مدة القراءة: 17 دقائق

إعداد: أ. صابر رمضان.[1]
(خاص بمركز الزيتونة).

الملخص:

تسلط الورقة الضوء على أهم أدوات التحرر الوطني الفلسطيني، وهي المؤسسة المالية الفلسطينية المكونة من الصندوق القومي الفلسطيني ومؤسسة صامد. كما تبحث في أسباب ضعفها وفشلها كمنظومة في الارتقاء لمستوى تحقيق تطلعات التحرر الوطني. تهدف الورقة في سبيل ذلك إلى اعتماد منهجية التحليل المقارن مع تجربة نجاح واستمرار فعالية الصندوق القومي اليهودي ليومنا هذا. تنقسم الورقة إلى أربعة محاور مترابطة، هي: نبذة تعريفية عن المؤسسة المالية الفلسطينية والصندوق القومي الصهيوني، والنظام والتركيبة الداخلية، والبعد الأيديولوجي والفكري مقابل غياب الرؤية، وعلاقة المؤسستان بأجهزة السلطة الفلسطينية و”الدولة الإسرائيلية”. تخلص الورقة الى أن المؤسسة المالية الفلسطينية عانت من ضعف شديد وفشل في كافة المحاور، ولم تعد أكثر من مجرد أداة مالية سياسية بيد السلطة ضدّ مخالفيها، على النقيض من الصندوق القومي الصهيوني المحافظ على دوره واستقلاليته وأهدافه. نزعت الورقة لتقديم أفكار إصلاحية في الشأن المالي للمنظمة عبر الإصلاح الجزئي للصندوق قبل إصلاح المنظمة سياسياً، وتعزيز إشراك الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات مالياً وسياسياً بإحياء البعد الثوري والفكري، وإصلاح العلاقة بين السلطة والمنظمة.


للاطلاع على ورقة العمل بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة عمل: المؤسسة المالية الفلسطينية والصندوق القومي اليهودي … أ. صابر رمضان (23 صفحة، 4.5 MB)

المقدمة:

اعتمدت حركات التحرر الوطني تاريخياً على أدوات مالية لتجسيد رؤيتها وإنجازها للاستقلال الوطني، من هنا سعت منظمة التحرير الفلسطينية إلى إنشاء الصندوق القومي الفلسطيني، ومؤسسة صامد الاقتصادية منذ ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، ومع تطور السياق التحرري العام اتضح مدى تراجع دور المؤسسة المالية الفلسطينية في إنجاز عملية التحرر والاستقلال، إلى درجة اختفائها من مجمل المشهد السياسي والوطني برمته مما دفع للسؤال، لماذا الآن؟

أعادت الأزمات الوطنية والاقتصادية والمالية للسلطة الفلسطينية، ثم لمنظمة التحرير المسألة الاقتصادية للواجهة، إضافة إلى قرار القيادة الفلسطينية بوقف مخصصات مؤسسة الشهيد ياسر عرفات بعد الاختلاف السياسي مع مديرها ناصر القدوة في 11/3/2021، وسبقها قيام الحكومة الصهيونية بوقف مخصصات الأسرى والشهداء من أموال المقاصة، ثم اعتبار أفيجدور ليبرمان Avigdor Lieberman والخارجية الإسرائيلية سنة 2017 أن الصندوق القومي الفلسطيني منظمة “إرهابية”، في ظلّ تزايد بروز نشاط الصندوق القومي اليهودي Jewish National Fund.[2] طرحت هذه التحولات سؤالاً مركزياً، لماذا فشلت المؤسسة المالية الفلسطينية وتمّ إجهاض دورها الحقيقي، في حين نجح الصندوق القومي اليهودي حتى كتابة هذه الورقة، وثبت أمام محاولات أجهزة “الدولة الإسرائيلية” في إضعافه وتذويبه في نطاق البنية الإدارية لـ”الدولة”؟ وهل ثمة فرص سياسية ليعود الصندوق لموقعه ودوره في نطاق التحرر الوطني؟

تنبني الورقة على افتراضات أنه بعد العودة لأرض الوطن وتأسيس السلطة الفلسطينية كنواة للدولة، ركزت قيادة السلطة على السياسات التثبيتية للحكم، وبناء السلطة، والهيمنة السياسية، وتوظيف مؤسسات المنظمة أكثر من الاهتمام بالأرض كمحور للصراع وبناء الدولة، نتيجة لاتفاقية أوسلو Oslo Accords وتطبيقاتها. وأسهم غياب البعد الثوري والأيديولوجي الموجّه للسياسات المالية، في استنزاف الموارد لصالح مشاريع استثمارية ومخصصات لا تتناسب مع الثقل والأدوار لكل مركبات المنظمة، والسياق التحرري العام. كما لعبت طبيعة النظام الداخلي وتركيبته في إضعاف المؤسسة المالية الفلسطينية لتكون أداة عقاب وثواب. لذلك تعتمد الورقة على عدة محاور هي؛ التعريف بالمؤسستين الفلسطينية واليهودية، ثم البحث في التركيبة والنظام الداخلي، والبعد الأيديولوجي والفكري، وسياسات قيادة السلطة في الهيمنة على كامل هيئات منظمة التحرير الفلسطينية خصوصاً الصندوق القومي الفلسطيني عبر “محور العلاقة مع أجهزة السلطة والدولة”.

أولاً: المؤسسة المالية الفلسطينية والصندوق القومي الصهيوني: نبذة تعريفية:

أسست منظمة التحرير الفلسطينية المؤسسة المالية الفلسطينية بعد فترة وجيزة من نشوئها سنة 1964. يقول مدير الصندوق رمزي خوري “إن الصندوق القومي الفلسطيني هو الدائرة المالية والإدارية والرقابية لمنظمة التحرير”.[3] كما تمّ اعتماد نظام أساسي للصندوق في السنة ذاتها، ونصت المادة رقم 24 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على أن “ينشأ صندوق يعرف بالصندوق القومي الفلسطيني لتمويل أعمال المنظمة”.[4]

أنشأت في السياق ذاته مؤسسة صامد الاقتصادية سنة 1970، كمؤسسة اجتماعية وتشغيلية، واستجابة لحاجة فلسطينية طارئة، وعُنيت بإعالة وتشغيل أبناء الشهداء والأسرى وتأهيل ضحايا الحرب. اقتصرت على بناء العديد من المشاغل الحِرفية واليدوية الهادفة إلى إيجاد دعم اقتصادي ومالي للأنشطة الإنسانية والاجتماعية، ولم تكن في نشأتها، ونشاطها، وتمويلها، جزء متكامل واستراتيجي مع باقي أذرع المؤسسة الفلسطينية المالية.[5]

كانت صامد من المؤسسات التي أُنشئت لحاجة فعلية معيشية أكثر من مسألة بناء اقتصادي متين يمكن أن يندرج في إطار ما يتعارف عليه باقتصاد المقاومة. يشير الباحث طارق دعنا لذلك بقوله إن “الاقتصاد المقاوم يتطلب مدى واسع من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي لها دور مركزي في تقوية سياق التحرر الفلسطيني وتحقيق تطلعاته”.[6] لذلك كان لا بدّ من بناء اقتصاد مقاوم استراتيجي حقيقي، من خلال تعزيز البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية معاً، وتكون مربوطة بهدف التحرر الوطني، وليس مجرد الإدارة السياسية للخلافات تحت الاحتلال. وأسهم افتقار هذه المؤسسة (صامد) لمثل هذا التوجه، إلى غيابها عن مشهد الفعل السياسي والتحرري، بفعل طبيعة الحاجة التي نشأت هذه المؤسسات على أرضيتها، وهذا أكده أيضاً باحثين مثل ماندي تيرنر Mandy Turner، وعمر شويكي في حديثهم عن الاقتصاد السياسي للشعب الفلسطيني بقولهم: “برزت كحاجة لمشروع سياسي يتجه لبناء حركة تحرر تمكّن الشعب من الاكتفاء الذاتي وإن لا بدّ من روابط اجتماعية واقتصادية لتطوير الاستراتيجية الوطنية”.[7]

أما بالنسبة للصندوق القومي الصهيوني، يشير الأستاذ الجامعي ومخطط المدن الإسرائيلية رافيت حنانئيل Ravit Hananel بالقول إنه “في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل [Basel] العام (1897) تقرر مبدئياً تأسيس الصندوق القومي اليهودي، وقد كانت الفكرة إقامة صندوق قومي تجمع أمواله من أموال الشعب اليهودي كله على أن تخصص لشراء أراضٍ في أرض إسرائيل لحساب الشعب اليهودي”.[8] ثم تمّ تجسيد الوضعية القانونية والمؤسساتية للصندوق في المؤتمر الصهيوني الخامس Fifth Zionist Congress سنة 1901، وفي سنة 1905 سجل الصندوق في إنجلترا كشركة خاصة للهستدروت Histadrut الصهيونية العالمية، إضافة إلى تسجيله كجمعية خيرية في أكثر من 50 دولة، وله دور مركزي في إدارة السيطرة على الأرض والأملاك وتهجير السكان.[9] تركز جهد الصندوق ومجال عمله على الأرض والاستيطان الزراعي كأساس لبناء مجتمع جديد، ويرأس الصندوق حالياً أبراهام دوفدوفاني Avraham Duvdevani، وما زال هذا الصندوق فاعلاً تحت ستار وأسماء شركات مثل هيمنوتا Himanuta المحدودة في الضفة الغربية.

ثانياً: النظام والتركيبة الداخلية: الهيمنة والإفلات:

يقصد بالنظام والتركيبة الداخلية هنا، ليس فقط النصوص القانونية المنظمة لعمل المؤسسات المالية الفلسطينية والصهيونية على أهميتها، وإنما نقاش طبيعة النظام وتركيبة العضوية للمؤسسة المالية الفلسطينية والصندوق القومي الصهيوني. والهدف هو التعرف على مدى تأثير ذلك في تسريع أو منع ذوبان هذه المؤسسات في نطاق البنى البيروقراطية بعد قيام “إسرائيل” والسلطة، لأن هذه الفكرة مرتبطة بطبيعة النشأة والرؤية أيضاً. وفي الحالة الفلسطينية نصّ النظام الأساسي للصندوق على عضوية لا تقل عن 15 عضواً ولا تزيد عن 20 عضواً، يعيّنون بقرار من اللجنة التنفيذية، ويرأسه أعضاء من اللجنة التنفيذية، وتكون العضوية في مجلس إدارة الصندوق لثلاثة أعوام، ويتولى مجلس الإدارة تعيين مدير عام للصندوق، كما تتولى اللجنة التنفيذية تعيين مراقبي حسابات للصندوق، أما نظامه فيعدل من قبل المجلس الوطني بتوصية من اللجنة التنفيذية.

بالنظر إلى التركيبة السياسية لمنظمة التحرير، ولمنظومة العمل الفصائلي الضعيف في إطارها، فقد ساعد ذلك على عدم وضوح في إدارة الصندوق وموارده وأوجه الصرف، حتى على مستوى النظام القانوني والإداري المتعلق بالصندوق. ويشير الكاتب خليل موسى بقوله “مع أن النظام الأساسي لمنظمة التحرير ينص على أن رئيس الصندوق ينتخب مباشرة من المجلس الوطني ليصبح عضواً في اللجنة التنفيذية، لكن الرئيس محمود عباس يترأـس الصندوق منذ سنوات، مع تكليف رمزي خوري بإدارة الصندوق من العاصمة الأردنية عمّان منذ 2005”.[10] هذه التركيبة أسهمت في هيمنة اللجنة التنفيذية وخصوصاً رئيسها في التحكم بالصندوق القومي باعتماده على المعادلات والمواقف السياسية وموازين القوى الداخلية، خصوصاً وأن دور المجلس الوطني لم يطبّق كما ينبغي. يقول مدير الصندوق رمزي خوري بأن الصندوق قانونياً “يمارس مهامه التنفيذية وفقاً للسياسات والأولويات التي يحددها المجلس الوطني الفلسطيني، والموازنات التي يعتمدها”،[11] لكن في أغلب القرارات تعتمد على التوجهات السياسية وليس النظام القانوني للصندوق والمنظمة، مما جعل الصندوق يعاني من تبعية استراتيجية مالية وسياسية. وإذا استعرضنا خطة الدكتور رمزي خوري لسنة 2005 في إصلاح الصندوق وإدارته، لوجدنا أن التغيير ليس جوهرياً ولا يهدف إلى استرجاع المكانة السياسية والمالية المستقلة نوعاً ما للصندوق، فجلّ الخطة ذو توجّه إداري، وتنظيم سجلات، وترتيبات إدارية، دون أي ذكر لمسألة إعادة النظر في موازنات، ومخصصات المؤسسات وفق الدور وآلية العمل، لذلك بقي الصندوق وفق تعبير مديره تابع لوزارة المالية في السلطة الفلسطينية وما توفّره من موارد.[12]

أما في حالة الصندوق القومي الصهيوني، فقد اعتمد بشكل قوي في بنيته وتنظيمه على ارتباطه بفكرة الأرض والشعب وبالموارد غير المنقطعة، وأن الأرض غير قابلة للتصرف وهي جزء من الأيديولوجيا، فالدولة لها حقّ الاستعمال وليس التملك، والارتباط جاء مرتبطاً بفكرة الأرض وليس فقط بقيام “الدولة اليهودية”. يشير الباحث رافيت حنانئيل إلى أن التركيبة ترتكز “على المعاهدة التي أبرمت سنة 1961 بين دولة إسرائيل والصندوق القومي اليهودي، والتي تنص على أن يتألف المجلس من 13 عضواً، يكون نصفهم ناقص واحد 49% ممثلين للصندوق، ويكون الباقي ممثلين للحكومة الإسرائيلية، (…) وقد منحت هذه التسوية للصندوق القومي شراكة كاملة في اتخاذ القرارات في مجلس أرض إسرائيل”.[13] مثلت ارتباطات الصندوق واستمراريته المحرك الأساسي لدوره وحيويته، ولا غرابة في أن 90% من سكان الحضر والمدن مثلاً، لم يحصلوا على أي تمثيل لهم في مجلس أرض “إسرائيل” Israel Land Council الذي غلب عليه الطابع الزراعي، وقد برزت قوة الصندوق اليهودي في ميدان إنشاء الشركات الفرعية لتحقيق الأهداف الصهيونية القومية والدينية، وللصندوق هيئته المستقلة وقيادته التي يمثلها مديره دوفدفاني.

ثالثاً: البُعد الأيديولوجي والفكري مقابل غياب الرؤية:

لم يكن الصندوق القومي الصهيوني مجرد أداة مالية وسياسية، وإنما مثّل رؤية فكرية وأيديولوجية كمحرك لوجوده وعمله وانتشاره، ولا نبالغ إذا قلنا أيضاً استمراريته واستقلاله في مواجهة سياسات “الدولة”. يشير والتر لين Walter Lehn وأوري ديفيس Uri Davis إلى ذلك بالقول “إن استملاك الصندوق للأراضي في الضفة الغربية لم يحدث في فراغ، ولا يمكن تقويمه إلا في إطار علاقته بالثوابت السياسية والأيديولوجية الصهيونية”.[14] وهذا يتطابق مع امتلاك الصندوق لما نسبته 93% من الأرض في “إسرائيل”، وتمثيله لـ”الشعب اليهودي” في “الدولة” والشتات وارتباطهم فيه، واعتماد الإسهامات والإيرادات بناء على ذلك الارتباط، لدرجة تدخل الصندوق مع “الدولة” والحكومة في تحديد نسبة الأراضي التي يمكن تجاهل التطوير والتنمية فيها، لكي تعتمد في المفاوضات الخاصة بالتسوية. ويجب أن لا نغفل أن مجال عمل الصندوق بشركاته المتفرعة عبر العالم هو استهداف أراضٍ عربية أيضاً بطريقة غير مباشرة.[15] تبرز الرؤية الصهيونية التي تعتمد الفكر والأيديولوجيا في خطة خريطة الطريق البليونية للصندوق القومي الصهيوني للعقد القادم من سنة 2021، حيث نالت برامج التربية الصهيونية، وتعزيز الربط بين الأجيال الصهيونية وبين الشعب والأرض، والذي جاء تحت بند “ارتباط الجيل القادم” على25 % من مجمل مخصصات الصندوق لذلك المشروع البالغة مليار دولار.

أما بالنسبة للمؤسسة المالية الفلسطينية وخصوصاً الصندوق القومي، فقد شهد تحولاً أو انقلاباً من أيديولوجية الثورة والتحرر الوطني إلى أولويات السياسة ومتطلباتها بما فيها إدارة الشأن السياسي المحلي والفصائلي، فما حدث في مؤسسة صامد والصندوق القومي منذ أوسلو إلى يومنا يؤكد ذلك التراجع والضعف. وقبل الخوض في مسألة الصندوق وانفصاله عن الرؤية الفكرية والسياسية الوطنية، علينا التأكيد على فكرة مهمة في المقارنة حيث إن نشاط الصندوق القومي الصهيوني ارتبط بقوة دينية وأيديولوجية سياسية، كونه شعب لم يكن يملك الأرض أو موجود عليها، كما هو حال الشعب الفلسطيني وحضوره تاريخياً، لذلك كانت فكرة الأرض مركزية لدى الإسرائيليين. بينما الفلسطينيون لم يكترثوا كثيراً لمسألة تثبيت الأرض، كونهم موجودين كشعب على الأرض قبل التعرض لحملات التطهير والنفي، ويبدو أن هذا لعب دوراً في التقليل من فكرة الاهتمام والارتباط بالأرض لدى الصندوق القومي الفلسطيني أسوة بالصهيوني، لكن في الوقت نفسه لا يبرر للصندوق عدم التدخل بطرق مختلفة لمنع تسريب الأراضي وتسويتها، حتى لا يترك الفراغ للحركة الصهيونية والصندوق القومي الصهيوني في ابتلاع المزيد من الأرض. هذا التوجه تاريخياً أنتج في السياق الفلسطيني تياراً برؤية سياسية هادفة إلى “إدخال إصلاحات شكلية وليست جذرية ونوعية على أوضاع المنظمة”.[16]

رابعاً: علاقة المؤسستان بأجهزة السلطة الفلسطينية و”الدولة الإسرائيلية”:

مرت العلاقة بين أجهزة “الدولة الإسرائيلية” والسلطة الفلسطينية بالمؤسسة المالية وخصوصاً الصندوق القومي بالمراوحة بين محاولات الاحتواء وصولاً إلى السيطرة والإذابة الكاملة في إطار أجهزة ومؤسسات “الدولة” والسلطة. نجحت السلطة الفلسطينية في إذابة وإخضاع كامل للصندوق القومي الفلسطيني في نطاق السلطة القائمة ومؤسساتها. وتمثل ذلك في هيمنة الرئاسة الفلسطينية على رئاسة الصندوق وإدارته. وتراجع دور المجلس الوطني في تعيين الرئيس والرقابة على الصندوق. وهذا جاء في إطار عملية كاملة قامت بها قيادة السلطة الفلسطينية في السيطرة على كل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتكون تحت إدارة السلطة وقيادتها، بما يتعارض مع النظام الأساسي للمنظمة وللصندوق، وهذا نتاج نظام سياسي زبائني مبني على الولاء للشخص، فالمخصصات وصرفها تخضع لمزاج سياسي. ويشير الصحفي المختص في الشؤون المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بينويت فاكون Benoit Faucon إلى هذه السمة التي “حكمت سائر علاقات السلطة بالمنظمة والصندوق القومي الفلسطيني وأسست لمراحل لاحقة”.[17]

نشأ بموجب ذلك عهد المال في خدمة السياسة والتوجهات الشخصية. وفي الاتجاه ذاته يقول مدير الصندوق منذ سنة 2005 رمزي خوري، إن الصندوق “اختزل دوره وقلّص إلى تنفيذ سياسات وقرارات وزارة المالية في حدود أبواب الصرف المحددة”.[18] ولعل هذا يفسر القرار الأخير لقيادة السلطة الصادر في 11/3/2021، في وقف مخصصات مؤسسة الشهيد ياسر عرفات، على خلفية اختلاف التوجهات السياسية الداخلية كأداة للثواب أو العقاب. ويؤكد الكاتب عوني فرسخ أن هذا التوجه تاريخي ومتجدد، بقوله إنه “منذ آلت مقاليد المنظمة لفصائل المقاومة بقيادة فتح سنة 1969 افتقد الصندوق حرية الإرادة والقرار”،[19] حيث أصبحت السلطة الفلسطينية ممثلة بوزارة المالية هي عنوان أي مساعدات، أو تمويل، أو ضرائب.[20] ناهيك عن انتقال ثقل الدعم المالي العربي من المنظمة والصندوق القومي إلى السلطة ووزارة المالية.

إن انعدام انتظام العلاقة بين السلطة الفلسطينية والمنظمة، جعل الصندوق بدون إدارة مستقلة، أو رئيس مستقل بصلاحيات فعلية وليست أرشيفية. وتتضح هيمنة السلطة على الصندوق من خلال التركيز على وقف المخصصات المالية، مع أنها لا تمثّل الوجه الوحيد للخلل القائم في العلاقة وتطبيقاتها السياسية والمالية، حيث هناك الاستثمارات والعقارات وسائر ممتلكات الصندوق داخل وخارج فلسطين، والنفقات والموارد. حيث لجأت قيادة السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ قرارات بوقف مخصصات مالية تخص الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مطلع شباط/ فبراير 2016 بقرارات شفوية من الرئيس الفلسطيني، وذلك بسبب المواقف السياسية من إدارة الملف السياسي وسبل مواجهة “إسرائيل”، والمطالبة بتطبيق قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني. انتهجت السياسة ذاتها في وقف مخصصات الجبهة الديموقراطية في نيسان/ أبريل 2016، وقد عزا نهاد أبو غوش القيادي في الجبهة الديموقراطية ذلك إلى تراكم المواقف والخلافات السياسية تجاه السلطة، والهبّة الشعبية وتنظيم المسيرات، وتفسير قرارات المجلس المركزي، والمطالبة بعقد جلسة عادية للمجلس الوطني بدل الطارئة، وتجاوز القنوات القانونية في شطب العضوية واستبدالها في تجاوز لكل أطر المنظمة القانونية والمالية.[21] وهذا كان واضحاً في تصريح مدير الصندوق رمزي خوري عندما أكد على أن وزارة المالية كانت تطلع بمسؤوليات الصندوق بمعزل عن المرجعيات القانونية والتنظيمية والإدارية الناظمة لعمله. ناهيك عن حالة “تعدد الجهات التي كانت تتلقى الأموال داخل المنظمة تاريخياً”.[22]

لذلك لو استمر الصندوق باستقلالية واضحة، لكان لدى الفلسطينيين الفرصة السياسية الواسعة لتشكيل حكومات مستقرة بعيداً عن أي ابتزاز أو حصار مالي. لكن عمليات إحلال مؤسسات السلطة الفلسطينية مكان مؤسسات منظمة التحرير أضعف الصندوق ومكانته في عملية التحرر الوطني. يقول الباحث والصحفي بينويت فاكون إنه تمّ “إحلال مؤسسات اقتصادية تتبع القيادة الفلسطينية لتكون المستودع الأخير للمساعدات المالية الدولية مثل بكدار”.[23] وهذا جعل مختلف الموارد المالية تحت سيطرة السلطة وقيادتها إلى جانب التحولات التي تعرضت لها منظمة التحرير.

فشلت “إسرائيل” في إذابة الصندوق في إطار “الدولة” وأجهزتها، فسعت نحو بذل جهود احتواء الصندوق القومي اليهودي. ويذهب الباحث والأكاديمي يوسي كاتس Yossi Katz إلى المطالبة بإنهاء الهيمنة الكاملة للصندوق القومي الصهيوني على الأراضي، بأنه على الرغم من توقيع “الدولة” والصندوق اتفاقية في 28/11/1961 إلا أن المطالبات أعيدت إلى الواجهة سنة 1980، وزادت الضغوط على “الدولة” لتخصيص نسبة أكبر من “أرض إسرائيل” بدل ملكيتها للصندوق، خصوصاً وأن نسبة الأراضي خارج إدارة الصندوق بلغت 4% فقط من “أرض إسرائيل”. فـ”الدولة” على الرغم من كونها “دولة ديموقراطية” غربية ورأسمالية، إلا أن “أراضي الدولة” بيد الصندوق وهذا جعل منها ظاهرة فريدة.[24] إن عدم استقرار العلاقة المستمرة إلى اليوم يعكس قوة الصندوق القومي إزاء “الدولة” المستقرة، وقدرته على الحفاظ على دوره ومكانته واستقلاليته عن رئاسة “الدولة” وبقية أجهزتها، واستمراره في العمل بامتلاكه لـ 93% من “أراضي إسرائيل”. وأبرز دليل على علاقة الاحتواء ما أورده الكاتب والــتر ليـن بقوله “إن عدم التوافق بين الصندوق والدولة كان ينصب على التكتيك وليس الأهداف في الاستعمار الصهيوني لفلسطين”.[25] وهذا يفسر الاتفاق أو العقد الذي وقعته “الدولة” والصندوق الصهيوني في تشرين الثاني/ نوفمبر 1961 لتنظيم العلاقة بينهما، على أساس احترام نطاق الصلاحيات والمسؤوليات لكليهما.

بموجب ما سبق تمّ توقيع الاتفاق ونتج عنه ولادة جسمان، هما إدارة “أرض إسرائيل” وتتبع لـ”الدولة” عبر وزارة الزراعة، تكون العضوية فيها؛ سبعة ممثلين لـ”الدولة” مقابل ستة ممثلين للصندوق، والجسم الآخر هو سلطة تطوير الأراضي التي خضعت لهيمنة الصندوق القومي بعضوية سبعة ممثلين للصندوق وستة ممثلين لـ”الدولة”، مما أوجد حالة توازن، وجعل الصندوق قادراً على الاستمرار والعمل كوكالة مستقلة للمنظمة الصهيونية العالمية داخلياً وفي الشتات. يكمل الأكاديمي أوري ديفيس التأكيد على العلاقة ذاتها بقوله إن “الحلول التي وضعت بالتفاهم بين الحكومة الإسرائيلية والمنظمات غير الرسمية، ومنها الصندوق القومي اليهودي، لتلافي ازدواجية النشاط الاستيطاني عقب قيام دولة إسرائيل من ناحية، والحفاظ على استمرارية التواصل بين يهود الشتات وإسرائيل، واستخدام الصندوق من خلال شركاته المتفرعة كأداة سياسية للشعب اليهودي”.[26]

كما ساعدت مسألة تنظيم العلاقات بين “الدولة” والصندوق على تقوية جهوده، فمثلاً سعى الصندوق سنة 2006 بإعادة تأهيل غابة في الجليل وتسميتها على اسم زوجة مارتن لوثر كينج جونيورMartin Luther King Jr. (كوريتا سكوت كينج Coretta Scott King) على أثر الحرب، ويضاف لذلك أن “تعديلات القوانين عامي (2009/2010) لم تضعف الصندوق وجهوده، بل عززت نفوذه في الهيمنة على أراضي الفلسطينيين في النقب، والعمل على تبادل الأراضي مع الحكومة (الإسرائيلية) في النقب وبموجبه تمّ حصول الصندوق القومي على أراضٍ بمساحة (50,000–60,000) دونم”.[27] وهذه العلاقة تؤكد أن فهم وتحليل فكرة استملاك الأرض وعلاقته بالدولة الحديثة أمر معقد ولا يصبّ في فهم واضح، فعلى الرغم من أن “الدولة” رأسمالية ديموقراطية على النمط الغربي، لكن الملكية فيها عامة للصندوق، وعلى ما يبدو أن هذا أسهم في استقلالية الصندوق عن هيمنة “الدولة” لدرجة التوجه نحو توقيع اتفاقات بين الصندوق والحكومة الإسرائيلية لتنظيم العلاقة ومجال العمل، ويظهر أن العلاقة فيها هامش من التأثير المتبادل بين الصندوق و”الدولة”، حيث تشير الكاتبة سنية الحسيني في إطار الأراضي الخاضعة للتفاوض مع الفلسطينيين إلى أن رئيس الصندوق القومي اليهودي “وعد بإجراء تعديلات على القرار يسمح بالتصويت عليه بأغلبية ثلثي مجلس إدارة الصندوق وذلك بحصر شراء الأراضي في الضفة الغربية في مناطق الكتل الاستيطانية التي تحظى بإجماع إسرائيلي”.[28] مما يظهر أن العلاقة بين الصندوق القومي الصهيوني وحكومة “إسرائيل” ليست أكثر من تبادل أدوار لخدمة هدف واحد وهو الاستيطان والهيمنة على الأرض.

خامساً: الصناديق القومية المقارنة: رؤية في الإنجازات:

الحديث عن الإنجازات بشكل مختصر، يتطلب عكس المحاور الأربعة في الورقة التي تأثرت بالعديد من السياسات التي أوجدت مستويات كبيرة من التفاوت في الدور والفاعلية والإنجاز. بداية سأتطرق إلى إنجازات الصندوق القومي الصهيوني، بالنظر إلى موقع الصندوق على الشبكة العنكبوتية وما توافر من مصادر مترجمة عن العبرية. الإنجازات ارتبطت بشكل وثيق بالمهمة الرئيسية للصندوق وهي “ضمان قوة وأمن وازدهار مستقبل الأرض والشعب (الإسرائيلي) عبر المشاريع والمبادرات، والحملات وتعزيز روابط الشعب بالأرض، وبناء البيوت، والحدائق، ومصادر المياه، والسياحة، وتعزيز التربية الصهيونية، ودعم أبحاث الزراعة، والبيئة، والغابات، والتراث”.[29] وللاطلاع على جزء من إنجازات الصندوق القومي الصهيوني، سيتم عرض خطة اعتمدها الصندوق أو “خريطة طريق المليار دولار للعقد القادم 2021” من خلال الجدول التالي:

إلى جانب ذلك، عمل الصندوق القومي الصهيوني على زراعة 250 مليون شجرة، وبناء 250 خزان وسدّ، وتطوير أكثر من 250 ألف فدان (الفدان يساوي 4,200 م2) من الأرض وبناء ألفي حديقة، ودعم البنية التحتية لما يقارب 100 ألف تجمع سكاني، وسعى إلى تعزيز روابط الأجيال الجديدة والأطفال والشباب بـ”إسرائيل” والتراث، ناهيك أن النشاطات الاستيطانية والمستوطنات نالت حظها الوافر من تلك البرامج تحت مسميات شتى أو بنود ظاهرة أو مخفية.

على الصعيد الفلسطيني، تشير الدراسات إلى جوانب تاريخية من الإنجازات اللحظية، بمعنى حسب الظرف السياسي للقضية الفلسطينية. في نظرة لموقع الصندوق والمنظمة نلاحظ أن الصندوق قدم إسهامات في مساندة انتفاضة سنة 1987، ومعونات للهيئات العامة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة)، ودعم التحرك الديبلوماسي والمفاوضات السلمية، ورعاية أسر الشهداء والمصابين، ورصد موازنة خاصة للخدمات الطبية عن طريق الهلال الأحمر الفلسطيني لمعالجة المقاتلين.[30] كما يتولى الصندوق تحويل مخصصات جمعية الهلال الأحمر، وجيش التحرير الفلسطيني، ومؤسسة أسر الشهداء، ومؤسسة ياسر عرفات، ومؤسسة محمود درويش، والمجلس الأعلى للإبداع والتميز، واللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس، وبيت الشرق، ومركز الأبحاث الفلسطيني. وفي السياق الحالي، يدير الصندوق نفقات البعثات والهيئات الفلسطينية التي ما زالت قائمة داخل وخارج الوطن، عبر المخصصات المحددة من وزارة المالية والسلطة الفلسطينية. وينتاب الحالة الفلسطينية وخصوصاً بيانات الصندوق والمنظمة حالة من عدم الوضوح، إما بسبب الحالة السياسية لمعظم مؤسسات المنظمة داخلياً، أو لصفة السرية التي سادت إدارة الموارد المالية للمنظمة الفلسطينية.

خلاصة:

حاولت الورقة تبيان مواطن الضعف والفشل في أداء المؤسسة المالية الفلسطينية، ممثلة بـ”الصندوق القومي ومؤسسة صامد الاقتصادي”، وبشكل أكثر، التركيز على الصندوق القومي الفلسطيني. ونحاول هنا إجمال تلك المواطن التي تخللها التحليل والنقد بما يلي:

1. خضعت المؤسسة المالية الفلسطينية إلى تحولات جذرية، كباقي مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، منذ توقيع اتفاقية أوسلو وحتى كتابة هذه الورقة.

2. غلبة نفوذ مؤسسات السلطة الفلسطينية على إدارة المؤسسة المالية والمنظمة. وأصبح الصندوق القومي يمارس مهامه وفق تعليمات سياسية، وشخصية، وحزبية تحتكرها القيادة. كما أصبح الصندوق بنداً من بنود وزارة المالية في السلطة الفلسطينية.

3. ساعدت البنية السياسية والحزبية (الفصائل الأكثر تأثيراً خارج المنظمة)، وتركيبة النظام الداخلي للمنظمة، والصندوق، على غياب رقابة حقيقية من المجلس الوطني الفلسطيني على أداء الصندوق القومي الفلسطيني. إذ لو كان هناك تركيبة سياسية قوية، وحزبية، وتمثيل داخل المنظمة لدفعت بهذا الاتجاه، وقلّصت من عملية الاستفراد.

4. ارتبط الصندوق القومي ومؤسسة صامد بدور محوري تشغيلي ونفقات جارية على مباني وأجهزة المنظمة، ولم يرتبط بشكل استراتيجي بمسألة الأرض، وتمثيل حقيقي للشتات الفلسطيني. فمؤسسة صامد كما أشار الباحث صقر أبو فخر، سنة 2017، لم تؤسس لبنية اقتصادية أو لدولة.[31]

5. عدم ارتباط المؤسسة المالية وخصوصاً الصندوق القومي الفلسطيني بمشروع فكري وأيديولوجي ثوري وتحرري أبعد من حدود السلطة كنواة للدولة، ويضمن لكل فلسطيني خصوصاً في الشتات حقّ المشاركة في التحرير وإدارة السياسة، ويدعم باتجاه عمل الصندوق القومي ومؤسسة صامد كمنظومة واحدة، بهدف واحد وإن اختلفت المجالات والساحات، وتعزيز مكانة المقاومة الوطنية بكافة أشكالها.

6. انعكست حالة المجلس الوطني الفلسطيني وعدم انتظام جلساته على مكانة ودور المؤسسة المالية والصندوق القومي، خصوصاً على صعيد المساءلة والرقابة واتخاذ القرارات فيه. يضاف أنه نتيجة لذلك فشل الصندوق في الحفاظ على وضعه القانوني والتنظيمي في علاقته مع بقية أجهزة السلطة والمنظمة، خصوصاً في ظلّ تعدد المرجعيات.

7. تعمدت قيادة السلطة الفلسطينية عدم الفصل بين مؤسسات المنظمة والسلطة، في استهداف واضح لمحور الهيمنة والسيطرة، وتقليل الصعوبات التي يمكن أن تواجهها قيادة السلطة في التعاطي السياسي المحلي والدولي، مما أضر بالمناعة الوطنية في مقاومة الاحتلال الصهيوني.

8. بقيت موارد الصندوق والاستثمارات والممتلكات والعقارات المنتشرة في أنحاء العالم دون رؤية واضحة، ودون معلومات وبيانات يفصح عنها للمجلس الوطني أو أمام الشعب الفلسطيني. فمثلاً الممتلكات العقارية قفزت من 28 إلى 153 عقاراً برعاية ودعم مباشر من الرئيس الفلسطيني، على حدّ تعبير مدير الصندوق رمزي خوري.

في الخروج من الأزمة:

لا شكّ أن إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ضرورة بالغة، لكنها لا يجب أن تتحول في الوقت ذاته إلى معيق للبدء بالإصلاح الجزئي من بوابة المشاركة الفصائلية والوطنية الشاملة (لمن هم داخل أو خارج نطاق المنظمة) في إعادة الاعتبار للمؤسسة المالية الفلسطينية. وأن يتم الإفصاح عن مواردها الموجودة واستثماراتها ونطاق النفقات، وتحديث مواردها بإعادة ربط الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات بمختلف السبل بما فيها فرض ضريبة أو اشتراك رمزي، وإصلاح العلاقة بين السلطة الفلسطينية والصندوق القومي الفلسطيني، ينهي حالة الاشتباك المالي بين السلطة وبقية الفصائل الفلسطينية. وأن يعاد إحياء البعد الفكري والثوري في المؤسسة المالية، فهو المحرك الضامن للسياسات المالية. ولكي تكون عملية الخروج من الأزمة ذات جدوى أكثر لا بدّ من وضع البيانات الرقمية والمالية تحت المجهر البحثي لتفسير وفهم السياسات.


الهوامش:
[1] باحث متخصص بالشأن الإقليمي والدولي. حائز على درجة الماجستير في الدراسات الدولية من جامعة من بيرزيت في فلسطين سنة 2006، ويهتم بدراسات العنف واللا عنف في المنازعات الدولية، والنظريات المتعلقة بالتوتر الاجتماعي والسياسي للمجتمعات العربية، وله العديد من المقالات المنشورة.
[2] Jonathan cook, “Finished with the buffling Jewish national fund goes public with its aid to settlers,” site of Mondoweiss, 17/3/2021, p. 1.
حيث إن الصندوق القومي اليهودي رصد مبلغ 12 مليون دولار لمساعدة سلطات الاحتلال على سلب الأرض الفلسطينية تحت بند شراء أراضٍ، كما خصص مئات الملايين من الدولارات لخدمة الاستيطان في الضفة الغربية، ورفع نسبة المستوطنين من 450 ألف إلى مليون يهودي. واستخدم الصندوق كذؤاع لليمين السياسي حيث برزت نشاطات الصندوق الاستيطانية مع رئاسة افراهام دوفدوفاني Avraham Duvdevani له، بعد رئاسته للمنظمة الصهيونية العالمية World Zionist Organization (WZO). واستطاع الصندوق العمل عبر شركة هيمنوتا Himanuta في شرقي القدس بداية بمبلغ يقدر بـ 70 مليون دولار.
[3] مقابلة مع رمزي خوري، “الصندوق القومي الفلسطيني تحت المجهر،” مجلة شؤون فلسطينية، مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، رام الله، العدد 177، 2019، ص 1–9، انظر: https://hcc.PLO.ps/arcgives
[4] محسن محمد صالح، منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني: تعريف – وثائق – قراءات (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2014)، ص 38؛ وانظر أيضاً: عاطف عطاونة، نشأة المالية العامة الفلسطينية وتطورها: قراءة معاصرة (عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2014)، ص 22-23.
[5] صقر أبو فخر، ورقة عمل “قراءة في التجربة الاقتصادية الفلسطينية: مؤسسة صامد مثالاً،” في حلقة نقاش “تقييم الأثر لبرامج التمكين الاقتصادي والتشغيل على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 28/12/2017، ص 1-11، انظر:https://www.alzaytouna.net
[6] Tariq Dana, “A Resistance Economic; What is it and can it provide an alternative?,” Pal Paper, November 2014, site of Rosa Luxemburg Stiftung, Regional Office Palestine, Ramallah, p. 6, https://www.rosalux.de/fileadmin/rls_uploads/pdfs/sonst_publikationen/A_Resistance_Econo my.pdf
[7] “introduction: decolonizing the study of the political economy of the Palestinian People,” in Mandy Turner and Omar Shweiki, (eds.), Decolonizing Palestinian political Economy (New York: Palgrave Macmillan, 2014), pp. 1-9, www.research gate.net.
[8] رافيت حنانئيل، “نظرة على السياسة القومية التي تنتهجها الدولة الإسرائيلية في موضوع الأراضي،” مجلة قضايا إسرائيلية، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار”، رام الله، ص 62.
[9] See ““Jewish National Fund” a Paraststal Institution Chartered to Dispossess and Discriminate,” p. 2, http://www.hic-mena.org/documents/JNF%20factsheet.pdf
[10] خليل موسى، “تقليص دور الصندوق القومي لصالح السلطة الفلسطينية،” صحيفة إندبندنت عربية الإكترونية، المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، الرياض، 31/7/2020، انظر: https://www.independentarab.com
[11] مقابلة مع رمزي خوري، “الصندوق القومي الفلسطيني تحت المجهر،” مجلة شؤون فلسطينية، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، رام الله، ص 1-9، انظر: https://www.prc.ps
[12] إذا نظرنا إلى صيغة القرار الصادر من مدير الصندوق القومي الفلسطيني رمزي خوري يخاطب فيه وزير المالية في السلطة الفلسطينية الدكتور شكري بشارة في 11/3/2021، ويطلب فيه وقف مخصصات أو أيّ حوالات مالية من الوزارة للصندوق ضدّ مؤسسة الشهيد ياسر عرفات، إثر موقف مدير المؤسسة السياسي المختلف مع قيادة السلطة والمنظمة عقب التحضير للانتخابات المزمع عقدها في أيار/ مايو 2021، يظهر أن القرار الفعلي بيد وزير المالية وليس الصندوق القومي الفلسطيني.
[13] رافيت حنانئيل، “نظرة على السياسة القومية التي تنتهجها الدولة الإسرائيلية في موضوع الأراضي،” ص 64.
[14] والتر لين وأوري ديفيس، الصندوق القومي اليهودي (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1990)، ص 170.
[15] المرجع نفسه، ص 39. وفي معظم الكتاب يتناول بشكل مفصل وموزع بين ثنايا الكتاب هذه المسألة عندما يتحدث عن أن تسجيل الصندوق ونشاطه مرتبط باستعمار وشراء الأراضي في فلسطين وسورية. وبأن أكثر من طرح فكرة الصندوق القومي الصهيوني هم الحاخامات أمثال هرمان شابيرا Hermann Schapira وعلى أساس الارتباط بالرواية التوراتية.
[16] إبراهيم حمامي، “منظمة التحرير: جدلية التمثيل وحتمية التغير،” موقع المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية “مفتاح”، 30/3/2006، انظر: www.miftah.org
[17] Benoit Faucon, West Bankers from Arafat to Hamas, How Money Made and Ruined the P.L.O and How it can Bounce Back (London: Mashariq Ltd., 2010), pp. 93-95.
[18] مقابلة مع رمزي خوري، “الصندوق القومي الفلسطيني تحت المجهر،” مجلة شؤون فلسطينية، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، رام الله.
[19] عوني فرسخ، “استقلال القرار الفلسطيني والتمويل غير الوطني،” المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية “مفتاح”، 2005، ص 1.
[20] نعيمة أبو مصطفى، “الصندوق القومي الفلسطيني (1964–1993)،” مجلة صامد الاقتصادي، دار الكرمل للنشر والتوزيع، عمان، العدد 137-138، سنة 26، 2014، ص 222.
[21] موقع صحيفة رأي اليوم، لندن، 11/4/2016، انظر: www.raialyoum.com؛ وانظر أيضاً: لهذه الأسباب قطع أبو مازن مخصصات “الجبهة الديمقراطية”، موقع صحيفة العربي الجديد، لندن، 17/4/2016، انظر: www.alaraby.co.uk.
[22] نعيمة أبو مصطفى، “الصندوق القومي الفلسطيني (1964–1993)،” مجلة صامد الاقتصادي، دار الكرمل للنشر والتوزيع، عمّان، ص 221.
[23] Benoit Faucon, West Bankers: From Arafat to Hamas, How Money Made and Ruined the PLO and How it can Bounce Back (Mashrek Editions Ltd., 2010), p. 104.
[24] Youssi Katz, The land shall not be sold in perpetuity: the Jewish National Fund and the history of state ownership of land in Israel (Berlin: Gryteroldbourg, 2016).
[25] Walter Lehn, “The Jewish National Fund,” Journal of Palestine Studies, Institute for Palestine Studies, Beirut, Vol. 3, 1974, p. 79.
[26] والتر لين وأوري ديفيس، الصندوق القومي اليهودي، ص 296. وقد جاء ذلك كخلاصة للكتاب وضمن غلافه الداخلي الأخير.
[27] “The Jewish National Fund: A para-state institution in the Service of Colonialism and Apartheid,” al-majdal magazine, Badil Resource Center for Palestinian Residency and Refugee Rights, Bethlehem, pp. 1-72.
[28] سنية الحسيني، “الصندوق القومي اليهودي: لماذا يفصح عن سياستة الآن؟،” موقع صحيفة الأيام، رام الله، 18/2/2021، ص 1-3. يقصد بالقرار هنا أن الصندوق القومي الصهيوني قرر الاستمرار في استيطان أراضٍ مختلفة في الضفة الغربية وليس فقط تطوير المستوطنات القائمة مما أجج العلاقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن Joe Biden، ومع الضغوطات توصلت قيادة الصندوق القومي الصهيوني إلى استمرار الهدف وهو الاستيطان مع تكيف طفيف في مناطق الاستيطان.
[29] Site of Jewish National Fund, https://www.jnf.org
[30] موقع منظمة التحرير الفلسطينية، انظر: http://www.plo.ps
[31] صقر أبو فخر، ورقة عمل “قراءة في التجربة الاقتصادية الفلسطينية: مؤسسة صامد مثالاً،” ص 1-11.


للاطلاع على ورقة العمل بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة عمل: المؤسسة المالية الفلسطينية والصندوق القومي اليهودي … أ. صابر رمضان (23 صفحة، 4.5 MB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 27/4/2021



جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات



المزيد من الأوراق