مدة القراءة: 27 دقائق

إعداد: أ. ثامر عبد الغني سباعنه[1] وأ.عبد السلام عواد[2].
(خاص بمركز الزيتونة).

المقدمة:

تُعدُّ المقاومة الشعبية من أبرز الأساليب النضالية التي مارستها الشعوب والأمم المحتلـة منذ القِدَم، بغية الحصول على حريتها واستقلالها الوطني والتخلص من الاحتلال، وتُعدُّ التجربة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، من أبرز الأمثلة العالمية على هذه المقاومة، ويركز هذا النوع من المقاومة على الأساليب النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية التي تُمارَس في إطار مشاركة شعبية واسعة تُشـكّل بمجموعها؛ المصدر الرئيسي لنجاح وفعالية هذا النموذج من المقاومة.

وقد تعدّدت أشكال المقاومة الفلسطينية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، حيث لا يخفى على أحد أن الهدف الكُلِّي لمشروع المقاومة في فلسطين هو التحرير وإلحاق الهزيمة بالمشروع الاحتلالي، وقد كان هناك دائماً محطات ومهمات مرحلية يفرضها الهدف الكُلّي، ويمكن اعتبارها “تكتيكاً” ملائماً حسب المكان والزمان، وذلك بهدف الصمود لجسم المقاومة، وإنشاء كتلة وجسم وطني فلسطيني قادر على تجميع طاقات وقدرات وإمكانات الشعب الفلسطيني، وزيادة قوّته ووزنه المقاوم أمام الاحتلال في معادلة المواجهة.

ولا بدّ من فهم الفعل المقاوم كفعل شمولي ومتعدد الأشكال، منها ما هو ديبلوماسي، وسياسي، وفكري، وثقافي، وفني، وتنظيمي، وتعبوي، وممانع، ويتخذ عند الضرورة أشكالاً عنيفة ضدّ المحتل والمستبد، وهو فعل مطواع للشرط المحدد لكل مكوِّن من مكونات الشعب الفلسطيني، التي تستقبل تأثيرات حقول دولانية متعددة التكوين والتأثير.[3]



للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: المقاومة الشعبية: قرية بيتا نموذجاً… التجربة وسُبل الاستفادة منها وتعميمها … أ. ثامر سباعنه وأ. عبد السلام عواد (36 صفحة، 2.1 MB)


وتُعدّ المقاومة الشعبية أحد أشكال المقاومة ضدّ الاحتلال أو الاستبداد، وقد لجأ الفلسطينيون إليها عدّة مرات؛ ولعلّ الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة 1987، أحد أشكال تلك المقاومة، إضافة إلى حملات المقاطعة للبضائع الإسرائيلية، وانتصار المرابطين في المسجد الأقصى المبارك في معركة البوابات الإلكترونية والممرات الحديدية سنة 2017، وتجربة نعلين وبلعين وكفر قدوم والمعصرة، وليس انتهاءً بتجربة المقاومة الشعبية في بلدة بيتا قرب نابلس.

وفي هذه المقالة البحثية سيتمّ دراسة حالة المقاومة الشعبية في فلسطين وتحديداً في بلدة بيتا، والحديث عن أسباب تفجُّر المقاومة والمواجهات هناك، والإنجازات التي حققتها المقاومة الشعبية في بيتا، إضافة إلى دور الإعلام والإنترنت في إنجاح ونشر فكرة المقاومة الشعبية. مع ملاحظة أن هذه المادة قد تمّ إعدادها في سجن النقب الصحراوي—جنوب فلسطين—سنة 2021، مع نُدرة الأبحاث والكتب التي تتناول الموضوع داخل السجن، وعدم إدخال إدارة السجن المراجع والكتب المطلوبة وتضييقها على الجانب الثقافي داخل السجن، لهذا فقد تمّ الاعتماد على ما هو متوفر، إضافة إلى إجراء المقابلات مع أسرى من بلدة بيتا، قد شاركوا في فعاليات المقاومة الشعبية فيها.

مشكلة الدراسة:

لعبت المقاومة الشعبية دوراً كبيراً في مسيرة النضال في فلسطين ضدّ الاحتلال، وتعدّدت أشكالها وأنواعها حسب المكان والزمان.

ومن بين أشكال هذه المقاومة، المقاومة الشعبية، وتُعدُّ بلدة بيتا مؤخراً أحد الأمثلة الواضحة للمقاومة الشعبية، على الرغم من عدم وجود خطة واضحة مُتّفق عليها فلسطينياً حول النضال الفلسطيني والمقاومة.

أسئلة الدراسة:

• ما هي أشكال المقاومة ضدّ الاحتلال.

• ما أثر المقاومة الشعبية في بيتا على مسيرة النضال في البلدة.

• ما هي نتائج المقاومة الشعبية في فلسطين.

• كيف يمكن نقل تجربة المقاومة الشعبية في بيتا، إلى نقاط المواجهة والاحتكاك مع المُحتل في فلسطين.

• كيف لعب الإعلام والإنترنت دوراً في إبراز المقاومة الشعبية في بيتا.

فرضية الدراسة:

استطاعت المقاومة الشعبية في بلدة بيتا أن تحقِّق مجموعة من الإنجازات والنجاحات في مسيرة النضال الفلسطيني، ويمكن تعميم ونشر التجربة في باقي أماكن المواجهة مع الاحتلال.

أهداف الدراسة:

• تقدّم الدراسة إجابات للأسئلة التي تدور حول المقاومة الشعبية في فلسطين، وتحديداً في بيتا.

• كشف مدى أثر المقاومة الشعبية على القضية الفلسطينية بشكل عام، والمقاومة الشعبية في بيتا بشكل خاص، وبيان دور هذه المقاومة في مسيرة النضال الفلسطيني.

حدود الدراسة:

تختصّ هذه الدراسة في دراسة حالة المقاومة الشعبية في بلدة بيتا – قضاء نابلس في الفترة 2018–2022.

منهج الدراسة:

اعتمد الباحثان في هذه الدراسة على المنهج التحليلي الوصفي، حيث قاما بوصف الظاهرة، وتحليل مضامينها، وجمع البيانات عن طريق المقابلات، كما اعتمدا على منهج دراسة الحالة.

أولاً: المقاومة الشعبية:

شكّلت المقاومة الشعبية تاريخياً مقدمة موضوعية؛ لنشأة حالات مسلحة من أشكال المواجهة مع الاحتلال، وكانت الأداة الأكثر تكراراً على أرض فلسطين في وجه الاحتلال المباشر. فمنذ مئة عام تقريباً مارس الشعب الفلسطيني، وفي اتجاهات مختلفة ومسارات متعددة، أشكالاً متنوعة من النضال، ضدّ الاستعمار البريطاني تارة، وضدّ الاحتلال الصهيوني تارة أخرى، وما يزال يضرب على هذا المنوال منذ أكثر من سبعين عاماً، عقب احتلال الصهاينة فلسطين، ومنذ سنة 1917 وحتى إضراب سنة 1936، كانت المقاومة الشعبية هي السلاح الأبرز في مواجهة الاستعمار البريطاني وممارساته تجاه الفلسطينيين.

تُعدُّ المقاومة الشعبية، وسيلة من وسائل مقاومة وتحدي الظلم والقهر والاستبداد، كمـا أن لها فلسفتها الخاصة بها، والتي تنبع من الروح الإنسانية للناس، ولها وسـائلها وأسـاليبها المختلفـة والمتجددة، فقد مارسها الإنسان بمختلف العصور؛ اضطرارياً في بعض الأحيان لانعدام الفرص والإمكانيات في مواجهة الخصم عنفياً، واختيارياً أحياناً أخرى بناءً على قناعـات وفلسـفات خاصة، بكيفية شكل ووسائل الصراع التي يجب أن تكون بين البشر، أو بناءً على اسـتراتيجية محسوبة لتحقيق الأهداف بأقل الخسائر.

1. مفهوم المقاومة وأشكالها:

المقاومة هي عبارة عن أفعال تنشأ نتيجة أوضاع راهنة، ويمكن تبيان هذه الأوضـاع؛ على أنها محاولة طرفٍ ما سلب حرية الاختيار لطرفٍ آخر، فتكون هذه الأفعال بهدف القـدرة على استعادة هذه الحرية. فالمقاومة هي أفعال عسكرية أو سياسية أو ثقافية أو اقتصادية، تنشأ كوسيلة لاستعادة حقّ أو حرية أو كرامة إنسانية.[4]

2. تعريف المقاومة الشعبية:

تعدّدت التعريفات التي تناولت مفهوم المقاومة الشعبية، فمفهوم المقاومة الشعبية يتّسع ليشمل جوانب نضال سلمية، كثيرة ومتداخلة، ضدّ المستعمرات والجدار وممارسات الاحتلال، وتشمل المقاطعة الشاملة لـ”إسرائيل” داخلياً وخارجياً، كما أنها تشمل التعاون مع شبكات عالمية وواسعة من المتضامنين.[5] والمقاومة الشعبية هي أيضاً العمل الذي تُبادر إليه عناصر وطنية وشعبية، ليست خاضعة للسلطات النظامية، ولغاية وحيدة هي الحرية، وقد مارست جميع الشعوب تقريباً المقاومة الشعبية، حين تعرّضت للاحتلال وعلى غرار إسبانيا ضدّ احتلال نابليون بونابرت Napoleon Bonaparte، واندلعت ثورة فيتنام ضدّ الاستعمار الفرنسي بين سنة 1945 إلى 1954، ثم ضدّ الأمريكيين سنة 1965، والثورة الإندونيسية ضدّ الاستعمار الهولندي سنة 1954، والثورة الجزائرية ضدّ فرنسا سنة 1954.[6]

إن تعبير المقاومة الشعبية تعبيرٌ غير محدد المعنى، ويخضع للعديد من التفسيرات، وهو قد يشمل المقاومة المسلحة وغير المسلحة، حيث إن المقاومة المسلحة عبارة عن مقاومة شعبية أيضاً، لكن إذا أردنا استثناء استعمال السلاح من فكرة المقاومة الشعبية، وحصرناها فقط بالمواجهات السلمية، فإنه من المتوقع أن يقوم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة—علماً أن غزة ليست تحت الاحتلال—بما يلي من الإجراءات والخطوات؛ أي أن المقاومة الشعبية تأخذ تعريفها من الإجراءات التي يمكن أن يتخذها الشعب الفلسطيني، والنشاطات التي يمكن أن يمارسها في مواجهة الاحتلال، لتفريغ الاحتلال من مضمونه وطرده في النهاية من أرضه المحتلة، ما دام الهدف هو دحر الاحتلال واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقّ العودة، فإن المقاومة الشعبية تعني القيام بكل جهد يسهم في قهر الاحتلال، وإجباره على الخروج من الأرض المحتلة مهزوماً دون الانتقاص من الحقوق الوطنية الثابتة.[7]

وقد تتداخل مفاهيم “المقاومة الشعبية”، و”المقاومة المدنية”، و”المقاومة السلمية”، و”المقاومة اللا عنفية” ببعضها البعض، في المحتوى والمضمون، وحتى في أساليب المقاومة، بالرغم من بعض الاختلافات في طرق تطبيقها، بناء على السياقات الثقافية والاجتماعية والوطنية من بلد إلى آخر. والتداخل هنا يحدث بسبب عدة عوامل مهمة، أولها؛ طبيعة الخصم أو العدو الذي تواجهه في ثورة شعبية؛ كأن يكون العدو أو الخصم نظاماً دكتاتورياً وطنياً، أم عدواً خارجياً أو محتلاً استيطانياً، أما العامل الثاني؛ فيتوقف على التعريف العام للمقاومة في ظلّ بيئة ثقافية، اجتماعية، دينية، فلسفية لها نظرتها وتصوراتها ومفاهيمها العامة تجاه العنف واللا عنف. أما ثالث هذه العوامل؛ فينصبّ حول التجارب العالمية المتعددة في التحرر والاستقلال الوطني وآفاق التغيير الاجتماعي/ السياسي في مناطق مختلفة من العالم، خصوصاً في دول العالم الثالث وشرق أوروبا، والوسائل والأدوات التي استخدمت لإحداث هذا التغيير البنيوي.[8]

بناء على ما سبق، فإنه لا يوجد تعريف محدد للمقاومة سوى أنها حاجة الضعيف فـي مواجهة الأقوى، وهي مسالة خاضعة لموازين القوى غير المتوازنة، إذ هي حاجـة الضعفاء الذين لا جيوش لديهم للدفاع عن أرضهم، وحقوقهم، وحرياتهم، وكرامتهم، وأعراضهم.[9]
وقد كانت للمقاومات الشعبية التي ناضلت طويلاً في سبيل التخلص من الاستعمار ونيل الاستقلال قوة سياسية وأخلاقية وحقوقية، دفعت الجمعية العامة للأمم المتحدةGeneral Assembly of United Nationsإلى الاعتراف بها في إعلانها التاريخي في 14/13/1960. وفي هذا الحقل من التأريخ، لا يمكن إنكار دور المقاومة الشعبية المسلحة في تقويض النظام الاستعماري القديم، وهو ما كان في صلب تأسيس الأمم المتحدة United Nations (UN) وارثة عصبة الأمم League of Nations.ا[10]

من المعروف أن المرحلة الأولى من ثورة سنة 1936 كانت سلمية الطابع لا عنفية المحتوى والمضمون، حيث برزت كل أشكال المقاومات الرمزية والانفعالية والإعلامية والدفاعية والهجومية، وأهم ما ميّزها خروج أعداد كبيرة من أبناء شعبنا الفلسطيني في مظاهرات واحتجاجات ومسيرات، كما عمّت حركة الإضرابات والمقاطعات وعدم التعاون والعصيان المدني سائر المدن الفلسطينية، ومع انطلاقة اللجنة العربية الوطنية في مدينة نابلس في نيسان/ أبريل 1936، وقيام اللجنة العربية العليا بقيادة الحاج أمين الحسيني تقريباً في الفترة نفسها، دخلت أغلب المدن الفلسطينية والقرى والأرياف في أطول إضراب تقوم به وتنظمه الحركة الوطنية الفلسطينية؛ إذ دام لأكثر من ستة شهور متتالية، وكان الإضراب شاملاً، ووصل إلى أغلب المدن والتجمعات الفلسطينية، وإلى مختلف القطاعات الاقتصادية ومناحي الحياة، وتوسع ليشمل المحلات التجارية والمواصلات والمصانع والمزارع.[11]

3. نماذج من المقاومة الشعبية:

أ. أبرز تجارب المقاومة الشعبية الفلسطينية:

بعد أن تمّ وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وقيام الانتداب البريطاني بممارسات عنصرية قائمة على التحيّز إلى جانب اليهود وتعذيب أبناء الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه في الحرية؛ لذلك شهدت المقاومة الشعبية نشاطاً ملحوظاً في مقاومة الانتداب البريطاني، وتميّزت بتقديم البراهين التي تدعم حقّ العرب في فلسطين، وتفنيد الادعاءات الصهيونية، كما نفّذت العديد من الإضرابات والمظاهرات،[12] وفي شباط/ فبراير من سنة 1920 كان موعد تنفيذ وعد بلفور Balfour Declaration الذي أطلقته بريطانيا وحددته بهذا الزمان، ورداً على تنفيذ هذا الوعد أطلقت المسيرات والمظاهرات الشـعبية، وأغلقـت المحال التجارية، وزادت حدة الاحتجاجات على مقر الإدارة البريطانية في القدس مطالبة بإلغاء مشروع الوطن القومي اليهودي.[13]

أنتجت المقاومة الشعبية أشكالاً متعددة ومبتكرة، بقيت الجماهير الفلسطينية متحملة لمشاقها وصعوبتها وآلامها اليومية، والتي نتج عنها العديد من الشـهداء والمُبعـدين والأسرى والجرحى، وعلى الرغم من صعوبة معادلة المقاومة الشعبية إلا أنها تميّزت باحتفاظها بوحدتها وتحقيق خطواتها دون الانحراف عن مسارها؛ إذ كانت فترة ما بعد النكبة وحتى سنة 1987 فترة تاريخية حاسمة في النضال الفلسطيني ومقاومة الاحتلال، خصوصاً المقاومـة الشـعبية التـي تنوعت بأشكال متعددة وأساليب مبتكرة وغير تقليدية، كما بقيت المقاومة الشعبية في اتجـاهين: الأول مقاومة سياسات واعتداءات الاحتلال وإجراءاتها التهويدية، والأمر الثاني المحافظة علـى إحياء المناسبات الوطنية للشعب الفلسطيني؛ كيوم الأرض[14] وغيرها.

ب. نماذج من المقاومة الشعبية وأساليبها في فلسطين:

كان لسياسات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية والعنيفة تجاه أبناء الشعب الفلسطيني الأثر الكبير في تعدد أشكال المقاومة الشعبية في كافة القرى والمواقع الملتهبة الأخرى، التي هي مع تماس مباشر مع قوات الاحتلال، عبر فعاليات المقاومة الشعبية، وقد برز عدد من القرى الفلسطينية؛ والتي كانت الأبرز من بين القرى والمواقع الأخرى في تحقيق إنجازات على مستوى المقاومة الشعبية الميدانية المدعومة شعبياً ودولياً:

قرية بدرس: حيث بدأت المقاومة الشعبية في هذه القرية في 9/11/2003، وتمّ تشكيل أول لجنة شعبية تضمّ كافة الأطياف، سواء كانت أحزاباً سياسية أم اجتماعية أم عائلية، وخرجت أول مظاهرة ضدّ بناء الجدار، وكان عدد المشاركين فيها نحو 110.[15]

قرية بلعين: بدأت المقاومة الشعبية ضدّ الجدار والاستيطان في قرية بلعين في شباط/ فبراير من سنة 2005، واقتصرت المسيرة على العنصر النسائي لإيصال رسالة للجنود الإسرائيليين مفادها أن عملية الاحتجاج سلمية ولا تهدف للعنف.[16]

قرية نعلين: أما في قرية نعلين فقد انطلقت المظاهرات السلمية لمقاومة الجدار والاستيطان فـي سنة 2008، حيث تظاهر أكثر من 500 فلسطيني وأجنبي ونشـطاء سلام، احتجاجاً على بدء الجرافات الإسرائيلية العملاقة ببناء الجدار على أراضي القرية، ومصادرة نحو 2,600 دونم جديد من أراضيها.

قرية المعصرة: تجري في قرية المعصرة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 وحتى 2012  مظاهرات أسبوعية احتجاجاً على مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية التابعة لسكان القرية والقرى المجاورة، لغـرض بنـاء الجدار الفاصل بالقرب من مستعمرة إفراتا Ephrata .ا[17]

قرية بيت أمر: وفي قرية بيت أمر انطلقت فعاليات المقاومة الشعبية والمظاهرات في آذار/ مارس سنة 2009، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية، والتي كان عدد قواتها في هذه المظاهرات يتساوى مع عدد المتظاهرين، بتفريق المسيرات والمظاهرات مـن خلال اللجوء إلى القوة المفرطة.

قرية النبي صالح: بدأت المظاهرات في قرية النبي صالح في كـانون الأول/ ديسمبر 2009، احتجاجاً على سيطرة مستوطنين من مستعمرة حلاميش Hlamish، على”عين القوس” وعلى أراضٍ إضافية تابعة لسكان القرية، ومسيرات هذه القرية تصنف في إطار اللا عنف، وذلك للاحتجاج على سلب الأراضي.

قرية كفر قدوم: انطلقت فعاليات المقاومة فيها سنة 2003، وذلك بعد أن جرى توسيع مستعمرة أدوميم Adumim التي أقيمت إلى جوار قرية كفرقدوم، وأضيف إليها حي شمالي. في أعقاب توسيع المستعمرة منع جيش الاحتلال وصول سكان القرية إلى الشارع الرئيسي الذي يربط بين القرية ومدينة نابلس، والذي يمرّ بين المستعمرة وبـين الحـي الجديد، ويضطر السكان للسفر جراء ذلك عبر شارع التفافي، مما يطيل مدة السفر إلى نابلس، ونتيجة لهذه المعاناة بدأ سكان القرية منذ تموز/ يوليو 2011 بالتظاهر أسبوعياً منطلقين من أحد مساجد القرية، مطالبين بفتح الشارع، وتتجه هذه المسيرات في الغالـب تجـاه منطقة الإغلاق التي ضربت على الشارع وتلقي الخطابات عندها، وتنتهي المسيرات أحياناً بمواجهات مع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.[18]

وقد برزت عدة أشكال لهذه المقاومة في هذه القرى، والتي يمكننا أن نرصد فيها عدة أشكال لهذه المقاومة الشعبية الفلسطينية على أرض الواقع، والتي تمثلت على النحو التالي:

• المسيرات والمظاهرات والفعاليات ورفع الرايات والأعلام والهتافات والشعارات.

• المواجهات المستمرة مع جنود الاحتلال، والتي وصلت في غالب الأحيان إلى العراك والمواجهات بالأيدي، وما يرافقها من إطلاق جنود الاحتلال للقنابل الصوتية وقنابل الغاز والرصاص الحي؛ لتفريق المظاهرات السلمية والاعتداء الجسدي عليهم بالضرب والسحل والاعتقال.

• ربط المتظاهرين الفلسطينيين والمتضامنين الدوليين أنفسهم عبر الحبال في سلسلة بشرية طويلة، ثم يبدؤون بالتماس مع قوات الاحتلال.

• مقاطعة وحرق المنتجات الإسرائيلية علناً وضمن استراتيجية معدة سلفاً، والحديث عن بدائل وطنية.

• تكريم أهالي الشهداء والأسرى والجرحى في مسابقات وحفلات عامّة.

• قيام متضامنين دوليين يحملون ملصقات لقادة بلدانهم ويرفعون قفصاً كبيراً بداخله فلسطيني يلبس العلم الفلسطيني؛ وهذا كناية عن تحويل الاحتلال الأرض الفلسطينية إلى سجنٍ كبير.

• استخدام ملابس برتقالية اللون في المظاهرات ضدّ الجدار، وإلباس المتضامنين الأجانب هذه الملابس؛ كتعبير عن ملابس الأسرى والسجناء الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

• الجلوس في الشوارع العامّة أمام المركّبات العسكرية لمنعها من المرور، واستقبال الهراوات والضرب المبرح.

ولعل أبرز ما يميز أسلحة المقاومة الشعبية وأنشطتها، هي أنها ترتكز على فكرة المقاومة التي تقوم على العصيان؛ وهي تعني خرق المساحات المحرّمة وكسر الخطوط الحمراء، فنتائجها مرتبطة بمدى القدرة على استثمار عواقبها، وهذه العواقب هي جزء لا يتجزأ من النشاط ولا بدّ من استثمارها في إدارة الأحداث مع الخصم[19] كما أن المقاومة الشعبية ترفض الوسائل المتراخية أو الاستسلام، إذ تسعى المقاومـة الشـعبية لخوض الصراع عبر مواجهة مدروسة، سواء كانت مواجهة مباشرة أم غير مباشرة، من خلال تقويض قوة الخصم والضغط عليه وإجباره على تغيير مواقفه أو تنفيذ مطالب المقاوم.[20]

4. أشكال النضال السلمي:[21]

• المقاومة الرمزية Symbolic؛ عبر المحافظة على قنوات الاتصال الفعال بين أعضاء المقاومة نفسها، والعمل على استخدام الإشارات والرموز والأسماء الحركية وحتى اللباس في سبيل تدعيم الشعور الوطني بين الناس، وحضور المناسبات الوطنية وإحياء التراث الشعبي.

• المقاومة التراكمية Accumulative؛ من خلال المحافظة على أداء الحركة في الميدان، ونقل الاحتجاجات إلى أوساط الحركة الشعبية، والعمل الجاد لتشجيع الآخرين للمحافظة على الكفاح أو النضال ضدّ الخصم أو العدو.

•  المقاومة الهجومية Offensive؛ عبر تنظيم سلسلة فعاليات على الأرض لإحباط الخصم ودفعه للشعور باليأس، وتكثيف المظاهرات والإضرابات وكل النشاطات الأخرى المباشرة التي تأخذ من الشعب والجماهير صفوفاً مؤيدة لها.

• المقاومة الدفاعية Defensive؛ التي تعمل على المحافظة على الإنسان والبشر وعدم الانسياق وراء قوة الخصم المدمّرة، والمحافظة على أخلاقيات المقاومة والقيم الإنسانية العالمية خصوصاً فيما يتعلق بالعنف والقتل وتخريب الأملاك والممتلكات. مثل هذا النشاط يهدف في المحصلة النهائية إلى تحييد قوة الخصم المدمّرة، ويمنعه من الاستخدام المكثف للقتل والتدمير.

• المقاومة الإيجابية Positive البناءة؛ التي تعمل على إيجاد بدائل على مستوى القانون العام أو المؤسسات، والتي تخدم بدورها الناس وتدفعهم لعدم اللجوء إلى مؤسسات المستعمر أو النظام الدكتاتوري، وتفصلهم مع مرور الوقت عن بنية المستعمر وتركيبته الاقتصادية والتنموية والبيروقراطية والأمنية أيضاً.

5. التحديات والمعيقات:

وعلى الرغم من كل هذه النجاحات التي حققتها المقاومة الشعبية إلا أن هنالك جملة مـن التحديات والمعيقات التي حدّت من فاعلية المقاومة الشعبية على الساحة الفلسطينية ووقفت حائلاً أمام تعميم المقاومة الشعبية كخيار أساسي من خيارات المواجهة، والتي من أهمها:

• المراهنة على المفاوضات كوسـيلة للتحرر من الاحتلال؛ حيث راهنت عليه قيادة السلطة الفلسطينية كثيراً لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، لكن وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً لم تأتِ هذه المفاوضـات بأي نتيجة تذكر على الأرض، ولم تمكن السلطة الفلسطينية من بسط سيطرتها على كافة المناطق التي يمكن من خلالهـا زيادة فعالية المقاومة الشعبية وخصوصاً في المناطق المصنفة ج.

• الظروف الاقتصادية المتردية في فلسطين؛ والتي جعلت الظروف المعيشـية والاجتماعيـة للشباب الفلسطيني صعبة وأدّت لانتشار البطالة، ما جعل المقاومة الشعبية تتراجع من سُلّم أولويات الشعب الفلسطيني.

• حصر أشكال المقاومة الشعبية في أماكن محددة في بعض القرى ونقاط الاحتكاك، فالأصل أن تتسع رقعة المقاومة الشعبية لتشمل كافة الأراضي الفلسطينية.

• غياب ثقافة وطنية جامعة وواضحة في مقاومة الاحتلال، وحداثة التجربة في المقاومة الشعبية لجيل الشباب الذي عاصر فترة المقاومة المسلحة وشَبَّ على وقع انتفاضة الأقصى، وما تلاها من ممارسات عدوانية إسرائيلية شديدة العنف تجاه الفلسطينيين، مما ولَّد ثقافة تُمجِّد مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بالوسائل المسلحة.

• تحوّل المقاومة الشعبية في فلسطين للنمط البيروقراطي، وذلك من خلال تعيين نشـطاء المقاومة الشعبية في الأجهزة الحكومية.

• في غالب الأحيان، ونتيجة التدخل غير الشرعي من قبـل بعض المنظمـات الغربيـة المانحـة، اعتمد بعض ناشطي المقاومة الشعبية على التمويل الخارجي، مما أدّى لإفراغ فكـرة المقاومة الشعبية من مضمونها الوطني التحرري، وتحويلها لمشروع ربحي تجاري تتحكم فيه الدولارات وليست المبادئ الوطنية التطوعية.

• ضعف في بعض جوانب التغطية الإعلامية للمقاومة الشعبية، في ظلِّ أهمية الإعلام وتأثيره على الشعوب، وضرورة توظيف الإعلام بشكل مؤثر وأفضل مما هو عليه، فـي سبيل إيصال الصورة الفلسطينية للرأي العام العالمي بصورة أكبر مما هي عليه الآن.

• غياب التنسيق بين المؤسسات الرسمية والسلطة الوطنية وفصائل العمل الوطني، نتيجة غياب الاستراتيجية الرسمية لتفعيل المقاومة الشعبية.

• انعدام التنسيق مع الأنظمة العربية والمؤسسات العربية الفاعلة علـى المسـتوى الإقليمي والدولي كجامعة الدول العربية ومنظمات حقوق الإنسان.

• حاله اللا مبالاة التي تسيطر على فكر وسلوك المواطن الفلسطيني، نتيجة الانقسام وتراجع ثقة الناس والجماهير في أداء المؤسسة الرسمية والحزبية وفي أساليب عملها وقيادتها.

• عدم وجود آليات محددة لممارسة المقاومة الشعبية يُمكن من خلالها إشراك جميـع أبناء الشعب الفلسطيني فيها بفعالية، لعدم توفر خطة استراتيجية وطنية شاملة وتتبنـى لمفهوم المقاومة الشعبية بالحدِّ الأدنى كخيار شعبي في المقاومة.[22]

• ممارسات وبطش سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته القمعية تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني، التي لا تدع مجالاً لإقناع الشـعب الفلسطيني بجدوى المواجهه السلمية.

• محدودية نقاط المواجهة التي يُمكن الاحتكاك من خلالها مع المحتل، وما يترتب على ذلك من صعوبات وعوائق جغرافية تَحُول دون المشاركة.

• ضعف وتردد المؤسسات الدولية والحقوقية وعدم قدرتها على تجريم الاحـتلال وإجراءاتـه في أثنـاء مواجهته للمشاركين في المقاومة الشعبية.

6. وفي الختام:

إن استعراض تاريخ المقاومة الشعبية في فلسطين في هذه العجالة البحثية والمفاهيمية، إنما يعكس حقيقة مهمة مفادها أن هذا النمط من المقاومة السلمية له تاريخ طويل في فلسطين، ربما يعود إلى عقود تاريخية إلى الوراء، لكن المشكلة تكمُن في قلِّة ما كُتب حول هذا الموضوع فلسطينياً، وضعف التوثيق والأرشفة من جانب الفلسطينيين لا سيّما في تدوين ملاحظاتهم حول تجربتهم النضالية السلمية، هذا بالإضافة إلى طغيان الاهتمام الفلسطيني بموضوع المقاومة المسلحة؛ كونها ارتبطت أكثر وبشكل أعمق مع الوطنية الفلسطينية منذ أيام الانتداب البريطاني وانتهاءً بالاحتلال الإسرائيلي لكل فلسطين.

إن أغلب الانتفاضات والهبَّات والثورات الفلسطينية بدأت سلمية الطابع، ثم تحولت مع مرور الوقت إلى مسلحة وعسكرية بسبب دكتاتورية وقمعية المحتل، وبسبب غياب القيادة السياسية الواعية، وضعف العلاقة بين الأهداف السياسية من جهة والاعتبارات الميدانية من جهة أخرى.

ثانياً: المقاومة الفلسطينية:

في كل مرحلة من مراحل النضال ثمّة شكل رئيسي أو حلقة مركزية تمثل الوجه الطاغي لتلك المرحلة، ولا يعني ذلك بالضرورة غياب أشكال النضال الأخرى، لكنها تكون في خدمة تلك الحلقة المركزية، وقد تعددت حلقات النضال من الإضراب سنة 1936، إلى الكفاح المسلح، إلى الانتفاضات الشعبية أو المسلحة.

إن تاريخ المقاومة الفلسطينية غني وحافل، فقد جرّب الشعب الفلسطيني كافة أشكال النضال، من الحرب على الأرض، إلى المقاومة المدنية والعصيان، إلى الكفاح المسلح الفدائي، إلى انتفاضة أولى وثانية اختلفتا في التركيبة والتوجهات. كما أنه في فترات معينة طغت المقاومة المسلحة على المقاومة المدنية كما حدث خلال الفترة 1965–1987، بينما طغت المقاومة الشعبية على المسلحة بين سنتَي 1987 و1993. ووُلد كل شكل من هذه الأشكال في سياق تاريخي وجغرافي وسياسي معين، والانتقال من شكل إلى شكل، كان نتيجة عوامل داخلية ذاتية، وأيضاً خارجية– إقليمية.[23] الانتفاضة الأولى؛ حيث شكّلت الانتفاضة الشعبية ومشاركة الجماهير الواسعة في كل أشكالها من تراشق بالحجار، وعصيان، وقطع للطرقات، والتصدي لاعتداءات المستوطنين، ومقاطعة البضائع الصهيونية، والامتناع عن دفع الضرائب السِمَة الرئيسية لها، في حين تراجعت العمليات المسلحة لتكون بعيدة عن مثل هذه الفعاليات الشعبية. ولنا أن نتخيل لو تقدم المسلحون التظاهرات أو أطلقوا الرصاص على وحدات الجيش الصهيوني التي تقدمت لقمع التظاهرات الشعبية، ماذا ستكون النتيجة، غير ذهاب الجماهير الغفيرة إلى منازلها وإحلال النخب المسلحة بدلاً عنهاـ وهي نخب يسهل على العدو مطاردتها والاشتباك معها، أما الانتفاضة الشعبية ذات المشاركة الجماهيرية الواسعة فتكون قد تراجعت خطوات إلى الخلف وحلّ مكانها تلك النخب. إن دور العمل المسلح هنا هو في معاقبة الاحتلال عن جرائمه، بعيداً عن أماكن الفعاليات الشعبية. لذا فمن الأهمية بمكان ملاحظة الشكل الرئيسي للمقاومة في كل مرحلة نضالية، بل وفي كل منطقة أيضاً.[24]

خاض الفلسطينيون خلال 56 سنة ثلاث استراتيجيات: الكفاح المسلح، الذي حوّل الفلسطينيين من جموع متناثرة ولاجئة إلى شعبٍ يطالب بحريته وعودته وتقرير مصيره واستقلاله؛ ثم المفاوضات الثنائية المباشرة، بعد مؤتمر مدريد Madrid Conference في 1991، التي أفضت إلى قيام سلطة محدودة السيادة تحت الاحتلال الإسرائيلي؛ ثم التدويل أو النضال على المستوى الدولي بعد انتهاء عصر التفاوض الثنائي الفاشل، خصوصاً مع عودة بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu إلى الحكم في “إسرائيل” في 2009. وبهذا الوصف، لم يتمكّن الكفاح المسلح من تحرير فلسطين بحسب وعود “العاصفة” في سنة 1965، ولم تتمكّن المفاوضات مع الرعاية الأمريكية من تأسيس دولة فلسطينية مستقلة. ومن المستبعد، إلى حدٍّ قاطع، أن يؤدي التدويل وحده، من دون القوة، إلى بناء دولة مستقلة، تمثل الحل السياسي الممكن، لا الحل التاريخي العادل.[25] يمارس الفلسطيني أشكالاً متنوعة من المقاومة، بل باتت المقاومة الفلسطينية مرتبطة بالزمان والمكان، ومكان وجود الفلسطيني أيضاً: ففي الضفة الغربية يصبح النضال ضدّ الاستيطان، والعمل على إطلاق انتفاضات شعبية في وجه الاحتلال، ومحاربة سياسات التنسيق الأمني معه، وعزل المتعاونين مع الاحتلال، شكلاً رئيسياً من أشكال المقاومة. وفي غزة يغدو الحفاظ على بنية المقاومة وسلاحها، والتصدي للاعتداءات الصهيونية، والوقوف في وجه الحصار الشكل الرئيسي للمقاومة. وفي الأراضي المحتلة سنة 1948، يصبح الحفاظ على الهوية العربية الفلسطينية، ومواجهة سياسات الأسرلة، والنضال ضدّ كافة أشكال التمييز العنصري، واعتبار القضية الفلسطينية كلٌّ لا يتجزأ، يقع في مقدمة أشكال المقاومة. أما فلسطينيو الخارج، فإن نضالهم من أجل العودة، وتنظيم صفوفهم، ودعمهم للمقاومة في فلسطين، وانخراطهم في النضال ضدّ نظام الأبارتهايد الصهيوني، والعمل على زيادة عزلته بالتعاون مع حركات المقاطعة، والحراكات الشعبية في الخارج، كلّها أشكال مقاومة مطلوبة وضرورية، وتتكامل مع مقاومة الشعب الفلسطيني في وطنه، فالمقاومة فعلٌ جماعيٌ يعبّر عن إرادة الشعب بأسره في أماكن وجوده كلها.[26]

تستند الدعوة إلى تبني استراتيجياً المقاومة الشعبية في فلسطين؛ إلى ركنين أساسيين هما: الإمكان والفاعلية، ويقع تبني هذه الاستراتيجيات وتطبيقها ضمن نطاق القدرة والإمكان الفلسطيني. وهي استراتيجيات ذات فاعلية كبيرة، ويمكنها تحقيق أهداف كبيرة على الأرض، وعلى الرغم من اختلاف الأوضاع والبيئات فإن لنا أن نتأمل فاعلية الثورات العربية السلمية، ونجاحها في جذب تعاطف عالمي واسع، وفي إطاحتها بأنظمة استبدادية شرسة، ويمكن المجادلة هنا، أن هناك قبولاً فلسطينياً متزايداً ومتسارعاً لاستراتيجيات المقاومة الشعبية، وإن ثمة أوضاع محيطة مشجعة.[27]
لا يكفي شعار المقاومة الشعبية، الذي ورد في اتفاق المصالحة أيار/ مايو 2011، كاستراتيجية بديلة عن المفاوضات والمقاومة المسلحة إن لم يترجم هذا إلى إجراءات قابلة للممارسة، وبما يتلاءم مع تضاريس الأحياز الفلسطينية المتعددة، وإن شعار المقاومة الشعبية طرح أكثر من تنظيم فلسطيني في فترات سابقة، لكنه لم يمارَس كاستراتيجيات ثابتة ويومية، تنخرط فيها القيادات والكوادر وقواعد التنظيم بعد اتفاق أوسلو Oslo Accords وعودة معظم قادة التنظيمات السياسية إلى الضفة وغزة، لذا فإن إعادة المعنى لشعار المقاومة الشعبية، كما كان في المرحلة الأولى من الانتفاضة الأولى، لن يتمّ ما لم تتغير وظائف السلطة “الدولانية” الترابية المدنية وبنيتها (وزير، وكيل، نائب وكيل، مدير عام…..) والأمنية، والامتيازات (الفئات الأولى) وما لم يتمّ إزالة الغُربة الجارية بين النخب السياسية والمواطنين.[28]

ثالثاً: العوامل المساعدة والمشجعة على استخدام وتبني المقاومة الشعبية في الضفة الغربية:

‌1. التضامن الدولي مع المقاومة الشعبية.

2. قوة منطقها الأخلاقي وقدرتها على إحراج الاحتلال وكشفه أمام الإعلام العالمي.

3. زيادة القناعة الفلسطينية بقدرة وفعالية المقاومة الشعبية.

4. الحالة التي تعيشها الضفة الغربية من سطوة الاحتلال، وتغوّل المستوطنين، وضعف السلطة الفلسطينية.

5. قدرة المقاومة الشعبية على إعادة الشارع الفلسطيني إلى ساحات المقاومة والنضال.

6. انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الحديث.

رابعاً: شروط نجاح المقاومة الشعبية:

ومن أجل أن تنجح هذه المقاومة الشعبية في تحقيق أهدافها السياسية العليا في التحرير أو الانعتاق من الحكومات القمعية السلطوية ومن بطش الاحتلال، فلا بدّ أيضاً من توافر شروط ومستلزمات أخرى يقف على رأسها:

1. أن تكون واسعة الصدر ورحبة؛ لاحتضان كل الجماهير من مختلف الشرائح الاجتماعية والطبقات الاقتصادية، ومن مختلف الألوان السياسية والمناطقية والجغرافية.

2. تمتين التركيبة التنظيمية العامة لحركة الاحتجاج وتقويتها؛ عبر تشجيع الأشخاص والقيادات الميدانية التي تمتلك الخبرات التنظيمية لقيادة العمل الميداني، وقيادة حركة الاحتجاج السلمي في الشارع.

3. وضع استراتيجية واضحة للمواجهة، مدعومة بمجموعة من التكتيكات المحورية، بحيث يقوم على تنفيذها ووضعها موضع التجربة العملية؛ من خلال تدريب النشطاء على الأرض، وبثّ روح العمل الجماعي المنضبط بينهم، وإقناعهم بعدم الانجرار وراء استفزازات العدو أو المستعمر من أجل تحييد قدراته المدمّرة.

4. تحشيد مصادر الدعم الداخلي والخارجي للثورة الشعبية السلمية، وهذا يشمل مصادر الدعم الاقتصادي والمالي والمادي والدعم الطبي واللوجيستي، وإيجاد دوائر من المناصرين المحليين والقوى واللاعبين الخارجيين؛ من أجل عبور حركة الشارع، جسور الأمان والإنجاز والتحرير.[29]

5. تحقيق التوافق الوطني الشامل والمصالحة الفلسطينية.

6. اعتبار المقاومة الشعبية كأحد أشكال المقاومة، وليست الشكل أو الطريقة الوحيدة للمقاومة والتحرير.

7. تبني الوعي الحزبي والتنظيمي لهذا الشكل من أشكال المقاومة.

8. الابتعاد وعدم التورط في معارك خاسرة، ليس لفلسطين علاقة فيها.

9. تجديد الخطاب الإعلامي والصورة المنقولة فلسطينياً.

خامساً: بلدة بيتا:

تقع بلدة بيتا على بعد 13 كم جنوب شرق مدينة نابلس وشرقي طريق نابلس – رام الله، يحدّها من الجنوب قبلان ويتما، ومن الشرق أوصرين وعقربا، ومن الغرب “شارع نابلس رام الله” وحوارة، ومن الشمال قرية عورتا .وقد تشكّلت أراضي بيتا من مرتفعات جبلية يتخللها عدد من الأودية، تتجه في مجراها من الشرق إلى الغرب، وتُعدّ من أهم الأماكن العالية في فلسطين المحتلة ومدينة نابلس، وتبلغ مساحة أراضيها كاملة 22 ألف دونم، تُزرع بصورة أساسية بأشجار الزيتون والتين واللوز. في بيتا جبل عالٍ يُسمّى جبل العُرمة، يقع في الجهة الشمالية الشرقية للبلدة ويرتفع نحو 890 متراً عن سطح البحر، وهو من بين أوائل الجبال التي يسقط عليه الثلج في فلسطين شتاءً، كما يوجد في البلدة العديد من العيون والينابيع أهمها عين عوليم، وعين روجان، وبيرقوزا، وعين سارة، وعين المغارة، وعين الغوطة؛ الواقعة في أراضي عورتا وقد جرى دمجها بفلسطين في العهد العثماني سنة 1517، وقُسِّمت في ذلك العهد إلى بيتا الفوقا وبيتا التحتا التي بقيت حتى اللحظة، وقد شارك أهالي بيتا في جميع الثورات الفلسطينية ما قبل الاحتلال الإسرائيلي وما بعده، وما زالوا يُشاركون ويُقدِّمون حتى اللحظة، كما أن أبناءها شاركوا في وقعة دوما سنة 1937 واستشهد أربعة من شبابها، ثم كان لهم الحضور في معركة جَرَتْ ضدّ القوات البريطانية على أراضي قرية بيت فوريك سنة 1938.[30]

تعود التسمية إلى أصل سرياني معناه الأهل أو البيت، وتُعدّ بيتا عاصمة لمجموعة قرى مشاريق البيتاوي، والتي كانت تضمّ إحدى وثلاثين قرية، وتُعدّ بيتا ثالث قرى نابلس إنتاجاً للزيتون، وقد ازدهرت فيها صناعة الفخار بأشكاله المختلفة بعد الحرب العالمية الأولى، وتُعدّ بيتا البلدة الأم في التاريخ الفلسطيني، كون عشرات القرى تشكلت من عائلات تعود جذورها إلى بلدة بيتا، حيث كانت بيتا تقوم بالقيادة والدفاع عن مصالحها، حيث بلغت ذروتها أيام الاستعمار الإنجليزي.[31]

يتصل بالقرية من الناحية الشرقية خربتان أثريتان، فيهما بيوت رومانية مهدّمة، إضافة إلى قلعة مرتفعة تعود للعصر البرونزي وتسمى العرمة، حيث يتوزع على أطرافها مجموعة من الحفر الصندوقية، يتراوح مساحة كل واحد منها ما بين 400-500م2، وهي محفورة داخل الصخر، وبعض السجون أهمها حبس خربة روجان وحبس الشايب في خربة عوليم، كما يوجد جنوب البلدة منطقة أثرية تُسمّى البالعة، وهي عبارة عن مغارة على جدرانها بعض التماثيل، يعود تاريخها للعهد الروماني، وكذلك مقام أبو زكري الذي يعود تاريخه للحروب الصليبية.[32]

1. بيتا والسّجل النضالي:

السجل النضالي للبلدة امتد إلى ما بعد النكبة، وشارك أبناؤها بمعركة المزار قضاء جنين سنة 1948 ومعركة الدفاع عن حيفا في السنة ذاتها، واستُشهد اثنان من أبطالها، وفي سنة 1967 استشهد ثلاثة آخرين خلال المعارك التي خاضها الجيش الأردني دفاعاً عن مدينة القدس، وفي السنة ذاتها استشهد مواطن في معركة خاضها رجال المقاومة الفلسطينية على أراضي قرية بيت فجّار، واستشهد آخر في معركة جبل القرنطل في أريحا. وفي سنة 1968 استشهد أحد شبابها في عمليةٍ فدائيةٍ بمواجهة مع الجيش الإسرائيلي في وادي القلط، واستشهد آخر سنة 1970 في معركة الجحفية، وفي سنة 1976 استشهد اثنان في تلِّ الزعتر في بيروت، وآخر في العراق. تاريخياً كانت بيتا عصيةً على الاحتلال، فمنذ حاول عدد من المستوطنين اقتحام بعض الأماكن الأثرية وعيون الماء في البلدة سنة 1988 هبّ الأهالي وقاوموهم واستشهد ثلاثة منهم وقتلوا مستوطنين، وأعيدت الكرة في سنة 1990، عندما حاول المستوطنون السيطرة على جبل العرمة تصدوا له أيضاً واستشهد شابان.[33]

لقد كان أهالي بيتا من أوائل من شاركوا في الانتفاضة الأولى، ففي 6/6/ 1988واجهوا بالحجارة مجموعة من قاطني المستوطنات “الإسرائيلية” القريبة من بيتا. وقد أستشهد يومها ثلاثة من سكانها، قتلهم بالرصاص أحد سكان المستوطنين، وهم موسى صالح داود، وحاتم فايز، وعصام داوود، وقد ادعى الإسرائيليون يومها أن إحدى سكان المستوطنات قد قُتلت، واتّهم بذلك أهالي بيتا. الفتاة اسمها تيرزا بورات، وقد جاء الاتّهام بمصرعها دون الإشارة إلى أنها قُتلت من طلقة نارية، ودون أيّ اعتبار إلى أن أهالي بيتا كانوا عُزّل من السلاح وقد تصدوا للإسرائيلين بالحجارة فقط، وأن مطلقي النار والمسلحين الوحيدين كانوا إسرائيليين. فكان ردّ الاحتلال بأن هدم ثلاث عشرة منزلاً في بيتا، واعتقال ما يزيد عن ثلاثمئة مناضل من أهالي بيتا، وإبعاد ستة من الشباب المناضلين إلى خارج الوطن.[34]

2. جبل العُرمة:

يقع جبل العرمة إلى الشرق من بلدة بيتا جنوب نابلس، على ارتفاع 850م عن سطح البحر، وتظهر عليه بقايا قلعة قديمة، وخزانات وصهاريج مياه ضخمة محاطة بقاعدة دائرية، كشاهد على حضارات سالفة عاشت في المكان منذ قرون، ويطل الموقع الأثري على الحدود الأردنية وخصوصاً مدينة السلط الأردنية شرقاً، وشاطئ البحر الأبيض المتوسط غرباً، وعلى قرى جنوب وشرق محافظة نابلس، ويُشكّل شاهداً على فترة الحكم العثماني لفلسطين التي اتصفت بالقلاع والحصون المشيّدة، كما أن الجبل يمتد على مسافة قرابة 250 دونماً، ويكتسب أهمية استراتيجية للمناطق المطل عليها في حقب تاريخية مختلفة، حيث يرجح أنه يعود لفترة الحكم العثماني وربما ما سبقها من حضارات حكمت فلسطين، واستخدم كسجون للمعتقلين، ولاحقاً في زمن الانتداب البريطاني كذلك. ويضم الموقع سبعة خزانات للمياه “صهاريج” ضخمة يصل سعة الواحد منها قرابة 1,500 كوب من المياه، وتصل بينها قنوات مائية تعتمد على مياه الأمطار، وذُكر جبل العُرمة في كتب تاريخية عديدة، عن تاريخ فلسطين القديم، أبرزها كتاب مصطفى الدباغ “بلادنا فلسطين” الذي تحدث عن مكان الجبل وسبب التسمية، “خربة العُرْمَة في الشمال الشرقي من عقرباء، تقع على جبل العُرْمَة، وترتفع 843م عن سطح البحر، والعرمة، هي الكومة من القمح المدروس الذي لم يُذرَ، جمعها عُرَم”. إن جبل العرمة حسب التنقيب الأثري الذي جرى في الموقع بداية الستينيات، يُشكّل جبلاً أثرياً مهماً، وهو مسكون من العصر البرونزي المتقدم، أي قبل قرابة 3200 عاماً.[35]

بعد سنة 1999، تحوّلت البؤر الاستيطانية التابعة لمستوطنة إيتمار Itamar لعامل إرهاب دائم في المنطقة؛ من خلال الاعتداء على الرعاة والمزارعين والهجوم شبه اليومي على قرية يانون، مما أدى لترحيل أهلها بالقوة سنة 2001، ثم أقدموا على إعدام المواطن محمد حمدان بني جابر 60 عاماً، بالقرب من جبل العرمة في سنة 2005، في أثناء رعيه للأغنام في سفح الجبل الشرقي. وصار التواجد الصهيوني حاضراً في محيط الجبل مدعوماً بقوة السلاح، وصار بإمكان المُستوطن (جدعون) سوق أغنامه إلى جبل العُرمة حاملاً سلاحه وبرفقته مجموعة من القتلة، في وقت يُمنع العرب من الاقتراب من المنطقة، وصار التواجد العربي بحاجة إلى تنسيق مع الارتباط الصهيوني. وصارت المنطقة بين بلدتي بيتا – عقربا مُهددة بالاستيطان.[36]

استطاع المشروع الصهيوني خلال الـ 30 عاماً الماضية السيطرة على التلال الرابطة بين القرى الفلسطينية في جنوب شرق نابلس، وصارت الطرق بين هذه القرى مقطوعة ويجب أن تمر من تحت عيون المستوطنين، الذين سيطروا على التلال العالية. وبات بإمكان مستوطني إيتمار التحرك من شرق نابلس حتى الأغوار دون الحاجة للمرور بأيٍ من الطرق أو التجمعات العربية، وبذلك نجح المستوطنون بقطع التواصل الجغرافي بين القرى الفلسطينية. ثم بدأت الحركة الصهيونية تنشط لإيجاد طرق تربط إيتمار بالمستوطنات المحيطة بها، وتحديداً جيتيت Getet الواقعة شرق بلدة عقربا عبر طريق يمر من سهول خربة الطويل المُهددة بالمُصادرة بحجة أنها منطقة عسكرية، وثانياً، راج الحديث عن مُحاولات لشق طريق يربط إيتمار بمستوطنة مجدليم Magdalem أو بالشارع الالتفافي الواصل بين زعترة والأغوار. الأمر الذي من الصعب شقّه دون أن يكون للمستوطنين إشراف على هذه الطريق؛ من خلال الجبال التي تطلّ عليها وأعلاها جبل العُرمة، وهنا مربط الفرس في الصراع على الجبل .وعي الأهالي بأن السيطرة الصهيونية على جبل العُرمة تعني قطع الطريق بين (بيتا – أوصرين – عقربا)، وهي ثلاثة بلدات تمتد حالياً نحو التلال الواقعة بينهما، لأنه لم يبقَ لها مكان تتوسع باتجاهه؛ بسبب الطرق الاستيطانية، ومصادرة الأراضي الشرقية التي تمتد شرقاً للأغوار.[37]

بدأت حكاية المقاومة الشعبية على جبل العُرمة في شهر شباط/ فبراير من سنة 2020، بعد أن أقام أهالي بلدة بيتا سارية كبيرة رفعوا عليها علم فلسطين فوق جبل العُرمة، يقابل مستوطنة إيتمار، وجاء ذلك بعد بدء المستوطنين بتنظيم رحلات وزيارات جماعية للجبل، وأعلن المستوطنون عبر صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي عن نيّتهم اقتحام جبل العُرمة، فسارع أهالي بيتا والقرى المجاورة، عورتا أوصرين أودلا، والمتضامنين لنصب خيام اعتصام على الجبل، وإعلان الرباط على جبل العُرمة، وإطلاق سلسلة من فعاليات المقاومة الشعبية اليومية على الرغم من حالة الجو الباردة والأمطار الغزيرة لمنع المستوطنين من اقتحام الجبل، وأصبحت خيمة الرباط مزاراً دائماً لأهالي البلدة والمتضامنين من كافة أنحاء فلسطين، وبات الغناء، والنشيد، واللقاءات الإعلامية، والندوات، والمؤتمرات، والاعتصام أنشطة مستمرة ومتواصلة على الجبل.[38]

قام جيش الاحتلال وبمشاركة المستوطنين في شهر آذار/ مارس 2020 باقتحام جبل العُرمة، والتوجه بقوات كبيرة جداً لهدم خيمة الاعتصام، وحصلت مواجهات عنيفة، وأطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي وقنابل الغاز، مما أدى لاستشهاد الشاب محمد عبد الكريم حمايل، وإصابة الشاب إسلام عبد الغني دويكات إصابة خطيرة جداً، والذي استشهد بعدها بأيام.[39]

3. جبل صبيح:

جبل يقع بين ثلاث قرى فلسطينية، هي قبلان ويتما وبيتا، جنوب نابلس. وتعود ملكية الجبل لفلسطينيين من القرى الثلاث، ويُعدّ الجبل امتداداً طبيعياً لسلسلة الجبال الساحلية في مدينة نابلس، ويتبع الجبل أيضاً لسلسلة جبال نابلس، ضمن جغرافيا نابلس. ويبلغ ارتفاع قمة جبل صبيح 570م وهو يأتي ضمن أعلى القمم في مدينة نابلس.[40]

قام الاحتلال قديماً بوضع نقطة عسكرية للجيش على جبل صبيح، وكان الجيش يترك النقطة لأيام، ثم يعود إليها، مما كان يسمح لأهالي بيتا وأصحاب الأراضي القريبة من حراثة أراضيهم وزراعتها وقطف الزيتون والمحاصيل، وبعد سنة 2000، انتفاضة الأقصى، أعاد الاحتلال النقطة العسكرية، وغدت هذه النقطه موقعاً للمواجهات المستمرة والمتواصلة مع الاحتلال، وأدّت لوقوع عدد من الإصابات في صفوف شباب بلدة بيتا، إضافة إلى اعتقال العشرات من الشباب طيلة السنوات من سنة 2000 إلى 2020.[41]

في سنة 2018، حاول بعض المستوطنين بناء خيم وإنشاء نواة لمستوطنة، خصوصاً بعد إخلاء الجبل من النقطة العسكرية التي كانت مقامة عليها، وقام شباب وأهالي بلدة بيتا بسلسلة خطوات وفعاليات ومواجهات مباشرة ومستمرة مع المستوطنين، مما أدت إلى إخلاء المنطقة من المستوطنين وعودة الأرض لأصحابها الأصليين.

مع بدايات سنة 2021، قام مجموعة من المستوطنين ببناء وحدات استيطانية وإنشاء خيم، وإحضار كرفانات لجبل صبيح، واستغل هؤلاء المستوطنين وجود الجيش الإسرائيلي في بلدة بيتا والقرى المجاورة، ومنعه للحركة بين القرى، ليُسارع المستوطنون للإعلان عن إنشاء بؤرة لمستوطنة تُدعى “أفيتار Eviatar” على جبل صبيح، وبدعم غير مباشر من الحكومة الإسرائيلية لربط هذه المستوطنة مع مستوطنة “أرئيل Ariel” مروراً بمستوطنة “مجدليم” القريبة من قرية قصرة، ووصولاً إلى الأغوار، وبذلك يتمكن الاحتلال من فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.[42]

هذا الحدث، أشعل وحرّك أهالي بلدة بيتا، وبدأ الأهالي بتنظيم سلسلة من الخطوات والفعاليات لوقف إنشاء المستوطنة، ومع بدء شهر رمضان من سنة 2021، أصبحت المواجهات اليومية بين الأهالي في بلدة بيتا من جهة، وجيش الاحتلال بمشاركة المستوطنين من جهة أخرى، واشتدت المواجهات والمقاومة الشعبية.

قدَّمت بلدة بيتا نموذجاً في طريقة المقاومة السلمية، كما أن جميع الفئات من أطفال وكبار في السِنّ ونساء، شاركوا في النضال ضدّ المخططات الاستيطانية؛ نتيجة لاستمرار المقاومة الشعبية، وصمود أهالي بلدة بيتا والمتضامنين معها، قام الاحتلال بوقف مشروع إنشاء البؤرة الاستيطانية على جبل صبيح، وأعادها لموقع عسكري احتلالي.

في 28/6/2021، وعبر مفاوضات سرية، تمّ التوصل إلى اتفاق تسوية بين وزير الجيش الإسرائيلي بني جانتس Benny Gantzوقادة المستوطنين بشأن بؤرة “جفعات أفيتار”، حسبما كشف موقع “معاريف Maariv”، ووفق الاتفاق، يجب على المستوطنين ترك المكان وإقامة مدرسة دينية توراتية لتعليم الطلاب الذين يستعدون لدخول الخدمة العسكرية. كما يتعين وفق اتفاق الإخلاء أن يتحرى الجيش الإسرائيلي خلال 6 أشهر عن “حقوق الملكية للأرض” تمهيداً لتثبيت المستوطنين، وهو ما يرفضه أهالي بيتا؛ مؤكِّدين أن الجبل أراضٍ خاصة وموثقة بأسماء أصحابها، وتؤكد ذلك سجلات محكمة نابلس في العهد العثماني.[43]

سادساً: دور الإعلام في المقاومة الشعبية في بيتا:

يُعدّ الإعلام بقوته سلطة رابعة لما له من تأثير كبير على الناس وفي كافة المستويات، فهو على درجة عاليه من الأهمية والخطورة من حيث حشد الطاقات والإمكانات وعلى كافة الصعد والمستويات الوطنية والقومية والدولية، لذلك يجب أن نسهم في جعل الإعلام الفلسطيني مؤثراً وله دور فـي صناعة الحدث وليس ناقلاً للأحداث فحسب،[44] ولا يكون ذلك إلا بعد إصلاح الإعلام الفلسـطيني وتحريره من التبعية والأهواء، حتى يصبح وطنياً خالصاً وصادقاً. فعلى سبيل المثال، كان الإعلام الفلسطيني في انتفاضة الأقصى فاقداً لاستراتيجية توجيهية واضحة، حيث اقتصر دوره على التقارير الإخبارية، متجنباً ممارسة دور الإعلام المقاوم الفاعل في الأحداث، كما لم يسمح للإذاعات والصحف المحلية أن تلعب دوراً نضالياً وجماهيرياً تعبويـاً، وظلّـت أسـيرة للموقف الرسمي، تتصرف وفقاً للخطاب السياسي الفلسطيني الرسمي.

في ظلِّ الثورة الإعلامية والرقمية وعصر الإنترنت، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع وكبير، بالإضافة إلى توفر أجهزة الاتصال والتواصل مع كل فرد من أفراد المجتمع تقريباً، كل ذلك يجعل أي قضية في العالم ممكن أن تصل بـ”كبسة زر” إلى جميع أجزاء العالم، وخلال فترة زمنية قصيرة جداً.

وقد لعب الإعلام دوراً مهماً وفعّالاً في تفعيل المقاومة الشعبية في بلدة بيتا بشكل خاص، وفيما يخصّ القضية الفلسطينية بشكل عام، وقد تمثل دوره في النقاط التالية:

1. التوعية بأهمية القضية (جبل العُرمة وجبل صبيح):

فمن خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، استطاع نشطاء المقاومة الشعبية في بيتا والقرى المحيطة أن يتحولوا من متلقين ومتابعين للخبر، إلى صحفيين ميدانيين وناقلي أخبار وأحداث وصور وفيديوهات للمقاومة والمواجهات في بلدة بيتا، ونقلها للعالم، لتسارع وسائل الإعلام العالمية لنقل هذه الصور والأخبار.

2. الاتصال والتواصل بين النشطاء:

استطاع النشطاء تحويل دور وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات ووسائل للتواصل بين النشطاء، ونقل صورة الأحداث وتنسيق فعاليات المقاومة الشعبية وإعلانها للجمهور وللمتضامنين، كما أنها لعبت دوراً فعّالاً في بثِّ روح النضال والمقاومة، وتشجيع الشباب والنشطاء على المشاركة والرباط في الجبال ومواقع الاحتكاك.

3. إيجاد رأي عام:

استطاع نشطاء المقاومة الشعبية في بيتا؛ ومن خلال النشر، والمتابعة المستمرة لأحداث جبلَيْ العُرمة وصبيح والمقاومة الشعبية فيهما، والتركيز على الحق الفلسطيني الواضح فيهما، إيجاد حالة من الرأي العام المحلية أو حتى العالمية، حول أحقية الفلسطيني في الجبلَيْن، وظهرت حالة الرأي العام المحلية؛ من خلال تصريحات القيادة الفلسطينية، ممثلةً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس حول بيتا والمواجهات فيها، إضافة إلى مواقف الفصائل الفلسطينية المختلفة التي أشادت ودعمت المقاومة الشعبية في بيتا.

4. توثيق الحدث:

حيث قام النشطاء ومن خلال العديد من الوسائل الحديثة، بنشر الأحداث بشكل يومي، والاحتفاظ بصور وفيديوهات وتسجيلات الأحداث اليومية ومواكبتها، حيث أفادهم ذلك في حفظ وصنع مادة أرشيفية، إضافة إلى معلومات وتقارير وصور توثق الحدث، حيث يمكن اللجوء إليها لدراستها وكتابة الأبحاث والتقارير والدراسات لاحقاً، إضافة إلى إمكانية الاستناد عليها لرفع شكاوى على الاحتلال لدى المحاكم والمنظمات الدولية.

5. نشر وتعميم التجربة:

ويُعدّ هذا مهماً جداً لأن ما يتم نشره من صور وحكايات وفيديوهات لصمود ومقاومة أهالي بيتا، يسهم مستقبلاً في نشر التجربة وتعميم الفكرة والاقتداء بها في مناطق المواجهة الأخرى، بالإضافة إلى نقل هذه الأفكار والتجارب لقرى جديدة.

سابعاً: إنجازات حققتها المقاومة الشعبية في بلدة بيتا:

إن الدارس والمتابع لتجربة المقاومة الشعبية في بلدة بيتا، يجد أنها قد حققت الإنجازات التالية:

1. استطاعت المقاومة الشعبية لفت انتباه الرأي العام العالمي إلى الظلم الواقع على أهالي بيتا وعلى الشعب الفلسطيني، من جراء اغتصاب الأرض الفلسطينية، ومحاولات الاحتلال المستمرة وقطعان المستوطنين للسيطرة على الأرض والتهامها، إضافة إلى كشف اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي على أبناء شعبنا الفلسطيني.

2. غاية أي مقاومة—ومن بينها المقاومة الشعبية—هو رفع كُلفة الاحتلال، وجعلها باهظة جداً، وقد كان للمقاومة الشعبية في العديد من الدول دور مهم في تقويض النظام الاستعماري فيها، وقد استطاعت المقاومة الشعبية في بيتا أن تجعل الاحتلال يدفع ثمناً باهظاً جراء استمرار المقاومة الشعبية، ما يكلف الاحتلال يومياً عشرات آلاف الدولارات والنفقات على الآليات والجنود والسلاح وغيره.

3. أدّت هذه المقاومة وهذا الصمود لشباب ورجال وأهالي بيتا إلى إجبار الاحتلال ومستوطنيه إلى التراجع عن مخططاتهم. وأدى هذا الصمود والوحدة والرباط المستمر في جبل العُرمة إلى الانتصار في المعركة وعودة جبل العُرمة لأصحابه، وإخلاء مستوطنة أفيتار على جبل صبيح، ووقف تحويل هذا الجبل لمستوطنة صهيونية.

4. غدت المقاومة الشعبية في بلدة بيتا رمزاً للمقاومة في فلسطين، ونموذجاً يتحدث عنه رموز وقيادات سياسية فلسطينية وعربية، حيث تحدّث الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن المقاومة الشعبية في بيتا عدة مرات في خطاباته وكلماته، إضافة إلى استقباله لعائلات شهداء بيتا، كما دعت حركة فتح لعقد لقاءات تنظيمية واجتماعات للحركة في بلدة بيتا، وفي كلمة لعضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران خلال اتصاله بأهل الشهيد عماد دويكات في 7/8/2021؛ قال: “إن كل فلسطين تفتخر بكم، وباتت بيتا نموذجاً يُحتذى به في المقاومة، وأصبحت صورة مصغرة عن غزة العزة”.

5. عززت المقاومة الشعبية في بلدة بيتا الهوية الوطنية الفلسطينية، كهوية رئيسية مقابل الهويات الفرعية.

6. أسهمت المقاومة الشعبية في بيتا بتعزيز الروابط والعلاقات الاجتماعية بين أهالي بيتا، وعززت الوحدة الوطنية بين فصائل العمل الوطني والإسلامي في البلدة.

7. أسهمت هذه المقاومة وهذا الرباط بتعزيز العلاقات بين أهالي بيتا وبين عدد من القرى والبلدات المجاورة (عورتا، أودلا، أوصرين… وغيرها)، التي شاركت وأسهمت في هذه المقاومة، وهذا الصمود، والرباط على جبلَيْ العُرمة وصبيح، والتي أُصيب عدد من أبنائها دفاعاً عن هذين الجبلين، وتنوعت الصور، وأشكال التكافل، والتعاون، والترابط فيما بينها.
8. أسهمت في إيجاد وإبراز عدد من الشباب الفلسطيني—ذكوراً وإناثاً—من خلال عملهم الإعلامي والميداني، ومشاركتهم في فعاليات المقاومة الشعبية.

ثامناً: النتائج والتوصيات:

النتائج:

1. المقاومة الشعبية أحد أشكال المقاومة المشروعة دولياً، والتي يمكن استخدامها حسب الزمان والمكان المناسب لها.

2. استخدم الشعب الفلسطيني المقاومة الشعبية في عدد من مراحل النضال؛ ضدّ الاستعمار البريطاني والاحتلال الإسرائيلي.

3. حققت المقاومة الشعبية في فلسطين عدة إنجازات: الانتفاضة الأولى، معركة البوابات الإلكترونية في الأقصى، بلدة بيتا… .

4. يمكن للمقاومة الشعبية أن توحِّد الشارع الفلسطيني المُنقسم فصائلياً.

5. يلعب الإعلام والإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً ومؤثراً في إنجاح ونشر المقاومة الشعبية.

6. غياب الرؤية السياسية العليا المنظمة لعمل فعاليات المقاومة الشعبية، وعدم القدرة على وضعها في استراتيجية وطنية تحررية انعتاقية.

7. تمثل المقاومة الشعبية في بلدة بيتا صورة ومثالاً يُمكن دراسته وتعميمه في عدة مواقع من مواقع المواجهات في فلسطين.

8. المقاومة الشعبية ترفع من كُلفة الاحتلال.

التوصيات:

1. دراسة التجربة وتبنيها ونقلها إلى مناطق الاحتكاك في فلسطين.

2. العمل على إيصال وتعميم ونشر التجربة الفلسطينية في الإعلام العالمي.

3. وضع الخطط المدروسة والابتعاد عن العفوية والعشوائية، بحيث لا يتمّ تشتيت الطاقات والإمكانات.

4. توفير كل مقوِّمات صمود وثبات أهالي بيتا والبلدات المجاورة والمتضامنين.

5. الانتهاكات والاعتداءات التي تعرَّض لها الأهالي وما زالوا يتعرضون لها، هي عناوين لقضايا يُمكن أن تُرفع ضدّ الاحتلال، ويحتاج البُعد القانوني إلى لجنة قانونية محلية ودولية لدراسة الملفات، وتحديد الجهات القضائية التي يجب التعامل معها.

6. إيجاد استراتيجية واضحة للمقاومة الشعبية مدعومة بمجموعة من التكتيكات، بحيث يقوم على تنفيذها ووضعها موضع التجربة العملية من خلال تدريب النشطاء على الأرض، وبثِّ روح العمل الجماعي المنضبط بينهم، وإقناعهم بعدم الانجرار وراء استفزازات العدو أو المستعمر من أجل تحييد قدراته.

7. استقبال الوفود الغربية والمؤثرين في المجتمع الدولي، وتوجيه الدعوات لهم للمشاركة في فعاليات المقاومة الشعبية.

8. إطلاق صفحات بكل اللغات على مواقع التواصل الاجتماعي تتناول تجربة بيتا، وتتابع أخبارها وتوثيق أحداثها.

9. تدريب الشباب على أن يكونوا ناطقين إعلاميين باللغة الإنجليزية، وتقديمهم للإعلام الغربي للحديث عن المقاومة الشعبية في بيتا وفلسطين.

10. تطوير أفكار ووسائل المقاومة الشعبية؛ كالإرباك الليلي، والإطارات المشتعلة، واستخدام الليزر وغيره من الأفكار والوسائل.

11. إنتاج مواد إعلامية؛ برامج وثائقية، أفلام، أناشيد، بوسترات، رسوم، تصاميم…، ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة.

12. تعزيز التنسيق الفصائلي.

13. التشبيك مع المؤسسات والجمعيات والأندية في بلدة بيتا.


[1] ثامر عبد الغني فايق سباعنه من بلدة قباطية قضاء جنين. معلِّم، أسير محرر، أمضى أكثر من ثماني سنوات في سجون الاحتلال. ماجستير تخطيط وتنمية سياسية من جامعة النجاح الوطنية، صدر له العديد من الدراسات والأبحاث والكتب، شارك بالعديد من المؤتمرات العلمية.
[2] عبد السلام محمد عواد من قرية عورتا جنوب نابلس. معلِّم مدرسة وأمين مكتبة، صحفي، أسير محرر لأكثر من 7 مرات. باحث مختص في شؤون القدس والاستيطان، وباحث مهتم في التراث الفلسطيني. فنان فلسطيني شارك في أكثر من عمل درامي تلفزيوني، وعدد من المسلسلات والمسرحيات، وعدد من الأفلام العربية والفلسطينية، قدّم عدد من المشاركات في عدد من المؤتمرات الأدبية والعلمية والخاصة بتاريخ القدس.
[3] جميل هلال، إضاءة على مأزق النخبة السياسية الفلسطينية (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2013)، ص 112.
[4] نصري الصايغ، عن المقاومة حوار الحفاة والعقارب دفاعاً (بيروت: دار رياض الـريس للكتـب والنشـر، 2007)، ص 64.
[5] جميل هلال، فلسطين والفلسطينيون (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2012)، ص 91.
[6] صقر أبو فخر، “ساتياغراها” أم المقاومة الشعبية؟ هل طور الفلسطينيون خططاً لمفاوضات مقبلة؟، موقع صحيفة العربي الجديد، لندن، 15/3/2021.
[7] عبد الستار قاسم، معنى المقاومة الشعبية السلمية، موقع دنيا الوطن، 20/3/2012، انظر: https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/527245.html
[8] أيمن يوسف، “المقاومة الشعبية الفلسطينية: نمذجة المواقع وإشكاليات الرؤية،” مجلة شؤون الفلسطينية، الجامعة العربية الأمريكية، فلسطين، العدد 268، المجلد 1، 29/6/2017، ص 66.
[9] المرجع نفسه.
[10] صقر أبو فخر، “ساتياغراها” أم المقاومة الشعبية؟ هل طور الفلسطينيون خططاً لمفاوضات مقبلة؟.
[11]Yehoshua Porath, the Palestinian Arab National Movement, 1918-1929: From Riots to Rebellion (London: Frank Cass and Company, 1974), vol. 2.
[12] عمر البرغوثي، وطوطح خليل، تاريخ فلسطين (القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية،2001)، ص 261.
[13] طارق سويدان، فلسطين: التاريخ المصور (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2004)، ص 224–228.
[14] عبير قبطي، “المقاومة الشعبية نجاحات وإخفاقات: باب الشمس نموذجاً،” مجلـة الدراسـات الفلسـطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 95، 2013، ص 45.
[15] عدنان أبو عامر، تطور المقاومة الفلسطينية الشعبية والمسلحة بين عامي1967–1987، مجلة الجامعة الإسلامية، عمادة البحث العلمي والدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، غزة، فلسطين، المجلد التاسع عشر، العدد الأول، كانون الثاني/ يناير2011، ص 124.
[16]المرجع نفسه.
[17] عبير قبطي، “المقاومة الشعبية نجاحات وإخفاقات: باب الشمس نموذجاً.”
[18] باسم خضر حسن، وربعي التميمي، “المقاومة اللاعنفية في فلسطين فلسـفتها وأدواتهـا وأثرهـا (1967–1993)،” رسـالة ماجستير، جامعة بيرزيت، فلسطين، 2007، ص 87.
[19] حسنين توفيق إبراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربيـة، 1999)، ص 60.
[20] مازن قمصية، المقاومة الشعبية في فلسطين تاريخ حافل بالأمل والإنجاز (رام الله، فلسطين: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطيـة، 2011)، ص 33.
[21] أيمن يوسف، “المقاومة الشعبية الفلسطنينة: نمذجة المواقع وإشكاليات الرؤية.”
[22] ، تقدير استراتيجي (43): المقاومة الشعبية الفلسطينية الاحتمالات والتحديات، موقع مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 26/3/2012، انظر: https://www.alzaytouna.net
[23] عبير قبطي، “المقاومة الشعبية نجاحات وإخفاقات: باب الشمس نموذجاً.”
[24] معين الطاهر، ورقة عمل “المقاومة الفلسطينية التطورات والمسارات المحتملة،” في حلقة النقاش: قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 – تقدير استراتيجي 2021، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2/2/2021.
[25] صقر أبو فخر، “ساتياغراها” أم المقاومة الشعبية؟ هل طور الفلسطينيون خططاً لمفاوضات مقبلة؟
[26] معين الطاهر، ورقة عمل “المقاومة الفلسطينية التطورات والمسارات المحتملة.”
[27]جميل هلال، فلسطين والفلسطينيون، ص 92.
[28]جميل هلال، إضاءة على مأزق النخبة السياسية الفلسطينية، ص 29-30.
[29] Doug McAdam, Political Process and the Development of Black Insurgency, 1930-1970, 2d edition (Chicago: Chicago University Press, 1999).
[30] لميس الهمص، قرية بيتا.. سيرة بلدة مقاومة للاحتلال والاستيطان، موقع نون بوست، 30/6/2021، انظر: https://www.noonpost.com/content/41093
[31]الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، دليل السلطات المحلية الفلسطينية 2000 (رام الله، فلسطين: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2000)، ص342 .
[32] مقابلة أجراها الباحث مع عودة حمايل، معلم من بلدة بيتا، سجن النقب، قسم 27، 8/8/2021.
[33] لميس الهمص، قرية بيتا.. سيرة بلدة مقاومة للاحتلال والاستيطان، نون بوست، 30/6/2021.
[34] مقابلة أجراها الباحث مع عودة حمايل.
[35]جبل العرمة موقع أثري موغل في القدم بات محط أطماع المستوطنين، صحيفة الأيام، رام الله، 29/2/2020، انظر: https://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=13ae8fc3y330207171Y13ae8fc3
[36] حمزة عقرباوي، لماذا يسعى الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على جبل العرمة؟، موقع عربي 21، 24/3/2020، انظر: https://arabi21.com
[37] المرجع نفسه.
[38] مقابلة أجراها الباحث مع عودة حمايل.
[39]مقابله أجراها الباحث مع معتصم دويكات، ناشط من بلدة بيتا، سجن النقب، قسم 27، 5/12/2021.
[40] جبل صبيح، موقع معرفة، انظر: https://www.marefa.org/%D8%AC%D8%A8%D9%84_%D8%B5%D8%A8%D9%8A%D8%AD/simplified
[41] مقابلة أجراها الباحث مع عودة حمايل.
[42] المرجع نفسه.
[43] “صبيح” وبناته الثلاثة قصة صمود جبل في وجه المستوطنين، موقع الجزيرة.نت، 9/7/2021، انظر: https://www.aljazeera.net
[44] علي الخليلي، “الصحافة الفلسطينية والانتفاضة،” مجلة صامد الاقتصادي، دار الكرمل للنشر والتوزيع، عمّان، العدد 80، ص 53، و54.



للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: المقاومة الشعبية: قرية بيتا نموذجاً… التجربة وسُبل الاستفادة منها وتعميمها … أ. ثامر سباعنه وأ. عبد السلام عواد (36 صفحة، 2.1 MB)



مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 12/5/2022


جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من الأوراق العلمية: