مدة القراءة: 19 دقائق

إعداد: أ. إسحاق طاهر عرفة.[1]
(خاص بمركز الزيتونة).

المقدمة:

74 عاماً وما يزال الفلسطيني يعاني من احتلال “إسرائيل” لأرضه، وكأن هذا الاحتلال؛ كابوسٌ يلاحق الفلسطيني في كل مكان، حاول الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة أن يصحو من نومه، فلا يرى احتلالاً لأرضه وينال حقوقه لكي يبني دولته ومستقبله. ولأن فلسطين حاضرة في قاموس الفلسطيني الديني فلا يدرك أنه بحاجة إلى دليل يوجهه لينال حريته، ويُثبت أن تراب أرضه له وملكه وحقه، فإذا ما فتح كتاب الله، القرآن الكريم، فيشدّه أي تصريح أو أي تلميح عن أرضه أو ما حصل له من ظلم وقهر وسجن وإبعاد، فإذا ما سمع الآية التي تقول: [الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ]،[2] فيتذكر معاناة الهجرة والتهجير وكيف سكن في مخيّم بدلاً من قريته المهجرة، ويقشعر جلده وهو يقرأ: [وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ][3] حيث يتذكر أخاً له في الله قد استشهد، أو حتى إذا فارق أسيراً وقد طال غيابه تذكر قول الله سبحانه وتعالى: ]وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ][4]حيث قرأها على صورة لذاك الأسير، وتزيد ثقته بأرضه إذا ما قرأ: [سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ][5] وكما أن الله شهد أنها مباركة، ذكرت في الكتاب بالتحديد بما فيها من عزةٍ وكرامةٍ فيدرك أكثر أنه على الحق، وأن النصر له في نهاية الأمر، ويعزز ذلك الحديث الشريف الذي يرويه الرسول ﷺ على أن الرحال لا تشدُّ إلا لثلاثة مساجد.

ويهتم الفلسطيني أيضاً في كل خبر يُكتب على جدرانِ خلاصه من الاحتلال، ويُرسل حواسه لفهمِ الخبر، ومن تلك الأخبار التي كانت في البحث الذي أجراه الشيخ بسام جرار من مدينة البيرة والذي خلص إلى زوالِ “إسرائيل” سيكون سنة 2022، حيث تنبأ بها وِفق منهجية الإعجاز العددي في القرآن الكريم، وأطلقها في كتابِ زوال “إسرائيل” 2022 نبوءة أم صدفة في تسعينيات القرن العشرين، ومنذ ذلك الوقت والشارع الفلسطيني منقسم بين مؤيد، أو معارض، أو ممتنع عن تداولِ الفكرة، وكلما زادت السنوات واقترب الفلسطينيون من سنة 2022 ارتفع صوت النقاش عالياً في الشارع الفلسطيني “هل هناك من قرر وقف حياتي اليومية وانتظار هذه النبوءة”، وقد تفرق الشعب الفلسطيني بين الشتات والمخيمات والسجون، وبالرغم من ذلك إلا أن التساؤل حول النبوءة جمع الفلسطيني في نقاشاته وآرائه، ومنهم شريحة الأسرى مشكلة الدراسةِ وأسئلتها.

وتناولت الدراسة التفاعل الحار داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي بين الأسرى الأمنيين الفلسطينيين بموضوعِ نبوءة زوال “إسرائيل” في سنة 2022 التي أطلقها الشيخ بسام جرار وفق اجتهاد بحثي في القرآن الكريم، أصدر فيه كتاباً يشرح فيه النبوءة وكيفية وصوله للنتيجة، وآلية إسناده بآياتٍ من القرآن الكريم، ولقد لاقت تفاعلاً لافتاً بين صفوف أبناء الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، ومنها السجون الإسرائيلية، وقد جاءت هذه الدراسة للتعرف إلى مدى تفاعل الأسرى الفلسطينيين مع هذه النبوءة حيث وضع الباحث سؤالاً رئيساً واضحاً كما يلي: ما مدى تفاعل الأسرى الفلسطينيين في قسم 7 سجن شطة مع نبوءة زوال “إسرائيل” في سنة 2022 التي أطلقها الشيخ بسام جرار؟


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: تفاعل الأسرى الفلسطينيين مع نبوءة زوال “إسرائيل” سنة 2022 … أ. إسحاق طاهر عرفة (29 صفحة، 2.7 MB)

فرضية الدراسة:

1. يفترض الباحث أن تفاعلَ الأسير الفلسطيني في قسم 7 سجن شطة مع نبوءة زوال “إسرائيل” سنة 2022 التي أطلقها الشيخ بسام جرار هو تفاعل واعٍ ومدرك للواقع.

2. يفترض الباحث أن هناك فروق ذات دلالات في تقديرات أصحاب عينة الدراسة تعزى إلى متغير العمر لدى الأسيرِ الفلسطيني.

أهداف الدراسة:

1. التعرف على تفاعل الأسير الفلسطيني في قسم 7 سجن شطة مع النبوءة، وإلمامِهم بالأدوات التي استعان بها الشيخ بسام جرار في الوصول إلى هذه النبوءة.

2. معرفة تأثير النبوءة على فكر الأسير الفلسطيني وسلوكه.

أهمية الدراسة:

1. تسليط الضوء على أهم حدث لدى الفلسطيني بشكل عام، والأسير الفلسطيني بشكل خاص ألا وهو زوال الاحتلال الإسرائيلي.

2. يُنظَر إلى الأسير الفلسطيني في مجتمعه على أنه النموذج الأفضل الذي يُقتدى به؛ فإظهار مستوى تفاعله مع النبوءة يُمكن أن يضبط إيقاع المجتمع الفلسطيني مع النبوءة.

حدود الدراسة:

1. الحد الزماني: انحصرت هذه الدراسة سنة 2022 من تاريخ بداية الدراسة في 2/2/2022 وحتى 31/12/2022.

2. الحد المكاني: أُجريت هذه الدراسة في سجن شطة وتحديداً في قسم 7.

3. الحد البشري: اشتملت الدراسة على عينة داخل القسم من أعمار مختلفة.

4. الحد الموضوعي: هو دراسة مقياس مدى التفاعل مع نبوءة الشيخ بسام جرار.

منهجية الدراسة وأسلوب جمع البيانات:

اعتمد الباحث خلال دراسته على المنهج الوصفي التحليلي نظراً لملاءمته لطبيعة الدراسة وأهدافها.

عينة الدراسة:

حدّد الباحث خلال دراسته قسم 7 سجن شطة؛ لقدرته على التواصل مع القسم لتواجدِه في القسم، بالإضافة لعدم قدرته في التواصل مع باقي السجون، واعتمد الباحث على المقابلات المباشرة والاستبانة كأدوات للدراسة، وباعتبار أن السجون كافةً هي مجتمع الدراسة الذي يفعّل الباحث لتعميم النتائج، وتمّ اختيار أكبر شريحة ممكنة من نزلاءِ القسم لتمثيل عينة الدراسة، فقد تمّ توزيع الاستبانة على 30 أسيراً ما نسبتهم 60% من نزلاء القسم في مرحلة أولى، ثم في المرحلة الثانية تمّ توزيع استبانة أخرى على 9 أسرى ما نسبتهم 18% من نزلاء القسم 7 منهم لم يشاركوا بتعبئة الاستبانة في المرحلة الأولى، فارتفع عدد الأسرى الذين تمّ توزيع الاستبانات عليهم إلى 37 أي ما نسبتهم 74% من الأفراد داخل القسم، أما ما تبقى فقد أجريت مقابلات مع 9 نزلاء من الذين لم يتم توزيع استبانات عليهم من أصل 13 نزيلاً، ليصبح عدد عينة الدراسة ما بين الاستبانة والمقابلة الشخصية 46 أسيراً ما نسبته 92% من أسرى القسم أو من نزلاء القسم.

يوضح جدول رقم 1 توزيع الاستبانة الأولى، ومتغيّر العمر حيث تمّ توزيع الاستبانة بشكل متساوٍ مع متغير العمر.


جدول رقم 1: خصائص العينة المختارة وفقاً لمتغيرات الدراسة

المتغير فئات المتغير التكرار النسبة المئوية (%)
العمر مواليد 1989 فأقل 10 20
مواليد 1990-1999 10 20
مواليد 2000 وأكثر 10 20

أداة الدراسة:

بالاستعانة بالإطار النظري للدراسة تمّ إعداد أداة خاصة للدراسة تتكوّن من محورَين؛ المحور الأول يتكون من 12 سؤالاً، والمحور الثاني يتكون من سؤالَين.


جدول رقم 2: محاور الدراسة

المحور الأول المحور الثاني

1. المعرفة بنبوءة زوال “إسرائيل” سنة 2022.

2. مدى الشعور بتحقق النبوءة.

3. معرفة الآلية التي اتبعها الشيخ بسام جرار للوصول للنبوءة.

4. الاعتقاد بأن الشيخ بسام يدّعي الغيب.

5. توافق الظروف الحالية مع النبوءة.

6. نسبة المعرفة والإلمام بالإعجاز العددي في القرآن الكريم.

7. كيفية التعرف على النبوءة.

8. مستوى انتظار تحقق النبوءة.

9. توافق النبوءة مع الواقع.

10. مستوى الإحباط في حال لم تحصل النبوءة.

11. نسبة تعليق الآمال على النبوءة.

12. منهجية الشيخ بسام جرار للوصول للنبوءة.

 

1. نقاش نبوءة الشيخ بسام جرار زوال “إسرائيل” سنة 2022.

2. مكان النقاش حول النبوءة.


المعالجة الإحصائية:

1. عند معالجة البيانات تمّ احتساب التكرار والنسب المئوية، واستخراج المتوسط الحسابي.

2. صممت الاستبانة لتضمن الدراسة والمتغيّرات المستقلة التالية:

يوجد في قسم 7 شطة 50 أسيراً متغير العمر؛ حيث: تمّ اختيار العينة، وقد تمّ تقسيم متغيّر العمر على الناس التالية:

أ. مواليد سنة 1989 وأقل.

ب. مواليد سنة 1990-1999.

ج. مواليد سنة 2000 وأكثر.

3. تمّ الاستعانة بالمقابلات الشخصية لبعض الأسرى لإعداد هذه الدراسة كأحد المصادر الأولية، وبالتالي يكون البحث قد استخدم الاستبانة والمقابلة الشخصية كأدوات للدراسة.

أولاً: الإطار النظري:

1. سجون الاحتلال: هي أماكن احتجاز وتجميع الأسرى الفلسطينيين المناضلين والمقاومين للاحتلال، والتي تمّ تشييدها فترة الاحتلال البريطاني سنة 1917، وما أنشأه الاحتلال الصهيوني في سنة 1948 موزعة على مساحة الوطن شمالاً وجنوباً.[6]

2.
الحركة الأسيرة: مجموعة الأسرى والأسيرات الفلسطينيين الذين تعرضوا للاعتقال منذ بداية الاحتلال البريطاني سنة 1917 إلى الاحتلال الإسرائيلي سنة 1948، والذين عاشوا تجربة الأسر، وقد بلغ تعدادهم ما يقارب المليون أسير فلسطيني.[7]

3.
 النبوءة وأصلها نبأ: نبوءاً أي ارتفع وظهر، تنبأ: ادعى النبوءة أخبر به قبل وقته، والنبوءة: كفارة بين الله عز وجل وبين ذوي العقول لإزاحة عللها، والإخبار عن الشيء قبل وقته حذراً وتخميناً.[8]

حساب الجُمل:

هو ضرب من الحساب يجعل فيه لكل حرف من الحروف الأبجدية عدد لواحد إلى الألف على ترتيب خاص كما يوضح ترتيب جدول رقم 3.[9]


جدول رقم 3: حساب الجُمل

الحرف أ ب ج د هـ و ز ح ط ي ك ل م ن
الرقم 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 20 30 40 50
حرف س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ
رقم 60 70 80 90 100 200 300 400 500 600 700 800 900 1000

 

وكان قبل الإسلام السبق في إبداع 28 رمزاً سمّيت بالحروف الأبجدية فتمكّن الإنسان ولأول مرة في التاريخ أن يكتب اللغة في عدد قليل من الرموز، ويبدو أن مخترع الأبجدية قام بإعطاء كل حرف من هذه الحروف قيمة عددية، وهذه القيمة العددية هي أساس ما يسمى بحساب الجمل، فكلمة مريم مثلاً جملها 290 لأن قيمتها على النحو التالي الميم = 40 + الراء = 200 + الياء = 10 + الميم = 40 = 290 كلمة مريم.[10]

الشيخ بسام نهاد جرار:

وُلِد في 29/6/1948 في مدينة رام الله عاش بالأردن لسنة 1988، وتخرّج في سبعينيات القرن العشرين من كلية الشريعة بجامعة دمشق، وقد درس على أشهر علمائها، واشتهر في فلسطين في حقبتَي السبعينيات والثمانينيات بدروسه ومحاضراته الفكرية، وفي السجال مع المدّ اليساري والعلماني في فلسطين، وحاصل على بكالوريوس في الرياضيات.

الإعجاز في القرآن:

الإعجاز: إثبات العجز، والعجز في التعارف معناه اسم للقصور عن فعل الشيء وهو ضدّ القدرة.

المعجزة: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة؛ والقرآن الكريم تحدى به النبي ﷺ العرب، وقد عجزوا عن معارضته مع طول باعهم في الفصاحة والبلاغة ومثل هذا لا يكون إلا معجزاً.[11]

وجوه الإعجاز:

ذكر العلماء في وجوه الإعجاز ما يربو على 10 وجوه، ومنها:[12]

• الإعجاز اللغوي.
• الإعجاز العلمي.
• الإعجاز التشريعي.
• الإعجاز العددي.[13]

الإعجاز العددي في القرآن:

يختلف العلماء على إثبات هذا الإعجاز فمنهم من يثبته أو يسعى لذلك وفق اجتهادات علمية توافق الدين الإسلامي والعقيدة ومنهم من تحفّظ عنه.

ومن الذين اهتموا به من هؤلاء العلماء والمثقفين الإسلاميين والفقهاء: محمّد رشاد خليفة، والشيخ بسام جرار وغيرهم.

إن القرآن الكريم هو معجزة محمّد ﷺ وهو تحدى العرب به.[14] وقال الله سبحانه وتعالى: [فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ] [15] وقال الله سبحانه وتعالى: [إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ] [16] وقال الله سبحانه وتعالى: [أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ]،[17] ومن وجوه القرآن الكريم تحدى الله به العرب ليس فقط التحدي اللغوي، وأيضاً التحدي العددي حيث عرف عن العرب البلاغة وحساب الجمل،[18] وعلى سبيل المثال كانوا ينظمون بيوت الشعر والبيت والبيتين لو حسبت جمل هذا البيت أو البيتين كان الناتج تاريخ وفاة صاحب هذا القبر الذي نقش عليها هذه الأبيات وتفنن العرب في ذلك.

الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين:

في سنة 1948 قام الاحتلال الإسرائيلي باحتلال فلسطين حيث هجّر شعبها وطرد أهلها وقتل أبناءها في صورة من الظلم والحقد التي لا تنسى، وفي سنة 1967 احتلت قوات الاحتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية مثل القدس والضفة الغربية وغزة وأضحت في قبضته لتصبح فلسطين التاريخية بمساحتها تحت سيطرته وتحكّمه حتى يومنا هذا.[19]

تحرير الأرض وزوال الاحتلال:

يطمح الفلسطيني دوماً منذ سنة 1948 حتى يومنا هذا إلى تحرير أرضه، وإزالة الاحتلال حيث سعى منذ بداية نكبته لطرد عدوه، وإزالته عن أرضه بكل الوسائل الممكنة، فحلم التحرير ما يزال يراوده مع كل إشراقة شمس.

فلسطين في عقيدة المسلمين:

ينتمي الشعب الفلسطيني إلى الدين الإسلامي؛ حيث إن أكثر من 67% من سكانها مسلمين، مما يجعله يرتبط بأرضه عقائدياً، كيف لا وقد ذُكرت أرضه في القرآن الكريم في التصريح والتلميح لما فيها من بركةٍ وعلوٍ؛ بل وكانت حاضرة في السنة النبوية.

ثانياً: نبوءة الشيخ بسام جرّار:

تتحدث النبوءة عن زوال “إسرائيل” في سنة 2022، حيث قام الشيخ بسام جرّار بالانفراد إلى حدٍّ ما بهذه النبوءة التي تستند إلى منهجية علمية وبالتحديد إلى منهجين:

المنهج الأول: وفق التحليل العلمي التفسيري لآيات القرآن الكريم التي تتحدث عن بني “إسرائيل” واليهود بشكل عام ووعد الله بشكل خاص، وعلى سبيل المثال فإن الشيخ بسام قد فسّر الآية رقم 6 من سورة الروم التي تتحدث عن وعدِ الله، وأيضاً الآية الأخيرة من السورة نفسها التي تتحدث أيضاً عن وعد الله [فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ].[20]

المنهج الثاني: قياس بعض الآيات وفق منهجية الإعجاز العددي في القرآن الكريم مستخدماً منهجية حساب الجمل التي وضحناها في الإطار النظري، حيث يخرج بحسابات وأرقام تسهم بشكل نظري بإثباتِ نبوءته.

طرح النبوءة:

لقد طرح الشيخ بسام النبوءة في سنة 1992 من خلال كتاب “زوال إسرائيل عام 2022 حقيقة أم صدفة” التي يبشر فيها بزوال الكيان الصهيوني في سنة 2022، ولقد تذمر البعض من هذه النبوءة التي ستجعل الاحتلال مستمر في احتلاله 30 عاماً قادمات حتى ذلك العام، وهنا نقول أن الدافعَ للنبوءة علمي منطقي وليس عاطفياً تفاؤلياً.

ولعل البعض استنكر على الشيخ التحدث عن أمور غيبية لا علم لمخلوق عنها، فكيف له تحديد تواريخ وسنوات ستحدث في الغيب.

في بداية الأمر يمكن أن نقول أن الشيخ بسام لم يغادر المنهج القرآني والرؤيا الإسلامية في طرح النبوءة، فبدأ بإثباتِ الإعجاز العددي في القرآن، فما هو الهدف من الأرقام في القرآن ولماذا تمّ استخدام الأرقام في الآيات القرآنية إلا لسبب يثبت أن الإعجاز العددي كالإعجاز البياني.

وشرح الشيخ بسام كيف أن ترتيبَ المصحف يحتمل بالأرقام والحسابات، وأثبت أن ترتيبه منظمٌ وغير عشوائي مما جعله يستدل أن ترتيبَ المصحف وجمعه الذي كان بعد وفاة الرسول ﷺ هو ترتيب توقيفي وليس توفيقي لبراعةِ الترتيب؛ بحيث على سبيل المثال لو بدّلنا سورة البقرة بسورة آل عمران بحيث تكون سورة البقرة رقم 2 وآل عمران رقم 1 فسوف يختل الحساب مع باقي السور.

ثم أكّد الشيخ بسام أن استخدامَ حسابات الجمل ليس مخرماً أو مشبوهاً، فلقد ادكر العرب هذه الحسابات للتعبيرِ عن بلاغتهم وفصاحتهم في استخدام اللغة، فليس من العيب استخدام ما فعلوه قبل الإسلام.

وهنا نقول أن اللغةَ العربية كانت موجودة قبل الإسلام ونزل القرآن الكريم وهو كلام الله بها، وهذا يدل على أنه لا ضير في استخدام حسابات الجمل، وهناك الكثير من الأمور التي أخذها الإسلام من العرب بعدما بحّصها وعدّل عليها كالطواف حول الكعبة الذي ورثه الإسلام من زمن إبراهيم عليه السلام، وجعله ركناً في الحج والعمرة.

ولو استقرأنا صوراً من المنهجِ القرآني في أمرِ الغيب فإننا سنضرب المثل التالي في سورة يوسف؛ نجد الآية رقم 4 تتحدث عن نبي الله يوسف قد رأى رؤيا تتحدث عن الغيب وعن المستقبل المنظور لها، والمتابع لقصة يوسف سوف يصل إلى الآية رقم 100 فإنه سوف يلاحظ قول يوسف [هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ][21] وفي الآية 102 تبدأ الآية [ذَٰلِكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ]،[22] مثال آخر في سورة الروم في بداية الآيات التي تتحدث عن الروم التي غُلبت في أدنى الأرض ولقد تحدث القرآن عن أمرٍ غيبي شاهده الصحابة في ذلك الوقت في نهاية الآية رقم 3 [وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُون]، ولقد أخبرنا الرسول ﷺ عن المسيح الدجّال وعن يأجوج ومأجوج وغيرها من الأمور التي ستحصل والآيات كثيرة التي تتحدث بهذا الصدد والوعود.

ولعلّ السيرة النبوية مليئة ببشريات غيبية، ومنها حديث الخندق، وفتح الحروبية، والقسطنطينية التي وعد الرسول ﷺ أنها سوف تُفتح كان ذلك في القرن الأول الهجري، وتمّت المحاولات في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين ومن ثم في عهد الأمويين والعباسيين والغزوات التي عُرّفت بالصوافي والشواتي حتى تحقق هذا الوعد في عهد العثمانيين على يد محمّد الفاتح أي بعد أكثر من 700 عام.

وأيضاً حديث الطائفة المنصورة، وحديث عودة الخلافة لبيتِ المقدس جعلت الشيخ يتوجه للبحثِ في كتاب الله على نهاية هذا الكيان وفق معطيات التفسير، فتحدث عن محور الصراع الحاصل في بيت المقدس وهو المسجد الأقصى، ثم فسّر تفسيراً مشبعاً للآيات من آية 1 سورة الإسراء إلى آية 7، ومن أهم ما قاله في ذلك مسألة العلو في الأرض حيث أن بني “إسرائيل” لسوف يفسدنَّ في الأرض مرتين، واشترك معه الدكتور أحمد نوفل وغيره من العلماء على أن الإفساد الثاني لم يحصل بعد ولسبب بسيط؛ هو أن اليهود في هذه الأيام هم في أعلى فسادهم الثاني، فكيف سوف تقوم لهم قائمة بعدما ساءت وجوههم، فلا يُعقل أن يكون الإفساد الثاني قد حصل فماذا سيكون هذا الإفساد؟

البرهان الآخر على أنه هذا الكيان هو الإفساد الثاني؛ هو ربط نهاية هذا الإفساد بوعد الآخرة، وإذا انتقلنا إلى الآية 104 من سورة الإسراء فسوف نرى أن وعدَ الآخرة ذُكر بحدوث إشارات، وهي العناصر التالية كما وضحها الشيخ بسام جرّار:

1. يتم معاداة اليهود.

2. يتم مدّ اليهود بالمال.

3. الاعتماد على العناصر الشاذة في الجيوش تحديداً.

4. تجميع اليهود في مكان معين “جئنا بكم لفيفاً”.

5. يكون اليهود قد تجمعوا من أصول شتى.

نستطيع القول أن الشيخ بسام جرّار قد بحث عن هذه المسألة في القرآن الكريم بفعل تأثير قصص وأحداث قد ألمّ بها، ومنها قصة اليهودية العراقية التي سمعت بقيام “دولة إسرائيل” فعلّقت أن هذه الدولة لن تدوم طويلاً وسوف تكون نهاية اليهود بعد أربعة وسبعين عاماً، وأيضاً قول مناحيم بيغن Menachem Begin خلال اجتياح بيروت في سنة 1982 أن هذه الدولة سوف تنتهي بعد 40 عاماً، وغيرها من المعطيات التي جعلته يبحث عن الرقم 2022، وحسب رأيه أن جمل الآية 104 من سورة الإسراء في قراءة ورش يكون 2022، ويمكن أن نقول أن الشيخ بسام قد وضع فرضية للبحث وأثبتها نظرياً في استقراءاته وهي كفيلة بأن تثبت أو تنفي عمله ومن المعقول جداً أن ينتهي ويزول هذا الاحتلال كما زال الكثير من الاحتلالات، ونضرب هنا مثلاً على ذلك قد ضربه الشيخ بسام جرّار حول زوال الاحتلال الروسي عن أفغانستان في ليلة وضحاها بعد أحد عشر عاماً من الاحتلال، وتدور الأفكار في العقول الفلسطينية؛ الحديث النبوي الذي يتحدث عن آخر الزمان حتى ينطق الشجر والحجر فيقول: “يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه”.

ثالثاً: تحليل النتائج ومناقشتها:

النتائج المتعلقة بالسؤال الرئيسي: “ما مدى تفاعل الأسرى الفلسطينيين في قسم 7 سجن شطة مع نبوءة زوال “إسرائيل” في سنة 2022 التي أطلقها الشيخ بسام جرار؟
حسب تصميم أداة الدراسة وتقسيمها إلى محورين من الأسئلة كما هو ظاهر في جدول رقم 1،كانت النتائج كما يلي: هل لديك فكرة عن نبوءة الشيخ بسام جرار عن زوال “إسرائيل” سنة 2022؟

شكل رقم 1: هل لديك فكرة عن نبوءة زوال “إسرائيل”؟

يوضح شكل رقم 1 أن ما نسبته 96% أجاب بأن لديهم فكرة فيما أجاب من تبقى لا يوجد فكرة.

من الملاحظ أن نسبةَ الأسرى الذين لديهم فكرة عن النبوءة كانت عاليةً جداً، وهذا يدل على الصدى الذي وصل ارتداده إلى داخل السجن حيث أن صدى النبوءة مرتفع.

نلاحظ أن متغير العمر له تأثير على النتيجة؛ لأن 4% الذين أجابوا أنه لا يوجد فكرة عنها هم من المتغير مواليد 2000 وأكثر، فيما كانت نتيجة المتغيرين 1989 وأقل ومواليد 1990 وأكثر ما نسبته 100%، وأما مواليد 2000 وأكثر فكانت نسبتهم 7-8.5% ويمكن أن نعزو ذلك إلى فارقِ العمر والاهتمامات لدى هذا الجيل، وعند سؤال العينة عن مدى شعورها في تحقق هذه النبوءة كانت النسب متقاربةً كما يظهر لنا.

شكل رقم 2: شعور تحقق النبوءة

إن من شعر بتحققها بشكلٍ كبيرٍ كان في النسبة الأقل وهي 12.5%، ومن كان شعوره بالمتوسط كان من الفئة الأعلى نسبتها 34% وتساوى كلٌ من شعور القليل ولا شيء بنسبة 25% ولو قلنا بمقياس مدى مستوى التفاعل بحصول النبوءة لوجدنا أن ما نسبته 75% هم يشعرون بحصولها مع التفاوت بنسبتها، إذاً فالتفاؤل عالٍ هنا مقارنة مع من لم يتفاءل وهم 25% من العينة المختارة.

وبالنسبة لمتغير العمر فإنا نرى النتائج التالية؛ لقد كانت فئة 1989 وأقل هي الأكثر تفاؤلاً بنسبة أكثر من 53%، وكان تفاؤلهم الأعلى بالمستوى المتوسط بنسبة تزيد عن 50%، أما فئة مواليد 2000 وأكثر جاءت بالمرتبة الثانية بأكثر من 33% وتفاعلهم الأعلى كان بالمستوى ما بين متوسط والقليل، وكانت فئة مواليد 1990–1999 هي الأقل تفاؤلاً بواقع 13% تقريباً فقط منقسمة ما بين متوسط وقليل، بالمقابل نجد أن الفئة العمرية من 1990–1999 هي الفئة غير المتفائلة بالدرجة الأولى بما يعادل 45% ولعل أن التفاؤل كان عالياً ولكنه حذر.

هل تعلم كيف وصل الشيخ بسام جرار لهذه النبوءة حيث كان هذا السؤال نصف مغلق حسب البحث العلمي؟

كانت النتائج كما يوضح الشكل التالي:

شكل رقم 3: كيف وصل للنبوءة؟

ووضح بعضهم أن الشيخ بسام جرار قد فسر آيات من سورة يوسف والإسراء، وشرح ما نسبته 33% أنه وصل عن طريق حساب الجمل مع العلم أن من اختار نعم أعلم قد ربط علمه بالقرآن الكريم، وقد اجتمعت العينة أن الشيخ بسام جرار لا يدعي معرفة الغيب بنسبة 96% وأن ما تبقى هم الذين لم يكن لديهم جواب 4%.

شكل رقم 4: نسبة الإلمام بالنبوءة

يوضح شكل رقم 4 نسبة الإلمام بالإعجاز العددي بين أفراد العينة، فالمعرفة والإلمام موجودان بنسبة 75%، ولكن هناك تفاوت بالنسب ما بين كبيرة ومتوسطة وقليلة بواقع 8.4%، و20.8%، و45.8% على التوالي، وإذا تابعنا متغير العمر فسوف تكون النتائج على النحو التالي:

نلاحظ أن 61% من العينة المختارة التي لديها إلمام هم من مواليد 1989 وأقل، إلا أن إلمامهم؛ 72% نسبة قليلة، و18% متوسطة، وما تبقى كبير حسب المعرفة والإلمام، ولكن بنسبة قليلة وهو بسبب الزمن الذي مر ومع تقدم النبوءة والإعلان عنها، أما مواليد 2000 وأكثر كانت نسبتهم 22% إلمام بشكل عام بغضّ النظر عن النسبة، أما المتوسط فكان 75%، والكبيرة كانت 15%، وأما نسبة قليلة فكانت 0% ويمكن أن نعزو ذلك أننا كنا قد اقتربنا من سنة 2022، و كان صوت الشيخ بسام يعلو وتفاعل الناس يزيد، وأن معظم مواليد 2000 وأكثر هم حديثي الأسر وتلقائياً كانت المعرفة بالإعجاز العددي تزيد وتكون أوضح، أما مواليد 1990–1999 فكانت نسبتهم 11% مقسومة ما بين قليلة ومتوسطة وهي قليلة قياسياً بغيرهم من المتغيرات.

شكل رقم 5: كيف تعرفت على نبوءة الشيخ بسام جرار؟

تتعدد الوسائل في الوصول للنبوءة فمنها المقروء والمسموع والمرئي وحسب متغير العمر، فإن الوسائل المفضلة لكل متغير مختلفة، فإن المشاهد والمسموع عند مواليد 2000 وأكثر، ومن 1990–1999، أما المقروء فيتميز مواليد 1989 وأقل.

أما السؤال الذي ينصّ على: هل تعقد آمالك على نبوءة الشيخ بسام جرار؟ فإن 45.9% أجابوا نعم ولكن بنسب متفاوتة 12.4%، و12.5%، و21%، نسبة كبيرة ومتوسطة وقليلة على التوالي، إلا أن الذين لا يعقدون آمالهم كانت نسبتهم 54.1%.

أما السؤال الذي ينصّ على: ما هي النسب المتوقعة أن تتم هذه النبوءة؟ فقد أجاب من 50-100% توقعوا حصولها ما نسبتهم 25% من العينة المختارة، ومن 0-50% توقعوا حصولها ما نسبتهم 75% من العينة المختارة، أما في حال لم تتحقق النبوءة إلى أي مدى سوف تصاب بالإحباط؟ فقد كانت النتائج على النحو التالي: بنسبة كبيرة 4.2% وبنسبة قليلة 25% أما من اختار لا شيء فكانت 70.8% وهذا إن دلّ فهو يدلّ على عدم تعلق الأسرى بهذه النبوءة، فردة فعلهم تدل على عدم إصابتهم بالإحباط في حال لم تتم، والذين سوف يصابون بالإحباط هم 25% وبدرجة إحباط قليلة، وهنا دليل إضافي على التفاعل الحذر مع النبوءة، وهنا متغير العمر لم يؤثر كثيراً على النتيجة فكان هناك توافق نوعاً ما بين المواليد على ردة الفعل.

أما السؤال: هل الظروف الحالية التي تمرّ بها القضية الفلسطينية مناسبة لزوال “إسرائيل” في سنة 2022؟

شكل رقم 6: مناسبة الظروف الحالية لتحقق النبوءة

إن العينة انقسمت ما بين من رأى أنها مناسبة بنسب متفاوتة والنصف الآخر وجد أنها غير مناسبة، إن متغير العمر لم يؤثر كثيراً في هذا فهناك توافق بين الفئات العمرية.

في سؤال وجه لكل أسرى شطة قسم 7: هل سبق لك أن تحدثت أو ناقشت أحداً عن نبوءة زوال “إسرائيل” سنة 2022؟

فقد أجمع الأسرى أنهم قد تحدثوا أو ناقشوا الأمر من قبل أكثر من 44% ناقشوا الأمر داخل وخارج السجن، وأكثر من 33% ناقشوا الأمر خارج السجن، و22% ناقشوا الأمر داخل السجن، وهنا متغير العمر لم يؤثر على المكان الذي تمّ النقاش فيه، فكان هناك توافق إلى حدٍّ ما بين الفئات العمرية.

مناقشة المقابلات الشخصية:

ما هو تعليقك على نبوءة زوال “إسرائيل” سنة 2022؟ [23]

من المعروف أن الشيخ بسام جرار لم يدرس الشريعة الإسلامية بل كان يمتلك بكالوريوس في الرياضيات، ويضيف أنه في سنة 1987 اهتم بالقرآن فأسس مركز النون للدراسات والأبحاث القرآنية، ولقد تحدث في هذه النبوءة في الثمانينيات من القرن العشرين، وأسند نبوءته إلى قصة ترويها عجوز يهودية عراقية حيث نقلها الدكتور أحمد محمّد راشد، ونقل أن عجوزاً بكت عندما سمعت قيام “دولة إسرائيل” سنة 1948 سألها أحدهم عن بكائها، فقالت: أنها سوف تنتهي وتنهي معها اليهود بعد أكثر من 70 عاماً، بالتحديد 74 عاماً أي في سنة 2022، وأيضاً الشيخ أحمد نوفل يؤكد ذلك، وأن هناك حدث سيكون في البداية ولعل في السنوات 2006، 2008، 2012، 2014، 2021، ولكن قناعاتي بما قاله أحمد ياسين أن تحرير هذا الأرض سيكون في سنة 2027.

وأول مرة سمعت بالنبوءة كان سنة 1985 في ذكرى الإسراء والمعراج حيث تذمر الناس من السنوات الطويلة، ويضيف آخر[24] أول مرة سمعت عن النبوءة في مسجد الخلفاء في رام الله سنة 1996 وأعتقد أن تحصل بنسبة 50%، ويعلِّق آخر[25] هذه ليست نبوءة إنما هي عبارة عن حسابات في القرآن الكريم سمعت بها منذ مدة طويلة وهذه تندرج تحت الاجتهاد وليس ادعاء معرفة الغيب.

المشكلة تكمن أن الدقة في هذه النبوءة غير موجودة ولا يوجد قاعدةً ثابتةً، وهذا ما يخصّ الإعجاز العددي، ولكن إن تحقق هذه النبوءة سيكون هناك نقلة نوعية في الإعجاز العددي وحساب الجمل والبناء عليها بالمستقبل.[26]

وفي سؤالٍ وُجّه لهم نصّه: هل تعتقد أن هذه النبوءة فيها الورقة الرابحة لتحريرك من السجون؟ يقول أحد الأسرى[27] لم أعلق في تفكيري شيء من هذا القبيل وأن حريتي بيد الله وهو الذي يختار لي الخير في داخل السجون أو في خارجها، ويعلِّق آخر[28] للأسف هذا بسبب العجز الذي وصلنا له في القضية الفلسطينية حيث أصبحنا نحن الأسرى نعلِّق آمالنا بسبب حلم هنا أو رؤية هناك، ولكن كان لأسير آخر موقف والذي يعبر عن عدد لا بأس فيه من الأسرى؛[29] نعم هذه هي الورقة الرابحة فمن خلاله سوف نتحرر، بإذن الله، في هذا العام، ولقد وافقه الرأي أسير آخر[30] ربما يحصل شيء ونتحرر لماذا لا يحصل.

كيف تفاعل عامة الناس مع النبوءة؟

يجيب أحد الأسرى الموقوفين من مدينة القدس قائلاً:[31] هناك تفاعل عالٍ بين الناس على مواقع التواصل الاجتماعية، بينما لم أرَ ذلك التفاعل داخل قلاع الأسر إلا بنسبة بسيطة، ويتابع قوله: هناك خارج السجون من قرر أن يعطل حياته بداية من شهر 3 حتى شهر 6 لينتظر الحدث، ومنهم لا ينفك عن إنزال منشورات بالأمر وعن متابعة كل جديد يفعله ويقوله الشيخ بسام جرار.

مناقشة المقابلات:

ونستطيع أن ندرك أن لهذه النبوءة وقع في عقولِ الفلسطينيين خاصةً المتدينين منهم على الرغم من التفاوت في استقبالها والتفاعل معها، ولقد أظهرت المقابلات أن طرحَ الفكرة لم يكن حديثاً قبل 35 عاماً حيث نظر إليها الناس بشكل غير مرغوب فيه، فهي بعيدة كل البعد عن الطموح في تلك الفترة الزمنية، وهنا نستطيع أن نفهم الشيخ بسام جرار في طرحه للنبوءة لم تخرج من عاطفة جياشة، ولكن خرجت وفق هذه النبوءة آليات ومناهج وضعها الشيخ ليخرج بهذه النتيجة، فلو كان دافعه عاطفي واستعطاف الناس لقرب الزمان، وتوضح المناقشات أن أحداً لم يعلق حياته ومصيره على هذه النبوءة بالشكل اليقين الثابت، ولكن استقبلها الناس بالأمل لذلك، لحالة العجز الذي يعيشها الأسرى، حيث لا أحد يختلف لما يحصل لهم من معاناة لم تدفع بهم للتفاعل اللافت في النبوءة، ولسان حالهم يقول لعلها تحقق لنا الحرية لأنفسنا ولشعبنا.

النتائج:

عرضت هذه الدراسة مدى تفاعل الأسرى الفلسطينيين مع نبوءة زوال “إسرائيل” ومقارنته مع الفلسطيني الحر بشكل جزئي، واستناداً إلى نتائج الاستبانات والمقابلات الشخصية التي جرت مع بداية إجراء البحث في 2/2/2022، وحللت الفروق بين متغير العمر وبين صفوف الأسرى حيث كان أبرز النتائج ما يلي:

1. كان التفاعل مع النبوءة بين صفوفِ الأسرى الفلسطينيين أقل من 30% من التفاعل في الخارج.

2. يدرك معظم الأسرى أن الشيخ بسام ذو علمٍ وعرفةٍ بما يقوله، وقد اتبع منهجاً ما جعله يخرج بهذه النتيجة وفي حال لم تتحقق هذه النبوءة فإن الأسرى سيقولون عبارةً واحدةً اجتهد فله أجر ذلك.

3. لم يعلِّق الأسرى آمالهم على هذه النبوءة ودليل على ذلك هو عدد الأسرى الذين اعتقلوا بعد إطلاق الشيخ لنبوءته، وهذا يدل على عدم وجود أي تأثير عليهم من هذه النبوءة وإلا لم يعملوا ويجاهدوا ويناضلوا، فلم نجد أي تغير على عدد المعتقلين والأسرى ما قبل وبعد إطلاق النبوءة.

4. الأسير الفلسطيني المحكوم أحكاماً مرتفعة عادةً ما يتفاعل مع الأخبار التي تصبّ في آمال حريته فتهمه كثيراً، هنا التفاعل مع النبوءة غير لافت؛ بل طبيعي.

5. لقد توافقت النتائج مع الفرضية الأولى للباحث، حيث إن التفاعل داخل السجون مع النبوءة سنة 2022 تفاعل واعٍ ومدرك للواقع.

6. توافقت النتائج مع الفرضية الثانية إلى حدٍّ ما بسبب متغير العمر، فالتفاعل لمواليد 2000 وأكثر أعلى من غيره.

7. لدى الأسرى المعرفة للخطوط العريضة للنبوءة دون التفاصيل والعمل جيلاً بعد جيل، ودراية أعلى بما يقوله الشيخ بسام الجرار مع الاقتراب أكثر من موعد تحقيق النبوءة.

8. سبب المعرفة التي يملكها جيل 2000 وأكثر هو أنهم ما إن أصبحوا على وعي بما حولهم من أحداث حتى وصلوا إلى سنة 2022 من دون انتظار طويل، على خلاف مواليد 1989 وأقل و1990 حتى 1999، حيث نظر إليها مواليد 1989 وأقل على أنها بعيدة الأمد، وأما مواليد 2000 وأكثر فهي قصيرة الأمد.


الملحق: الاستبانة

المحور الأول:

الجزء الأول:

العمر………، تاريخ الميلاد…….

الجزء الثاني:

السؤال الأول: هل لديك فكرة عن نبوءة الشيخ بسام جرار عن نهاية “إسرائيل” سنة 2022؟
أ. نعم ب. لا

السؤال الثاني: إلى أي مدى تشعر أن هذه النبوءة سوف تتحقق؟
أ. كبير ب. متوسط ج. قليل د. لا شيء

السؤال الثالث: هل تعلم كيف وصل الشيخ بسام جرار إلى هذه النبوءة؟
أ. أعلم (كيف) ب. لا أعلم

السؤال الرابع: هل تعتقد الشيخ بسام جرار يدعي معرفة الغيب؟
أ. أعتقد ذلك ب. لا أعتقد ذلك ج. لا أعرف

السؤال الخامس: إلى أي مدى لديك الإيمان بالإعجاز العددي في القرآن الكريم؟
أ. نسبة كبيرة ب. نسبة متوسطة ج. نسبة قليلة د. لا شيء

السؤال السادس: كيف تعرفت على نبوءة الشيخ بسام جرار؟
أ. قرأت كتاباً ب. شاهدته يتحدث عنها ج. سمعت بها د. غير ذلك

السؤال السابع: إلى أي مدى تنتظر أن تتحقق النبوءة؟
أ. بشدة ب. متوسطة ج. قليلة د. لا شيء

السؤال الثامن: علام بنيت نبوءة الشيخ بسام الجرار؟
أ. يدعي الغيب ب. اجتهاد علمي ج. تنجيم د. غير ذلك

السؤال التاسع: ما مدى توافق هذه النبوءة مع الواقع التي تشهده القضية الفلسطينية؟
أ. كبير جداً ب. كبير ج. متوسط د. قليل ه. لا شيء

السؤال العاشر: هل الظروف الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية مناسبة لنهاية “إسرائيل” سنة 2022؟

أ. مناسبة جداً ب. مناسبة بشكل متوسط ج. مناسبة بشكل قليل د. غير مناسبة

السؤال الحادي عشر: إذا لم تتحقق النبوءة إلى أي مدى سوف تصاب بالإحباط؟
أ. كبيرة ب. متوسطة ج. قليلة د. لا شيء

السؤال الثاني عشر: هل تعقد آمالك على نبوءة الشيخ بسام جرار؟
أ. كبير جداً ب. كبير ج. متوسط د. قليلة ه. قليلة جداً و. لا شيء

المحور الثاني:

العمر…………، تاريخ الميلاد……..

1. هل سبق لك أن تحدثت أو ناقشت بنبوءة زوال “إسرائيل” 2022؟
أ . نعم: 1. خارج السجن 2. داخل السجن 3. جميع ما ذكر
ب . لا

2. هل حريتك مرهونة بنبوءة زوال إسرائيل 2022 (سؤال شفوي)



[1] الأسير إسحاق طاهر عرفة اعتقل في 18/8/2011، أصدرت محكمة الاحتلال حكماً بالسجن المؤبد إضافة إلى 60 سنة أخرى، له سلسلة من المقالات منشورة، ورواية حجارة تعشق السور، وهو يقبع الآن في سجن “شطة”.
[2] سورة الحج: 40.
[3] سورة آل عمران: 169.
[4] سورة يوسف: 100.
[5] سورة الإسراء: 1.
[6] الموسوعة الفلسطينية، إشراف أحمد المرعشلي (دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984)، ج 2، ص 542.
[7] هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
[8] مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، ط 5 (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2011).
[9] المرجع نفسه، ص 141.
[10] بسام جرار، سياحة الفكر: مقالات في التفسير (فلسطين – البيرة: مركز نون للدراسات والأبحاث القرآنية، 2013).
[11] مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ط 3 (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 2000) ص 265.
[12] المرجع نفسه، الرؤية في كل شيء، ص 268.
[13] سامي محمد هشام حريز، نظرات من الإعجاز البياني في القرآن الكريم: نظرياً وتطبيقاً (القاهرة: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2006)، ص 31.
[14] يوسف القرضاوي، كيف نتعامل مع القرآن الكريم (القاهرة: دار الشروق)، ص 39.
[15] سورة الطور: 34.
[16] سورة البقرة: 24.
[17] سورة يونس: 38.
[18] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع ضرار أبو سيسي، محكوم 23 سنة، في 22/2/2022.
[19] إميل توما، جذور القضية الفلسطينية (1972).
[20] سورة الروم: 60.
[21] سورة يوسف: 100.
[22] سورة يوسف: 102.
[23] مقابلة شخصية أجرها الباحث مع حمزة الكالوتي، أسير مؤبد قديم، شطة قسم 7، 22/2/2022.
[24] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع يونس سعيد، أسير محكوم مدى الحياة، شطة قسم 7، 25/2/2022.
[25] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع محمد توفيق سيلمان الجبارين، أسير محكوم مدى الحياة، شطة قسم 7، 25/2/2022.
[26] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع ضرار أبو سيسي، 23/2/2022.
[27] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع محمد توفيق سيلمان الجبارين، 23/2/2022.
[28] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع رأفت البطاط، أسير محكوم مدى الحياة، شطة قسم 7، 23/2/2022.
[29] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع يوسف كميل، أسير محكوم مدى الحياة، شطة قسم 7، 23/2/2022.
[30] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع شادي زيد، أسير محكوم مدى الحياة، شطة قسم 7، 23/2/2022.
[31] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع محمد فايز سلهب، أسير غير محكوم، شطة قسم 7، 25/2/202.


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: تفاعل الأسرى الفلسطينيين مع نبوءة زوال “إسرائيل” سنة 2022 … أ. إسحاق طاهر عرفة (29 صفحة، 2.7 MB)


مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 9/6/2022


جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من الأوراق العلمية: