مدة القراءة: 33 دقائق

إعداد: ليلِي أبو رجيلة.[1]
(خاص بمركز الزيتونة).

ملخص الدراسة:

هدفت الدراسة إلى التعرف على مدى الرضى العام عن تجربة الهاتف العمومي في الأقسام الأمنية، والتعرف إلى إيجابيات التجربة وانعكاساتها على الأسير الفرد، ومجتمعه الاعتقالي، وقد عبّرت الأسئلة عن مشكلة الدراسة في كونها: هل حققت هذه التجربة طموح الأسير الأمني، حيث وفرت للأسير أداة تواصل شرعي وقانوني مع الأهل والمحيط الخارجي، ومقارنتها بما قدّمه من تضحيات جسام؟ وقد أجابت الدراسة عن الأسئلة التالية:

1. ما مدى الرضى العام لأسرى قسم (1) سجن رامون عن تجربة الهاتف العمومي من حيث تقبلهم لها، ورؤيتها كإنجاز عظيم يستوجب العمل على تعميمها على بقية السجون والمواقع؟
2. ما مدى تأكيد عيّنة الدراسة على المزايا الإيجابية للتجربة وما أكثر تلك المزايا إيجابية من وجهة نظرهم؟
3. ما مدى الإزعاج الذي تشكله المزايا السلبية للعينة وما أكثر تلك المزايا سلبية وإزعاج؟
4. هل يوجد فروق ذات دلالة إحصائية في تقديرات أسرى قسم (1) رامون حول تجربة الهاتف العمومي، تعزى لمتغير الفصيل، ومتغير الحالة الاجتماعية، ومتغير سنوات الاعتقال؟

وقد أجريت الدراسة على عيّنة قوامها 50 أسيراً متواجدين في قسم (1) رامون، وقد صممت أداة الدراسة من استبانة مكونة من ثلاثة محاور؛ عبّر المحور الأول عن المزايا الإيجابية ومعرفة مدى رؤية المستطلع الإيجابية للتجربة، وعبّر المحور الثاني عن المزايا السلبية، ومدى انزعاج المستطلع من تلك المزايا السلبية، وعبّر المحور الثالث عن مدى الرضى العام، والتأكيد على ضرورة تعميم التجربة، فقد أظهرت النتائج عدة أمور كان من أهمها:

• جاءت نتائج الدراسة مخالفة لفرضية الباحث الأولى، حيث أظهرت النتائج معدلات رضى مرتفعة لعينة الدراسة، وأكدت على كون تجربة الهاتف العمومي تمثل إنجازاً عظيماً على مستوى الحركة الأسيرة، وقد أكد ذلك على رفض الفرضية الأولى، فيما أكد على قبول الفرضية الثانية.
• جاءت نتائج الدراسة مؤكدة على الفرضية الثانية، على وجود فروق ذات دلالة إحصائية في تقديرات أفراد العينة تعزى لمتغير الفصيل، ومتغير الحالة الاجتماعية، ومتغير سنوات الاعتقال.

وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات من أهمها:

• ضرورة وضع قضية الهاتف العمومي على رأس أولويات الحركة الأسيرة كونها تشكل إنجازاً إستراتيجياً تاريخياً للحركة الأسيرة، وضرورة العمل على تعميم التجربة بأسرع وقت ممكن حفاظاً على المنجز.
• ننصح بالعمل وبشكلٍ جدّي على ترتيب حملة توعوية بضرورة وأهمية الإنجاز إستراتيجياً، تعمم على القاعدة.
• ضرورة العمل على تحسين شروط التجربة مع مراعاة أولويات التحسين.



للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: الهاتف العمومي بين الإنجاز والإخفاق دراسة تحليلية حول تجربة الهاتف العمومي في الأقسام الأمنية في السجون الإسرائيلية سجن رامون نموذجاً … ليلِي أبو رجيلة (60 صفحة، 4 MB)


مقدمة:

بعد دخول الأسير إلى ساحات الأسر، تنتقل المعركة من الخارج إلى قلب قلاع الأسر، فنضاله مستمر مع اختلاف شكله، وأسلوبه، وأدواته أحياناً، وتصارع الحركة الأسيرة في الساحات الخلفية من أجل حقوقها المسلوبة وبأدواتها المحدودة، إلا أن سرّ نجاحها وانتصارها اعتمد على إرادتها الصلبة وتضحياتها الكبيرة، وقد سطّرت الحركة الأسيرة على مرّ تاريخها المشرّف مواقف عديدة وفي محطات مختلفة، واستطاعت في بعضها انتزاع العديد من حقوقها الإنسانية والقانونية من براثن سجانها، وأحياناً أخرى استطاعت صدّ العديد من الهجمات التي استهدفت كرامة الأسير وحقوقه ومقدراته ومنجزاته، فمن الإضراب المفتوح عن الطعام، والتمرد على السّجان، وسحب التمثيل الاعتقالي، وإغلاق الأقسام إلى المواجهة المباشرة، كل تلك الوسائل والأساليب كانت دوماً تكلّف الأسير أثماناً باهظة يدفعها من دمه، ووقته، وجسده، وماله.

وقد شكّلت للأسير، على مرّ التاريخ، مسألة التواصل مع العالم الخارجي أهمية كبيرة جداً، وسعى دوماً إلى إيجاد حلول ووسائل؛ لتبقيه على اتصال دائم مع ذلك العالم، فعلى الرغم من تلك الوسائل التي تفرضها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والحقوقية والإنسانية، إلا أن السّجان كان وما زال يستخدمها كأداة عقاب وابتزاز وضغط على الأسير.

وظهرت مواجهة فرضها السّجان، وحدّد ساعة صفرها، وأرادها انكساراً وانهزاماً للأسير، ظناً منه أن بمقدوره انتزاع حقّ الأسير في تواصله مع أهله وذويه. فبعد أن بذل الأسير الغالي والنفيس في سبيل فرض سياسة الأمر الواقع لتلك الأجهزة الخلوية التي استطاع تهريبها بطرق شتى كلّفته الكثير الكثير من المال والتضحيات، والتي مثّلت له بصيص نورٍ وحبل أمل يوصله للعالم الخارجي، فضحى براحته، واستقراره، وتنازل عن بعض حقوقه في سبيل تثبيت هذا الإنجاز كحقٍ لا يمكن التنازل عنه؛ بدأ وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان Gilad Erdan وتحت ما سمي بـ”عقوبات أردان Erdan punishments”، بالحديث عنها في نهايات سنة 2018، ليبدأ تطبيقها مع بداية سنة 2019، والتي كان من أهم تلك القرارات والتي شكلت للأسير حالة إعلان حرب عليه “قضية تركيب منظومة التشويش”، في محاولة لقطع، وبشكل كامل، أي تواصل بين الأسير والعالم الخارجي.

وقد تكبّد الأسرى خلال هذه المواجهة ثمناً باهظاً، تمّ تسديده في سجني النقب الصحراوي، ورامون المركزي، وانحصرت في قسم (1) رامون، وقسم (4) النقب الصحراوي.

وقد حسم هذه المواجهة قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu بالموافقة على تركيب أجهزة الهاتف العمومي داخل الأقسام الأمنية، وجاء القرار بعد سلسلة من الأحداث التي كادت أن تجّر الاحتلال وحكومته إلى معركة جديدة مع المقاومة، خصوصاً بعد تدخل المقاومة، وإطلاق صاروخ على منطقة الشارون Sharon؛ ليصيب منزلاً إصابةً مباشرة، وقد وافق تهديد المقاومة تدخل مصر كدولة إقليمية عربية كبيرة، حرصاً منها على عدم انهيار التهدئة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، فقد صدّر الأسرى وتحديداً من قيادة حركة حماس صورة الوضع، وخطورة الموقف الذي يتعرض له الأسرى، وأن الحلّ الوحيد لتهدئة السجون هو إيجاد وسيلة تواصل شرعية “هاتف عمومي” يتم تركيبه داخل الأقسام الأمنية.[2] وقد مثّل هذا القرار للأسير الفلسطيني أحد أهم انتصاراته على صعيد الحركة الأسيرة، من خلال حصوله على حقّ من حقوقه لطالما شكّل له حلم سعى لتحقيقه عند كل نزال.

وافقت حكومة الاحتلال في 1/4/2019 على تركيب الهاتف العمومي في الأقسام الأمنية، ليبدأ تفعيله في قسم (1) رامون في 3 أيلول/ سبتمبر من السنة نفسها؛[3] إلا أن التجربة اشتملت على مجموعة من الشروط، رأى فيها بعضهم إجحافاً كبيراً بحق الأسرى الذين قدموا دماءهم في سبيل تحقيق هذا الحلم، فيما رأى البعض أنها تجربة تمثل انتصاراً وإنجازاً على المدى البعيد الإستراتيجي للحركة الأسيرة كافة، بمعنى أنه إنجازٌ استحق التضحية ويستحق التعميم على المواقع والسجون كافة، ولهذا كانت هذه الدراسة لتجيب عن تلك التساؤلات العالقة في أذهان العديد من الأسرى.

مشكلة الدراسة وأسئلتها:

تناولت الدراسة تجربة تركيب الهاتف العمومي في أقسام الأسرى الأمنيين، والتي تحققت بعد صراع طويل مع إدارة مصلحة سجون الاحتلال وعلى مدار تاريخ الحركة الأسيرة، وقد مضى على هذه التجربة قرابة العامين، واقتصرت على قسمين أمنيين فقط في سجون الاحتلال، فيما أثارت هذه التجربة جدلاً كبيراً بين شريحة واسعة من الأسرى الأمنيين كونها هل حققت التجربة طموح الأسير الأمني في فرض وسيلة وآلية شرعية للتواصل مع الأهل والمحيط الخارجي، أو كونها تجربة ناقصة لم تكن بمستوى التضحية التي قدمها الأسرى، وقد جاءت هذه الدراسة للتعرف إلى مدى الرضى العام لهذه التجربة، وذلك من وجهة نظر أصحاب التجربة الحيّة للهاتف العمومي.

وتعبيراً عن مشكلة الدراسة، وضع الباحث مجموعة من الأسئلة كانت على النحو التالي:

1. ما مدى الرضى العام لأسرى قسم (1) رامون عن تجربة الهاتف العمومي من حيث تقبلهم لها، ورؤيتها كإنجاز عظيم يستوجب العمل على تعميمها على بقية المواقع والسجون؟
2. ما مدى تأكيد العيّنة على المزايا الإيجابية لتجربة الهاتف العمومي، وما هي أكثر تلك المزايا إيجابية؟
3. ما مدى الإزعاج الذي تسببه المزايا السلبية للتجربة لأسرى قسم (1) رامون، وأكثر تلك المزايا سلبية؟
4. هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في تقديرات العينة تعزى لمتغيرات “الفصيل”، و”الحالة الاجتماعية”، و”سنوات الاعتقال”؟

فرضيات الدراسة:

1. يفترض الباحث أن تجربة تركيب الهاتف العمومي لا تحظى برضى كبير لدى أفراد عيّنة الدراسة في قسم (1) رامون.
2. يفترض الباحث وجود فروق ذات دلالة في تقديرات أفراد عيّنة الدراسة تعزى لمتغيرات “الفصيل”، و”الحالة الاجتماعية”، و”سنوات الاعتقال”.

أهداف الدراسة:

1. التعرف إلى مدى رضى الأسرى المتواجدين في قسم (1)، قسم الهاتف العمومي، وتقبلهم لهذه التجربة، إضافة إلى التعرف على وجهة نظرهم حول تعميم التجربة وكونها إنجازاً عظيماً.
2. معرفة أهم إيجابيات التجربة وانعكاساتها على الفرد والمجموع.
3. إبراز أكثر المزايا السلبية وأكثرها إزعاجاً للأسير من وجهة نظر أصحاب التجربة.

أهمية الدراسة:

1. تسلط الضوء على أحد أهم حقّ من حقوق الأسير الفلسطيني التي كفلتها المعاهدات والمواثيق الدولية، منها حقه بالتواصل مع العائلة والمحيط الخارجي.
2. تسلط الضوء على الصراع الداخلي المحتدم بين الأسير الفلسطيني ومصلحة السجون، لتحصيل حقوقه والدفاع عن منجزاته وكرامته.
3. تشكل هذه الدراسة أهمية كونها تسعى لتقييم التجربة الأولى للهاتف العمومي في الأقسام الأمنية، بهدف التعميم على باقي المواقع، بأفضل الشروط والمزايا المرضية للأسير الفلسطيني.
4. تمكّن هذه الدراسة قيادة الحركة الأسيرة من معرفة الأولويات المطلوب العمل عليها وفهمها؛ لإحداث أفضل أشكال التحسين لتجربة الهاتف العمومي.

حدود الدراسة:

1. الحد الزماني: انحصرت الدراسة بالفترة التي تمّ خلالها تفعيل التجربة في قسم (1) رامون؛ ما بين 3/9/2019 حتى تاريخ بداية الدراسة 1/2/2021.
2. الحدّ المكاني: أجريت الدراسة في سجن رامون المركزي وتحديداً قسم (1)، وهو ثاني الأقسام التي تمّ تركيب الهاتف العمومي داخلها بعد قسم (4) سجن النقب.
3. الحدّ البشري: طبقت الدراسة على عيّنة من كافة فصائل العمل الوطني المتواجدين في قسم (1)، وهم ثلاثة فصائل كما هو موضح في الجدولين رقم 1 و2.
4. الحدّ الموضوعي: تعددت المواضيع التي يمكن دراستها حول موضوع الهاتف العمومي إلا أن الباحث حدّد موضوع الدراسة بإيجابيات التجربة وسلبياتها، ومعدل الرضى العام حول التجربة باعتبارها إنجازاً.

منهج الدراسة وأسلوب جمع البيانات:

اعتمد الباحث خلال دراسته على المنهج الوصفي التحليلي؛ نظراً لملاءمته لطبيعة الدراسة وأهدافها.

عينة الدراسة:

حدّد الباحث خلال دراسته أحد القسمين الوحيدين في سجون الاحتلال من أقسام التجربة، وهما قسم (1) رامون، وقسم (4) النقب؛ ليختار الباحث قسم (1) رامون؛ وذلك لسبب وجود فرصة كبيرة لإنجاح هذه الدراسة، وإتمامها خلال تواجده في قسم الهاتف العمومي في قسم (1) رامون، إضافة لعدم قدرة الباحث على التواصل مع قسم (4) النقب. وقد اعتمد الباحث على المقابلات والاستبانة كأدوات للدراسة، وباعتبار أن السجون كافة هي مجتمع الدراسة، سعى الباحث لتعميم النتائج عليها، كونها ستحظى بتركيب أجهزة الهاتف العمومي في أقسامها في وقت قريب.

للأسباب آنفة الذكر، فقد تمّ اختيار أكبر شريحة ممكنة من نزلاء القسم لتمثل عيّنة الدراسة، وتمّ توزيع استبانة على كافة نزلاء قسم التجربة وعددهم 55 أسيراً، حيث كانت هذه المرحلة الأولى من إجراءات تطبيق الدراسة بعد إعداد الأداة والتأكد من صدقها وملاءمتها. وفي المرحلة الثانية، وبعد استعادة الاستبانة والإجابة عن الأسئلة بنسبة 81.8% من نزلاء القسم، وبعد الحديث مع عدد من الأسرى وتوضيح أهداف الدراسة، تمّ تعبئة 6 استبانات أخرى، ليبلغ حجم العينة داخل القسم 92.7% من مجمل نزلاء القسم، كما هو موضح في جدول رقم 2. وقد استبعدت استبانة واحدة لخلل في الإجابات وعدم الوضوح، فيما رفض 4 أسرى تعبئة الاستبانة؛ لأعذار مختلفة، مع ملاحظة أن الفصيلين، الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، قد أجابا على الاستبانة بنسبة 100%.

جدول رقم 1: خصائص العينة المختارة وفقاً لمتغيرات الدراسة

جدول رقم 2: خصائص متغيّرات العيّنة المختارة وفقاً لكل فصيل

أداة الدراسة:

قام الباحث بالاستعانة بالأدب النظري للدراسة؛ لإتمام إعداد أداة الاستبانة، حيث تكوّنت من ثلاثة محاور، كل محور احتوى على مجموعة من الأسئلة عبّرت عن اتجاه معين، ففي حين عبّر المحور الأول وعدد أسئلته سبعة عن المزايا الإيجابية للتجربة، عبّر المحور الثاني وعدد أسئلته ستة عن المزايا السلبية للتجربة، وعبّر المحور الأخير وعدد أسئلته اثنان فقط عن مدى الرضى العام لتجربة الهاتف العمومي، كما هو موضح في جدول رقم 3.

وقد صممت الأداة حسب مقياس ليكرت الخماسي، وقد أعطي كل سؤال من أسئلة المحور خمس درجات للاستجابة: “كبير جداً”، و”كبير”، و”متوسط”، و”قليل”، و”قليل جداً”.

جدول رقم 3: محتوى المحاور الثلاثة

المعالجة الإحصائية:

1. معالجة البيانات تمت من خلال احتساب التكرارات، والنسب المئوية، واستخراج الباحث المتوسطات الحسابية.
2. تمّ حساب تقديرات الدرجة أمام كل فقرة، فقد جمع الباحث نسبة درجتي الاستجابة “كبيرة جداً” و”كبيرة” كدرجة أولى، ولاستخراج الدرجة الكلية لمجالات الدراسة تمّ حساب المتوسط الحسابي.
3. لتفسير النتائج اعتمد الباحث مقياس النسب الموضحة في جدول رقم 4 لتقدير الدرجة.

جدول رقم 4: النسب المئوية وتقدير الدرجات

4. صمّم الباحث الاستبانة لتتضمن الدراسة المتغيرات المستقلة التالية:

أ. متغير الفصيل حيث تواجد في قسم (1) 55 أسيراً منتمين إلى ثلاثة فصائل مختلفة، كما هو موضح في جدول رقم 2.

ب. متغير الحالة الاجتماعية “أعزب” و”متزوج”.

ج. سنوات الاعتقال: “ثلاث سنوات فأكثر” معتقل منذ 2017، و”أقل من ثلاث سنوات” معتقل بعد 2017، أما المتغير التابع فهو معدل الرضى العام والذي تمّ احتسابه من خلال حساب المتوسطات الحسابية لاستجابة عيّنة الدراسة عن المحاور الثلاثة.

5. تمّ الاستعانة بالمقابلات الشخصية لبعض الأسرى؛ لإعداد هذه الدراسة كأحد المصادر، وبالتالي يكون الباحث قد استخدم الاستبانة والمقابلة الشخصية كأدوات للدراسة.

أولاً: الإطار النظري:

تمهيد:

إن الحركة الأسيرة هي مجموع من الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، الذين تعرضوا للاعتقال منذ بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين سنة 1917، إلى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين سنة 1948، واحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة سنة 1967.[4]

وهذا المصطلح يطلق على مجتمع الأسرى والأسيرات الذين عايشوا تجربة الأسر وقد بلغ تعدادهم ما يقارب المليون أسير فلسطيني، وفق رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين.[5]

سجون الاحتلال: أماكن احتجاز الأسرى الفلسطينيين المناضلين والمقاومين للاحتلال وجمعهم، والتي تمّ تشييدها فترة الاحتلال البريطاني سنة 1917، وما أنشأه الاحتلال الصهيوني بعد سنة 1948، موزعة على مساحات الوطن شمالاً وجنوباً.[6]

التنظيم: يعدُّ التنظيم الوظيفة الثانية من الوظائف الإدارية، وهو وسيلة لتحقيق غاية أو أهداف معينة، وظيفته تحديد الواجبات والمسؤوليات والسلطات، وهو عبارة عن إيجاد مجموعة واحدة متصلة مع بعضها البعض تعمل كمجموعة؛ لتحقيق هدف متفق عليه.[7] كما يعرف التنظيم بأنه بناءٌ اجتماعي (رسمي وغير رسمي)، يضم مجموعة من الأفراد موجهين بصورة منظمةٍ وواعيةٍ نحو تحقيق هدف محدد أو مجموعة أهداف بعينها.

المؤسسة التنظيمية: مؤسسة قائمة بذاتها تجمع بين العمل السياسي والاجتماعي والنضالي، وتخدم شريحةً كبيرةً من الأسرى والمناضلين.

الخطوة الإستراتيجية: خطوة ذات تأثير كبير على حياة الأسير والسّجان وعلى خارج السجون، يلجأ إليها الأسير؛ لتحقيق مطالب مهمة وحيوية أو لصد هجمةٍ على إنجاز أو مكتسب للأسير ويندرج تحت هذا المسمى مجموعة أمور هي:[8]

• الإضراب المفتوح عن الطعام.
• الإضراب عن الماء لعدد كبير من الأسرى.
• حلّ التنظيم على مستوى عدة سجون.
• مواجهة مباشرة من طعن، واعتداء مباشر، وحرق الغرف.

حلّ التنظيم: خطوة نضالية تساوي فاعليتها الإضراب المفتوح عن الطعام، ومضمونها عدم إعطاء الأمان لطواقم إدارة مصلحة السجون، وإعلان حالة الطوارئ الداخلي مع تصدير قرار مباشر للإدارة أن كل أسير مسؤول بشكل مباشر عن شخصه وتصرفاته، وهو فقط يمثل نفسه أمام إدارة مصلحة السجون، وهو يعني حالة من الفوضى الخلاّقة، بحيث يشكل ذلك إرهاقاً لمصلحة السجون، وحالة من القلق، مع مراعاة أن تكون الحالة التنظيمية داخلياً في أعلى جهوزيتها، ومسؤول عنها قيادة مركزية في غالب الأحيان، أي قيادة ظلّ غير معلنة توجه وتصدر التعليمات بطريقة غير مباشرة، ويمنع خلالها الاجتهادات الفردية ويلتزم العناصر بالانضباط العالي داخلياً.[9]

حرق الغرف: خطوة نضالية أقدم عليها الأسرى كنوع من الاحتجاج على اقتحام قوات القمع والقتل الصهيونية غرف الأسرى وممارسة سياسة القمع والإذلال، ويُقدم الأسرى خلال هذه الخطوة على حرق الفرشات وأغراضهم الموجودة داخل الغرف بعد خروجهم من الغرفة، وقد أقدم الأسرى على تنفيذ هذه الخطوة في العديد من السجون عدة مرات، كان إحداها سجن جلبوع المركزي، وسجن نفحة، وسجن رامون المركزي قسم (1).

منظومة التشويش: مجموعة من الأجهزة يتم وضعها داخل القسم المغلق أو حوله، تعمل على إرسال إشارات ضمن ترددات معينة تمنع أجهزة الهاتف الخليوي من إرسال أو استقبال أي مكالمة من مصدر خارجي، وتستخدم في الأماكن المغلقة غالباً كالمساجد، وقاعات الجامعات، ومواكب الرؤساء والقادة الأمنيين.[10]

القانون الدولي الإنساني International humanitarian law: مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد حقوق ضحايا النزاعات المسلحة، وتفرض قيوداً على المقاتلين في وسائل استخدام القوة العسكرية وقصرها على المقاتلين دون غيرهم، وضحايا النزاعات المسلحة عموماً هم القتلى، والجرحى، والمرضى، والأسرى في المعارك البرّية والبحرية والجوية، إضافة إلى المعتقلين في الأراضي المحتلة.[11]

1. الحركة الأسيرة والمخططات الصهيونية:

حرصت سلطات الاحتلال، منذ بدايات التوثيق للحركة الأسيرة في سنة 1967 ولغاية يومنا هذا، على معاقبة المناضلين والمقاومين الفلسطينيين، وإبقائهم في ظروفٍ اعتقاليةٍ متدنية للغاية، لا تلبي الاحتياجات الإنسانية الأولية من مأكل، ومشرب، ومكان، وإيواء، وظروف حياتية واجتماعية.[12]

وقد أدركت الحركة الأسيرة، ومنذ يومها الأول، خطورة المخطط الصهيوني وسعيه إلى إذلال الأسير والسيطرة عليه، في سبيل تصفية قدراته النضالية وإنهاء روحه الوطنية والثورية، فلم يستسلم للواقع، وتحدى، وأصرّ على انتزاع حقوقه انتزاعاً وصارع وجاهد؛ لأجل الحفاظ على كرامته وعدم السماح بالسيطرة على فكره وعقله.

ولم تشفع تلك الاتفاقات والمعاهدات الدولية للأسير الفلسطيني، ولم تحقق له الكرامة الإنسانية، ولم تساعده تلك الوسائل الديبلوماسية والحوارية على تحقيق ذلك، فكان لا بدّ من الاشتباك والمواجهة والتضحية، وابتكار الوسائل والطرائق التي تساعده على تحقيق أهدافه النضالية في مواجهة إدارة مصلحة السجون وغطرستها.[13]

وقد تميّزت الحركة الوطنية الأسيرة داخل سجون الاحتلال بقوتها، ووحدتها، وقدرتها على ترتيب وتنسيق خطواتها الإستراتيجية أمام مصلحة السجون الإسرائيلية خصوصاً في المرحلة 1986-1994، لكنها تراجعت في الفترة ما بين 2000-2006؛ بسبب الاعتقالات الكبيرة الوافدة إلى السجون، والتي كانت بحاجة إلى تأهيل، وإعداد، وتوفير حاجات أساسية من جهة أخرى.

وعلى الرغم من أنه قد ساد تلك المسيرة النضالية حالة من التذبذب والتطور وأحياناً التراجع، بسبب المتغيرات السياسية أو في أعقاب إفراجاتٍ سياسيةٍ أو حالات تبادل وغيرها، إلا أنها وعلى الرغم من التذبذب تمكنت من تخليد تجربةٍ مشرّفةٍ، تسترشد بوحي نظريتها، ومعالمها الأجيال الاعتقالية، وتضيء لهم طرق النضال الاعتقالي.[14]

2. العمل التنظيمي:

تطور العمل التنظيمي والفصائلي للحركة الأسيرة الذي لم يكن وليد اللحظة ولم يأتِ بسهولة، فقد سعت الحركة الأسيرة إلى فرضه بقوة، وتثبيته كحق من حقوقها استطاعت انتزاعه انتزاعاً من براثن السّجان، وقد كان ذلك حصيلة لنضالاتٍ كبيرةٍ ومسيرةٍ شاقة وطويلة من التضحيات العظام، قدّم خلالها الأسرى كوكبة من الشهداء، والكثير من الجرحى، فخاضوا الإضراب تلو الإضراب؛ لتحقيق الإنجازات وتحسين الظروف الحياتية والاعتقالية، وقد جاء ذلك أيضاً نتيجة لتراكم الخبرات الفصائلية والوطنية والإسلامية، ويذكر أبو طير في دراسته أن الحركة الأسيرة ناضلت من أجل انتزاع أبسط حقوقها المنصوص عليها بالمواثيق والمعاهدات والأعراف الدولية، والشرائع السماوية، والقانون الدولي الإنساني الذي لم يوفر للأسير أبسط حقوقه، كحقه في ممارسة شعائره الدينية كالأذان، والصلاة الجماعية، وإطلاق اللحى وغير ذلك.[15]

3. سياسات وانتهاكات تمارسها سلطات الاحتلال بحق الحركة الأسيرة:

سعت سلطات الاحتلال ومن خلال أداته التنفيذية، إدارة مصلحة السجون، وبشكل مستمر، وضمن مخطط لإعادة الأسرى إلى الأوضاع الاعتقالية الأولى من التجربة الاعتقالية للحركة الأسيرة، في محاولة لتجاوز كل تاريخهم النضالي، فمارست العديد من الانتهاكات طالت كافة مناحي حياة الأسير.[16]

أ. انتهاكات اعتقاليه ومعيشية:

مارست إدارة مصلحة السجون مستعينة بوحداتها الخاصة والمدججة بالأسلحة الحيّة والمطاطية، والفلفل، وغير ذلك؛ من عمليات اقتحام ليلي، وتفتيشات مذلة، ومن اعتداء على الأسرى حتى في أثناء نومهم، ومصادرة أغراض الأسرى، وإبقاء الأسرى في حالة توتر دائم. وحاولت منعهم بكل الوسائل من تنظيم حياتهم الاعتقالية فاستخدمت العزل الانفرادي، واتبعت سياسات الإهمال الطبي المتعمد.[17]

ب. انتهاكات وعقوبات قانونية:

لم تتعامل دولة الاحتلال إلى اللحظة مع الأسرى الفلسطينيين على خلفية سياسية، فلم تطبق عليهم الاتفاقيات والمواثيق الدولية كأسرى حرب، وتعاملت ضمن قوانين خاصة بها.

ج. انتهاكات وعوائق تنظيمية:

استهدفت مصلحة السجون العمل التنظيمي وحاربته بكل الوسائل والأشكال فاستهدفت الكوادر والكفاءات والقيادات التنظيمية، فاعتدت وعزلت ونكلت بهدف ضرب أي روح جماعية.

د. انتهاكات اجتماعية “العزل عن المحيط الخارجي”:

اتبعت سلطات الاحتلال ومن خلال سياسات متعددة محاولات لعزل الأسرى عن محيطهم الخارجي، فاستخدمت أسلوب العزل الانفرادي، ومنع زيارات الأهل وحرمان الأسير من رؤية ذويه، وسمحت لفئة محددة من عائلة الأسير المقربين كالأب والأم والأخوة والأبناء والزوجة فقط، بزيارة الأسير حيث صنفتهم أقرباء درجة أولى، وعرقلت زيارات المحامين في كثير من الأحيان، وصعّبت إرسال الرسائل البريدية واستقبالها أو حرمت البعض من هذا الحق بشكل كامل، وحرمت الأسير من التواصل مع الأهل في حالات الضرورة كالوفاة أو الأفراح أو المرض وحتى في أكثر الحالات إنسانية،[18] وقد كانت السنوات بعد 2017، أعوام عصيبة على الحركة الأسيرة حيث أقدمت إدارة مصلحة السجون، كأداة تنفيذية لحكومة يمينية متطرفة، على شنّ هجمات غير مسبوقة على الأسرى، طالت كافة مناحي حياة الأسير، وتحججت بما تمّ سنّه من قوانين ومقترحات من قبل الحكومة الغاصبة للتضييق على الأسرى،[19] وسعت من خلال تلك الهجمة إلى استعراض عضلاتها خلال حقباتها الانتخابية، والتحريض على الأسرى والقضية الفلسطينية محلياً ودولياً، بهدف إظهارهم كمجرمين إرهابيين أمام العالم، وقد كان من تلك القرارات والقوانين ما أطلق عليه قرارات أردان.

4. قرارات أردان:

شكلت قرارات وزير الأمن الداخلي لحكومة الاحتلال الـ 34 مع نهايات سنة 2018 نوعاً من الدعاية الانتخابية لحزب الليكود Likud ووزيرها المتطرف، فالتنكيل بالحركة الأسيرة واضطهادها مثّل مادة دسمة قد ترضي الجمهور اليميني المتطرف في “إسرائيل”، وقد كانت تلك القرارات تشمل مجموعة من القوانين التي شكلت للأسير أزمة حقيقية كان لا بدّ من مواجهتها، بالإضافة إلى سحب أصناف كثيرة من الكانتينا والمشتريات، وتقليص ساعات الفورات، وتقليص ميزانيات السجون، وكان من أهم تلك القرارات تركيب منظومة التشويش داخل أقسام حركة حماس كخطوة؛ لعزل الأسير بشكل كامل عن محيطه الخارجي.

2019/2/16: بداية تنفيذ خطة أردان التي تمثلت بتركيب منظومة التشويش الأولى في السجون في قسم (4) سجن النقب، وقد اختارت مصلحة السجون أن تبدأ التجربة بأقسام أسرى حركة حماس كنوع من العقاب الجماعي والعزل الجماعي عن المحيط الخارجي، وسعياً منها لضرب الأسرى بشكل تدريجي ومن خلال التمييز أيضاً في المعاملة بينهم.

2019/3/5: تركيب المنظومة الثانية للتشويش في سجون الاحتلال في قسم (1) سجن رامون المركزي.[20]

5. ردّ الحركة الأسيرة على قرارات أردان والانتهاكات الصهيونية:

بعد حوار دام عدة أشهر قادته قيادة الحركة الأسيرة منذ بداية الحديث عن قرارات أردان مروراً بتركيب منظومة التشويش بالنقب قسم (4)، وصولاً إلى تركيبها في سجن رامون قسم (1)، أدركت خلالها الحركة الأسيرة وقيادتها أن مصلحة السجون ماضية في سياستها وهجمتها ولن تتوقف إلا إذا أجبرت على ذلك.

وافقت عمليات الحوار مع مصلحة السجون خطوات تكتيكية منذ تركيب المنظومة في سجن النقب فكان قرار الحركة الأسيرة بالذهاب إلى خطوة حلّ التنظيم داخل أقسام حركة حماس، والجهاد، والشعبية حيث كانوا شركاء في هذه الخطوة.

2019/3/18: ارتفاع مستوى التصعيد داخل الأقسام الأمنية في السجون، وإقدام سجن رامون قسم (1) على حرق 15 غرفة بشكل متزامن، الذي بدوره أربك مصلحة السجون وحكومة الاحتلال بشكل كامل، فيما كانت ردة فعل مصلحة السجون قمع مجموعة من أسرى قسم (1) وجرحهم وتكسيرهم، وقد كلفت هذه الخطوة أسرى قسم (1) الكثير من المعاناة والاضطهاد، إلا أنها كانت صرخة سمعها العالم والقاصي والداني والعدو والصديق، كرفض واحتجاج للأسرى عن ممارسة السّجان، ورفض القبول والخضوع بالأمر الواقع.[21]

2019/3/24: وبعد ستة أيام فقط، وكنوع من الاحتجاج على ما عاناه أسرى سجن رامون من قمع وضرب وتكسير، وعدم انصياع الاحتلال إلى مطالب الأسرى بوقف منظومة التشويش المسرطنة، كان ردّ الأسير إسلام وشاحي بالإقدام على طعن أحد ضباط مصلحة السجون في قسم (4) سجن النقب، لتكون الخطوة الأصعب بعد خطوة الحرق، مما دفع طواقم القمع والجيش في سجن النقب إلى التنكيل بالأسرى وربطهم بالأسِرّة لعدة أيام، وحرمانهم من الفرشات والأغطية لعدة أيام، متجرداً من كل إنسانية بعد أن تعرض بعضهم للإصابات المطاطية، وتكسير بعض الأيدي والأسنان والجماجم، وسالت دماء الأسرى في ساحات النقب.

2019/3/25: تدخلت المقاومة بعد هذه الأحداث وإعلان الأسرى حالة الاستنفار العام والطوارئ داخل قلاع الأسر وتحديداً في أقسام حركة حماس؛ لنصرة الأسرى، ووقف معاناتهم فأطلقت صاروخاً على منطقة الشارون أدى إلى إصابة بيت إصابة مباشرة، الذي أدى إلى رفع وتيرة تصعيد الموقف في الشارع الفلسطيني كاملاً.

6. تدخل مصر:

بعد أن بدأت الأمور تخرج عن السيطرة، خرجت رسالة واضحة إلى قيادة المقاومة مفادها أن الأمور آخذة بالانفجار والتدهور أكثر فأكثر، ولن يوقف هذه المواجهة إلا أن تقوم إدارة مصلحة السجون بوقف منظومة التشويش، أو السماح للأسرى بالتواصل مع العائلة بشكلٍ قانوني، فـ”اقترح” الهاتف العمومي؛ لتطرحه مصر كدولة وسيطة بين المقاومة والاحتلال في سعيها؛ لعدم انفجار التهدئة التي كانت تسعى؛ لتثبيتها بين الاحتلال والمقاومة منذ فترة.

وبعد تدخل مصر، وضغط المقاومة من القطاع في إنهاء أزمة السجون، جاء قرار الاحتلال بتركيب أجهزة هاتف عمومي داخل الأقسام الأمنية بتاريخ 1/4/2019، الذي هدّأ السجون وسمح للأسير بالتواصل مع العائلة، وأبقى منظومة التشويش؛ لحفظ ماء وجه الحكومة.[22]

7. شروط الهاتف العمومي:

لسنا بصدد استعراض كل ما يتعلق بالهاتف العمومي، وآليات التفاوض على هذا الإنجاز، إلا أننا نود التطرق بشكلٍ مقتضب وسريع حول شروط تجربة تركيب الهاتف، كونها تتعلق بشكلٍ مباشر بموضوع الدراسة، وهي على النحو التالي:[23]

• تمّ تفعيل الهاتف العمومي بتاريخ 3/9/2019.
• يسمح للأسير بالاتصال مدة 45 دقيقة أسبوعياً.
• توزع الـ 45 دقيقة على ثلاثة أيام في الأسبوع بحيث يسمح 15 دقيقة لليوم الواحد.
• يختار الأسير أي ثلاثة أيام على مدار أسبوع، عدا الجمعة والسبت.
• يمنع الاتصال أيام الجمعة والسبت والأعياد اليهودية.
• يسمح للأسير بالتواصل مع 5 أرقام فقط يتم تسليمها للإدارة للموافقة عليها بعد فحصها.
• الأرقام يجب أن تكون من أقارب الأسير من الدرجة الأولى.
• في حال فتح الأسير مكالمة، يتوجب عليه إنهاء 15 دقيقة كاملة في اليوم نفسه، وإلا فقَدَ حقه في تلك الدقائق.
• يتم تفعيل أرقام الهاتف المقدمة من قبل الأسير للإدارة بعد إعطائه بصمة صوته لإدارة السجن حتى تكون مفتاح أي اتصال للأرقام المسموحة.
• المكالمات التي يجريها الأسير مسجلة ومراقبة، ويتم إبلاغ الأسير بذلك عند كل اتصال، وفي حال أي تجاوز يتم قطع المكالمة على الأسير.

ثانياً: تحليل النتائج ومناقشتها:

النتائج المتعلقة بالسؤال الأول: “ما مدى الرضى العام لأسرى قسم (1) رامون عن تجربة الهاتف العمومي وتقبلهم لها، باعتبارها إنجازاً عظيماً يستوجب العمل على تعميم التجربة على بقية المواقع والسجون؟”، فإنه حسب تصميم أداة الدراسة وتقسيمها إلى ثلاثة محاور متتالية، تناول المحور الأول المزايا الإيجابية للتجربة، وتناول المحور الثاني المزايا السلبية، فيما يأتي المحور الثالث ليؤكد من خلال أسئلته المباشرة عن اعتبار التجربة إنجازاً عظيماً على مستوى الحركة الأسيرة، وضرورة تعميم التجربة، قبل التحسين أو بعد التحسين، وبالتالي تكون العيّنة قد أجابت على أسئلة المحور الأخير بعد أن أكدت على المزايا الإيجابية في المحور الأول أو نفيها، وأكدت في المحور الثاني إلى أي مدى تشكل تلك السلبيات إزعاجاً لها، فتكون بذلك قارنت بين الإيجابيات والسلبيات، وأكدت في النهاية على كون التجربة إنجازاً أو نفت ذلك.

وتظهر لنا الجداول رقم 5، و6، و7 نتائج التحليل، ومتوسطات الإجابات، والدرجات عن كل محور من وجهة نظر أسرى قسم (1) رامون.

جدول رقم 5: نتائج تحليل المحور الأول: المزايا الإيجابية لتجربة الهاتف العمومي

تعليق:

نلاحظ من خلال النتائج الظاهرة في جدول رقم 5، أن درجة التأكيد على المزايا الإيجابية كانت مرتفعة حيث بلغ المتوسط الحسابي لنسب المحور 75%، وهي إشارة مهمة في كونها تدلل من ناحية على كون مزايا التجربة إيجابية بدرجة مرتفعة، إلا أنها تشير في الوقت نفسه إلى كون تلك المزايا ليست إيجابية بشكل كامل، وبحاجة إلى تحسين، وبما أن العينة اشتملت على متغيّرات متعددة وذات اهتمامات مختلفة، نرى في بعض المزايا إيجابية بدرجة مرتفعة جداً، وفي بعض المزايا إيجابية بدرجة متوسطة. ونلاحظ أن إجابات عيّنة الدراسة للمحور الأول كانت موزعة على ثلاث درجات مرتفعة جداً، ومرتفعة، ومتوسطة؛ حيث أكدت العينة وبنسب متقاربة جداً أن أولى إيجابيات التجربة كانت على النحو التالي:

“الحد من الخلافات الداخلية”، و”شعور بالطمأنينة أثناء التواصل”، و”سبب مباشر بالراحة النفسية”. وقد حصلت الميزات الثلاث على درجة مرتفعة جداً، بينما كانت ميزتا “تنظيم الوقت”، و”الاستقرار بسبب اختفاء التفتيشات الليلية” هي ثاني اهتمامات العيّنة من حيث رؤيتها كإيجابيات للتجربة، إلا أن الدرجة كانت أيضاً مرتفعة، بينما ترى العيّنة بدرجة متوسطة، ميزتا “قلة عدد الأسرى في القسم”، و”توزيع الوقت بشكلٍ متساوٍ على الجميع” حيث كانت تلك المزايا في آخر أولويات العيّنة من حيث الترتيب.

وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلث العيّنة المستطلعة، بنسبة 36%، لا يرون في ميزة “توزيع الوقت بشكلٍ متساوٍ على الجميع” ميزة إيجابية، كونها تعتمد على المساواة ولا تراعي أي فروق واختلاف لاهتمامات الأسرى، من وجهة نظر هذه الفئة من العيّنة.

أما كون أولى المزايا الإيجابية التي أكدت عليها العيّنة كانت أنها “حدّت من الخلافات الداخلية بين الأسرى في القسم الواحد”، فهذا التأكيد نابع وبشكلٍ أساسي من خلال مقارنة أفراد العيّنة تجربة الهاتف العمومي بالظروف الحياتية، التي يحياها الأسير في الأقسام التي تحتوي على الجوالات المهربة، ويذكر أحد الأسرى بعض أسباب تلك الخلافات، منها مسألة توزيع الوقت، وانعدام الخصوصية، وإشكالية وقت الاتصال، والأمزجة المختلفة، وأماكن الاتصال داخل الغرف، وانقطاع الشبكة، كل ذلك يشكل عبئاً على مسؤول توزيع الوقت وتنظيمه، إضافة إلى ما يوجِد من جدل وخلاف بين أفراد الغرفة الواحدة.[24]

ويظهر لنا شكل رقم 1 ترتيب المزايا الإيجابية لتجربة الهاتف العمومي، من وجهة نظر أسرى قسم (1) على اختلاف متغيّراتهم المستقلة.

شكل رقم 1: ترتيب المزايا الإيجابية من وجهة نظر عيّنة الدراسة

جدول رقم 6: نتائج تحليل المحور الثاني: المزايا السلبية لتجربة الهاتف العمومي

تعليق:

تظهر لنا بيانات جدول رقم 6 أن المتوسط الحسابي لنسب إجابات المحور الثاني جاءت بدرجة متوسطة بنسبة 61% فقط من العيّنة المستطلعة، وهذا يدلل على أن قرابة 40% من العيّنة لا تشكل تلك السلبيات لها إزعاجاً بدرجة كبيرة، وتأكيد العيّنة على كون الإيجابيات تفوق السلبيات للتجربة، كما أنه يمكن التعايش مع تلك السلبيات مع الإقرار والتأكيد على كونها شروطاً سلبيةً، مزعجة على اعتبار أنها التجربة الأولى من نوعها في السجون، والتأكيد الضمني على أهمية التواصل مع الأهل والمحيط الخارجي، من خلال قدرة الأسير على التأقلم مع تلك المزايا والشروط وتقبلها.

كما أن الميزة الأكثر سلبية وقلقاً وإزعاجاً لأفراد العينة كانت “تحكم الإدارة بالهاتف واستخدامه أداة عقابٍ وابتزازٍ جماعي أحياناً”، حيث أكدت العيّنة على هذه الميزة بنسبة 84% أي بدرجة مرتفعة جداً، وقد حظيت هذه الميزة على المرتبة الأولى في ترتيب المزايا السلبية.

وكان هناك تمايز في درجات الإجابة لمحور المزايا السلبية من وجهة نظر العيّنة، حيث بلغ التباين من بعض فقرات المحور 50%، كما هو الحال بين “أسعار المكالمات”، وميزة “تحكم الإدارة بالهاتف العمومي” مثلاً، وقد يعزى سبب عدم اهتمام الأسير بأسعار المكالمات واعتبارها سلبية كبيرة كون الأسعار المرتفعة للمكالمات مرتبط بشكلٍ أساسي بالتواصل على الشبكات الخليوية الفلسطينية مثل جوال وأوريدو Ooredoo، في حين أنها مقبولةٌ على بقية الشبكات الأخرى والشبكة الأرضية.

جدول رقم 7: نتائج تحليل المحور الثالث: مستوى الرضى العام وضرورة تعميم التجربة

أكد المحور الأخير على مسألتين، الأولى: التأكيد على تقبل التجربة من خلال رؤيتها كإنجاز عظيم للحركة الأسيرة، والثانية: تأكيد العيّنة على ضرورة تعميم التجربة قبل التحسين أو بعد التحسين لشروطها، وتظهر لنا النتائج الواضحة في جدول رقم 7 الدرجة المرتفعة جداً، والمؤكدة على كون العيّنة ترى في هذه التجربة إنجازاً عظيماً بالرغم من بعض السلبيات ونقص الإيجابيات، إلا أنها أكدت على كون الإيجابيات فاقت السلبيات، وهذا يدلل على رفض فرضية الباحث الأولى، والتي تشير إلى أن التجربة لا تحظى برضى كبير لدى العينة، في حين أكد ما نسبته 24% من العيّنة على ضرورة تعميم التجربة قبل تحسين الشروط، في إشارة بوعي هذه الشريحة وإدراكها أهمية التجربة للحركة الأسيرة بالبعد الإستراتيجي، إضافة إلى قناعات العديد من الأسرى أن تعميم التجربة على بقية المواقع سيعجّل العمل على تحسين شروط الهاتف، كونه سيشكل عاملَ ضغطٍ أقوى وأكبر على مصلحة السجون.

ويوضح لنا شكل رقم 2 الدرجة المرتفعة جداً التي حظي بها مستوى الرضى العام عن التجربة، حيث جاء التأكيد على الإيجابيات بدرجة مرتفعة، في حين حظيت السلبيات على درجة أقل بحيث كانت متوسطة، ليؤكد الإجابات عن المحور الثالث أن هذه التجربة تمثل إنجازاً عظيماً على مستوى الحركة الأسيرة وبدرجة مرتفعة جداً.

شكل رقم 2: المتوسط الحسابي لنتائج المحاور الثلاث الدالة على الرضى العام

ويتبين للباحث أن نسبة 84% أشاروا إلى كون التجربة تشكل إنجازاً عظيماً على مستوى الحركة الأسيرة، وأن نسبة 10% ترى أن هذا الإنجاز لا بدّ أن يكون مفتوحاً دون شروط،  إلا أن ما نسبته 6% من العينة لم يروا في هذه التجربة إنجازاً عظيماً على صعيد الحركة الأسيرة، ويرجع ذلك إلى حجم التضحيات المقدمة مقابل هذه التجربة، حيث ترى تلك الفئة أن الإنجاز كان أقل من  حجم التضحية المقدمة، حيث أشاروا إلى كونه إنجازاً بشكلٍ متوسط، وقد يعزى إلى بعض المتغيرات المستقلة للعيّنة والتي سيأتي الإشارة إليها لاحقاً؛ كسنوات الاعتقال مثلاً.[25]

إجابة السؤال الثاني: هل هناك فروق ذات دلالة في تقديرات العينة تعزى لمتغيرات “الفصيل”، و”الحالة الاجتماعية”، و”سنوات الاعتقال”؟

متغيّر الفصيل:

جدول رقم 8: نتائج تحليل المحور الأول المتعلق بالمزايا الإيجابية، حسب متغيّر الفصيل

حركة الجهاد الإسلامي: نلاحظ من خلال إجابات عيّنة الجهاد الإسلامي في جدول رقم 8 انقسامها أيضاً بين درجتين فقط؛ مرتفعة جداً ومتوسطة.

• الدرجة الكلية لإجابات عيّنة الجهاد الإسلامي للمحور الأول للمزايا الإيجابية، كانت مرتفعة جداً، في حين بلغت نسبة الدرجة الكلية لفئة العيّنة من الجهاد الإسلامي أعلى نسبة في الدراسة، 96%.
• ميزتان أجمع المستطلعون من عيّنة الجهاد الإسلامي عليهما بشكل كامل 100% كما يظهر جدول رقم 8:

أ. حدّ من الخلافات الداخلية داخل القسم الواحد.

ب. قلة عدد الأسرى داخل القسم وعدم اكتظاظ الغرف.

وقد يفسر هذا الإجماع الذي أكدت عليه العيّنة في الميزتين سعي العديد من الأسرى إلى الانتقال للعيش في قسم تجربة الهاتف العمومي كونه أولاً حدّ من الخلافات الداخلية والسلبيات التي توجدها الأجهزة المهربة، إضافة إلى الميل إلى العزلة المقبولة بالنسبة لبعض الأسرى، حيث يشكل لهم قلة عدد الأسرى داخل القسم وعدم اكتظاظ الغرف عنصراً مهماً جذاباً للانتقال إليه، والعيش فيه، والابتعاد عن الخلافات الداخلية.

حركة حماس: تظهر لنا النتائج في جدول رقم 8 عدة أمور أهمها:

أ.  جاءت نتائج درجة إجابات المحور الأول لفئة العيّنة من حركة حماس موزعة، بصورة لم تصبغ بصبغة واحدة، وقد يعزى هذا إلى كبر حجم العيّنة والبالغ عددها 38 أسيراً.

ب.  ترتيب الإيجابيات بالنسبة لعيّنة حماس كانت مختلفة عن الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، حيث كانت الميزة الأولى بالنسبة لعينة حركة حماس؛ الشعور بالطمأنينة العالية في أثناء التواصل، واستخدام الهاتف العمومي مقارنة بالجوالات المهربة، حيث بلغت نسبة التأكيد على هذه الإيجابية 90%.

ج.  الدرجة الكلية لإجابات عيّنة حركة حماس للمحور الأول كانت مرتفعة، ونلاحظ من خلال تلك القراءة أن النتائج في المحور الأول جاءت لتؤكد على فرضية البحث كوننا نرى وبشكل واضح أن هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إجابات المحور الأول تعزى لمتغير الفصيل، وتظهر تلك الفروق في الدرجة الكلية لكل فئة من فئات العيّنة ترتيب الإيجابيات من وجهة نظر كل فصيل، وتظهر فروق الإجابات لكل فصيل بعض التفاصيل والمؤشرات المدللة على اهتمامات العيّنة، ففي حين ترى عيّنة الجهاد الإسلامي بنسبة 100% أن قلة عدد الأسرى في القسم الواحد شكّل لها عنصر جذب للانتقال والعيش في قسم الهاتف كانت إجابة الجبهة الشعبية 0%، بحيث رأت في ذلك عزلة وعدم القدرة على التفاعل.

الجبهة الشعبية: تُظهر إجابات فئة العيّنة من الجبهة الشعبية تبايناً واضحاً في الإجابات بين درجتين فقط هما منخفضة جداً، ودرجة واحدة فقط مرتفعة جداً، وتُظهر النتائج عدة أمور أهمها:

أ‌.  الدرجة الكلية لإجابات عينة الجبهة الشعبية كانت منخفضة جداً بنسبة 40% فقط.

ب‌. تدلل النتائج أن 60% من عيّنة الجبهة الشعبية لا يرون في تلك المزايا إيجابيات بالنسبة لهم.

ج. التطرق في الإجابات منخفضة جداً-مرتفعة جداً مما يدلل على عدم الرضى عن شروط التجربة.

وأكدت عيّنة الجبهة الشعبية بنسبة 100% على ميزة الاستقرار، وقلة التفتيشات. بينما رأت حركة حماس في ذلك؛ الراحة من التفتيشات المفاجئة، آخر أولويات عيّنة حركة حماس، وبدرجة متوسطة 60%، في حين شكّلت هذه الميزة أهم ميزة لعيّنة الجبهة الشعبية والتي أجمعت على كونها من أهم الميزات الإيجابية، ويدلل ذلك على حجم الإزعاج الذي شكلته التفتيشات الليلية المفاجئة للفصيل، ومدى الأذى المتسببة به.

ويظهر لنا الشكل رقم 3 حجم الفروق ذات الدلالة، والتمايز بين رؤية كل فصيل في تأكيده على المزايا الإيجابية وإلى أي مدى يرى الفصيل فيها إيجابيات.

شكل رقم 3: الفروق ذات الدلالة في إجابات العيّنة حسب متغيّر الفصيل للمزايا الإيجابية

يُظهر شكل رقم 3 التقارب الواضح بين إجابات عينتي الفصيلين؛ حماس والجهاد الإسلامي، في مجموعة كبيرة من أسئلة المحور الأول للمزايا الإيجابية، بينما يظهر الشكل تبايناً في إجابات عيّنة الجبهة الشعبية، وإجابات عيّنة حماس والجهاد الإسلامي، ويؤكد هذا التباين ما يظهر أيضاً في جدول رقم 9 من خلال تأكيدهم على المزايا السلبية ومدى انزعاج العيّنة من تلك المزايا.

جدول رقم 9: نتائج فرز وتحليل المحور الثاني: المزايا السلبية حسب متغيّر الفصيل

نلاحظ من الجدولين رقم 8 و9 أن فئة العيّنة من فصيل الجبهة الشعبية تؤكد على كون سلبيات التجربة أكثر من إيجابياتها بنسبة 30%، حيث كانت الدرجة الكلية للإيجابيات منخفضة جداً بنسبة 40%، في حين كانت درجة المزايا السلبية الكلية متوسطة بنسبة 69.4% ، وهذا يدلل بشكلٍ واضحٍ على عدم رضى عيّنة الدراسة من فصيل الجبهة الشعبية عن شروط التجربة، معتقدين أنها شروط مجحفة ومزعجة بشكلٍ كبيرٍ، في حين أن العيّنة تؤكد بالإجماع، 100%، على أن التجربة تشكل إنجازاً عظيماً على صعيد الحركة الأسيرة، كما يوضح جدول رقم 10.

حركة حماس: أكدت فئة العيّنة من حركة حماس وبدرجة متوسطة، بنسبة تقاربت مع الدرجة الكلية لفئة العيّنة من الجبهة الشعبية، التي أكدت على كون تلك المزايا تشكل إزعاجاً للأسير ولو بنسب مختلفة، كما رأت عيّنة حركة حماس أن ميزة تحكّم الإدارة بالهاتف العمومي هي السلبية الأكثر إزعاجاً بالنسبة لها، تلاها ميزة عدم كفاية الوقت الممنوح للأسير للتواصل، وتظهر النتائج في جدول رقم 8 و9 أن فئة العيّنة من حركة حماس تؤكد على كون إيجابيات التجربة أكثر من سلبياتها، واتفقت عيّنة الدراسة من حركة حماس مع العيّنة من الجهاد الإسلامي في ترتيب أولى المزايا السلبية، فيما اختلفت مع الجبهة الشعبية.

الجهاد الإسلامي: في حين أكد الجهاد الإسلامي على المزايا الإيجابية بدرجة مرتفعة جداً، حيث بلغت نسبة المؤكدين على ذلك 50% من العيّنة، وهي نسبة قاربت على الإجماع، في حين أن العينة  ترى أن سلبيات هذه التجربة أقل من إيجابياتها بكثير، وبفارق بين الإيجابيات والسلبيات قارب على النصف.

• أكدت عيّنة الدراسة من فئة الجهاد الإسلامي على كون تلك السلبيات مزعجة ولكن بدرجات منخفضة جداً.
• أكدت العيّنة على كون سلبية تحديد أيام التواصل وحصرها بثلاثة أيام تشكل إزعاجاً بدرجة متوسطة، وكانت على رأس أولويات السلبيات المزعجة لدى عيّنة الجهاد الإسلامي، كما تؤكد نتائج فرز المحور الثاني على فرضية الباحث حيث تظهر فروق ذات دلالة في إجابات العيّنة تعزى لمتغيّر الفصيل.

جدول رقم 10: نتائج فرز وتحليل المحور الثالث: الرضى العام وتعميم التجربة حسب متغيّر الفصيل

تظهر نتائج فرز المحور الثالث وجود فروق ذات دلالة إحصائية في إجابات العيّنة عن السؤال الأول، وتظهر تلك الفروق بوضوح بين فصيل الجهاد الإسلامي من جهة، وفصيلي حماس والجبهة الشعبية من جهة أخرى، ويُظهر لنا جدول رقم 10 تقارب الدرجة وتوافقها بين فصيلي حماس والجبهة الشعبية حيث يرى الفصيلان أن هذه التجربة تعد إنجازاً عظيماً على صعيد الحركة الأسيرة وبدرجة مرتفعة جداً.

ويرى فصيل الجهاد الإسلامي أن هذه التجربة تعدّ إنجازاً عظيماً بدرجة متوسطة بنسبة 66.7%، ويعزى ذلك إلى اعتقاد العيّنة أن هذه التجربة ناقصة على الرغم من تأكيدها على إيجابياتها العالية، إلا أن إجابة العيّنة على السؤال الأخير في المحور تؤكد على هذا الاعتقاد حيث أكد ما نسبته 84% من العيّنة على ضرورة العمل على تحسين شروط التجربة ومن ثم تعميمها، في إشارة لضرورة معالجة إشكاليات شروط التجربة لتحظى بالقبول العام لدى الآخرين، وعند النظر إلى نتائج إجابات عيّنة حماس عن المحاور الثلاثة يتضح أن العيّنة تؤكد على كون التجربة إنجازاً عظيماً يستوجب التعميم وإيجابياتها أكثر من سلبياتها، وكانت الإجابات متوافقة إلى حدّ كبير. فيما يشير السؤال الأخير في المحور الثالث إلى ضرورة العمل على تحسين شروط التجربة ومن ثم العمل على تعميمها، ونرى أن ما نسبته 21% من أفراد العيّنة كانوا يعتقدون بضرورة تعميم التجربة ومن ثم العمل بعد ذلك على تحسين شروط هذه التجربة، وهذا يدلل على قناعات عالية جداً بإيجابيات هذه التجربة لدى هذه الفئة من العيّنة، مؤكدين على كونها إنجازاً عظيماً بحاجة إلى تعميم لضمان ثباتها والمحافظة عليها.

شكل رقم 4: الفروق ذات الدلالة للمحاور الثلاثة حسب متغيّر الفصيل

نلاحظ من خلال شكل رقم 4 وبكل وضوح أن عيّنة الجبهة الشعبية على الرغم من تأكيدها على أن سلبيات التجربة فاقت إيجابياتها وبنسبة قاربت على 30%، إلا أن ذلك لم يؤثر على رؤية العيّنة بكون هذه التجربة تشكّل إنجازاً عظيماً وبنسبة 91% بدرجة مرتفعة جداً.

ويدلل ذلك على:

• مدى الوعي المرتفع لدى العيّنة بأهمية التجربة وما تمثله من إنجاز إستراتيجي على المدى البعيد.
• تأكيد العيّنة عل كون المزايا السلبية تفوق المزايا الإيجابية، ولا يعني بالضرورة التقليل من حجم الإنجاز وأهميته.
• إن النسب المنخفضة التي حظيت بها الإيجابيات والنسب المرتفعة التي حظيت بها السلبيات تعبير على عدم رضى العيّنة عن شروط التجربة، مع ضرورة العمل على تحسين تلك الشروط.
• بقي أن نؤكد على وجود فروق ذات دلالة بين إجابات العيّنة تعزى لمتغير الفصيل، مما يدلل على قبول فرضية الباحث.

2. متغيّر الحالة الاجتماعية:

جدول رقم 11: نتائج تحليل المحور الأول: المزايا الإيجابية حسب متغيّر الحالة الاجتماعية

بالرغم من اختلاف اهتمامات الأسير المتزوج عن غير المتزوج في أولويات التواصل مع المحيط الخارجي، نرى أن كلا الطرفين يؤكدان على المزايا الإيجابية بدرجة مرتفعة، يدلل ذلك على عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لمتغيّر الحالة الاجتماعية كما يظهر جدول 11 الخاص بنتائج المزايا الإيجابية، إلا أن الجدول يظهر تمايز العينتين في ترتيب المزايا الإيجابية من وجهة نظر كل فئة، حيث تظهر نتائج السؤال الأول والذي حظي على إجماع بنسبة 100% من فئة المتزوجين إلى كون أولى الإيجابيات وأهمها من وجهة نظرهم كون تجربة الهاتف حدّت من الخلافات الداخلية بين الأسرى في القسم الواحد.

بينما كان رأي الفئة من غير المتزوجين أن الاستقرار المتحقق كنتيجة لقلة التفتيشات الليلية شكلت أهم ميزة إيجابية لهذه الفئة حيث جاءت نتيجتها بدرجة مرتفعة جداً وبنسبة 83.3%، إضافة إلى ميزة الحد من الخلافات، كان هناك تفاوت أيضاً في وجهة نظر المتزوجين وفئة العيّنة من غير المتزوجين في السؤال السابع الذي يشير إلى إيجابية توزيع الوقت بشكلٍ متساوٍ، تظهر نصف العينة من المتزوجين 50% أنهم لا يرون في هذه الميزة ميزة إيجابية؛ لأنها لا تراعي ظروف المتزوجين عن غيرهم من غير المتزوجين.

جدول رقم 12: نتائج تحليل المحور الثاني: المزايا السلبية حسب متغيّر الحالة الاجتماعية

نلاحظ من جدول رقم 12 يشير إلى المزايا السلبية، إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية في نتائج إجابات العيّنة تعزى لمتغيّر الحالة الاجتماعية.

ويمكن تفسير ذلك بعدة أمور أهمها:

1. أن العيّنة من فئة غير المتزوجين ترى أن مسألة تحديد الأرقام وحصرها بخمسة أرقام ميزة سلبية وبدرجة مرتفعة أي بنسبة 72.7%، وهذا يعزى إلى كون الأسير غير المتزوج يهتم وبشكل أكثر بكثير من فئة المتزوجين، بزيادة الأرقام التي يسمح له التواصل معها، كونه يرغب بتوسيع دائرة التواصل مع أكبر قدر ممكن من إخوانه وأصدقائه والمحيط الخارجي. ومن خلال تصريح لممثل قسم (1) حول أكثر مسألة تشكل له إزعاجاً تخص تجربة الهاتف العمومي، منها ارتفاع عدد طلبات الأسرى من فئة غير المتزوجين لتغير بعض أرقامهم خلال فترات قصيرة، مؤكداً أن مصلحة السجون لا تتعاطى مع هذه المسألة بشكلٍ مريح وسلس، حيث إنها ترفض تبديل الأرقام للأسير خلال الشهر الواحد أكثر من مرة، أحياناً فترة أطول.[26] في حين أن فئة العيّنة من المتزوجين لا يرون هذه الميزة سلبية بشكلٍ كبيرٍ حيث عبّرت نصف العينة 50% فقط عن انزعاجها من هذه الميزة، كذلك اهتمام المتزوجين ينصب بالتواصل مع الأسرة والأولاد بالدرجة الأولى، وقد يكون يرى تلك الميزة إيجابية بحيث يقتصر تواصله مع العائلة الضيقة فقط، مع قلة الوقت الممنوح للتواصل.

2. عبّرت فئة العيّنة من المتزوجين عن انزعاجها وبدرجة مرتفعة، بنسبة بلغت 79% عن عدم كفاية الوقت الممنوح لهم للتواصل، كونه لا يكفي لقضاء حاجاتهم الضرورية والأسرية، ولا تسمح لهم بممارسة دورهم الأبوي والأسري؛ لقلة الوقت، في حين أن 50% من فئة العيّنة من غير المتزوجين لم يروا في تلك الميزة إزعاج لهم، في تعبيرهم عن اكتفائهم بالوقت الممنوح لهم.

3. كان التباين أيضاً في السؤال الرابع الذي يشير إلى تحديد أيام التواصل وحصرها في ثلاثة أيام فقط، حيث ترى أن فئة العيّنة من المتزوجين لا يعيرون لهذه المسألة أهمية كبيرة كون ما نسبته 65% من العيّنة لم يعبروا عن انزعاجهم من هذه الميزة، ولم يروها سلبية، في حين كانت نسبة المؤكدين على سلبيتها من فئة غير المتزوجين 61% حيث كانت درجة انزعاجهم متوسطة من تلك السلبيات.

جدول رقم 13: نتائج المحور الثالث: مدى الرضى العام حسب متغيّر الحالة الاجتماعية

نلاحظ من خلال جدول رقم 11، 12، 13 أن عينة  المتزوجين أكدت على التالي:

1. تأكيد بدرجة مرتفعة على المزايا الإيجابية، وبالمقابل تأكيد بدرجة منخفضة على المزايا السلبية.
2. الدرجة الكلية على مدى الرضى العام كانت مرتفعة.
3. ظهرت فروق ذات دلالة إحصائية في إجابات العينة تعزى لمتغيّر الحالة الاجتماعية للمحور الدال على المزايا السلبية فقط، في حين لم تظهر أي فروق ذات دلالة إحصائية في الدرجات الكلية للمحور الأول والثالث بين فئتي العيّنة.
4. أظهرت إجابة السؤال الأخير للمحور الثالث “ضرورة التحسين لشروط التجربة قبل التعميم” أظهرت هذه الفقرة تبايناً كبيراً في الإجابة بين فئتي العيّنة تعزى إلى متغيّر الحالة الاجتماعية، ففي حين يرى ما نسبته 50% فقط من فئة المتزوجين ضرورة العمل على تحسين شروط التجربة ومن ثم العمل على تعميمها، وأظهر النصف الآخر ضرورة تعميم التجربة ومن ثم العمل على تحسين الشروط، ويعزى ذلك إلى عدة أسباب:

• تأكيد العيّنة على كون تجربة الهاتف العمومي حدّت من الخلافات الداخلية بين الأسرى جعل معظم أفراد العيّنة يفضلون تعميم التجربة بشكل سريع، حتى قبل تحسين الشروط.
• من خلال الربط بين الإجابة وتواجد هذه الفئة داخل القسم نلاحظ أن عدداً كبيراً من فئة المتزوجين كان حضورهم إلى قسم الهاتف العمومي تعبيراً عن رغبتهم بالهروب من تلك الخلافات، والتي يعود السبب المباشر فيها إلى وجود الجوالات المهربة وسلبياتها.
• تعميم التجربة وبشكلٍ سريع على بقية المواقع أسهم وبشكلٍ كبير وسريع إلى الدفع باتجاه تحسين شروط التجربة من كافة المواقع.
• تأكيد العيّنة، بنسبة 93%، على كون هذه التجربة تعد إنجازاً عظيماً للحركة الأسيرة يؤكد أيضاً على ضرورة تعميمها والتمسك بها بأي شكل بالرغم من تلك المزايا السلبية المنخفضة كما يظهر من خلال شكل 5، في حين كان رأي فئة العيّنة من غير المتزوجين بضرورة العمل على تحسين شروط التجربة ومن ثم تعميمها حيث كانت نسبة من أشار إلى ذلك مرتفعة جداً، 92%.

شكل رقم 5: المحاور الثلاثة حسب متغيّر الحالة الاجتماعية

3. متغير سنوات الاعتقال:

نتائج التحليل للمحاور الثلاثة لدلالات الفروق لمتغيّر سنوات الاعتقال، كما يبين جدول رقم 14.

جدول 14: نتائج تحليل المحور الأول: المزايا الإيجابية لمتغيّر سنوات الاعتقال

تظهر لنا نتائج التحليل للمحور الأول في جدول رقم 14 وجود فروق ذات دلالة واضحة في نتائج فرز المحور يعزى لمتغيّر سنوات الاعتقال، وتبدو الفروق واضحة ابتداءً من الدرجة الكلية التي كانت على طرفي نقيض لفئتي العيّنة من الأسرى حديثي العهد في اعتقالهم، والذين تمّ تمييزهم عن أفراد العيّنة المعتقلين بعد سنة 2017، وبين فئة العيّنة المصنفة من الأسرى القدامى الذين تمّ اعتقالهم من سنة 2017 فما قبل، حيث كانت درجتي العيّنة متوسطة لدى فئة العيّنة من الأسرى الجدد في حين كانت درجة إجابة العينة القدامى مرتفعة جداً بنسبة 80%، ويعزى ذلك إلى الاختلاف والتمايز الواضح إلى كون الأسير الجديد لم يتعايش بشكل كبير مع تجربة الجوالات المهربة وسلبيات تلك التجربة.

ويدلل من جهة أخرى إلى قلة الوعي بأهمية الإنجاز، كونه أيضاً لم  يتعرّض لظروف انقطاع التواصل مع العالم الخارجي بشكلٍ كامل، وكل ذلك له تأثيره الواضح على وعي الأسير وفهم الواقع بشكلٍ دقيق وانعكاساته على قرارات الأسير وسلوكياته.

ويدلل على ذلك تعليق بعض الأسرى الجدد (خارج قسم التجربة) عند سماعهم عن تجربة الهاتف العمومي أن هذه التجربة حسب اعتقادهم لا تشكّل إنجازاً لهم، كون الأسير يتوفر لديه التواصل البديل منذ لحظة نزوله في أقسام السجون كون التواصل البديل، الجوالات المهربة، متوفرة في معظم مواقع الأسر.

في حين تشير الدرجة المرتفعة جداً التي أشارت إليها الفئة من عيّنة الأسرى القدامى لتدلل على المزايا الإيجابية بنسبة 80%، ويفسر ذلك كونهم تعرضوا لكلتا التجربتين؛ تجربة الهاتف العمومي والجوالات المهربة، ويؤكد ذلك بوضوح أكثر ما نراه في شكل رقم 6، النسبة العالية من العيّنة المؤكدة على أن أكبر إيجابيات التجربة تكمن في:

1. حدّ وبشكلٍ كبير من الخلافات الداخلية.
2. الشعور بالطمأنينة والأمان أثناء التواصل.
3. سبب مباشر في الراحة النفسية.

فيما لا ترى فئة العيّنة من الأسرى الجدد في تلك المزايا إيجابيات بدرجة مرتفعة، حيث كان تأكيدهم بنسبةٍ لم تتجاوز المتوسطة، في الثلاث مزايا المذكورة.

شكل رقم 6: الفروق الدلالات للمحور الأول متغيّر سنوات الاعتقال

يؤكد شكل رقم 6 على قبول فرضية الباحث على وجود فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لمتغيّر سنوات الاعتقال.

جدول رقم 15: نتائج فرز المحور الثاني: المزايا السلبية حسب متغيّر سنوات الاعتقال

تعليق:

إضافة إلى النظرة الإيجابية متدنية النسبة للمزايا المذكورة في جدول رقم 14، جاءت العيّنة من فئة الأسرى الجدد لتؤكد نسبة أكبر على انزعاجها من المزايا السلبية، حيث كانت نسبة الذين أكدوا على كونها مزايا سلبية قرابة 68%، فيما يظهر الفارق أيضاً في رأي العيّنة من فئة الأسرى القدامى في كونهم عبّروا عن انزعاجهم من المزايا السلبية في الفقرة الثانية بدرجة منخفضة، وبالتالي تظهر فروق تعبّر عنها الفئات من خلال ترتيبها للمزايا السلبية الأكثر ازعاجاً بالنسبة لكل فئة من فئتي العيّنة، كما تظهر الدرجة الكلية التباين في تقديرات العيّنة لتؤكد على وجود فروق ذات دلالة تعزى لمتغيّر سنوات الاعتقال، مؤكدين على ثبوت فرضية الباحث أيضاً.

جدول رقم 16: نتائج فرز المحور الثالث: لمدى الرضى العام حسب متغيّر سنوات الاعتقال

تظهر لنا نتائج فرز المحور الثالث في جدول رقم 16 المعبرة عن مدى الرضى العام عن التجربة بعدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في إجابات فئات العيّنة تعزى لمتغيّر سنوات الاعتقال، حيث كان التعبير متطابقاً لكلتا العينتين في الدرجة الكلية؛ مرتفعة جداً.

شكل رقم 7:  دلالات الفروق في المحاور الثلاثة حسب متغيّر سنوات الاعتقال

نلاحظ من خلال الجداول رقم 14، و15، و16 والرسم البياني في الشكل رقم 6 أن الفروق ذات الدلالة تظهر فقط في نتائج المحور الأول والثاني فقط، فيما تتفق العينتان على تحسين شروط التجربة وتعميمها، إضافة إلى فئة قليلة من العينتين ترى ضرورة تعميم التجربة حتى قبل التحسين، في إشارة إلى كون الإنجاز إستراتيجياً وبحاجة إلى المحافظة عليه، من خلال تعميم التجربة والإسراع في ذلك، وهذا يتوافق مع رأي بعض الأسرى من خارج قسم (1) كان لي فرصة مقابلتهم وسماع آرائهم في ذلك.

النتائج والتوصيات:

النتائج:

1. تظهر نتائج الدراسة أن تجربة تركيب الهاتف العمومي في الأقسام الأمنية تحظى بتأييدٍ كبيرٍ كونها إنجازاً عظيماً على مستوى الحركة الأسيرة، حيث أكد على ذلك إجابات العيّنة على مختلف متغيّراتها المستقلة واهتماماتها.
2. على الرغم من كون هذه التجربة الأولى من نوعها في السجون، إلا أن التأكيد على أن إيجابياتها أكثر بكثير من السلبيات الموجودة مما يدل على أن لأسرى ينظرون إلى الأهمية الإستراتيجية لهذا الإنجاز، وقد أكدت الدراسة على هذه النقطة بوضوح.
3. أظهرت الدراسة فروق ذات دلالة إحصائية في إجابات العيّنة تعزى إلى متغيّر الفصيل والحالة الاجتماعية وسنوات الاعتقال، إلا أن تلك الفروق انحصرت في المحاور الخاصة بالمزايا الإيجابية والمزايا السلبية فقط، ولم تظهر فروقاً ذات دلالة إحصائية في التأكيد على مدى الرضى العام عن التجربة كونها إنجازاً عظيماً يستحق التعميم.
4. تفيد الدراسة إلى أن هناك مجموعة من المزايا السلبية تتقدم في الترتيب على غيرها، كونها تشكل لهم إزعاجاً أكثر من غيرها، والتي تظهرها الدراسة بوضوح، والتي كان على رأس تلك السلبيات “تحكم الإدارة بالهاتف العمومي واستخدامه كأداة عقابٍ وابتزازٍ جماعي”.
5. سلبية تحديد الأرقام وحصرها فقط بخمسة أرقام شكّل إزعاجاً لفئةٍ كبيرةٍ من الأسرى، زاد على ذلك الإزعاج من تلك السلبية، عدم تعاطي إدارة مصلحة السجون مع مسألة تبديل الأرقام بشكل سهل، مما شكّل أزمة لممثل القسم بخصوص هذا الموضوع، كنتيجة لضغط الأسرى من جهة وعدم تعاطي الإدارة من جهة أخرى.
6. المزايا الإيجابية التي أكدت عليها عيّنة الدراسة بدرجة مرتفعة كان لها انعكاسات واضحة على المجموع العام وطريقة تفكير الأسرى في ذلك القسم، ويظهر ذلك جلياً من خلال مدى الالتزام، والسلوكيات الإيجابية الواضحة بالعلاقات الاجتماعية والتكافلية داخل القسم، ومدى الهدوء الذي يحظى به الأسرى في قسم التجربة.[27]
7. بعض الأمور والمزايا، لم تتعرض لها الدراسة، شكلت إزعاجاً كبيراً للأسير يستوجب التنويه لها، وهي قضية التشويش وتأثيره على محطات الراديو، وساعات التلفاز بشكلٍ كبيرٍ، إلى درجة انعدام محطات الراديو بشكل شبه كامل.

التوصيات:

1. بالرغم من الإيجابيات المنقوصة بعض الشيء، وبعض العيوب المزعجة للأسير إلا أن المعظم يتفق على كون هذه التجربة إنجازاً استراتيجياً على صعيد تجربة الحركة الأسيرة يستوجب تعميمه، لذلك نوصي الجهات المسؤولة بضرورة:
• أخذ رأي أصحاب التجربة الحيّة بالاعتبار والاستماع لآرائهم، وانتقاداتهم، ونصائحهم حول تجربة الهاتف العمومي، مع ضرورة العمل على توعية القاعدة بضرورة وأهمية الإنجاز استراتيجياً.
• ضرورة وضع ملف الهاتف العمومي وتعميم التجربة على رأس الأولويات كونه يشكل للجميع دون استثناء أهمية كبيرة، وبدرجة عالية جداً، للأقسام التي تخلو من تواصل بديل (جوالات مهربة)، كأقسام البنات، والمستشفى، والأشبال، وأقسام العزل.
• العمل على مسألة تحسين شروط التجربة مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأولويات أكثر المسائل إزعاجاً بالنسبة للأسير.
2. من خلال قراءة النتائج الخاصة بمتغيّر الفصائل ننصح بضرورة فتح باب التشاور والتحاور مع الشركاء للوصول إلى خطة واضحة لتعميم التجربة وعدم التباطؤ بذلك.
3. كان للسؤال الأخير في المحور الثالث اتجاهان فقط، وهما ضرورة العمل على التحسين ومن ثم التعميم، أو تعميم التجربة ومن ثم العمل على التحسين، وقد كانت إجابات العيّنة في كافة المحاور وبمختلف المتغيرات تشير إلى ضرورة التعميم ومن ثم التحسين، ولو بنسب متفاوتة متدنية أحياناً ومرتفعة أخرى، لذلك ننصح بالعمل على قبول تعميم التجربة بشكل سريع؛ لكونه يعمل ويساعد بشكلٍ كبيرٍ جداً على تحسين شروط التجربة، فيما أن التلكؤ والمماطلة قد يضعف من خطوط انتشارها وتعميمها.
4. ننصح بالنظر إلى أكثر السلبيات إزعاجاً للأسرى بدرجة من القلق، وبحاجة إلى العمل على إيجاد حلول وضوابط لها، وتثبيت الاتفاقات بشكل يحفظ حقوق الأسير ويحافظ على الإنجاز على المدى البعيد.
5. ينصح بعمل دراسات أخرى موسعة حول موضوع الهاتف العمومي، والتطرق إلى آليات تحسين شروط التجربة.

ملحق

الاستبانة:

الجزء الأول:

تاريخ الاعتقال: الحالة الاجتماعية متزوج ( ) أعزب ( )، الفصيل.

الجزء الثاني:

يرجى اختيار درجة الإجابة المناسبة للسؤال من وجهة نظرك، حسب التقديرات التالية:

أ. كبير جداً      ب. كبير      ج. متوسطة      د. قليلة      هـ. قليلة جداً

1. إلى أي مدى تشعر بقدرتك على تنظيم وقتك خلال وجودك في قسم الهاتف العمومي؟
2. إلى أي مدى ترى أن تجربة الهاتف العمومي حدّت من التفتيشات الليلية وشكلت لك نوعاً من الاستقرار؟
3. إلى أي مدى ترى في تجربة الهاتف العمومي سبباً مباشراً في الراحة النفسية؟
4. إلى أي مدى تعتقد أن تجربة الهاتف العمومي حدّت من الخلافات الداخلية بين الأسرى في القسم الواحد؟
5. ما مدى الإيجابية التي شكلها الهاتف العمومي بمسألة توزيع الوقت بشكل متساوٍ على الجميع من وجهة نظرك؟
6. قلة عدد الأسرى داخل القسم، وعدم اكتظاظ الغرف إلى أي مدى شكل لك ذلك عنصر جذب للانتقال للعيش في القسم؟
7. هل ترى أي فارق بين الهاتف العمومي والجوالات المهربة من حيث الاستقرار النفسي والشعور بالأمان أثناء التواصل؟
8. إلى أي مدى ترى في الوقت المسموح ك بالتواصل (15 دقيقة) وقت كافٍ لقضاء حاجاتك الضرورية؟
9. هل تشكل لك تحديد أيام التواصل (وحصرها بثلاثة أيام أسبوعياً) إشكالية حقيقية؟
10. إلى أي مدى شكل لك عدم القدرة على التواصل (أيام الجمع/ السبت/ الأعياد) وسيلة إزعاج؟
11. هل شكل لك (تحديد الأرقام المسموح التواصل معها (5 أرقام)) إشكالية حقيقية في التواصل مع العائلة؟
12. تحكم الإدارة بالهاتف واستخدامه كأداة ابتزاز وعقاب جماعي أحياناً، إلى أي مدى يشكل لك ذلك إشكالية حقيقية؟
13. إلى أي مدى تشعر بالرضى تجاه أسعار المكالمات المتاحة بالهاتف العمومي؟
14. إلى أي مدى ترى في تركيب الهاتف العمومي في الأقسام الأمنية إنجازاً كبيراً على صعيد الحركة الأسيرة؟
15. في حال تعميم التجربة للهاتف العمومي على بقية السجون هل تفضل:
16. تعميم التجربة بشكلها الحالي وشروطها ثم العمل على التحسين.
17. العمل أولا على تحسين شروط التجربة (الوقت/ الأيام/ الأرقام) ومن ثم تعميمها.

*للإجابة عن سؤال (15) اختر فقط أحد الإجابتين (أ، ب).



[1] ليلي أيوب محمد أبو رجيلة، مواليد سنة 1/8/1978، رام الله. باحث فلسطيني ينشط في سجون الاحتلال في مجال البحث والعمل الأكاديمي. معتقل منذ 2006 ومحكوم بالسجن مدى الحياة لدوره في المقاومة. حاصل على دبلوم خدمة اجتماعية من جامعة الأقصى، وبكالوريوس تاريخ من جامعة الأقصى، وبكالوريوس علوم سياسية من جامعة الأمة. طالب ماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة القدس أبو ديس.
[2] أيمن عبد المجيد سدر، “تحليل كفاءة وفاعلية القرارات الاستراتيجية المتعلقة بإضراب حركة حماس في سجون الاحتلال،” ورقة بحثية مقدمة للمؤتمر العلمي الأول في السجون بالتعاون مع مركز حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية، موقع مركز حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية، كانون الأول/ ديسمبر 2020، انظر: https://hadarat.net
[3] لجنة الدراسة، دراسة داخلية خاصة بحركة حماس متعلقة بالتحقيق في أحداث تركيب أجهزة التشويش في أقسام أسرى حماس من شهر شباط/ فبراير 2019 لغاية أيلول/ سبتمبر 2019.
[4] عامر الزمالي، مقالات في القانون الدولي الإنساني والإسلام، ط 2 (د.م.: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2007)، ص 102.
[5] أيمن عبد المجيد سدر، “تحليل كفاءة وفاعلية القرارات الاستراتيجية المتعلقة بإضراب حركة حماس في سجون الاحتلال،” ص 4.
[6] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير أيمن عبد المجيد سدر، قسم (1) سجن رامون، 10/3/2021.
[7]أيمن عبد المجيد سدر، “تحليل كفاءة وفاعلية القرارات الاستراتيجية المتعلقة بإضراب حركة حماس في سجون الاحتلال،” ص 30.
[8] المرجع نفسه، ص 5.
[9] المرجع نفسه.
[10] المجد، مقال بعنوان: الأجهزة المحمولة للتشويش على الجوال موقع المجد الأمني، انظر: https://almajd.ps/news4723
[11] سيد هاشم، مقدمة في القانون الدولي الإنساني (القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 1990)، ص 5.
[12] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير أيمن عبد المجيد سدر، قسم (1) سجن رامون، 22/9/2021.
[13] مصطفى كبها، ووديع عواودة، أسرى بلا حراب: المعتقلون الفلسطينيون والمعتقلات الإسرائيلية الأولى (1948–1949) (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2013)، ص 72.
[14] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير أيمن عبد المجيد سدر، قسم (1) سجن رامون، 22/9/2021.
[15] بلال محمد شلش (محرر)، سيدي عمر: ذكريات الشيخ محمد أبو طير (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017)، ص 38.
[16] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير أيمن عبد المجيد سدر، قسم (1) سجن رامون، 22/9/2021.
[17] “تقارير الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي،” مجلة الدراسات الفلسطينية، مجلد 15، العدد 59، 2004، ص 138.
[18] محمد عبد الهادي أبو سريع، فقه السجون والمعتقلات (مصر: دار الاعتصام للطباعة والنشر، د.ت)، ص 297.
[19] رأفت حمدونة، الجوانب الإبداعية في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في الفترة ما بين 1985–2015 (رام الله: وزارة الإعلام، 2016)، ص 19.
[20] لجنة الدراسة، دراسة داخلية خاصة بحركة حماس متعلقة بالتحقيق في أحداث تركيب أجهزة التشويش في أقسام أسرى حماس من شهر شباط/ فبراير 2019 لغاية أيلول/ سبتمبر 2019.
[21] أيمن عبد المجيد سدر، “الممارسة الديمقراطية للحركة الأسيرة في سجون الاحتــلال،” ورقة بحثية مقدمة للمؤتمر العلمي الأول في السجون، مركز حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية، كانون الأول/ ديسمبر 2020، ص 18، انظر: https://hadarat.net/post/
[22] أيمن عبد المجيد سدر، “تحليل كفاءة وفاعلية القرارات الاستراتيجية المتعلقة بإضراب حركة حماس في سجون الاحتلال،” ص 6.
[23] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير ساجد أبو غلوس، ممثل الأسرى في قسم (1) سجن رامون، 20/3/2021.
[24] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير يحيى الحج حمد، قسم (1) سجن رامون، 20/3/2021.
[25] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير بهجت شقيرات، قسم (1) سجن رامون، 26/3/2021.
[26] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير ساجد أبو غلوس، ممثل الأسرى في قسم (1) سجن رامون، 20/3/2021.
[27] مقابلة شخصية أجراها الباحث مع الأسير ساجد أبو علوش، ممثل الأسرى في قسم (1) سجن رامون، 20/3/2021.


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: الهاتف العمومي بين الإنجاز والإخفاق دراسة تحليلية حول تجربة الهاتف العمومي في الأقسام الأمنية في السجون الإسرائيلية سجن رامون نموذجاً … ليلِي أبو رجيلة (60 صفحة، 4 MB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 25/1/2022



جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من الأوراق العلمية: