الوصف


معلومات النشر:COVER_Am-I-Not-a-Human-1-
العنوان: عنصرية إسرائيل… فلسطينيو 48 نموذجاً
إعداد: عباس إسماعيل
تحرير: د. محسن محمد صالح، وياسر علي، ومريم عيتاني
الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت
تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، كانون الثاني/ يناير 2008
عدد الصفحات: 106


عرض: حسن ابحيص

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان “عنصرية إسرائيل… فلسطينيو 48 نموذجاً”، وهو يعدّ الجزء الأول من سلسلة كتب مركز الزيتونة التي تحمل عنوان “أَوَلَستُ إنساناً”، وهي سلسلة تخاطب العقل والقلب، في إطار علمي منهجي موثق، وتحاول تقديم صورة متكاملة لمعاناة الإنسان الفلسطيني الذي اغتصبت حقوقه، وشُرّد من أرضه، في وقت طوى فيه العالم صفحة الاستعمار التقليدي البغيض، لكنه أبقى على الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، وغضّ الطرف عن انتهاكاته واعتداءاته على الأرض والإنسان. وفي الوقت الذي يتحدث فيه العالم أجمع عن حقوق الإنسان وصيانة كرامته وحريته وحقه في العيش بسلام في بيته وأرضه، ولكنه يَصمُّ آذانه عما يحدث للإنسان الفلسطيني.

وتجدر الإشارة إلى أن صفحات هذه السلسلة تميّزت بتصميم فني استُخدمت فيه الصور، إلى جانب عدد من النصوص الهامة الموضوعة في مربعات خاصة، كمادة توضيحية في ثنايا الكتاب.

يتحدث الكتاب الذي أعدّه عباس إسماعيل وحرّره كل من د. محسن محمد صالح وياسر علي ومريم عيتاني، بأسلوب علمي مؤثر عن العنصرية الإسرائيلية، بما في ذلك خلفياتها الدينية، وتصريحات قادتها، والممارسات الرسمية والشعبية ضد الإنسان العربي الفلسطيني، وخصوصاً في الأرض المحتلة سنة 1948.

وفي مقدمته أشار الكتاب إلى أنه انطلق من عنصرية إسرائيل ضد مواطنيها للإشارة أولاً إلى أن من يمارس العنصرية ضد مواطنيه، لن يتورع عن ممارستها ضد الآخرين؛ وثانياً للقول إن هذه العنصرية لا ترتبط بالضرورة بواقع الاحتلال، بل إنها تستند أيضاً إلى جذور دينية، وإنها مكون طبيعي وبنيوي من مكوناته. ويستشهد الكاتب بعدد من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية التي تعدُّ الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، لافتاً النظر إلى أن قرار الأمم المتحدة بهذا الشأن إنما جاء اعتماداً على الوقائع والأحداث التي ثبتتها لجان الأمم المتحدة المختصة في مختلف مجالات حقوق الإنسان.

ورأى أن تراجع الأمم المتحدة فيما بعد عن قرارها ذاك لا يغيّر شيئاً من واقع عنصرية إسرائيل، لأنه جاء على خلفية اختلال موازين القوى الدولية؛ أي لاعتبارات سياسية، خصوصاً وأنه لم يُرفق بأي تغيير على مستوى النظام في “إسرائيل” أو على مستوى السياسة المتبعة تجاه الفلسطينيين بشكل عام، وفلسطينيي 48 بشكل خاص.

العنصرية و”إسرائيل”

تناول الكتاب في أول فصوله ارتباط مصطلح العنصرية بدولة “إسرائيل”، ورأى في هذا السياق أن “إسرائيل” تمثل نموذجاً للدولة والمجتمع العنصري، سياسياً واجتماعياً وقانونياً، بحيث تنطبق بدقة تعريفات وتطبيقات النظريات العنصرية. وأضاف أنها تكاد تكون النموذج الأكثر فرادة ووضوحاً في هذا المجال، بعد سقوط أنظمة وقوانين التمييز العنصري في القرن الماضي في كل من ألمانيا النازية، والولايات المتحدة الأمريكية، وجنوب إفريقيا.

وأشار إلى أن العام 2006 شهد تزايداً في مظاهر العنصرية تجاه المواطنين العرب من قِبل الأغلبية اليهودية، حيث تصاعد تأييد فكرة الترحيل القسري (الترانسفير السكاني) للعرب من البلاد وفق ما أظهرته استطلاعات الرأي لتبلغ هذه النسبة 62%، إضافة إلى تأييد 40% فكرة الفصل العنصري.

كما استعرض هذا الباب تطور تعريفات مصطلح العنصرية، مشيراً إلى أنه لم يعد يعبّر فقط عن تفوق على أساس فروق بيولوجية بين البشر، بل اتسع وامتد إلى مجالات لا علاقة لها بالعرق، حيث تبنّت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري هذا التعريف الواسع من سنة 1965، وهي الاتفاقية الدولية المركزية والأكثر أهمية لمكافحة العنصرية، وينص البند الأول منها على أنه “يقصد بتعبير التمييز العنصري أي تمييز أو استثناء أو تغيير أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي، أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة”.

الخلفية الدينية للعنصرية
أما الفصل الثاني من الكتاب فتطرّق إلى الخلفية الدينية للعنصرية الصهيونية، مشيراً إلى أن مظاهر هذه العنصرية تكتسب مخاطرها من التماثل الذي أقامه آباء الصهيونية بين الانتماء الديني والانتماء القومي، واعتبار اليهودية قومية وديناً في الوقت عينه، وإلى استناد الحركة الصهيونية على الجذر الديني اليهودي في دعوتها إلى استيطان أرض فلسطين، ومن خلال التشديد على الحق الديني والتاريخي فيما يُسمّى “أرض إسرائيل”.

كما لفت النظر أيضاً إلى تعاليم “الهالاخاه” التي تدعو إليها الشريعة اليهودية وتعاليمها، والتي تعني التمييز بين اليهودي وغير اليهودي في كل مجالات الحياة، وهو الأمر الذي يتجلى في أخطر صوره من خلال احترام حياة الأول مقابل الاستخفاف بحياة الثاني. ونقل في هذا الإطار نصاً عن كتيب صادر عن قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، كتبه الحاخام الرئيسي في هذه القيادة، ورد فيه: “عندما تلتقي قواتنا بمدنيين خلال الحرب أو خلال ملاحقة ساخنة أو غزو، ولم يكن مؤكداً أن أولئك المدنيين غير قادرين على إيذاء قواتنا، فوفق أحكام الهالاخاه، يمكن، لا بل يجب قتلهم… والثقة بعربي غير جائزة في أي ظرف…”.

التصريحات العنصرية ضد العرب
استعرض الكتاب في فصله الثالث عدداً من التصريحات العنصرية الصادرة عن شخصيات صهيونية تجاه العرب بشكل عام، وتجاه الفلسطينيين بشكل خاص، خلال السنوات الأخيرة، والتي رأى أنها تعكس حقيقة وطبيعة المشاعر والنظرة العنصرية تجاه العرب. واشتملت الأمثلة المعروضة في هذا الإطار تصريحات صادرة عن سياسيين ومثقفين وإعلاميين وأكاديميين ورجال دين؛ ومن بين تلك الأمثلة وصف وزير الإسكان الإسرائيلي إفي إيتام فلسطينيي 48 بأنهم “قنبلة موقوتة، وتهديد وجودي كالسرطان، وطابور خامس”، وذلك خلال مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة هآرتس، ونشرتها في 22/3/2002.

وتصريح آخر لوزير الأمن الداخلي جدعون عيزرا، وصف فيه وجود عرب في “إسرائيل” بأنه مصيبة أخرى، قائلاً: “يوجد مواطنون عرب في دولة إسرائيل، هذه مصيبتنا الكبرى. تخلص من غزة، تخلص من يهودا والسامرة، ستبقى مع المصيبة الكبرى”.

مستويات العنصرية في “إسرائيل”

ناقش الفصل الرابع من الكتاب مستويات التمييز العنصري التي يتعرض فيها فلسطينيو 48، لافتاً النظر إلى أنه ليس ثمة مستوى من مستويات الواقع الذي يعيشه هؤلاء في “إسرائيل” إلا وتفشت فيه مظاهر العنصرية وتجلياتها. وأشار في هذا السياق إلى أن مجموع الأحداث التي تصنّف في خانة التمييز العنصري على مدى الأشهر الثمانية الأولى من عام 2006 في “إسرائيل” بلغ 274 حدثاً عنصرياً، بزيادة قدرها 21% عن الأحداث المماثلة المسجلة في الفترة ذاتها من العام 2005، والبالغ عددها 225 حدثاً.
وفصّل الكتاب مستويات العنصرية إلى خمسة؛ في التمثيل الوظيفي والميزانيات، وعلى المستوى الشعبي، والقانوني، وفي أحكام القضاء، والتعليم.

وعلى مستوى التمثيل الوظيفي والميزانيات على سبيل المثال، أشار الكتاب إلى أن نسبة العرب الموظفين في خدمات الدولة في 2004 بلغت 5% فقط من إجمالي موظفي الدولة، على الرغم من أن العرب يشكلون نحو 20% من مواطني “إسرائيل”. كما بلغت نسبة الفقر بين العائلات العربية في “إسرائيل” 48.4% في عام 2003، أي أكثر من ثلاثة أضعاف النسبة البالغة 14.9% بين العائلات اليهودية.

طرد العرب

الفصل الخامس تحدّث عن فكرة الترحيل القسري للسكان الفلسطينيين من أراضيهم، مشيراً إلى أنها فكرة شائعة في “إسرائيل”، وأنها ما تزال تلقى رواجاً وتأييداً كبيراً بين الإسرائيليين حتى اليوم، ومذكّراً بأنها تسببت بترحيل أكثر من 800 ألف فلسطيني عن أراضيهم عام 1948، من خلال أكثر من ثلاثين مجزرة موثّقة، وتدمير 530 قرية فلسطينية، وأوامر مباشرة من القادة والجنود للمواطنين العُزّل.

وعرض الكتاب جذور هذه الفكرة لدى مؤسسي الصهيونية الأوائل، موضحاً أنها تعدّت كونها مجرد فكرة إلى خطط مستقبلية وبرامج عمليّة للاستيطان في نطاق المجالس الداخلية للحركة الصهيونية.

ثم انتقل للحديث عن مرحلة التنفيذ خلال حرب عام 1948، وعمليات الطرد الجماعي التي نفذتها “إسرائيل” بحق السكان العرب خلال الخمسينيات، على الرغم من قيام الدولة؛ لشعور قادتهها بأن من بقي من العرب ما زال يشكل خطراً عليها، مستشهداً بأقوال عدد من هؤلاء القادة.

وذكر على سبيل المثال أن إيجال يادين، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في الفترة 1949-1952، همس في أذن رئيس الحكومة بن جوريون قائلاً: “إن الأقلية العربية تشكّل خطراً على الدولة، في أيام السلم كما في أيام الحرب”.

كما تناول استمرار وجود هذه الفكرة في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وخطط السلطات الإسرائيلية حتى الوقت الحاضر. وأضاف أن من أبرز الخطط التي أثيرت في السنوات الأخيرة، والتي سينبني عليها ترحيل سكان عرب من “إسرائيل”، خطة النقب 2015، وهي التي قُدّمت كونها “الخطة الاستراتيجية لتطوير النقب”، وهدفها المركزي زيادة عدد السكان اليهود في النقب إلى 900 ألف خلال عشر سنوات.

وهي ترى في وجود البلدات العربية غير المعترف بها مشكلة تعوق التنفيذ، وهو ما يعني عملياً إخلاء وهدم تلك البلدات، وهذا ما يجري حالياً في النقب.

انتهاك المقدسات
تناول آخر فصول الكتاب الانتهاكات والاعتداءات التي تعرضت وتتعرض لها أماكن العبادة والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في “إسرائيل”، والتي تشكّل انتهاكاً للحريات الدينية للمواطنين العرب فيها. مشيراً في هذا السياق إلى وجود تقارير صادرة عن عدد من مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الإسلامية داخل “إسرائيل”، تُظهر أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تفعل أي شيء لتنفيذ التزاماتها بحماية الحقوق الدينية والثقافية للأقلية العربية في “إسرائيل”، بل فعلت العكس؛ حيث تؤكد التقارير وجود نمط منظم لانتهاك هذه الحقوق، من خلال حرمان المواطنين العرب المسيحيين والمسلمين من الدخول إلى عدة مواقع مقدسة، من ضمنها مساجد وكنائس، بسبب إغلاقها بحجج مختلفة. إضافة لإفساح المجال أمام خطوات تشمل تدنيس وانتهاك الحرمات والمقدسات بشكل مباشر، مثل استعمال الكنائس والمساجد في القرى المهجرة كحظائر للمواشي، أو كمخازن وحانات ومتاجر.

هذا إلى جانب استمرار منع رفع الأذان في عشرات المساجد، ومواصلة منع دفن الموتى في كثير من المقابر الإسلامية، وغياب الاعتراف القانوني بأماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، وحجب تخصيص الميزانية الممنوحة لها، وعدم توفير الحماية للأماكن المقدسة، وإجراء حفريات في الأماكن المقدسة الموجودة في المناطق العربية، وملاحقة الشخصيات القيادية الدينية ممّن يعبّرون عن آراء سياسية معارضة للسياسات الإسرائيلية.