مدة القراءة: 14 دقائق

إعداد: د. رائد محمد حلس[1].
(خاص بمركز الزيتونة).

مقدمة:

شنت “إسرائيل” في 10/5/2021 عدواناً جديداً هو الرابع على قطاع غزة، حيث خاضت قوى المقاومة ضده معركة “سيف القدس” على مدى 11 يوماً. ويأتي هذا العدوان وقطاع غزة يرزح تحت وطأة الحصار والانقسام لما يقارب 15 عاماً، ويعد صدمة جديدة للاقتصاد الفلسطيني وتحديداً للاقتصاد في قطاع غزة، تضاف إلى ما سبقها من صدمات تعرض لها القطاع والتي تمثلت في الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة منذ سنة 2007، والذي تمّ بموجبه منع حرية الحركة للأفراد والبضائع والسلع الأولية، وكذلك الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي تزامن مع الحصار وما حمل في طياته من تداعيات كارثية وخطيرة أصابت الضرر بكافة القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية الثلاث التي شنتها “إسرائيل” على القطاع في السنوات 2008، و2012، و2014، وما خلفته تلك الاعتداءات من دمار كبير وعميق في البنية التحتية والمؤسسات الإنتاجية والمرافق العامة والمساكن. وقد تسببت هذه الصدمات في تدهور وتذبذب واضح في النشاط والنمو الاقتصادي، وكذلك في ارتفاع معدلات البطالة واتساع دائرة الفقر، بالإضافة إلى تذبذب في حركة التجارة والاستثمار في قطاع غزة.

في ضوء ذلك ترصد الورقة حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدها القطاع خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار/ مايو 2021، وتحليل انعكاس سياسة الحصار والعدوان على القطاعات الاقتصادية، وتناقش الأبعاد المختلفة لقضية إعادة الإعمار الرابعة لقطاع غزة من أجل بلورة رؤية تنموية ترتكز بشكل أساسي على برنامج لإعادة الإعمار، لإيجاد فرص عمل، وتعزيز قدرة الاقتصاد، وتستجيب لحجم الضرر والخسائر الذي أحدثه العدوان.


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: انعكاسات العدوان الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021 على قطاع غزة وملف إعادة الإعمار … د. رائد حلس (20 صفحة، 2.8 MB)

أولاً: حجم الخسائر الاقتصادية نتيجة العدوان:[2]

يعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار/ مايو 2021 جزءاً من سلسلة من الاعتداءات المتكررة في السنوات الأخيرة، وتحديداً خلال سنوات الحصار المشدد على القطاع منذ سنة 2007، ويُمثل أداة أساسية في منهج الحصار والتدمير الذي تستخدمه “إسرائيل” للإجهاز على ما أنجزه الفلسطينيون اقتصادياً واجتماعياً، ومن ثم تقويض قدرة الاقتصاد على النمو، الأمر الذي يُضعف المشروع الوطني برمته، ويُدمر إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية في سياق حلّ الدولتين المعتمد دولياً. وتستخدم “إسرائيل” هذه الطريقة من القصف والتدمير الواسع وغير المبرر وفقاً لموازين القوة العسكرية؛ لإرهاق المواطن الفلسطيني مادياً ونفسياً، وإلحاق الأذى والضرر بسبل عيشه، بل وبأحلامه وغاياته المستقبلية، ومن ثم لكيّ الوعي بمدى جدوى النضال نحو التحرر وإقامة الدولة.[3]

ومنذ اللحظة الأولى لاشتعال فتيل العدوان على قطاع غزة في أيار/ مايو 2021، بدا واضحاً أن “إسرائيل” استخدمت الطريقة نفسها من القصف والتدمير الواسع لشل كافة إمكانيات التنمية في مختلف القطاعات، فدمّرت البنية التحتية والمرافق الحيوية، ولم تبقَ منطقة أو منشأة أو طريق أو مرفأ وحتى التجمعات والمجمعات السكنية والصحية والتربوية والاجتماعية والتعليمية والرياضية إلا وتعرضت للقصف والتدمير، الذي خلف بدوره مأساة كبيرة جعلت قطاع غزة منطقة تعيش أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة.

تعرض قطاع غزة على مدار 11 يوماً إلى عدوان إسرائيلي شرس وضروس أدى إلى تدمير عناصر البنية التحتية لقطاع الخدمات العامة، حيث تمّ تدمير العديد من شبكات الصرف الصحي، وشبكات الطرق، وآبار المياه، ومباني المؤسسات العامة والحكومية، والمنازل، والأبراج السكنية، والجمعيات، والممتلكات الخاصة، والمنشآت الاقتصادية (محال تجارية، وشركات، ومصانع، ومخازن)، والأراضي الزراعية، والمؤسسات الصحية، والمؤسسات التعليمية والإعلامية والرياضية، والمساجد، والمقابر، وتحول قطاع غزة وشوارعه إلى أكوام من الدمار والركام، ونتج عن ذلك أضراراً وخسائر مادية فادحة. وبحسب التقديرات فقد بلغت إجمالي خسائر وأضرار القطاعات كافة بنحو 479 مليون دولار؛ بواقع 292 مليون دولار أضراراً مباشرة لقطاع الإسكان والبنية التحتية (الإسكان، والمنشآت العامة والمباني الحكومية، والنقل والمواصلات، والكهرباء والطاقة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع البنية التحتية)، و156 مليون دولار أضراراً مباشرة لقطاع التنمية الاقتصادية (مرافق اقتصادية، ومرافق سياحية، ومرافق زراعية)، و30 مليون دولار أضراراً مباشرة لقطاع التنمية الاجتماعية (مؤسسات الصحة، ومؤسسات الحماية الاجتماعية، ومؤسسات التعليم، والمؤسسات الثقافية والرياضية والدينية والمجتمع المدني).

1. قطاع الإسكان والبنية التحتية:

يعد قطاع الإسكان والبنية التحتية من أكثر القطاعات التي تضررت خلال العدوان، حيث بلغت إجمالي الأضرار المباشرة لهذا القطاع نحو 292 مليون دولار، شملت الأضرار التي لحقت كلاً من قطاع الإسكان والمنشآت العامة والمباني الحكومية، وقطاع الطاقة والكهرباء، وقطاع الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والطرق، وقطاع المياه والصرف الصحي، والمرافق البلدية والحكم المحلي.

ففي قطاع الإسكان، تعرض نحو 1,447 وحدة سكنية في غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 13 ألفاً أخرى تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة، بالإضافة إلى هدم نحو 205 منازل وشقق وأبراج سكنية بشكل كلي. وقد قدَّرت اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة الأضرار المباشرة لقطاع الإسكان بنحو 144.7 مليون دولار.

وفي المنشآت العامة والمباني الحكومية، ركَّز جيش الاحتلال خلال العدوان على استهدافها، حيث تضرر نحو 75 مقراً حكومياً ومنشأة عامة، تنوعت ما بين مرافق خدماتية ومقار أمنية. وقد قدرت اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة الأضرار المباشرة التي أصابت المنشآت العامة والمباني الحكومية بنحو 30 مليون دولار.

وفي قطاع النقل والمواصلات، تضرر نحو 454 سيارة ووسيلة نقل بشكل كامل، أو بأضرار بليغة. وقد قدرت اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة الأضرار المباشرة لقطاع النقل والمواصلات بنحو 2 مليون دولار.

وفي قطاع الطاقة والكهرباء، تضرر 31 محول كهرباء في غزة بفعل الهجمات الإسرائيلية، وتعرضت 9 خطوط رئيسية للقطع، وبالتالي كان من أهم القطاعات الحيوية التي تضررت بفعل سنوات الحصار وآلة العدوان الإسرائيلية، والتي أدت في المحصلة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق في القطاع، إضافة لاستمرار منع الاحتلال دخول السولار الصناعي إلى محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع إلا بشكل جزئي فقط، وقد قدرت اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة الأضرار المباشرة التي أصابت قطاع الطاقة والكهرباء بنحو 15 مليون دولار.

وفي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تضررت شبكات 16 شركة اتصالات وإنترنت بفعل القصف الإسرائيلي. ووفقاً لتقديرات اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة، بلغت الأضرار المباشرة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نحو 7.6 مليون دولار.

وفي قطاع البنية التحتية، بدا واضحاً منذ اللحظة الأولى لفرض الحصار ولاشتعال فتيل العدوان على قطاع غزة، أن “إسرائيل” كانت تستهدف تدمير كل قطاعات وعناصر وفرص التنمية في قطاع غزة، ولعل أبرزها قطاع البنية التحتية والمرافق الحيوية التابعة لها في مختلف مناطق القطاع، حيث ركَّز جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على استهداف الشوارع والبنى التحتية، وتضررت شبكات الصرف الصحي وإمدادات المياه تحت الأرض بشكل كبير، نتيجة الاستهداف المباشر. ووفقاً لتقديرات اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة، بلغت الأضرار المباشرة في قطاع البنية التحتية (الطرق، والمياه، والصرف الصحي، والمرافق البلدية، والحكم المحلي) نحو 93 مليون دولار بواقع (62.4 مليون دولار للطرق، و17.6 مليون دولار للمياه والصرف الصحي، و13 مليون دولار للمرافق البلدية والحكم المحلي).

2. قطاع التنمية الاقتصادية:

استهدفت منهجية التدمير الإسرائيلية خلال العدوان قطاع التنمية الاقتصادية بما فيها من مرافق صناعية وتجارية، ومرافق زراعية، ومرافق سياحية، وما يتعلق بها من وسائل نقل وملكيات عامة، حيث قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 300 منشأة اقتصادية صناعية وتجارية وزراعية، وهدم 7 مصانع بشكل كلي، وألحق أضراراً بأكثر من 60 مرفقاً سياحياً. وقد قدرت اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة إجمالي الأضرار المباشرة التي أصابت قطاع التنمية الاقتصادية بنحو 156 مليون دولار، بواقع (74.2 مليون دولار للمرافق الاقتصادية، و78.2 للمرافق الزراعية، و3.6 للمرافق السياحية).

3. قطاع التنمية الاجتماعية:

استهدفت منهجية التدمير الإسرائيلية خلال العدوان المؤسسات العامة التي تندرج ضمن إطار قطاع التنمية الاجتماعية بما فيها مؤسسات الصحة، ومؤسسات الحماية الاجتماعية، ومؤسسات التعليم، والمؤسسات الثقافية، والرياضية والدينية والمجتمع المدني، حيث تضررت 68 مدرسة، ومرفقاً صحياً، وعيادة رعاية أولية، بشكل بليغ وجزئي بفعل القصف الشديد في محيطها، كما تعرضت 3 مساجد للهدم الكلي بفعل الاستهداف المباشر، و40 مسجداً وكنيسة واحدة بشكل بليغ، بالإضافة إلى تضرر نحو 33 مؤسسة إعلامية. وقد قدَّرت اللجنة الحكومية العليا لإعمار غزة إجمالي الأضرار المباشرة التي أصابت قطاع التنمية الاجتماعية بنحو 30 مليون دولار (بواقع 4.6 مليون دولار لمؤسسات الصحة، و5 مليون دولار لمؤسسات الحماية الاجتماعية، و7.2 مليون دولار لمؤسسات التعليم، و13.4 مليون دولار للمؤسسات الثقافية والرياضية والدينية والمجتمع المحلي).

ثانياً: انعكاس سياسة العدوان والحصار على القطاعات الاقتصادية:

على مدار 15 عاماً، يرزح قطاع غزة تحت وطأة الحصار المتواصل والمشدد من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والذي يتم بموجبه منع وعرقلة دخول وخروج السلع والبضائع من وإلى قطاع غزة، ما أسهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومست تداعياته مختلف القطاعات الاقتصادية (الصناعة، والزراعة، والتجارة، والمياه والطاقة، والنقل والمواصلات)، وتأثرت قطاعات بشكل أكبر في مراحل مختلفة خلال سنوات الحصار تبعاً لسياسة الاحتلال في التركيز على استهداف بعض القطاعات دون غيرها، وفي الوقت ذاته حرصت سلطات الاحتلال على إبقاء تدهور بعض القطاعات بشكل كبير مثل قطاع الطاقة وتداعياته على مختلف الأنشطة في قطاع غزة.[4]

ومن الجدير بالذكر أن “إسرائيل” أبقت على كرم أبو سالم كمعبر تجاري وحيد مع غزة بعدما أغلقت جميع المعابر التجارية الأخرى في سنوات سابقة تلت انسحابها من مستوطنات القطاع سنة 2005، ويرد من خلاله أغلب احتياجات القطاع من غذاء ودواء ووقود ومواد أساسية لعمل المصانع والورش ومستلزمات الزراعة والصيد والبنية التحتية والمشاريع الإنشائية، وتصدر بواسطته منتجات قطاع غزة للعالم الخارجي، ويأتي على رأسها المنتجات الزراعية.

وضمن سياسة الحصار والعدوان التي تنتهجها “إسرائيل”، فقد قامت سلطات الاحتلال بإغلاق معبر كرم أبو سالم كلياً مع اندلاع العدوان في 10/5/2021، وأعادت فتحه جزئياً، بعد أربعة أيام من إعلان وقف العدوان، ولكن مع فرض مزيد من القيود المشددة على حركة الاستيراد والتصدير. ووفقاً لتصريحات رئيس لجنة تنسيق إدخال البضائع لقطاع غزة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله، فإن “إسرائيل” سمحت بدخول أربعة أصناف فقط من المواد إلى غزة بعد العدوان، وهي المواد الغذائية الأساسية، ومواد طبية، ومحروقات للسيارات، وأعلاف، بينما منعت كلياً التصدير.[5]

وتسبب القيود المشددة على حركة الاستيراد والتصدير وإغلاق المعبر لفترات طويلة، في فرض مزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية على حدّ السواء، فعلى صعيد الأوضاع الإنسانية فقد يصيب منع دخول البضائع وخصوصاً مواد البناء، في زيادة المعاناة لدى الآلاف من الأسر ممن تهدمت منازلهم وما يزالون يقطنون في مساكن بديلة مؤقتة سواء كانت بالإيجار أم كانت لدى الأقارب.[6] أما على الصعيد الاقتصادي، فإن القيود المشددة على الاستيراد والتصدير وإغلاق المعبر وخصوصاً منع توريد المواد الخام، تعيق عودة عجلة الاقتصاد المحلي إلى الدوران من جديد بعد ما حلّ بالمنشآت الاقتصادية والصناعية والتجارية من دمار خلال العدوان، وهو ما يفاقم من حجم الأضرار والخسائر التي لحقت بكافة القطاعات الاقتصادية وخصوصاً القطاعات الإنتاجية، الأمر الذي يحد بشكل كبير من قدرة المنتجين وتحديداً المنتجين الذين نجت منشآتهم من التدمير على توفير المواد الخام اللازمة لاستمرار العملية الإنتاجية، عدا عن المواد التي تضعها سلطات الاحتلال على “قائمة الاستخدام المزدوج” والتي تدخل في العديد من الصناعات، والتي تمنع “إسرائيل” دخولها إلى القطاع بشكل كامل.

كما وتكبد القطاع الزراعي والصناعي خسائر فادحة نتيجة عدم قدرة المنتجين في هذين القطاعين من تسويق منتجاتهم في الأسواق الخارجية، بسبب قيام سلطات الاحتلال بمنع تصدير أكثر من 250 شاحنة محملة بالمنتجات الزراعية والصناعية، ما أدى بدوره إلى تكبد هؤلاء المنتجين خسائر فادحة، انعكست آثارها السلبية على الواقع الاقتصادي في قطاع غزة.[7]

كما وانعكست القيود المشددة على الاستيراد والتصدير وإغلاق المعبر على الأسعار في الأسواق، والتي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار كثير من السلع والبضائع في غزة بعد العدوان، واختفاء أصناف أخرى من السوق، خصوصاً السلع والبضائع التي لم يدخل بدائل لها عبر معبر رفح مع مصر،[8] الأمر الذي أدى إلى زيادة الأعباء المالية على المواطنين في غزة، الذين يعانون أصلاً قبل العدوان من ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة بنسبة وصلت نحو 48%، والتي ترافقت مع ارتفاع مضطرد في الفقر بنسبة وصلت نحو 53%، وارتفاع نسبة المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى نحو 68.2% من إجمالي السكان في القطاع، واعتماد الجزء الأكبر من السكان على المساعدات الإغاثية، حيث بلغت نسبة الأسر التي تتلقى مساعدات إغاثية نحو 70% من مجمل الأسر في قطاع غزة.[9]

ثالثاً: الأبعاد المختلفة لقضية إعادة الإعمار:

تتجلى قضية إعادة الإعمار بأكثر من بُعد، فهي ذات بُعد حقوقي، وسياسي، وإنساني، وتنموي. يتمثل البُعد الحقوقي في أن إعمار ما دمره العدوان الأخير على قطاع غزة، واجب ومسؤولية وليس منحة من أحد، كما أن المتسبب في الضرر هو المتكفل بجبره قانوناً، والمجتمع الدولي مسؤول أيضاً مسؤولية مشتركة مع الاحتلال في إعادة الإعمار. فيما يتمثل البُعد السياسي في قضية الإعمار في أن ما دمره الاحتلال خلال العدوان كان هدفه إضعاف المشروع الوطني برمته، وتدمير إمكانية تسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية في سياق حلّ الدولتين المعتمد دولياً. وتتجلى قضية الإعمار في بُعدها الإنساني في الحصار المشدد، وإعادة الإعمار لما له من وقع مؤلم على حياة الناس وتبديد سبل عيشهم، واستقرار حياتهم الاجتماعية، وتواصلهم، ناهيك عن حجم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021 على القطاع، ونوعيتها المؤلمة التي عبرت عن حرب إبادة جماعية؛ جرائم حرب، ما يجعل من قضية إعادة الإعمار قضية إنسانية ملحة، تتطلب بشكل أساسي أن توازي حجم الضرر الذي وقع على الإنسان والمكان في قطاع غزة. ويتمثل البُعد التنموي لقضية إعادة الإعمار في إعداد برنامج لإعادة الإعمار يهدف بشكل أساسي إلى إيجاد فرص عمل وإعادة تفعيل قدرة الاقتصاد، بعد الدمار الذي لحق بكافة القطاعات بسبب العدوان الإسرائيلي الذي استمر 11 يوماً.

وعلى الرغم من أهمية الأبعاد المختلفة في قضية إعادة الإعمار، إلا أن الظروف المحيطة في قطاع غزة الذي يعيش حالياً أوضاعاً استثنائية من حيث حالة الشلل الكبير في كافة القطاعات التنموية، جراء سياسة الحصار والعدوان التي ما زالت مفروضة، وما خلفته من واسع وعميق تعجز الطاقات الإنتاجية والموارد الاقتصادية المادية والبشرية المحلية عن إزالة مخلفاته وإعادة إعماره، يبقى البُعد التنموي هو البُعد الأهم.

اللافت للانتباه، تجدد الحديث حول إعادة الإعمار غداة كل عدوان، وعقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار كما حدث في العدوانات السابقة 2008، و2012، و2014، إلا أن العدوان الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021 لم يتم الحديث حتى كتابة هذه الورقة عن عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار، باستثناء المبادرة المصرية التي أعلن عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 18/5/2021، وهي تقديم مساعدة قدرها 500 مليون دولار إلى غزة للإسهام في إعادة إعمار القطاع. وتأتي المبادرة المصرية في أعقاب لقاءات واجتماعات بين ديبلوماسيين مصريين ونظرائهم من تركيا وقطر لإعادة العلاقات بين مصر وكل من البلدين، والتي توترت منذ أطاح الجيش بالرئيس الراحل محمد مرسي في 2013، وتصنيف الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين “كياناً إرهابياً”. وكانت الحكومة المصرية تتهم تركيا وقطر بدعم الإخوان، بالإضافة إلى أنها تأتي بعد وساطة أخرى قامت بها القاهرة لحل الأوضاع والانقسامات في ليبيا المجاورة الغارقة في الفوضى في أعقاب انتفاضة 2011، التي دعمها حلف شمال الأطلسي North Atlantic Treaty Organization (NATO)، وأطاحت بالرئيس السابق معمر القذافي، وبدأت منذ أشهر مساراً سياسياً للحل مع اختيار عبد الحميد الدبيبة رئيساً للوزراء لإدارة مرحلة مؤقتة. وبالتالي تسعى مصر من قضية إعمار غزة إلى استعادة دورها الإقليمي والتاريخي الذي تراجع كثيراً بعد الأزمات المتلاحقة التي شهدتها منذ 2011.[10]

وبلا شك أن التعهد المصري بتقديم 500 مليون دولار من أجل إعادة الاعمار هي خطوة مهمة، لكنها بحاجة إلى ترجمتها على أرض الواقع، خصوصاً وأن مصر نفسها تعد من الدول التي تحصل على الكثير من المنح والمساعدات، ومشبعة بالديون وعجز العملات الأجنبية، وبالتالي فإن هذا التعهد يحتاج إلى التزام مكتوب لاحقاً وعلى شكل منح وتحويلات نهائية حقيقية، وغير مقيدة أو مرتبطة بتزويد السلع والخدمات بأسعار مغالى في تقديرها.[11]

وفي هذا السياق، يرى الباحث أن التدخل المصري في عملية الإعمار وفق آلية جديدة تكون بعيدة كل البعد عن الآلية السابقة، أي “آلية إعادة إعمار غزة Gaza Reconstruction Mechanism (GRM)” التي تمّ الاتفاق عليها لإعادة إعمار غزة بعد عدوان 2014، يندرج في سياق الانفكاك الاقتصادي مع اقتصاد الاحتلال، وستؤدي إلى انخراط الاقتصاد الفلسطيني بمزيد من العلاقات الاقتصادية والتجارية بالمحيط العربي وخصوصاً مع مصر؛ وهو ما سعت له السلطة الفلسطينية وما زالت للتخفيف من حدة التبعية الاقتصادية مع اقتصاد الاحتلال، لكن هناك تخوفات بأن يؤدي التدخل المصري إلى تعزيز حالة الانقسام إذا تمّ دون التوصل إلى تحقيق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام، وبالتالي سيكون التدخل في ظلّ الانقسام ضرراً سياسياً يؤدي في نهاية المطاف إلى ضرب المشروع الوطني في مقتل، وتدمير إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية وبناء اقتصاد واحد لشعب واحد.

رابعاً: رؤية تنموية لقضية إعادة الإعمار:

في ظلّ التطورات التي صاحبت الاقتصاد الفلسطيني، والتغيرات التي طرأت خلال سنوات الحصار والعدوان، وما ترتب على ذلك من تراجع وتدهور للوضع الاقتصادي العام في قطاع غزة والذي أدى في المحصلة النهائية إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق وخصوصاً في صفوف الشباب والخريجين الجامعيين، واتساع دائرة الفقر، ناهيك عن اضطراب المناخ الاستثماري والذي أدى إلى ضعف الاستثمار، بالإضافة إلى إبقاء السيطرة الإسرائيلية على معبر كرم أبو سالم المعبر التجاري الوحيد، والتحكم في نوعية وكمية السلع الصادرة والواردة من وإلى قطاع غزة، بالإضافة إلى التداعيات الثقيلة التي تركتها الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على القطاع، وتجدد الحديث عن إعادة الإعمار الرابعة لما حلّ من دمار خلال العدوان الأخير، وفي ظلّ التخوفات وخصوصاً التجاذبات السياسية في قضية إعادة الإعمار، وكذلك التجارب السابقة في عملية الإعمار التي تمت خلال الاعتداءات السابقة، لا بدّ أولاً من المضي قدماً نحو إنهاء الانقسام لما يحمل في طياته من آثار ثقيلة على كافة مناحي الحياة من جهة، ومن جهة ثانية في كونه يشكل تهديداً لتأخير عملية الإعمار، ومن ثم تحييد ملف إعادة الإعمار عن الخلاف السياسي، والبدء في بلورة رؤية تنموية ترتكز بشكل أساسي على برنامج لإعادة الإعمار يشارك فيه جميع قوى المجتمع وبإشراف رسمي،[12] بحيث يكون برنامج قادر على إيجاد فرص عمل، وعلى تعزيز قدرة الاقتصاد لمواجهة التحديات التي من الممكن أن تعيق عملية الإعمار.

وفيما يلي أبرز ملامح الرؤية التنموية لإعادة الإعمار:

1. تحديد وترتيب الأولويات:

يعد قطاع الإسكان من أكثر الأولويات الملحة لتنميته وإعادة اعماره، وهو يغطي الاحتياجات الإسكانية خصوصاً وأن قطاع غزة لديه عجز كبير في هذا الميدان، يقدر بنحو 70 ألف وحدة سكنية، مع الحاجة إلى ما بين 10-15 ألف وحدة سكنية سنوياً،[13] وذلك لتغطية متطلبات الراغبين في الزواج، وكذلك متطلبات النمو الطبيعي السنوي الناشئ عن النمو السكاني المرتفع، بجانب الحاجة للإحلال البديل عن الوحدات السكنية المتقادمة، ويرتبط بما سبق الحاجة لترميم وإعادة إعمار الآلاف من الوحدات السكنية التي تمّ استهدافها خلال العدوان الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021.

ويحتل الأولوية نفسها وفي خطٍ موازٍ قطاع البنية التحتية، وقطاعَي الصحة والتعليم، وقطاع المياه، وقطاع الطاقة والكهرباء.

2. التدخل الإغاثي السريع:

من أجل تضميد جروح الضحايا وتمكين المتضررين من العودة إلى الحياة العادية بأسرع وقت ممكن، وخصوصاً المتضررين الذين هم بحاجة إلى تدخل إغاثي ولا يستطيعون الانتظار من خلال رصد موازنة طارئة (التدخل الإغاثي السريع) لمعالجة الآثار التي أصابتهم بفعل العدوان، على سبيل المثال: بدل إيجار، وملابس، ومواد غذائية، ورعاية صحية ونفسية، ومصروفات نثرية…إلخ.

3. إيجاد بيئة مواتية للاستثمار:

تعد عملية إعادة الإعمار فرصة لإيجاد بيئة مواتية للاستثمار وتنشيط الاقتصاد المحلي يجب استغلالها لتشجيع المستثمرين المحليين، وجذب مستثمرين من الخارج للإسهام في عملية إعادة الإعمار، خصوصاً وأن عملية الإعمار تتم من خلال الاعتماد على الموارد المحلية من مصانع وشركات وطواقم بشرية، بالإضافة إلى أن الكثير من المدخلات اللازمة في عملية إعادة الإعمار يمكن توفيرها من السوق المحلي.

4. تحديد آلية جديدة لعملية الإعمار:

لقد شكلت الآلية السابقة في عملية الإعمار غداة عدوان 2014 أبرز التحديات والمعيقات لعملية الإعمار، كونها نشأت لتقنين دخول مواد البناء المصنفة إسرائيلياً بأنها ذات الاستخدام المزدوج، الأمر الذي أدى إلى بطء في تنفيذ متطلبات إعادة الإعمار، وبالتالي لا بدّ من العمل وفق آلية جديدة لإعادة الإعمار تتضمن دخول مواد البناء اللازمة لعملية الإعمار دون قيود أو شروط.

5. حشد التمويل اللازم لعملية الإعمار:

تدل التجارب السابقة في عمليات الإعمار السابقة خلال الاعتداءات 2008، و2012، و2014، أن الدول التي تعهدت بالأموال اللازمة لعملية الإعمار لم تلتزم بكافة التعهدات، وبالتالي كان هناك نقص في التمويل المخصص لعمليات الإعمار، لذلك لا بدّ من حشد التمويل اللازم لعملية الإعمار وأخذ الضمانات الكافية من الجهات المانحة لتنفيذ التعهدات والالتزام بتقديم الأموال اللازمة وفق تواريخ محددة.

6. توفير إطار قانوني لعملية الإعمار:

يجب توفير إطار قانوني ينظم عمل الأطراف القائمة على عملية إعادة الإعمار، بحيث يتم تحديد المهام والمسؤوليات والأدوار بكل طرف من الأطراف القائمة على عملية إعادة الإعمار، وبحيث تقوم هذه الأطراف أيضاً بتطوير أدلة إجراءات مرجعية ومكتوبة حول إجراءات تقديم الخدمات للمتضررين.

7. تخصيص صندوق خاص بعملية الإعمار:

إن تخصيص صندوق خاص بأموال إعادة الإعمار يحقق المراقبة، ويُمكِّن من متابعة بنود الصرف وآلية الإنفاق، وكذلك يعزز الرقابة المجتمعية، ويشجع الدول المانحة على الإسهام في عملية الإعمار، ويضمن تحقيق النزاهة والشفافية ويحد من الفساد، وكذلك يحد من تلاعب بعض المؤسسات الأممية والدولية والمحلية بأموال المانحين، ويضمن عمل الجميع تحت مظلة واحدة، وبالتالي يصبح هذا الصندوق هو القناة الوحيدة لاستلام أموال المانحين، ويتم الصرف للمؤسسات العاملة في إعادة الإعمار من خلال تقديم مقترحات برامجية لهذا الصندوق.[14]

خاتمة:

لقد أثرت سياسة الحصار والعدوان التي انتهجتها “إسرائيل” على مدار 15 عاماً وما زالت على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأدت بطبيعة الحال إلى انهيار كبير في القدرات الإنتاجية في قطاع غزة، وأثرت بشكل كبير على تنفيذ مجمل الخطط والبرامج التنموية الفلسطينية في قطاع غزة، التي حال تنفيذها في قطاع غزة بسبب الحصار والانقسام والاعتداءات المتكررة على القطاع، كما تسببت هذه السياسة في وقف عشرات المشاريع الدولية والمحلية والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East (UNRWA)، خصوصاً ما يتعلق بمشاريع الإسكان ومشاريع البنية التحتية من كهرباء وصرف صحي ومياه وخدمات أخرى مما أصابها بالشلل التام.

كما ترك العدوان الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021 دماراً واسع المدى أصاب كافة القطاعات الاقتصادية وتسبب بخسائر اقتصادية فادحة، الأمر الذي يتطلب وبشكل فوري من جميع الجهات الحكومية الرسمية والقطاع الخاص، ووكالة الأونروا، والمنظمات والهيئات الدولية، والدول المانحة، والعديد من الدول العربية الشقيقة، والعديد من دول العالم الصديقة، البدء الفوري لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال العدوان الأخير، وتنمية وتأهيل قطاع غزة، وحشد التمويل اللازم لعملية الإعمار، والتركيز على بعدها التنموي لإيجاد فرص عمل، وتعزيز قدرة الاقتصاد.


[1] دكتوراه في فلسفة الاقتصاد، ومختص في الشأن الاقتصادي الفلسطيني، وله العديد من الكتب والدراسات والأبحاث العلمية والتقديرات المنشورة.
[2] لتفاصيل حجم الخسائر انظر: 479 مليون دولار إجمالي خسائر كافة القطاعات.. اللجنة الحكومية تعلن نتائج حصر أضرار العدوان على غزة، موقع وزارة الإعلام – المكتب الإعلامي الحكومي، 13/7/2021، انظر: https://bit.ly/3iee6NB؛ و479 مليون دولار.. إجمالي خسائر العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وكالة الأناضول للأنباء، 12/7/2021، انظر: https://bit.ly/3fbAlBO؛ وبالأرقام.. حصيلة أولية بضحايا وخسائر العدوان الإسرائيلي على غزة، موقع الجزيرة.نت، 21/5/2021، انظر: https://bit.ly/3idDjaY
[3] مازن العجلة، سنوات التنمية الضائعة في قطاع غزة (2007-2018) (رام الله: مركز الأبحاث الفلسطيني، 2020)، ص 123.
[4] ورقة حقائق حول: آثار الحصار الإسرائيلي المشدد على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة، 10 مايو – 14 يونيو 2021، مركز الميزان لحقوق الإنسان، غزة، 2021، ص 3، انظر: http://www.mezan.org/uploads/files/1623741528120.pdf
[5] هل يشكل معبر رفح بين غزة ومصر بديلاً عن المعبر التجاري مع إسرائيل؟، الجزيرة.نت، 7/6/2021، انظر: https://bit.ly/3ffs7bM
[6] يقدِّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة عدد المهجرين قسريًاً بنحو 8,500 شخص. ولمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع انظر: مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية – الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، الاستجابة لحالة التصعيد في الأرض الفلسطينية المحتلة، تقرير الحالة السادس (25 حزيران/ يونيو – 1 تموز/ يوليو 2021)، 2/7/2021، انظر: https://bit.ly/3j07pxS
[7] غزة: القطاعات الاقتصادية تواجه صعوبة في التعافي بسبب استمرار التضييق الإسرائيلي، صحيفة القدس العربي، لندن، 19/6/2021، انظر: https://bit.ly/3yjPvg6
[8] هل يشكل معبر رفح بين غزة ومصر بديلاً عن المعبر التجاري مع إسرائيل؟، الجزيرة.نت، 7/6/2021.
[9] ورقة حقائق حول: آثار الحصار الإسرائيلي المشدد على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة، 10 مايو – 14 يونيو 2021، مركز الميزان لحقوق الإنسان، غزة، 2021، ص 6.
[10] خطة إعادة إعمار غزة تهدف إلى تعزيز نفوذ مصر السياسي في المنطقة، موقع فرانس 24، 11/6/2021، انظر: https://bit.ly/3xhBtu2
[11] محمود صبرة، إعادة الإعمار وسياسة الاحتواء، موقع زوايا، 17/6/2021، انظر: https://bit.ly/3zZx5Bo
[12] عمر شعبان، يجب عدم تسييس ملف إعادة الاعمار، موقع مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، غزة، حزيران/ يونيو 2021، انظر: https://bit.ly/37a0WLc
[13] وزارة الأشغال العامة والإسكان، الإطار العام لإلية إعمار قطاع غزة (المباني العامة والخاصة والطرق الرئيسية)، غزة، 2015، ص 17.
[14] عمر شعبان، يجب عدم تسييس ملف إعادة الاعمار، موقع مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، غزة، حزيران/ يونيو 2021

للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: انعكاسات العدوان الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021 على قطاع غزة وملف إعادة الإعمار … د. رائد حلس (20 صفحة، 2.8 MB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 16/8/2021



جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من المقالات والتحليلات السياسية: