مدة القراءة: 9 دقائق

الجلسة الأولى 1\3


عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات يوم الثلاثاء 12 كانون الثاني/ يناير 2021، الجلسة الأولى من حلقة نقاش بعنوان: “قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 – تقدير استراتيجي 2021”.

وقد شارك في حلقة النقاش، نخبة من المتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، ناقشوا خلالها المحور الفلسطيني الداخلي، والمحور الإسرائيلي الداخلي، ومسار التسوية السلمية، والبيئة العربية المؤثرة في القضية الفلسطينية.محسن صالح

وفي إطار حديثه عن تطورات المصالحة الفلسطينية سنة 2020، والمسارات المحتملة سنة 2021، أكد الأستاذ ساري عرابي في مداخلته أن موافقة حركة حماس على انتخابات غير متزامنة ليس بسبب نجاح جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، بل بسبب سعيها لتذليل العقبات أم ام الوحدة الوطنية. ورأى عرابي أن الدعوة إلى الانتخابات كمدخل وحيد لإنهاء الانقسام ليس أمراً جديداً، وفي حال تمت الانتخابات فلا يعني ذلك إنهاء الانقسام؛ فهناك خلاف بين حركتي فتح وحماس حول نظرتهما إلى النظام السياسي الفلسطيني؛ فحماس لا تعترف بالوظيفة التي تأسست عليها السلطة الفلسطينية وهي وظيفة أمنية بالدرجة الأولى. فجوهر الخلاف هو خلاف بين برنامجين؛ برنامج يقوم على تحصيل الحقوق الفلسطينية من خلال التسوية السلمية مع الاحتلال والذي أثبت فشله خلال السنوات الماضية، وبرنامج يقوم على أساس مقاومة الاحتلال بكل الوسائل وفي مقدمتها المقاومة المسلحة. ورأى عرابي أن عباس معني بانتخابات تشريعية لتجديد شرعية السلطة الفلسطينية وتجديد المسار التفاوضي للسلطة ولكنه غير معني بانتخابات مجلس وطني فلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير؛ فالخشية أن تؤدي الانتخابات إن حدثت إما إلى إعادة تدوير الانقسام الفلسطيني، أو إلى جر حماس إلى المربع السياسي لحركة فتح. ويبقى أن مسار المصالحة والانتخابات محكوم بالعديد من الاعتبارات؛ سواء مراكز النفوذ داخل حركة فتح أو مواقف الأطراف الدولية والإسرائيلية والعربية.

ثم تحدث الأستاذ هاني المصري حول ملف التسوية السلمية ومشاريع الضم الإسرائيلي خلال سنة 2020، فرأى أنه على الرغم من أن صفقة القرن تعكس الرؤية الصهيونية لمقاربة الصراع، إلا أن اليمين الإسرائيلي يرفض أي صفقة تضع حدوداً لأي دولة فلسطينية. وتوقع أن يبقى جوهر صفقة القرن في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن. وأكد أن بايدن هو من الرؤساء الأمريكيين المؤيدين للصهيونية، فهو لن يمارس ضغوطات على الجانب الإسرائيلي خلال عهده؛ خصوصاً أن هناك أولويات بالنسبة للرئيس الأمريكي أهم بكثير من القضية الفلسطينية. لذلك على الجانب الفلسطيني أن يتنبه لهذه النقطة وأن يعتمد على نفسه في كفاحه الوطني. واستغرب المصري سلسلة التنازلات التي بدأت تُقِّدمها قيادة السلطة في أعقاب إعلان فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، خصوصاً فيما يتعلق بملف الأسرى والتنسيق الأمني مع الاحتلال، فهذه التنازلات لن تُعيد العلاقة مع الجانب الأمريكي إلى سابق عهدها ولن تفتح أبواب المساعدات الأمريكية إلى السلطة بدون مقابل. ورأى المصري أن طريقة إدارة حماس لملف الصراع مع الاحتلال في الآونة الأخيرة وتكيّفها مع المتغيرات الدولية والإقليمية لن يوقف عملية استهدافها. كذلك الأمر بالنسبة لفتح والسلطة. فالحل يكمن في ترتيب البيت الفلسطيني على أساس المصالح الفلسطينية وإنهاء الانقسام على أساس وطني. ورأى أن سلطة أوسلو يجب أن تتغير من خلال تبني برنامج وطني، ولا يجب أن تُحل. الرهان الأساسي يجب أن يكون على الشعب وعلى الصمود وعلى المقاومة، ولا انتخابات حرة تحت سلطة الاحتلال.

وفي حديث الدكتور مهند مصطفى عن الأوضاع الداخلية الإسرائيلية: التطورات والمسارات المحتملة، رأى أن النظام السياسي الإسرائيلي في سنة 2020، أصبح أسيراً لكتلة اليمين التي تتكون من يمين محافظ وقومي ديني؛ فاليمين المحافظ تمثل في حزب أزرق أبيض، والقومي الديني تمثل في الكتلة اليمينية المهيمنة برئاسة حزب الليكود؛ فالانتخابات القادمة سيكون التنافس فيها داخل التيار القومي الديني. وأشار إلى أن “إسرائيل” باتت خلال العامين الماضين، من أكثر الأنظمة السياسية غير المستقرة من حيث الحوكمة، فهناك انتخابات وتغيير حكومة كل سنتين وثلاثة أشهر. وهناك حالة تشظٍّ داخل الكتلة اليمينية المسيطرة على الحكم، كما هناك حالة سيولة تتمثل في الانشقاقات داخل الأحزاب والتنقل بين الأحزاب أو تفكك أحزاب وتأسيس أخرى في داخل التيار القومي اليميني خصوصاً. على الرغم من حالة التشظي فإن حزب الليكود ما زال الحزب المهيمن في السياسة الإسرائيلية؛ حيث تشير استطلاعات الرأي إلى إمكانية حصوله على 28 مقعداً في الانتخابات القادمة. ورأى مهند أن اتفاق أوسلو في وضعه الحالي يعزز قوة اليمين الإسرائيلي؛ والسؤال هو كيف نُحَوِّل هذا الواقع إلى حالة نقيضة مع المشروع الصهيوني.

وفي مداخلة الأستاذ أشرف بدر حول دول الطوق العربي والقضية الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة: رأى أن أزمات الدول العربية انعكست بشكل سلبي على القضية الفلسطينية؛ وأن ردة الفعل العربية على صفقة القرن لم تكن على مستوى الحدث، ولم تلب الطموحات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وأكد أن موجة التطبيع العربية الإسرائيلية كان لها أثر سلبي، وزادت الضغوطات على الجانب الفلسطيني. فالعدو الإسرائيلي استفاد من حالة الانقسام بين الدول العربية، كما استفاد من حالة الصراعات والحروب داخل بعض الدول العربية ليزيد من حالة التهميش، التي تعانيها القضية الفلسطينية، ومن تراجع الدعم العربي والإسلامي.

وقد كان هناك العديد من المداخلات الغَنيّة والمهمة التي شارك فيها الأساتذة باسل خلف وأمين حطيط وعبد الحميد بن سالم وجواد الحمد وزياد إبحيص ومريم أبو دقة ووائل نجم وأيمن زيدان وعدنان أبو عامر وزهير هواري وأحمد نابلسي وحسام شويكي.

وفي ختام المؤتمر، شكر أ. د. محسن محمد صالح الحضور، منوهاً بما تمّت مناقشته من تقييمات وتوقعات لمسار القضية الفلسطينية، آملاً أن تسهم في خدمة القضية والأطراف العاملة لأجلها.

وقال إننا نعيش في ظرف تاريخي، حيث إن المنطقة يعاد تشكيلها، وبالتالي نحتاج لحالة وعي كبيرة، كما أكد على ضرورة أن يرتقي الجميع إلى مستوى مسؤولياتهم، والعمل على إعادة بناء مشروع وطني فلسطيني حقيقي في مواجهة الاستحقاقات القادمة.

 

 


مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 13/1/2021


الجلسة الثانية 2\3


عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات يوم الثلاثاء 19 كانون الثاني/ يناير 2021، الجلسة الثانية من حلقة نقاش بعنوان: “قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 – تقدير استراتيجي 2021”.

وقد شارك في حلقة النقاش، نخبة من المتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، ناقشوا خلالها البيئة العربية والإسلامية والدولية وتطوراتها المؤثرة في القضية الفلسطينية.

تحدث خلال حلقة النقاش، التي أدارها أ. عاطف الجولاني، كلّ من أ.د. أحمد نوفل، و أ.د. طلال عتريسي، ود. إبراهيم فريحات، ود. سعيد الحاج.

وفي إطار حديثه عن التطبيع مع الكيان الإسرائيلي: التطورات والمسارات المحتملة، أكد أ. د. أحمد نوفل، أن تطبيع بعض الدول العربية العلاقات مع الاحتلال جاء من “مبدأ مصلحة تلك الدول”، من وجهة نظرها، لكن على حساب القضية الفلسطينية، لكن ستثبت الأيام أن هذه الخطوة لم تكن في صالح هذه الدول التي طبّعت؛ فالكيان الصهيوني لا يهدد الشعب الفلسطيني ودول الجوار فقط، بل يهدد كافة الدول العربية والإسلامية.
وأضاف نوفل أنه لا يحق للدول العربية أن تعترف بـ”إسرائيل” على حساب الشعب الفلسطيني، وأن مستقبل تطبيع العلاقات مبنيٌّ على باطل، فهذا الكيان هو كيان عنصري لا يمكن له الاندماج بالمجتمعات العربية. والشعوب العربية سوف ترفض التطبيع، وهي لم تُستفتَ ولم يُؤخَذ رأيها من قِبَل هذه الحكومات المطبِّعة؛ لأنها تعرف أن هذه الشعوب حيّة ولن تقبل التطبيع بأيِّ ثمن كان. كما لا يمكن أن نصدِّق أن الدول العربية المطبّعة مع الاحتلال فعلت ذلك تحقيقاً لمصلحة الشعب الفلسطيني، أو أن طريق المهادنة والتسويات من دون إرجاع الحقوق الفلسطينية والعربية سوف يأتي بنتيجة؛ فما أُخِذ بالقوة لا يُستردّ إلا بالقوة.

ثم تحدث أ.د. طلال عتريسي حول إيران والقضية الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة، فرأى أـن أبرز ما حصل سنة 2020 هو عملية التطبيع الخليجي الإسرائيلي وهذا أمر خطير للغاية؛ فالخطورة تكمن في تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة. هذه التحالفات بين بعض الدول الخليجية و”إسرائيل” تنبني على أساس الادعاء أن القضية الفلسطينية لم تَعُد قضية عربية مهمة، بل إن التركيز الآن يجب أن يتجه نحو الخطر القادم من إيران، فـ”إسرائيل” لم تعد عدوة بحسب زعمهم. ومن المؤسف القول أن هذا التطبيع كان من دون مقابل، لكن الخطورة هي في محاولة تضليل شعوب المنطقة بالقول إن هذه الخطوة جاءت لمصلحة القضية الفلسطينية لا على حسابها. هذا التطبيع هو هدية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبمباركة منه. وأشار عتريسي إلى أنه من المهم التنبيه أن خطوة التطبيع هذه سوف يكون لها تبعات خطيرة ليس على إيران فقط، بل على كل من يقاوم الكيان الإسرائيلي في المنطقة. التعاون الأمني سيكون في سلم الأوليات بالنسبة لـ”إسرائيل”، ما سوف يضع إيران في موقع تهديد لأمنها القومي؛ فـ”إسرائيل” باتت جارة إقليمية لإيران من خلال العلاقات والتنسيق مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين؛ وهذا لن يمرّ بلا مراجعة شاملة في الطريقة التي سوف تتعاطى بها طهران مع هاتين الدولتين، فالحسابات اختلفت هذه المَرّة. وتوقع عتريسي أن تطوِّر أطراف “محور المقاومة” من طريقة تعاونها وتنسيقها فيما بينها في المرحلة القادمة، لأن الأطراف المقابلة سوف تعمل بطريقة منسقة ومدروسة لتحقيق مشروعها. ودعا إلى تشكيل محور مقاومة التطبيع، من خلال تعاون يقوم بين مختلف الأحزاب والمنظمات في العالم العربي والإسلامي لمواجهة هذه المشروع التطبيعي الاستسلامي.

وفي حديث د. إبراهيم فريحات عن التأثير الدولي وخصوصاً الأمريكي على القضية الفلسطينية ومساراته المحتملة، توقع أن تسير السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بين “شبح الرئيس ترامب وروح الرئيس أوباما”، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ورأى فريحات أنه على الرغم من أن هناك تمايزاً نوعاً ما بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالنسبة للتعاطي مع القضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة، إلا أن هذا التغيير لم ينعكس في تشكيلة إدارة بايدن الجديدة. فعلى سبيل المثال تمّ تعيين أنتوني بلينكن الديموقراطي المحافظ الذي يتبنى الخط التقليدي المؤيد لـ”إسرائيل” وزيراً للخارجية الأمريكية. وتوقع أن بايدن سيعمل على استبقاء الكثير وليس كل ما قام به سلفه ترامب؛ فلن ينقل مقرّ السفارة الأمريكية من القدس إلى تل أبيب على سبيل المثال، لكنه سوف يوقف سياسة التجويع ضدّ الفلسطينيين التي انتهجها ترامب، وسوف يعيد المساعدات الأمريكية لوكالة الأونروا ويُعيد بعض المساعدات التي كانت تتلقاها السلطة الفلسطينية أو كانت تُدفَع كمساعدات لمشاريع مستقلة كالمستشفيات في القدس وغيرها. ولن يؤيد بايدن المشاريع الاستيطانية الكبرى كما فعل ترامب؛ لكن معارضته لها ستكون من خلال التصريحات والمواقف الدبلوماسية فقط. وبالنسبة لمشاريع التطبيع بين الدول العربية و”إسرائيل” فلن يقود التطبيع ويفرضه فرضاً، لكنه سيدعمه. وأكد أن الدعم الأمريكي المالي والعسكري لـ”إسرائيل” سيستمر بغض النظر عما سيؤول إليه مسار التسوية. ودعا إلى عدم رفع سقف التوقعات بالنسبة لإدارة بايدن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ فعلى الفلسطينيين أن يكون لهم مشروع يتفقون حوله للتأثير في سياسة بايدن. واستبعد فريحات تخلي أوروبا عن دعم اتفاق أوسلو مهما كانت الظروف.

وفي مداخلة د. سعيد الحاج حول تركيا والقضية الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة، أكد أن الموقف التركي من القضية الفلسطينية في سنة 2020 ما زال كما كان؛ تأييد حل الدولتين، ودعم المبادرة العربية للسلام، والتعاون مع مختلف الأطراف الفلسطينية؛ السلطة وحركة حماس والفصائل الأخرى. مع استمرار العلاقة السياسية بحدها الأدنى مع الاحتلال الإسرائيلي وعدم عودتها إلى سابق عهدها، على الرغم من إمكانية التقارب بين الطرفين في عهد الرئيس بايدن. وأشار الحاج إلى أن الموقف التركي من القضية الفلسطينية عادة ما يُصاغ وفق اعتبارين: الأول، المشهد التركي الداخلي وقوة ونفوذ حزب العدالة والتنمية، وقدرته على اجتراح متغيرات معينة على سياسة تركيا التقليدية. والثاني، تطورات القضية الفلسطينية نفسها؛ إذا كان هناك عدوان إسرائيلي أو مسار سياسي معين؛ مثلاً: قطع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب بعد الاعتداء الإسرائيلي على سفينة “مافي مرمرة” سنة 2010. كما أشار الحاج إلى تغيّر السلوك التركي تجاه المصالحة الفلسطينية بحيث قامت باستضافة الأطراف الفلسطينية للتباحث في ملف المصالحة في تركيا في أيلول/ سبتمبر سنة 2020. وتناول الحاج التحول التركي بعد فوز جو بايدن بالانتخابات الأمريكية؛ واستعدادها للتواصل مع الكيان الصهيوني. ورأى أن الحسابات التركية لفترة إدارة بايدن القادمة، خصوصاً فيما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية أمريكية على أنقرة بسبب منظومة أس 400 الروسية الصنع، وغيرها من الملفات، هي التي حكمت التغيّر الذي طرأ على سياسة تركيا الخارجية فيما يتعلق بالملفات الخارجية ومن ضمنها الملف الإسرائيلي.

وقد كان هناك العديد من المداخلات الغَنيّة والمهمة التي شارك فيها الأساتذة زياد إبحيص وأمين حطيط وأسامة حمدان وفواز السوسي ومحمود العيلة وماجد الزبدة وعبد الله العقاد وساري حنفي وعواد المهداوي وعلي هويدي.

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 20/1/2021


الجلسة الثالثة 3\3



عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الجلسة الثالثة من حلقة نقاش بعنوان: “قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 – تقدير استراتيجي 2021″، وذلك يوم الثلاثاء 2/2/2021، بمشاركة نخبة من المتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، جرى خلالها النقاش حول الصراع في القدس، وواقع المقاومة الفلسطينية والمتغيرات التي أثَّرت في بنية الجيش الإسرائيلي وقدراته، وحق فلسطينيو الخارج في المشاركة في صنع القرار الفلسطيني، والأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتطورات والمسارات المحتملة لها.

تحدث خلال حلقة النقاش، التي أدارها رئيس قسم العلوم السياسية في كلية النجاح الوطنية د. رائد نعيرات، كلّ من الباحث والمتخصص في شؤون القدس أ. زياد ابحيص، والكاتب والباحث الفلسطيني أ. معين الطاهر، ونائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أ. هشام أبو محفوظ، والخبير والمحلل الاقتصادي أ. د. معين رجب.

افتتح أ.د. محسن محمد صالح ود. رائد نعيرات الجلسة بتقديم العزاء بوفاة المفكر والكاتب والأكاديمي الفلسطيني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس د. عبد الستار قاسم.

ثم قدَّم أ. زياد ابحيص ورقةً بعنوان “القدس: التطورات والمسارات المحتملة”، أشار فيها إلى ثلاثة سياقات متدرجة تاريخياً للصراع في القدس، وهي التحول التاريخي في طبيعة الصراع مع الصهيونية، والتحول في النخبة الحاكمة من القومية العلمانية إلى القومية الدينية اليمينية، وتبني الولايات المتحدة الموقف الصهيوني لـ”الحسم الهوياتي” في عهد ترامب. وقد تطرَّق ابحيص إلى أبرز الوقائع التي حصلت خلال سنة 2020؛ كمبادرة الفجر العظيم بالأقصى، وجائحة كورونا وانعكاسها السلبي على المد الشعبي، والاستفراد بالحراك الشعبي الأرثوذكسي خصوصاً مع تراجع أعداد المسيحيين في القدس. كما تطرق لمواضيع الهدم والديموجرافيا والاستيطان في الضفة الغربية، وخصوصاً في القدس.

وفي توقعاته لسنة 2021، ذكر ابحيص عدة توقعات منها محاولة الاحتلال الاستفادة من جائحة كورونا لضرب الإرادة الشعبية للحد الأقصى، وفقدان تهويد القدس زخمه الدولي، وحفاظه على الزخم الداخلي خلال فترة الانتخابات الإسرائيلية وما بعدها، والتوجه التدريجي لاستعادة الإرادة الشعبية زخمها خلال سنة 2021.

أما أ. معين الطاهر، فقد تناول في ورقته “المقاومة الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة” واقع المقاومة الفلسطينية والتطورات التي طرأت عليها، كما تناول المتغيرات التي أثرت في بنية الجيش الإسرائيلي وقدراته، الأمر الذي فرض واقعاً جديداً في أسلوب المواجهة، محاولاً تلمس مكامن القوة ونقاط الضعف لديه. وتوقع الطاهر أن يتم تطوير أسلوب وحدات النخبة لضرب أهداف بعيدة دون التورط في حرب طويلة، واستخدام طائرات مسيرة للقيام باغتيال شخصيات إيرانية. كما حاول أ. الطاهر تحديد ملامح مقاومة شاملة، وليست عسكرية فحسب، يشارك فيها الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كلها، بدعم وإسناد من أمته العربية وأصدقائه في العالم، وسعى إلى تحديد وتبيين وسائلها، وطرق تحقيق أهدافها.

ثم تحدث أ. هشام أبو محفوظ في ورقته “فلسطينيو الخارج في منظومة إصلاح البيت الفلسطيني: التطورات والمسارات المحتملة” عن أهمية دور فلسطينيي الخارج من ناحية عملهم المتحرر من تأثيرات الاحتلال، لحشد طاقاتهم التي تصب في خدمة القضية. وقال أبو محفوظ إن تهميش فلسطينيي الخارج، شكّل حالة من التردي والاختلال في منظومة البيت الفلسطيني، وأكد أن لهم الحق في العودة وفي الشراكة في صنع القرار الفلسطيني والتمثيل في المؤسسات الفلسطينية. وتطرق أبو محفوظ إلى دور المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وفلسطينيو أوروبا، ومؤتمر فلسطينيو أمريكا الجنوبية، في سعيهم لتفعيل دور فلسطينيي الخارج في المشروع الوطني الفلسطيني. وأضاف أبو محفوظ أن المرحلة الحالية تؤكد أن أمام الشعب الفلسطيني وقيادته فرصة تاريخية، لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وضمان التمثيل للكل الفلسطيني، عبر إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء انتخابات للمجلس الوطني تفرز قيادة فلسطينية واسعة التمثيل، تركز على مواجهة المشروع الصهيوني والحفاظ على الثوابت الفلسطينية.

أما أ. د. معين رجب، فقد عرض في تقييمه الاستراتيجي لسنة 2020 عدداً من النقاط والمؤشرات التي زادت من معاناة الفلسطينيين خلال هذه السنة، ومنها الضائقة الاقتصادية وخصوصاً في ظلّ جائحة كورونا، وتراجع نمو الأنشطة الإنتاجية، والعجز المالي الحكومي، وارتفاع نسبة البطالة، واستمرار عجز الميزان التجاري مع تراجع حجم التبادل الخارجي، وانخفاض مؤشرات أسواق الاستثمار والاستهلاك العام والخاص، وتراجع أموال الدعم الخارجي، وكل ذلك وغيره في ظلّ عدم وجود استراتيجية حكومية معتمدة للرؤية المستقبلية، وفي ظلّ سيطرة الاحتلال على جميع مفاصل الحياة الفلسطينية، وقيامه بإجراءات ضاغطة اقتصادياً كالخصم من أموال المقاصة الفلسطينية. هذا بالإضافة إلى المعاناة الإضافية لسكان قطاع غزة جراء الانقسام الفلسطيني والحصار الاقتصادي.

وفي إطار رؤيته الاستراتيجية لسنة 2021، ذكر رجب أن هذه السنة تحمل معها إرثاً شديد الصعوبة والقسوة بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني. وقال إنه في السيناريو المتفائل فالوضع الاقتصادي يبقى في أحسن أحواله كما كان قبل الجائحة، وأن معدلات البطالة باقية في مستويات مرتفعة، وإذا كان هناك من نمو في التجارة الخارجية في الصادرات والواردات وانتعاش في الأسواق فهو أيضاً محدود الأثر، ويبقى في حدود العودة إلى الأوضاع السابقة لحالة الجائحة.

وقد اتسمت الحلقة بأجواء من الحوار العلمي الموضوعي الجاد والمنفتح، إذ تلا الأوراق المقدمة العديد من المداخلات الغنيّة والمهمة. واختتمت الحلقة بردود الأساتذة مقدمي الأوراق على أسئلة واستفسارات الحضور المشاركين.




مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 3/2/2021