائل وأساليب تجنيد الاحتلال للجواسيس الفلسطينيين، مشيرة إلى تنوعها واختلافها بحسب تقييم شخصية المستهدف تجنيده، والذي يتم اختياره تبعاً لعدد من المعايير، كمدى قربه من المعلومات المطلوب الحصول عليها، ومدى ملاءمته لتأدية المهام المطلوبة منه، وإمكانية استجابته لمحاولة التجنيد بعد دراسة نقاط قوته وضعفه لمعرفة ”المفتاح“ المناسب للوصول إليه. كما يتم انتظار الوقت المناسب لبدء عملية التجنيد، التي تتسم عادة بالتدرج وطول النفَس.
وتُقسم الدراسة وسائل الاحتلال في التجنيد إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الإغراء، والابتزاز، والإقناع. وتشمل الوسائل الإغرائية تقديم المال، سواء على شكل راتب شهري ثابت أم مبلغ معيَّن يُدفع مقابل كل مهمة ينجح الجاسوس في تنفيذها، أم تقديم تسهيلات تعود على الشخص بمنفعة مالية، كمنحه تصريحاً للعمل داخل المناطق المحتلة سنة 1948، أم مساعدته في إقامة مشروع معيّن. ويمكن أن تشمل أيضاً لمّ شمل العائلة، أو تخفيف عقوبة السجن، أو الإفراج عن الأقارب، أو توفير العلاج، أو السفر، أو إكمال التعليم، وغيرها.
أما الوسائل الابتزازية فتتضمن في المقابل التهديد بالحرمان من أي من الأمور التي سبق ذكرها نفسها، ومساومة الشخص المستهدف عليها، مقابل الموافقة على العمل لصالح الاحتلال، الذي يستغل تحكمه بمختلف نواحي حياة الفلسطينيين كعامل ضغط وأداة رئيسية لابتزازهم. كما تتضمن الإسقاط الأخلاقي والتهديد بالفضيحة بعد تصوير الشخص المستهدف في أوضاع مخلة بالآداب.
وفي حين يتطلب اللجوء لأسلوب الإقناع جهداً أكبر ويبقى خياراً أقل استخداماً يُستبعد نجاحه مع الأشخاص الذين يملكون حساً وطنياً، إلا أن الجواسيس الذين يتم تجنيدهم بهذه الطريقة هم الأكثر ولاء للاحتلال، حيث أن دوافعهم تصبح مبنية على رغبة داخلية، كالانتقام من أشخاص محددين أو فئة معينة أو من المجتمع بكامله، وتصبح نظرتهم منسجمة مع منظور مُشغِّليهم للأصدقاء والأعداء.
كما تعرج الدراسة على عملية تأهيل الجاسوس وإعداده بعد تجنيده، سواء بهدف ضمان ولائه واستمراره، أم التثبت من مصداقية المعلومات التي يقدمها، أم بقصد إكسابه المهارات التي يحتاج إليها لأداء المهام الموكلة إليه، والتي قد تتضمن التدريب على مهارات الدفاع عن النفس أو استخدام السلاح أو أجهزة الاتصال، وغيرها. وتتطرق أيضاً لوسائل التواصل المباشر أو غير المباشر التي يتبعها الاحتلال عادة مع الجواسيس، وأماكن اللقاء بهم.
المهام
يستعرض الفصل الثالث من الكتاب المهام المتعددة التي ينفذها الجواسيس لصالح الاحتلال، وأبرزها المشاركة في اغتيال أو اعتقال ناشطي المقاومة وقادتها، سواء من خلال تتبعهم ومراقبتهم، أم زرع المتفجرات في سياراتهم أو هواتفهم، أم بوضع إشارات خاصة تميِّز مكان وجودهم أو وسائل تنقلهم وتمكن الاحتلال من استهدافهم، أم حتى المشاركة المباشرة في تنفيذ الاغتيال وإطلاق النار على الشخص المستهدف.
ومن أبرز مهام الجواسيس أيضاً محاولة اختراق فصائل المقاومة الفلسطينية، من خلال تجنيد الاحتلال لعناصر من داخلها، أو محاولة زرعهم فيها بعد تجنيدهم، وذلك بهدف الحصول على معلومات دقيقة وحساسة، عن التنظيم الداخلي مثلاً، وأسماء الأشخاص القياديين ومسؤولياتهم، ومواطن الضعف والقوة الداخلية، وآليات اتخاذ القرار، وكشف العمليات العسكرية لإحباطها قبل تنفيذها، وغيرها من المعلومات.
كما ينشط الجواسيس أيضاً داخل سجون الاحتلال بهدف تحصيل معلومات أو اعترافات من الأسرى الجدد عبر ما بات يُعرف بـ”غرف العصافير“، حيث يعمل الجاسوس على كسب ثقة الأسير واستدراجه بادعاء انتمائه للمقاومة، لينقل بعدها ما يحصل عليه من معلومات للمحققين الإسرائيليين.
وتُضاف إليها أيضاً مهمة شراء الأراضي والعقارات الفلسطينية وتسريبها للاحتلال، ومحاولة تعزيز الانقسام بين فئات المجتمع الفلسطيني وإثارة الفتنة بين عائلاته ومكوناته السياسية، ونشر الإشاعات، ونشر الفساد الأخلاقي والمخدرات، وتجنيد عملاء آخرين وإسقاطهم، وغيرها من المهام.
التعامل مع الجواسيس
تتناول الدراسة في فصلها الرابع أشكال تعامل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مع الجواسيس، مع التركيز على الطرف الأول. وهي تُشير في هذا السياق إلى أن أشكال تعامل الفلسطينيين مع الجواسيس تغيرت بتغير الوضع السياسي العام، حيث تزامنت المراحل التي شهدت تصعيداً في الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين مع ارتفاع في وتيرة ملاحقة الجواسيس، وخصوصاً في الانتفاضتين الأولى والثانية، والحروب على قطاع غزة في 2008 و2012 و2014.
أما أبرز أشكال التعامل التي تستعرضها الدراسة، فتشمل قتل الجواسيس والمتهمين بالتعامل مع الاحتلال على يد فصائل المقاومة أو إعدامهم على يد السلطة الفلسطينية، أو إيقاع الأذى الجسدي بحقهم، أو سجنهم، أو التشهير الإعلامي بهم من قبل الفصائل أو حتى من قبل عائلاتهم.
كما تتحدث في المقابل عن فتح باب التوبة أمامهم، والاستفادة منهم في أعمال المقاومة وتجنيدهم كجواسيس مزدوجين، والاعتذار ودفع الدية لمن ثبتت براءته منهم.
***
ويُحسب للكاتب تقديمه إحصائيات ورسماً للمسار الذي اتخذته أشكال تعامل الفلسطينيين مع الجواسيس منذ الانتفاضة الأولى من قبل الفصائل والسلطة، ومعالجته لهذا الموضوع من مختلف جوانبه، وإن بشكل موجز، حيث ناقش وجهات النظر المتعارضة إزاء هذا الموضوع وأبرز انعكاساته السلبية على تحقيق العدالة وعلى النسيج الاجتماعي في بعض الأحيان، وتكيّف الجهات المعنية لتلافي مثل هذه الانعكاسات.
وتنتقل الدراسة بعد ذلك لاستعراض كيفية تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الجواسيس، حيث يحرص بداية على عدم انكشافهم لضمان استمرار سير المهمة الموكلة إليهم واستمرار تدفق المعلومات، وقد يلجأ أحياناً لمطاردتهم أو اعتقالهم بهدف تلميع صورتهم وإبعاد الشبهات عنهم.
أما بعد انكشاف الجاسوس، فغالباً ما يتم التعامل معه بإهمال، وقد يتعمد الاحتلال ”حرقه“ أو تسهيل كشفه بطريقة غير مباشرة، وخصوصاً إذا لم تكن له أهمية كبيرة، ومن يُسمح له بالانتقال للعيش داخل الأراضي المحتلة سنة 1948، فإنه يواجه إكمال باقي حياته منبوذاً حتى لو نال الجنسية الإسرائيلية، حيث يلقى رفضاً من قبل المجتمع الإسرائيلي، ومن قبل فلسطينيي 1948، مع أن الإعلام الإسرائيلي وعدداً من الشخصيات السياسية يسعون من وقت لآخر لتسليط الضوء على قضيتهم والدعوة لتحسين أوضاعهم.
بصورة عامة، نجح الكتاب في تقديم توصيف لظاهرة الجواسيس الفلسطينيين من زوايا عدة، وفي التعامل مع إشكالية النقص في الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع والمصادر المتوفرة حوله، من خلال اللجوء للمقابلات المباشرة بصورة أساسية. ولكن قلة المصادر دفعت الكاتب أحياناً للجوء لمصادر قد لا تكون موثوقة تماماً من الناحية الأكاديمية على شبكة الإنترنت، وهو ما جعل المعلومات المستقاة منها بحاجة إلى تدقيق، وإن لم تؤثر في التقييم العام للدراسة ككل.
ويجب التنبيه أنه بالرغم من خطورة ظاهرة العمالة، وبالرغم من الجهود والمصاريف الهائلة التي ينفقها الإسرائيليون في تجنيد العملاء، فإنها تبقى ظاهرة شاذة في الإطار الفلسطيني، ويبقى العميل شخصاً منبوذاً مرفوضاً من بيئته الاجتماعية ومجتمعه الفلسطيني. وفي أحيان كثيرة كان يتم تصفية العملاء أو التخلص منهم كلما توفرت لدى الشعب الفلسطيني الأدوات المناسبة أو أجواء العمل المقاوم.
في الوقت نفسه، فإن الإضافة التي تقدمها هذه الدراسة تنحصر في إطار توصيف ظاهرة من أخطر الظواهر التي تفت في عضد المجتمع الفلسطيني وتؤذي قضيته الوطنية، وليس هذا عيباً في الدراسة بحد ذاتها باعتبارها حصرت نفسها أصلاً في الإطار الوصفي، ولكنه نقص يجب على الباحثين والكتاب في الشأن الفلسطيني النظر فيه بشكل جدي، باعتبار أن خطورة هذه الظاهرة واستمرارها لزمن طويل بات يستدعي الانتقال إلى البحث في الحلول وآليات معالجة الأسباب، والخوض بصورة أكبر في التحليل، وليس فقط مواجهة النتائج والتبعات.
الجزيرة.نت، الدوحة، 19/9/2016 مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/9/22
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية، من تأليف الدكتور عدنان عبد الرحمن أبو عامر.
يسلط الكتاب الضوء على التفاعل الأمني الإسرائيلي مع الثورات وحركات التغيير في المنطقة العربية، مستعيناً بمعظم ما صدر عن المنظومة الأمنية الإسرائيلية ومراكز البحث، من دراسات وتقييمات وتقديرات موقف، خصوصاً باللغة العبرية، حول الحراك العربي في شوارع العواصم المحيطة، متخذاً في ذلك المنهج العلمي التحليلي، وأحياناً المقارنات التي تقرب الصورة المطلوبة لواقع الأمن الإسرائيلي حسب ما تقتضيه الحاجة، فضلاً عن التعريف بأهم القادة والجنرالات من خلال إيراد سير ذاتية مختصرة لهم في هوامش الكتاب.
كما تناول الكتاب الإجراءات الأمنية التي اتبعتها ”إسرائيل“ لوقف النتائج السلبية لهذه الثورات على الواقع الإسرائيلي، والتنسيق الأمني الذي بادرت إليه مع حلفائها في المنطقة ودول العالم، لكبح جماح المد الثوري العربي.
معلومات النشر: - العنوان: منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية - تأليف: د. عدنان عبد الرحمن أبو عامر - عدد الصفحات: 198 صفحة - تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016 - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات - ISBN: 978-9953-572-58-1 وجاءت الدراسة في أربعة فصول حيث جاء الفصل الأول بعنوان ”التقييم الأمني الإسرائيلي لاندلاع الثورات العربية“، وتفرع إلى عدة مباحث تركزت في الواقع القائم للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، وأسباب الثورات العربية وسماتها، والمواقف الإسرائيلية من الثورات العربية، وموقع ”إسرائيل“ في سلوك ورؤية الثورات العربية.
وجاء الفصل الثاني بعنوان ”المتابعة الأمنية الإسرائيلية لبلدان الثورات العربية“، حيث تناول الثورة المصرية، والسورية، والتونسية، واليمنية، وصولاً لتأثير هذه الثورات على باقي البلدان العربية، لا سيّما الأردن والعراق والقضية الفلسطينية.
وتناول الفصل الثالث الذي جاء بعنوان ”التأثيرات الأمنية للثورات العربية على إسرائيل“، ما يتعلق بإسقاطات الثورات العربية على مستقبل اتفاقيات السلام بين العرب و”إسرائيل“، والعزلة الإقليمية، والمخاطر العسكرية، وصعود الإسلاميين، والمفاضلة بين الاستقرار الأمني والديموقراطية.
وجاء الفصل الرابع والأخير تحت عنوان ”الخطوات الإسرائيلية ضدّ الثورات العربية“، وتمحور حول الثورات المضادة، وغياب التوازن الاستراتيجي، والجهود الاستخبارية، والبيئة الإقليمية.
تخرج هذه الدراسة إلى الضوء بعد نحو ستة سنوات على اندلاع الثورات العربية، وسط حراك إسرائيلي متلاحق على مدار الساعة.
ويسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يوفر الفصل الثالث من هذا الكتاب للتحميل المجاني.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/9/29
عرض كتاب: منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية إعداد: خالد وليد محمود صدر مؤخرًا عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية، من تأليف الباحث الفلسطيني الدكتور عدنان أبو عامر. يسلط الضوء على التفاعل الأمني الإسرائيلي مع الثورات وحركات التغيير في المنطقة العربية في حوالي 198 صفحة من القطع المتوسط معتمدًا بشكل أساسي على كل ما صدر عن المنظومة الأمنية الإسرائيلية ومراكز البحث، من دراسات وتقييمات وتقديرات موقف، خاصة باللغة العبرية.
تأتي هذه الدراسة انطلاقاً من كون المنظومة الأمنية الإسرائيلية راقبت الثورات العربية، بعين الترقب والقلق، وسارعت لدراسة السيناريوهات المستقبلية، لشكل علاقاتها في مرحلة ما بعد الثورات مع محيطها العربي، خصوصاً مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية ومعاهدات سلام.
وتسلط الدراسة الضوء على التفاعل الأمني الإسرائيلي مع الثورات العربية، من خلال رصد الأجهزة الأمنية للحراك العربي في شوارع العواصم المحيطة، والإجراءات الأمنية المتلاحقة لوقف النتائج السلبية لهذه الثورات على الواقع الإسرائيلي، والتنسيق الأمني الذي بادرت إليه المنظومة الإسرائيلية مع الأنظمة العربية، وحلفائها حول العالم، لكبح جماح المد الثوري العربي.
انطلقت الدراسة من فرضية مفادها أن التغيرات العربية الشعبية التي انطلقت شرارتها من تونس، وانتقلت إلى مصر وليبيا، فاليمن وسوريا، ودول عربية أخرى، شكلت زلزالاً سياسياً، اهتزت لشدته كافة الدول الإقليمية والعالمية، نظراً للأثر الذي ستلعبه في رسم مستقبل المنطقة.
وجاء تخصيص الدراسة للتقييم الأمني الإسرائيلي، لأن "إسرائيل" من أهم الدول التي راقبت الأحداث في المنطقة العربية، بعين الترقب والقلق، وسارعت إلى دراسة السيناريوهات المستقبلية، لشكل علاقاتها في مرحلة ما بعد التغيرات مع محيطها العربي، خصوصاً مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية ومعاهدات سلام.
ما يلفت خلال تصفح الدراسة أن الأوساط الأمنية الإسرائيلية كانت تعلم مسبقاً أن جميع شروط قيام الثورات العربية موجودة منذ سنين كثيرة، لأن سنوات ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، شهدت سيطرة نظم مستبدة في مناطق كثيرة في العالم: شرق أوروبا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا.
انشغلت الدراسة بقراءة وتحليل جملة من السيناريوهات المتوقعة لمنطقة الشرق الأوسط في ظل الثورات العربية، ومن أهمها:
1- السيناريو الأول: نجاح الثورات والانتفاضات الشعبية في تحقيق تغييرات جذرية في المنطقة العربية، تؤدي لصعود قوى وطنية وإسلامية للقيادة، وبشكل يؤدي لقيام مشروع عربي إسلامي نهضوي جديد، يوفر فضاءً استراتيجياً، ويؤدي لتغيير في موازين القوى في المنطقة.
2- السيناريو الثاني: نجاح جزئي للثورات العربية، يؤدي لتحسين ظروف الحياة السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية، دون أنْ ينشغل بعملية الصراع مع "إسرائيل"، أو أنْ يسعى لتغيير موازين القوى في المنطقة، أو السماح للقوى المعادية لـ"إسرائيل" بالنمو لدرجة قد تجرّه للمواجهة العسكرية معها.
3- السيناريو الثالث: فشل الثورات العربية في تحقيق أهدافها، وعودة الأنظمة الفاسدة المستبدة لإنتاج نفسها من جديد بأثواب مختلفة.
4- السيناريو الرابع: حدوث آثار عكسية لا تؤدي فقط لفشل الثورات العربية في تحقيق أهدافها، وإنما نجاح القوى المضادة للثورة.
أخذت الدراسة بعين الاعتبار ما وضعته المنظومة الأمنية الإسرائيلية من نقاط الانطلاق المركزية ضمن محاور تفكيرها وتفسيرها لما يحصل حولها من ثورات واضطرابات، وتتمثل في:
1- توجهات البيئة العالمية: فالثورات ماضية في تحديد وجه المنطقة في السنوات المقبلة، ومن أهم تأثيراتها تذليل الحدود بين الدول كحاجز لنقل المعلومات والبشر والتكنولوجيا والثروات، مقابل استمرار مؤسسات دولية في لعب دور هام في المنظومة الدولية، لكن هناك اتجاه معاكساً لهذه الثورات تتمثل بصعود قوى محلية في دول سلطة الحكم فيها ضعيفة مثل: السلطة الفلسطينية، العراق، لبنان، أفغانستان، وهذه المناطق يمكن اعتبارها بمثابة "وسادة" لنمو الأطراف المعادية لـ"إسرائيل".
2- التوجهات في البيئة الإقليمية: سيستمر الصراع العربي الإسرائيلي في تصدر الأجندة الأمنية والسياسية في "إسرائيل" ودول المنطقة كـ"صراع قومي وديني وثقافي"، في صلبه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أما على المسار السوري واللبناني، فإنّ الثورات القائمة في المنطقة ستجعل بالضرورة نوعاً من الصعود والهبوط في المسار السياسي، في ظل أن غالبية الدول العربية أصبحت تقر وتسلم بقيام "إسرائيل"، دون استبعاد صعود في قوة القوى الممانعة للتسليم والاعتراف بوجودها.
3- التنظيمات الإسلامية المحلية والعالمية: التي شهدت تنامياً وتعاظماً في ظل الثورات العربية، ستستمر في تحديد "إسرائيل" كعدو يجب تدميره، وإن لم يحتل أولوية لديها، بسبب معاركها الداخلية.
هذه التطورات العربية، جعل الدراسة ترى دافعين هامين في تغير قراءة المنظومة الأمنية الإسرائيلية للواقع العربي، وهما:
أ- تغير طبيعة التهديدات الأمنية التي تحيط بإسرائيل، حيث تعاظم قوة التهديدات الإقليمية من جهة، ومن جهة أخرى تزايد الحاجة للدور الأمني والاستخباري لتولي مهمة معالجتها،
ب- المستجدات الميدانية على "البيئة الخارجية" التي تعمل فيها أجهزة الأمن الإسرائيلية.
هذه الدراسة تخرج إلى الضوء في وقت تدخل فيه الثورات العربية عامها الخامس، وسط حراك إسرائيلي متلاحق على مدار الساعة، وأرجو أن تكون إضافة نوعية حقيقية للمكتبة العربية، لاسيما في شقها الأمني الاستخباري، وهو الجانب المظلم لدى القارئ العربي، لأن الإسرائيليين ما زالوا يتكتمون عليه، رغم تسريبهم معلومة هنا، وخبر هناك، بصورة موجهة مدروسة.
تظهر الدراسة في فصولها اللاحقة أن التقييم الأمني الإسرائيلي للثورات العربية تلخص في أن ما بدا "ربيع عربي" انتهى إلى "شتاء إسلامي"، وهذه البداية فقط، فليس الحديث عن نشوء ثورة تؤدي لنموذج ليبرالي أو علماني أنجلو-أمريكي للديمقراطية؛ ولا تغيير غير عنيف، ولا "أثر الدومينو" السريع كما حدث شرق أوروبا، بل ظاهرة تُغير وجه الشرق الأوسط كله.
تخلص الدراسة إلى أن دراسة واقع التطورات العربية وأثرها على المنظومة الأمنية الإسرائيلية، يتعلق بأخذ "كرة الثلج" هذه، ورؤيتها تتعاظم رويداً رويداً، بحيث إذا ما تغيرت الأنظمة العربية المقربة من الغرب، وبالضرورة "إسرائيل"، فإن الموقف سيتغير على نحو جذري، ولن يكون بوسع تلك الأنظمة تجاهل مشاعر جماهيرها فيما يتصل بالعلاقة مع تل أبيب، وحتى الدول التي قد لا تتغير أنظمتها بالكامل لاعتبارات معينة، فإنها ستضطر لتغيير موقفها إيجابياً من القضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي.
المصدر: نون بوست 27/10/2016
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
”إسرائيل“ وحماس: جدلية التدافع والتواصل والتفاوض 1987-2014 (النسخة الإلكترونية)
صدر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب جديد بعنوان ””إسرائيل“ وحماس: جدلية التدافع والتواصل والتفاوض 1987-2014“، وهو يعالج موضوع الاتصالات والمفاوضات بين الطرفين من خلال تتبع جدلية المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، والمتعلقة في أغلب الأحيان إما بصفقات تبادل الأسرى، أو بالمفاوضات داخل السجون. وتنبع أهمية هذا الكتاب كونه يستقصي استراتيجيات وسياسات ”إسرائيل“ تجاه حماس بشكل عام، وبما يتعلق بالمفاوضات معها بشكل خاص.
يقع الكتاب في 148 صفحة من القطع المتوسط، يبدأ بمدخل تمهيدي موجز عن العوامل التي أسهمت في تبني حماس المنهج الثوري المقاوم، والمراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية حتى 14/6/2007. ويضُم الكتاب فصلين؛ يعالج الفصل الأول الاستراتيجية الأمنية والسياسية بالإضافة للسياسات التي اتبعتها ”إسرائيل“ في التعامل مع حماس، بينما يدور الفصل الثاني حول المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي جرت بين ”إسرائيل“ وحماس. بالإضافة إلى ملاحق تضم وثيقتين؛ الأولى نص وثيقة أحمد يوسف الذي يقدم اقتراح لإيجاد ظروف مناسبة لإنهاء الصراع، أما الثانية فهي نصّ اتفاق وقف إطلاق النار في حرب الجرف الصامد.
معلومات النشر: - العنوان: ”إسرائيل“ وحماس: جدلية التدافع والتواصل والتفاوض 1987-2014 - تأليف: أشرف عثمان بدر - عدد الصفحات: 148 صفحة - تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016 - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات - ISBN: 978-9953-572-59-8 واعتمد الكاتب في هذا الكتاب على المقابلة كأداة من أدوات البحث، وذلك لتحقيق عدة أهداف من أهمها الاطلاع على موقف ”إسرائيل“ من حماس والسياسات التي اتبعتها في التعامل معها، ومحاولة فهم موقف ”إسرائيل“ وحماس من التفاوض.
ومن أهم النتائج التي توصل لها هذا الكتاب أنه وبعد خوض ”إسرائيل“ عدة مواجهات عسكرية مع الفصائل الفلسطينية المقاومة، ومن ضمنها حماس خلصت لنتيجة مفادها، أنه لا يمكن تحقيق نصر كامل، لذلك اكتفت ”إسرائيل“ بتحقيق مفهوم النصر الكافي الذي يوفر فترة زمنية من الهدوء الأمني. كما وصلت الدراسة إلى أن السياسة الإسرائيلية تجاه حماس تتأثر بمتغيرين مهمين: أولهما توجه رئيس الحكومة الإسرائيلية السياسي، وثانيهما الأجواء السياسية الإقليمية، إلا أن الثابت كان رضا الحكومات الإسرائيلية عن حالة الانقسام التي يعيشها الشعب الفلسطيني وسعيها الدؤوب لترسيخ الانقسام.
كما خلص الكتاب إلى أن كلا الطرفين، ”إسرائيل“ وحماس، لا يرون أنه بالإمكان التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية لذلك التقت مصلحتهما في التوصل إلى اتفاقات آنية ذات طابع أمني مطلبي دون التوصل لحل سياسي، فـ”إسرائيل“ لا ترغب في ”التنازل“ عن أي شيء لصالح الفلسطينيين ولا يوجد ما يرغمها على ذلك، وحماس ترى أنه في ظلّ اختلال ميزان القوى لصالح ”إسرائيل“ فإنه من الأفضل للقضية الفلسطينية إبقاء الصراع مفتوحاً دون إنهائه، واللجوء لحلول مؤقتة تحت مظلة الهدنة ودون الاعتراف بحق ”إسرائيل“ في الوجود.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/12/15
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
حوارات في تاريخ الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة سنة 1948 مع الشيخ رائد صلاح (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب حوارات في تاريخ الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة سنة 1948 مع الشيخ رائد صلاح. من إعداد وائل خالد أبو هلال.
ويقع هذا الكتاب في 155 صفحة. ويسر مركز الزيتونة أن يوفر الفصل الأول من الكتاب (صفحة 15-91) للتحميل المجاني.
قراءة في كتاب: حوارات في تاريخ الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة سنة 1948 مع الشيخ رائد صلاح بقلم: ياسـر عـلي. للحركة الإسلامية في فلسطين، خصوصية تنطلق من سعي المشروع الصهيوني لعزل هذه المناطق عن محيطها العربي الإسلامي، وجهود الاحتلال الدؤوبة لتجهيل الفلسطينيين هناك، ومن ثمَّ محاولة تدجينهم إلى حدّ إجبارهم على الوقوف للنشيد الصهيوني، وبقائهم تحت الحكم العسكري نحو عشرين عاماً بعد النكبة سنة 1948، إلى حين حصول النكسة في سنة 1967، حيث انفتح الداخل على الضفة الغربية وقطاع غزة.
بعد ذلك، بدأ رجال الدعوة الإسلامية يأتون من غزة والضفة إلى أرض خصبة، لكنهم وجدوها بوراً تنتظر بذور "الصحوة" وريّها. وبدأت تنتشر الدعوة ببطء وفق تقادير وتوفيقات ربانية، حيث أكد الشيخ رائد صلاح في ثنايا هذه الحوارات وبأن التوكّل ورعاية الله كانت حاضرة، وأن الله يسّره لهذا العمل، حيث تواجد في المكان المناسب (أم الفحم) والزمان المناسب (زمن التكوين) "بدأت الأحداث تدفعنا، بقدر الله، نحو الواجهة والرمزية" (ص 61).
وغالباً ما تكون في تاريخ الحركات الإسلامية محطة التأسيس ومحطة التصحيح، حيث بعد نمو هذه الحركات تجد نفسها أمام أسئلة إجبارية في العمل العام والسياسي، لم تكن تواجهها في المساجد... كالاحتلال والمشاركة في مؤسساته والتعامل معها. والبعض سماها المحطات القطبية (نسبة لسيد قطب)، فواجهت الحركة الإسلامية في الداخل إشكاليات تختلف عن تلك التي واجهها أهل الضفة وغزة. فهؤلاء يحملون هويات إسرائيلية ويتعلمون في مدارس تابعة للاحتلال، ويسجلون أولادهم وعائلاتهم في دوائر الكيان الإسرائيلي الرسمية. بل كاد التجنيد في الجيش يكون عليهم إجبارياً.
ولهذا، بعد صعود الصحوة الإسلامية في فلسطين المحتلة سنة 1948، بدأت تواجه الأسئلة الوجودية، كالاعتراف بالاحتلال أولاً، والمشاركة بالانتخابات البلدية ثم البرلمانية، والتطبيع والإعلام، وسقف النضال وأساليبه، والخطوط الحمراء وغير ذلك. وهل المطلوب منهم أن تكون مواقفهم متطابقة مع أهل الضفة وغزة، أو الدول العربية؟ بالإضافة إلى العلاقة مع الحركة الإسلامية العالمية، والخصوصية المحلية.
ففي تاريخ كل حركة إسلامية انعطافة منهجية تربوية تنظيمية، إما أن تصحح المسار، وإما أن تنتهي إلى الذبول والفناء. انعطافة تتراوح بين الرخاء والعنف وما بينهما من انفتاح أو ارتهان، وصولاً إلى تصحيح المنهجية والعودة إلى الأصول.
ولا تخلو هذه الانعطافات من تأثيرات خارجية تفرضها البيئة السياسية، فتتأثر التيارات الداخلية سلباً أو إيجاباً بها، فتحاول التغيير.
هذا الكتاب: يأتي هذا الكتاب ليبحث من خلال الحوارات في هاتين المحطتين: التأسيس والتصحيح (أو ما سمّي بالانقسام). وهو مبني على مذكرات الشيخ رائد صلاح. وهي مذكرات وضع أسئلتها الكاتب الأستاذ وائل أبو هلال الذي اهتم بمحطتين رئيسيتين أراد تشريحهما للوصول إلى المعلومة الأصلية من المصدر. بعض هذه الحوارات سجلها بمسجلة، والباقي اعتمد على الكتابة وتدوين الملاحظات.
ودعم الكاتب هذه المذكرات بشهادتين: الأولى لنائب رئيس الحركة الإسلامية الشيخ كمال الخطيب، والثانية لرفيق درب الشيخ رائد صلاح، الشيخ هاشم عبد الرحمن. وتظهر أهمية الشهادتين، أن منهجيتهما وطريقة الكتابة فيهما مختلفة عن مذكرات الشيخ. فكانت شهادة الخطيب أكثر توثيقاً وتركيزاً تنظيمياً، بينما جاءت شهادة الشيخ هاشم سردية تفصيلية لا تخلو من اللطائف.
ثلاثتهم يبدأون كلامهم بالحديث عن الصحوة وتشكُّلها، وكيف أن كتاباً لمصطفى محمود شحذهم بالفكر المواجه للفكر الشيوعي المسيطر، أو كلمة من مديرِ مدرسةٍ صالحٍ، ألقت في روع تلاميذه الهمّة لتعلُّم الشريعة، وبدء رحلة الدعوة إلى الله.
في الإطار والشكل: من أراد أن يبحث في الكتاب عن الجانب الشخصي في حياة الشيخ صلاح سيخيب ظنه، بسبب تركيز الشيخ على الدعوة، وتجرده من البعد الشخصي في الحوارات؛ مما قد يُفقدنا الكثير من تجاربه. غير أن بعضها تسلل من خلال شهادة الشيخ هاشم عبد الرحمن.
فالكتاب إذاً، عن الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة سنة 1948 ويبدأ الذاكرة مع الشيخ من سنة 1973 (بدايات الصحوة، مع مجموعة "التائبين" التي جاءت على قَدَرٍ، من دون سبب أو وعي كافٍ بأساليب الدعوة السلمية) حتى سنة 2003 التي يتوقف عندها، من دون أي سبب سوى أن أسئلة الكاتب توقفت هنا، حيث إن هذا التاريخ هو بداية استقرار مسار الحركة الإسلامية، بعد مخاض التأسيس وهزّة الانشقاق.
وعلى الرغم من أن منهجية الكتاب بُنيت على الأحداث وليس السنوات، فإن الكتاب لم يتطرّق مثلاً لانتفاضة النفق سنة 1996، التي أطلقت شرارتها صور الشيخ رائد صلاح داخل أحد الأنفاق تحت المسجد الأقصى، ولم يأخذ المسجد الأقصى الحظ الذي يستحقه بمذكرات شخص يُلقّب "شيخ الأقصى". وسبب هذا يعود إلى تركيز مُعدّ الكتاب على جوانب محددة، متعلقة بالحركة الإسلامية في أرض 1948 ونشأتها ومسيرتها وبنائها الحركي والتربوي ودور المرأة فيها.
وسيلتفت القارئ باهتمام وإعجاب، في هذه الشهادة، إلى الموضوعية والتجرد لدى رجل دين حركي شعبي، يتكلم عن تاريخ عمله وإنجازاته، وهو أمر نادر بين العاملين في قيادة الجماهير وتحريكها.
في المضمون: تبدأ المذكرات عن البدايات والتجهيل ومحاولة الاحتلال مسخ صورة الدين، وندرة المصادر الدينية، و"مواجهة الشيوعية بلا سلاح"، وكيف أن أول الكتب كانت كتب الدكتور مصطفى محمود "القرآن: محاولة لفهم عصري" و"حوار مع صديقي الملحد"، بالإضافة لتفسير الجلالين. والتحدث عن أن المشايخ والفقهاء اعتزلوا الناس، بالرغم من أنهم رموا بذوراً لم يسقوها، وأن التاريخ الإسلامي في المناهج الإسرائيلية ركّز على معركتي صفّين والجمل ونكبة البرامكة، إلى أن بدأ يأتي معلمون من الضفة الغربية إلى مدارس الداخل يقدمون رؤى وتصورات مختلفة. فقد كانت النقطة الفارقة نكسة سنة 1967، حين أصبح التواصل مع الضفة وغزة ممكناً؛ وهو ما فتح المجال للدعوة الإسلامية للعمل في داخل أراضي 1948، وقد أدى ذلك أيضاً إلى وحدة الحركة الإسلامية في فلسطين من جديد، بعدما كانت غزة تابعة لمصر (وعومل الإسلاميون فيها كما عومل الإخوان المسلمون في مصر)، وكانت الضفة تابعة للأردن.
ثم جاءت ظاهرة "التائبين" وهم بضعة شباب انتقلوا فجأة من المقاهي إلى المساجد، وكانوا مخلصين من غير علم وفقه، وتسبب ذلك الانتقال العنيف ببعض المشاكل.
غير أن "صحوة" الشيخ رائد وزملائه بدأت من خلال أحداث متوالية، منها التيار الإسلامي الذي قاده الشيخ عبد الله نمر درويش وأصحابه، في بداية السبعينيات في كفرقاسم، وزيارات الدعاة والتجار من غزة والضفة، مثل زيارة الشيخ أحمد ياسين سنة 1977، وتوزيعه بعض الكتب على الحضور. وهنا بدأ الشيخ رائد وإخوانه يطَّلعون على كتب الإخوان المسلمين (حسن البنا، وسيد قطب، ومحمد قطب، ومحمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، وفتحي يكن، وغيرهم)، وبدأ التحول نحو الحركية.
ولعلّ المحطة الفاصلة في حياة الشيخ رائد صلاح، حين قرر دراسة الشريعة في الخليل، حيث درس الشريعة مع رفيق عمره الشيخ هاشم عبد الرحمن وعدد من زملائه، ثم تلاه فوج آخر فيه الشيخ كمال الخطيب. وهكذا أصبح العلم الشرعي والعمل الدعوي، الوعاء الذي يحتضن همتهم العالية ويهذبها ويوجهها.. فوجدوا ضالتهم فيه، فبدأ عملهم "بالتي هي أحسن" في أم الفحم من خلال العمل العام، فأنشأوا أعمالاً بدأت من الصفر؛ فنظموا صلاة التراويح في جماعة، وصلاة العيد في الساحات الرئيسية، والعقائق والصدقات والإصلاح، ثم كانت لجنة الزكاة التي بدأت بمساعدة المتعففين، وبناء عيادة طبية ليلية، وتطوَّرت بعد ذلك إلى مشفى كبير من أربعة أقسام طبية.
ثم أقاموا أول مهرجان كبير في ليلة القدر (27 رمضان)، ودعوا دعوة شعبية لشباب البلد ليسهموا في المهرجان، وجلبوا تجهيزاته من المدارس والمساجد، وكان لرئيس البلدية مصطفى الحاج داود دورٌ في دعمهم. وترافقت هذه المرحلة مع مشروع المكتبة الإسلامية، وكانت مرحلة تعميق القراءات الفكرية، والرد على الشبهات والفلسفة الغربية المادية الجدلية.
وكل هذا كان بدون بناء أو تأطير حركي تنظيمي لعملهم، فكان لا بدّ من القيام بهذه الخطوة التي أثمرت لاحقاً هذه الحركة، وتمّ اللقاء مع الشيخ عبد الله نمر درويش، وبدأ تشكيل النواة الأولى، إلا أن قضية "أسرة الجهاد" التي أدارها الشيخ درويش (تشكيل مسلح من قوامه ستين شاباً من فلسطينيي 1948)، واعتقال الشيخ درويش ومجموعة من الشباب بين سنتي 1980 و1983، شكّل الضربة الأولى، التي نهض منها الشباب؛ وبدأوا بالمنهجية التربوية في الحركة الإسلامية من خلال التواصل مع الحركة الإسلامية في الخليل. فبرز في سنة 1983 مصطلح الحركة الإسلامية، وكانت سنة 1984 هي سنة الإطار التنظيمي والمناطق الإدارية.
وعند خروج الشيخ درويش من السجن سنة 1983 بدأت الخلافات مع الشيخ درويش تكبر وتتشعب، حتى حدث الفصام سنة 1996 عندما تمّ ترتيب (كولسة) التصويت للمرة الثانية على المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية بعد فشله في المرة الأولى، وقد تناول الشيخ مسار العلاقة بين شطرَي الحركة، وترتيبها الزمني (وكذلك الشيخ كمال)، وفصّل الشيخ رائد (في صفحتي 49 و50) محاور الخلاف بين الشطرين، والتي تركزت في خمسة محاور، هي:
1. الإعلام الإسلامي ومجلة الصراط ومضامينها غير المتفق عليها. 2. مجال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 3. انتخابات الكنيست، ورغبة الشيخ درويش بالمشاركة. 4. القضايا الإسلامية العامة والمواقف السياسية والعلاقة بالآخر. 5. التصريحات الإعلامية الكثيرة في الإعلام العبري، والمواقف غير المنسجمة مع رؤية الحركة حسب رأي الشيخ رائد.
وأضاف الشيخ كمال الخطيب ثلاثة محاور أخرى للخلاف، هي: القناعات الشخصية للشيخ درويش التي تغيرت في السجن، والتواصل مع رموز المؤسسة الإسرائيلية، وعلاقته المباشرة مع حركة فتح.
وهناك سببان آخران ظهرا في ثنايا الحوار، وهما: العلاقة مع الحركة الإسلامية العالمية، والموقف من الانتفاضة المباركة (1987–1993)... حيث رأى الشيخ رائد وفريقه أنهم معنيون مباشرة بهاتين القضيتين، بينما كان الشيخ يركز على استقلالية الحركة ضمن العمل المحلي القطري.
بعد سنة 1996، حين انفجر الوضع بين جناحي الحركة الإسلامية، تمّ تقاسم المناطق بحسب اختيار المجالس الإدارية لتلك المناطق..، ثم تمّ تقاسم المؤسسات وتنازل جناح الشيخ رائد صلاح (الجناح الشمالي بعد تقسيم المناطق) عن المؤسسات الرئيسية لمصلحة جناح الشيخ عبد الله نمر درويش (الجناح الجنوبي).
والخلاصة من تفاصيل الأسباب، يوصل الكتاب فكرة أن الخلاف الحاصل بين الجناحين هو خلاف سياسي تنظيمي وليس خلافاً شرعياً، بدليل أن الشيخ رائد والشيخ كمال وافقا على نتيجة التصويت في البداية، وأرادا أن يباركا للشيخ درويش، لولا اكتشافهما أن التصويت الثاني كان أمراً "دُبّر بليل" حسبما ذكرا.
وعند الانفصال بدأ العمل للأقصى من الباب الواسع، فنظم الجناح الشمالي مهرجان "الأقصى في خطر" حضره نحو ثمانية آلاف شخص، وأخذ هذا المهرجان يتطور حتى وصل الحضور إلى 40–50 ألفاً. وهذا الرصيد كان قد سبقه نجاح الحركة الإسلامية في انتخابات أم الفحم، وفوز الشيخ رائد برئاسة هذه البلدية سنة 1989، وانفتاحه بعد ذلك على لجنة المتابعة العليا (لفلسطينيي 1948)، وتمثيله أم الفحم في المجالس المحلية. والانفتاح على العالم الخارجي في مشاركاته على رأس وفد من إخوانه بعدة مؤتمرات في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها. وفي هذا الانتقال إلى العالمية كان التواصل مع الحركة الإسلامية في العالم، والتضامن مع قضايا المسلمين في الخارج كالبوسنة والهرسك والمبعدين في مرج الزهور.
الشيخ رائد صلاح، لم يتحدث عن نفسه، ولكن "الشاب" الذي ذهب سنة 1978 ليتعلم الشريعة في الخليل ضمن عدد لا يتجاوز أصابع اليد من فلسطينيي 1948، أسّس في سنة 1990 كلية الدعوة والعلوم الإسلامية في أم الفحم، التي خرّجت مئات أئمة المساجد والدعاة والداعيات في المجتمع الفلسطيني، أي أنه أنشأ جيلاً جديداً متعلماً متفقهاً من منطقة تعرضت للتجهيل التام طوال سنِيّ الاحتلال.
وسيجد القارئ في شخصية الشيخ رائد دافعاً أساسياً وكبيراً لنجاح الحركة الإسلامية وانطلاقها بهذا الشكل. وكما وصفه الشيخ هاشم في شهادته عن تأسيس المؤسسات والمشاريع: "كان كثير الصمت والفكر معاً، ذو إبداع وهمّة عالية.. في كل لقاء كان يأتي باقتراحات جديدة وبناء مؤسسات جديدة. كان دائم التجديد ومتابعاً للقديم... كان يعمل ويتقدم... يبني المؤسسات بنفسه، ثم يسلمها لمن يرى فيهم الكفاءة والقدرة على حملها. ثم ينتقل إلى موقع جديد دون أن يهمل القديم".
بعد الانفصال، تمّ التركيز في الحركة —كما فصّل الشيخ كمال في شهادته— على البناء الداخلي، من خلال:
1. ترتيب البناء التنظيمي والمكاتب الإدارية. 2. إعادة صياغة المنهج التربوي. 3. بناء المؤسسات المرخّصة قانونياً، وفي أكثر من مجال: الدعوي، والخيري، والإعلامي، والنسائي. 4. ترتيب العلاقة مع مركّبات المجتمع العربي في الداخل.
في أهمية هذا الكتاب: يُعد هذا الكتاب الردّ الأول الذي يصدر عن الجناح الشمالي للحركة الإسلامية على تهمة الانشقاق، فلطالما تحفّظ الشيخ صلاح والجناح الشمالي عن الردّ على ما تعرّضوا له من هجوم إعلامي واستفزاز ومحاولات قانونية لجرّهم إلى المحاكم الإسرائيلية، وكانوا يتنازلون لصالح عدم كشف أوراق الحركة الإسلامية و"نشر الغسيل". فمنذ المقال الأول للشيخ درويش "لماذا انشق الإخوة؟" التزم الجناح الشمالي الصمت. وكانوا يصرّون على الصمت والعمل بدل الانشغال بالردود.
وعلى الرغم من أن الشيخ رائد صلاح يأمل من الجناح الجنوبي بقيادته الجديدة عهداً جديداً من التقارب والانسجام الذي بدأت خطواته (في أثناء إجراء هذه المقابلات سنة 2011)، إلا أن المتوقع أن يردّ الجناح الجنوبي على مضامين هذا الكتاب، وقد تحدث مساجلات جديدة، نتمنى أن تسودها أجواء الأخوة والمودة والتناصح، والسعي لبيان الحق، والتعامل مع الأخطاء وعلاجها بنفسٍ طيب ونقد بناء.
ويُعد هذا الكتاب بشهاداته التاريخية، من المصادر الأولية للمعلومة primary sources بشأن الحركة الإسلامية في فلسطين، وهو ما يجعله مرجعاً أساسياً للباحثين بهذا الشأن.
وقد ركز الكتاب على التفاصيل في جانبين مهمّين في تاريخ الحركة: التأسيس والبناء، والانشقاق والتصحيح. وغاص فيهما على حساب غيرهما من الجوانب، ربما لأنه أراد أن يتابع الخط العام لتاريخ الحركة الإسلامية، وهذا أمر مهم خصوصاً أن هذين الجانبين مجهولان نسبياً. ولعل كتباً أو دراسات أخرى تتناول باقي الجوانب.
وبشكل عام فقد نجح الكتاب في تناول جانب مهم في تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر، وتحديداً في تاريخ الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة 1948. كما تميزت الكتابة بالسلاسة والوضوح وحسن الترتيب.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 21/3/2018
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
الأصولية الدينية في الجيش الإسرائيلي (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب "الأصولية الدينية في الجيش الإسرائيلي: الأسباب والتداعيات على "الديموقراطية في إسرائيل" 1995-2014"، من تأليف قتيبة وليد غانم، وهو في أصله بحث نال به المؤلف درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية، برنامج الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس سنة 2015. ويقع هذا الكتاب في 160 صفحة من القطع الكبير.
يتغلغل المتدينون اليهود في الجيش الإسرائيلي، ويصلون إلى مناصب عليا، فما مدى تأثيرهم على صناعة القرار داخل "إسرائيل"؟ وما هي أسباب تعاظم هذا المد الأصولي الديني داخل الجيش ومؤسساته؟ وما هي نسبة وجودهم في مختلف الفئات والأسلحة؟ ومَنْ هو الذي يحتكِمُ إليه هؤلاء؟ هل يتّبعون حاخاماتهم؟ أم قرارات دولتهم؟ إجابات هذه الأسئلة وغيرها، بمنهجية تاريخية موثقة، وتحليلية علمية منظمة، يضعها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بين يدي القارئ في إصداره الجديد "الأصولية الدينية في الجيش الإسرائيلي".
وتنبع أهمية هذا الكتاب من أن مؤلفه غطى ثغرات في الدراسات السابقة التي بحثت في موضوع المتدينين في المجتمع الإسرائيلي، لكنها لم تتطرق إلى تأثير المد الأصولي الديني في الجيش على صناعة القرار في "إسرائيل" وعلى ما يُسمى "ديموقراطية إسرائيل"، ومدى التغيير الذي حدث في أيديولوجيته وعقيدته القتالية، إضافة إلى انعكاس ذلك على مستقبل الصراع مع الفلسطينيين والعرب.
توزع الكتاب على ستة فصول؛ وقد تناول الفصل الأول خلفية الدراسة وأهدافها، وإشكالياتها، والمنهجية التي اعتمدها المؤلف في كتابته.
بينما قدم الفصل الثاني المصطلحات ومفاهيمها المتعلقة في موضوع الجيش والدين والديموقراطية وعلاقتهم ببعضهم البعض.
وألقى الفصل الثالث الضوء على نشأة الجيش الإسرائيلي وبنيته، وتطوره، موضحاً هيكليته وكيف تتوزع ضمن ثلاث تشكيلات رئيسية: شعب هيئة الأركان العامة، وقيادات المناطق العسكرية، والأذرع العسكرية. كما تحدث عن سلّم الرُتب العسكرية فيه، وعملية الترقيات في صفوفه، وفصّل في شرحه عن وحدات النخبة التابعة له، منوهاً إلى تشدد الجيش في عدم الكشف عن عمل هذه الوحدات وهوية الأشخاص الذين يخدمون فيها. وبيّن المؤلف أبرز الشخصيات التي قادت هذه الوحدات وتخرجت منها وكان من بينهم رؤساء حكومات، ورؤساء أحزاب، وقيادات في الجيش، على سبيل المثال: بنيامين نتنياهو، إيهود باراك، وموشيه يعلون...
وتناول الفصل الرابع، التيارات الدينية في "إسرائيل"، وربط في تحليلاته بين مفهوم الصهيونية الدينية والحركات التي انبثقت عنها وتلك التابعة لها بالعقيدة والفكر والتطبيق، ونظرتها للجيش وللخدمة فيه، وولاء المرجعيات من مختلف التيارات للدولة، بالإضافة إلى كيفية مشاركتهم في مؤسسات هذه الدولة. ولم يغفل الكاتب عن التيارات الحريدية المعارضة للصهيونية، وقدم بحثاً مهماً حول طوائفهم المتعددة والأحزاب التي تشكلت من هؤلاء اليهود المتدينين، والانشقاقات بينهم سواء على صعيد الأحزاب أو على صعيد التعاون أو الانفصال عن الدولة. حيث تحدث عن نشأة كل طائفة وحزب، والأسس الدينية التي يستندون إليها، وعن الأسباب الدينية في معارضتهم للصهيونية، وعن إيمانهم في ارتباط الدولة في التوراة وإرادة الرب، أو مخالفتها، الأمر الذي يبني عليه قسمٌ منهم مقاطعة مؤسسات الدولة حتى التعليمية منها.
ويُفرد الباحث، في هذا الفصل بنداً خاصاً حول عوامل صعود التيار الديني وتراجع قوة تيار الصهيونية العلمانية، ويدعم استنتاجاته تلك، بأقوال مؤرخين إسرائيليين عن "تراجع السطوة السياسية - الثقافية الإسرائيلية العلمانية" في مقابل ظهور عدة مجتمعات وهويات شبه مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض. هذا بالإضافة إلى تسليطه الضوء على أوزان الأحزاب الدينية في دورات الكنيست المختلفة، والطرق الابتزازية التي مارسوها على الائتلافات الحكومية، ليتمكنوا من فرض القوانين التي يريدونها عبر الكنيست. ويختم الفصل بالحديث عن القضايا التي تثير التوتر بين المتدينين والعلمانيين، وتأثير ذلك على الحراك العام في الدولة، واحتكام الجمهور الديني إلى العنف في فرض قناعاته على الجمهور العلماني.
وأما الفصل الخامس فيتحدث فيه الكاتب عن مظاهر التغلغل الديني في الجيش الإسرائيلي، واضعاً بين يدي القارئ شرحاً حول خطر الأصولية اليهودية كفكر تطرفي متعصب، نابع من الخرافات والأساطير التي ينسبونها للتوارة، منوهاً إلى أن الخطر الأكبر من ظاهرة التطرف الديني يكمن في اختراقات التيارات المتعصبة للمؤسسة العسكرية. ويعرِّج الكتاب على تاريخ النزاع على الخدمة العسكرية بين المتدينين والعلمانيين، مشيراً إلى تراجع حافز الخدمة لدى الشباب العلماني حيث وصلت إلى 48% بعد أن كانت 60%، في الوقت الذي زاد فيه الحافز عند الشباب الديني القومي إلى 68%، وتراجع لدى أبناء الكيبوتسات إلى 29%. وقد كان أتباع التيار الديني في مطلع الثمانينيات يشكلون 2% فقط من ضباط الوحدات القتالية، وأصبحوا الآن يشكلون 35-40% من ضباط ألوية الصفوة والوحدات القتالية، هذا فضلاً عن احتكارهم للخدمة فيما يعرف بسرايا النخبة إذ يشكلون 60% من القادة والمنتسبين للواء جفعاتي، على سبيل المثال. ويزودُ الكتاب القارئ بجداول عن نسبة الخريجين من المقاتلين المتدينين، ويظهر فيها بوضوح تصاعد المد الديني داخل الجيش في مختلف المجالات، وقد تغير الجيش خلال العشرين سنة التي تلت مقتل إسحق رابين سنة 1995، في ظلّ ارتفاع نسبة المتدربين في أكاديميات الجيش الدينية خلال الفترة ذاتها، بنحو 250%.
وقد حمل هذا الفصل أيضاً شرحاً عن أسباب التحاق المتدينين في الجيش، ومرجعياتهم ومدى انصياعهم للقرار السياسي، وعن تجنيد الحريديم، والأكاديميات الدينية وتطور أعداد منتسبيها.
ويكمل الكتاب في الفصل السادس والأخير عرض تأثيرات الأصولية الدينية على مستقبل "الديموقراطية" في "إسرائيل"، ونتائج ازدياد مشاركة الجيش في عملية صناعة القرار، إضافة إلى ازدياد مقترحات التشريعات العنصرية وغير الديموقراطية التي يتم طرحها في الكنيست. ومدى أثر ذلك على الاستقرار الداخلي، وعلى وحدة الجيش نفسه. ويستخلص من ذلك كله، الأثر الذي تلقيه سيطرة المد الديني على الجيش على مستقبل الحروب مع الفلسطينيين، ومستقبل الصراع العربي – الإسرائيلي، حيث تلعب النخبة العسكرية دوراً مهماً في صنع القرارات السياسية.
ويخلص الكاتب في نهاية الكتاب إلى عدة توصيات أهمها؛ أن على صانع القرار الفلسطيني إدراك حقيقة التحول في سياسة "إسرائيل" (دولة وجيشاً) نحو كل مناحي الصراع، لذا عليه التخلي عن السعي نحو الحلول السلمية، لانعدام جدواها، وأن على القيادة الفلسطينية اتخاذ القرارات الحاسمة ضدّ أي تحرك عسكري إسرائيلي. كما يوصي الكاتب مراكز الأبحاث والدراسات الفلسطينية، بتوفير المراجع والأبحاث العبرية والأجنبية وترجمتها.
ويسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يوفر الفصل الخامس من هذا الكتاب للتحميل المجاني.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 12/2/2018
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
الجماعة الإسلامية في لبنان 1975-2000 (النسخة الإلكترونية)
يقع الكتاب في 382 صفحة من القطع المتوسط، يبدأ بتقديم للأمين العام السابق للجماعة الأستاذ إبراهيم المصري. ويضُم الكتاب أربعة فصول بالإضافة إلى مقدمة وتمهيد؛ عالجت التطور التنظيمي والانتشار الدعوي، والأداء السياسي والجهادي، والعمل التخصصي للجماعة الإسلامية. بالإضافة إلى قائمة تعريفية بالشخصيات التي تمّ إجراء مقابلات معها، وملحقي صور ووثائق تغطي المرحلة التي أرّخها الكتاب.
واعتمد هذا الكتاب بشكل كبير على التاريخ الشفوي، بالإضافة إلى الوثائق المتوفرة، والمعلومات المنشورة، حيث أجريت مقابلات مع أكثر من ستين شخصية من رموز الجماعة وقادتها وكوادرها الفاعلة، والذين عايشوا معظم الأحداث والمواقف التي تحتاج إلى توثيق.
عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات يوم الخميس في 9/2/2017، ندوة لمناقشة الكتاب الذي أصدره المركز بعنوان ”الجماعة الإسلامية في لبنان: 1975-2000“، في فندق رمادا بلازا في بيروت.
وقد شارك في الندوة كل من الأمين العام للجماعة الإسلامية الأستاذ عزام الأيوبي، والمؤرخ الدكتور حسان حلاق، والأستاذ الدكتور رامز طنبور، عميد كلية الإعلام في جامعة الجنان، والأستاذ إبراهيم المصري الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية. وحضر الندوة ثلةٌ من قيادات الجماعة ورموزها وحشد من المثقفين والإعلاميين والمهتمين.
في بداية الندوة، ألقى الدكتور محسن محمد صالح، المدير العام لمركز الزيتونة، كلمة الافتتاح، حيث رحّب بالحضور، واستعرض محتوى الكتاب، وقال إن الدراسة استغرق إعدادها ستّ سنوات، واعتمدت على الوثائق والكتب والدراسات المنشورة، وكذلك على التاريخ الشفوي من خلال المقابلات التي أجريت مع شخصيات كانوا جزءاً من الأحداث، وقد تمّ اعتماد الدقة، والمهنية، والموضوعية، والتحقيق العلمي.
وتحدث الأمين العام للجماعة الإسلامية الأستاذ عزام الأيوبي، فشكر مركز الزيتونة والباحثين الذين أسهموا في إعداد هذا الكتاب، وقال إن الجماعة ليست ملكاً للجماعة فقط بل هي ملكٌ للأمة كلها، لذلك فإن تاريخ الجماعة لا يجب أن يبقى حبيس الأدراج، بل ينبغي أن يكون بإمكان كل فرد أن يطّلع عليه ليأخذ العبر والدروس والمنهج، ليكون منارة ومساراً لكافة البشرية، ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب العلمي.
ثم كانت مداخلة للباحثة الأستاذة رنا سعادة، التي شاركت في إعداد الكتاب، متحدثةً عن محورين تناولهما الكتاب؛ الأول: التطور التنظيمي والانتشار الدعوي، والثاني: الأداء السياسي، مشيرةً إلى أن المرحلة التي غطّاها الكتاب، أي 2000-1975، شهدت فيها الجماعة الإسلامية تطوراً تنظيمياً وانتشاراً دعوياً لافتاً في جميع أنحاء لبنان؛ أما بالنسبة للهيكليّة، إذ فلم يكن توصيف الهيكلية التنظيمية ثابتاً حينها وكذلك هيكلية المكاتب الإدارية، فقد اتسمت بالتفاوت تبعاً لواقع المنطقة التي تديرها واحتياجاتها. وأضافت سعادة أنه وبالرغم من ذلك، فقد تميزت الفترة بتقنين العمل التنظيمي من خلال مجموعة من اللوائح الداخلية، كما تميّزت بتشكيل ثلاثة مكاتب مركزية إضافية، وهي: المكتب السياسي، ومكتب المغتربين، وهو لرعاية شؤون المغتربين، ومكتب فلسطين الذي كان نواةً فيما بعد لإنشاء تنظيم مستقل للإخوان الفلسطينيين في الساحة اللبنانية.
وتحدثت سعادة عن السمات التنظيمية اللافتة لتلك الفترة، وذكرت منها تداول القيادات لمراكز القرار، ومثال ذلك منصب الأمين العام الذي مرّ عليه في تلك الحقبة الدكتور فتحي يكن والشيخ فيصل مولوي رحمهما الله. هذا، وقد كان لافتاً توسّع انتشار الجماعة في عدد من المناطق اللبنانية، كعكار، وإقليم الخروب، والبقاع، وكذلك في أكثر المخيمات الفلسطينية.
أما بالنسبة للأداء السياسي، فلقد عاشت الجماعة الإسلامية في تلك الفترة العديد من التقلّبات السياسية والعسكريّة كغيرها من الفرقاء اللبنانيين؛ مثل الحرب اللبنانية، والاجتياح الإسرائيلي، والوجود السوري. كما خاضت في التسعينيات الانتخابات النيابية والبلدية.
ثم تحدثت الباحثة الأستاذة فاطمة عيتاني، والتي شاركت أيضاً في إعداد الكتاب، عن محوريّ العمل المقاوم والعمل المؤسساتي اللذين مارستهما الجماعة، واستطاعت الجماعة أن تترك علامةً فارقة خصوصاً في البيئة الإسلامية، خلال المرحلة التي تناولها الكتاب، حيث كانت سبّاقةً إلى العمل الجهادي المقاوم.
ثم تناولت العمل المؤسساتي والتخصصي في الجماعة الإسلامية، وأشارت إلى أن تلك الفترة، أي 1975-2000، شهدت تطوّر العمل المؤسسي للجماعة؛ حيث أطلقت الجماعة عدداً من المؤسسات والجمعيات التي قدمت للمواطن اللبناني بشكل عام الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية.
ثم كانت مداخلة للدكتور حسان حلاق، فقال إنه شرفٌ له أن يتحدث عن هذا الكتاب، ومن الأهميّة القول إن تكوين فكرة عن إسهامات وأعمال وفكر الجماعة الإسلامية في لبنان، لا يمكن أن يتكامل إلا من خلال الاطلاع على الجزء الأول والثاني من الكتاب. وأن الباحثين والباحثات قد استطاعوا التوثيق للجماعة الإسلامية في مرحلة هي من أخطر المراحل التاريخية والمفصلية التي مرّ بها لبنان، لا سيما بعد تقاطع الصراعات والمصالح اللبنانية والعربية والإقليمية والدولية في تلك الفترة (1975-2000)؛ فلم تكن الجماعة الإسلامية في هذه الفترة شاهدةً على العصر فحسب، بل كان لها دور فاعل، وشاركت في وضع الحلول السياسية للقضية اللبنانية بداية مع الصراع الداخلي بين اللبنانيين في 13 نيسان/ أبريل سنة 1975، مروراً بالاجتياح الإسرائيلي سنة 1982، واتفاق 17 أيار/ مايو 1982 بين لبنان والكيان الإسرائيلي، ومن ثَمّ اتفاق الطائف 1989.
وأضاف الدكتور حلاّق أن الكتاب كشف له بعض الأسرار عن مسيرة الجماعة، ولا سيّما المجال العسكري والتسلّح والعلاقة مع القوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية، وكذلك دورها في تحرير صيدا. واختتم كلمته بأن الكتاب هو كتاب وثائقيّ، يسلّط الضوء على حقبةٍ مهمةٍ من تاريخ الجماعة ولبنان وفلسطين والمنطقة العربية، وفيه إثراء للمكتبة العربية، وهو جدير بالقراءة.
ثم تحدث الأستاذ الدكتور رامز طنبور وتوجّه بالشكر لمركز الزيتونة والباحثين الذين شاركوا في إعداد الكتاب، وقال إن الكتاب يمتاز بطابعه الموضوعي والمنهجي، حيث لم يدخل في التحليلات، ورأى أن الوثائق والمعلومات أتت متطابقة إلى حدّ كبير، ربما بعض الوثائق والمراجع غابت، لكن ما ورد فيه من معلومات هي صحيحة ودقيقة إلى حدٍّ كبير. وأضاف أن الجماعة ظهرت في الكتاب بشموليتها الجغرافية وبنشاطها المتعدد الذي قلما نشهده عند باقي الحركات والجمعيات.
وكانت مداخلة للأستاذ إبراهيم المصري، الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية، حيث حثَّ من خلالها على قراءة الجزأين الأول والثاني من الكتاب، وقال إن الكتاب ذو قيمة علمية تاريخية كبيرة، بالرغم من أنه لم يستطع تغطية عمل جميع الإخوان الذي عملوا في الجماعة. حيث ركز الكتاب على العمل السياسي والإعلامي والعسكري، وبقيت الساحة التربوية بعيدة عن الأضواء فسقطت أسماء كثيرة. كما قدّم المصري الشكر لمركز الزيتونة على المجهود المبذول في إعداد الكتاب.
قراءة في كتاب: الجماعة الإسلامية في لبنان 1975-2000 ... بقلم: د. محمد خير علي فرج.
لا شكّ أن صفحات الحياة الإنسانية بقِيَمها العليا هي المُكوِّن الأساسي لأي كتاب وخصوصاً ذاك الذي يحاكي نبض الإسلام والمسلمين، في وقت تُشوَّه فيه صورة الأديان وخصوصاً الإسلام تحت شعار ”الإرهاب“. ولذا شعرت بثقل المسؤولية على كاهلي لمَّا شرَّفني مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بقراءة علمية لإصداره الثَّري عن الجماعة الإسلامية في لبنان.
لكنني نشطت من عقال لما قرأت عن صفحة حياة الجماعة في كتاب سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشهيد حسن خالد: ”بأنها مصدر غنى للوطن“، مما جعلني أقرأها بعين الموضوعية العلمية، شاكراً أسرة التحرير التي انسجمت مع مفهوم الجماعة فعملت كفريق عمل متجانس، فقسموا الكتاب إلى أربعة فصول: التنظيم والدعوة، والأداء السياسي، والمقاومة، والمؤسسات، ثم ذيلوه: بخاتمة، وتعريف بشخصيات معلومات الكتاب، وملاحق للصور والوثائق. فجمعت حبات عقدها الحضاري المنثور على مدى 25 عاماً في الفترة ما بين عامي 1975-2000 في صفحات كتاب الجماعة التي بلغت 382 صفحة؛ وذلك وفق الآتي:
الدعوة والتنظيم: برز في هذا الكتاب بداية عوامل النشوء، وما رافقها من معوِّقات، بطَّأت من الحضور العَلَني للجماعة على المستوى التنظيمي والدعوي، وتزامن معها محفزات أسهمت في إضفاء مناخ حاضن للفكر الإسلامي الحركي. فكان من المعوقات الوجود السوري الأمني الضاغط على الساحة الإسلامية؛ رافقه الاستفادة من حلفائه المحسوبين على تيارات إسلامية، والتي تمثلت بالأحباش الذين كفّروا عدداً من رموز المجتمع الإسلامي، بالإضافة إلى افتعالهم المشاكل في عدد من المساجد مقدمة لمنع أي نشاط فيها. كما كان للمد اليساري الحاضر في كل المحافظات والبلدات الدور المهم في مواجهة الحضور الإسلامي الناشئ عبر الشباب الواعد؛ وهذا كان له تأثيره على مستوى الساحتين اللبنانية والمخيمات الفلسطينية.
إلا أن حصر فكر الجماعة في الإطار الدعوي كان من المعوقات الأساسية في تأخير حضورها التنظيمي والسياسي، أي أنها حركة دعوية لا حزبية. والحقيقة أن الدعوة من غير تنظيم لخطواتها لا تكتب لها الحياة.
أما المحفزات التي أمَّنت المناخ الحاضن فهي دور العلماء والشيوخ الذين تربوا على مائدة الفكر الحركي لاستنهاض المجتمع والأمة، إضافة لحسن التعاون بين الجماعة والأوقاف الإسلامية في بناء المساجد ورعايتها، وخصوصاً ذاك التواصل المستمر مع رموز العلماء والقادة الفاعلين: كصبحي الصالح، ومحمد كنعان، وزكريا غندور، وبعض رموز المبعدين إلى مرج الزهور، والعالم الدمشقي زهير الشاويش، والمفتي الميس، وسيد عسكر، أحد علماء بعثة الأزهر الشريف، والمفتي محمد سليم جلال الدين، وقاسم الشماع الرفاعي، ومحمد رشيد ميقاتي، وسعيد شعبان. على أن التنوع الإسلامي مصدر قوة وفق شمولية الإسلام. وهنا يحضرني الدكتور الحصيف مدير عام الأوقاف الإسلامية في لبنان مروان قباني، الراعي المباشر لأي عمل إسلامي، الذي يُقدم همَّ الدعوة على أي حسابات إدارية أو ذاتية أو محلية.
المرجعية الدينية: والأهم من ذلك التكامل مع دور دار الفتوى كممثلة لرمزية السلطة الإسلامية؛ فكان الدعم الواضح من المفتي الشهيد حسن خالد ومن مفتي جبل لبنان د. محمد علي الجوزو لأبناء الجماعة في القضايا الإسلامية الكبرى. وبرز من خلالهما التعاون في العمل الطلابي لجهة العناية بالتدريس الديني في المدارس الرسمية والخاصة، بالإضافة إلى ازدهار بناء المساجد ورعايتها دعوياً خصوصاً في قرى وبلدات الإقليم.
التكفير: ولفت نظري وسطية الجماعة تجاه من يخالف جوهر مشروعها أنها لم تخرجه من دائرة الإسلام، كما لم تخلع عنه رداء الصفة الحركية، فصنَّف الكتاب ”الأحباش“ ضمن بعض الجماعات الإسلامية. والمهم أنهم المجموعة الوحيدة التي أنهت الجماعة العلاقة معهم لعدم وجود مساحة مشتركة بالحوار بسبب تكفيرهم للعديد من رموز الشارع الإسلامي، ولتسببهم باعتقال رموز وقادة، ومن محاولة إلصاق تهمة ”الإرهاب“ بالجماعة. وعلى الرغم من قطع العلاقة معهم، فقد نسق المجاهدون أيضاً مع الأحباش على مواقع المحاور في بيروت العاصمة.
الطائفية: بدا أن البعد الطائفي هو أحد مرتكزات الأزمة اللبنانية مع القضية الفلسطينية، والهدف إسقاط لبنان بلد الحريات كمنبر إعلامي. فعمل الانتداب الفرنسي على جمع السلطة بمفاصلها السياسية والأمنية والمالية بالمارونية المسيحية بناء على إحصاء جائر سنة 1932؛ أكد فيه الفرنسيون أكثرية الطائفة المسيحية. فسلطت الجماعة الضوء على تعديل الدستور كحل مبدئي للبناء الوطني.
بددت الجماعة صورة المسلم الطائفي والإرهابي بحمايتها لمن تبقى من المسيحيين في شرق صيدا. وتجلت مرونة الفكر الإسلامي في قبول فكرة الائتلاف مع غير المسلمين في انتخابات بلدية بيروت، وكان قبول مرشحها على اللائحة المشتركة لتأكيد مشروعية المشاركة تجاه المشروع الإسلامي. وعلى الرغم من فوز رابطة الطلاب المسلمين لسنوات متتالية بكامل مقاعد المجلس الطلابي، لم يمنعها إعطاء المسيحيين غير الانعزاليين بعض المقاعد.
المقاومة والعمل الجهادي: اتسم العمل الجهادي لدى الجماعة بصفة الدفاع عن مناطق التوتر الداخلي في الشمال بسبب الكتائب الذين وصفوا بالانعزاليين.
ارتكاب القوى الانعزالية مجازر مروعة خصوصاً بالفلسطينيين بعد مقتل بشير الجميل تمثلت بصبرا وشاتيلا، جعل الجماعة تتنازع وجهتي نظر في العمل المقاوم بين العمل النظامي كالجيش وبين أن المقاومة باتت واجباً شرعياً وسياسياً. فتعاونت الجماعة مع حزب الله في التصدي للقوات الانعزالية. كما نجحت الجماعة في إغاثة المخيمات إنسانياً في أثناء حصار حركة أمل لها.
اتسم دور المقاتلين بالانضباط بأخلاقية الحرب وفق قيم الإسلام، فلم يقصفوا مثلاً جنازة أحد اللحديين على الرغم من احتشاد العسكريين بكثرةٍ قرب الكنيسة، خصوصاً وأن عملاء الصهاينة قد انحصروا في القوى الانعزالية.
وتعاونت الجماعة مع الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يمتلك الأسلحة الثقيلة والفعّالة خصوصاً على محور برجا وتلالها المشرفة على ”الجيّة“ حيث منطقة العملاء؛ فنفذت دوريات بشكل استطلاع مع كمائن في عمق مناطقهم.
المذهبية: ألغت الجماعة الذهنية المذهبية بتعاطيها مع حزب الله؛ وإيران المرجعية، ولم تدخل بالصراع الدامي بين الحزب والحركة. بل شكلت حماية أمنية لعباس الموسوي أمين عام حزب الله، ونجحت أمنياً بتوجيه ضربة شديدة للصهاينة بعمل مقاوم مشترك، ثم انقطعت العلاقة هذه لأسباب خارجية لا تخصها كجماعة.
تبنت الجماعة العمل الإسلامي في المخيمات الفلسطينية، وخففَّت ما استطاعت من حصار المخيمات من حركة أمل لحُسن علاقتها بالسيد عباس الموسوي، لأن القرار هو سياسة الدفاع لا الهجوم. ولذا لم تُستدرج الجماعة لأي حرب داخلية؛ حتى مع النظام السوري. وخففت الجماعة من حدة التوتر المذهبي بإرسال الشيخ محرم العارفي مع السيد عيسى الطبطبائي إلى ”مخيم الرشيدية“ المحاصر من أمل المدعومة من النظام السوري وبالمقابل حزب الله مع إيران المؤيد للفلسطينيين. واللافت أن معسكرات الجماعة قد استفاد منها حزب الله بسبب الخلاف والاقتتال مع حركة أمل.
كما أن انفتاح الجماعة ظهر مثلاً في تعاونها مع حركة أمل في العمل الطلابي، كما حدث في لجنة طلابية لمتابعة المُصلَّى في المدرسة المهنية في صيدا، وأيضاً في البقاع.
الحريري: حكمت العلاقة مع الحريري أسلوب المصلحة المؤقتة، وكانت محل تنافس لاشتراكهما بنفس الساحة الانتخابية. ثم اهتزت لمسارين: الأول، اعتماده على رفقاء شبابه من منظمة العمل الشيوعي، والثاني، التزامه بالمسار العربي الرسمي تجاه فلسطين؛ أي منظومة السلام لا الجهاد بكل وسائله. وهكذا بقية الزعامات التقليدية.
العلمانيون: تأثر الحضور السياسي للجماعة باحتضان النظام السوري لكل المدارس العلمانية مقابل خصومته للتيارات الإسلامية. واللافت أن علاقة الجماعة كانت جيدة مع العلويين والقوميين والبعثيين، لحسن انفتاحها على النظام السوري على الرغم من ممارسته سياسة الإقصاء والاعتقال لرموزها.
الفلسطينيون: مثّلت منظمة التحرير الفلسطينية أحد ألوان الآحادية في القضية الأمنية التي أثرت على الحضور السياسي للجماعة في ظل التسلط السوري. وقد تواصلت الجماعة مع كل القوى الفاعلة الفلسطينية وفي مقدمتها منظمة التحرير، وخصوصاً مع قيادييها ذي التوجه الإسلامي.
أبرز الكتاب أثر المبعدين إلى مرج الزهور على الواقع الإسلامي الفلسطيني كما اللبناني، وخصوصاً على المخيمات.
المرأة: سعى نواب الجماعة إلى تحقيق جملة إصلاحات أساسية كانت المرأة في مقدمتها؛ حيث طرحوا قانون إعطاء المرأة الذمة المالية المستقلة عن زوجها.
وقد برزت المرأة المسلمة المنتمية للجماعة من خلال مشاركتها لوجستياً مع تنظيم ”المجاهدون“ في طرابلس في حرب السنتين، حيث قمن بإخلاء المواطنين المسلمين من البترون، وعملن بشكل مباشر على إمداد المقاومين بالطعام في بيروت على مواقع المحاور.
الدولة الإسلامية: اللافت في أبجديات الخطاب الإسلامي عند الجماعة الإسلامية في لبنان، هو اعتبار قيام الدولة الإسلامية في بلد متعدد الطوائف، لا يتحقق إلا بالحوار الذي يُثمر موافقتهم على الاحتكام للشريعة الإسلامية. ولذا كانت الديموقراطية المحتَرِمة لتعدد الطوائف وغير المتجاوزة لثوابت الدين هي الضمانة لحفظ الحقوق. ولتجسيد ذلك اقترحت الجماعة إنشاء حزب سياسي يتماهى مع التنوع تاركة الأمور الدعوية للمؤسسة الأم، كحركة دعوية قائمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
*** وأخيراً فإن المهم هو أن أسلوب توثيق المعلومات في الكتاب أحيا فينا أهم خصائص الأمة وهي الإسناد في توثيق الخبر، مما أضفى قيمة علمية رصينة، إلا أن كتاب الجماعة يتميز عنه اعتماد مُعِدِّي الكتاب حصراً على الرواة الثقاة؛ وإن برز عند بعضهم رؤاه الذاتية. وبالمقابل كنت أرغب أن يُصدَّر الكتاب بتمهيد يتضمن أسس فكر الجماعة الذي يُبنى عليها مشروعها السياسي بعمقه الإسلامي وبُعده الحضاري في صبغته الوطنية والإنسانية؛ ليتسنَّى لنا رصد التزامها بقواعد البناء الفكري، أو إخفاقها العملي في تحقيق أهدافها المرحلية أو الاستراتيجية.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 3/7/201
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (1) التغيرات الدستورية والانتخابات (النسخة الإلكترونية)
ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وباسم جلال القاسم وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، التطورات الدستورية والعمليات الانتخابية التي شهدتها مصر في الفترة منذ 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى نهاية 2015.
وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”التغيرات الدستورية والانتخابات“، وهي الإصدار الأول ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان "مصر بين عهدين: مرسي والسيسي - دراسة مقارنة"، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.
وتظهر الدراسة، الواقعة في 79 صفحة من القطع المتوسط، أنه قد تمّ تعديل الدستور والاستفتاء عليه في ثلاث مناسبات، وتمّ إجراء انتخابات تشريعية في مناسبتين، وحكم البلاد ثلاثة رؤساء.
وتشير الدراسة إلى أن الشعب المصري خاض، حتى تاريخ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو 2013، خمس عمليات ديموقراطية انتخابية، شُهد لها بالنزاهة والحيادية، حيث أُجريت تحت إشراف قضائي، وبمراقبة من مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية. وأظهرت جميع الاستحقاقات الانتخابية، التي تمّ معظمها في عهد المجلس العسكري، قوة التيار الإسلامي ومؤيديه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، حيث قالت الصناديق "نعم" لتعديل الدستور في مناسبتين، وأعطت الأغلبية لهم في مجلسي الشعب والشورى، وتوجتها بفوز محمد مرسي بالرئاسة. وذلك بالرغم من الحملات الإعلامية المضادة، والدعاية المحرضة على الحركات الإسلامية ورجالاتها، والتي لم تتوقف مع الانقلاب على الشرعية، من خلال إبطال مجلس الشعب، وعزل الرئيس مرسي، وتعطيل الدستور.
وتوضح الدراسة أن الاستفتاء الأول على التعديلات التي اقترحتها لجنة التعديلات الدستورية جرى في 19/3/2011، حيث قال 77.27% من المصريين الذين شاركوا في التصويت "نعم" للدستور، وبلغت نسبة التصويت 41.19%، كما أقر المصريون خلال كانون الأول/ ديسمبر 2012 الدستور الجديد لمصر، بانتخابات حرة نزيهة وشفافة، بمشاركة واسعة، عكست رأي الأغلبية الشعبية الواسعة بدعم المسار الديموقراطي بقيادة الإسلاميين، وأظهرت نتيجة الاستفتاء، الذي شاركت فيه القوى المعارضة، أن 63.8% من المصريين الذين شاركوا في التصويت قالوا "نعم" للدستور الجديد.
وعلى الرغم من الاستعدادات المسبقة بدا إقبال المواطنين المصريين في الاستفتاء على دستور 2014 ضعيفاً جداً قياساً باستفتاء 2012، حيث شهدت لجان الاقتراع حالة من الهدوء الشديد، واختفت الطوابير التي كانت سمة بارزة في كل الاستحقاقات الانتخابية التي أعقبت ثورة 25 يناير. وبالرغم من ذلك، فقد أعلنت اللجنة المنظمة للاستفتاء أن نسبة الذين أيدوا الدستور 98.1% من المصريين الذين شاركوا في التصويت. وهو ما أثار علامات استفهام كبيرة في العودة إلى أساليب نظام مبارك في تزوير الانتخابات والاستفتاءات، حيث تحدثت التقارير عن شبهات تزوير، وعدم مصداقية الأرقام والنتائج التي أعلنتها اللجنة المنظمة للاستفتاء.
وفي ملف الانتخابات التشريعية تذكر الدراسة أنه خلال الفترة 28/11/2011–11/1/2012 جرت أول انتخابات مصرية بعد ثورة 25 يناير، بمشاركة واسعة، وإقبال كثيف. وكانت أبرز النتائج حصول حزب الحرية والعدالة، الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين، على 235 مقعداً، بنسبة 47.2% من المقاعد، يليه حزب النور بـ 123 مقعداً، بنسبة 24% من جملة المقاعد، واحتل حزب الوفد الجديد المركز الثالث، بحصوله على 38 مقعداً، وفاز ائتلاف الكتلة المصرية بـ 35 مقعداً،... وبلغ عدد الأحزاب الممثلة في المجلس 15 حزباً. غير أن هذا المجلس لم يستمر عملياً سوى خمسة أشهر، حيث قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر في 14/6/2012 بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب، وقضت بحله، وأكدت أن تكوين المجلس بكامله باطل منذ انتخابه.
كما أُجريت انتخابات مجلس الشورى في بداية سنة 2012، وتصدّر أيضاً التحالف الذي شكله حزب الحرية والعدالة المشهد بحصوله على 105 مقاعد، بنسبة 58.3% من المقاعد، فيما جاء تحالف حزب النور في المركز الثاني بعد حصوله على 46 مقعداً، بنسبة 25%، وجاء حزب الوفد في المركز الثالث بعد حصوله على 14 مقعداً، بنسبة 7.7%.
وجاء في الدراسة أن انتخابات 2015 شهدت اتّهامات عدّة بانتشار الرشوة الانتخابيّة خلال إجرائها، حيث انتشرت ظاهرة شراء الأصوات، وانتشر "رأس المال السياسي"، وكانت الرشوة الانتخابية الأكثر تأثيراً. وفازت قائمة "في حب مصر"، المؤيدة للسيسي، والتي تضم أحزاب المصريين الأحرار والوفد ومستقبل وطن، بـ 120 مقعداً، هي إجمالي المقاعد المخصصة للقوائم. وفيما فاز المستقلون بالعدد الأكبر من المقاعد المخصصة للفردي، والبالغ عددها 448 مقعداً، فقد عيّن السيسي 28 نائباً. وتصدر حزب المصريين الأحرار قائمة الأحزاب الفائزة، إذ حصد 65 مقعداً، موزعة على القوائم والفردي. وحلّ حزب مستقبل وطن في المركز الثاني، بعد حصوله على 50 مقعداً، فيما أعلن حزب الوفد حصوله على 45 مقعداً.
وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فقد أشارت الدراسة إلى أن أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير جمعت بين 13 مرشحاً، ناهيك عن العشرات ممن لم يكملوا سباق الترشح لسبب أو لآخر، وكانت الأجواء تنافسية، حيث امتلك خمسة من المرشحين حظوظاً حقيقية في الفوز، وانتهى الأمر إلى جولة إعادة حاسمة خاضها مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي، مع آخر رئيس وزراء في عهد مبارك أحمد شفيق، وحسمت بفارق بسيط من الأصوات، حيث فاز مرسي بعد حصوله على 51.73% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة، بينما حصل أحمد شفيق على 48.27%.
وكان إقبال المصريين كبيراً وواسعاً على المشاركة في هذه الانتخابات على أمل إنهاء المرحلة الانتقالية، حيث بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية 51.85%، بعدما كانت 46.4% في الجولة الأولى. وحاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاستمرار في السيطرة والهيمنة على الحكم، من خلال إعلان دستوري مكمل، أصدره قبل إعلان نتائج الجولة الثانية، حيث حصن الإعلان أعضاء المجلس من العزل، ومنحهم حقّ تقرير كل ما يتعلق بشؤون القوات المسلحة إلى حين إصدار دستور جديد للبلاد، غير أن الرئيس مرسي أنهى هيمنة المجلس الأعلى بعد أقل من شهرين على استلام السلطة.
لكن هذا الحال اختلف كثيراً عن انتخابات الرئاسة 2014، والتي جرت بعد تطورات يراها مصريون مؤامرة وانقلاباً أطاح برئيس منتخب، ويراها مصريون آخرون ثورة على ما يصفونه بحكم جماعة الإخوان المسلمين. وفي أجواء استبعاد وملاحقة الإسلاميين وخصوصاً الإخوان حسم السيسي نتيجة السباق الرئاسي بأغلبية ساحقة مع حمدين صباحي، وحصل على 96.9% من الأصوات مقابل 3.1% لصباحي. وكان لافتاً للنظر نسبة مقاطعة الانتخابات، حيث تحدثت تقارير صحفية عن ضعف الإقبال. وشكل عزوف الشباب المصري عن التصويت عاملاً رئيسياً في ضعف المشاركة. وذكرت مراكز حقوقية أن سلطات الدولة المصرية تدخلت في العملية الانتخابية الرئاسية لتحسين نسبة الإقبال الضعيفة، ولمساعدة مرشح محدد، عبر التهديد الرسمي، أو غير الرسمي بغرامات انتخابية، أو تحويل المواطنين للنيابة العامة، وتمديد فترات التصويت ليوم ثالث، وتقديم رشاوي انتخابية.
وأظهرت الدراسة، أنه وبالرغم من المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة 25 يناير، فإن مسار الأحداث المصرية بعد عزل مرسي شهد أزمة حقيقية تعيشها البلاد، وبقي البلد خاضعاً للمؤسسة العسكرية، حيث رسّم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سيطرته على مقاليد الحكم من خلال انتخابه رئيساً، في انتخابات ذكّرت العالم بالمشهد المصري قبل ثورة 25 يناير. وجعلت من النتائج التي وصل إليها تطور الأحداث أقل بكثير من طموحات الثوار، وآمالهم التي عقدوها على ثورة 25 يناير، وأقل بكثير من التضحيات التي قدّموها لإنجاحها، كما أنه لم يعد هناك ضمانات في حال فوز مرشح من خارج منظومة "الدولة العميقة"، ألا يتم الانقلاب عليه كما تمّ من قبل.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/7/21
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة (6)“: السياسة الخارجية (النسخة الإلكترونية)
ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، السياسية الخارجية المصرية خلال المفترة الممتدة ما بين 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى نهاية 2015؛ حيث تناولت الأداء المصري تجاه القضية الفلسطينية، وتطوراتها، كما تحدثت عن العلاقة المصرية – الإسرائيلية، وناقشت السياسة الخارجية المصرية مع أبرز الدول العربية والإسلامية والدولية.
وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”السياسية الخارجية“، وهي الإصدار السادس ضمن سلسلة دراسات صدرت تباعاً تحمل عنوان ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي - دراسة مقارنة“، وتناولت الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.
وتظهر الدراسة، الواقعة في 90 صفحة من القطع المتوسط، أن مؤسسة الرئاسة المصرية انفردت بتحديد السياسية الخارجية المصرية، وتوجهاتها العامة، بما يتناسب مع مصلحة نظام الحكم؛ حيث احتكرت الرئاسة العديد من الملفات التي تراها حيوية.
فقد اختلفت طريقة واستراتيجية كل من الرئيس محمد مرسي والرئيس عبد الفتاح السياسي في التعامل مع إدارة ملف السياسة الخارجية، ففيما حاول الأول أن يقيم علاقات مع الدول الفاعلة تقوم على مبدأ الندية والتكافؤ، وتعود بالمنفعة والفائدة على مصر أولاً وعلى الدول المستهدفة ثانية، وظّف الثاني حالة الاستهداف والرفض وعدم التعاون التي اتبعتها الكثير من الدول، خصوصاً المتضررة، من صعود ”التيار الإسلامي“، مع النظام المصري في عهد مرسي، وظّف السيسي هذا الواقع لتنفيذ مخطط الانقلاب بدعم واضح من هذه الدول.
القضية الفلسطينية: تشير الدراسة إلى أن القضية الفلسطينية شكلت رافداً شعبياً للنظام المصري. فمصر تربطها بفلسطين علاقة جيو-سياسية من نوع خاص جداً، حيث تربطها روابط دينية وقومية وتاريخية. واختلفت طريقة تعامل الأنظمة في مصر مع القضية الفلسطينية، وتنوعت ما بين داعم للقضية الفلسطينية، ومدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، مشرِّع مقاومته للاحتلال، وبين من يرى أن المقاومة لا تصبُّ في صالح مشروع الدولة الفلسطينية وانسحاب الاحتلال. لذلك فقد اختلفت المواقف من خلال تتبع الملفات التي تربط القضية الفلسطينية بمصر. كما مرّت العلاقات المصرية الفلسطينية بعدة متغيرات بحسب الظروف السياسة والعسكرية، وكان للتغيرات السياسية الداخلية التي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير أثر كبير في تحديد هذه العلاقة. وجاء في الدراسة أن الحياد المصري في مرحلة ما بعد سقوط نظام مبارك شكّل أحد أهم الأسباب الدافعة لإنضاج ملف المصالحة الفلسطينية والتهيئة الواضحة للتوقيع على الورقة المصرية. وبدأ الدور المصري الراعي لمسيرة المصالحة يستعيد مكانته، ويعيد إنتاج دوره تجاه القضية الفلسطينية وما تفرضه من أولوية تطبيق المصالحة بين الفلسطينيين. فقام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحويل ملف المصالحة من جهاز المخابرات إلى وزارة الخارجية. كما أشرف على لقاءات متتابعة جادة بين حركتي حماس وفتح، وصولاً إلى لحظة الإعلان عن توقيع اتفاق المصالحة بالأحرف الأولى بين الحركتين في القاهرة في 27/4/2011، ثمّ التوقيع الرسمي في 3/5/2011.
وعلى الرغم من تأكيد الرئيس مرسي على أن مؤسسة الرئاسة ستعمل ”على إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية“، غير أن ملف المصالحة لم يشهد تقدماً يذكر في عهده. كما انعكست الأحداث في مصر بعد عزل الرئيس مرسي على ملف المصالحة، خصوصاً بعد توتر العلاقات بين الإدارة المصرية الجديدة وحماس.
وتوضح الدراسة أن فوز مرسي شكّل نقطة تحول فارقة في العلاقة بين حماس والحكومة في غزة من جهة ومصر من جهة أخرى. فبعد أن كانت قناة الاتصال الوحيدة بين حماس ومصر تنحصر في جهاز المخابرات العامة، فإن قنوات الاتصال في عهد مرسي باتت تديرها المستويات السياسية العليا في الجانبين. وتوصلت الحكومة المصرية والحكومة الفلسطينية في غزة لاتفاقات بشأن قضايا حساسة، منها اتفاق تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمراقبة الحدود وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني.
وفي تطور لافت للنظر، أصدر مرسي قراراً بسحب السفير المصري لدى ”إسرائيل“، على خلفية العدوان على غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ووصف ما يحدث بأنه ”أمر خطير وعدوان سافر“، محذراً من تداعيات هذا العدوان. كما قام رئيس الوزراء المصري هشام قنديل بزيارة قطاع غزة في أثناء العدوان، على رأس وفد كبير يضم وزراء وقيادات أمنية، أعلن خلالها تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني.
وبعد عزل الرئيس مرسي خيّمت حالة من التوتر وعدم الثقة على العلاقة بين مصر وحماس. وشهدت هذه الفترة حملة تحريض كبيرة ضدّ قطاع غزة بشكل عام، وضدّ حماس بشكل خاص، شنتها أحزاب ووسائل إعلام وشخصيات مصرية متعددة. حيث اتهمت الإدارة المصرية الجديدة حماس بالتدخل في الشأن المصري، من خلال تهريب أسلحة، وإرسال عناصر فلسطينية للمشاركة بأحداث مصر بعد الانقلاب، وذلك على الرغم من أنها لم تقدم أيّ أدلة حقيقية على ذلك. وازدادت العلاقة سوءاً بعد قيام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 4/3/2014 بحظر أنشطة حماس مؤقتاً داخل مصر. ورأت حماس أن القرار يُكرّس عداءً للمقاومة الفلسطينية، وأنه جاء تساوقاً مع حملة تحريضية إعلامية مصرية طويلة ضدّ الفلسطينيين وحماس.
وأظهرت الدراسة أنه وبالرغم من القرار المصري بفتح معبر رفح بشكل دائم بعد ثورة 25 يناير، وتسهيل حركة مرور المواطنين الفلسطينيين من المنافذ المصرية، وفق الآلية التي كان معمولاً بها قبل سنة 2007، إلا أن الجانب الفلسطيني لم يشعر بأي تحسينات. كما تمّ منع مرور بعض القوافل الإنسانية والتضامنية، ومنع وفود عربية من دخول غزة. لكن هذا الحال اختلف بعد استلام الرئيس مرسي للحكم، حيث اتخذ موقفاً واضحاً ضدّ الحصار، وقال: ”إن المعابر بيننا وبين غزة مفتوحة لتقديم ما يحتاجه أهل غزة من غذاء ودواء وتعليم وتواصل بين العائلات، فالحدود والمعابر مفتوحة لنقوم بدورنا وبواجبنا تجاه أشقائنا في غزة“.
وبدأ التغيير في سياسة السلطة الجديدة في مصر تجاه قطاع غزة يظهر بشكل ملحوظ بعد أيام قليلة من عزل الرئيس مرسي؛ وذلك من خلال ازدياد وتيرة هدم الأنفاق، وسياسة الغلق والفتح غير المنتظمة لمعبر رفح، والتي كان نظام مبارك ينتهجها؛ ليصل الإغلاق إلى ذروة خانقة في سنة 2015 وبما مجموعه 343 يوماً في السنة، حيث لم يفتح المعبر سوى 21 يوماً.
السنة 2013 2014 2015 أيام الفتح 263 قبل 30/6/2013: 175 بعد 30/6/2013: 88 123 21 أيام الإغلاق 101 قبل 30/6/2013: 5 بعد 30/6/2013: 96 241 343 العلاقات الإسرائيلية المصرية: وجاء في الدراسة أن العلاقات الإسرائيلية المصرية مرت بمرحلة تحوّل تاريخي عقب نجاح ثورة 25 يناير، فقد استمرت حساسية الموقف الإسرائيلي وغموضه حتى تنحي مبارك... كما أولت المؤسسات الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بتأثيرات الثورة على ”إسرائيل“، وشمل ذلك الكثير من المجالات، أهمها: مستقبل معاهدة كامب ديفيد، ووضع ”إسرائيل“ العسكري والاقتصادي، وميزان القوى في المنطقة، والقضية الفلسطينية بملفاتها المختلفة. وزادت عناصر القلق الإسرائيلي بصعود الإسلاميين المعروفين بعدائهم لـ”إسرائيل“، ورفضهم لاتفاقيات كامب ديفيد، إلى سدّة الحكم.
وعلى الرغم من أن ”إسرائيل“ عملت، منذ اليوم الأول لتسلم مرسي الرئاسة، على إظهار أن العلاقة طبيعية بين البلدين، من خلال إرسال رسائل تهنئة للرئيس مرسي بمناسبة انتخابه، وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، رأى باحثون ومعلقون إسرائيليون أن العلاقات بين مصر و”إسرائيل“ خلال حكم مرسي كانت هشة ومتأزمة، بالرغم من محافظتها على معاهدة كامب ديفيد.
لكن هذا الحال اختلف بعد الانقلاب العسكري، حيث لم تُخفِ النُّخب السياسية والعسكرية والمثقفة في ”إسرائيل“ ارتياحها من الذي حدث في مصر. ومما لا شكّ فيه أن تحولاً قد طرأ على العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد الانقلاب، حيث جاء هذا التحول بفعل الاعتبارات التي تحكم كلاً من قادة الانقلاب والنخبة الحاكمة في تل أبيب. ولم يكن من المفاجئ احتفاء الإسرائيليين بالانقلاب، حيث إن محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب رأت أن الانقلاب قد حسَّن بشكل كبير من البيئة الاستراتيجية لـ”إسرائيل“، مما دفع صناع القرار فيها إلى التحرك بشكل فاعل للمساعدة في دعم نظام السيسي، من خلال المساعدة في تأمين شرعية دولية له، عبر تحرك ديبلوماسي ودعائي نشط في أوروبا، والولايات المتحدة، والمحافل الدولية.
كما أعرب عدد من المسؤولين الإسرائيليين عن ”ارتياحهم“ لانتخاب السيسي، ودعوا إلى دعم السيسي، الذي ”أنقذ مصر من السقوط في الهاوية“، بحسب تعبير إيهود باراك. ومن جهته فقد أكد السيسي على أنه لن يسمح بأن يتمّ تهديد أمن ”إسرائيل“ من خلال سيناء، وأكد على إقامة علاقات قوية ودافئة مع ”إسرائيل“، وشدد على أنه "توجد ثقة وطمأنينة ضخمة بين مصر وإسرائيل".
وتشير الدراسة إلى أنه من الواضح أن الواقع المصري خلال عهد السيسي ارتبط ارتباطاً قوياً بـ”إسرائيل“، ونسق معها في شؤون المنطقة الملتهبة نتيجة الصراعات، إضافة إلى ما يمكن أن يحققه التنسيق مع ”إسرائيل“ من توافق مع واشنطن. ونتيجة لذلك فإن القضية الفلسطينية افتقدت الدور المصري المؤثر، مما يشجع الاحتلال على مزيد من الانتهاكات ضدّ الفلسطينيين.
العلاقات العربية والإسلامية والدولية: اختلفت طريقة واستراتيجية كل من مرسي والسيسي في التعامل مع الدول العربية والإسلامية والغربية. كما اختلفت وجهات النظر بين السلطات المصرية خلال عهدي مرسي والسيسي، بين مؤيد للثورات وحرية الشعوب، وبين داعم للثورات المضادة، تحت عنوان محاربة الإرهاب. وظهر ذلك واضحاً في تصريحات الرئيسين، ومواقفهما من تطور الأحداث.
ومع وصول مرسي إلى سدة الحكم، برزت تساؤلات عن مدى طبيعة العلاقة التي ستتشكل بين الرئيس المنتمي إلى التيار الإسلامي، مع العالم الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية. ومن جهته فقد حاول الرئيس مرسي أن يولي اهتماماً متساوياً قدر الإمكان في تعامله مع الدائرة العربية، ثمّ الدائرة الإسلامية، فالدائرة الإفريقية، وصولاً إلى الدائرة الدولية. حيث حاول بناء جسور ثقة متبادلة مع الدولة العربية الأكثر تأثيراً في العالم العربي، وربما في المحيط الإسلامي، أي السعودية. كما شهدت العلاقة مع إيران انفتاحاً محسوباً من قبل مرسي، بعد انقطاع دام لأكثر من ثلاثين سنة، ضمن استراتيجية الانفتاح مع العالم الإسلامي وليس وفق اصطفاف دول ضدّ أخرى.
وبالمقابل عكست السياسة المصرية الخارجية، بعد عزل مرسي، هواجس النظام المصري الداخلي، حيث عملت على ترويج ما يحاول النظام ترويجه، من أجل إضافة المزيد من الإنجازات الافتراضية؛ التي تخدم نظام الحاكم وهواجسه في المقام الأول. وعانت السياسية الخارجية من غياب الرؤية؛ مما أفقد مصر دورها كفاعل رئيسي في المنطقة، وجعل مصلحتها تدور في فلك النظم الديكتاتورية؛ في الوقت الذي ارتبطت فيه مصالح النظام بتقوية العلاقات مع ”إسرائيل“، والقوى المناهضة للتغيير والديموقراطية.
وعلى الرغم من تركيز أنصار السيسي على السياسة الخارجية كأبرز نجاحاته، فإن هذه السياسة ارتبطت في مجملها بغاية حرص النظام على الحصول على الاعتراف والقبول الدولي. وبالرغم من أن هذه السياسة بدت وكأنها حققت نجاحات في الحيلولة دون عزلة نظام السيسي، فإن عدداً من الدول الكبرى رأت في علاقتها به أداة لتحقيق مصالحها في المنطقة.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/11/3
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة (5)“: الأداء الإعلامي (النسخة الإلكترونية)
ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، تطور الأداء الإعلامي المصري منذ ثورة 25 يناير حتى نهاية سنة 2015.
وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان "الأداء الإعلامي"، وهي الإصدار الخامس ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان "مصر بين عهدين: مرسي والسيسي - دراسة مقارنة"، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.
وتظهر الدراسة، الواقعة في 40 صفحة من القطع المتوسط، أن الصحف المملوكة للدولة حافظت على ولائها لنظام مبارك حتى قبل أيام قليلة من الإطاحة به، وأنها استمرت في خطابها السابق، مع فارق وحيد هو أنه تمّ استبدال المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمبارك. فالصحف نفسها التي مجّدت مبارك ومن ثمّ شعب مصر لفترة وجيزة جداً، سرعان ما بدأت تمجّد المجلس العسكري وزعيمه، في حين بقيت العقلية الاستبدادية مكانها كما عكستها وسائل الإعلام؛ وأصبح الجيش هو المنقذ، وأصبح كل مَن يتحدّث ضدّه أو يهاجمه مهدداً بالمحاكمات العسكرية.
وتوضح الدراسة أن الإعلام المصري قد دخل حالة استقطاب وتجاذب سياسي بعد ثورة 25 يناير، حيث شكّلت لحظة رحيل مبارك نقطة فارقة في مسيرة الإعلام المصري، الذي وجد نفسه فجأة متحرراً من معظم القيود الأمنية والإدارية التي كانت تحكمه طوال عقود، فتحولت الحرية وسقوط القيود إلى فوضى إعلامية، بينما لم تقم السلطة الانتقالية بأيّ خطوات لإعادة تنظيم الإعلام المصري هيكلياً وتشريعياً بما يتناسب مع الواقع الجديد. وتعرّضت الأصوات الناقدة لأداء الإعلام إلى المضايقات والتهميش، من جانب جهات حكومية وغير حكومية. وتأثّرت وسائل الإعلام الخاصة بملاّكها من رجال الأعمال الذين ارتبطوا بعلاقات مع نظام مبارك والدولة العميقة.
وعلى الرغم من تولي محمد مرسي الرئاسة فقد أصبح هدفاً مفضلاً للإعلام المحلي الذي أوسعه نقداً واستهدافاً، بل سخرية واستخفافاً، حيث تبارت في ذلك سلسلة من القنوات الخاصة الذائعة الصيت التي يملكها رجال أعمال يرتبطون بمبارك وعهده. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل إن وسائل الإعلام المملوكة للدولة من قنوات تلفزيون ومحطات إذاعة وصحف ومواقع إلكترونية، كثيراً ما شاركت بقدر أو بآخر في هذه الحملات تحت مظلة الحرية.
وعانى الإعلام المصري حالةً من الاستقطاب خلال حكم مرسي. ولم يستطع مرسي أن يحدَّ من الحملات التي استهدفته وجماعة الإخوان المسلمين، والتيار الإسلامي عموماً. وامتلأت القنوات الإعلامية بعبارات مثل "أخونة الدولة"، و"ميليشيات الإخوان المسلمين"... ونتج عن ذلك رفع عدد غير مسبوق من القضايا أمام المحاكم ضدّ الصحفيين والإعلاميين بتهمة "إهانة الرئيس".
وتشير الدراسة إلى أنه وعلى الرغم من تعيين وزير جديد للإعلام موالٍ لجماعة الإخوان المسلمين، وتعيين مجلس الشورى، الذي يُعَدّ الكثير من أعضائه من الإسلاميين، رؤساء تحرير جدداً، فقد تعامل مجلس الشورى مع موضوع التعيينات بموضوعية لافتة، حيث لم يعيين سوى اثنين من المحسوبين على الإخوان من أصل خمسين. كما بقي العديد من هذه المؤسّسات موالية لنظام مبارك، وكان الصراع صراع سلطة وولاء لنظام دون آخر، بدل أن يكون الولاء للمعايير الصحفية المهنية أو للشعب.
وتلفت الدراسة النظر إلى أن وسائل الإعلام المصرية لعبت دوراً مهماً في الانقلاب على الرئيس مرسي، خصوصاً فيما يتعلق بإشعال نقمة المصريين عليه، وعلى الإخوان المسلمين. فقد اعتمدت وسائل الإعلام المصرية الهجوم المنظم والمستمر، وحرصت على تحميل مرسي والإخوان مسؤولية أيّ إخفاق أو سلبيات، حتى لو كانت مزمنة ومتوارثة منذ عهد مبارك. وانتشرت شائعات لم تهدف فقط إلى إسقاط الإخوان وتهيئة الساحة للسيسي لتصدّر المشهد، بل لاستخدامها بعد ذلك عند اللزوم في تثبيت حكم السيسي ومحاولة احتواء أيّ إخفاقات يواجهها. وهو ما أكده الإعلامي توفيق عكاشة الذي أعلن عن وجود علاقة وتعاون بين إعلاميين وأجهزة الأمن المصرية بهدف إسقاط جماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي، وقال عكاشة، إن جميع الإعلاميين هم "أصدقاء الأمن وكانوا عايزين يطيحوا بالإخوان".
وتذكر الدراسة أن وسائل الإعلام المصري اعتمدت في الشائعات في عهد مرسي على ثلاث استراتيجيات رئيسية، هي: الطعن في شرعيته، والطعن في وطنيته ووطنية الإخوان، وفي تشبيهه بمبارك والإخوان بالحزب الوطني.
وتوضح الدراسة أن المشهد الإعلامي في مصر دخل مرحلة جديدة بالغة الدلالة والخطورة بعد عزل الرئيس مرسي، فقد تحول الإعلام بشكل واضح إلى أداة صريحة في الصراع السياسي بين السلطة الانتقالية الجديدة وبين الإخوان المسلمين وأنصارهم. وزادت صعوبة إيجاد مكان للأصوات الناقدة في وسائل الإعلام التقليدية. فقد دعمت الكثير من وسائل الإعلام في مصر بقوّة سردية النظام للأحداث، أما الأصوات المعارضة، فكانت شبه غائبة عن الصحف والبرامج التلفزيونية، حيث أغلقت الحكومة وسائل الإعلام المعارضة للانقلاب.
وقام الجيش المصري بإغلاق القنوات الإسلامية والمحسوبة على التيار الإسلامي في غضون ساعات من عزل مرسي، وفُرضت الرقابة على المؤسسات الإعلامية، وتعرضت مكاتب إعلامية أخرى للمداهمات. واتهمت السلطات المصرية وسائل الإعلام الأجنبية بتقديم تغطية منحازة.
كما أصبح المشهد الإعلامي المصري غير مهني عموماً بعد عزل الرئيس مرسي، وبالغت معظم وسائل الإعلام المصرية في دعم نظام ما بعد مرسي، في ظلّ وجود بضعة استثناءات فردية تحاول الحفاظ على بعض التوازن. وفي العموم، امتلأت موجات الإذاعة والتلفزيون بالأغاني والبرامج الحوارية التي تمجد الجيش. ولعب الإعلام المصري دوراً مؤثراً في المشهد السياسي المصري، لا يقتصر على التحيّز فقط، وإنما يتخطاه إلى ما يقول عنه مراقبون ونشطاء إنه "فبركة وتزييف حقائق".
كما زاد الخطاب التحريضي والعنصري في وسائل الإعلام المصرية حيث تعالت دعوات فضّ اعتصامات مؤيدي عودة الرئيس مرسي بالقوة، وتضمّن بعضها تحريضاً على العنف وسفك دماء المصريين. وتبنّى الإعلام حملات شيطنة المعتصمين في ميداني رابعة والنهضة؛ حيث وصفهم تارة بالمغيبين والمخطوفين ذهنياً، وتارة أخرى بـ"الإرهابيين المسلحين"، وتارة ثالثة بالقتلة المجرمين. ونظرت أوساط ثقافية مصرية باستغراب إلى ما تصفه بالضحالة الفكرية لدى بعض النخب التي تتصدر المشهد الثقافي والإعلامي في مصر.
ومن جهة أخرى، خصصت نحو 28 قناة مصرية رسمية وخاصة تغطيتها لفعاليات المظاهرات تجاوباً مع دعوة السيسي بالنزول إلى الميادين لتفويضه من أجل مواجهة ما أسماه بـ"الإرهاب". وألغت هذه القنوات برامجها، وركزت تغطيتها على فعاليات تلك المظاهرات. وسبقت مجزرة فضّ اعتصامي رابعة والنهضة حالة من التمهيد الإعلامي للجماهير، بهدف إقناعها بضرورة الفض العنيف للاعتصامات، حتى لو أدى ذلك لوقوع خسائر كبيرة في الأرواح. واستمرت هذه الحملة الشعواء حتى تمّ فض الاعتصام بمجزرة تعدّ الأسوأ في تاريخ مصر الحديث. وعدّ الإعلام المصري الداعم للسيسي عملية الفض كأنها إنجاز قومي، ولم يرَ في هذه العملية إلا عملية نظيفة، وحاول تقديم المشرفين عليها إلى الشعب على أنهم فدائيون وأبطال. وتعمدت وسائل الإعلام المصرية المحسوبة على النظام الشحن والتعبئة ودقّ طبول الحرب مستخدمة كافة الأساليب، حيث تفننت في الكذب مثل الادعاء بوجود جثث أسفل منصة رابعة، وهو الأمر الذي لم يثبت صحته، وذهبت بعض التحليلات إلى تأكيد "فبركة" تلك الصور وتزييفها، مروراً بالادعاء بوجود أسلحة ثقيلة مثل صواريخ الجراد والأسلحة الكيماوية، ووصولاً إلى الافتراء المتعلق بـ"جهاد النكاح".
وحتى بعد عملية فضّ الميدان وسقوط مئات الضحايا، هاجم بعض الإعلاميين رمز "رابعة"، وأكدوا أنه رمز غير مصري، لتجريم أيّ تعاطف إنساني مع المجزرة.
في المقابل غابت تغطية المظاهرات المؤيدة لمرسي إلى حدّ كبير عن تغطية القنوات المصرية الرسمية والخاصة، والتي اقتصرت في تغطيتها على عرض لقطات محدودة من ميدان رابعة العدوية ضمن مظاهرات أخرى مؤيدة لدعوة السيسي، وكان التركيز الأكبر في تغطيتها على ميدان التحرير، وذلك بالرغم من استمرار اعتصامي رابعة والنهضة لأكثر من أربعين يوماً بحشود هائلة.
وتظهر الدراسة أن النظام المصري بقيادة السيسي لم يُظهِر الكثير من الاهتمام بجعل وسائل الإعلام الحكومية أكثر انفتاحاً وديموقراطية. وشهد الأداء الإعلامي المصري تراجعاً كبيراً، حيث شهد ممارسات حادة ومنفلتة. وراوح الإعلام المصري مكانه في نفق عميق، على صعيد التنظيم والأداء والعائد، وتواصلت الانتهاكات بحق عددٍ من وسائل الإعلام والإعلاميين والصحفيين؛ وهي انتهاكات تنوعت بين الاحتجاز، والاعتداء، والاستهداف القضائي، بحسب عددٍ من المنظمات الحقوقية، وبين المنع، والتقييد، وفق عددٍ من الوقائع الموثقة. ومن بين الانتهاكات التي تمّ رصدها، استمرار غلق القنوات والصحف التابعة للتيار الإسلامي، ومنع بعض الكتاب والمذيعين من تقديم برامجهم، ومصادرة بعض أعداد الصحف وإجبارها على تغيير عناوين معينة أو إزالة مقالات. وتدل المؤشرات إلى أن نظام السيسي كان أكثر قسوةً من سابقيه، حيث تمّ إلغاء عرض البرامج المعارضة والناقدة للنظام، كما قامت وزارة الداخلية بطلب عروض لشراء برمجيات لرصد شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
وعكست تصريحات السيسي المتكررة، بشأن دور الإعلام وأهميته في بناء الدولة الجديدة، حتى قبل توليه السلطة، رؤيةً تنظر للإعلام بوصفه خادماً للسلطة ومكرِّساً لشرعيتها من خلال إقناع الرأي العام بإنجازات الحكومة والحشد والتعبئة للشعب خلفها.
وخلصت الدراسة إلى أنه وبعد مرور نحو خمسة أعوام على ثورة 25 يناير، ما تزال مصر تعاني من وجود قطاع إعلامي سلطوي، وقيود على حرية التعبير. فالإعلام في مصر يتسم بدعمه للنظام. فعلى الرغم من استمرار الأزمات وتفشيها واتساعها خلال فترة السيسي، دافعت وسائل الإعلام هذه عن السيسي، ورأت بأن ما قام به إنجاز لا يتكرر، ويستحيل تحقيقه في أيّ عهد آخر. كما صورت وعود السيسي بشكل مبالغ فيه، وبنت آمالاً كبيرة على السيسي.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/10/20
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (4) الأداء الأمني والقضائي (النسخة الإلكترونية)
أكدت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد باسم القاسم وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، أن جهاز الأمن والسلك القضائي عملا على إضعاف وتقويض سلطة الرئيس مرسي، في المقابل قاما بدعم السلطة التي انقلبت عليه. وقد تحولت الحرية غير المسؤولة في عهد مرسي، إلى فوضى واستغلت من أجل تنفيذ مخطط الانقلاب ودعم الثورة المضادة، في حين تميز عهد السيسي بعودة ممارسات الأجهزة الأمنية إلى سابق عهدها، كما شهد عهده حالات قتل واعتقال طالت آلاف المدنيين.
وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان "إدارة الملف الأمني والقضائي"، (هي الإصدار الرابع) ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان "مصر بين عهدين مرسي والسيسي دراسة مقارنة"، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهد الرئيسين.
وتبيّن الدراسة أن مرسي سمح لمعارضيه بالتظاهر والنزول إلى الشارع، على الرغم من أن العديد من التظاهرات كانت تهدف إلى إحراج مرسي وإضعاف حكمه. كما أن "التظاهرات الفئوية" التي يقوم بها قطاع عمالي معين بهدف تحقيق مصالحه الخاصة، برزت بشكل كبير في عهد مرسي، وقد عمل أركان الدولة العميقة والمتضررون من حكم مرسي على إذكائها وتأجيجها، بالإضافة إلى تفاقم أزمتي الوقود والكهرباء، اللتين اتُخذتا كأحد أهم الذرائع لقلب الرأي العام على مرسي والانقلاب عليه.
وتذكر الدراسة أن استراتيجية مُسيّري حملة إسقاط مرسي قامت على التركيز على الملف الأمني، فنظموا حملات إحراق وتفجير لمقرات حزبية ومراكز شرطة، وتسيير مظاهرات معارضة لمرسي تنتهي معظمها بعمليات إحراق وإحداث فوضى أمنية في شوارع مصر.
ومن الوسائل التي لجأوا إليها إنشاء مجموعة تسمى "بلاك بلوك"، التي ظهرت في 24/1/2013 عشية الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، وقد حامت حول المجموعة شكوكٌ حول دورها وخلفيتها، وبرزت تساؤلات حول توقيت ظهور مثل هذه المجموعة التي قام أفرادها بتغطية وجوههم بالأقنعة لإخفاء هويتهم، خصوصاً أنه لم يكن هناك ضرورة لتشكيل مثل هذه المجموعات في ظلّ سيادة القانون، وحماية الحريات وحقّ التظاهر في عهد مرسي. وتضيف الدراسة، أن اختفاء هذه المجموعة بعد أيام من عزل مرسي، أثار الشبهات والريبة حولها، كأن الهدف من هذه المجموعة كان إحداث فوضى منظمة في البلاد لإضفاء صبغة عسكرية على هذه التحركات.
وكمؤشر على حرية التظاهر التي كانت سائدة خلال عهد مرسي، تقول الدراسة إن تقريراً أصدرته الرئاسة المصرية في عهد مرسي، بيّن أن الاحتجاجات التي تعرض لها الرئيس بلغت 5,821 مظاهرة ومصادمة واشتباكات، بمعدل 485 مظاهرة كل شهر، و7,709 وقفات احتجاجية وفئوية، بمعدل 557 وقفة احتجاجية كل شهر، و24 دعوة لمليونية، بمعدل مليونيتين كل شهر. مع أن أعداد المشاركين فيما يسمى المليونيات، لم يكن يتجاوز بضعة آلاف في أحيان عديدة.
في المقابل كرست السلطات المصرية بعد الانقلاب، جلّ اهتمامها من أجل الحدّ من تنامي المظاهرات المعارضة للانقلاب ومنع تنظيمها، فأصدرت الحكومة قانون التظاهر الذي شدد العقوبات على كل من يتظاهر دون موافقة وزارة الداخلية، وتصدت بشكل عنيف لمظاهرات "جبهة صمود الثورة"، وحملة "لا للمحاكمات العسكرية".
ومنذ وصول السيسي إلى الحكم، واصلت السلطات الإنفاذ المتشدد لحظر التظاهر فعلياً، وتفريق المظاهرات المعارضة للحكومة بالقوة وعلى نحو روتيني، كما اتبعت السلطات سياسة القمع الجسدي تكتيكاً أساسياً للتعامل مع أعضاء الإخوان والنشطاء العلمانيين على السواء.
وتوضح الدراسة أنه مع تطبيق قانون التظاهر، عادت القبضة الأمنية تسيطر على الشوارع والميادين، كما عاد نظام "زوار الفجر" يلازمه الاختفاء القسري الذي تزايدت حدته، فيما انطلقت قوات الأمن لمواجهة المتظاهرين بالطريقة ذاتها التي كانت عليها وزارة الداخلية قبل 25 يناير. ووفق منظمة العفو الدولية في حزيران/ يونيو 2015، تُقدر أعداد المعتقلين في مصر بأكثر من 41 ألف شخص.
في المقابل، تقول الدراسة إن السجون والمعتقلات وأماكن الاحتجاز لم تخلُ في عهد مرسي من بعض حالات التعذيب، لكن من الظلم نسب هذه التجاوزات إلى الرئيس مباشرة، لأن الأجهزة الأمنية التي كانت تمارس القتل والتعذيب إبان عهد مبارك لم تتغير ولم يتسنَّ تطهيرها وإعادة تشكيلها من جديد، وسنّ التشريعات التي تكفل محاسبة هذه الأجهزة عند تقصيرها. ونشر موقع ويكي ثورة تقريراً حول القتلى في عهد الرئيس مرسي في الفترة 1/7/2012–3/7/2013، حيث أحصى التقرير سقوط 470 قتيلاً في 26 محافظة مختلفة؛ كما أن عمليات القتل هذه لم تكن بتوجيه من مرسي ولم يكن فيها توظيف سياسي لصالحه أو لصالح التيار الذي يمثله.
وتشير الدراسة إلى أن النظام العسكري بعد الانقلاب باشر بارتكاب المجازر المتتالية من أجل وقف الحراك الثوري، ففي مجزرتي فض ميداني رابعة والنهضة سقط أكثر من ألف ضحية من بين المحتجين، وفق ما صرح به رئيس الوزراء حينها حازم الببلاوي بينما أعلن التحالف الداعم لمرسي في 15/8/2013، أن إجمالي الضحايا في فض اعتصام رابعة وحده بلغ 2,600 ضحية من المدنيين، بينما صرحت مصادر في "الإخوان المسلمين" أن عدد القتلى بلغ 5,000، ويُعزى سبب هذا التضارب بالأرقام إلى احتراق سجلات المستشفى الميداني أثناء عملية الفض، بالإضافة إلى تعمّد سلطات الانقلاب التقليل من عدد القتلى.
بالإضافة إلى اعتقال عشرات الآلاف من معارضي الانقلاب وعجز النظام الجديد عن ترسيخ الحكم العسكري بالقوة، مارست الأذرع الأمنية عمليات تصفية جسدية مباشرة للمعارضين، زادت وتيرتها بعد تعيين مجدي عبد الغفار وزيراً للداخلية في عهد السيسي في 5/3/2015. وقد أخذت هذه التصفيات أشكالاً متعددة، فإما أن تكون في أثناء عمليات الاعتقال، أو بعد ساعات من الاختطاف على يد عناصر الشرطة.
وحسب بيان للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، فإنه في الفترة 3/7/2013–9/1/2016، بلغ عدد من تمّ توثيق مقتله بالتصفية المباشرة من قبل قوات الأمن 53 شخصاً، كما قُتل 39 آخرون في الفترة ذاتها في ظروف ملتبسة لم تتوافر معلومات كافية حول ملابسات مقتلهم، ادعت وزارة الداخلية وفاتهم في أثناء تنفيذهم لـ"عمليات إرهابية" دون أن تباشر أيّ جهة تحقيقاً محايداً حول مقتلهم. أضف إلى ذلك عمليات القتل الممنهجة داخل السجون بالتعذيب تارة وبالإهمال الطبي تارة أخرى، وهو ما رفع عدد القتلى لأكثر من 129 ضحية في عام السيسي الأول بالسلطة.
وتؤكد الدراسة أن حالة عدم الانسجام والتعارض بين مؤسسات الدولة المختلفة، من إعلام، وجيش، وشرطة، وغيرها، وبين مؤسسة الرئاسة أسهمت في حدوث قصور في معالجة ومواجهة التحديات الأمنية التي عصفت في وجه حكومة مرسي، فهذه المؤسسات، لم تكن لتساعد أحداً، من خارج منظومة النظام السابق. كما أن هناك قطاعاً من ضباط وزارة الداخلية، والثقافة السائدة في الوزارة، معادية لحكم مرسي، وربما لكل نظام ما بعد الثورة، ولأن الرئيس يواجه معارضة قوية، ولا يريد فتح جبهات متعددة معارضة له، لم يستطع أن يعيد هيكلة جهاز الشرطة؛ ما أدى إلى حدوث حالات من الانفلات الأمني في عهده، أظهرت الحكومة كأنها عاجزة أو مقصرة في إدارة شؤون البلاد.
وتتابع الدراسة أن الساحة المصرية شهدت بعد الإطاحة بمرسي، عودة سريعة وكثيفة لقوى الأمن والشرطة، في محاولة لإظهار عودة الاستقرار الأمني ونهاية الفلتان الأمني. على الرغم من ذلك، لم تخلُ مدن ومناطق الدولة المصرية من الاضطرابات الأمنية مصحوبة بحالة من الفلتان الأمني. وتضيف الدراسة أن طريقة التعاطي بالملف السياسي، والأمني، والاقتصادي المتعلق بسيناء، اختلفت من رئيس إلى أخر؛ فبينما سعى النظام في عهد مرسي إلى بناء نظرية أمن جديدة تقوم على اتباع منهج الحوار مع شيوخ القبائل والمواطنين، ونزع فتيل العصيان المسلح، فضّل السيسي العودة إلى المسار الأمني في مقاربة ملف سيناء.
وفي ما يخص الملف القضائي، تقول الدراسة إن السيسي تصرف منذ الانقلاب كحاكم عسكري لمصر، وتدخل في عمل النائب العام والقضاء، فضلًا عن الشرطة، بالإضافة للقوانين التي تستهدف المعارضة، والتي أصدرها الرئيس المؤقت عدلي منصور، ومنها تحرير محكمتي النقض والجنايات من قيود مدة الحبس الاحتياطي للمتهم إذا تعلق الأمر بعقوبة الإعدام أو المؤبد، مما يعني عدم وجود سقف زمني أقصى للمتهم؛ ما أوجد حالة من القمع غير مسبوقة، من اعتقال عشوائي، وتلفيق للتهم، وتعذيب ممنهج، إلى أحكام عشوائية دون دليل، إلى قضاء استثنائي مخالف لكل الدساتير المصرية، بما فيها الدستور الذي أُقر برعاية السيسي، والذي ينص "يحاكم المواطن أمام قاضيه الطبيعي" بمعنى أمام المحكمة الكائنة في المنطقة التي حدثت فيها الواقعة، وحسب الدور في الجدول دون تدخل من أحد.
وتضيف الدراسة أن التعديلات والقرارات والقوانين التي اتخذتها السلطات المصرية منذ انقلاب 3 يوليو 2013 والتي استمرت حتى بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد، عكست الطبيعة العسكرية للنظام في مصر، حيث لا يوجد تمثيل حقيقي للمواطنين المصريين سواءً في السلطة التنفيذية، أم التشريعية، أم القضائية. وقد قامت الدولة المصرية بالتحصن خلف ترسانة عتيدة من التشريعات، والتي تتيح لها انتهاك ما نصّ عليه الدستور من حماية المواطنين والحريات.
وتشير الدراسة إلى أن القضاة المصريين لعبوا دوراً محورياً في الانقلاب على مرسي، ومارسوا حرية التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية المناوئة للنظام الجديد. بل يمكن القول إن بعض القضاة مارسوا العمل السياسي، وظهروا في وسائل الإعلام بصورة متكررة ويومية لمهاجمة النظام الجديد، وساندهم في ذلك نادي القضاة، الذي كان رئيسه المستشار أحمد الزند يهاجم قضاة تيار الاستقلال قبل ثورة 25 يناير بزعم اشتغالهم بالسياسة، لكنه لم يجد حرجاً في ظلّ نظام حكم الإخوان في اتخاذ مواقف سياسية، والإعلان صراحة عن أن القضاة سيكون لهم كلمة وموقف في الشؤون السياسية.
وتتابع أن القضاة انخرطوا في التحريض السياسي على الرئيس مرسي، بل وشاركوا في أعمال تدعم التمرد على مرسي، كما استخدموا عدة وسائل لممارسة الضغط على مرسي؛ منها توجيه إنذارات إلى رئيس الجمهورية لسحب الإعلان الدستوري الصادر في 21/11/2012، ومنها التهديد بتعليق العمل في المحاكم، وهو ما حدث فعلاً، ومنها التهديد بعدم الإشراف على الانتخابات، لإجبار السلطة السياسية على التراجع عن بعض قراراتها.
وتضيف الدراسة أن النشاطات القضائية اتخذت خلال هذه الفترة شكل الأحكام القضائية المناوئة لنشاط السلطة السياسية، والتي حولت القضاء إلى لاعب أساسي على المسرح السياسي. كما لجأ نادي القضاة إلى توجيه الإنذارات للسلطة للعدول عن قراراتها التي رآها النادي عدواناً على استقلال القضاء. وقد اختلف المشهد القضائي بعد الانقلاب على مرسي، حيث هدأ النشاط القضائي المناوئ للسلطة السياسية الجديدة.
وفيما يخص مسار ملف المحاكمات خلال عهد السيسي فقد شهد تحولاً دراماتيكياً متسارعاً عكس طبيعة التحول السياسي الخطير بعد انقلاب 3 يوليو.
وتشير الدراسة إلى أنه على النقيض من المحاكمات الصورية التي نالها أركان نظام عهد مبارك، فإن محاكمات معارضي انقلاب 3 يوليو، ومعارضي الرئيس السيسي بعد ذلك سلكت مساراً مغايراً، فقد شهد العام الأول من حكم السيسي انتهاكات كبيرة فيما يتعلق بقضايا الاعتقال والاحتجاز والمحاكمات، فقد تمّ الحكم على 464 بالإعدام، وتمّ التنفيذ الفعلي لحكم الإعدام بحق 7 متهمين، كما تمّ الحكم على 4,800 متهم بالسجن بإجمالي عدد أعوام 39,040 عاماً، ومن بين هؤلاء المحكومين هناك 772 محكوم عليهم بالمؤبد.
وقد شكل الارتفاع البارز في إصدار أحكام الإعدام إحدى العلامات الفارقة في عهد السيسي، وما يميز هذه الأحكام أنها بالأصل ذات طابع سياسي غُلفت بأغلفة الإرهاب وتهديد الأمن القومي المصري وما نحوه، إلا أن حقيقة الأمر أن معظم هذه الأحكام إن لم يكن جميعها، صدرت ضدّ معارضي النظام الحالي، أو ضدّ من رفضوا الانقلاب، والحالة التي سادت بعد 3/7/2013.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/9/5
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (3) الأداء الاقتصادي (النسخة الإلكترونية)
أكدت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد باسم جلال القاسم وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، أن المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي واجهها مرسي في بداية عهده، كان بعضها نتيجة السياسات الاقتصادية التي كانت سائدة خلال الفترة التي حكم فيها الرئيس مبارك، والبعض الآخر جاء بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي استجدت بعد ثورة 25 يناير، أو بسبب سلوك القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية. على الرغم من ذلك، فقد أشارت المعطيات إلى أن الأوضاع الاقتصادية في عهد مرسي كانت أفضل منها في زمن السيسي.
وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان "الأداء الاقتصادي"، وهي الإصدار الثالث ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان "مصر بين عهدين مرسي والسيسي دراسة مقارنة"، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهد الرئيسين.
وتشير الدراسة إلى أنه منذ اليوم الأول لرئاسته، شنّ خصوم مرسي ومعارضيه حملة إعلامية منظمة ضدّ سياسته الاقتصادية، موظفين ملايين الدولارات لإنجاح هذه الحملة الإعلامية، والتي كان أهم مظاهرها؛ التقليل من إنجازاته الاقتصادية، واستغلال التعثر أو البطء الذي واكب تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية التي وعد بها.
أدت هذه الحملة المنظمة بالإضافة إلى وسائل القوة التي يملكها خصوم مرسي، من أطراف محلية كالمؤسسة العسكرية وباقي مؤسسات الدولة العميقة وفلول النظام السابق، وأطراف إقليمية ودولية، في نهاية المطاف إلى تهيئة الظروف لإنجاح انقلاب عسكري على مرسي، تحت غطاء "ثورة شعبية" عنوانها "تظاهرات مليونية"؛ تمّ تضخيمها ومضاعفة أرقام المشاركين فيها عبر توظيف وسائل الإعلام المختلفة.
وتتابع الدراسة أنه مع تعيين عدلي منصور رئيساً مؤقتاً للبلاد، كمرحلة انتقالية استمرت قرابة سنة، وانتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً جديداً للبلاد بعد ذلك، وُجِّهت الأنظار مرة أخرى إلى القطاع الاقتصادي خلال هذه المرحلة، خصوصاً بعد حالة التدهور والشلل التي أصابت الكثير من مرافق هذا القطاع؛ نتيجة للاضطرابات السياسية والأمنية التي سادت في هذه المرحلة، وكمحصلة للسياسات الاقتصادية التي اتبعتها السلطات الجديدة، في ظلّ غياب وتعطيل المؤسسات التشريعية والرقابية.
وتقول الدراسة أن التردي في الجانب الاقتصادي، وما نتج عنه من معاناة معيشية طالت شرائح واسعة من المجتمع المصري، خصوصاً الطبقتين المتوسطة والفقيرة، لم يؤدِّ إلى تهيئة الظروف للإطاحة برموز النظام الجديد؛ ليس لأن الأوضاع الاقتصادية تحسنت عما كانت عليه إبان ثورة 25 يناير أو انقلاب 3 يوليو، بل بسبب استخدام سياسة القوة التي انتهجتها هذه السلطة في مواجهة خصومها وإضعافهم، لفرض واقع سياسي جديد، مع استمرار امتلاك هذه السلطة لقوة الإعلام التي جُرّد منها الخصوم.
وتبين الدراسة أن نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار، كانت من الأزمات الأكثر حضوراً وتأثيراً في تأجيج غضب الشارع المصري ضدّ نظام الرئيس محمد مرسي، وتضيف أن عدداً من هذه الأزمات كان مفتعلاً ومسنوداً من جهات داخلية وخارجية، وأن انتهاء أزمة الوقود مباشرة بعد أيام من الانقلاب أكبر دلالة على ذلك. في حين استمرت أزمة الكهرباء بعد انقلاب 3 يوليو، وعاشت الحكومة المؤقتة مأزقاً صعباً، كما ارتفع سعر الكهرباء في مطلع عهد السيسي بنسبة 27.9%، بالرغم من أن دولاً خليجية أمدت الحكومة بمساعدات تشمل منتجات بترولية بقيمة أربعة مليارات دولار من السعودية والكويت والإمارات. كما استمر ارتفاع أسعار السلع في عهد منصور والسيسي.
وتضيف الدراسة أن الغريب في الأمر أن الأزمات، التي أطاحت بمرسي معظمها بقي موجوداً خلال عهد الرئيس السيسي، لكن أدوات نظام مبارك الإعلامية أججتها في عهد مرسي، وقللت من شأنها في عهد السيسي.
وتتابع الدراسة إجراء مقارنتها بين مشروعي مرسي والسيسي الاقتصاديين، والوقوف على حقيقة الوضع الاقتصادي خلال العهدين، ومدى تأثير الانقلاب على وضع الدولة الاقتصادي ومكانتها. وقد سلطت الدراسة الضوء على ملف زراعة القمح، فقالت إن هذا الملف احتل أهمية كبيرة في مشروع مرسي الاقتصادي، وقد واجه مرسي عدة تحديات وقفت في وجه النهوض بهذا القطاع، ولم يكن التدهور الحاصل في هذا القطاع بسبب سياسة الحكومات المصرية وقضايا الفساد خلال عهد مبارك فحسب، بل تعدى ذلك ليكون على رأس هذه العقبات فرض سياسة التبعية على مصر من خلال ربط قوتها اليومي بما تُصدّره إليها الدول الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة.
وتقول الدراسة أنه في مواجهة سياسات الحكومات المصرية المتعاقبة، التي قامت على إهمال إنتاج القمح محلياً والاعتماد على استيراده من الخارج بأسعار تخضع لسياسة السوق العالمية، ما كان يؤدي إلى ارتباطه بالأزمات الاقتصادية العالمية، اتبع مرسي استراتيجية بعيدة المدى؛ أدت إلى أن تقفز إنتاجية القمح في السنة المالية 2012/2013، من 7مليون طن إلى 9.5 مليون طن بزيادة 30٪ عن السنة المالية 2011/2012، على الرغم من أن مساحة الأرض المزروعة بالقمح لم تزد على 10% من مجمل المساحة المخصصة للزراعة، ووعد مرسي بأن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال الأربع سنوات القادمة، كما أن هشام قنديل رئيس الوزراء في عهد مرسي، أكد أن مصر قد تحقق ما يتراوح بين 65 و70% من الاكتفاء الذاتي من القمح خلال السنة المالية 2012/2013 بفضل الزيادة المتوقعة في الإنتاج المحلي.
وتضيف الدراسة أنه بعد الانقلاب على مرسي، تراجع اهتمام الحكومات المصرية بزراعة القمح، حيث انكمشت مساحات القمح من3.5 مليون فدان في عام 2012/2013، إلى 2.5 مليون فدان في كانون الأول/ ديسمبر 2016. وتراجعت كمية ما تشتريه الحكومة من القمح من المزارعين المحليين وازداد الاعتماد على استيراده خارجياً، ففي 27/4/2016، أصدرت وزارة الزراعة المصرية بياناً يشير إلى أن المزارعين ورّدوا إلى شون (مكان يُخزن فيه القمح) وزارة التموين 99 ألف طن قمح فقط على مستوى الجمهورية، في الوقت الذي تمّ توريد عشرين ضعفاً في أثناء حكم مرسي في السنة المالية 2012/2013. وعلى النقيض من خطة الاكتفاء الذاتي التي اتبعتها حكومة مرسي، وُجهت الاتهامات إلى حكومات السيسي باتباع سياسة اقتصادية أدت إلى تهميش وإفقار قطاع القمح.
وتتابع الدراسة أن مشكلة القمح في مصر لم تكن مشكلة زراعية تتعلق بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة أو التمويل، بل كانت مشكلة إرادة سياسية تتعلق بالنظام الحاكم، الذي كان يخضع لإملاءات بعض الدول من خلال ما يفرضه صندوق النقد الدولي والبنك الدوليين من شروط للإقراض، وهو ما حاول نظام مرسي أن يتحرر منه، فكان أن أُطيح به بعد أقل من عام.
وفيما يتعلق بقيمة العملة المصرية، تشير الدراسة إلى أن سياسات الحكومات بعد الانقلاب، والتي أدت إلى زيادة الديون المحلية والخارجية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات عالية جداً، أدت إلى انخفاض قيمة العملة المصرية بصورة خطيرة، فبعد أن كان سعر الدولار مقابل الجنيه 7.7 جنيهات في 30/6/2013، (في السوق السوداء) و7.05 جنيهات في السوق الرسمي، بلغ سعره في 26/4/2016 نحو 8.8 في السوق الرسمي، ونحو 10.7 في السوق السوداء.
وتتابع الدراسة أن البنك المركزي قام، خلال 14 شهراً التي تلت الانقلاب، بطباعة نقود بدون رصيد بلغت 35 مليار جنيه (نحو 5.04 مليارات دولار)، من أجل سدّ العجز في الموازنة، مع الاستمرار بطرح سندات مالية للاستدانة من القطاع المحلي، ما أدى إلى ارتفاع الدين العام المحلي، وقد أدت هذه السياسة، إضافة إلى البدء في رفع الدعم عن المنتجات البترولية والكهرباء، إلى وصول معدل التضخم خلال الفترة أيار/ مايو - تموز/ يوليو في السنة المالية 2013/2014 إلى نحو 10.3%، مقابل نحو 6.7% في الفترة نفسها من السنة المالية 2012/2013، وقد بلغت أعلى نسبة لها خلال العام الأول من ولاية السيسي، حيث وصلت إلى 13.1% خلال أيار/ مايو 2015، وكانت السلع الغذائية أكثر السلع ارتفاعاً في أسعارها، مما زاد من معاناة المواطنين وأدخل شرائح جديدة من المصريين إلى دائرة الفقر.
وتشير الدراسة إلى أن الدين العام بشقيه المحلي والخارجي ازداد بشكل خطير بعد الانقلاب على مرسي، في ظلّ غياب المحاسبة البرلمانية، وتواطؤ الأحزاب والقوى التي دعمت الانقلاب؛ تحت ذريعة الحفاظ على استقرار النظام، وقطع الطريق أمام عودة "الإسلاميين" إلى الحكم.
وتضيف الدراسة أن الحكومات المصرية اتبعت بعد الانقلاب سياسة القفز إلى الأمام في تعاملها مع الوضع الاقتصادي ومعالجة المديونية؛ فراكمت الديون وما يستحق عليها من خدمة تلك الديون، بل وزادتها من خلال اقتراض وطرح سندات خزينة، ومن خلال طباعة كميات كبيرة من الجنيهات المصرية مع خفض قيمتها من حين إلى آخر؛ ما فاقم الوضع الاقتصادي وأدخل البلاد في دوامة خطيرة من المستبعد أن تخرج منه إذا استمرت في سياستها هذه.
وتشير الدراسة إلى أن معدل البطالة تراوح بين 12.7 و13.4% خلال عهدي مرسي والسيسي، فيما أكدت نهلة زيتون مسؤولة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، في أيار/ مايو 2015، أن 40% في مصر باتوا يعيشون تحت خطّ الفقر.
وفيما يتعلق بمشروع توسعة مجرى قناة السويس، فتوضح الدراسة أنه لم تكن هناك جدوى اقتصادية حقيقية لهذا المشروع؛ الذي دُفع فيه مبالغ كبيرة كان من الممكن أن تنعش الاقتصاد المصري لو وُظفت في مشاريع حيوية إنتاجية أخرى، كما تشير الدراسة إلى أن الهدف الأساسي للمشروع ربما كان رفع شعبية السيسي ودعم شرعيته. وقد حاول النظام الجديد الترويج لإنجازات اقتصادية من خلال افتتاح بعض المشاريع، عدد منها بُدئ في إنشائه خلال عهد مرسي، غير أن تراجع قيمة العملة المصرية وازدياد معدلات التضخم والدين العام وانتشار البطالة والفقر عرى تلك المشاريع من إنجازاتها، وكشف حقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد.
وتضيف الدراسة أن القوات المسلحة كانت متحكمة تماماً بالوضع الاقتصادي خلال وبعد عهد مرسي، وتتابع أن الجيش المصري اكتسب نفوذاً غير مسبوق منذ أن أشرف على الانقلاب، وأن حجم أعمال المؤسسة العسكرية في المشروعات الاقتصادية زاد بشكل كبير، كما دخل المؤسسة العسكرية كشريك في عدد من المشروعات الاقتصادية الكبرى في البلد.
وتخلص الدراسة إلى أن الانقلاب في مصر، مع حلول الذكرى السنوية الثالثة على تنفيذه، لم يؤدِّ إلى انتشال مصر من أزمتها الاقتصادية، بل على العكس عمق أزمتها أكثر فأكثر بحسب ما أكدت المعطيات الاقتصادية، كما حرم الانقلاب على نتائج انتخابات سنة 2012، البلاد من إمكانية النهوض من خلال آلية ديموقراطية، تضمن تداول السلطة، وترسخ مبدأ المحاسبة والمساءلة؛ فباتت البلاد مرتهنة لفئة معينة تُسيّر مقدرات الدولة الاقتصادية وثرواتها القومية وفق مصالحها.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/8/25- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (2) الأحزاب والقوى السياسية (النسخة الإلكترونية)
أكدت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد باسم القاسم وربيع الدنان، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، أن الحياة السياسية والدستورية لم تكن ممهدة بشكل جدي وميسر أمام الرئيس محمد مرسي عند تسلمه مقاليد الحكم؛ حيث واجه مرسي معارضين ومناهضين لحكمه، عارضوه انطلاقاً من دوافع سياسية، أو أيديولوجية، أو صراع نفوذ ومصالح، ولم تتح له فرصة معقولة ديموقراطياً لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي فاز على أساسه، وكان بعض هذه القوى المعارضة ظاهر والبعض الآخر كان مستتراً في بنى ما يُعرف بـ”الدولة العميقة“.
وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”الأحزاب والقوى السياسية“، وهي الإصدار الثاني ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان ”مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة“، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.
وتقول الدراسة إن الرئيس مرسي اعتمد عند بداية حكمه على استراتيجية تتلخص في مسارين، المسار الأول، محاولة استمالة المؤسسة العسكرية التي كانت وما زالت تمسك بتلابيب الحكم في مصر، وتبنيه سياسة عدم الصدام المباشر معها؛ من أجل كسب المزيد من الوقت لتثبيت أركان حكمه وتفريغ الجهد الأكبر من أجل الإصلاح السياسي والإداري والقضائي للنظام.
أما المسار الثاني، فكان توجه مرسي نحو الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الشبابية التي شاركت في ثورة 25 يناير، من أجل إيجاد أرضية وطنية مشتركة، قادرة على وضع خطة استنهاض وطنية شاملة، تؤسس لقيام نظام حكم ديموقراطي حقيقي، يلبي طموحات وأهداف ثورة 25 يناير، ويضع مصر على سُلّم التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية لتحقيق دولة الرفاه والسيادة والحكم الرشيد.
وتضيف الدراسة أن المصالح والاعتبارات الحزبية الضيقة لعبت دوراً كبيراً في تنظيم العلاقة وسبل التعاون بين أحزاب المعارضة ومرسي؛ كما أن التباينات الكبيرة التي ميزت أغلب البرامج والرؤى التي كانت تحملها الأحزاب في مصر في تلك الفترة، أسهمت في إضعاف أي إمكانية لإيجاد أرضية خصبة للتوافق؛ ما أدى إلى وقوع الصدام في نهاية المطاف.
وتتابع الدراسة أن البيئة الداخلية لم تكن مساعدة لتحقيق سياسات مرسي، على العكس من حكم السيسي، فالجيش والمؤسسات الأمنية وأقطاب الدولة العميقة عمدوا إلى إيجاد بيئة غير متعاونة بل معرقلة داخل مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإدارية والاقتصادي والإعلامية والقضائية، إضافة إلى التأثير الجلي داخل المؤسسات الخاصة بكل أشكالها خارج نطاق الدولة. ووجد عدد من الأحزاب والقوى السياسية المعارضة في هذه البيئة السياسية الداخلية فضلاً عن البيئتين الإقليمية والدولية، فرصة سانحة لتحقيق أهدافها في إفشال حكم مرسي، حتى ولو بدعم الانقلاب العسكري عليه.
وتضيف، أن الاختلاف كان واضحاً في سياسة تعامل هذه الأحزاب وسلوكها مع كلا الرئيسين، ففي الوقت الذي عارضت فيه الرئيس مرسي في عدة مواقف وقرارات، نجدها تساند بقوة قرارات الرئيس السيسي في المواقف والقرارات نفسها، وظهر ذلك بوضوح من خلال الوقفة القوية ضدّ مرسي حينما أصدر الإعلان الدستوري في نهايات 2012، فيما غضت الطرف عن العديد من التشريعات التي سنها السيسي، والتي كرست سيطرته وسيطرة العسكر وتراجع الحالة الديموقراطية، كما وقفت الأحزاب وقفة المعارض لمرسي في تعامله مع أزمة سدّ النهضة فيما أشادت بحكمة السيسي في التعامل مع الأزمة، بالرغم من أن السيسي لم يكن أكثر وطنية أو تشدداً من مرسي. كما طالبت الأحزاب بتواجدها في حكومة هشام قنديل بينما لم يكن لها تمثيل في أيّ حكومة شكلها السيسي حتى كتابة هذه السطور.
وتبين الدراسة أن هذه القوى والأحزاب لم تحرك ساكناً عندما أصدر الرئيس السيسي العديد من التشريعات التي قيَّد من خلالها الحريات ووضع العديد من السلطات الإدارية والتنفيذية والتشريعية في يده؛ فتولى سلطة التشريع في غياب البرلمان تحت ستار ما يحق له من قوانين في الحالات الاستثنائية.
وكانت أبرز القوانين والتشريعات التي أصدرها السيسي، قانون الانتخابات الصادر في حزيران/ يونيو 2014، والذي قلص فرص الأحزاب الليبرالية التي نشأت بعد الثورة، حيث إن نظام التصويت الجديد فسح المجال للنخب القديمة للعودة من جديد، كما صدر قانون الجامعات في حزيران/ يونيو 2014، الذي منح للسيسي سلطة تعيين وفصل رؤساء الجامعات، وسمح له، على غرار مبارك، بالسيطرة على الجامعات.
بالإضافة إلى قانون الجمعيات الأهلية الصادر في أيلول/ سبتمبر 2014، الذي فرض مزيداً من القيود على الجمعيات الأهلية، وتضمن أحكاماً بالسجن مدى الحياة حال تلقي أموال من جهات أجنبية بهدف ”الإضرار بالمصالح الوطنية“، وقد أثار القانون حفيظة الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، والتي تعتمد في تمويلها على مصادر التمويل الخارجي.
على النقيض من ذلك، وجدت هذه الأحزاب والقوى في قرارات مرسي وإصداراته الدستورية فرصة لتدعيم عضد هذه المعارضة ورصّ صفوفها، فأطلقت موجة تحريض غير مسبوقة ضدّ النظام القائم آنذاك، مستغلة حالة التقاطع في الأهداف مع المؤسسة العسكرية والدولة العميقة، إضافة إلى استثمار حالة العداء أو غير الرضى التي أظهرتها القوى الإقليمية والدولية تجاه مرسي.
وتوضح الدراسة أنه على الرغم من انتهاج النظام في عهد السيسي سياسة الإقصاء والقمع في حقّ خصومه ومعارضيه، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، واستمرار رفعه شعار ”لا مصالحة مع الإخوان“، إلا أن المعارضة السياسية وعلى رأسها الإخوان استمرت في ممارسة الضغط المتصاعد على النظام، من خلال الشارع، في ظلّ عدم قدرة النظام على الوفاء بالتزاماته تجاه الشعب؛ فالأوضاع الاقتصادية، والأمنية، والسياسية، ازدادت سوءاً يوماً بعد يوم.
وتتابع أن الانقلاب مهد لاستنساخ معارضة شبيهة بمعارضة الرئيس المخلوع حسني مبارك، عبر إقرار تعديلات على قانون مجلس النواب الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل تسليمه السلطة للسيسي، وتمّ تعديله في قانون أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 29/7/2015.
وتضيف الدراسة أن قانون الانتخابات التشريعية الذي وُضع في عهد السيسي، أدى إلى إضعاف الأحزاب، حيث منح الأفراد المستقلين حقوقاً مساوية للأحزاب في التنافس على 448 مقعداً، مع الإشارة إلى أن القانون الجديد الذي صدر في 5/6/2014 أي قبل تعديله في 29/7/2015، كان قد نصّ على أن 420 عضواً يُنتخبون بالنظام الفردي و120 بنظام القوائم؛ أي أن زيادة 28 عضواً على الفردي أتى على حساب تقليل نسبة حصة الأحزاب في المجموع الكلي لعدد النواب في المجلس.
وقد أدت نتائج الانتخابات التشريعية إلى عدت متغيرات سياسية منها: عودة بعض رموز الحزب الوطني في إطار العديد من الأحزاب التي نشأت بعد الثورات المصرية، وفي إطار الترشح كمستقلين عن القوائم الفردية، وغياب الأحزاب المعارضة الوازنة ذات الثقل الانتخابي والتمثيلي، حيث بات البرلمان الجديد مشكلاً من فسيفساء أحزاب لا تقوى على تشكيل معارضة قوية، بسبب تشتتها وولاء أكثرها للنظام الحاكم، وسيطرة أحزاب رجال الأعمال على العدد الأكبر من المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب، وتقدم حصة المستقلين من حيث الشكل لأن الكثير منهم محسوبون على النظام السابق، حيث بلغت حصة النواب المستقلين المنتخبين 322 نائباً بنسبة 56.7%، وممثلو الأحزاب حصلوا على 246 مقعداً بنسبة 43.3%، بينما حصل حزب الحرية والعدالة في انتخابات 2012 منفرداً على 235 مقعداً، بنسبة 46.3% من إجمالي مقاعد مجلس الشعب البالغ عددها آنذاك 508 نواب.
كما فشل 26 حزباً من أصل 42 حزباً، خاض مرشحوها الانتخابات التشريعية في حصد أي مقعد، وفي مقدمتهم: التحالف الشعبي الاشتراكي، والكرامة، والغد، والجيل، ومصر العروبة، والعربي للعدل والمساواة.
وفي ما يتعلق بالعوائق والتدخلات الخارجية في وجه مرسي، فتقول الدراسة إن هذه العوائق تمثلت في رفض العديد من الدول العربية التعامل الجدي مع نظام مرسي ودعمه مادياً؛ فقد رفضت هذه الدول مخرجات الربيع العربي وخافت من انتقال عدواه إليها، كما وجدت في ”الإسلام السياسي“ تهديداً لمصالحها؛ فدعمت الثورة المضادة والانقلاب على مرسي، واعترفت بنظام السيسي سياسياً وساعدته اقتصادياً. كما وقف المجتمع الدولي متفرجاً على الأحداث التي وقعت في مصر بعد الانقلاب، وكان ما يعنيه هو مصالحه الخاصة، وليس تحقيق الديموقراطية واحترام الشرعية خصوصاً عندما تأتي بـ”الإسلاميين“.
وختمت الدراسة بالتأكيد على أن الكثير من مكتسبات ثورة 25 يناير تبخر بعد انقلاب 3 يوليو؛ فالحريات أعيد تقييدها، والأحزاب بعضها زُج بقيادتها في السجون، وهُمّش البعض الآخر وحُجّم وأقصي وتمّ استئصال القوى التي قادت المسار الديموقراطي، كما تمّ قمع فريق من المؤيدين، بالإضافة إلى عسكرة مفاصل الدولة، ومحاولة إنتاج معارضة جديدة مصطنعة. وبذلك دخلت البلاد في أزمات خطيرة أثرت على مكانتها ومستقبلها.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/8/11
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات مجلداً، من إعداد باسم جلال القاسم وربيع محمد الدنّان، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، يحمل عنوان ”مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة“، ويتناول المجلد الأوضاع السياسية والقانونية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدت مصر خلال عهدي مرسي والسيسي.
ويحتوي هذا المجلد على سبعة فصول، يتناول الفصل الأول تطورات الأحداث في مصر في الفترة 2011-2015، ويتناول الفصل الثاني التغيرات السياسية والانتخابات، أما الفصل الثالث فيتحدث عن العلاقة بين السلطة والأحزاب والقوى السياسية، فيما يناقش الفصل الرابع الأداء الاقتصادي، أما الفصل الخامس فيتناول الأداء الأمني والقضائي، في حين يتحدث الفصل السادس عن الأداء الإعلامي، أما الفصل السابع فيتناول ملف السياسة الخارجية.
وأظهرت الدراسة في فصلها الأول، الذي يحمل عنوان ”تطورات الأحداث في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 حتى نهاية 2015“، أنه وبالرغم من المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة 25 يناير، فإن مسار الأحداث المصرية بعد عزل مرسي شهد أزمة حقيقية تعيشها البلاد، وبقي البلد خاضعاً للمؤسسة العسكرية، حيث رسّم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سيطرته على مقاليد الحكم من خلال انتخابه رئيساً، في انتخابات ذكّرت العالم بالمشهد المصري قبل ثورة 25 يناير.
كما تشير تطورات الأحداث إلى أن المشهد المصري بدا وكأنه قد عاد إلى ما كان عليه قبل تنحي مبارك؛ حيث عادت عملية كبت حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، والحريات العامة.
وتسلط الدراسة في فصلها الثاني، الذي يحمل عنوان ”التغيرات الدستورية والانتخابات“، الضوء على تطور العمليتين الدستورية والانتخابية في مصر بعد ثورة 25 يناير. فقد تمّ تعديل الدستور والاستفتاء عليه في ثلاث مناسبات، وتمّ إجراء انتخابات تشريعية في مناسبتين، كما تمّ انتخاب رئيسين للبلاد خلال سنتين، تمّ بينهما تعيين رئيساً مؤقتاً.
وتشير الدراسة إلى أن الشعب المصري خاض، حتى تاريخ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو 2013، خمس عمليات ديموقراطية انتخابية، أظهرت جميع الاستحقاقات الانتخابية، التي تمّ معظمها في عهد المجلس العسكري، قوة التيار الإسلامي ومؤيديه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون.
وبالمقابل، فقد جاء في الدراسة أن الانتخابات التي أجريت بعد الانقلاب العسكري شهدت شبهات تزوير، وعدم مصداقية الأرقام والنتائج، كما شهدت اتّهامات عدّة بانتشار الرشوة الانتخابيّة خلال إجرائها، حيث انتشرت ظاهرة شراء الأصوات، و”المال السياسي“.
وفي أجواء استبعاد وملاحقة الإسلاميين، وخصوصاً الإخوان، حسم السيسي نتيجة السباق الرئاسي بأغلبية ساحقة مع حمدين صباحي، وحصل على 96.9% من الأصوات مقابل 3.1% لصباحي. وكان لافتاً للنظر النسبة العالية لمقاطعة الانتخابات، حيث تحدثت تقارير صحفية عن ضعف كبير على الإقبال.
وتؤكد الدراسة في فصلها الثالث، الذي يحمل عنوان ”الأحزاب والقوى السياسية“، أن الحياة السياسية والدستورية لم تكن ممهدة بشكل جدي وميسَّر أمام الرئيس محمد مرسي عند تسلمه مقاليد الحكم؛ حيث واجه مرسي معارضين ومناهضين لحكمه، عارضوه انطلاقاً من دوافع سياسية، أو أيديولوجية، أو صراع نفوذ ومصالح، ولم تتح له فرصة معقولة ديموقراطياً لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي فاز على أساسه، وكان بعض هذه القوى المعارضة ظاهراً، وكان البعض الآخر مستتراً أو يحاول الاستتار كالمؤسسة العسكرية.
وتضيف الدراسة أن المصالح والاعتبارات الحزبية الضيقة لعبت دوراً كبيراً في تنظيم العلاقة وسبل التعاون بين أحزاب المعارضة ومرسي؛ كما أن التباينات الكبيرة التي ميزت أغلب البرامج والرؤى التي كانت تحملها الأحزاب في مصر في تلك الفترة، أسهمت في إضعاف أي إمكانية لإيجاد أرضية خصبة للتوافق؛ ما أدى إلى وقوع الصدام في نهاية المطاف.
وتتابع الدراسة أن البيئة الداخلية لم تكن مساعدة لتحقيق سياسات مرسي، على العكس من حكم السيسي. وأن الانقلاب مهد لاستنساخ معارضة شبيهة بمعارضة الرئيس المخلوع حسني مبارك، عبر إقرار تعديلات على قانون مجلس النواب الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل تسليمه السلطة للسيسي، وتمّ تعديله في قانون أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 29/7/2015. وتضيف الدراسة أن قانون الانتخابات التشريعية الذي وُضع في عهد السيسي، أدى إلى إضعاف الأحزاب، وتدهور الحياة السياسية، وعودة الأوضاع إلى ما هو أسوأ من أيام مبارك.
وتؤكد الدراسة في فصلها الرابع، الذي جاء بعنوان ”الأداء الاقتصادي“، أن المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي واجهها مرسي عند بداية عهده، كان بعضها نتيجة السياسات الاقتصادية التي كانت سائدة خلال الفترة التي حكم فيها الرئيس مبارك، والبعض الآخر جاء بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي استجدت بعد ثورة 25 يناير، أو بسبب سلوك القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية. على الرغم من ذلك، فقد أشارت المعطيات إلى أن الأوضاع الاقتصادية في عهد مرسي كانت أفضل منها في زمن السيسي.
وتبين الدراسة أن معظم الأزمات مثل نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار كان مدبراً ومسنوداً من جهات داخلية وخارجية، كما أن معظم هذه المشاكل استمر خلال عهد السيسي، مما يفقده جدية مبررات الانقلاب على مرسي.
وتتابع الدراسة إجراء مقارنتها بين مشروعي مرسي والسيسي الاقتصاديين، والوقوف على حقيقة الوضع الاقتصادي خلال العهدين، ومدى تأثير الانقلاب على وضع الدولة الاقتصادي ومكانتها. وقد سلطت الدراسة الضوء على ملف زراعة القمح، فقالت إن هذا الملف احتل أهمية كبرى في مشروع مرسي الاقتصادي؛ ما أدت إلى قفز إنتاجية القمح في السنة المالية 2012/2013، من 7مليون طن إلى 9.5 مليون طن بزيادة 30٪ عن السنة المالية 2011/2012.
وتضيف الدراسة أنه بعد الانقلاب على مرسي، تراجع اهتمام الحكومات المصرية بزراعة القمح، حيث انكمشت مساحات القمح من 3.5 مليون فدان في عام 2012/2013، إلى 2.5 مليون فدان في كانون الأول/ ديسمبر 2016.
وتشير الدراسة إلى أن سياسات الحكومات بعد الانقلاب، والتي أدت إلى زيادة الديون المحلية والخارجية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات عالية جداً، أدت إلى انخفاض قيمة العملة المصرية بصورة خطيرة، فبعد أن كان سعر الدولار مقابل الجنيه 7.7 جنيهات في 30/6/2013، (في السوق السوداء) و7.05 جنيهات في السوق الرسمي، بلغ سعره في 26/4/2016 نحو 8.8 في السوق الرسمي، ونحو 10.7 في السوق السوداء.
وتشير الدراسة إلى أن الدَّين العام بشقيه المحلي والخارجي ازداد بشكل خطير بعد الانقلاب على مرسي؛ حيث إن الدين المحلي في عهد مرسي وصل إلى نحو 238.06 مليار دولار، كما وصل إلى نحو 43.23 مليار دولار، بينما بلغ الدين المحلي في عهد السيسي نحو 301.5 مليار دولار في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2015، أما الدين الخارجي فبلغ نحو 47.8 مليار دولار في الفترة نفسها. وتشير الدراسة إلى أن معدل البطالة تراوح بين 12.7 و13.4% خلال عهدي مرسي والسيسي.
وتناقش الدراسة في فصلها الخامس، ”الأداء الأمني والقضائي“، حيث تؤكد أن جهاز الأمن والسلك القضائي عملا على إضعاف وتقويض سلطة الرئيس مرسي وأسهما في الانقلاب عليه، في المقابل قاما بدعم السلطة التي انقلبت على مرسي.
وكمؤشر على حرية التظاهر التي كانت سائدة خلال عهد مرسي، تقول الدراسة إن الاحتجاجات التي تعرض لها مرسي بلغت 5,821 مظاهرة ومصادمة واشتباكات، بمعدل 485 مظاهرة كل شهر، و7,709 وقفات احتجاجية وفئوية، بمعدل 557 وقفة احتجاجية كل شهر، و24 دعوة لمليونية، بمعدل مليونيتين كل شهر. مع أن أعداد المشاركين فيما يسمى المليونيات، لم يكن يتجاوز بضعة آلاف في أحيان عديدة.
في المقابل كرست السلطات المصرية بعد الانقلاب، جلّ اهتمامها من أجل الحدّ من تنامي المظاهرات المعارضة للانقلاب ومنع تنظيمها، فأصدرت الحكومة قانون التظاهر الذي شدد العقوبات على كل من يتظاهر دون موافقة وزارة الداخلية، وتصدت بشكل عنيف لمظاهرات ”جبهة صمود الثورة“، وحملة ”لا للمحاكمات العسكرية“.
وتشير الدراسة إلى أن النظام العسكري بعد الانقلاب باشر بارتكاب المجازر المتتالية من أجل وقف الحراك الثوري، كما اعتقل أكثر من40 ألف من معارضي الانقلاب، وقد مارست الأذرع الأمنية عمليات تصفية جسدية مباشرة للمعارضين.
وفي ما يخص الملف القضائي، تقول الدراسة إن السيسي تصرف منذ الانقلاب كحاكم عسكري لمصر، وتدخل في عمل النائب العام والقضاء، فضلًا عن الشرطة، بالإضافة للقوانين التي تستهدف المعارضة.
وتشير الدراسة إلى أن القضاة المصريين المحسوبين على نظام مبارك لعبوا دوراً محورياً في الانقلاب على مرسي، ومارسوا حرية التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية المناوئة للنظام الجديد.
وتظهر الدراسة في فصلها السادس، الذي جاء بعنوان ”الأداء الإعلامي“، أن الإعلام المصري دخل حالة استقطاب بعد ثورة 25 يناير، ولم تقم السلطة الانتقالية، ممثلة في المجلس العسكري، بأيّ خطوات لإعادة تنظيم الإعلام هيكلياً وتشريعياً، كما أن حالة الاستقطاب هذه استمرت خلال حكم مرسي.
ولعبت وسائل الإعلام المصرية المرتبطة ببقايا نظام مبارك أو برجال الأعمال وأجهزة الأمن والعسكر المعادية للثورة، دوراً مهماً في الانقلاب على الرئيس مرسي، خصوصاً فيما يتعلق بإشعال نقمة المصريين عليه، وعلى الإخوان المسلمين. فقد انتشرت شائعات لم تهدف فقط إلى إسقاط الإخوان وتهيئة الساحة للسيسي لتصدّر المشهد، بل لاستخدامها بعد ذلك عند اللزوم في تثبيت حكم السيسي ومحاولة احتواء أيّ إخفاقات يواجهها.
وتلفت الدراسة النظر إلى أن المشهد الإعلامي في مصر دخل مرحلة جديدة بالغة الدلالة والخطورة بعد عزل الرئيس مرسي، فقد تحول الإعلام بشكل واضح إلى أداة صريحة في الصراع السياسي بين السلطة الانتقالية الجديدة وبين الإخوان المسلمين وأنصار الثورة والتغيير في مصر.
وتشير الدراسة في فصلها السابع، الذي جاء بعنوان ”السياسة الخارجية“، إلى أن مؤسسة الرئاسة المصرية انفردت بتحديد السياسية الخارجية المصرية، وتوجهاتها العامة، بما يتناسب مع مصلحة نظام الحكم؛ حيث احتكرت الرئاسة العديد من الملفات التي تراها حيوية.
وتضيف الدراسة أن القضية الفلسطينية شكلت رافداً شعبياً للنظام المصري. كما مرّت العلاقات المصرية الفلسطينية بعدة متغيرات بحسب الظروف السياسة والعسكرية، وكان للتغيرات السياسية الداخلية التي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير أثر كبير في تحديد هذه العلاقة.
وجاء في الدراسة أن العلاقات الإسرائيلية المصرية مرت بمرحلة تحوّل تاريخي عقب نجاح ثورة 25 يناير، فقد استمرت حساسية الموقف الإسرائيلي وغموضه حتى تنحي مبارك... كما أولت المؤسسات الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بتأثيرات الثورة على ”إسرائيل“. وزادت عناصر القلق الإسرائيلي بصعود الإسلاميين المعروفين بعدائهم لـ”إسرائيل“ ورفضهم لاتفاقيات كامب ديفيد، إلى سدّة الحكم. لكن هذا الحال اختلف بعد الانقلاب العسكري، حيث لم تُخفِ النُّخب السياسية والعسكرية والمثقفة في ”إسرائيل“ ارتياحها من الذي حدث في مصر.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
اليوميات الفلسطينية لسنة 2016 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب ”اليوميات الفلسطينية لسنة 2016“. ويقع هذا الكتاب في 572 صفحة من القطع المتوسط. وهو من إعداد وتحرير د. محسن محمد صالح، وربيع محمد الدنان، ووائل عبد الله وهبة.
وهذا هو الإصدار الثالث من مجلد ”اليوميات الفلسطينية“، الذي يُعدُّ أحد أهم الكتب الدورية التي يصدرها مركز الزيتونة، معتمداً آلية دقيقة في اختيار الأخبار، من خلال التعامل مع عشرات المصادر اليومية والدورية، مع مراعاة أهميتها ودورها في تشكيل خريطة الأحداث والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
ويعرض هذا الكتاب أبرز الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية خلال سنة 2016؛ ويوثِّق يومياتها، التي تُعبر عن طبيعة المرحلة، أو تعكس التحولات في المسارات السياسية، وتحديداً مواقف القوى الفاعلة فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً.
معلومات النشر: - العنوان: اليوميات الفلسطينية لسنة 2016 - إعداد وتحرير: د. محسن محمد صالح، وربيع محمد الدنان، ووائل عبد الله وهبة - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات - بيروت - عدد الصفحات: 572 صفحة - الطبعة الأولى: 2017 - ISBN: 978-9953-572-62-8 ويعرض الكتاب للمعلومات والإحصائيات ذات الدلالة المتعلقة بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكل ما يرتبط بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وتتضمن المعلومات فلسطينياً مختلف جوانب الأداء السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتعليمي وأداء المقاومة والوضع الداخلي... وغيرها.
كما يغطي ما يتعلق بـ"إسرائيل" اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وعسكرياً، وما يتعلق بالاستيطان وبرامج التهويد والاعتداء على القدس والمقدسات، ومسار التسوية السلمية.
وتبرز أهمية مجلد ”اليوميات الفلسطينية“ في إسهامه بإغناء المكتبة العربية بمرجع يخدم الباحثين والمهتمين بالدراسات الفلسطينية، بالإضافة إلى الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات الدراسات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
ملف معلومات (23): وثيقة حماس السياسية: المواقف وردود الأفعال (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت ملفَ معلومات 23 بعنوان ”وثيقة حماس السياسية: المواقف وردود الأفعال“، ويوفره للتحميل المجاني.
فبعد عملية مراجعات، ومشاورات، وتقييمات شاملة، أجرتها الأطر القيادية والمؤسسات المعنية في حركة حماس، انبثق عنها ما أسمته الحركة ”وثيقة المبادئ والسياسات العامة“. أثارت هذه الوثيقة موجة كبيرة من المواقف وردود الأفعال، التي اختلفت في درجات تأييدها ومعارضتها للوثيقة، كما اختلفت في تحليل مضامينها.
وما أضفى على إصدار هذه الوثيقة في هذه الفترة أهمية كبيرة، أنها صدرت في ظل وجود ظروف، وتحولات، ومتغيرات استراتيجية، تعيشها منطقة الشرق الأوسط بشكل والقضية الفلسطينية بشكل خاص.
وتجدر الإشارة إلى أن ”ملف معلومات 23“ هو من إشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، مدير عام المركز، وإعداد باسم جلال القاسم، وربيع محمد الدنان.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 21/6/2017
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
سِيْدِي عُمَر: ذكريات الشيخ محمد أبو طير (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة كتاب ”سيدي عمر“ الذي يحوي مذكرات الشيخ محمد أبو طير، والذي يُعدُّ أحد أبرز الكتب، التي تمّ نشرها في تجربة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وهو يؤرخ لما يزيد عن أربعين سنة من هذه التجربة. والشيخ محمد أبو طير هو أحد أبرز قيادات الداخل الفلسطيني، وأحد أبرز رموز الأسرى في السجون الإسرائيلية، فضلاً عن كونه رمزاً نضالياً فتحاوياً سابقاً، ثم رمزاً قيادياً حمساوياً؛ وعضواً في المجلس التشريعي. ويوفر المركز الكتاب للتحميل المجاني.
معلومات النشر: - العنوان: سِيْدِي عُمَر: ذكريات الشيخ محمد أبو طير في المقاومة وثلاثة وثلاثين عاماً من الاعتقال - تحرير: بلال محمد شلش - عدد الصفحات: 608 - الطبعة: الأولى 2017 - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت - ISBN: 978-9953-500-62-1 والكتاب يشكل إضافة علمية نوعية وكبيرة، ويجد فيه الباحثون والمهتمون مادة غنية حول جانب مهم من تاريخ فلسطين وقضيتها، من خلال سيرة الشيخ وتجربته.
صدر هذا الكتاب في أكثر من ستمائة صفحة من القطع الكبير، تشتمل على 12 فصلاً وثلاثة ملاحق، من سيرة الشيخ المقدسي محمد أبو طير، مع ذكريات الشيخ محمد أبو طير في المقاومة و33 عاماً من الاعتقال. وهو من تحرير الباحث بلال محمد شلش.
يؤرخ هذا الكتاب لمجتمع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ سنة 1974 وحتى سنة 2014، ولتجارب الإضراب والتحولات في حركة النشاط الثوري الفلسطيني، ولنشأة الجماعة الإسلامية في السجون وهي من الشهادات النادرة في هذا المجال. كما يؤرخ لنشأة العمل العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية أوائل تسعينيات القرن الماضي. ولا يكتفي بتاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية بل يتعداها إلى الحركة الأسيرة العربية في سجون الاحتلال، حيث جمعتهم القضية الفلسطينية التي آمنوا بها وقاتلوا من أجلها.
يتميّز الكتاب بأنه سيرة مَرويَّة بقلم صاحبها المفعم بالمشاعر والتجارب. وتبرز كثرة الشخوص والأبطال في مذكرات الشيخ، وهناك عدد من الشخصيات المشار إليها ما تزال على قيد الحياة، لكنها كانت مهملة غير مذكورة، ربما بسبب عدم وجود أدوار فصائلية لها، أو لاختيارها البعد التامّ عن الأضواء.
تنقل مذكرات الشيخ جانباً مهماً من أصول العمل الأمني في الثورة الفلسطينية، وهو إخفاء الشخصية بأقنعة ورموز وكُنى. فقد اختار الشيخ أبو طير شخصية تاريخية مهمة في نشاطه العسكري مع حركة فتح أوائل السبعينيات وهو القائد الفاتح الأندلسي ”طارق بن زياد“ واتخذه لقباً له؛ ثم اختار شخصية الثائر الليبي الشيخ ”عمر المختار“ رمزاً سرياً له مع حركة حماس وجناحها العسكري أوائل التسعينيات، والذي تطوّر نتيجة الاندماج وكِبر الشيخ وقدِم تجربته مقارنةً برفاقه الشباب إلى ”سِيدي عمر“ تقديراً له واحتراماً وتحبباً أيضاً، ولذلك أخذت المذكرات هذا العنوان. كما حملت مذكرات الشيخ وصايا وإفادات مهمة في التجربة الأمنية، لا سيّما في أقبية التحقيق. ثم انتقد الشيخ الهوس الأمني لدى الفصائل خوفاً على نفسها من الاختراق حتى وقعت في أخطاء فادحة نتيجة هذا الهوس المُفْرِط، ويتحدث الشيخ عن أخطاء فردية في نقل المعلومات داخل السجون، وضعف التحوّطات الأمنية لدى بعض العناصر الحساسة، بما يتسبب بخسائر كبيرة للتنظيم.
وتوضّح هذه السيرة مكانة القدس في مسيرة العمل العسكري، حيث شكّلت القدس النقطة الأهم والأقوى في جميع العمليات العسكرية الأولى، وأنها البوصلة التي يتجه لها جهد المقاومين.
وتحمل هذه السيرة أيضاً تفاصيل قديمة مهمة عن شخصيات سياسية وأمنية من كل الفصائل ما تزال مؤثرة في حاضرنا، ومن شأنها أن تعطينا تفسيرات أو اتجاهات لتأويل مواقفهم وسلوكهم السياسي الراهن. وتصف السيرة شباب كتائب القسام وحماستهم وقوة شكيمتهم في السجون. وفيها يتوسع الشيخ في حديثه عن بعض الشهداء الذين عايشهم عن قرب كالشهيد محيي الدين الشريف والأخوين عماد وعادل عوض الله. ويوثّق لدور أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في استهدافهم وتشويه سمعتهم.
ويظهر كذلك عمق الجانب الاجتماعي في مذكراته، التي حرص فيها على تفصيل خلفيات المكان والزمان وشبكة المجتمع، وثقافة العائلة، والقرية، والسجن، والمعسكر، والحِرف، والمهن، ومؤسسات التعليم... ثم وثّق بألم لمعاناة أهالي المعتقلين والأسرى لترتيب زيارتهم حتى إنجازها، ثم دورهم في نقل المعلومات والتعليمات، وصبرهم على أذى المحتل. وأشار الشيخ مراراً إلى الصورة النمطية العامة لكل سجن، حيث كانت تتنافس مجتمعات السجون فيما بينها لتثبيت أهليتها لقيادة هذا المجتمع، ويستعرض إخفاقات هذه الصورة ونجاحاتها في مراحل مختلفة.
ومن المواضيع المهمة في هذه السيرة توثيق جانب من حياة المجموعات الشيعية اللبنانية، من حزب الله وحركة أمل داخل سجون الاحتلال في عباداتهم وعلاقاتهم، وموقف الفصائل منهم، وشدة التزامهم الأمني.
في سيرة الشيخ الكثير من ملاحظاته النقدية السريعة لمسيرة الحركة الإسلامية الفلسطينية على صعيد المنهاج والسلوك التنظيمي والتمكّن الفكريّ؛ إضافة إلى انتقادات تاريخية مهمة للمناخ الإعلامي والسياسي الفلسطيني والعربي المتصل بالوضع الفلسطيني.
هذا الكتاب، جدير أن يأخذ مكانته ككتاب مرجعي في تاريخ المقاومة الفلسطينية، خصوصاً في السجون الإسرائيلية.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/8/9
عرض كتاب: ”سيدي عمر: ذكريات الشيخ محمد أبو طير“ عرض ونقد: د.أسامة الأشقر. يُعدُّ هذا الكتاب أحد أبرز الكتب في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر التي نشرت في تجربة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وهو يؤرخ لما يزيد عن أربعين سنة من هذه التجربة. ويشرح الشيخ محمد أبو طير فيه تجربته مذ كان في حركة فتح مرورا بالجماعة الإسلامية، وانتهاء بحماس.
بينما كنت أجهز المسودة النهائية لعرض هذا السِّفر التوثيقي الكبير، تحدثت الأنباء عن اعتقال صاحبه فجر الجمعة 4/8/2017 للمرة العاشرة بعد شهرين من خروجه من الاعتقال ليواصل سيرته التي اعتادها في الأسر لتزيد سنوات أسره عن 35 عاما في السجون... خلال الأعوام الـ43 الماضية.
هذا السِّفر الذي بين أيدينا كتاب من القطع الكبير في أكثر من ستمئة صفحة، تشتمل على 12 فصلا وثلاثة ملاحق، إضافة إلى تزمين تاريخي للمحطات الفاصلة من سيرة الشيخ المقدسي محمد أبو طير في الكتاب، الذي حمل عنوان "سيدي عمر: ذكريات الشيخ محمد أبو طير". وفي الصفحات الداخلية يتوسع العنوان ليضاف إليه "ذكريات الشيخ محمد أبو طير في المقاومة و33 عاما من الاعتقال".
الكتاب صادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، الذي اعتاد أن يقدم لنا سِيَراً توثيقية لرموز العمل الوطني والإسلامي في فلسطين.
كتاب مرجعي
هذا الكتاب من تحرير الباحث بلال محمد شلش، الذي بدأ تحرير الكتاب مع الشيخ أبو طير أواسط سنة 2011، وكانت عملية تحرير الكتاب تتوقف بسبب ظروف اعتقال الشيخ. واعتمد عمله على ترتيب إفادات الشيخ وتدويناته وتقسيمها وتنظيمها في فصول، دون تدخل في لغة النص أو فرض رؤية المحرر عليه، كما قدّم خدمات تخريج النص وإحالة النصوص إلى مصادرها ومراجعها، وشرح المصطلحات الغامضة، وترجمة الأعلام الواردة في النص. ثم وضع المحرر ثلاثة ملاحق توثيقية تثري مادة الكتاب وموضوعه، ثم وضع فهرسا مختلطا للأعلام والأماكن.
قدم للسيرة الشيخ صالح العاروري عضو المكتب السياسي لحركة حماس، وأحد مؤسسي العمل العسكري في الضفة الغربية، وأحد رفاق الشيخ أبو طير في الأسر، الذي أقرّ بدوره الحساس في مجالات العمل الأمني والعسكري والإداري والتنظيمي والسياسي والدعوي، وأن له تجربته الثرية وأسبقيته في محطات عديدة.
تؤرخ السيرة لمجتمع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتؤرخ لتجارب الإضراب والتحولات في حركة النشاط الثوري الفلسطيني. وتؤرخ أيضا لنشأة الجماعة الإسلامية في السجون وهي من الشهادات النادرة في هذا المجال. كما تؤرخ السيرة لنشأة العمل العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية أوائل تسعينيات القرن الماضي.
ولا تكتفي السيرة بتاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية بل تتعداها إلى الحركة الأسيرة العربية في سجون الاحتلال، حيث جمعتهم جميعا القضية الفلسطينية التي آمنوا بها وقاتلوا من أجلها.
يمتزج الشخصي بالعام في هذه السيرة، وهذا أمر مفهوم، فإن السيرة مرويَّة بقلم صاحبها المفعم بالمشاعر والتجارب، لكن العام أكثر ظهورا لديه ربما بسبب طول سنوات الاعتقال في مراحل الوعي الأساسية في حياة الشيخ، حيث لم يعش حياة أسرية طبيعية، إذ كان ارتباطه بالسجن والاعتقال أكثر من ارتباطه بالعائلة والدار.
لغة أدبية وثراء معرفي
لغة الشيخ في مذكراته لغة متينة تنمّ عن ثقافة لغوية وثراء معرفي، وكان ذلك لتأثره بأحد أساتذته في الثانوية العامة، وقد أظهر الشيخ مهارته اللغوية في ذكر بعض قصائد كتبها كما في قصيدتيه عن إحراق المسجد الأقصى ص 43–44، وقصيدته في رثاء شهيد مقدسي ص370. ولغته ذات أسلوبية سردية حِكائية فيها الكثير من خصائص الخطابة، التي تزداد فيها ألفاظ الإشارة وأسلوب الالتفات، وضرب المثل والاحتفاء بالبعد النفسي، واستحضار المخاطَبين. وترى ذلك بوضوح كلما تحدث عن القدس والمسجد الأقصى، كما في رواية قصة مشاهدته لحريق المسجد الأقصى أو وصف مشاعره عندما احتل باقي المدينة سنة 1967 كما في ص 51–52، ويظهر جانب الحكاية فيها بكثرة التفاصيل، وسرد المواقف، واكتظاظ الذاكرة بالأشخاص والمواضع.
عناوين الفصول عناوين أدبية فضفاضة تتحدث عن مرحلة تاريخية أكثر من كونها تتحدث عن قضية موضوعية، رغم أن المرحلة في بعض الفصول قد تكون هي القضية، ولذلك تجد أن مضامين بعض الفصول يمكن أن تجعلها -موضوعيا- ضمن فصل آخر يحمل عنوانا يختص بموضوع الفصل الأول.
سيدي عمر وأمن العمل
وكثرة الشخوص والأبطال الثانويين في مذكرات الشيخ ليست دليلا على ترف الجغرافية المكانية عنده. فهذا التفصيل إنما بسبب صغر جغرافية السجن الذي قضى فيه الشيخ معظم حياته، حيث إن السجن مجتمع صغير ضيق، يعرف فيه ساكنوه تفاصيل الرفيق المسجون معهم ويتداولون أخبار بعضهم بتفاصيل دقيقة، بسبب فقر الموضوعات الأخرى ومحدودية التفاصيل عنها.
وقد حرص المحرر على ترجمة كثير من الأشخاص واعترف بعجزه عن التعريف بكثيرين، وأرجع ذلك إلى ضعف التدوين الوثائقي، علما أن كثيرا من الشخصيات المشار إليها لا تزال على قيد الحياة، لكنها مهملة غير مذكورة، ربما بسبب عدم وجود أدوار فصائلية لها، أو اختيارها للبعد التام عن الأضواء.
يحمل عنوان السيرة جانبا مهما من أصول العمل الأمني في الثورة الفلسطينية، وهو إخفاء الشخصية بأقنعة ورموز وكنى. وكان الشيخ أبو طير قد اختار شخصية تاريخية مهمة في فواتح نشاطه العسكري مع حركة فتح أوائل السبعينيات باختياره اسم القائد الفاتح الأندلسي "طارق بن زياد" لقبا له، ثم اختياره شخصية الثائر الليبي الشيخ "عمر المختار" رمزا سريا له مع حركة حماس وجناحها العسكري أوائل التسعينيات، والذي تطور نتيجة الاندماج وكِبر الشيخ وقِدم تجربته مقارنة برفاقه الشباب إلى "سِيدي عمر" تقديرا له واحتراما وتحببا أيضا.
كما حملت مذكرات الشيخ وصايا وإفادات مهمة في التجربة الأمنية، لا سيما في أقبية التحقيق، حيث تشتد الحاجة إلى تأهيل الفدائيين استعدادا للحظة القبض عليهم ومحاولات استنطاقهم واستجوابهم، وكيف يستفيد السجان من الخلافات التنظيمية الحادة والفصائلية في تجنيد العملاء داخل السجن. ثم ينتقد الشيخ الهوس الأمني لدى الفصائل خوفا على نفسها من الاختراق حتى وقعت في أخطاء فادحة وإساءات بالغة وانتهاكات فاضحة نتيجة هذا الهوس المفرِط، ويتحدث الشيخ عن أخطاء فردية في نقل المعلومات داخل السجون، وضعف التحوطات الأمنية لدى العناصر الحساسة، بما يتسبب بخسائر كبيرة للتنظيم.
وتوضح السيرة مكانة القدس في مسيرة العمل العسكري، حيث قرر فيها أن القدس شكلت عظم الرقبة في جميع العمليات العسكرية الأولى، وأنها كالمرآة المقعرة التي ينعكس كل ما فيها على العالم كله.
شهادات في الرجال
وفي سيرة الشيخ تفاصيل قديمة مهمة عن شخصيات سياسية وأمنية من كل الفصائل لا تزال مؤثرة في حاضرنا، ومن شأنها أن تعطينا تفسيرات أو اتجاهات لتأويل مواقفهم وسلوكهم السياسي الراهن، وتفيض السيرة بالحديث عن شباب كتائب القسام وحماستهم وقوة شكيمتهم في السجون وإصرارهم على العودة إلى مضمار القتال بكل السبل الممكنة، ويتوسع الشيخ في الحديث عن بعض الشهداء الذين عايشهم عن قرب كالشهيد محيي الدين الشريف والأخوين عماد وعادل عوض الله. ويوثّق لدور أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في استهدافهم وتشويه سمعتهم. ورغم أنه يفوته أحيانا التعريف ببعض الأشخاص المهمين في محطات كان لهم فيها الدور الأكبر، فإنه ما يلبث أن يعود بعد فصول عدة للتنويه بهم كما حصل مع الشيخ حسن القيق.
ويظهر في السيرة عمق الجانب الاجتماعي في مذكراته، التي حرص فيها على تفصيل خلفيات المكان والزمان وشبكة المجتمع وثقافة العائلة والقرية والسجن والمعسكر والحرف والمهن ومؤسسات التعليم... وأثر ذلك على الشخوص وتفسيره لسلوكهم ونفسياتهم، وأثر المناطقيات والجهويات على نفوس بعض المنظمات الفلسطينية داخل السجون، لا سيما تلك التي لا تحمل أيديولوجية متينة. ثم استعرض بإيجاز تأثير الجهويات على هذه التنظيمات المتماسكة في مرحلة ما. ومن اللافت أن الشيخ لا يترك تفصيل ردود فعل المحققين الصهاينة على صمود بعض الأسرى أو انهيارهم في أثناء التحقيق بعد الانتهاء منه.
ثم يوثق بألم معاناة أهالي المعتقلين والأسرى لترتيب زيارتهم حتى إنجازها، ثم دورهم في نقل المعلومات والتعليمات، وصبرهم على أذى المحتل وإذلاله لهم. كما توثق السيرة لميلاد الفصل الاجتماعي بين الفصائل على قاعدة الموقف من أوسلو أو السلام، حيث كانت بعض فصائل منظمة التحرير حريصة على الفصل بينها وبين فصائل المقاومة في محاولة منها لتحسين ظروف اعتقالها. وأشار الشيخ مرارا إلى الصورة النمطية العامة لكل سجن، حيث كانت تتنافس مجتمعات السجون فيما بينها لتثبيت أهليتها لقيادة هذا المجتمع، ويستعرض إخفاقات هذه الصورة ونجاحاتها في مراحل مختلفة.
وقد كان لافتا احتفاء مجتمع الأسرى المغلق بثقافة الرؤى والمنامات ونمو تأويلها لديهم، حيث كانت في كثير من الأحيان مصدر التنبؤات الوحيد، وربما جعلها بعضهم مصدرا من مصادر المعلومات، ويشرح كيف ترتفع مكانة صاحب الرؤيا ومؤولها في هذا المجتمع.
ومن المواضع المهمة في هذه السيرة توثيق حياة المجموعات الشيعية اللبنانية، من حزب الله وحركة أمل داخل سجون الاحتلال في عباداتهم وعلاقاتهم، وموقف الفصائل منهم، وشدة التزامهم الأمني.
في سيرة الشيخ الكثير من ملاحظاته النقدية السريعة لمسيرة الحركة الإسلامية الفلسطينية على صعيد المنهاج والسلوك التنظيمي والتمكن الفكري، إضافة إلى انتقادات تاريخية مهمة للمناخ الإعلامي والسياسي الفلسطيني والعربي المتصل بالوضع الفلسطيني.
إضافة علمية نوعية
وسيرة الشيخ تعجّ بتفاصيل الرواية الشفوية عن أحداث ووقائع ليس هناك تفصيلات أكاديمية وافية عنها، وسيكون في إضافتها إثراء للبحث التاريخي الفلسطيني كما في سرده لبعض الأحداث قبل سقوط مدينة القدس بيد الاحتلال سنة 1967.
وتظهر ثقافة الشيخ في استدعاء التاريخ والسيرة النبوية في تشبيه الأحداث ببعضها وعلامات اقترانها وتنزيلها على الوقائع اليومية التي شهدها وبيان المفارقات في التعامل معها. وكان شديد النقد لسلوك نظام عبد الناصر في معظم محطات الصراع في فلسطين، وسلوك حزب البعث في سوريا.
وتظهر في السيرة مواقف الحركة الإسلامية المبكرة في مرحلة صراع الهوية في تفصيل الموقف من الأفكار الشيوعية وما يمثلها أو يقترب منها من تيارات وأحزاب شيوعية وماركسية ولينينية في فلسطين، حيث يعدّ الشيخ أبو طير أفكارها هدامة لقيم الإسلام وأنه من الواجب تحييدها، واستعرض الشيخ تجربته في دحض أفكارها وشبهاتها من خلال التثقيف والقراءة لا سيما لكتب محمد قطب.
وتضعنا السيرة في تفاصيل الحياة اليومية للأسير في طعامه وشرابه وملابسه وبيئته وظروفه ومشاعره الحبيسة معه وتعاملاته مع السجان ومع رفاق الأسر، وتنقلاته والتحقيقات معه، وتجربته في مقاومة هذا الواقع نفسيا واجتماعيا وأمنيا وسلوكيا، ومواسم التصعيد العنيف معه ورصد ردود فعله. وتحدث عن مجتمع الأسرى المختلط فكريا بين اليسار والثوريين والطائفيين والوطنيين والملحدين والإسلاميين... ووقوع الأسرى في حصار نفسي ضيق ينضاف إلى أسرهم وسجنهم، ويستعرض الشيخ التجربة الفكرية القاسية مع رفقاء السجن وحجم الضغط النفسي الذي تعرض له الإسلاميون في السبعينيات من رفاق النضال، وكيف تحولت السجون في السبعينيات إلى أحد مراكز معاداة الدين وتربية الأفكار اليسارية والإلحادية، من خلال العنف وحرب الإشاعات وحرق الكتب الدينية والاستفزاز اللفظي والمعنوي والشحن التحريضي... تحدث عنها الشيخ باستفاضة.
ووثّق بألم التجارب التي خاضتها حماس وحدها دون مساندة من التنظيمات الأخرى في الأسر في مرحلة تمدد العمل العسكري لحماس أواخر التسعينيات، تجنبا للإجراءات العنيفة للسجانين، كما وثّق قائمة المطالب التي كان يسعى الأسرى لتحصيلها من المحتل بكل الطرق المتاحة له، وإدارة التفاوض مع المحتل بشأنها، وحجم الضغوط في محاكم الاحتلال، والتفنن في قتل الأيام وتمطيط الأزمنة واستغلال الأسرى للضغط السياسي على المقاومة خارجه، لا سيما في ملف الأسير الصهيوني جلعاد شاليط، بحرمانهم من حقوق أساسية ابتدائية كالطعام والشراب والإذلال الممنهج وسحب أدوات الطبخ والأدوات الكهربائية والتقييد الطويل والتفتيشات المفاجئة.
ويتحدث الشيخ بإيجاز، وفي مواضع متفرقة غير متصلة، عن العمل التنظيمي في السجون وآليات الانتخابات واللجان القيادية والأقسام الداخلية في كل مكتب قيادي وولاية هذه المكاتب. ويتحدث بفخر عن تشجيع قيادة السجون لمحاولات الفرار من السجن التي قام بها عدد من ذوي الأحكام الطويلة والمؤبدات، ويفصّل في دور هذه الانتخابات في علاج بعض الظواهر السالبة كالجهوية والانقسام السياسي، أو تغيير آليات مواجهة واقع السجن، ومواجهة إجراءات المحتل في العزل والتفتيش والزيارة والطعام والرؤية والصلاة والهاتف.
الجماعة الإسلامية
يعدّ الحديث عن نشأة الجماعة الإسلامية في سجن الرملة وسجن عسقلان وسجن الخليل من الوثائق التدوينية المهمة في هذه السيرة، حيث يعزو بداياتها إلى طبيعة الاستفزاز الذي تعرض له الشباب المتدين الأسير من رفاقهم في الأسر، وشدة تأثير الأفكار الشيوعية ومدارسها على الحركة الوطنية الفلسطينية، وسلوك التحامل التحريضي على التدين والدين، وكيف قابلها الشباب المتدين بالقراءة والتثقيف الذاتي من خلال كتب سيد قطب وأخيه محمد، وكتب عباس العقاد، وحسن البنا، ويوسف القرضاوي، ومحمد سعيد رمضان البوطي، ومنير شفيق. ويقرر الشيخ أنه ورفاقه لم يكونوا في وارد تأسيس جماعة إسلامية كالتي أسسها جبر عمار في سجن عسقلان، بل كان هدفهم هو الانحياز إلى التدين وتعلّم أحكام الدين وتكوين بيئة مستقرة نفسيا للمتدينين، ولكن السلوك المقابل كان حادا جدا دفع هؤلاء إلى تكوين إطار تنظيمي يجمعهم.
وقدّم الشيخ تعريفا بمرحلة تأسيس الجماعة الإسلامية في السجون ورموزها وكيف عملت الفصائل الفلسطينية المقابلة على ضربها في مهدها بالقوة والعنف، وكيف استطاعت مواجهة ذلك ثم انفتاح الجماعة على المسجونين الجنائيين الفلسطينيين وإعادة تربيتهم وإعدادهم نظرا لإهمال القوى الفلسطينية لهم، ونضالهم من أجل تخصيص عنابر خاصة بهم، وتوفير مكتبة دينية، وتخصيص مكان لصلاة الجمعة وإقرار الخطبة رغم الرفض الفصائلي لها، وفرض الأذان، وإطلاق اللحية التي كانت ممنوعة آنذاك بوصفها علامة على الهوية المتدينة.
ثم قدّم تعريفا بنشأة الجماعة الإسلامية في سجن عسقلان وأهم رموزها، وكيف تلاقت الجماعتان وتوحدتا على أفكار واحدة في أثناء حركة التنقلات الدورية بين السجون.
ثم يتناول الشيخ مرحلة انتقال كثير من شباب الجماعة الإسلامية إلى مدرسة الإخوان المسلمين التي تأثروا بها فكريا، أو مدرسة الجهاد الإسلامي التي تأثرت بأفكار الخميني في إيران. وكان كثير من شباب الجماعة من أفراد قوات التحرير الشعبية التابعة لجيش التحرير الفلسطيني أو شباب الدوريات من خارج فلسطين.
حرصت السيرة على إظهار السلوك الإيماني لأبناء الجماعة الإسلامية والحركة الإسلامية في سجون الاحتلال، وكيف أسهم في تعميق الوعي الوطني وشدة الالتزام بالقضية، وجعلها في مرتبة العقد الإيماني.
حماس وتجربتها
وفي السيرة توثيق يسجل لأول مرة عن كيفية إجراء عملية التبادل والتفاوض على إطلاق الأسرى بين الجبهة الشعبية-القيادة العامة والاحتلال الإسرائيلي سنة 1985، ولكن من داخل السجون حيث أدار الشيخ أبو طير عملية فرز الأسماء ومعاييرها والمشكلات التي صاحبت عملية الفرز والمراوغات الإسرائيلية طيلة عملية التفاوض حتى إنجاز التبادل، وهناك توثيق آخر لا يقل أهمية عن دور السجون في المشاركة في مفاوضات ما سمي إعلاميا بصفقة وفاء الأحرار التي جرى فيها تبادل نحو ألف أسير فلسطيني بالجندي الأسير جلعاد شاليط.
وتشتمل السيرة على شهادات دقيقة حصل عليها من الشيخ أحمد ياسين داخل السجن حول سبب إصابته بالشلل، وعن اغتيال الدكتور إسماعيل الخطيب، وعن قصة إنشاء الجامعة الإسلامية بغزة رغم قرار ياسر عرفات بمنع ذلك بالقوة.
وتحكي السيرة موجزات ومقتضبات عن انطلاقة حماس سنة 1987، ودور الضفة فيها وكيف كان يجري التنسيق بين الضفة وقطاع غزة ومن كان يتولى التنسيق، ثم نشأة العمل العسكري لحماس في الضفة الغربية وأهم رموزه، وكيف تجاوزت التردد التنظيمي الداخلي باستدعاء دعم قيادة حماس في الخارج، وكيف عانت حماس من أجل تثبيت نفوذها وحضورها الدعوي في مدن الضفة الغربية وقراها، وكيف استطاعت الصمود أمام قرارات حركة فتح بتصفيتها وعدم السماح لها بالنمو والتوسع في تلك المناطق. ثم يبسط الرواية في سياسات الاحتلال لمواجهة نشاط حركة حماس وتوجيه الضربات المتتالية لها في أوائل التسعينيات، لا سيما من حيث سياسة الاعتقال والتعذيب والإبعاد.
وفي تجربته في أثناء خوض المعركة الانتخابية سنة 2006 التي أسفرت عن فوز كبير لقائمة التغيير والإصلاح القريبة من حماس، والتي كان فيها الثاني على القائمة الرئيسية التي تصدرها إسماعيل هنية، يستعرض الشيخ سياسة منافسيهم من حركة فتح في التعامل معهم، ووثّق للكثير من التجاوزات والاعتداءات من طرفهم، ثم رصد تجاوب الجماهير معهم لا سيما من المسيحيين الفلسطينيين واللاجئين. ثم تعرض لموقف حزب التحرير من الانتخابات وكيف أسهم الحزب في تنفيس الزخم الشعبي بفتاواه التي استهدفت حماس أكثر من غيرها.
ثم يعرض الإجراءات التي وقّعها محمود عباس وسياسة حركة فتح لحرمان حماس من مكتسبات انتصارها الانتخابي، وكيف عمل الاحتلال على تنفيس هذا الحضور السياسي الجديد لحماس، باتخاذ إجراءات قاسية بحق النواب، ولعل أخطرها كان في سحب الهويات المقدسية من نواب القدس.
عرض شخصي
وفي السيرة عرض شخصي للكثير من المواقف السياسية التي يعتقدها الشيخ أبو طير مثل الموقف من اتفاقية أوسلو التي عدّها أخطر مشروع صهيوني بأيد فلسطينية، حيث ضربت المشروع الوطني الفلسطيني، وفجرته من داخله، وجعلت أدوات السلطة كلها لخدمة الاحتلال وأمنه.
وتعرّض للموقف من الانقسام السياسي الفلسطيني الذي عدّه مرهقا للشعب الفلسطيني بسبب التزام السلطة بأمن الاحتلال ومصالحه على حساب مصالح الشعب الفلسطيني، والموقف من الحسم العسكري في قطاع غزة 2007، حيث عدّه السبيل الوحيد لمواجه بطش الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومشروعها الصهيوني لضرب المقاومة وتصفيتها، ويدافع الشيخ أبو طير بقوة عن مشروع المقاومة وجدواه وأنه السبيل الوحيد المتاح لعودة الحقوق وتحرير الأسرى.
وليس كل ما في السيرة توثيق عن معاينة، فكثيرا ما تجد موضوعات طويلة تتحدث عن وقائع حدثت خارج السجن تحدث عنها بما سمعه من وسائل الإعلام أو إخوانه بعد خروجه من السجن، أو عند لقائه ببعض من يتصل بهذا الحدث من الأسرى المرافقين له، وكثيرا ما تجد هذا العرض مصحوبا باستعراض للرأي الشخصي حول تلك الأحداث.
المصدر: الجزيرة نت، الدوحة، 10/8/2017
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في بيت المقدس 1987-2015 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات كتاب ”المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في بيت المقدس 1987-2015“، من تأليف خالد إبراهيم أبو عرفة، وهو في أصله بحث نال به المؤلف درجة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس سنة 2016. ويقع هذا الكتاب في 398 صفحة.
يستعرض هذا الكتاب التسلسل التاريخي للهبات والانتفاضات، والدوافع وراء إصرار الفلسطينيين على مقاومة الاحتلال، والتي كانت السبب الأول في إعاقة التهويد المطلق للمدينة. ويخلص إلى عدد من النتائج، في مقدمتها أن المقاومة في المدينة تُطوّر أداءها تبعاً للمستجدات الأمنية الإسرائيلية، كما أنها تنتقل عبر الأجيال دون توقف.
يتوزع الكتاب على أربعة فصول؛ وقد قدم الفصل الأول من الكتاب نبذة عن مكانة القدس لدى أهل الديانات من يهود ومسيحيين ومسلمين، وكيف أصبحت لدى المسلمين مدينة وقفية من الدرجة الأولى. كما بحث الكاتب في هذا الفصل وَضْعَ المدينة القانوني الدولي، مبيناً أن إجراءات الاحتلال كلها في القدس منذ 1947 تُعدّ غير قانونية في القانون الدولي، وأنها لا تتعدى كونها فرضٌ لسياسة الأمر الواقع. وكذلك يشرح الكاتب حقّ المقدسيين في مقاومة الاحتلال وأسباب مقاومتهم له، وقانونية هذا الحق الذي تكفله القوانين والأعراف الدولية، إضافة إلى تطرق سريع عن المسيرة التاريخية للمقاومة الفلسطينية، معرجاً على المعارك التاريخية مثل حطين واليرموك وغيرها، مفصلاً في تنوع مقاومة المقدسيين للانتداب البريطاني التي شملت المظاهرات والمسيرات والمقاطعة والتمرد على الضرائب، وغيرها من أشكال العصيان المدني، ثم أشكال المقاومة الشعبية والمسلحة، التي هي في تطور دائم.
وأما الفصل الثاني فقد تناول جوانب المقاومة الشعبية والانتفاضات، ومظاهر المقاومة السلمية المتمثلة بالرباط والصمود، وكذلك المقاومة المسلحة التي خاضها المقدسيون حفاظاً على مدينتهم. مبيناً أحداث الانتفاضات الفلسطينية الثلاث، وكذلك العمليات الاستشهادية وموقعها بين الحق في المقاومة و”الإرهاب“. وتوقف المؤلف بشيء من التفصيل عند ظاهرتي الرباط والصمود التي تَميَّز بها المقدسيون، موضحاً الثبات الرائع الذي أبدوه في ذلك. شارحاً للوسائل المختلفة التي قاموا بها، مبيناً دور المرابطات القوي في التصدي للاعتداءات على المسجد الأقصى، من مشاركتهن في مشروع مصاطب العلم داخل الأقصى، إلى الوقوف عند الأبواب ومواجهة الإغلاقات والإبعاد، وإعاقة اقتحامات المستوطنين، ومخاطبة الرأي العام. ويسرد الكاتب نماذج مشرقة للصمود والأنشطة الشعبية والفعاليات التي اتبعت لتعزيز حالة الصمود، من خيم الاعتصام، والالتماسات القانونية، ومقاومة التطبيع مع الاحتلال وغيرها.
وفي الفصل الثالث ناقش المؤلف انتهاكات الاحتلال واعتداءاته المختلفة في مدينة القدس، ومقاومة المقدسيين لهذه الانتهاكات؛ من تهويد وأسرلة واستيطان ومصادرة وتدنيس للمقدسات وتهجير وإبعاد للسكان وهدم للبيوت ومحاصرة للاقتصاد واعتقالات، إضافة إلى جريمة بناء جدار الضمّ والتوسع الإسرائيلي.
ويعرض الكتاب في الفصل الرابع والأخير بشكل منهجي موثق نماذج من الشرائح المتصدية للمقاومة في مدينة القدس، والتي شملت كافة طوائف المجتمع المقدسي من حركات سياسية ومؤسسات متنوعة، والمسيحيين المقدسيين، إضافة إلى قطاع النساء، والشارع المقدسي، والإعلاميين، والأطفال.
ويرسل الكاتب من خلال دراسته هذه عدة توصيات للنخبة المقدسية والمهتمين في الشأن المقدسي، أهمها؛ بذل الجهود اللازمة في تشكيل مرجعية وطنية مركزية قابلة للاستمرار في العمل الميداني.
ويخلص الكاتب إلى أن كل الانتهاكات والمعاناة التي تعرض لها المقدسيون، لم تكن حائلاً أمام استئنافهم لمقاومتهم وعملياتهم الفدائية، وأنهم قدّموا أمثلة بارزة في مسيرة النضال الفلسطيني، وكانوا رافعة له في الكثير من المحطات.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/8/21
عرض: عمر عبد الحفيظ الجيوسي.
اعتمدت المقاومة الفلسطينية في القدس على النفْس وتنظيم النفَس؛ كي تستطيع الاستمرار في مواجهة غطرسة الاحتلال، وكي تقنع الأمة الإسلامية بضرورة احتضان قضيتها وتصحيح بوصلتها نحو القضية الفلسطينية.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ينقل المعلومة بجذورها وتربتها الفلسطينية كما يفعل الزارعون في بلادنا، فيصدِر التقارير الإستراتيجية والسلاسل الإنسانية والكتب المفصلية، ومنها هذا الكتاب الذي يوثق أعمال المقاومة في القدس: ”المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في بيت المقدس 1987-2015“، لمؤلفه خالد إبراهيم أبو عرفة.
وتنبع أهمية الكتاب من أن مؤلفه تتبع الدراسات السابقة التي عُنيت بالشأن المقدسي؛ فلم يجد دراسة شاملة مباشرة تطرقت لإحصاء وتصنيف وبيان أساليب المقاومة في القدس. وربما كان السبب هو أن الكتابة في هذا الموضوع تحتاج لدراسات ميدانية وإحصاءات واقعية ومقابلات حية.
كما تحتاج مثل هذه الدراسات إلى تثبيت أرقام حقيقية وإحصاءات دقيقة حول مقاومة انتهاكات الاحتلال المستفحلة في القدس، بينما تحتفظ مؤسسات الاحتلال بالوثائق الكاملة لكافة الأحداث والوقائع وتتحفظ عليها.
وربما زاد من أهمية الكتاب أن مؤلفه وجد نفسه مدفوعاً بحاجة المقاومة في القدس لهذه الدراسة، وأيضا بمبرر ذاتي؛ حيث إنه تعرض للظلم بمصادرة إقامته بعد أن اختير وزيراً لشؤون القدس في الحكومة الفلسطينية العاشرة (27 مارس/آذار 2006 - 17 مارس/آذار 2007)، ثم تعرض للاعتقال والملاحقة والإبعاد التعسفي عن مدينة القدس.
ويمكن القول إن هذا الكتاب يسلط الضوء على الهبَّات والانتفاضات وأعمال مقاومة الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس خلال الفترة 1987-2015، ويتتبع صمود الفلسطينيين ومقاومتهم التي تعوق التهويد المطلق وتقطع جذور التمدد في بعض القدس، وتبقي جذوة الانتماء لدى الشعوب العربية والإسلامية.
وقد احتوى هذا الكتاب على أربعمئة صفحة من القطع الكبير، مئة منها للملاحق والمراجع التي وصلت إلى 120 مرجعاً. وتوزعت مادته على مقدمة وأربعة فصول وتوصيات وخاتمة وملاحق هامة.
تنوع أشكال مقاومة المقدسيين وفي الفصل الأول ربط المؤلف بين مكانة القدس المحتلة وضرورة المقاومة، وذكر مجموعة من نصوص القانون الدولي الذي يكفل حق الفلسطينيين في المقاومة، وفي استخدام القوة لتحرير أرضهم، وتشرّع مساندة ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله.
واستعرض أسباب مقاومة المقدسيين للاحتلال، وسرد مسيرة المقاومة في القدس تاريخياً، وعرّج على مقاومة المقدسيين للانتداب البريطاني والمنظمات الصهيونية، وعلى الثورة الفلسطينية الكبرى، ومقاومة العصابات الصهيونية.
وتناول الفصل الثاني المقاومة الشعبية والانتفاضات الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في القدس، وبيّن الأساليب المتنوعة للمقاومة والتي منها: الرباط والصمود، ورفع الرايات، وصياغة البيانات، وتسيير المظاهرات، وإقامة الاعتصامات، ومواجهة المحتل بالسكاكين، وزراعة المتفجرات في طريق قوات الاحتلال، وتنفيذ عمليات خطف للجنود بغرض استبدالهم بأسرى فلسطينيين، ومشاركة المقدسيين في التخطيط ودعم عمليات استشهادية.
أما الفصل الثالث -وهو أطول فصول الكتاب- فقد تحدث عن تسعة أنواع من الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال، ومنها: التهويد والأسرلة، والاستيطان، ومصادرة الأراضي والممتلكات، وتدنيس المقدسات، وتهجير السكان وإبعادهم، وهدم البيوت، والاعتقالات، ومحاصرة الاقتصاد، إضافة إلى كارثة بناء جدار الضم والتوسع.
وبيّن المؤلف في هذا الفصل صلابة وازدياد ثقافة المقاومة الفلسطينية في وجه هذه انتهاكات الاحتلال. وعزز ذلك بإجراء استبانة لنخبة مقدسية حول الانتهاكات وسبل مقاومتها فردياً وجماعياً.
وفي الفصل الرابع استعرض المؤلف نماذج من شرائح المقاومة في القدس، ومن أهمها: المؤسسات الفلسطينية المتنوعة، والحركات السياسية، والشارع المقدسي، والمسيحيون المقدسيون، والنساء والأطفال المقدسيون، والإعلام المقدسي. كما أشار إلى بعض العقبات والإشكاليات الداخلية والتطبيعية في الإعلام المقدسي، ولفت النظر إلى جوانب من المعركة الإعلامية ودورها في مقاومة الاحتلال.
وبالنسبة لملاحق الكتاب؛ فقد تضمنت جداول متنوعة ومهمة، ومنها: جدول لعمليات المقاومة في القدس، وجدول للشهداء المقدسيين، وجدول لأصحاب الأحكام العالية، وجدول للأسرى المقدسيين الذين استشهدوا، وجدول للشهداء المقدسيين، وجدول للمبعدين عن القدس. وجداول أخرى شكلت كلها إضافة نوعية في هذا الكتاب.
واعتمد المؤلف في مراجعه على الكتب العربية والمترجمة، والمقابلات الشخصية، والدراسات الجزئية السابقة، والمجلات، والصحف، واليوميات، والوثائق، والتقديرات الإستراتيجية، ومواقع الانترنت، وأوراق العمل.
من خلاصات وتوصيات الدراسة
يخلص الكتاب إلى أن المستجدات الأمنية الإسرائيلية تجبر المقاومة على تطوير أدائها ووسائلها، وتزيد من تمسك المقدسيين بالدفاع والتضحية من أجل مدينتهم، وتناسي الإحباط من تخلي المسؤولين الفلسطينيين والعرب عنهم.
ويوصي بتشكيل ”مرجعية مركزية“ و”توحيد الجهد الوطني“ في المقاومة، و”تطوير المراكز البحثية المتخصصة في الشأن المقدسي“، و”توصيل الرواية الفلسطينية“ إلى العالم في مقابل الرواية الإسرائيلية الباطلة.
ويشير المؤلف إلى أنه رغم أن المقدسيين أثبتوا أنهم قادرون على حماية هويتهم الوطنية وابتكار وسائل مقاومة، ومنها دعس وطعن جنود ومستوطنين إسرائيليين، وأن أجهزة الاحتلال الأمنية قد تراجعت لصالح المقاومة؛ فإن انقسام الموقف الفلسطيني من الانتفاضة -ما بين جيل التسوية السلمية والمقاومة الفردية- أدى إلى خفض وتيرتها وتعويقها.
ولعل الإضافة النوعية التي تركها لنا المؤلف لم تكن فيما حوته هذه الدراسة من تفاصيل فقط، وإنما أيضا في السؤال المفتوح على مستقبل المقاومة في أرض أثبت تاريخها أنها لا بدّ من أن تطرد من يخرجون عن النصوص الأصلية. ويتوقع كثيرون أن تكون هذه الدراسة إضافة نوعية للمتابعين في موضوع الدراسات المتعلقة بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في القدس.
ومع ذلك لا بد لمتابعي المقاومة في القدس من توخي الحذر تجاه كيل المواقف الدولية بمكيالين، وإعلانها مراراً تفهمها لسلوك الاحتلال في القدس؛ وفي الوقت نفسه لا بدّ لهم من استغلال بعض الإيجابيات الكامنة في بنود القانون الدولي، وكذلك قرارات اليونسكو الأخيرة، وأيضا مستجدات المسجد الأقصى في صيف 2017.
المصدر: الجزيرة نت، الدوحة، 30/8/2017
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
العلاقات التركية الإسرائيلية 2002-2016 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب ”العلاقات التركية الإسرائيلية 2002-2016“، من تأليف أحمد خالد الزعتري، وهو في أصله بحث نال به المؤلف درجة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس سنة 2015. ويقع هذا الكتاب في 110 صفحات من القطع الكبير.
يُمكِّن هذا الكتاب القارئ من الاطلاع على الجوانب المختلفة للعلاقات التركية الإسرائيلية، والمراحل والتطورات التي مرت بها خلال الفترة 2002-2016. وكيفية التعامل من قِبل الطرفين في مراحل المد والجزر التي واجهت هذه العلاقات في مختلف الاتجاهات.
يتوزع الكتاب على أربعة فصول؛ وقد قدم الفصل الأول من الكتاب نبذة تاريخية عن العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين منذ 1949 حتى 2002، موضحاً بدء تَغيُّر منحى هذه العلاقات، تبعاً لسياسات الرئاسة التركية واهتماماتها الخارجية، مع بقاء حرصها على عدم تزلزل العلاقة بشكل كامل. ويسلط الضوء على فترة التسعينيات حيث بدأت تركيا بعد حرب حزيران/ يونيو 1967 باتخاذ مواقف مؤيدة للعرب، ثم مالت باتجاه ”إسرائيل“ بعد حرب الخليج الثانية بسبب المصالح التجارية لتركيا. إضافة إلى شرحٍ وافٍ عن التعاون المائي بينهما، مع التركيز على المشاريع الكبرى التي أُبرمت بين البلدين ومآلها، والمصالح المترتبة عليها لكلا الطرفين.
وأما الفصل الثاني فقد تناول المصالح المشتركة بين تركيا و”إسرائيل“ في ظلّ الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية التركية، بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات سنة 2002؛ واضعاً بين يدي القارئ أهم المحطات التي مرت بها العلاقات على الصعيد الأمني والعسكري والاستخباراتي بشكل خاص، مبيناً كيف استمرت تلك العلاقات في هذه المجالات، على الرغم من التوتر الذي حصل على الصعيد السياسي، حيث انتقدت تركيا بشدة اغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، كما عارضت الحرب التي شنتها ”إسرائيل“ على لبنان في تموز/ يوليو 2006. معرجاً على حجم التبادل التجاري الذي يسير بوتيرة عالية، وكذلك استمرار السياحة بينهما مع ازدياد أعداد السياح الإسرائيليين حتى وصلوا إلى نصف مليون زائر إلى تركيا سنة 2008، ثم بدأت الأعداد بتراجع ملحوظ بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة نهاية سنة 2008، على إثر المواقف التركية الناقدة والمعارضة لهذا العدوان.
وفي الفصل الثالث يتناول الكاتب نقاط الخلاف بين البلدين، وتأثيرها على العلاقات بينهما في مختلف النواحي. مستفيضاً في سرد أبرز المواقف التي أدت إلى تدهور كبير في العلاقات في بعض الأحيان؛ بالأخص حادثة إهانة السفير التركي في تل أبيب، والاعتداء على السفينة التركية مرمرة، وسقوط الشهداء الأتراك على متنها، مع ما رافق تلك الأحداث من مواقف تركية غاضبة وتصعيد في لهجة اللوم لـ ”إسرائيل“، ومطالبتها بالاعتذار والتعويض. كما يَقرِن ذلك كله بسعي تركيا لتكون لاعباً سياسياً فاعلاً في المنطقة من خلال تقوية دورها المؤثر في القضية الفلسطينية. وقد استعرض الكتاب بشيء من التفصيل التخوفات التركية من تدخل ”إسرائيل“ في بعض الملفات الإقليمية مثل الحرب في سورية، وعلاقاتها بأكراد العراق، والتقارب الإسرائيلي القبرصي، والتنافس على سوق الغاز الطبيعي، إضافة إلى ضغوطات اللوبي اليهودي على الحكومة التركية من خلال إثارة مسألة تهجير الأرمن.
ويكمل الكتاب في الفصل الرابع والأخير عرض التطورات التي شهدتها العلاقات التركية الإسرائيلية سنتي 2015-2016، في ظل سعي السياسة الخارجية الواضحة لأنقرة لمد الجسور مع المشرق العربي والإسلامي، وإصرارها على ضرورة رفع الحصار عن غزة في المواقف كلها. فعلى الرغم من تذبذب العلاقة وفتورها، إلا أن حرص البلدين على استمرار التعاون التجاري والاقتصادي بينهما بات واضحاً لوجود المصالح لكليهما في ذلك. كما أن الموقف الإسرائيلي المتأني من محاولة الانقلاب الفاشلة في 15/7/2016، ومن ثم تصريح الخارجية الإسرائيلية بدعم الديموقراطية التركية، أسهم في إعادة بعض التوازن لتلك العلاقات.
ويخلص الكاتب في نهاية الكتاب إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية تشهد تقدماً بعد قطيعة ديبلوماسية استمرت ستة أعوام، إذ إن أنقرة تدرك أن سعيها لتحقيق دورٍ مهم وفاعل لها في المنطقة يُحتم عليها تحسين علاقتها بـ ”إسرائيل“ كي تستطيع صناعة التأثير المطلوب، كما أن ”إسرائيل“ تعلم جيداً أن مصلحتها تفرض عليها تحسين هذه العلاقات وبالتالي إعطاء تركيا الدور الذي تريده. وهذا لا يعني بالضرورة أن العلاقات ستعود إلى سابق عهدها المزدهر، لكن ما سيحصل هو المحافظة على التوازن من قبل الطرفين، مع بقاء التباين والاختلاف في ملفات مهمة وعلى رأسها حصار غزة والعلاقة مع حركة حماس.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/9/7
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
الأربعون في قضية فلسطين: رؤية إسلامية: حقائق وثوابت ومعلومات أساسية (النسخة الإلكترونية)
يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن ينشر كتيب ”الأربعون في قضية فلسطين: رؤية إسلامية: حقائق وثوابت ومعلومات أساسية“. وهو يتميز بأنه مدخل القارئ المختصر والشامل والسَّهل لفهم قضية فلسطين. وهو من تأليف الدكتور محسن محمد صالح. وهذه الطبعة هي طبعة مزيدة منقحة صادرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017. وكان قد صدر في طبعات عديدة منذ سنة 2001، ولقي رواجاً واسعاً، فطُبعت منه مئات آلاف النسخ، وتُرجم إلى إحدى عشرة لغة.
ويسعى الكتيب، الواقع في 35 صفحة من القطع الصغير، والذي تمّ إصداره بالتعاون مع مؤسسة فلسطين للثقافة، وفي إطار التوعية للقضية الفلسطينية والتعريف بها، وبمناسبة مئة عام على وعد بلفور، إلى تقديم قاعدة بيانات مكثفة مختصرة تصلح أن تكون منطلقاً لفهم القضية الفلسطينية. وهو يجمع بين دفتيه مجموعة من المعلومات والحقائق والثوابت والمفاهيم التي يرى المؤلف أنه لا غنى عنها عند التعامل مع القضية الفلسطينية. وهي لذلك أقرب إلى ”المتن“ الذي لا تصلح معه التفصيلات والهوامش. ومع ذلك، فإن المعلومات الواردة فيه تستند إلى المصادر العلمية الموثوقة. وكان هذا الكتيّب قد صدر قبل ذلك بعنوان ”الحقائق الأربعون في القضية الفلسطينية"، وكذلك ”حقائق وثوابت في القضية الفلسطينية“.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 6/11/2017- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
الوثائق الفلسطينية لسنة 2011 (النسخة الإلكترونية)
ضمن سلسلة مجلدات ”الوثائق الفلسطينية“ التي درج مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت على إصدارها منذ سنة 2005، أصدر المركز كتابه ”الوثائق الفلسطينية لسنة 2011“، في إصدار هو السابع على التوالي ضمن هذه السلسلة، وقد حرره الدكتور محسن محمد صالح ووائل أحمد سعد.
ويحوي الكتاب 339 وثيقة، ترسم، في 714 صفحة من القطع المتوسط، خريطة الأحداث المتنوعة التي ارتبطت بالقضية الفلسطينية في سنة 2011، بحيث تعكس صورة موضوعية وشاملة ومتوازنة ومتنوعة عن القضية الفلسطينية لهذه السنة.
معلومات النشر: - العنوان: الوثائق الفلسطينية لسنة 2011 - تحرير: د. محسن محمد صالح، وائل أحمد سعد - الطبعة: الأولى تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 - عدد الصفحات: 714 صفحة - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ويعد كتاب الوثائق الفلسطينية أحد أهم الكتب الدورية التي يصدرها مركز الزيتونة، معتمداً آلية دقيقة في اختيار الوثائق وتصنيفها وفق أهميتها، ودورها في بيان خريطة الأحداث والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية خلال سنة 2011، ورسم الصورة الكلية للأحداث بشكل موضوعي.
وقد حرصت هيئة التحرير على مراعاة القوى المؤثرة والفاعلة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وإسرائيلياً ودولياً، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة مراعاة الوزن النسبي للقوى الفاعلة، ودرجات تأثيرها وأدوارها، ومدى بعدها وقربها من عملية صناعة أحداث السنة.
ويلاحظ من خلال استقراء الوثائق أن محاولة إنهاء الانقسام والخروج من حالة الجمود، التي عانى منها الوضع الفلسطيني الداخلي، كانت هي السمة الأبرز للوضع الفلسطيني خلال سنة 2011؛ إذ شهدت الأوضاع الفلسطينية تغيراً على المستويات المحلية والإقليمية والعربية والإسلامية والدولية. فقد تم توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس خلال تلك السنة، كما تم عقد ما عرف بصفقة وفاء الأحرار التي أطلق فيها سراح ما يزيد عن ألف أسير من سجون الاحتلال الإسرائيلي مقابل الجندي الأسير جلعاد شاليط.
أما مسار التسوية السلمية فقد استمر في حالة الجمود السلبي، مما انعكس إحباطاً عند المفاوض الفلسطيني، وهو ما دفعه إلى تحريك ملف الانضمام إلى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية. وفي الوقت نفسه، استمر مسار المقاومة المسلحة في معاناته من حالة الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن إجراءات القمع والتنسيق الأمني في الضفة الغربية، إلا أن حالة التغيير التي شهدتها المنطقة العربية، وخصوصاً في مصر انعكست إيجابياً ولو بشكل نسبي على مسار المقاومة.
وتبرز أهمية المجلد، الذي استغرق إعداده أكثر من سنة من العمل المتواصل، في تأمينه مادة وثائقية للقضية بجميع جوانبها وتطوراتها، ليسهم بذلك في إغناء المكتبة الفلسطينية بالكتب المرجعية التي تخدم الباحثين والمهتمين بالدراسات الفلسطينية، بالإضافة إلى الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات الدراسات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
كيف نقاضي إسرائيل؟ (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان ”كيف نقاضي إسرائيل؟: المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين“، للدكتور سعيد طلال الدهشان.
ويهدف هذا الكتاب، الواقع في 335 صفحة من القطع المتوسط، إلى رسم المسار القضائي، أو خريطة طريق، لما هو مطلوب عمله فلسطينيا،ً وعربياً، وإسلامياً، ودولياً لمقاضاة ”إسرائيل“ وقادتها. وتتلخص الإشكالية التي ناقشها البحث بمدى إمكانية مقاضاة ”إسرائيل“ كدولة، وقادتها كأفراد وكمسؤولين، على جرائمهم بحق الفلسطينيين، وكيف يتم تحقيق ذلك. مع تقديم مقترحات لصانعي القرار الفلسطيني، نحو الآليات الأكثر فاعلية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وكيفية الاستفادة المثلى منها.
ويقدم الكتاب تقويماً شاملاً ومفصلاً لواقع الآليات الدولية للمقاضاة، من ثم يقدم تقييماً لمدى فاعلية تلك الآليات على الأرض، مع ضرب الأمثلة والنماذج العملية لتلك الآليات الدولية في قضايا مشابهة للحالة الفلسطينية، أو ذات علاقة بموضوع الكتاب.
معلومات النشر: - العنوان: ”كيف نقاضي إسرائيل؟: المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين“ - المؤلف: د. سعيد طلال الدهشان - عدد الصفحات: 335 صفحة - الطبعة: الأولى 2017 - جهة الإصدار: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات- بيروت - ISBN: 978-9953-572-67-3 ويتناول الكتاب في الفصل الأول مفاهيم أساسية في القانون الدولي الجنائي، مستعرضاً الأحكام الموضوعية للجرائم الدولية، وبعض أشكال المقاضاة الدولية، والحكم القضائي الدولي.
ويسلّط الفصل الثاني الضوء على المرتكزات القانونية الدولية، من مبادئ وقواعد قانونية واتفاقيات دولية، لمقاضاة المتهمين بارتكاب جرائم دولية.
ثم يستعرض الفصل الثالث الآلية القانونية الدولية لمقاضاة ”إسرائيل“ كدولة في محكمة العدل الدولية.
ويتناول الفصل الرابع الآليات القانونية الدولية لمقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين كأفراد أمام المحاكم الوطنية ذات الاختصاص القضائي العالمي، وأمام المحكمة الجنائية الدولية.
أما الفصل الخامس فيسلّط الضوء على دور المنظمات الدولية، ودور مؤسسات حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام الفلسطينية، في تفعيل مقاضاة ”إسرائيل“ وقادتها.
ويتناول الفصل السادس الإجراءات السيادية والإدارية المطلوبة للعمل على تفعيل مقاضاة ”إسرائيل“ وقادتها دولياً.
ويعدُّ هذا الكتاب من الكتب القليلة التي ناقشت موضوع مقاضاة ”إسرائيل“، وهو يُعدُّ دليل إجراء عملي لكل المتخصصين في متابعة عملية المقاضاة.
لقد أخذ هذا الكتاب، الذي كُتب بلغة علمية متخصصة، موقعه المتميز كمرجع أساسي لا غنى عنه لكل المعنيين بالمقاضاة الدولية ومحاكمة الدول والأفراد.
ويسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يوفر الفصلين الثالث والرابع منه للتحميل المجاني.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/11/27
عرض كتاب: ”كيف نقاضي إسرائيل؟ المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين“ عرض: د. محمود الحنفي (خاص مركز الزيتونة).
يجب ألّا يخفى على أي باحث قانوني أن الأحداث التي تمرّ بها فلسطين عموماً إنما هي أحداث سياسية في الأساس يتداخل فيها التاريخ مع الجغرافيا والدين مع السياسة والمحلي بالإقليمي بالدولي. ويجب ألا يخفى أيضاً أن الصراع العربي الفلسطيني إنما هو صراع دولي بكل معنى الكلمة، أدواته متنوعة بين عسكرية واقتصادية وإعلامية وثقافية واجتماعية... كل هذه القضايا تشكل المكوّن الرئيسي للقضية الفلسطينية. وأمام هذه المعطيات الهائلة، يصبح الجهد القانوني مسألة معقدة إن لم تؤخذ هذه المعطيات في الاعتبار، وتصبح الأدوات القانونية عاجزة عن تلبية ما يبحث عنه الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة. إنّ لكل معركة رجالاً، ولكل ميدان أدوات، وأي استخدام خاطئ إنما يضرّ بالقضية الفلسطينية. إن الباحث القانوني عندما يبحث في القضية الفلسطينية يجب أن يضع كافة هذه المعطيات على طاولة النقاش والبحث، وأي إغفال لها يجعل الجهد القانوني عبارة عن أمنيات وأحلام، وخصوصاً إذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، فكيف إن كان الجهد القانوني متعثراً وغير حقيقي.
مما لا شك فيه، أن أي نظام قانوني —كي يكون فاعلاً— إنما يحتاج إلى وجود جهاز قضائي مستقل ودائم يعمل على تأكيد احترام هذه الأحكام ويحدد مسؤولية كل من يخرج عنها. هذا ما افتقده المجتمع الدولي لفترة طويلة من الزمن، حيث لم يوجَد خلالها جهاز قضائي ذو مستوى فعّال لتطبيق قواعد القانون الدولي بصفة عامة وقواعد القانون الدولي الإنساني بصفة خاصة، ولا سيّما ما يتعلق بفلسطين المحتلة؛ نظام قانوني يستند إلى ضمانات دولية حقيقية وفاعلة وذات صدقية تدعمه.
هناك اختلاف بين وجود القانون وطبيعته الملزمة أو غير الملزمة أو القطعية من جهة، وتنفيذه واحترام الالتزامات المستمدة منه من جهة أخرى. فالقانون الدولي الإنساني يعاني من النقص نفسه الذي يعاني منه القانون الدولي عموماً، الافتقار إلى آلية التنفيذ. في حال القانون الدولي الإنساني، يبدو هذا النقص بنحو أكثر وضوحاً وحدّة، حيثُ يعنى هذا الفرع من القانون بحماية الشخص الإنساني في أكثر الأوقات صعوبة، أي في النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أم داخلية. ولعل ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 من تطورات خطيرة، وانتهاكات لحقوق الإنسان، ولا سيّما خلال العقد الأخير، يؤكد بوضوح مدى حاجتنا إلى معرفة الخيارات القانونية المتاحة لمقاضاة "إسرائيل" على جرائمها.
في هذا الإطار فقد بذل الباحث الدكتور سعيد الدهشان جهداً كبيراً، من خلال كتابه "كيف نقاضي إسرائيل؟ المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين" من أجل الوصول إلى معرفة الخيارات القانونية المتاحة، ومن ثم اختيار الخيار الأكثر نجاعة.
يناقش الكتاب الذي يقع في 335 صفحة، موزعة على فصول ستة، مجموعة من القضايا المهمة، هي مفاهيم أساسية في القانون الدولي الجنائي، المرتكزات القانونية لمقاضاة المتهمين بارتكاب جرائم دولية، الآليات القانونية لمقاضاة "إسرائيل" (محكمة العدل الدولية، الآليات الدولية لمقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين كأفراد، أدوار مهمة في تفعيل مقاضاة "إسرائيل"، وأخيراً، إجراءات أساسية لتحقيق مقاضاة "إسرائيل" وقادتها.
ويطرح الباحث تساؤلين مهمين، الأول: هل يمكن مقاضاة "إسرائيل"، والثاني: كيف يمكن مقاضاتها؟ وللإجابة عن هذه التساؤلين فإن الكاتب مضطر للخوض في غمار البحث القانوني حول ما هو ممكن وما هو غير ممكن في هذا الجانب، من خلال جملة من الأسئلة الفرعية.
يحاول الباحث تقديم خريطة طريق شاملة ومفصلة لكيفية العمل المطلوب من الفلسطينيين لتفعيل المقاضاة الدولية لـ"إسرائيل" وقادتها عل جرائمهم بحق الفلسطينيين خطوة بخطوة، مع تقديم مقترحات لمساعدة صانع القرار الفلسطيني نحو الآليات الأكثر فعالية.
ولعل محاولة الباحث سوف تكون معقدة للغاية حين مناقشة الظروف السياسية التي يعمل بها صانع القرار السياسي الفلسطيني، الذي يسجل الباحث وفي أكثر من مناسبة عتبه الواضح على أدائه الذي لا يتناسب مع أهمية القضية الفلسطينية. فبعد إبرام اتفاقية أوسلو سنة 1993، استمر الجانب الفلسطيني في تخبطه القانوني من دون الرجوع إلى أهل الخبرة في القانون الدولي، حتى إذا أراد الرئيس الراحل ياسر عرفات أن يعلن قيام الدولة الفلسطينية في ربيع سنة 2000، كما كان مقرراً له بموجب اتفاقية أوسلو، واجه تحدياً عارماً من الجانب الإسرائيلي، ليكتشف لاحقاً أن ذلك الإعلان مرتبط بشروط قانونية في ملحقات الاتفاقية الدولية، يكاد يستحيل تحقيقها على أرض الواقع. فبدلاً من أن يطالب بتفعيل المادة 22 من ميثاق الأمم المتحدة في الجمعية العامة، بعد كل اعتداء يقوم به الإسرائيليون، ليتمكن من محاكمة المسؤولين الإسرائيليين في محاكم دولية، يكتفي المسؤولون الفلسطينيون بتكرار طلبهم، السياسي لا القانوني، في مجلس الأمن ليُواجه بفيتو أمريكي في كل مرة، أو يحصل على مجرد تنديد من المجلس في أحسن أحواله من خلال بيان رئاسي أو ما شابه.
وبدلاً من متابعة فتوى محكمة العدل الدولية تجاه الجدار العازل، من أجل إرهاق الشركات الأوروبية والأجنبية التي تورطت في المشاركة في بناء الجدار العازل، مخالفة بذلك اتفاقية جنيف الرابعة 1949، التي وقّعتها حكومات دولها وإجبارها على دفع تعويضات للمتضررين، لا يحرك المسؤولون الفلسطينيون ساكناً بشأن هذا الأمر.
وبدلاً من أن تستغل قيادة منظمة التحرير علاقاتها الطيبة مع بعض الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة "إسرائيل" على انتهاكاتها القانونية الفاضحة، ترفض تفويض حكومات أخرى لأجل القيام بذلك، وكأن الأمر لا يعنيها.
وبدلاً من أن يطالب المسؤولون الفلسطينيون مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتكوين لجنة مستقلة تدرس آثار كل انتهاك قانوني دولي تقوم به "إسرائيل"، لتحديد المسؤولية القانونية الدولية، ومن ثم طلب إحالة ذلك على المحكمة الجنائية الدولية، يقف محامي القضية عند أعتاب المنظمة الدولية، مكتفياً بتنميق الخطابات السياسية.
وفيما كان ينبغي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية أن تستثمر تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن العدوان على قطاع غزة، المعروف اختصاراً باسم "تقرير جولدستون"، من أجل إحالة نتائج التقرير الذي اعترف بارتكاب "إسرائيل" جرائم حرب إبان حربها الأخيرة على غزة، تصرف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية نظرها إلى الجهة الأخرى، وكأن الخيار الجنائي غير مطروح أصلاً.
وبدلاً من مقاضاة المجرمين الإسرائيليين تحت مبدأ الاختصاص العالمي (المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة)، من طريق تحريك مكاتب محاماة في الدول الأوروبية، لكون ممارسات دولة الاحتلال تعتبر خرقاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة 1949، يراوح القائمون على قيادة الشعب الفلسطيني مكانهم، مكتفين بفقاعات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع.
مع مرور الوقت الطويل على المفاوضات السياسية مع الاحتلال، أصبح الأمر مثيراً للسخرية حقاً، حين أصبح تعنت الاحتلال أكثر وأشد: لا لحلّ الدولتين، لا لإيقاف الاستيطان، لا لهدم الجدار العازل، لا للمبادرة العربية، لا لعودة اللاجئين، لا لفكّ الحصار عن غزة، لا لإنهاء احتلال القدس والضفة الغربية، لا للاعتراف بنتائج الانتخابات الفلسطينية. ومع هذا التعنت الإسرائيلي، تتمسك قيادة منظمة التحرير بالمفاوضات حلاً وحيداً، وترفض خيار المقاومة بكافة أشكالها، حتى المقاومة الشعبية.
إزاء هذه المعطيات المعقدة، وإزاء الفجوة الهائلة بين الوقائع التي فرضها الاحتلال على الأرض وضعف الأداء السياسي الفلسطيني في إدارة المعركة القانونية مع الاحتلال، فإنك تجد إصرار الباحث واضحاً في الانتقال بين فصل وآخر وبين خيار وآخر وبين فرصة وأخرى، حتى لكأنه يأخذك إلى مقولة أن الانتصار في المعركة القانونية أمر ممكن لو توفرت ظروف سياسية مواتية، لكن الباحث ومع قدرته على الخوض في غمار البحث القانوني إلا أنه أيضاً طرح خيارات سياسية وإدارية مهمة، قد تشكل رافعة سياسية فيما لو أخذ بها صانع القرار السياسي على محمل الجد.
اعتمد الباحث على 177 مرجع ومصدر ووثيقة، شكَّلت كلها المنهل الذي نهل الكاتب في صياغته لكتابه.
يرى الباحث أن الخيار الأكثر أهمية لمقاضاة "إسرائيل" وقادتها هو خيار محكمة الجنايات الدولية، ومع أنه يحمل الجانب الفلسطيني المسؤولية بسبب عدم جديتها في هذا الإطار، سوء الجانب الرسمي أم جانب المنظمات غير الحكومية التي لم تعد الملفات بشكل جيد، إلا أن الباحث، أغفل، عن غير قصد، أن البيروقراطية المعقدة الذي تعتمد عليه محكمة الجنايات الدولية، وعلاقة المحكمة بمجلس الأمن، ثم عدم جدية المدعي العام لهذه المحكمة في فتح تحقيق تحت دواعٍ قانونية وأخرى إجرائية، كل ذلك يشكل عقبة كبيرة في اعتماد هذا الخيار، لا بل قد يجعله من الخيارات غير الممكنة في المدى المنظور والمتوسط.
أما خيار المحاكم ذات الاختصاص العالمي لا سيّما الأوروبية منها، فقد أورد الكاتب جملة من الخطوات لا بدّ من توفرها كي تكون فاعلة في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أو حتى التشويش سياسياً عليهم، إلا أن الكاتب لم يذكر أن العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول الغربية و"إسرائيل" قد تكون أكبر بكثير من إعمال العدالة الدولية، وقد تتخذ هذه الدول قرارات مجنونة في سبيل المحافظة على هذه المصالح. صحيح أن ثمة إنجازات متواضعة في هذا المجال أربكت بعض الساسة الإسرائيليين في المطارات الغربية، إلا أن الجدار ما يزال سميكاً ويتطلب إجراءات مختلفة سياسياً ودبلوماسياً، حتى تُمكّن الفلسطينيين من اختراق هذا الجدار السميك.
بخصوص دور منظمات المجتمع المدني المحلية أو الدولية، فلها دور مهم من دون شك في إعمال العدالة الدولية، وهي متحررة أكثر من غيرها، لكن الباحث لم يذكر أن الكثير من المنظمات الحقوقية الفلسطينية، وعلى الرغم من أهميتها، إلا أنها قد تكون غير قادرة على المضي في تسهيل مهمة مقاضاة "إسرائيل" وتقديم الملفات وغير ذلك، بسبب شروط بعض الممولين. ولعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هي أكثر الجهات التي تدعم منظمات المجتمع المدني الفلسطيني لا سيّما الحقوقية منها. ألم تهدد الولايات المتحدة الأمريكية السلطة الفلسطينية من أنها سوف توقف الدعم إن مضت في خيار المحاكم الدولية؟ وأرى أن الاتحاد الأوروبي قد يكون فعل الشيء نفسه، لكن ليس بشكل علني.
يُعدُّ كتاب "كيف نقاضي إسرائيل" مرجعاً مهماً ليس فقط لرجال القانون، إنما لرجال السياسة والإعلام أيضاً، فضلاً عن طلاب العلوم السياسية والإنسانية، وذلك يعود للغة البسيطة التي استخدمها الباحث، بما يحافظ على جدية ورصانة اللغة القانونية من جهة والبساطة التي يفهمها غير القانونيين من جهة أخرى. وهو يضاف إلى سلسلة المحاولات الجادة الفلسطينية سواء عبر باحثين أم منظمات حقوقية جادة، وهو يشكل أرضية مهمة للنقاش القانوني والخطاب القانوني، الأمر الذي سوف يشكل حالة ضغط على السياسي الفلسطيني، ويرشد مساره إن عاجلاً أم آجلاً.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2/1/2018
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
ملف معلومات (24): أزمة الأونروا 2016-2018 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت ملفَ معلومات 24 بعنوان ”أزمة الأونروا 2016-2018“. زادت الأحداث والمعاناة التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في السنوات الأخيرة، في غزة سنة 2014، وسورية منذ سنة 2011، ومخيم نهر البارد في شمال لبنان سنة 2007، من منسوب التحديات التي باتت تواجهها الأونروا في التعامل مع ملفات إعادة الإعمار، والإغاثة الطارئة للاجئين، بالإضافة إلى استمرارية تقديم الخدمات الأساسية. ومع تراجع مستويات الدعم المالي التي تتلقاها الوكالة من الجهات المانحة في السنوات الأخيرة، وتحولها إلى أزمة باتت تهدد وجود الوكالة أو تنذر بتدهور كبير في مستوى ما تقدمه من خدمات، خصوصاً بعد إعلان الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب تجميد الدعم المالي للوكالة مطلع 2018، طُرحت أسئلة كثيرة حول مدى تأثير هذه التطورات على مستقبل اللاجئين الفلسطينيين وحقّ العودة، في ظل ما يُثار حول إنهاء "قضية اللاجئين" كمقدمة أو في إطار ما يُسمى بـ"مشروع صفقة القرن" الأمريكي.
يسلط الملف الضوء على تطورات الأزمة المالية التي تعاني منها وكالة الأونروا؛ وذلك من خلال عرض أهم الأخبار والتقارير والمقالات التي سلطت الضوء على أهم الأحداث والتحديات التي واجهت الوكالة وتداعيات ذلك على اللاجئين الفلسطينيين، كما يتناول هذا الملف المواقف الفلسطينية والعربية والدولية التي رافقت هذه التطورات. ويغطي هذا الملف الفترة من 1/1/2016 إلى 16/4/2018.
وتبرز أهمية الملف في كونه مادة علمية مفصلة، تضيف للباحث والمهتم بالقضية الفلسطينية، خصوصاً فيما يتعلق بملف اللاجئين، كمّاً خصباً من المعلومات الواضحة والدقيقة حول الأزمة التي تعاني منها الأونروا في السنوات الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن ”ملف معلومات 24“ هو بإشراف د. محسن محمد صالح، مدير عام المركز، وإعداد قسم الأرشيف والمعلومات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
اليوميات الفلسطينية لسنة 2017 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب "اليوميات الفلسطينية لسنة 2017". ويقع هذا الكتاب في 582 صفحة من القطع المتوسط. وهو من إعداد وتحرير د. محسن محمد صالح، وربيع محمد الدنان، ووائل عبد الله وهبة.
وهذا هو الإصدار الرابع من مجلد "اليوميات الفلسطينية"، الذي يُعدُّ أحد أهم الكتب الدورية التي يصدرها مركز الزيتونة، معتمداً آلية دقيقة في اختيار الأخبار، من خلال التعامل مع عشرات المصادر اليومية والدورية، مع مراعاة أهميتها ودورها في تشكيل خريطة الأحداث والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
ويعرض هذا الكتاب أبرز الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية خلال سنة 2017؛ ويوثِّق يومياتها، التي تُعبر عن طبيعة المرحلة، أو تعكس التحولات في المسارات السياسية، وتحديداً مواقف القوى الفاعلة فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً.
معلومات النشر: - العنوان: اليوميات الفلسطينية لسنة 2017 - إعداد وتحرير: د. محسن محمد صالح، وربيع محمد الدنان، ووائل عبد الله وهبة - الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات - بيروت - عدد الصفحات: 582 صفحة - الطبعة الأولى: 2018 - ISBN: 978-9953-572-73-4
ويعرض الكتاب للمعلومات والإحصائيات ذات الدلالة المتعلقة بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكل ما يرتبط بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. وتتضمن المعلومات فلسطينياً مختلف جوانب الأداء السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتعليمي وأداء المقاومة والوضع الداخلي... وغيرها.
كما يغطي ما يتعلق بـ"إسرائيل" اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وعسكرياً، وما يتعلق بالاستيطان وبرامج التهويد والاعتداء على القدس والمقدسات، ومسار التسوية السلمية.
وتبرز أهمية مجلد "اليوميات الفلسطينية" في إسهامه بإغناء المكتبة العربية بمرجع يخدم الباحثين والمهتمين بالدراسات الفلسطينية، بالإضافة إلى الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات الدراسات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2016-2017 (النسخة الإلكترونية)
يسر مركز الزيتونة أن يقدم للقارئ الكريم التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2016-2017 الذي يصدر للمرة العاشرة على التوالي، وأن يوفره للتحميل المجاني. وهو تقرير يعالج قضية فلسطين بالرصد والاستقراء والتحليل، كما يحاول استشراف المسارات المستقبلية المحتملة.
وقد جاء تقرير هاتين السنتين في 490 صفحة من القطع المتوسط. وشارك في كتابته 14 باحثاً متخصصاً في الشأن الفلسطيني، وأشرف على مراجعته أربعة مستشارين، وقام بتحريره د. محسن محمد صالح. ويتألف من ثمانية فصول، بالإضافة إلى أبرز المسارات المحتملة لسنتي 2018-2019، وفهرست.
يدرس الفصل الأول من التقرير "الوضع الفلسطيني الداخلي"، حيث يتناول المؤسسات التمثيلية الفلسطينية، وحكومة التوافق الوطني، والتطورات المتعلقة بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني ومسار المصالحة الفلسطينية، والأوضاع الداخلية للفصائل الفلسطينية. كما يناقش الفصل ملف الحريات والتنسيق الأمني الفلسطيني – الإسرائيلي وانعكاساته على الوضع الفلسطيني الداخلي.
ويتناول الفصل الثاني "المؤشرات السكانية والاقتصادية الفلسطينية"، حيث يستعرض تعداد الفلسطينيين في العالم، والخصائص الديموجرافية واتجاهات النمو السكاني للفلسطينيين، وحق العودة لفلسطينيي الخارج. كما يتناول الفصل الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالسلطة الفلسطينية، فيستعرض الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والدَّين العام والموازنة العامة للسلطة، والعمل والبطالة والفقر، والنشاط الصناعي والزراعي والتبادل التجاري، والمساعدات الأجنبية وتأثيراتها على السلطة الفلسطينية، والانعكاسات الاقتصادية للحصار على قطاع غزة.
ويُناقش الفصل الثالث "الأرض والمقدسات"، حيث يتناول ما يتعلق بالقدس والمقدسات والاستيطان، والاستهداف الصهيوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وواقع السكان في القدس في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي، والتهويد والمستعمرات، والتطورات السياسية المتعلقة بالقدس، والتوسع الاستيطاني الصهيوني، والجدار والحواجز في الضفة الغربية.
ويتناول الفصل الرابع "مسارات العدوان والمقاومة والتسوية السلمية"، فيناقش العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والمقاومة الفلسطينية داخل فلسطين، ويستعرض انتفاضة القدس 2016–2017 وهبّة باب الأسباط، والقتلى والجرحى الإسرائيليين، والشهداء والجرحى الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومعاناة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. ويناقش الفصل مسار التسوية السلمية، والمبادرات التي شهدتها فترة ما بعد فشل خطة كيري لإحياء العملية السياسية، والخطوات والقرارات التي تتخذها إدارة ترامب و"صفقة القرن"، والسيناريوهات المحتملة ما بعد هذا القرار الأمريكي.
ويدرس الفصل الخامس "المشهد الإسرائيلي"، حيث يستعرض أبرز التطورات الإسرائيلية على الصعيد السياسي والسكاني والاقتصادي والعسكري، ويناقش الوضع السياسي الداخلي من تراجع اليسار وتعزز قوة اليمين المتطرف، وطرح مشاريع قوانين عنصرية وملاحقات سياسية للفلسطينيين، وتقرير مراقب الدولة حول الحرب على غزة، ورحيل شمعون بيريز وتداعيات جنازته، وتعميق "يهودية الدولة" على حساب ديموقراطيتها، بالإضافة إلى الكشف عن فضائح أخلاقية متعلقة بالطبقة الحاكمة والجيش الإسرائيلي، والتحقيق بقضايا فساد ورشاوى مع نتنياهو وحكومته، وتطور المشروع الاستيطاني في البيئة الداخلية الإسرائيلية، وانتفاضة القدس وتداعياتها على الداخل الإسرائيلي.
كما يتناول الفصل المؤشرات السكانية الإسرائيلية؛ كأعداد السكان في "إسرائيل"، وأعداد المهاجرين اليهود إلى "إسرائيل"، وأعداد اليهود في العالم، والمؤشرات الاقتصادية الإسرائيلية كإجمالي الناتج المحلي الإسرائيلي، ومعدل دخل الفرد الإسرائيلي، وحجم التبادل التجاري، والصادرات والواردات الإسرائيلية، والمساعدات الأمريكية لـ"إسرائيل"، والمؤشرات العسكرية الإسرائيلية؛ كالتعيينات والتغييرات الهيكلية التي شهدتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، والتسلح وتجارة الأسلحة، والموازنة العسكرية. هذا بالإضافة إلى الموقف الإسرائيلي من الوضع الفلسطيني الداخلي، وخصوصاً فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية.
ويناقش الفصل السادس "القضية الفلسطينية والعالم العربي"، حيث يتناول مواقف جامعة الدول العربية من التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومن النزاع الداخلي الفلسطيني، ومسار المصالحة الفلسطينية، ومن عملية التسوية مع "إسرائيل"، ومواقف عدد من الدول العربية وأدوارها من الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، كمصر والأردن وسورية ولبنان ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وغيرها. كما يناقش الفصل التطورات لدى بعض الدول العربية في مجال التطبيع السياسي والاقتصادي مع "إسرائيل".
ويتناول الفصل السابع "القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي"، فيناقش سياسة منظمة التعاون الإسلامي وبعض الدول الإسلامية تجاه القضية الفلسطينية، ومتغيرات السياسة الخارجية التركية والعلاقات السياسية والاقتصادية التركية مع الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية، والتهديد الإيراني لـ"إسرائيل"، وعلاقتها مع فصائل المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى التفاعلات الإسلامية الشعبية مع القضية الفلسطينية، والتطبيع والعلاقات الإسرائيلية مع الدول الإسلامية.
ويناقش الفصل الثامن "القضية الفلسطينية والوضع الدولي"، حيث يدرس مواقف وأدوار اللجنة الرباعية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول البريكس واليابان وغيرها في القضية الفلسطينية.
ويُعدّ التقرير الاستراتيجي الفلسطيني من أهم الدراسات العلمية التي تصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ حيث أصبح مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات القضية الفلسطينية على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية، بالإضافة إلى غناه بالمعلومات والإحصاءات المحدّثة الدقيقة، وتدعيمه بعشرات الجداول والرسوم البيانية، فضلاً عن الرؤى الاستراتيجية والاستشراف المستقبلي للأحداث.
للاطلاع على التسجيلات التلفزيونية الخاصة بالتقرير، اضغط هنا- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
ملف معلومات (25): قانون الدولة القومية اليهودية 2018 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت ملفَ معلومات 25 بعنوان ”قانون الدولة القومية اليهودية 2018“، ويوفره للتحميل المجاني.
صادق الكنيست الإسرائيلي على "قانون القومية" بشكل نهائي في 19/7/2018. ويتضمن القانون 11 بنداً وردت تحت العناوين الآتية: المبادئ الأساسية، رموز الدولة، عاصمة الدولة، اللغة، لمّ الشتات، العلاقة مع الشعب اليهودي، الاستيطان اليهودي، الرزنامة الرسمية، يوم الاستقلال ويوم الذكرى، أيام الراحة والسبت، نفاذ القانون.
ويعرّف القانون، الذي عُرض أول مرة في سنة 2011، "إسرائيل" بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقّه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير، وينص على أن الهجرة التي تؤدي إلى المواطنة المباشرة هي لليهود فقط، وأن الدولة تبقى مفتوحة "أمام قدوم اليهود ولمّ الشتات". كما يؤكد القانون أن "إسرائيل" معنية "بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها، الذين تواجههم مشاكل بسبب كونهم يهوداً أو مواطنين في الدولة"، في انحياز واضح للقومية على حساب المواطنة خلافاً لما استقر عليه البناء السياسي في معظم الدول ذات التوجهات الديموقراطية.
ويعدّ في البند الثالث منه أن "القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل". كما ينزع القانون أيضاً عن اللغة العربية صفة اللغة الرسمية إلى جانب العبرية، ويجعلها لغة "لها مكانة خاصة".
وانطلاقاً من أهمية الموضوع اختار قسم المعلومات والأرشيف في مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يتناول في العدد الخامس والعشرين من سلسلة ملف معلومات "قانون القومية"؛ وذلك من خلال عرض أهم الأخبار والتقارير والمقالات التي سلطت الضوء على القانون، كما يتناول هذا الملف المواقف الفلسطينية والعربية والدولية من هذا القانون.
وتبرز أهمية الملف في كونه مادة علمية مفصلة، تضيف للباحث والمهتم بالقضية الفلسطينية، خصوصاً فيما يتعلق بملف القوانين العنصرية الإسرائيلية، كمّاً خصباً من المعلومات الواضحة والدقيقة حول الإجراءات والقوانين العنصرية التي يتعرض لها فلسطينيو 1948.
وتجدر الإشارة إلى أن ”ملف معلومات 25“ هو من إشراف د. محسن محمد صالح، مدير عام المركز، وإعداد قسم الأرشيف والمعلومات.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
قواعد الشيوخ: مقاومة الإخوان المسلمين ضدّ المشروع الصهيوني 1968-1970 (النسخة الإلكترونية)
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات كتاباً جديداً بعنوان "قواعد الشيوخ: مقاومة الإخوان المسلمين ضدّ المشروع الصهيوني 1968-1970"، وهو يقع في 302 صفحة من القطع المتوسط، من تأليف الأستاذ غسان دوعر، ومراجعة وتحرير د. محسن محمد صالح. ويشتمل على أربعة فصول وملاحق للوثائق والصور، ويعالج بالتوثيق والتحليل واحدة من العلامات الفارقة في مسيرة الإخوان المسلمين بصورة عامة، ومسيرة الكفاح والمشاركة الجهادية في العمل لفلسطين بصورة خاصة.
والكتاب يكشف بشكل علمي الكثير من الغموض عن مرحلة مهمة من مراحل المقاومة الفلسطينية متعلقة بدور الإسلاميين في الفترة 1968-1970 والذي بدا غير معروف في أدبيات وكتابات وتاريخ المقاومة والحركة الوطنية الفلسطينية. وقد عوَّض المؤلف نقص المعلومات المكتوبة بمجموعة واسعة ومهمة من الشهادات التاريخية الشفوية، التي سدَّت ثغرة حساسة في تاريخ هذه التجربة.لم يكن اهتمام الإخوان المسلمين بقضية فلسطين وليد الحوادث والتطورات التي أعقبت قرار تقسيم فلسطين سنة 1947، ولكنه سبق ذلك التاريخ بزمن طويل. فهم أدرجوا القضية الفلسطينية في قائمة اهتماماتهم منذ بداية ثلاثينيات القرن العشرين، وتبنوها بكل حزم كقضية إسلامية تهم كل المسلمين. لقد كانت حقيقة الصهاينة معروفة وواضحة عند الإخوان المسلمين الذين أدركوا مبكراً طبيعة المشروع الصهيوني، وأنه لا بدّ من مواجهته بالجهاد. من هذا الموقف المبدئي والاستراتيجي، استمر الإخوان المسلمون في طريقهم، وقدموا لها ما يملكون من طاقات وقدرات في محيط من المؤامرات والاتهامات.
تناول الفصل الأول من هذا الكتاب أثر الأوضاع التي أعقبت النكبة على جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين تحديداً، ونتائج تجربة شباب الإخوان في قطاع غزة، في العمل الفدائي، في النصف الأول من الخمسينيات، والتي كان لها أثر كبير في مُضيِّ رموز ونشطاء كبار منهم باتجاه تشكيل تنظيم مستقل اشتهر فيما بعد باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني وعرف اختصاراً باسم حركة فتح، بعد أن وجدوا أن البيئة السياسية لا تسمح بالعمل الإسلامي المقاوم.
ثم استعرض الفصل الثاني التطورات التي أعقبت هزيمة حرب 1967، وصعود نجم المنظمات العسكرية الفلسطينية، وخصوصاً حركة فتح بعد الصمود والانتصار في معركة الكرامة سنة 1968. وكان من نتيجة الأجواء الشعبية التي سادت وقتها واندفاع الشباب الفلسطيني، وحتى العربي، للعمل الفدائي كبديل للجيوش العربية المهزومة، أن حدث تحركٌ في أوساط شباب الإخوان المسلمين باتجاه قيادتهم، التي اتفقت مع حركة فتح للسماح للإخوان بالتدريب وإنشاء قواعد مستقلة لهم في غور الأردن، والعمل المقاوم تحت غطائها. كما تناول الفصل مراحل حشد شباب الإخوان للتدرب على السلاح، ومن ثم إقامة قواعد خاصة لهم وصل عددها إلى ثمانية. وعرض الفصل برامج التدريب الخاصة بالإخوان، وتوزيع قواعدهم وتسليحهم، وعملياتهم المشتركة مع حركة فتح، والمستقلة بمفردهم، وشهدائهم الذين ارتقوا خلال تلك العمليات، وعلاقاتهم مع المنظمات الأخرى، وكذلك مع الأهالي والجيش الأردني.
وتوسع الفصل الثالث في شرح إرهاصات "الفتنة" التي عصفت بالساحة الأردنية نتيجة الصراع بين العمل الفدائي الفلسطيني وبين النظام الأردني، وتناول أسبابها وتداعياتها ونتائجها، وقرار الإخوان المسلمين المشرفين على قواعد الشيوخ بتجنب هذه "الفتنة"، وموقفهم من أحداثها، وقرارهم بتفكيك قواعد الشيوخ وتسريح منتسبيها، كل إلى بلده وقطره.
واستعرض الفصل الرابع حياة شهداء الإخوان الذين ارتقوا في العمليات التي نفذوها، وأوقعوا خسائر بشرية ومادية في صفوف الاحتلال الصهيوني.
وقد اختُتم الكتاب بعدد من الملاحق الوثائقية، ذات الأهمية الكبيرة والتي تُعين في تكوين صورة شاملة عن موقف الحركة الإسلامية من العدو الصهيوني والتطورات المحلية والإقليمية في المنطقة، تَبِعَها مجموعة من الصور المختارة التي تُعبر عن تلك المرحلة.
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
- 302 pages