مدة القراءة: 7 دقائق

يسر مركز الزيتونة أن يقدم للقارئ الكريم دراسة علميَّة محكَّمة للأستاذ وائل عبد الحميد المبحوح، تحت عنوان ”حماس بين الميثاق والوثيقة: قراءة في الثابت والمتغير“.

وتهدف هذه الدراسة للتعرف إلى دوافع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من إصدار وثيقتها السياسية 2017، وللتعرف إلى أوجه الاختلاف وأوجه التشابه بين وثيقة 2017، وميثاق الـ 1988، وكذلك للتعرف على ثوابت ومتغيرات الفكر السياسي لحركة حماس بعد ثلاثين عاماً من نشأتها.

وتأتي أهمية الدراسة، بالنظر إلى توقيت إجرائها مباشرة بعد صدور وثيقة حماس السياسية 2017. وهي مفيدة للباحثين في شؤون الحركات الإسلامية وحركة حماس بوجه خاص، وبالقضية الفلسطينية بشكل عام.


لتحميل الكتاب كاملاً، اضغط على الرابط التالي:
دراسة علميَّة محكَّمة (4): حماس بين الميثاق والوثيقة: قراءة في الثابت والمتغير … أ. وائل المبحوح
(65 صفحة، حجم الملف 1.1 MB)
معلومات النشر:
– دراسة علميَّة محكَّمة (4)
– العنوان: حماس بين الميثاق والوثيقة: قراءة في الثابت والمتغير
– إعداد: أ. وائل المبحوح
– الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت
– عدد الصفحات: 65 صفحة
– تاريخ الصدور: 2017
– سعر النسخة الورقية: 4$
– ISBN: 978-614-494-014-3

– الكتاب متوفر للشراء، عبر: || || || ||


مقدمة:

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 1/5/2017 عن وثيقتها السياسية بعد انتظارٍ طويلٍ، ربما أخذ سنواتٍ من النقاش في أروقتها الداخلية، لا سيّما أن ثمة ميثاقاً يحمل اسمها أصدرته في آب/ أغسطس 1988. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل: ”إن الوثيقة السياسية الجديدة لحركته ”تريح الدول الحليفة والصديقة لها، وتسّهل عليهم حمل قضيتنا الفلسطينية إلى كل المنابر والمحافل الدولية“، وأضاف أن ”الوثيقة بدقة صياغتها وتوازن طرحها بين الثوابت والمرونة، وبين الانفتاح والتمسك بالحقوق؛ قدّمت القضية الفلسطينية لمحيطها الإقليمي والدولي بصورة أكثر قدرة على كسب الآخر“. ويرى فهمي هويدي أن الوثيقة ”فيها صياغات جديدة، وليست بالضرورة مواقف جديدة“، مبيناً أنها تخاطب المجتمع الدولي بالدرجة الأولى، وحتى تتفاعل معه فإنها تخاطبه بلغته، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذه الوثيقة لا تلغي ما قبلها، أي الميثاق الذي نشرته الحركة سنة 1988، مضيفاً أنه يصح لحماس أن ”تقدم نفسها بوجه سياسي تراعي فيه محاولة ليس القبول، ولكن التفاعل مع التحولات السياسية، وفي نفس الوقت التمسك بمواقفها الأساسية“.

في المقابل يرى حسن نافعة أن وثيقة حماس ”جاءت متأخرة“، وأنها ”جاءت للاعتراف ضمناً ببعض الأخطاء التي وقعت بها الحركة في الماضي، ونظراً للضغوطات الإقليمية والدولية عليها“. مبيناً ”أن تعديل ميثاق ومبادئ الحركة [كما وصفها]، جاء نتيجة العديد من الضغوط التي تعرضت لها الحركة من الداخل، والضغوط العربية والإقليمية والعالمية، ولم تأتِ نتيجة مخاض فكري“. متسائلاً: ”هل كان المخاض الفكري وليد اللحظة لحركة (حماس) ونضجَ بشكل مفاجئ؟ لو كانت القضية قضية نضوج فكري لصدرت تلك الوثيقة منذ زمنٍ بعيد، وكان يمكن أن تؤتي ثمارها بشكلٍ أفضل من إصدارها بسبب ضغوط“.

ويشير ماجد كيالي إلى ”أن الملاحظة الرئيسة هنا أن (حماس) لم تذهب في وثيقتها الجديدة لا إلى القطع مع ميثاقها الذي كانت أصدرته لحظة انطلاقها مع اندلاع الانتفاضة الأولى 1987، ولا مع واقع كونها حركة إسلامية، وأيضاً باعتبارها جزءاً من حركة أكبر هي ”الإخوان المسلمون“، كما نصّ على ذلك ميثاقها“. فيما قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني: ”إن (حماس) تحاول أن تتأقلم مع التغيرات الإقليمية والدولية، موضحاً أن بعض النقاط في الوثيقة غامض وملتبس، ويحتمل أكثر من تفسير لكن عموماً اقتربت كثيراً من برنامج منظمة التحرير فيما يتعلق بالدولة المستقلة على حدود عام 1967، واستخدام أساليب النضال المختلفة“. وهو ما أشار إليه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف تعليقاً على وثيقة حماس الجديدة بالقول: ”إن هذا الأمر يعكس استشعار حماس بالمتغيرات الجارية على المستويات الإقليمية العربية والدولية، وتلمساً للوقائع المتجسدة فعلياً“ . فيما رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة ناجي شراب اعتبار أن الوثيقة ”تقترب من برنامج منظمة التحرير الفلسطينية“، مشيراً إلى أن ”هناك فجوة كبيرة بين ما تحمله الوثيقة والبرنامج السياسي للمنظمة والذي يعترف بدولة فلسطينية على حدود 1967، وبإسرائيل، وينبذ العنف، ونقاط أخرى لا تتضمنها الوثيقة“.

وفي السياق ذاته يُعقِّب الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست أنه ”كما لو كانت تتكلم بصوت واحد، فسّرت جميع وسائل الإعلام الغربية وثيقة حماس السياسية على أنها ترقيق لموقف حماس تجاه إسرائيل وعلى أنها بمثابة تحدٍ لاحتكار حركة فتح لموضوع الدولة الفلسطينية على حدود 1967“، مضيفاً: ”إلا أن الوثيقة نصّت على شروط ثلاثة تحول دون اللحاق بحركة فتح في رحلتها المشؤومة. فحماس ترفض الاعتراف بإسرائيل، وترفض التخلي عن أي بقعة في أرض فلسطين من نهرها إلى بحرها، وتصر على عودة جميع اللاجئين والنازحين إلى ديارهم“.

كان خالد مشعل؛ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، قدّم في وقت سابق ورقة عمل في مؤتمر ”الإسلاميون في العالم العربي والقضية الفلسطينية“ في ضوء التغيرات والثورات العربية والذي عقده مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في 28–29/11/2012 عرض فيها في 19 بنداً رؤية حركته الفكرية للقضية الفلسطينية، والتطبيق العملي لمواقف ومفاهيم حماس، كما تستعرض التغيّرات في العالم العربي وانعكاساتها على القضية وعلى حماس ودورها. وهي البنود نفسها التي أعلنها مشعل خلال زيارته لقطاع غزة في كانون الأول/ ديسمبر 2012 في مهرجان انطلاقة الحركة في ذكراها الـ 25. ويرى الباحث أن تلك الورقة كانت الأساس الذي استندت إليه الحركة في إعداد وثيقتها السياسية الجديدة . علماً بأن مشعل وصف ورقته آنذاك بأنها: ”حديث من الواقع وليس تنظيراً أو مجرد استشراف للمستقبل. فـ(حماس) منذ 25 عاماً وهي تعمل على الأرض، تحاول وتجتهد، قد تخطئ أحياناً ولكنها تصيب غالباً وكثيراً“.

كان ميثاق الـ 1988، يمثل رؤية الحركات الإسلامية تجاه فلسطين ويعبّر عنها مع لمسة فلسطينية محلية ميزت حماس عن غيرها من التنظيمات والحركات السياسية الإسلامية الأخرى، وظلَّ الميثاق يعكس فلسفة الحركة ورؤيتها عند كثير من مؤيديها أو خصومها السياسيين، على الرغم من أنه لم يكن صادراً عن مؤسسة تشريعية فيها، وذلك قبل أن تستقر لوائح حماس وأنظمتها الداخلية، إضافة إلى طبيعة عمل الحركة في ذلك الوقت فيما يتعلق بالسرية والعمل الجماهيري المنظم ضدّ الاحتلال. وبحسب أسامة الأشقر : ”ظلَّ هذا الميثاق بسقفه العالي، وتوجهاته غير المعتمدة، ولغته الحاسمة، وبعض شعاراته غير الدقيقة، هو مدخل الآخرين لفهم (حماس)، مما كان يجعلها في تناقض مع سياساتها التي تعلن عنها في بياناتها وتصريحاتها الرسمية، مثل كونها ذراعاً عسكريةً لحركة الإخوان المسلمين في العالم، وأنها تقاتل اليهود“…إلخ.

كان الجدل يزداد حول الميثاق بين من يدعو لتعديله أو لإلغائه، ويبدو أن حماس اتجهت صوب مربعٍ آخرَ، فقررت أن تبحث عن صيغة أخرى تبيّن هويتها المعتمدة بعد نضج تجربتها السياسية، وكأنها قررت اعتبار ذلك الميثاق محطة من محطاتها أوصلها إلى وثيقتها الجديدة . ويرى نهاد الشيخ خليل: ”أن أجواء السرية التي أحاطت بعمل حركة (حماس) في ذلك الوقت، وانحصار أغلب الجهد في المناطق الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال؛ كل هذا حرم الميثاق من الاستفادة من خبرات قانونية وثقافية على مستوى رفيع من المعرفة، ولهذا جاءت لغة الميثاق عاطفية حماسية بعيدة، خطابية ومُرتجلة إلى حدّ بعيد“.

وبحسب الشيخ خليل:
فقد لاحظ العديد من كوادر (حماس)، منذ فترة مبكرة، أن صياغة الميثاق جاءت على عجلٍ، وأن حركة مقاومةٍ إسلاميةٍ تطمح لقيادة الشعب الفلسطيني، عليها أن تتبنى مواقف وتقدمها في صياغات تليق بكل ما تمثله هذه الحركة، ودارت نقاشات داخل حركة (حماس) في السجون، وفي خارج فلسطين حول إمكانية تعديل الميثاق، وربما كانت أكثر تلك النقاشات رسمية هي تلك التي حدثت عام 1993 بين المبعدين في مرج الزهور، لكن كل تلك النقاشات لم تُسفر عن إجراء أي تعديل للميثاق، ويرجع ذلك للأسباب التالية:

أولاً: عدم قدرة قيادات الحركة على الاجتماع في أجواء مريحة خلال الفترات السابقة، الأمر الذي كان يحول دون اكتمال هذه النقاشات في المؤسسات القيادية للحركة.
ثانياً: خشية أوساط واسعة في قيادة حركة (حماس) من أن يُستغل أي تعديل في تشويه مواقف الحركة، خاصة أن قيام (م. ت. ف) بتعديل ميثاقها أحدث إزعاجاً كبيراً في أوساط الشعب الفلسطيني.
ثالثاً: خشية أوساطٍ في قيادات (حماس)، من أن يُحدث أيُّ تعديلٍ تأثيراتٍ سلبيةً على وحدة حركة (حماس) الداخلية.

يمكن الإشارة هنا إلى أن ميثاق الحركة 1988، وللظروف التي كانت تعيشها الحركة آنذاك (السرية تحديداً)، لم تتمكن قيادة الحركة من عرضه على القواعد التنظيمية وتمّ إصداره بعد إقراره من المكتب الإداري، الذي يقود الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان يرأسه عبد الفتاح دخان، فيما يبدو واضحاً أن المكتب السياسي للحركة لم ينفرد بصياغة الوثيقة، فقد أكد مشعل:

أن الظروف التي جاءت بها الوثيقة كانت قبل أربع سنوات، ومع بداية الدورة القيادية لها توافقت قيادتها على ضرورة وضع وثيقة سياسية تعكس فيها تطور الفكر والأداء السياسي للحركة طوال الثلاثين سنة الماضية، وخاصة في العشر سنوات الأخيرة منها… وإن السنتين الماضيتين بدأت خلالها حركته بمرحلة التداول العميق للوثيقة، والخروج بها للصيغة النهائية، والعمل على طبخ الوثيقة في مطابخ الحركة السياسية وقيادتها في الداخل والخارج.

إضافة إلى استفادة القيادة السياسية من استشارات قانونية استندت إلى القانون الدولي الإنساني 1948، واتفاقية جنيف 1949 المؤكدة على حقوق الشعوب في الدفاع عن أوطانها، وقرارات الأمم المتحدة المؤكدة على حقّ العودة وقرار التقسيم، كما أكدت على حقّ المرأة والشباب والتداول السلمي للسلطة، وأوضحت استراتيجية التحرير المرحلي على وجه الخصوص، بل ربما يمكن القول هنا إن الحركة استفادت مما هو مكتوب بأيدي مؤلفين فلسطينيين، وعرباً وأجانب حول حركة حماس خلال ثلاثين عاماً من نشأتها.


– الكتاب متوفر للشراء، عبر: || || || ||


مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/7/18


جميع إصدارات ومنشورات المركز تعبّر عن رأي كتّابها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات


المزيد من دراسات علميَّة محكَّمة