مدة القراءة: 35 دقائق

إعداد: إسلام عبد الله زعبل.[1]
(خاص بمركز الزيتونة).

مقدمة:

على مدى السنوات العشر الماضية (2011-2021)، أصبحت منطقة القرن الإفريقي مساحة جيو-سياسية متنازع عليها، قد لا تكون هذه الرؤية مفاجئة؛ حيث تقع منطقة القرن الإفريقي على طول أحد أهم طرق التجارة البحرية في العالم،[2] وتربط أوروبا والبحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي وآسيا، وتشير التقارير إلى أن ما يقدر بنحو 10–20% من التجارة العالمية، بما في ذلك أكثر من 6 ملايين برميل من النفط يومياً، تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن، على طول شواطئ منطقة القرن بالإضافة إلى التجارة الدولية المرتبطة بمنطقة القرن الإفريقي،[3] فالمنطقة ذات أهمية عالية جداً إذا نظرنا لها من منظور أمني، بسبب أهميتها الاستراتيجية؛ لأنها توفر العبور البحري السريع للقوات العسكرية؛ من البحر الأبيض المتوسط لمنطقة الشرق الأوسط وشرق إفريقيا وصولاً لمنطقة الخليج العربي والمحيط الهندي للعديد من القوى العسكرية الإقليمية والعالمية، حيث دفع الموقع الجغرافي الاستراتيجي للقرن عدداً متزايداً من القوى الإقليمية والدولية إلى تكثيف وجودهم في المنطقة، حيث يأتي ذلك غالباً عن طريق تطوير البنية التحتية البحرية التجارية أو عن طريق بناء منشآت عسكرية.[4]

وقد ضمت هذه الاستراتيجية ليس فقط دول شبه الجزيرة العربية المجاورة كالإمارات العربية المتحدة، والسعودية، وقطر، ولكن ضمت أيضاً دولاً بعيدة مثل الصين، وتركيا، وفرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، وروسيا، واليابان.[5]

ومن بين القوى الإقليمية التي لها دور في منطقة القرن الإفريقي، الإمارات العربية المتحدة التي تمكنت من ترسيخ حضور قوي لها في المنطقة، حيث طورت سلسلة من الموانئ التجارية على جانبي خليج عدن والبحر الأحمر، بالإضافة إلى القواعد العسكرية التي تعمل كنقاط انطلاق لعملياتها في اليمن.[6] في الوقت نفسه حققت الصين أيضاً نجاحات مهمة في المنطقة، حيث أقامت منشآت تجارية وعسكرية في جيبوتي، كما قامت بتوسع اقتصادي وسياسي قوي؛ للمنتديات متعددة الجنسيات القائمة بالمنطقة، وقامت الصين بتقوية العلاقات مع كُلاً من السودان وإثيوبيا.[7]

في حين تمّ إيلاء المزيد من الاهتمام لوجود الإمارات والصين في القرن الإفريقي، لقد كتب القليل عن تفاعلات كُلاً من الإمارات والصين في منطقة القرن الإفريقي؛ لذلك سنتطرق في هذه الدراسة إلى الآثار المترتبة عن تلك التفاعلات التي تقوم بها كُلاً من الإمارات العربية المتحدة والصين في بلدان القرن الإفريقي، ودورها في زعزعة الاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة الاستراتيجية.[8]

يظهر وجود مجال للتعاون بين دولتي الإمارات العربية المتحدة والصين في قضايا مثل الأمن البحري والتنمية الاقتصادية، حيث يسهمان في تحديث البنية التحتية لدول القرن الإفريقية لتتناسب مع استراتيجيتهم بالمنطقة، ولكن فإن التنمية والاستقرار في دول منطقة القرن الإفريقي قد يتضرران إذا كانت المصالح الاستراتيجية للفاعلين الخارجيين لها الأسبقية على المصالح المحلية، أو إذا تمّ سوء استخدام المنافسة المتزايدة بين الفواعل الخارجية من قبل النخب المحلية في الحسابات السياسية المحلية الضيقة.[9]

لدى تركيا مصالح كبيرة في منطقة القرن الإفريقي، كما يشهد بذلك تصريحات الرئيس التركي، والقادة الأتراك، واستراتيجية الدولة التركية تجاه المنطقة؛ لذلك ستقوم هذه الدراسة بوضع مجموعة من التوصيات لصانعي السياسة الأتراك حول كيفية تحسين مشاركتهم في منطقة القرن الإفريقي في ضوء المشاركة الإماراتية والصينية القوية على وجه الخصوص، فيقترح لصناعي السياسات التركية ما يلي:

1. تحسين التنسيق بين نهج الدولة التركية في القرن الإفريقي، ومنطقة البحر الأحمر، والمحيط الهندي، والمحيط الهادئ.

2. دعم التنسيق بين الأطراف الخارجية النشطة في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، من خلال تطوير التوسع الاقتصادي والسياسي للمنتديات الاقتصادية والسياسية بالمنطقة.

3. دعم بلدان منطقة القرن الإفريقي في تحسين بنيتها التحتية، من خلال مواجهة التحديات التي تعيق التجارة والتنمية في المنطقة.


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: التنافس الإماراتي – الصيني في منطقة القرن الإفريقي: السياق والتوقعات وتباين الأجندات … إسلام عبد الله زعبل (42 صفحة، 8.3 MB)


أولاً: الاستراتيجيات الإماراتية والصينية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر:

بالنسبة لكل من دولتي الإمارات العربية المتحدة والصين، فإن أهمية القرن الإفريقي تنبع إلى حدٍّ كبير من موقعها الجغرافي الاستراتيجي على طول الطريق البحري الذي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، وهذا يعني أنه بالنسبة لواضعي السياسات في كل من الإمارات والصين، لا ينظر إلى القرن الإفريقي في كثير من الأحيان على أنه منطقة قائمة بذاتها، ولكن في السياق الأوسع للبحر الأحمر الذي يمر من خلاله هذا الطريق البحري المهم وحتى منطقة المحيط الهندي الأوسع الذي يمثل القرن الإفريقي الطرف الشمالي الغربي منه.

فقط من خلال تبني هذا المنظور الجغرافي الأوسع، يمكن فهم الاستراتيجيات الإماراتية والصينية في منطقة القرن الإفريقي فهماً كاملاً.

ثانياً: الاستراتيجية الإماراتية التوسعية في منطقة القرن الإفريقي:

تدور استراتيجية دولة الإمارات في القرن الإفريقي منطقة البحر الأحمر حول مزيج من الاعتبارات الاقتصادية والأمنية والجيو–سياسية. فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، تهتم الإمارات العربية المتحدة في الغالب بالسيطرة على البنية التحتية التجارية في المنطقة،[10] في محاولة لتقليل اعتمادهم على النفط، سعى صناع السياسة الإماراتيون إلى تحويل الإمارات إلى لاعبٍ رئيسي في شبكة النقل العالمية. أدى هذا التحول الاقتصادي، الذي بدأته إمارة دبي في الستينيات، ثم انضمت إليه أبو ظبي لاحقاً برؤيتها لسنة 2030إلى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بالاستثمار في البنية التحتية البحرية في جميع أنحاء العالم.[11]

ونتيجة لهذه الاستراتيجية، سيطرت الإمارات على سلسلة واسعة من الموانئ من البحر المتوسط إلى المحيطين الهندي والهادي.

لقد لعبت منطقة البحر الأحمر، نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي على طول هذا الطريق التجاري المهم في العالم، دوراً مهماً في استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة.

وينعكس ذلك في العديد من الموانئ التي تديرها أو تطورها الإمارات على جانبي البحر الأحمر وخليج عدن، ولا سيّما في جمهورية أرض الصومال أو (صومال لاند)[12] وكذلك في جزيرة سقطرى الاستراتيجية.[13]

بالإضافة إلى هذه الاعتبارات الاقتصادية، لدولة الإمارات العربية المتحدة فهناك مصالح أمنية[14] في منطقة البحر الأحمر، فمنذ سنة 2015 شاركت الإمارات بشكل مباشر في الحرب الأهلية اليمنية، مما أدى إلى تعميق بصمتها الأمنية بشكل ملحوظ في المنطقة الأوسع.

وبالإضافة إلى ذلك فإن اهتمام الإمارات القوي بالشبكات التجارية يجعل الإمارات حريصة على ضمان التدفق الحر للتجارة المنقولة بحراً، وقد أدى ذلك إلى قيام الإمارات بدور في الجهود المحلية والدولية لمكافحة القرصنة قبالة الساحل الصومالي، على سبيل المثال من خلال دعم خفر السواحل في جمهورية أرض الصومال، وإتاحة القواعد الجوية الإماراتية بالمنطقة للقوات الدولية المشاركة في عمليات مكافحة القرصنة، وعلاوة على ذلك سعت الإمارات لمنع تهريب الأسلحة من منطقة القرن الإفريقي إلى دول شبه الجزيرة العربية.

لذلك نرى أن الإمارات تسترشد في استراتيجيتها في منطقة القرن الإفريقي للاعتبارات الجيو–سياسية بالنظر إلى تصرفات إيران عبر الشرق الأوسط باعتبارها تهديداً أساسياً،[15] حيث يسعى صناع السياسة الإماراتيون لمواجهة نفوذ إيران في الخارج وبالأخص منطقة القرن الإفريقي، حيث أقامت الإمارات علاقات وثيقة مع حلفاء إيران السابقين مثل السودان، وبالمثل لا سيّما منذ سنة 2017 انخرطت الإمارات في صراع على النفوذ مع قطر.[16]

ومن جهة أخرى وعلى خلفية هذه المنافسة بين كل من الإمارات وقطر، لقد طورت الإمارات علاقات وثيقة مع دولة إريتريا “حليف دولة قطر سابقاً” وكذلك مع قادة صوماليين معارضين للحكومة الفيدرالية المدعومة من قطر وتركيا في العاصمة الصومالية مقديشو.

بالإضافة إلى ذلك، وبسبب القلق بشأن فكّ الارتباط التدريجي للولايات المتحدة، حليف الإمارات عن منطقة الشرق الأوسط، سعت الإمارات إلى تنويع شبكات الشراكات العالمية، لا سيّما من خلال تعميق العلاقات الاقتصادية مع الصين والهند واليابان.

لقد اعتمدت الإمارات لتنفيذ استراتيجيتها في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، على مجموعة واسعة من الأدوات؛ فمن الناحية الاقتصادية استغل صانعو السياسات الإماراتيون الأموال على مدى السنوات العشر الماضية، حيث تلقت بلدان القرن الإفريقي تدفقات مالية ضخمة من الإمارات، في شكل تحويلات وقروض ومنح كبيرة للبنوك المركزية لدول القرن الإفريقي بالإضافة إلى الاستثمارات التجارية.

يوضح الجدول رقم 1 تفصيلاً للدول المستثمرة والدول المستفيدة؛ حيث يظهر أن الاستثمارات السعودية والإماراتية كانت أكبر قدراً من الاستثمارات في دول القرن الإفريقية في الفترة الممتدة من سنة 2000 إلى سنة 2017، وتلقت إثيوبيا والسودان أكبر قدراً من الاستثمارات من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى أن الإمارات تفوق في استثماراتها في كل من جمهورية أرض الصومال وجيبوتي بمقابل خمسة إلى واحد في جمهورية أرض الصومال وثلاثة إلى واحد في دولة جيبوتي.

جدول رقم 1: الاستثمارات الخليجية في القرن الإفريقي 2000–2017[17]

المملكة العربية
السعودية
الإمارات العربية
المتحدة
قطر الكويت
إثيوبيا 233 104 12 16
السودان 16 19 4 13
جنوب السودان 1 2 2 1
الصومال 1 5
جيبوتي 1 3 1

خريطة رقم 1: عدد استثمارات الإمارات في القرن الإفريقي[18]

تعدّ الإمارات من الدول الخليجية التي تمتلك أكبر استثمارات في القرن الإفريقي حيث ذهبت استثماراتهم لكل من إثيوبيا والسودان، ولكن كان لديها أيضاً أربعة استثمارات كبيرة أخرى في الموانئ: اثنتان في مدينة جيبوتي إلى جانب صفقات كبيرة جداً مؤخراً في بربرة، يقال أنها تبلغ 442 مليون دولار أمريكي في سنة 2016، وبوساسو، يُقال أنها تبلغ 336 مليون دولار أمريكي في سنة 2017، وتعدّ هذه هي الاستثمارات الخليجية الوحيدة في بربرة وبوساسو.

تمّ تنفيذ هذه الاستثمارات من قبل موانئ دبي العالمية – إقليم الإمارات DP World، وهي شركة تأسست سنة 2005 عندما اندمجت سلطة موانئ دبي وموانئ دبي العالمية، وينظر لشركة موانئ دبي على أنها أداة للسياسة الخارجية من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعمل جنباً إلى جنب مع جهاز الأمن الإماراتي: على سبيل المثال تواجه موانئ دبي العالمية والإمارات الآن منافسة شديدة في قطاع الخدمات اللوجيستية في المنطقة، من الشركات الصينية التي حلت محل الإمارات في جيبوتي وتشارك بقوة في القرن الإفريقي بمبادرة الحزام والطريق. على الرغم من أن موانئ دبي العالمية ليست نشطة (رسمياً) في إريتريا، فقد أنشأت الإمارات العربية المتحدة قاعدة عسكرية في ميناء عصب[19].

تعدّ الاستثمارات الإماراتية في القرن الإفريقي أكثر انتشاراً في إثيوبيا؛ حيث تستضيف أديس أبابا وإقليم أوروميا معظم المشاريع الإماراتية، ولقد استثمرت الإمارات ما قيمته ثلاثة مليارات دولار أمريكي في المنطقة الصومالية بإثيوبيا في سنة 2017 لزراعة تصنيع قصب السكر، تبلغ القيمة الإجمالية للاستثمارات الإماراتية نحو خمسة مليارات دولار.

غالباً ما تمّ توجيه الأموال الإماراتية من خلال بنك التنمية الإماراتي، أو صندوق أبو ظبي للتنمية، أو المؤسسات الخاصة مثل صندوق خليفة.[20]

وبالإضافة إلى هذه التدفقات المالية الضخمة، فقد اعتمدت الاستراتيجية الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى حدٍّ كبير على الشركات الإماراتية المملوكة للدولة. ومن الأمثلة البارزة في هذا الصدد الدور الذي لعبته موانئ دبي العالمية التي سيطرت الإمارات العربية المتحدة من خلالها على الموانئ في جميع أنحاء منطقة القرن والبحر الأحمر وكذلك في أماكن أخرى حول العالم.

بالإضافة إلى هذه الأدوات المالية والاقتصادية، سعت الإمارات إلى تعزيز مصالحها من خلال النشاط الديبلوماسي والأمني، وشملت المبادرات الديبلوماسية دور الإمارات في التوسط في التقارب سنة 2018 بين إثيوبيا وإريتريا، بالإضافة إلى عرضها الأخير للتوسط في النزاع الحدودي المستمر بين إثيوبيا والسودان.

أما فيما يتعلق بالأمن، تضمنت المبادرات الإماراتية على سبيل المثال؛ التدريب والدعم لقوات الأمن التابعة للإدارات الإقليمية الصومالية في جمهورية أرض الصومال وكذلك حكومة الصومال الفيدرالية سنة 2018.

ثالثاً: الاستراتيجية الصينية والتنمية الاقتصادية بمنطقة القرن الإفريقي:

تدور مصالح الصين في القرن الإفريقي حول مجموعة واسعة من الاعتبارات،[21] فكما في حالة الإمارات العربية المتحدة، تعدّ منطقة القرن والبحر الأحمر مهمة للصين، محور رئيسي في استراتيجية التوسعية على مدار العقد الماضي (منذ سنة 2011 وحتى كتابة هذه الدراسة)، وخصوصاً بعد الإطلاق الرسمي لمبادرة الحزام والطريق سنة 2013، حيث زادت الصين بشكل كبير من جهودها للوصول إلى دول آسيا وأوروبا وإفريقيا،[22] وقد استلزم هذا الجهد تطوير العديد من الموانئ، والطرق، والسكك الحديدية، وخطوط أنابيب الغاز والنفط، والبنية التحتية الرقمية على طول ممرين جغرافيين رئيسيين: الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وهو شبكة من البنية التحتية البرية تمتد عبر أوراسيا وطريق الحرير البحري الذي يربط ساحل الصين بأوروبا عبر المحيط الهندي والبحر الأحمر.

إن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمنطقة القرن الإفريقي؛ جعل منها هدفاً صينياً رئيسياً لطريق الحرير البحري، حيث يتجلى هذا الأمر بوضوح في حالة جيبوتي التي أصبحت مركزاً رئيسياً لمبادرة الحزام والطريق بفضل إنشاء ميناء ومنطقة تجارة حرة مرتبطة عبر خط سكة حديد إلى إثيوبيا غير الساحلية،[23] بالإضافة إلى دورها القوي الخاص بشبكة كابلات الألياف الضوئية المخطط لها من شركة هواوي Huawei الصينية والتي تربط آسيا وشرق إفريقيا وأوروبا، الخريطة رقم 2 توضح خريطة مبادرة الحزام والطريق، وتظهر بوضوح أهمية طريق الحرير البحري الذي يربط ساحل الصين بأوروبا عبر المحيط الهادي مروراً بمنطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.

خريطة رقم 2: مبادرة الحزام والطريق[24]

في حين إن هذه الاستراتيجية دفعت الصين إلى الانخراط في تطوير البنية التحتية في دول منطقة القرن الإفريقي كما فعلت الإمارات، لذلك يمكننا القول إن استراتيجيات البلدين مختلفة من حيث مصالحهما الأساسية؛ بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة يتمثل الهدف الرئيسي في ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في قطاع الخدمات اللوجيستية، وبالتالي تعزيز برنامجها للتنويع الاقتصادي وتعزيز مكانتها العالمية.

وعلى النقيض من ذلك فإن تركيز الصين على البنية التحتية هو جزء من أجندة تعاون اقتصادي واسع بين الصين والدول الإفريقية، حيث تسعى الصين لجني الفوائد بثلاث طرق رئيسية:[25]

1. الأسواق المتنامية في المنطقة؛ هي منافذ محتملة لصادرات الصين الكبيرة.

2. الأسواق الجديدة في إفريقيا، تسمح للصين بتوفير أيدي عاملة رخيصة.

3. استعانة الشركات الصينية بمصادر خارجية لأنشطتها ذات قيمة منخفضة.

لذلك نجد الصين قد جعلت اهتمامهاً أكثر بمنطقة القرن الإفريقي لضمان استمرار تجارتها على طول الطريق البحري، الذي يمر عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب؛ لأن هذا الطريق مهم جداً للصين، نظراً لأنه يحمل نسبة كبيرة من تجارة الصين مع الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري للصين بتدفقات تجارية تبلغ نحو 1.5 مليار يورو (نحو 1.77 مليار دولار) يومياً، بالإضافة إلى إمدادات النفط القادمة من غرب المملكة العربية السعودية وجنوب السودان.[26]

لقد اتضحت مخاوف الصين الأمنية في منطقة القرن الإفريقي سنة 2008، وعندها قررت الانضمام إلى الجهود الدولية لمكافحة القرصنة في خليج عدن من خلال إرسال سفنها الحربية مباشرة إلى المنطقة، وبمرور الوقت نمت البصمة الأمنية والعسكرية الصينية في المنطقة، لاستمرار الوجود البحري للصين فيها، وكذلك للانتشار الكبير لقوات حفظ السلام الصينية في دولة جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى.

وقد أضاف هذا بشكل تدريجي بعداً أمنياً لمصالح الصين في القرن الإفريقي، مما أدى في النهاية إلى إنشاء أول منشأة عسكرية دائمة للصين في الخارج، في جيبوتي سنة .2017

اعتمدت استراتيجية الصين في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، مثلها مثل دولة الإمارات، على مجموعة واسعة من أدوات السياسة الخارجية، ففيما يتعلق بالتمويل؛ استفادت الصين من الاستثمارات المباشرة ومساعدات التنمية الرسمية من جمهورية الصين لدول المنطقة، بما في ذلك القروض والمنح.[27]

فإثيوبيا والسودان حازت على النصيب الأكبر من الاستثمارات الصينية حيث بلغت نحو 16.9 مليار دولار أمريكي و5.2 مليار دولار أمريكي على التوالي بين سنتي 2010 و2020.[28]

ولكن هناك انخفاض ملحوظ في عدد وحجم استثمارات الصين في القرن الإفريقي منذ سنة 2017، فيما ركز الجزء الأكبر من الاستثمارات المالية للصين في منطقة القرن الإفريقي على تطوير مشاريع البنية التحتية والمجمعات الصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة، بالإضافة إلى الاستثمارات في قطاعي الطاقة والتكنولوجيا.[29]

كما هو الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، لعبت التكتلات المملوكة للدولة أيضاً دوراً رئيسياً وعلى وجه الخصوص، قدمت البنوك المملوكة للدولة في الصين، لا سيّما بنك التصدير والاستيراد الصيني، التمويل الأكبر لمشاريع الصين بالقرن الإفريقي، وقد قامت شركات البناء الصينية المملوكة للدولة في كثير من الأحيان ببناء هذه المشاريع، في حين أن الشركات اللوجيستية المملوكة للدولة مثل شركة ميناء تجار الصين “سي أم بورت”China Merchants Port (CMPort)، إحدى التكتلات الرئيسية التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، وتشارك في مجموعة من الأعمال التجارية مثل عمليات الموانئ، والنقل العام للبضائع السائبة، وشحن الحاويات، والشحن، والشحن الجوي، وعمليات المجمعات اللوجيستية، أخذت زمام المبادرة في استثمارات الصين في قطاع البنية التحتية في القرن الإفريقي.[30]

بالإضافة إلى هذه الأدوات الاقتصادية التي تمتلكها الصين بمنطقة القرن الإفريقي، فلقد استفادت الصين من الأدوات الديبلوماسية لتعزيز مصالحها، بالإضافة إلى علاقاتها الوثيقة مع دول معينة في المنطقة، مثل إثيوبيا في ظلّ الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، والسودان في عهد عمر البشير؛ حيث استثمرت الصين في منتديات ديبلوماسية واسعة الانتشار، وكان أوضح مثال على ذلك هو منتدى التعاون الصيني الإفريقي، الذي عقد بانتظام كل ثلاث سنوات؛ منذ سنة 2000 مع الدورة الإفريقية الأولى التي استضافتها أديس أبابا وحتى سنة 2003، وقد أدى ذلك إلى تعاون ديبلوماسي أعمق بين الجانبين، بما في ذلك في المنتديات متعددة الأطراف؛ حيث الدول الإفريقية حتى الآن في كثير من الأحيان وقفت إلى جانب الصين في القضايا الخلافية مثل حقوق الإنسان، وعلى النقيض من ذلك ظلت مشاركة الصين الأمنية في القرن الإفريقي محدودة مقارنة بمشاركة دولة الإمارات.

رابعاً: التواجد الإماراتي الصيني بالقرن الإفريقي يتسم بالتعاون أم المواجهة أم كلاهما معاً:

يأتي التقاطع بين الاستراتيجيات الإماراتية والصينية في القرن الإفريقي ومنطقة البحر الأحمر على خلفية نمط واسع من التعاون بين البلدين على مدى العقود الماضية (2000-2021)، حيث تمحور هذا التعاون إلى حدٍّ كبير حول مخطط النفط مقابل التنويع الاقتصادي؛ فمن ناحية زودت الإمارات بكين بتدفقات من إمدادات النفط والغاز؛ حيث شكلت صادرات النفط والغاز الإماراتي للصين ما يعادل 3.1% و6.3% من واردات الصين من النفط الخام والغاز خلال الفترة 2010-2020.[31]

من ناحية أخرى، لم تكن الصين مشتري رئيسي للنفط والغاز الإماراتي فحسب، بل قدمت أيضاً استثمارات وتكنولوجيا ومعرفة لدعم سعي الإمارات للتنويع الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية الإمارات لسنة 2030، حيث كان أحد الأهداف الرئيسية للاستثمار الصيني هو قطاع البنية التحتية الإماراتي، مع التركيز على الموانئ والمناطق الصناعية المرتبطة بها، مما عزز دور دولة الإمارات العربية المتحدة.

تُعدّ الإمارات العربية واحدة من أهم الشركاء الاستراتيجيين للصين في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تمثل 26% من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين الصين والدول العربية، وتضم أكبر عدد من المواطنين الصينيين في منطقة الخليج العربي، وبحسب وزارة التجارة الصينية، بلغ حجم التجارة بين البلدين خلال سنة 2019 نحو 48 مليار و670 دولار أمريكي، وبلغ حجم الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية في الإمارات 6 مليار و440 دولار أمريكي حتى نهاية سنة 2018، ومن كانون الثاني/ يناير إلى كانون الأول/ ديسمبر 2019، وصل الاستثمار للشركات الصينية في الإمارات إلى 820 مليون دولار أمريكي وشكّل ما نسته 54% من استثمارات الصين في كافة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وفق بيان صادر من السفارة الصينية في الإمارات.

كما تحتضن الإمارات 4,200 شركة صينية، و356 وكالة تجارية، وأكثر من 2,500 علامة تجارية صينية مسجلة.

وعزز النفط العلاقات بين الصين والإمارات، ولا سيّما إمارة أبو ظبي، التي تُعدّ الأغنى بين الإمارات السبع، حيث تنبع ثروتها من عائدات تصدير النفط، وتستحوذ على 95% من احتياطات النفط، و94% من احتياطيات الغاز بين الإمارات السبع لدولة الإمارات، وتُعدّ الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم وتسهم الإمارات بـ 3.1% من إجمالي النفط الخام المستورد في الصين لتحتل المركز الثامن ضمن قائمة أكبر مصدري النفط للصين سنة 2019، وتصدر أكثر من 15% من نفطها الخام إلى الصين ويمر من خلالها أكثر من نصف حاجة الصين من النفط الخام سنوياً.

وفي سنة 2020 وافقت شركة بترول أبو ظبي الوطنية على منح شركة الصين الوطنية للنفط البحري (سينوك)China National Offshore Oil Corporation (CNOOC) الصينية، أكبر منتج للنفط الخام والغاز الطبيعي في الحقول البحرية في الصين، حصصاً في امتيازين بحريين في أبو ظبي، وأيضاً في سنة 2019 وقّعت شركة الإنشاءات البترولية الوطنية، التابعة لحكومة أبو ظبي مذكرتَيْ تفاهم منفصلتين مع اثنتين من الشركات الصينية الرائدة في قطاع الطاقة هما الشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية China Petroleum Engineering & Construction Corporation (CPECC)، التابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية China National Petroleum Corporation (CNPC)، والشركة الصينية الوطنية للهندسة الكيميائية China National Chemical Engineering Corporation (CNCEC)، وتهدف المذكرتان إلى استكشاف فرص التعاون المشترك في مشروعات تطوير حقول النفط والغاز البرية والبحرية، ومجالات الاهتمام الاستراتيجي الأخرى.

وفي سنة 2018 وقّعت شركة بترول أبو ظبي الوطنية أدنوك، اتفاقيتَيْ امتياز مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية، حصلت بموجبهما الصين على نسبة 10% في امتياز “أم الشيف ونصر” و10% في امتياز “زاكوم السفلي” البحريين في أبو ظبي. [32]

ومن ناحية أخرى تشهد الإمارات العربية أكبر عدد من السياح الصينيين في الشرق الأوسط؛ بحيث يشكّل السياح الصينيون 6% من إجمالي السياح الوافدين إلى الإمارات بعد أن كانت النسبة 1.7% في سنة 2012، وإمارة دبي وحدها استقبلت خلال سنة 2019 نحو 989 ألف سائحاً صينياً بزيادة 15% عن سنة 2018، وينفق السياح الصينيون أكثر من ملياري دولار أمريكي.

كما سيتعزز التعاون بين الصين والإمارات في مجال الثقافة، والطاقة النظيفة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وسبق للبلدين أن وقّعا اتفاقيات تعاون في هذه المجالات؛ مثل اتفاقية خاصة بتعاون بحثي ثنائي بين جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا وجامعة تسينغهواTsinghua University سنة 2019، بالإضافة إلى التعاون بين جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وعدد من المؤسسات الصينية، وفي سنة 2020 وقّع مجمع كليات التقنية العليا في الإمارات مع شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي اتفاق تعاون بهدف التطوير والتدريب على مستوى التقنيات المتعلقة بتقنيات المعلومات والاتصال.

كما وقّعت مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية بين وزارة الطاقة والصناعة في الإمارات ومصلحة الدولة للطاقة في الصين سنة 2019، ومذكرة تفاهم بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والمؤسسة الصينية الوطنية للطاقة النووية في السنة نفسها.

كما ستنشط العلاقات بين البلدين في مجال الطاقة النووية خصوصاً بعد أن أعلنت الإمارات عن تشغيل أول مفاعل نووي سلمي في العالم العربي في محطات براكة للطاقة النووية بأبو ظبي، كما توقّع تقرير أعدته مؤسسة فيتش سوليوشنز Fitch Solutionsالبريطانية أن تكون الإمارات والصين نقطتين ساخنتين رئيستين للاستثمار في مجال الطاقة الشمسية. وكان ائتلاف مكوَّن من مجموعة الطاقة الكهربائية الفرنسية، التي تسيطر عليها الدولة، وشريكتها الصينية جينكو باور تكنولوجي قد فاز بمناقصة بناء أقوى محطة للطاقة الشمسية عالمياً في مشروع الظفرة في أبو ظبي بالإمارات،[33] وتهدف الصين إلى زيادة إنتاجها من مصادر الطاقة المتجددة إلى 26% بحلول سنة 2030، وبالمثل تستهدف استراتيجية الإمارات للطاقة سنة 2050 إلى إنتاج 50% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر غير نفطية.

ولا يخفى على أحد التعاون بين البلدين في مجال الفضاء، ومن المتوقع أن يزداد التعاون في هذا المجال لا سيّما بعد أن نجح مسبار الأمل الإماراتي في دخول مدار المريخ في 9/2/2021، وإرسال الإمارات رائداً إلى الفضاء، وهذا التعاون سيمكّن الإمارات الاستفادة من الخبرات الصينية في مجال الفضاء، وسبق أن وقّع البلدين في سنة 2016 على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الاستكشاف السلمي للفضاء.

كما ستلعب الصين دوراً كبيراً في معرض “أكسبوا دبي 2020″، الذي كان من المقرر إقامته في سنة 2020، ولكن بسبب تفشي وباء كورونا تأجل إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وسيكون للصين جناح تبلغ مساحته 4,636م، ومن المتوقع أن يكون أكبر الأجنحة المشاركة في الحدث.

وتدرك الإمارات جيداً أنها إذا أرادت تعزيز حضورها في المشهد الدولي من بوابة الاقتصاد فعليها أن تتجه نحو الصين.[34]

في الوقت نفسه ردت الإمارات باستثماراتها الخاصة في البنية التحتية على طول ساحل الصين، حيث تمتلك موانئ دبي العالمية – إقليم الإمارات حصصاً في أربعة مرافق بمواني في الصين.[35]

وفي حين أن كِلا البلدين كانوا من المستثمرين الأقوياء في البنية التحتية المحلية لبعضهما البعض، لكن هذا النمط من التعاون لم يترجم إلى تطوير مشترك للبنية التحتية في بلدان أخرى خارجية، ومن ثم ففي القرن الإفريقي طورت كيانات مثل موانئ دبي العالمية وشركة ميناء تجار الصين “سي أم بورت” مشاريع منفصلة، لكن مع اهتمام كل من الإمارات والصين بتطوير أنواع مماثلة من المشاريع في منطقة القرن الإفريقي، فإن التفاعل والتعاون بين البلدين أمر لا مفر منه قريباً، وسيؤدي هذا التفاعل إلى أنماط متنوعة من التعاون وأيضاً المواجهة.[36]

خامساً: التعاون: الأمن البحري والبنية التحتية التكميلية:

ربما تكون فرص التعاون بين الإمارات والصين في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر أكثر وضوحاً في مجال الأمن البحري، حيث يعتمد كِلا البلدين بشكل كبير على التدفقات التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب، وبالتالي فلدى البلدين مصلحة قوية في ضمان أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب،[37] ولكن في الواقع عندما هدد القرصنة في خليج عدن الشحن التجاري في أواخر العقد الأول من القرن الحالي استجاب كلا البلدين بسرعة؛ حيث قامت الإمارات بدور دعم جهود مكافحة عمليات القرصنة إقليمياً ودولياً، وكما قامت الصين بإرسال سفنها الحربية إلى المنطقة.[38]

بالإضافة إلى ذلك أظهرت مشاريع البنية التحتية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة والصين إمكانية تعزيز بعضها لبعض، وأوضح مثال على ذلك تطوير الممر التجاري لجيبوتي وإثيوبيا في أوائل سنة 2010.

في سنة 2004 حصلت هيئة موانئ دبي الإماراتية على امتياز لتطوير محطة حاويات وميناء دوراليه Doraleh الجديدة في جيبوتي، وهو مشروع يهدف إلى تعزيز الوصول وصول إثيوبيا للموانئ البحرية، لأنها ليست من الدول الساحلية من أجل تعزيز التجارة مع إثيوبيا بشكل فعّال.

لكن يحتاج الميناء الجديد إلى اتصال بري بين جيبوتي وإثيوبيا، ولهذا الغرض في سنة 2011 وقّعت الصين وإثيوبيا وجيبوتي العقود الأولى للسكك الحديدية بين إثيوبيا وجيبوتي، على أن تمولها وتشيّدها بكين، ومن المقرر أن تربط موانئ جيبوتي بأديس أبابا والمناطق الاقتصادية الخاصة في محيطها بحلول سنة 2021.

لكن هذا التعاون لم يثمر، فقد أدى النزاع المتصاعد بين إدارة الأشغال العامة، وهي الجهة التي وقعت الاتفاقية مع هيئة موانئ دبي لتطوير المنطقة والحكومة الجيبوتية، إلى استبدال الأخيرة بمنافس صيني، وبالتالي تلاشى التعاون تاركاً مجالاً من المنافسة بين الإمارات وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والصين من جهة أخرى للسيطرة على منطقة القرن الإفريقي.

سادساً: منطقة “دوراليه” والتنافس الصيني الإماراتي بمنقطة القرن الإفريقي:

محطة حاويات دوراليه هي ميناء يقع في جيبوتي على بعد نحو 5 كم غرب العاصمة جيبوتي، بدأت مشاريع تطوير محطة حاويات دوراليه بدعم إماراتي في سنة 2004، عندما وقّعت الحكومة الجيبوتية مع موانئ دبي العالمية اتفاقية؛ من شأنها أن تمتلك موانئ دبي العالمية 33.34%، النسبة المتبقية 66.66% مملوكة “لبورت دي جيبوتي” وهي سلطة الموانئ في الولاية، ونصت الاتفاقية بأن تتمتع موانئ دبي العالمية بالحق في تطوير وإدارة موانئ المنطقة بموجب اتفاقية إيجار مدتها 30 عاماً.

ولكن بعد فترة وجيزة من افتتاح محطة الحاويات، بعد بضع سنوات، توترت العلاقات بين الحكومة الجيبوتية وإدارة الأشغال العامة تدريجياً، حيث أبدت الحكومة الجيبوتية استياءها من شروط الاتفاقية واتهمت الأخيرة بالفساد في إدارة الميناء.

وفي سنة 2012 اتخذت الأحداث منعطفاً حاداً عندما قررت الحكومة الجيبوتية تكثيف مشاركتها مع إحدى منافسي موانئ دبي العالمية وهي شركة ميناء تجار الصين “سي أم بورت”.

وفي غضون عامين، دخلت شركة ميناء تجار الصين “سي أم بورت” مباشرة في مخطط ملكية لمنطقة دوراليه عن طريق شراء 23.5% من ميناء جيبوتي على البحر الاحمر، وبدأت أيضاً في تطوير ميناء جديد في منطقة دوراليه وهو ميناء دوراليه متعدد الأغراض بجوار محطة حاويات دوراليه مباشرةً.[39]

أثارت هذه التطورات غضب شركة الخدمات اللوجيستية الإماراتية، التي ادعت الحق الحصري في تطوير منطقة وموانئ دوراليه بموجب اتفاقية سنة 2004، وشهدت السنوات التالية تصعيداً في الخلاف لا سيّما في سنة 2015 عندما رفضت الحكومة الجيبوتية طلب الإمارات إجراء عملياتها العسكرية في اليمن من الأراضي الجيبوتية.

ومنذ ذلك الحين بدأت موانئ دبي العالمية في تطوير موانئ أخرى في المنطقة ولا سيّما بربرة في جمهورية أرض الصومال، والتي من شأنها أن تنافس جيبوتي على إدارة التجارة المتجهة إلى إثيوبيا، ومن جانبها عززت الحكومة الجيبوتية علاقاتها مع الصين، التي افتتحت في سنة 2017 أول قاعدة عسكرية خارجية في جيبوتي.

وصل الخلاف إلى ذروته سنة 2018 عندما قررت حكومة جيبوتي إنهاء الاتفاقية من جانب واحد مع هيئة مواني دبي؛ الخاص بإدارة منطقة دوراليه لمدة 30 عاماً، والاستيلاء على المحطة وطرد شركة الخدمات اللوجيستية الإماراتية، وقد أدى ذلك إلى سلسلة من الخلافات القانونية، حيث قدمت إدارة الأشغال العامة للمحاكمة، ليس فقط الحكومة الجيبوتية المتهمين بخرق اتفاقها مع موانئ دبي العالمية ولكن أيضاً شركة ميناء تجار الصين “سي أم بورت”؛ واتهمتها بالتأثير على حكومة جيبوتي، في حين أنه من الصعب إجراء تقييم قاطع لتأثير هذا الخلاف الثلاثي حول دوراليه، تجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة 2018 توقفت جميع المساعدات الإنمائية الرسمية من دول الخليج إلى جيبوتي؛ ربما نتيجة لهذا التداعيات.

ومع ذلك استمرت العلاقات بين الإمارات والصين، كما تشهد على ذلك زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج Xi Jinping إلى الإمارات في تموز/ يوليو 2018 في، ذروة النزاع.

سابعاً: التغلغل الصيني العسكري في جيبوتي:

تُعدّ استثمارات بكين الواسعة في جيبوتي نموذجاً مصغراً لكيفية اكتساب الصين موطئ قدم استراتيجي في جميع أنحاء القارة الإفريقية، فكما استخدمت الدول الغربية المستعمرون السابقون لإفريقيا لعقود من الزمان حزم المساعدات الضخمة للاستفادة من الصفقات التجارية والأمنية، فالمشاريع التي تمولها الصين جلبت تطويراً ضخماً للبنية التحتية في دول القرن الإفريقي.

إذ أصبحت جيبوتي التي قررت الصين أن تبني عليها قاعدتها العسكرية الخارجية الوحيدة سنة 2017 اليوم مكاناً مهماً لتنافس الخصمين الاستراتيجيين، مكاناً قد ترجح فيه كفة الميزان في المستقبل القريب، حسب تقديرات المحللين، لصالح بكين.

لم يحل كونها الدولة الأصغر مساحة في القارة الإفريقية من امتلاكها العديد من المزايا التي جعلتها كياناً ذا ثقل استراتيجي يجذب القوى العالمية، فجيبوتي تتحكّم بأحد أكثر الطرق البحرية ازدحاماً في العالم، مضيق باب المندب، الممر المائي الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر ويمر عبره نحو 4% من إمدادات النفط العالمية.

لقد أصبحت الصين سابع دولة تقيم وجوداً عسكرياً في جيبوتي، بعد سنوات من العمل الدؤوب لها في توسيع علاقاتها العسكرية في إفريقيا،[40] من خلال بعثات حفظ السلام الممتدة، وتدريب الأفراد العسكريين، وزيادة مبيعات الأسلحة؛ فكما يُبيّن بحث أجراه معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام Stockholm International Peace Research Institute (SIPRI)، تُعدّ الصين هي المورد الثاني للأسلحة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بعد روسيا، والمورد الثالث لشمال إفريقيا بعد روسيا والولايات المتحدة.[41]

لقد ركزت الصين بعد إعلانها بناء منشأة عسكرية سنة 2015 على الاستفادة القصوى من الموقع الاستراتيجي لجيبوتي التي تقع على الحافة الشرقية للقارة الإفريقية والضفة الغربية للمحيط الهندي، ففي بلد لا يوجد فيه موارد طبيعية تقريباً، أرادت الصين تحويل جيبوتي إلى دبي القرن الإفريقي، فاستثمرت بشكل كبير في مشاريع البنية التحتية؛ كالمطارات الدولية وخطوط السكك الحديدية التي تمتد إلى إثيوبيا غير الساحلية، وعلى سبيل المثال أنشأت خط السكة الحديد الكهربائي الإثيوبي – الجيبوتي بقيمة 4 مليارات دولار،[42] وقامت بتمويل شبكة أنابيب مياه تزيد قيمتها على 300 مليون دولار تنقل مياه الشرب من إثيوبيا إلى جيبوتي، كما أنفقت بكين مئات الملايين من الدولارات لتحويل ميناء جيبوتي إلى أكبر ميناء في المنطقة.[43]

وفيما يتعلّق بالقاعدة العسكرية الصينية، وهي إحدى القواعد التي تُعَدُّ مصدر دخل مهماً لجيبوتي، تدفع الصين 100 مليون دولار سنوياً كإيجار، وهو مبلغ يفوق بكثير ما تدفعه الولايات المتحدة وفرنسا، إذ من المهم بالنسبة لبكين أن تصبح جيبوتي فعلاً شريكاً اقتصادياً موثوقاً يصل بها إلى لؤلؤة جديدة في “سلسلة اللؤلؤ” التي تعمل الصين على إنجازها بربط الموانئ البحرية بعضها ببعض؛ لتأمين الممرات البحرية للنقل والتجارة والاتصالات من الصين إلى إفريقيا.[44]

في تموز/ يوليو 2017، غادرت سفن حربية صينية متوجهة نحو قاعدة الدعم الصينية الأولى في جيبوتي، هذه السفن، وفي تنفيذ عملي لاتفاق يمنح بكين وجوداً عسكرياً في البلاد حتى سنة 2026، حملت نحو 10 آلاف جندي صيني للوجود في الموقع الحيوي الذي أرادت بكين منه إبراز قوتها في إفريقيا والشرق الأوسط.[45]

قبيل افتتاح القاعدة التي بلغت تكلفة بنائها 590 مليون دولار، وتحديداً في سنة 2015، تحدثت الصين عن أن القاعدة هي مجرد منشأة لوجيستية، لديها مهام معينة، كالمشاركة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، ومكافحة القرصنة في خليج عدن، ومهام أخرى تتعلق بالإغاثة الإنسانية في جيبوتي، واستمر الإصرار الصيني على أن تلك هي مهام القاعدة؛ حتى مع استعراض القوات الصينية بعد شهرين من وصولهم للقاعدة قوتها القتالية بشكل كبير في أول تدريبات بالذخيرة الحية.[46]

لقد تجاوزت الأهداف الصينية كل ما حاولت القيادة الصينية تأكيده للعالم، إذ أن القاعدة التي ستستخدم لتعزيز موقع الصين في المحيط الهندي لخدمة الاستراتيجية الصينية البحرية، القائمة على مواجهة الهند في المحيط الهندي، وتهدف اقتصادياً إلى تعزيز الصادرات الصينية من خلال الطرق البرية والبحرية التجارية، لذلك فقاعدة جيبوتي ستحقق إلى حدٍّ كبير أهداف مبادرة “حزام واحد وطريق واحد”، كون معظم صادرات الصين اليومية إلى أوروبا والتي تبلغ قيمتها مليار دولار، تجتاز مسيرها عبر خليج عدن وقناة السويس.

أما عسكرياً، فتحركات الصين الجارية الآن في تلك القاعدة، والتي كشفتها الأقمار الصناعية والتقارير غير الرسمية، تظهر أن القاعدة هي بالأحرى حصن عسكري قد يستوعب آلاف الجنود بسبب البنية التحتية العسكرية الهائلة التي تضم ثكنات ووحدات تخزين وصيانة، ومرافق إرساء يمكنها التعامل مع معظم السفن في أسطولها البحري المجهز، ومهبط طائرات هيلوكوبتر، وكذلك هي مجهزة بمرافق الحرب الإلكترونية التي توفر سهولة في جمع المعلومات الاستخبارتية، وقد قال ضابط مخابرات متقاعد في الجيش الهندي إن “المنشأة التي تبلغ مساحتها 200 فدان تضم 10 ثكنات على الأقل ومستودع ذخيرة ومهبط طائرات عمودية، وتحيط أربع طبقات من الأسوار الواقية بالمحيط؛ يبلغ طول السياجين الداخليين ثمانية إلى عشرة أمتار ومرصعة بأعمدة حراسة”.[47]

إن القاعدة البحرية في جيبوتي صممت بمحيط أمني ​​واسع يتميز بثلاث طبقات للدفاع، كما “تتكوّن الطبقة الداخلية من جدار محيط كبير مع العديد من الأبراج المكونة من طابقين في الزوايا للمراقبة أو لوصول القوات إلى الجدار، وخارج هذه الجدران الكبيرة يمكن رؤية جدار أصغر أو سياج سميك مع العديد من أبراج المراقبة المنتشرة على طول المحيط، حيث توفر المسافة بين الجدران وخارج الجدار الخارجي الطبقة الثالثة من الأمان” كما جاء في تقرير موقع ستراتفور STRATFOR الأمريكي،[48] بل إنه في أيار/ مايو 2020 كشفت الأقمار الصناعية أن الصين، التي تُواصِل العمل في القاعدة المحصنة كقلعة حديثة، جهّزت رصيفاً يبلغ طوله 1,120م بشكل يسمح قريباً باستخدام السفن، وكذلك استيعاب حاملات الطائرات الصينية الجديدة، وحاملات الهجوم أو السفن الحربية الكبيرة الأخرى، بل ويمكن للرصيف أن يستوعب بسهولة أربع غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية في الصين، والصورة التالية توضح القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي.

صورة من الأقمار الصناعية تُظهر توسع القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي[49]

وبالرغم من أنه لا يمكن تفنيد حقيقة أن القواعد العسكرية الأجنبية في جيبوتي بشكل عام لديها دفاعات عسكرية قوية كقاعدة ليمونير Camp Lemonnier الأمريكية، فإنه حسب ما تكشفه لا شيء يضاهي قوة القاعدة الصينية التي تضم الآن دفاعات كبيرة على جميع الجوانب، وتضم مجموعة من المدافع الأوتوماتيكية والصواريخ المضادة للدبابات والمدافع الكبيرة.

هناك مخاوف من النفوذ الصيني في جيبوتي بسبب نقطتين مهمتين، أولاهما النفوذ الذي يمكن أن توفره الأموال الصينية السخية التي تضخ كديون في تمويل البنية التحتية الحيوية من موانئ، ومطارات، وسكة حديد جديدة، وخط أنابيب مياه في جيبوتي، فهذا البلد كغيره من الدول الإفريقية التي تقضم أكثر مما تستطيع مضغه من الديون الصينية من السهل أن تقوِّضها الديون الصينية التي تبلغ 60% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بالإضافة إلى أن حكومة جيبوتي التي تواجه ديناً متزايداً من السهل عليها تسليم بعض الأصول الرئيسية ومن ضمنها قاعدة “ليمونير” الأمريكية حليف الإمارات الرئيسي إلى الصين التي تمتلك حصة الأسد من الدين العام في جيبوتي، يدعم تحقيق ذلك أن التباين في المساعدات كافٍ للإيجاد تضارب في المصالح بين الجهات الأجنبية، ومن ثم توجيه الموازين نحو مراعاة مصالح الصين.

لذلك تُعدّ استثمارات بكين الواسعة في جيبوتي نموذجاً مصغراً لكيفية اكتساب الصين موطئ قدم استراتيجي في جميع أنحاء القارة الإفريقية، كما استخدمت الدول الغربية المستعمرين السابقين لإفريقيا، لعقود من الزمان حزم المساعدات الضخمة للاستفادة من الصفقات التجارية والأمنية بدول القارة الإفريقية، لكن المشاريع التي تمولها الصين جلبت تطويراً ضخماً للبنية التحتية في دول القرن الإفريقي.

تظهر التطورات الأخيرة المتعلقة بمحطة وميناء دوراليه في جيبوتي، بأن التعاون بعيد كل البعد عن كونه النتيجة المحتملة الوحيدة للتفاعل الصيني الإماراتي في القرن الإفريقي؛ ففي حالة جيبوتي كانت المواجهة اقتصادية، وتجلت على أنها منافسة بين الشركات اللوجيستية المملوكة للدولة في البلدين.

ومع تدهور العلاقات بين حكومة جيبوتي وموانئ دبي العالمية، سارعت شركة ميناء تجار الصين “سي أم بورت” إلى تصعيد مشاركتها الاقتصادية في دولة جيبوتي.

واحتجاجاً على قرار الحكومة الجيبوتية بطرد موانئ دبي العالمية من دوراليه سنة 2018، رفعت الشركة الإماراتية دعوى في المحاكم الدولية ليس فقط ضدّ الحكومة الجيبوتية، ولكن أيضاً ضدّ شركة ميناء تجار الصين “سي أم بورت” مما أدى إلى تأليب عمالقة الخدمات اللوجيستية الإماراتيين والصينيين ضدّ بعضهم في المحكمة.[50]

بالإضافة إلى ذلك ألقت الإمارات والصين بثقلهما وراء المشاريع المتنافسة المحتملة، حيث تدعم الصين تطوير الممر بين جيبوتي وإثيوبيا القائم بالفعل، وتروج الإمارات لممر منافس من ميناء بربرة في جمهورية أرض الصومال إلى إثيوبيا.[51]

وبينما ظلت المواجهة المباشرة حتى الآن مقتصرة على حالة جيبوتي، فهناك مسارح أخرى للمنافسة المحتملة بين الإمارات والصين؛ إحداها على سبيل المثال لا الحصر هي إثيوبيا حيث توجد بعض الأدلة على أن أديس أبابا تقلل من اعتمادها على الصين بينما تعمل على توسيع العلاقات مع الإمارات منذ أن تولى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي منصبه سنة 2018، ووسعت الإمارات بصورة كبيرة بوضع بصمتها بالتأثير على القرار السياسي والاقتصادي الإثيوبي.[52]

ومن الناحية الاقتصادية زادت دولة الإمارات من التزاماتها تجاه إثيوبيا، حيث بلغت التدفقات المالية الإماراتية لإثيوبيا ما يقرب من 4.5 مليار دولار أمريكي بين سنتي 2018 و2020،[53] بالإضافة لدعم الإمارات تطوير ممر تجاري بين إثيوبيا وميناء بربرة الذي تديره الإمارات في جمهورية أرض الصومال، مما يعدّ أن الخطوات الإماراتية تهدف إلى تقليل اعتماد أديس أبابا على الموانئ التي تديرها الصين في جيبوتي،[54] كما قدمت الإمارات الدعم لحكومة آبي أحمد الإثيوبية لمجموعة من المشاريع الرمزية مثل تجديد حديقة الوحدة في أديس أبابا،[55] بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي أصبحت أبو ظبي شريكاً ديبلوماسياً رئيسياً لإثيوبيا، حيث ساعدت في التوسط في اتفاقية السلام الإثيوبية الإريترية سنة 2018 كما قدمت خدمات الوساطة في الاشتباكات الحدودية الأخيرة بين إثيوبيا والسودان.[56]

وعلى النقيض من ذلك فإن علاقات الصين مع إثيوبيا، التي ترعاها تاريخياً الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، تهدأ نسبياً منذ سنة 2018 وانخفضت التدفقات المالية من الصين إلى إثيوبيا في السنوات الأخيرة، حيث انخفض متوسط الاستثمار سنوياً من 2 مليار دولار أمريكي في 2010– 2018إلى 400 مليون فقط في 2018–2020،[57] بالإضافة إلى ذلك فإن قتل الجيش الإثيوبي لوزير الخارجية السابق سيوم مسفين Seyoum Mesfin، وهو الشخصية المؤثرة في تعزيز العلاقات الصينية الإثيوبية، أضاف مزيداً من التوتر إلى العلاقات الصينية الإثيوبية.[58]

لذلك فبالإضافة إلى الخلافات المباشرة في منطقة القرن الإفريقي، يمكن أن تنشأ التوترات بين الإمارات والصين في المنطقة نتيجة للديناميات الجيو-سياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي المنطقة الأوسع الممتدة من ساحل القرن الإفريقي إلى المحيط الهادئ، من ناحية أخرى تتمتع الإمارات بشراكة أمنية وثيقة مع الولايات المتحدة تمّ تعزيزها بإعلان الكونجرس Congress الأمريكي في 13/4/2021 أن إدارة الرئيس جو بايدن Joe Biden أبلغت الكونجرس أنها ستمضي في صفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار أمريكي،[59] وكذلك العلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات من جهة، وبين الهند[60] واليابان[61] من جهة أخرى.

حيث تسعى الدول الثلاث الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، والهند، لمواجهة نفوذ الصين المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبالتالي من المحتمل أن تصبح الإمارات في خلاف مستمر مع الصين.[62]

وعلى الجانب الآخر أقامت الصين علاقات تعاون مع إيران،[63] المنافس الإقليمي للإمارات مما يوفر لها الدعم الديبلوماسي والتعاون الاقتصادي في أوقات العزلة الدولية، حتى الآن لم يمنع هذا التناقض في الشراكات الإقليمية للإمارات والصين وبكين من تطوير علاقتهما الثنائية بما يتماشى مع مصالحهما المحلية.

ومع ذلك من الصعب التنبؤ ما إذا كانت هذه الرؤية ستستمر؛ لا سيّما مع ارتفاع درجات التوتر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما أن علاقات الصين مع الولايات المتحدة والهند تتدهور بشكل تدريجي، وهما الدولتان اللتان تقيمان علاقات جيدة مع الإمارات.

ثامناً: التداعيات على القرن الإفريقي:

من المتوقع أن تشعر دول القرن الإفريقي حيث تشارك كل من الإمارات والصين بالتنمية اقتصادية نتيجة للتفاعلات الصينية الإماراتية في المنطقة وخارجها، قد تكون هذه التداعيات لها العديد من النتائج الإيجابية والسلبية على حدٍّ سواء، ولكن من الضروري إجراء تقييم واضح للفرص والمخاطر بالنسبة لبلدان القرن الإفريقي من أجل وضع سياسات يمكن أن تزيد من الإيجابيات وتقلل من السلبيات.

1. الآثار الإيجابية للتفاعلات الإماراتية الصينية بمنطقة القرن الإفريقي:

إن المنافسة بين الإمارات والصين في منطقة القرن الإفريقي لديها القدرة على تحقيق العديد من النتائج الإيجابية للمنطقة.

فكما هو موضح في السابق قد تؤدي مشاريع البنية التحتية من الناحية النظرية إلى نتائج إيجابية، ليس فقط للإمارات والصين، ولكن أيضاً لدول القرن الإفريقي، التي ترحب بمزيد من الاستثمارات، بالإضافة إلى ذلك فيمكن أن يؤدي وجود العديد من المستثمرين المحتملين إلى زيادة المنافسة، مما قد يؤدي إلى سباق على الاستثمارات وزيادة التدفقات المالية إلى قطاع البنية التحتية في دول القرن الإفريقي المتخلف.

فإن العدد الكبير من المشاريع التي تمّ إطلاقها وتطويرها خلال السنوات القليلة الماضية يضفي مصداقية على هذه الفرضية فيما يتعلق بالموانئ على سبيل المثال، إلى جانب المواقع التي طورتها الإمارات في إقليم بربرة بجمهورية أرض الصومال، وبوساسو، وبونتلاند.

كما أقامت الصين العديد من المشروعات في جيبوتي، تمّ الانتهاء من مشاريع البنية التحتية الإضافية في المنطقة، مثل قيام شركة البيرق Albayrak التركية بتنظيف وإعادة تأهيل ميناء مقديشو الصومالي،[64] وهناك المزيد من المشاريع في طور الإعداد مثل الجهود التركية،[65] والقطرية،[66] لإحياء الميناء القديم بجزيرة سواكن السوداني، وكما تشارك قطر في تنفيذ مشروع بناء ميناء هوبيو Hobyo port بإقليم مدغ وسط الصومال،[67] كما وقعت حكومة ولاية جلمدج الصومالية اتفاقاً مع اتحاد أورينتال تيرمينال Oriental Terminal ومقره لندن، ويتألف من شركات تركية وصومالية وبريطانية لإدارة ميناء هوبيو الصومالي الاستراتيجي، وهو ما يعني نهاية الخطط السابقة التي طُرحت بإشراك قطر في هذا المشروع، خصوصاً بعدما أفادت تقارير بأن الحكومة القطرية قد وقعت في آب/ أغسطس 2019 اتفاقية بقيمة 170 مليون دولار لبناء الميناء من خلال شركة موانئ قطر.[68]

خريطة الموانئ البحرية في منطقة القرن الأفريقي:

يُعدّ ساحل القرن الإفريقي مهماً من الناحية الاستراتيجية؛ لأنه يقع على مضيق باب المندب وساحل المحيط الهندي، حيث يمر به ما يقرب من 20% من التجارة العالمية والشحن البحري، بفضل تطوير الموانئ البحرية بالمنطقة من المقرر أن تكون البوابة والوصلة الرئيسية التي تربط إفريقيا جنوب الصحراء بهذا الطريق التجاري الدولي.

كما يمكن لسفن الشحن التجارية التي تبحر من خلال مضيق باب المندب الآن؛ إنزال شحناتها التجارية في أيّ من موانئ البحر الأحمر أو القرن الإفريقي، وبالمثل يمكن بسهولة انتقاء البضائع المصدرة من دول إفريقيا بجنوب الصحراء ووارداتها وتصديرها لباقي دول العالم أو تسليمها من هذه الموانئ ونقلها إلى وسط وغرب الساحل الإفريقي عن طريق السكك الحديدية أو الطرق البرية.

في الآونة الأخيرة برزت أهمية منطقة القرن الإفريقي وموانئه البحرية من خلال اكتشافات النفط والغاز والمعادن الاستخراجية الأخرى في بلدان إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، كما يوجد اكتشافات ضخمة للنفط والغاز والمعادن في كُلاً من إريتريا، وإثيوبيا، وجنوب السودان، وتشاد، والسودان، وأوغندا، ورواندا، والصومال، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكينيا.

بالإضافة إلى ذلك تشهد دول القرن الإفريقي الساحلية نهضة نسبية؛ مكنت من تطوير موانئها وطرقها التي لم تتحقق في الخمسين عاماً الماضية منذ سنة 1970، فلقد دمرت هذه البلدان الحروب الأهلية والإقليمية والقواعد العسكرية وعدم الاستقرار الذي أعاق مساعيها لمواجهة تحديات التنمية الوطنية.

لذلك تزخر منطقة القرن الإفريقي بعدد كبير من الموانئ البحرية على طول ساحل البحر الأحمر والمحيط الهندي، فهناك أكثر من ثمانية موانئ بحرية متطورة في إريتريا، وجيبوتي، والصومال، والسودان، وكينيا على البحر الأحمر، تتمثل أبرزها في الجدول التالي.

جدول رقم 2: الموانئ البحرية في القرن الإفريقي[69]

اسم الميناء الوصف
1 ميناء بورتسودان يعدّ الميناء الرئيسي في السودان، ويتكون من عدة موانئ مختلفة الاختصاصات؛ هي الميناء الشمالي، والميناء الجنوبي، والميناء الأخضر، وميناء الخير، وميناء سواكن. وبورتسودان هو المنفذ البحري الوحيد للسودان التي تمر تجارتها عبره، ويمكن الاعتماد عليه من قبل بعض الدول الحبيسة مثل جنوب السودان وأوغندا والكونغو الديمقراطية. كما أنه يتوسط البحر الأحمر، ويعدّ ممراً مهماً للبحر المتوسط عبر قناة السويس، مما يجعله قريباً من تطورات التجاذبات الدولية والإقليمية في شرق المتوسط، وفي أحداث ليبيا، وهو ما جعل موسكو تندفع نحو إنشاء قاعدة لوجيستية لقواتها فيه. ويمكن الربط بينه وبين أهم الموانئ السعودية المطلة على البحر الأحمر، والتي تبعد عنه بنحو 250 كم.
2

 

 

ميناء عصب الإريتري يقع في أقصى جنوب البلاد، ويتمتع بموقع استراتيجي مهم، لقربه الجغرافي من مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يبعد عنه بمقدار 20 ميلاً بحرياً. كما يقترب من الحدود اليمنية، وبعض الموانئ اليمنية مثل ميناء المخا الذي يبعد عنه بنحو 40 ميلاً بحرياً.
3 ميناء مصوع الإريتري يعد الميناء الرئيسي في إريتريا، وهو الأكبر مساحة والأكثر نشاطاً مقارنة بميناء عصب. ويتوسط الساحل البحري الإريتري، وتتزايد أهميته الاستراتيجية بسبب موقعه القريب من مضيق باب المندب، وكذلك اليمن ومنطقة الخليج العربي.
4 ميناء جيبوتي يقع عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي، وهو أحد موانئ التصدير الرئيسية في شرق إفريقيا كما يُعدّ حلقة وصل وبوابة مهمة لأسواق بلدان شرق ووسط إفريقيا ومركزاً إقليمياً لنقل البضائع، ويطل على مضيق باب المندب الذي يتمتع بأهمية جيو–استراتيجية كبيرة، وتعتمد عليه بكين بوصفه أحد الموانئ الرئيسية في شرق إفريقيا ضمن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها سنة 2013.
5 ميناء بربرة يقع في إقليم أرض الصومال، وهو من أقدم الموانئ الصومالية، وتُجرى بعض التوسعات في الميناء لاستيعاب المزيد من الحاويات والبضائع. ويوصف هذا الميناء بأنه مفتاح البحر الأحمر، ويمثل عامل الاستقرار الأمني لأرض الصومال حافزاً قوياً للاعتماد على الميناء مستقبلاً، تجارياً وعسكرياً، وكما يُنظر إليه كبديل مستقبلي محتمل لميناء جيبوتي في المنطقة.
6 ميناء مقديشو يُعدّ أكبر الموانئ في الصومال، ويمكنه التعامل مع مختلف أحجام السفن التجارية. ويتمتع بأهمية استراتيجية كونه يطل على ساحل المحيط الهندي، كما أنه يقع ضمن الحزام الاستراتيجي لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
7 ميناء بوساسو هو ثاني أكبر ميناء في الصومال بعد مقديشو، ويطل على خليج عدن. ويتميز بالقرب من مدخل مضيق باب المندب، وفي مواجهة الساحل البحري اليمني، وتحديداً ميناء المكلا.
8 ميناء هوبيو يقع في شمال شرق الصومال بالقرب من خليج عدن ومضيق باب المندب، ويمثل حلقة وصل بين شمال الصومال وجنوبه. ويمكن أن يمثل بوابة عبور للصادرات النفطية من إقليم أوجادين في إثيوبيا إلى العالم الخارجي.
9 ميناء مومباسا يُعدّ من أكبر الموانئ في شرق إفريقيا، ويُعدّ مركزاً إقليمياً لشرق ووسط إفريقيا، ويتوقع أن يكون قادراً على التعامل مع 110 مليون طن من البضائع بحلول سنة 2040 مقارنة بـ 22 مليون طن سنوياً في الوقت الراهن، واستقبال أكثر من 2.6 مليون حاوية بحلول سنة 2025. كما يخدم الميناء دول أوغندا، ورواندا، وبوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ويحتوي على 21 مرسى بالإضافة إلى رصيفين للنفط السائل، ويوفر الميناء خيارات عدة للمستثمرين الأجانب مثل عمليات التخزين.
10 ميناء لامو يقع شمال ميناء مومباسا في كينيا، ويتألف من 32 مرسى، ويمكن استغلاله كمنفذ للدول الحبيسة. وهو جزء من مشروع لابسيت Lapsset الممر الذي يربط بين جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا، مما سيمنحه مزايا عدة كبوابة ومركز للنقل في منطقة شرق إفريقيا.

لقد ضاعفت الموانئ البحرية الأهمية الجيو–استراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي، لتحتل مرتبة متقدمة بالنسبة لسياسات القوى الإقليمية والدولية الطامحة للعب دور هناك؛ مثل الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، والإمارات، وتركيا، وإثيوبيا. ومع تنامي المصالح الأمنية والاقتصادية والاستراتيجية لتلك القوى، تتعزز أهدافها على المديين القصير والطويل في استغلال موانئ المنطقة اقتصادياً وتجارياً لتحفيز اقتصاداتها، وضمان الحصول على المزيد من الموارد، وصولاً إلى الحصول على عقود امتياز لإدارة هذه الموانئ الاستراتيجية تدوم لسنوات طويلة.

نظراً للتدهور في قطاع البنية التحتية في دول القرن الإفريقي وإمكاناته التجارية المتنامية يمكن أن يحقق مثل هذا السباق الاستثماري فوائد اقتصادية كبيرة للمنطقة، بالإضافة إلى رفع مستويات الاستثمار والمزايا الاقتصادية المترتبة على ذلك فإن وجود العديد من المستثمرين يمكن أن يكون له تأثير اقتصادي وسياسي إيجابي في دول القرن الإفريقي.

لكن مع مواجهة مجموعة كبيرة من المستثمرين المحتملين، قد تكون الحكومات المحلية قادرة على اللعب ضدّ بعضهم البعض، وامتلاك أدوات متنوعة في أيديهم لفرض قراراتهم مثل ما قامت به حكومة دولة جيبوتي بطرد هيئة موانىء دبي العالمية واستبدالها بشركة صينية، حيث سمح وجود مصادر بديلة للاستثمار.

ولكن يجب على متخذي القرار الإقليمي مراقبة قدرة حكام دول القرن الأفريقي لاستخدام النفوذ السياسي لصالح بلادهم ومع ذلك، فإن وجود أدوات اقتصادية وسياسية متنوعة في أيدي الحكومات المحلية تجاه الجهات الفاعلة الخارجية قد يكون، من الناحية النظرية تطوراً إيجابياً.

2. الآثار السلبية للتفاعلات الإماراتية الصينية بمنطقة القرن الإفريقي:

إن النتائج الاقتصادية المحتملة للمنافسة الصينية الإماراتية في القرن الإفريقي ليست إيجابية بالضرورة إذا أصبحت الاعتبارات الاستراتيجية للمستثمرين أكثر أهمية من الجدوى التجارية للمشاريع وفوائدها الاجتماعية والاقتصادية المقدرة.

فهناك خطر جسيم يتمثل في أن التأثير الصافي للاستثمارات الخارجية على الاقتصادات والمجتمعات المحلية قد يكون سلبياً، أوضح خطر في هذا الصدد هو أن المستثمرين وضعوا قيوداً على تطوير البنية التحتية للقرن من أجل تعزيز أجنداتهم الخاصة.

فعلى سبيل المثال اتهم بعض المراقبين موانئ دبي العالمية بعرقلة تطوير الموانئ في جميع أنحاء دول القرن الإفريقي من أجل الحفاظ على هيمنة ميناء جبل علي بالإمارات الرئيسي،[70] وكان هذا الاتهام قد وجهته الحكومة الجيبوتية للشركة الإماراتية في شباط/ فبراير 2018 حينما ألغت عقدها مع شركة موانئ دبي العالمية.

يتمثل الخطر الثاني في أن اللاعبين الدوليين بمنطقة القرن الإفريقي قد يلقون بثقلهم وراء مشاريع البنية التحتية، لكنهم يفشلون في معالجة التحديات التي تمنع التجارة الإقليمية.

ومن الأمثلة في هذا الصدد خط سكة حديد إثيوبيا – جيبوتي، فقد أفادت التقارير أنه بعد عامين ونصف من بدء التشغيل ضعفت قيمته الاقتصادية بسبب ضعف الإقبال عليه في حين لم يتم تقديم تفسير قاطع لهذا الأداء الضعيف،[71] وكان مبرر أسباب ضعف أداء خط السكة الحديدي؛ انقطاع التيار الكهربائي والاحتجاجات المحلية والتصادم مع الحيوانات.[72]

وتشير هذه السلبيات إلى الحاجة أكثر بالتوجه لاستثمارات أخرى بجانب البنية التحتية لتعزيز التجارة بنجاح في القرن الإفريقي، وليس من الواضح ما إذا كان المستثمرون الأجانب مستعدون وقادرون على مواجهة هذه التحديات.

بالنسبة للممولين مثل الإمارات أو الصين أو الكيانات التي تدعمها الحكومة قد تكون مزعجة ولكنها ليست مستحيلة، فمن المحتمل أن يكون لدى الممولين موارد كافية لتغطية الخسائر بالإضافة للمزايا الاستراتيجية المرتبطة بالقرض الذي يوفر بعض الفوائد، ومع ذلك بالنسبة للحكومات الضعيفة مالياً في القرن الإفريقي، يمكن أن تكون التداعيات المالية خطيرة، ويمكن أن تتفاقم بسبب التداعيات السياسية من حيث التوقعات التي لم تتم تلبيتها؛ فعلى سبيل المثال تمّ تمويل خط سكة حديد إثيوبيا وجيبوتي بقروض صينية وقد حملت ضغوطاً كبيرة على خزائن كل من إثيوبيا وجيبوتي، لذلك يمكننا القول أن الصين والإمارات تعمدت إغراق بلدان القرن الإفريقي بالديون لانتزاع بعض التنازلات منها، وأكبر دليل القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي.[73]

فما تزال الديون الناتجة عن المشاريع غير الناجحة الممولة من الخارج تمثل مشكلة اقتصادية كبيرة لدول منطقة القرن الإفريقي، يتمثل الخطر الاقتصادي الأخير الذي قد يرغب صانعو السياسات في مراعاته في أنه إذا كانت الاعتبارات الاستراتيجية للمستثمرين لها الأسبقية على الاعتبارات المحلية للدول القرن الإفريقي، لذلك فإن السباق نحو الاستثمار في موانئ القرن قد يؤدي في النهاية إلى فائض في البنية التحتية، مما يمنح المنطقة موانئ أكثر من التي تحتاج لها، وبالنظر إلى الإيجابيات للقرن الإفريقي فيما يتعلق بنمو السوق وحالة بنيتها التحتية قد يبدو هذا الاحتمال غير مرجح ومع ذلك فعلى المدى المتوسط أو الطويل قد يكون من المهم وضع هذه الرؤية في الاعتبار.

إلى جانب هذه التداعيات الاقتصادية المحتملة، قد يكون للمنافسة الصينية الإماراتية في القرن آثاراً سلبية خطيرة على الصعيد السياسي، فقد تفتح المنافسة الجيو–سياسية المتزايدة بين المستثمرين أو الممولين المحتملين فرصاً حيث يقدم القادة السياسيون في القرن الإفريقي دعماً دولياً للشركاء الخارجيين مقابل المال لاستخدامه في السياسة المحلية كلما أصبح السياق الجيو–سياسي أكثر استقطاباً، من المرجح أن تصبح الأموال المتداولة أكبر مما يزيد من الحوافز لقادة القرن الإفريقي مما يزيد من الصراع السياسي بالمنطقة، مع زيادة احتمالية ترجمة التوترات الدولية إلى التوترات الإقليمية بالمنطقة، لذلك يمكننا القول أن أكبر مثالاً على هذا التخوف هي حالة الصومال، حيث دعم لاعبون خارجيون مختلفون قادة صوماليين متنافسين من فصائل سياسية مختلفة ومن مناطق مختلفة، وكانت الإمارات لاعباً نشطاً للغاية في هذا الأمر على مدى السنوات القليلة الماضية، مما عزز دور أبو ظبي لدعمها للإدارات الإقليمية وعلى الأخص في جمهورية أرض الصومال، حيث عززت صفقة ميناء بربرة التي أبرمتها موانئ دبي العالمية علاقات الإمارات مع دولة هرجيسا، بينما ألحقت أضراراً بالغة بالعلاقات مع مقديشو.

لم تدخل الصين بقوة في الصراع الصومالي، ومع ذلك فإن قرار سنة 2020 من قبل جمهورية أرض الصومال وتايوان لإقامة علاقات ديبلوماسية، حيث أعلن وزير خارجية تايوان جوزيف وو Joseph Wu في مؤتمر عقده في العاصمة تايبية في 1/7/2020، إن تايوان وأرض الصومال وقعتا على اتفاقية لافتتاح مكاتب تمثيلية لكلا البلدين، مع تعيين ديبلوماسي كبير في تلك المكاتب إلى جانب أربعة ضباط إضافيين، وهو يعد بداية الاعتراف الديبلوماسي بين الطرفين، مما سيمهد الطريق لتعزيز دعم الصين للحكومة المركزية الصومالية في مواجهة دولة أرض الصومال الغير معترف بها دوليا، وبالتالي سيتسبب الدعم الخارجي والتنافس بين الإمارات والصين في القرن الإفريقي لمزيد من الصراعات السياسية العسكرية المحلية داخل دول القرن الإفريقي.

تاسعاً: التوصيات السياسية تجاه منطقة القرن الإفريقي:

نستنتج مما سبق أنه يوجد تنافس كبير بين كُلاً من الإمارات والصين في منطقة القرن الافريقي، البحر الأحمر، في حين أن مصالح البلدين لا تتعارض بالضرورة، إلا أنهما ليسوا في حالة تحالف، لأن غالباً ما تقدم الإمارات والصين مصالحهم الاقتصادية الخاصة فيما يتعلق بالتجارة؛ ففي حين أن الإمارات العربية المتحدة مهتمة بالسيطرة على التدفقات التجارية فإن للصين مصلحة أوسع حيث تسعى إلى تعزيز التجارة الإقليمية وربطها بأجندة التنمية الاقتصادية الخاصة بها، في حين أن تداعيات الإمارات مع جيبوتي دفعتها إلى تطوير ممر بربرة – إثيوبيا، لتظل الصين ملتزمة بتوسيع ممر جيبوتي – إثيوبيا.

بالإضافة إلى ذلك تخاطر كُلاً من الإمارات والصين بإيجاد نفسيهما يدعمان خصوم سياسيين متنافسين محلياً داخل دول القرن الإفريقي كما هو الحال في الصومال، حيث تتمتع الإمارات العربية المتحدة بعلاقات قوية مع أرض الصومال.

لكن في بعض الحالات قد يتمكن البلدان من تسوية خلافاتهما من أجل الحفاظ على تعاونهما، ومع ذلك نظراً لأن تفاعلهما يصبح أعمق وأكثر تواتراً، فإن أبو ظبي وبكين، وكذلك دول القرن الإفريقي، واللاعبين الخارجيين الآخرين الذين لديهم مصالح في المنطقة سيحتاجون إلى توخي الحذر بشكل كبير في استيعاب هذه المصالح المختلفة من أجل تجنب المواجهات.

لدى الدول العربية مصلحة قوية في القرن الإفريقي، كما ورد في العديد من الاستنتاجات والتصريحات السياسية للعديد من المسؤولين العرب عن الأهمية الاستراتيجية للمنطقة والتي حددت المنطقة على أنها أولوية جغرافية استراتيجية إلى جانب التمتع بصلات تاريخية طويلة الأمد مع المنطقة، فإن لدى الدول العربية مصالح لضمان التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، بالإضافة إلى ذلك يوفر القرن الإفريقي فرصاً اقتصادية كبيرة، ولكن في الوقت نفسه فإن المنطقة موطن لتحديات أمنية كثيرة وعلى الأخص في الصومال وإثيوبيا وأخيراً السودان وجنوب السودان بسبب الصراعات المحلية في معظم دول القرن الإفريقي، مما يجعل التطورات في المنطقة ذات أهمية خصوصاً لصانعي السياسة العرب.

نتيجة لهذه المخاطر فإن الدول العربية لديها مصلحة قوية في تعزيز الاستقرار والتنمية الاقتصادية في القرن الإفريقي، ولأن نهج باقي الدول العربية تجاه المنطقة يختلف بشكل ملحوظ عن نهج الإمارات والصين كما يتضح من تضاؤل التكتلات الاقتصادية المملوكة للعديد من الدول العربية في تطوير قطاع البنية التحتية في دول القرن الإفريقي.

ومع تنامي البصمة الإماراتية والصينية في المنطقة، يجب على صانعي السياسة العرب أن يأخذوا في الحسبان العواقب الناتجة عن هذا التنافس الذي يُوجد التفاعل بين استراتيجيات البلدين في المنطقة فرصاً جديدة للمشاركة الفعالة سواء الاقتصادية أم السياسية أم العسكرية أم الاستخباراتية في منطقة القرن الإفريقي.




[1] باحث وكاتب سياسي مصري مقيم بتركيا. يكتب أبحاثاً في مجال الجيوبوليتيك، والدراسات الأمنية، ونظريات العلاقات الدولية، وسياسات القوى الكبرى والإقليمية وبالأخص قضايا الشرق الأوسط وإفريقيا، وله دراسات منشورة بمجموعة من المراكز البحثية والصحف المجلات البحثية.
[2] زاك فيرتين، منافسات البحر الأحمر: الخليج والقرن الإفريقي وجيوسياسات البحر الأحمر الجديدة، مركز بروكنجز الدوحة، آب/ أغسطس 2019، انظر:https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2019/06/Red-Sea-rivalries-The-Gulf-the-Horn-and-the-new-geopolitics-of-the-Red-Sea-ARABIC.pdf (اطلع عليه في 1/6/2021)
[3] Richard Meade, Suez blockage extends as salvors fail to free Ever Given, site of Lloyd’s List – Informa, 25/3/2021, https://lloydslist.maritimeintelligence.informa.com/LL1136246/Suez-blockage-extends-as-salvors-fail-to-free-Ever-Given (Accessed on 1/6/2021)
[4] The bab el-Mandeb Strait is a strategic route for oil and natural gas shipments, site of Today in Energy, 27/8/2019, https://www.eia.gov/todayinenergy/detail.php?id=41073 (Accessed on 2/6/2021)
[5] زاك فيرتين، منافسات البحر الأحمر: الخليج والقرن الأفريقي وجيوسياسات البحر الأحمر الجديدة، مركز بروكنجز الدوحة، آب/ أغسطس 2019.
[6] The United Arab Emirates in the Horn of Africa, Crisis Group Middle East Briefing No. 65, site of International Crisis Group, Abu Dhabi/Washington, 6/11/2018, https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/united-arab-emirates/b65-united-arab-emirates-horn-africa (Accessed on 3/6/2021)
[7] محمد السديري، “الجمهورية الشعبية في البحر الأحمر: تحليل شامل لبصمة الصين الخطابية والمادية في المنطقة،” دراسات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، كانون الثاني/ يناير 2020، انظر: https://kfcris.com/pdf/c232035d37a95655ec9f7aafe3fe99185e8ad577c79a1.pdf
[8] USIP China-Red Sea Arena Senior Study Group, China’s Impact on Conflict Dynamics in the Red Sea Arena, site of The United States Institute of Peace, 27/4/2020, https://www.usip.org/ publications/2020/04/chinas-impact-conflict-dynamics-red-sea-arena (Accessed on 3/6/2021)
[9] Council of the European Union, “The Horn of Africa: a geo-strategic priority for the EU – Council conclusions,” site of Council of the European Union, 10/5/2021,https://www.europeansources.info/record/the-horn-of-africa-a-geo-strategic-priority-for-the-eu-council-conclusions (Accessed on 3/6/2021)
[10] Christian Henderson, “The UAE as a Nexus State,” Journal of Arabian Studies 7 (1), Informa UK, January 2017, pp. 83-93, https://www.researchgate.net/publication/317798345_The_UAE_as_a_Nexus_State (Accessed on 1/6/2021)
[11] Ibrahim Jalal, “The UAE may have withdrawn from Yemen, but its influence remains strong,” site of Middle East Institute, 25/2/2020, https://www.mei.edu/publications/uae-may-have-withdrawn-yemen-its-influence-remains-strong (Accessed on 2/6/2021)
[12] جمهورية أرض الصومال جمهورية أعلنت استقلالها عن بريطانيا سنة 1960، واعترفت بها أكثر من 34 دولة عضو في الأمم المتحدة، تقع “صوماليلاند” في القرن الإفريقي على شاطئ خليج عدن، وبالتحديد في شمال الصومال.
[13] سقطرى هي أرخبيل يمني مكون من ست جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، وتقع على بعد نحو 240 كم (150 ميل) شرق سواحل الصومال و380 كم (240 ميلاً) جنوب شبه الجزيرة العربية. يشمل الأرخبيل جزيرة رئيسية وهي سقطرى، وخمس جزر أخرى وسبع جزر صخرية. وتعد جزيرة سقطرى أكبر الجزر العربية واليمنية، ويبلغ طول الجزيرة 125 كم وعرضها 42 كم ويبلغ طول الشريط الساحلي 300 كم.
[14] Ibrahim Jalal, “The UAE may have withdrawn from Yemen, but its influence remains strong.”
[15] Peter Salisbury, Risk Perception and Appetite in UAE Foreign and National Security Policy, site of Chatham House, The Royal Institute of International Affairs, 1/7/2020, https://www.chathamhouse.org/2020/07/risk-perception-and-appetite-uae-foreign-and-national-security-policy (Accessed on 25/7/2021)
[16] Somalia and the Gulf Crisis, International Crisis Group, 5/6/2018, https://www.crisisgroup.org/ africa/horn-africa/somalia/260-somalia-and-gulf-crisis (Accessed on 20/6/2021)
[17] Jos Meester, Willem van den Berg and Harry Verhoeven, “The Political Economy of Gulf Investments in the Horn Of Africa,” site of Clingendael – the Netherlands Institute of International Relations, 26/4/2018, https://www.clingendael.org/publication/political-economy- gulf-investments-horn-africa
[18] Jos Meester, Willem van den Berg and Harry Verhoeven, “The Political Economy of Gulf Investments in the Horn Of Africa.”
[19] The ambitious United Arab Emirates, site of The Economist, 8/4/2017, https://www.economist.com/middle-east-and-africa/2017/04/06/the-ambitious-united-arab-emirates (Accessed on 12/4/2021)
[20] Somalia and the Gulf Crisis, International Crisis Group, 5/6/2018.
[21] Anca-Elena Ursu and Willem Van den Berg, “China and the EU in the Horn of Africa: Competition and Cooperation?,” CRU Policy Brief, Clingendael – the Netherlands Institute of International Relations, April 2018, https://www.clingendael.org/sites/default/files/2018-04/PB_China_and_the_EU_in_the_Horn_of_Africa.pdf (Accessed on 20/7/2021)
[22] Belt and Road Initiative, site of The World Bank, https://www.worldbank.org/regional-integration/ brief/belt-and-road-initiative (Accessed on 20/7/2021)
[23] Mordechai Chaziza, China Consolidates Its Commercial Foothold in Djibouti, site of The Diplomat, 26/1/2021, https://thediplomat.com/2021/01/china-consolidates-its-commercial-foothold-in-djibouti (Accessed on 20/7/2021)
[24] Belt and Road Initiative, The World Bank, https://www.worldbank.org/en/topic/regional-integration/brief/belt-and-road-initiative
[25] Zuo Kun, Critical issues in the next decade of China’s infrastructure effort, site of McKinsey & Company, 1/5/2014, https://www.mckinsey.com/featured-insights/urbanization/critical-issues-in-the-next-decade-of-china-infrastructure-effort (Accessed on 15/6/2021)
[26] European Union, Trade in goods with China, site of European Commission, https://webgate.ec.europa.eu/isdb_results/factsheets/country/details_china_en.pdf (Accessed on 22/7/2021)
[27] Anca-Elena Ursu and Willem Van den Berg, “China and the EU in the Horn of Africa: Competition and Cooperation?”
[28] Data Source, China Global Investment Tracker, site of American Enterprise Institute and Heritage Foundation, https://www.aei.org/China-global-investment-tracker (Accessed on 26/7/2021)
[29] Anca-Elena Ursu and Willem Van den Berg, “China and the EU in the Horn of Africa: Competition and Cooperation?”
[30] W. Huo, P.S-L. Chen, W. Zhang and K.X. Li, “International port investment of Chinese port-related companies,” Int. J. Shipping and Transport Logistics, Inderscience Enterprises Ltd., Vol. 11, No. 5, 2019, pp.430–454, https://www.inderscienceonline.com/doi/pdf/10.1504/IJSTL.2019.102145
[31] تمارا برّو، مسار العلاقات الصينية – الإماراتية ما بعد جائحة كوفيد-19، موقع الصين اليوم، 9/4/2021، انظر: http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/2018/wmdslzdf/202104/t20210409_800243018.html (اطلع عليه في 1/8/2021)
[32] Data source, Percentage of Chinese imports of crude petroleum and petroleum gas from the UAE from 2010 to 2019, site of The Observatory of Economic Complexity (OEC), 2021, https://oec.world/en/profile/country/ch
[34] تمارا برّو، مسار العلاقات الصينية – الإماراتية ما بعد جائحة كوفيد-19، موقع الصين اليوم، 9/4/2021.
[35] Abu Dhabi continues to carry out infrastructure partnerships with China, site of Oxford Business Group, https://oxfordbusinessgroup.com/analysis/sino-emirati-ties-partnerships-between-china-and-abu-dhabi-infrastructure-development-continue (Accessed on 20/7/2021)
[36] الموانئ التابعة لموانئ دبي العالمية، انظر: Site of DP World, https://www.dpworld.com/about-us/our-locations (Accessed on 20/7/2021)
[37] Somali anti-piracy effort moves to onshore capacity building, site of Seatrade Maritime News, 12/9/2013, https://www.seatrade-maritime.com/middle-east-africa/somali-anti-piracy-effort-moves-onshore-capacity-building (Accessed on 20/7/2021)
[38] Ben Blanchard and Isabel Reynolds, Chinese ships head to Somalia, site of Reuters, 26/12/2008, https://www.reuters.com/article/us-somalia-piracy-idUSTRE4BO0Q820081226 (Accessed on 21/7/2021)
[39] Djibouti: Port De Djibouti, site of China Merchants Ports Holdings Company Limited, http://www.cmport.com.hk/entouch/business/infor.aspx?id=10006221
[40] Arwa Damon and Brent Swails, China and the United States face off in Djibouti as the world powers fight for influence in Africa, site of Cable News Network (CNN), 27/5/2019, https://edition.cnn.com/2019/05/26/africa/china-belt-road-initiative-djibouti-intl/index.html (Accessed on 22/7/2021)
[41] pieter d. wezeman, aude fleurant, alexandra kuimova, nan tian and siemon t. wezeman, Trends in International Arms Transfers, 2018, Stockholm International Peace Research Institute (SIPRI), SIPRI Fact Sheet, March 2019, https://www.sipri.org/sites/default/files/2019-03/fs_1903_at_2018.pdf (Accessed on 25/9/2021)
[42] Asia Unbound, China’s Strategy in Djibouti: Mixing Commercial and Military Interests, site of Council on Foreign Relations (CFR), 13/4/2018, https://www.cfr.org/blog/chinas-strategy-djibouti-mixing-commercial-and-military-interests (Accessed on 27/7/2021)
[43] Berouk Mesfin, Djibouti plays the West off against the Far East, site of Institute for Security Studies (ISS), 19/6/2017, https://issafrica.org/amp/iss-today/djibouti-plays-the-west-off-against-the-far-east (Accessed on 25/7/2021)
[44] Joseph Braude and Tyler Jiang, Djibouti is Jumping, site of Foreign Policy Research Institute, 31/3/2016, https://www.fpri.org/article/2016/03/djibouti-is-jumping (Accessed on 26/7/2021)
[45] الصين تفتتح أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد – في جيبوتي، موقع بي بي سي، 1/8/2017، انظر: https://www.bbc.com/arabic/world-40789290 (اطلع عليه في 27/7/2021)
[46] Matt Kennard and Ismail Einashe, For Somaliland and Djibouti, Will New Friends Bring Benefits?, site of Foreign Policy, 19/3/2019, https://foreignpolicy.com/2019/03/19/somaliland-somalia-horn-of-africa-djibouti-military-oil-uae-qatar-berbera-port (Accessed on 27/7/2021)
[47] Amy Cheng, Will Djibouti Become Latest Country to Fall Into China’s Debt Trap?, Foreign Policy, 31/7/2018, https://foreignpolicy.com/2018/07/31/will-djibouti-become-latest-country-to-fall-into-chinas-debt-trap (Accessed on 28/7/2021)
[48] Looking Over China’s Latest Great Wall, site of WORLDVIEW, 26/7/2017, https://worldview.stratfor.com/article/looking-over-chinas-latest-great-wall (Accessed on 28/7/2021)
[49] Satellite Images Show That Chinese Navy Is Expanding Overseas Base, site of Forbes, 10/5/2020, https://www.forbes.com/sites/hisutton/2020/05/10/satellite-images-show-chinese-navy-is-expanding-overseas-base/?sh=34020d168691 (Accessed on 27/7/2021); and site of Twitter, https://twitter.com/detresfa_/status/1259152007249551361/photo/1
[50] Legal battle for control of Djibouti Ports comes to Hong Kong, site of Africanews, 12/2/2019, https://www.africanews.com/2019/02/12/legal-battle-for-control-of-djibouti-ports-comes-to-hong-kong (Accessed on 21/7/2021)
[51] Paul Antonopoulos and Arturo Gallegos Garcia, “Somaliland as a new shipping and military hub in the Horn of Africa: a challenge against Djibouti?,” Journal of Somali Studies, Adonis & Abbey Publishers, Vol. 7, No. 1, 1/6/2020, https://journals.co.za/doi/pdf/10.31920/2056-5682/2020/7n1a5 (Accessed on 22/7/2021)
[52] Daniel Kibsgaard, “Sino-Ethiopian Relations from Meles Zenawi to Abiy Ahmed: The Political Economy of a Strategic Partnership,” China Research Center, 2020: Vol. 19, No. 2, 3/6/2020, https://www.chinacenter.net/2020/china_currents/19-2/sino-ethiopian-relations-from-meles-zenawi-to-abiy-ahmed-the-political-economy-of-a-strategic-partnership (Accessed on 22/7/2021)
[53] Gulf financial aid and direct investment tracker, American Enterprise Institute and Heritage Foundation, https://www.aei.org/multimedia/fadi-tracker (Accessed on 22/7/2021)
[54] Paul Antonopoulos and Arturo Gallegos Garcia, “Somaliland as a new shipping and military hub in the Horn of Africa: a challenge against Djibouti.”
[55] أحدث منطقة جذب سياحي في أديس أبابا، انظر: Unity Park: Addis Ababa’s Newest tourist Attraction, site of Addis Herald, 12/10/2019, https://www.addisherald.com/unity-parkaddis-ababas-new-tourist-attractions (Accessed on 21/7/2021)
[56] Sudan’s cabinet backs UAE mediation in border, dam disputes with Ethiopia, Reuters, 24/3/2021, https://www.reuters.com/article/uk-sudan-ethiopia-idUSKBN2BG0VO (Accessed on 22/7/2021)
[57] Paul Antonopoulos and Arturo Gallegos Garcia, “Somaliland as a new shipping and military hub in the Horn of Africa: a challenge against Djibouti.”
[58] Data Source, China Global Investment Tracker, site of American Enterprise Institute and Heritage Foundation.
[59] Patricia Zengerle, Biden administration proceeding with $23 billion weapon sales to UAE, Reuters, 14/4/2021, https://www.reuters.com/business/aerospace-defense/exclusive-biden-administration-proceeding-with-23-billion-weapon-sales-uae-2021-04-13 (Accessed on 25/7/2021)
[60] P.N. KHUSHNAM, India-UAE Relations: Poised to Climb to New Heights, site of Middle East Institute, 23/3/2021, https://www.mei.edu/publications/india-uae-relations-poised-climb-new-heights (Accessed on 25/7/2021)
[61] نارايانابا جاناردهان، الدبلوماسية النفطية اليابانية في الخليج: فكرة قديمة ومقاربات جديدة، موقع معهد دول الخليج العربية في واشنطن، 15/4/2021، انظر: https://agsiw.org/ar/japans-oil-diplomacy-in-the-gulf-old-idea-new-approaches-arabic (اطلع عليه في 25/7/2021)
[62] Simone McCarthy, Quad summit: US, India, Australia and Japan counter China’s ‘vaccine diplomacy’ with pledge to distribute a billion doses across Indo-Pacific, site of South China Morning Post, 13/3/2021, https://www.scmp.com/news/china/diplomacy/article/3125344/quad-summit-us-india-australia-and-japan-counter-chinas (Accessed on 27/7/2021)
[63] Dara Conduit and Shahram Akbarzadeh, “Great Power-Middle Power Dynamics: The Case of China and Iran,” Journal of Contemporary China, Routledge, Vol. 28, Issue 117, 2019, pp. 468-481, https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/10670564.2018.1542225 (Accessed on 26/7/2021)
[64] لأول مرة منذ عقدين.. شركة تركية تطلق مشروع تنظيف قاع ميناء مقديشو، موقع وكالة الأناضول، 2/1/2018، انظر: https://tinyurl.com/dwawauu7؛ Somalia: Turkish Company to Manage Port of Mogadishu, site of Anadolu Agency, 12/10/2020, https://www.aa.com.tr/en/africa/somalia-turkish-company-to-manage-port-of-mogadishu/2004042 (Accessed on 5/10/2021)
[65] تركيا ستتولى إعادة تأهيل جزيرة سواكن وإدارتها مؤقتاً بموافقة السودان، موقع صحيفة ديلي صباح DAILY SABAH، إسطنبول، 26/12/2017، انظر: https://tinyurl.com/zxhf9y3p (اطلع عليه في 24/7/2021)
[66] قطر تشارك في إعادة تأهيل وإدارة ميناء سواكن السوداني، موقع صحيفة العرب، الدوحة، 27/3/2018، انظر: https://tinyurl.com/k9w7vtwf (اطلع عليه في 25/7/2021)
[67] قطر تشرع في أعمال بناء ميناء وسط الصومال، وكالة الأناضول، 19/8/2019، انظر: https://tinyurl.com/khafh62j (اطلع عليه في 25/7/2021)
[68] التنافس على الموانئ البحرية في القرن الأفريقي: الدوافع والتداعيات، موقع مركز الإمارات للسياسات، 2021/2/9، انظر: https://epc.ae/ar/topic/competition-for-seaports-in-the-horn-of-africa-motivations-and-consequences (اطلع عليه في 5/10/2021)
[69] التنافس على الموانئ البحرية في القرن الأفريقي: الدوافع والتداعيات، موقع مركز الإمارات للسياسات، 2021/2/9.
[70] Par Emmanuel Dupuy, Djibouti: ce que révèle la rupture entre le gouvernement et l’opérateur portuaire DP World, site of Lepoint, https://www.lepoint.fr/economie/djibouti-ce-que-revele-la-rupture-entre-le-gouvernement-et-l-operateur-portuaire-dp-world-27-03-2018-2205876_28.php
[71] Bemenet Wondewossen, Ethiopia: Ethio-Djibouti Railway Vows to Reverse Losses, site of allafrica, 19/9/2020, https://allafrica.com/stories/202009230063.html (Accessed on 22/7/2021)
[72] Eric Olander, Kenya: China faces a critical test in train debt, site of the Africa report, 30/9/2020, https://www.theafricareport.com/43367/kenya-china-faces-a-critical-test-in-train-debt/ (Accessed on 30/7/2021)
[73] Brahma Chellaney, China’s Debt-Trap Diplomacy, site of Project Syndicate, 23/1/2017, https://www.project-syndicate.org/commentary/china-one-belt-one-road-loans-debt-by- brahma-chellaney-2017-01 (Accessed on 30/7/2021)

للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: التنافس الإماراتي – الصيني في منطقة القرن الإفريقي: السياق والتوقعات وتباين الأجندات … إسلام عبد الله زعبل (42 صفحة، 8.3 MB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 20/10/2021



جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من المقالات والتحليلات السياسية: