الوصف


Pic_Hasawi

– الكتاب: حقوق اللاجئين الفلسطينيين بين الشرعية الدولية والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية
– المؤلفة: نجوى مصطفى حساوي
– الصفحات: 538
– الطبعة: الأولى/فبراير 2008
– الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

عرض: أمل عيتاني


أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات دراسة أكاديمية جديدة بعنوان “اللاجئون الفلسطينيون بين الشرعية الدولية والمفاوضات الإسرائيلية”. وأصل هذه الدراسة أطروحة أعدّتها الباحثة نجوى حساوي لنيل درجة الدكتوراة في الحقوق، في تخصص القانون العام، من كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية سنة 2007. وتقع الدراسة في 535 صفحة من القطع الكبير، وقدّم لها الدكتور سلمان أبو ستة. قسمت المؤلفة دراستها إلى أربعة فصول وخاتمة، وكل فصل فيه مباحث عدة.

القواعد الدولية المتعلقة باللاجئين
جاء الفصل الأول بعنوان: القواعد الدولية المتعلقة باللاجئين، وهو عبارة عن مباحث تفصيلية تتناول تطور اللجوء، ونشأة القواعد الدولية المتعلقة باللجوء، واللجوء في القانون الدولي العام، ومضمون حق اللجوء وتعريف اللاجئ، والحماية الدولية للاجئين، والمبادئ المتعلقة بحماية اللاجئين، والعلاقة ما بين موضوع اللجوء وحقوق الإنسان ودور مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وخلصت إلى القول بأن القانون الدولي العام يوفر للاجئ مركزا قانونيا يخوله الحصول على الحماية، كما يضمن له مسألة احترام حقوقه استنادا لمبدأ “احترام حقوق الإنسان” بما فيها الحق بالعودة إلى الديار ومبدأ عدم الطرد.

ذلك أن القواعد الدولية التي ترعى حقوق الإنسان، توفر حماية أوسع لمختلف فئات اللاجئين، كونها لا تقتصر على اللاجئ الذي ينطبق عليه تعريف معاهدة 1951 فقط، إنما تشمل كل اللاجئين بمن فيهم “اللاجئ الفلسطيني”.

ورأت الباحثة أن حماية اللاجئ الفلسطيني تحتل موقعا بارزا في القانون الدولي العام، نظرا إلى الإشكاليات التي يثيرها وضعه وهو “لاجئ”، وارتباط حل قضيته بحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، والحساسية المرتبطة بحق العودة إلى الديار، لا سيما لدى إسرائيل، والالتباس المرتبط بمدى خضوع اللاجئ لمعاهدة 1951.

حيث إن هذه الاتفاقية، على الرغم من كونها من الصكوك القانونية التي لقيت إقرارا واسع النطاق من معظم الدول، إلا أنها لم تنجح في وضع الإطار القانوني الذي يعكس تعريفا عالميا للاجئ، باعتبار أنها كانت وليدة الواقع الأوروبي الذي فرض نفسه إبان توقيعها، وانعكاسا للظروف التي حصلت بين الحربين العالميتين، والتي تسببت بموجات كبيرة من اللاجئين.

وشرحت الباحثة بالتفصيل سبب استثناء اللاجئين الفلسطينيين من اتفاقية 1951، ومن نطاق عمل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ثم ناقشت جدوى استثناء اللاجئين الفلسطينيين من نظام الحماية القانونية المخصصة للاجئين.

وفي نهاية هذا الفصل خلصت الباحثة إلى القول بأن تعريف اللاجئ المكرس باتفاقية 1951، لا ينطبق على اللاجئ الفلسطيني، حيث يرتكز الأول على عامل ذاتي يتمثل بالخوف من الاضطهاد لأسباب عددتها المعاهدة المذكورة، في حين أن اللاجئ الفلسطيني اضطر للجوء إلى الدول المضيفة لأسباب تتعلق بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحقه، وعلى رأسها أعمال الطرد والمجازر التي دفعته إلى الرحيل، الأمر الذي أدى إلى تحويل معظم الشعب الفلسطيني إلى لاجئين.

“هناك حاجة ماسة إلى تعديل تعريف الأونروا باعتبار أنه لم يعالج قضية اللاجئ الفلسطيني من وجهة نظر حقوق الإنسان، إنما تطرق لها من وجهة عملية أسهمت في التمييز بين لاجئ وآخر دون أي مبرر قانوني”

وأضافت الباحثة أنه “نظراً لخصوصية واستمرارية معاناة الفلسطينيين لغاية تاريخه، وانتقال اللجوء من جيل إلى آخر، فإنه يقتضي اعتبار كل فلسطيني، غادر فلسطين، أو لم يكن موجودا لسبب من الأسباب وقت الاحتلال، وكل فلسطيني ولد خارج فلسطين ولا يستطيع العودة إلى دياره بسبب المنع الإسرائيلي، معنيا بحق العودة، بغض النظر عن تصنيفه القانوني تحت فئة لاجئ أو نازح، طالما أن الهدف من هذا التصنيف تطبيق حق العودة المكرس بمقتضى مواثيق حقوق الإنسان لكل فرد”.

ورأت أن هناك “حاجة ماسة إلى تعديل تعريف الأونروا باعتبار أنه لم يعالج قضية اللاجئ الفلسطيني من وجهة نظر حقوق الإنسان، إنما تطرق لها من وجهة عملية، أسهمت في التمييز بين لاجئ وآخر دون أي مبرر قانوني”.

وأضافت أن وضع اللاجئين الفلسطينيين يختلف عن غيرهم من اللاجئين لحاجتهم جميعا دون تمييز إلى الحماية القانونية المؤقتة.

الشرعية الدولية وحقوق اللاجئين الفلسطينيين
خصصت الباحثة الفصل الثاني للحديث عن الشرعية الدولية وحقوق اللاجئين الفلسطينيين؛ حيث تحدثت عن الأحداث التاريخية التي رافقت الترحيل الجماعي للشعب الفلسطيني، والتي قالت إنها كانت مثار جدل واسع بين المؤرخين والمفكرين وغيرهم، نظرا لما يترتب على هذا الترحيل من نتائج قانونية وفقا لقواعد المسؤولية الدولية.

وبالتالي، كان لا بد برأي الباحثة، من التعرض للأحداث التاريخية ولو بصورة موجزة من أجل تحديد دور إسرائيل ومسؤوليتها فيه هذا المجال. وعرضت الباحثة في هذا المبحث لدور بريطانيا السلبي في القضية الفلسطينية، ثم تحدثت عن المحطات الأساسية في ترحيل الشعب الفلسطيني، كما تطرقت بإسهاب إلى الانتهاكات وعمليات التطهير العرقي التي قام بها الإسرائيليون، وعن خرق إسرائيل لقواعد القانون الدولي.

“القانون الدولي يضمن للاجئ -سواء اختار العودة إلى دياره أم عدم العودة- حق الحصول على التعويض المناسب وليس كما تروج له إسرائيل بأن التعويض يُعدّ بديلا عن حق العودة، في محاولة منها للالتفاف على هذا الحق”

وأشارت إلى أن خرق إسرائيل لقواعد القانون الدولي، مهما كان مصدرها، ولا سيما المعاهدات الدولية التي تعدّ طرفا فيها، كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، يرتب عليها مسؤولية دولية بحيث يتوجب عليها قانونا إعادة الشيء إلى ما كان عليه، وإن تعذر ذلك، فيجب عليها التعويض على الضحايا المتضررين لاجئين وغير لاجئين.

وأكدت الباحثة أن القانون الدولي يضمن للاجئ سواء اختار العودة إلى دياره أم عدم العودة، حق الحصول على التعويض المناسب، وليس كما تروج له إسرائيل بأن التعويض يُعدّ بديلاً عن حق العودة، في محاولة منها للالتفاف على هذا الحق، وإبراز التعويض حلا وحيدا لقضية اللاجئين.

إذ إن التعويض “يعتبر عنصرا مكملا لحق العودة وليس بديلا عنه، وحقا ملازما له يستفيد منه كل لاجئ أو مهجر أو مبعد سواء عاد أم لم يعد إلى دياره”.

حقوق اللاجئين الفلسطينيين في مفاوضات التسوية
وفي ضوء وجود قرارات دولية متعلقة باللاجئين تعكس وجود حقوق غير قابلة للتصرف من أي جهة كانت، تساءلت المؤلفة عن “مدى انسجام مفاوضات التسوية التي جرت بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مع قرارات الشرعية الدولية، وعن مدى تقيد اتفاقات التسوية التي تم التوصل إليها ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو المبادرات التي طرحت، بحقوق اللاجئين، ولا سيما حق العودة إلى الديار” في ظل عدم تحديد القرار رقم 242، الذي اعتمد مرجعية للمفاوضات.

كما تساءلت عن المعايير الواجب اعتمادها للتوصل لتسوية عادلة لقضية اللاجئين، ومدى مخالفة هذه الاتفاقات لحق تقرير المصير، وهل انطلقت هذه المفاوضات من قاعدة الشرعية الدولية والقرارات الناجمة عنها، أم أنها سجلت تراجعا للقانون الدولي على حساب موازين القوى؟

وبالمقابل، هل أعطت هذه الاتفاقات للشعب الفلسطيني أقل مما كرسته له الشرعية الدولية من حقوق؟ فإذا كانت قضية اللاجئين الفلسطينيين تقع في قلب الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ولا يوجد سلام دائم في الشرق الأوسط، وإذا لم يوجد حل عادل لهذه القضية، فلماذا تم تأجيل البت بموضوع اللاجئين إلى مفاوضات اللاجئين؟

وأخذت الباحثة على الطرف الفلسطيني أنه “لم يأخذ بعين الاعتبار حصول الاتفاقات، التي تم توقيعها على الشرعية من القاعدة الدنيا، ولا سيما من اللاجئين، باعتبار أن المفاوضات التي جرت لغاية تاريخه لم تهدف بصورة واضحة وصريحة إلى حل القضية وفقا لقرارات الشرعية الدولية”.

ما بين حق العودة وآفاق الحل
وفي الفصل الأخير من أطروحتها، تقدم الباحثة دراسة مفصلة عن إمكانية تطبيق حق العودة والحلول المقترحة في هذا الخصوص.

وتخلص إلى الاستنتاج بأن هناك هوة عميقة بين موقف القانون الدولي من قضية اللاجئين الفلسطينيين، وبين المسار الذي اتخذته المفاوضات الفلسطينية–الإسرائيلية، التي وصلت إلى طريق مسدود، بسب انعدام توازن القوى بين الطرفين، والابتعاد عن قواعد القانون الدولي.

ذلك أن الاتفاقات التي وقعت لغاية تاريخه تمت بين فريقين غير متعادلين، ولا مجال لإعادة تصويب الأمور إلا عبر توحيد الصف الفلسطيني في الداخل، وإعلان الدولة الفلسطينية، والعودة إلى إطار الشرعية الدولية لما تؤمنه من حلول عادلة في هذا الشأن.

“عدم تمكن القانون الدولي من وضع حقوق اللاجئين موضع تنفيذ يعود إلى أن هذا التنفيذ يتوقف على الإرادة السياسية للدول المعنية، ومع ذلك فإنه يوضح الرؤية والاتجاهات التي يمكن سلوكها والتسلح بها”

رأت الباحثة أن “عدم تمكن القانون الدولي من وضع حقوق اللاجئين موضع تنفيذ يعود إلى أن هذا التنفيذ يتوقف على الإرادة السياسية للدول المعنية، ومع ذلك فإنه يوضح الرؤية والاتجاهات، التي يمكن سلوكها والتسلح بها، ويضع الحدود التي لا ينبغي تجاوزها، وذلك تحت طائلة اعتبار أي اتفاق يتعارض مع قواعد القانون الدولي باطلاً”.

ودعت الباحثة الأسرة الدولية مجتمعة إلى تحمل مسؤوليتها في إعادة حكم القانون إلى نصابه وتطبيق المبادئ القانونية، نظرا للحاجة الملحة لإنهاء مأساة الفلسطينيين، خصوصا وأن ميثاق الأمم المتحدة يفرض على المجتمع الدولي إنقاذ الأجيال والشعوب من الأخطار، ويفرض على الدول الالتزام بالمبادئ القانونية، وتطبيق المعاهدات المنضمة إليها بحسن نية.

ودعت الدول إلى عدم الاعتراف بأي اتفاق من شأنه أن يسقط حق الفلسطينيين في العودة إلى الديار، وحقهم في تقرير مصيرهم، ومساعدتهم على العودة.

وعلى الرغم من أن التطرق إلى التحليل السياسي كان من المقتضيات التي لا مفر منها أمام المؤلفة، إلا أنه يمكن القول إن كتاب حقوق اللاجئين غلبت عليه بقوة سمة الدراسة القانونية الأكاديمية، التي تجعلها تشكل مرجعا لكل الباحثين والمهتمين بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، والقوانين الدولية المتعلقة بقضيتهم.