مدة القراءة: 5 دقائق

الصفحات الأولى من “دراسة علميّة: مواجهة السلطة الفلسطينية للتهويد والاستيطان … أ. حياة محمد الددا (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الأولى من الدراسة العلميّة … للاطلاع على الدراسة كاملةً اضغط هنا  (46 صفحة، 2.2 MB)

دراسة علميّة: مواجهة السلطة الفلسطينية للتهويد والاستيطان … أ. حياة محمد الددا [1]

تمهيد:

للوهلة الأولى، عند التدقيق في المسار الذي اتبعته “إسرائيل” في سيطرتها على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها، قد يظن أحدنا أنه احتلال وليد اللحظة التي أنشأت فيها “إسرائيل” كيانها على الأراضي الفلسطينية في سنة 1948. لكن عند التأمل في حقيقة الأمر نجد أن مصادرة الأرض والاستيطان وعملية التهويد جاءت وفق منهجية مرتبة ومنظمة. وقد كان لهذه المنهجية مكونات خطيرة عنصرية وجائرة؛ حاولت إحلال اليهود مكان الشعب الفلسطيني. وبعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة سنة 1967 تابعت “إسرائيل” السياسة نفسها، وهو ما أدى إلى مصادرة مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية واستقدام عشرات الآلاف من المستوطنين إليها. وبالرغم من تأسيس السلطة الفلسطينية في 1994 فقد تابعت “إسرائيل” سياسات الاستيطان والتهويد وبناء الحقائق على الأرض، ورفضت إيقاف أنشطتها الاستيطانية مقابل استئناف عملية التفاوض مع “إسرائيل”.

أولاً: مواجهة الاستيطان الإسرائيلي:
تبنى الاستيطان الصهيوني منذ مرحلة ما قبل قيام الدولة الإسرائيلية، ثلاثية “الأرض والهجرة والاستيطان”. وقد نفذت التنظيمات الإرهابية الصهيوينة هذه الثلاثية في فلسطين من خلال الاستيلاء على أكبر قدر من الأرض، واستقدام أكبر عدد من المهاجرين اليهود، وزرع المستعمرات فيها، وقامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمواصله السياسة ذاتها بكل الوسائل والأساليب المتاحة لها .

1. النشاط الاستيطاني الإسرائيلي ما قبل أوسلو (1967–1992):
إثر حرب 1967، باشرت “إسرائيل” ببناء ثلاثين مستعمرة أقيمت في مناطق مختلفة من الضفة الغربية . وأصدرت أمراً عسكرياً في 9/6/1967، بإخلاء حيّ المغاربة وتدمير بيوته وطرد سكانه منه، وبناء مستعمرات جديدة .
وعند تولي حزب الليكود للحكومة الإسرائيلية بقيادة مناحيم بيغن سنة 1977، انطلق هذا الحزب من مفهوم “أرض إسرائيل الكاملة”، وأثمرت سياسته الاستيطانية عن إقامة 51 مستعمرة في الضفة الغربية في الأعوام الأربعة الأولى من حكمه، وارتفع عدد المستوطنين من بضعة آلاف في سنة 1977، إلى نحو 45 ألف مستوطن سنة 1984 .

وخلال الفترة 1984–1990، اعتمدت الحكومة الإسرائيلية سياسة أدت إلى زيادة عدد المستعمرات في الضفة الغربية. ففي سنة 1990 بلغ عدد المستعمرات في الضفة باستثناء القدس، بحسب دراسة أجراها خالد عايد، قرابة 150 مستعمرة يقطن فيها 90 ألف مستوطن تقريباً . أما بحسب الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لسنة 2012، فقد بلغ عدد المستعمرات سنة 1990 في الضفة 138 مستعمرة، سكنها قرابة 221,348 مستوطن؛ قرابة 88,888 مستوطن في الضفة باستثناء الجزء من القدس الذي ضمته “إسرائيل” عنوة إليها سنة 1967، وقرابة 132,460 مستوطن في ذلك الجزء من القدس .

استمر الاستيطان الإسرائيلي حتى بعد انطلاق المفاوضات إثر مؤتمر مدريد 1991. وفي سنة 1992، وصل عدد المستوطنين إلى قرابة 251 ألف؛ من بينهم 110 آلاف مستوطن في الضفة الغربية (باستثناء شرقي القدس) وقطاع غزة، في حين بلغ عددهم في شرقي القدس قرابة 141 ألف نسمة .
أما في قطاع غزة، فقد تمّ تأسيس 6 مستعمرات رسمية في الفترة 1967–1978، وبلغ عدد المستوطنين في نهاية سنة 1978 قرابة 4,800 مستوطن، في حين تمّ تأسيس 8 مستعمرات رسمية في الفترة 1979–1986، وبلغ عدد المستوطنين في نهاية سنة 1986 قرابة 2,100 مستوطن. وتمّ بناء 3 مستعمرات في الفترة 1987–1990، وبلغ عدد المستوطنين في نهاية سنة 1990 قرابة 3,300 مستوطن ، وبلغ عددهم في نهاية سنة 1992 قرابة 4,300 مستوطن.

2. النشاط الاستيطاني الإسرائيلي ما بعد أوسلو (1993–2013):
منذ توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993، الذي أقر تأجيل قضية الاستيطان إلى مرحلة الحل النهائي للمفاوضات، سعت “إسرائيل” إلى تقليص المساحة الجغرافية التي ستؤول فيما بعد للسلطة الفلسطينية في إطار نتائج أيّ مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين، فقد بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية نهاية سنة 1993 بحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قرابة 257,336 مستوطن؛ قرابة 110,900 في الضفة باستثناء شرقي القدس، وقرابة 146,436 في شرقي القدس. أما بتسيلم فقدر في تقرير له أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية في سنة 1993 قد بلغ قرابة 256,436 مستوطن، 110,900 في الضفة باستثناء شرقي القدس ، وقرابة 145,536 مستوطن في شرقي القدس (انظر خريطة رقم (1) وخريطة رقم (2)). وارتفع عدد المستوطنين في سنة 1997 ليصل إلى قرابة 313,329 مستوطن؛ 154,400 في الضفة باستثناء شرقي القدس، و158,929 في شرقي القدس.

وحتى سنة 2000، ومع انطلاق مفاوضات الوضع النهائي في قمة كامب ديفيد في 11/7/2000، لم تهدأ الهجمة الاستيطانية على الضفة الغربية وقطاع غزة، على الرغم من مطالبة السلطة بإيقافه كشرط أساسي لمتابعة المفاوضات؛ وقد ذهب إيهود باراك بلاءاته الخمس إلى قمة كامب ديفيد التي تتعلق بالقدس، والحدود، والمستعمرات، واللاجئين، ورفض الوجود العسكري غير الإسرائيلي غرب نهر الأردن، وعدَّها “خطوطاً حمراء” لا يمكن لـ”إسرائيل” التنازل عنها، مقابل اجتراح حلول شكلية لها، ومنها: إبقاء قرابة 80% من المستعمرات وضمها للكيان الصهيوني مقابل التنازل عن الجيوب الصغيرة الأخرى، وضمّ المستعمرات شرقي الخط الأخضر، وتوسيع حدود القدس مع تسليم الفلسطينيين في البداية 73% من مساحة الضفة الغربية بالإضافة إلى 100% من مساحة قطاع غزة، وعلى أن تزيد مساحة الضفة الغربية المسَلَّمة للفلسطينيين إلى نحو 90% مع احتساب القدس، أو نحو 94% من مساحة الضفة دون احتساب مساحة القدس، وإبقاء جزء من الـ 94% بيد الإسرائيليين خلال فترة قد تمتد إلى عشر سنوات، وتأجير بعضها لمدة قد تصل إلى 25 سنة . ومع انطلاق انتفاضة الأقصى في سنة 2000 جاء الانتقام الإسرائيلي بالمصادقة على عدد كبير من الوحدات الاستيطانية الجديدة. فقد زاد معدل البناء في المستعمرات الإسرائيلية بشكل ملفت خلال انتفاضة الأقصى 2000–2005، حيث صدرت رخص بناء لـ 1,184 وحدة سكنية في المستعمرات، خلال العشرة أشهر الأخيرة من سنة 2000، منها 529 رخصة شرق مدينة القدس .

ونتيجة للضغوط السياسية التي مارستها السلطة الفلسطينية على “إسرائيل” لتجميد الاستيطان، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في 25/11/2009، عن تجميد الاستيطان في الضفة الغربية باستثناء القدس، واتخذت حكومته خلال فترة التعليق هذه، قرارات متسارعة للاستيطان في القدس، بدا وكأنها تحاول من خلالها أن تعوض عن تجميد الاستيطان الشكلي في الضفة الغربية؛ فقد بلغ إجمالي ما نفذ من وحدات سكنية في القدس خلال فترة “التجميد” التي استمرت لمدة عشرة أشهر، 700 وحدة . أما في الضفة وفي تقرير لمنظمة “السلام الآن” Peace Now، ففي الأشهر الثمانية الأولى من فترة التجميد بدأ ببناء قرابة 600 وحدة سكنية جديدة في عدد من المستعمرات، وهناك قرابة 2,000 وحدة سكنية استمر العمل فيها خلال فترة التجميد أكثرها قد تمّ بدأ العمل فيه قبل فترة التجميد .

وتشير إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية بلغ 563,546 مستوطناً في نهاية 2012، ويسكنون في 144 مستعمرة، منها قرابة 26 مستعمرة في محافظة القدس . حيث بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية باستثناء شرقي القدس سنة 2012 قرابة 360,370 مستوطناً، وقرابة 203,176 مستوطناً في شرقي القدس (انظر جدول رقم (1) وخريطة رقم (3)).


[1]   باحثة في مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، متخصصة في الشأن الفلسطيني، تتابع دراسة الماجستير في الجامعة اللبنانية. شاركت في إعداد عدة كتب من سلسلة تقرير معلومات، كما أعدت كتاب معاناة الطالب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي من سلسلة أولست إنساناً التي تصدر عن مركز الزيتونة.

النص المعروض هو للصفحات الأولى من الدراسة العلميّة … للاطلاع على الدراسة كاملةً اضغط هنا  (46 صفحة، 2.2 MB)