مدة القراءة: 4 دقائق

يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن ينشر ورقة عمل للأستاذ سامي خاطر، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، وأحد مؤسسي حركة حماس في الخارج، بعنوان “رؤية حركة حماس لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني“.

تستعرض الورقة أبرز الموجهات الأساسية في بلورة رؤية حماس، ورؤية حماس لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني.

وقد تمّ نشر هذه الورقة في كتاب “حركة المقاومة الإسلامية حماس: دراسات في الفكر والتجربة”، الذي قام بتحريره د. محسن محمد صالح، والذي صدر نصه العربي عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت سنة 2014.

ويسعد المركز أن يوفر نص الورقة بصيغة  Pdf، وبصيغة HTML

لتحميل ورقة العمل، اضغط على الرابط التالي:
>>  ورقة عمل: رؤية حركة حماس لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني … أ. سامي خاطر (14 صفحة، 616 KB)*>>  ورقة عمل: رؤية حركة حماس لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني … أ. سامي خاطر (نسخة نصيّة HTML)

ورقة عمل: رؤية حركة حماس لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني … أ. سامي خاطر [1]

مقدمة:

من الطبيعي أن تثار أسئلة أو نقاشات أو تقييمات لفكر وسلوك أيّ جماعة منظمة خاصة، إذا كانت عاملة في مجال الصراع الذي له تداخلات محلية وإقليمية ودولية بشكل عام، أو إذا كان الدور فاعلاً ومؤثراً كما هو حال حركة المقاومة الإسلامية حماس بشكل خاص.

ومع أن فكر وسلوك حركة حماس في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني يتعرض لخطة تشويه منهجية من الجهة الرئيسية المتضررة من ذلك وهي الكيان الصهيوني، الذي بات يسمى بـ”دولة إسرائيل”، وأنصارها في الغرب بشكل خاص. ومع أن هذه الخطة المنهجية قائمة على أساس معاداة ومحاربة حركة حماس بكل السبل المتاحة لهم؛ فإن هذا الفصل لا يستهدف الرد على المغالطات الغالبة على تلك الجهود، لأننا نرى بأن ذلك لن يُحْدِث تحولاً عندهم، ولا عند كثير من الذين يؤيدونهم، لأسباب تاريخية أو مرحلية أو مصلحية.

مما يؤسف له، أنه على الرغم من عقد حوارات معمقة بين أطراف رسمية وشعبية أوروبية، وبين حركة حماس، ما تزال معظم دول الغرب لا تتعامل مع حركة حماس طبقاً لقيم وقواعد القانون الدولي، ولا طبقاً لحقيقة مواقف وسياسات حركة حماس التي تتسم بالمنهجية والعقلانية والواقعية؛ وإنما يُنظر لها إما من خلفية الالتزام الغربي بدعم المشروع الصهيوني، على ظلمه وعدوانه، وإما من خلال المعيار الإسرائيلي الذي يَعدُّ أيّ حركة مقاوِمةٍ له حركةً إرهابية.

والمأمول أن يُغيِّر الغرب معاييره في التعامل مع قضية احتلال فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي طبقاً لمبادئ القانون الدولي، وقيم الحرية والعدالة، وحرصاً على مستقبل السلم والاستقرار الدولي.

ونحن هنا لا نكتب بحثاً أكاديمياً، وإنما رؤيةً شاركْنا في صياغتها، منذ بداية تأسيس حركة حماس، لتكون بين أيدي صناع القرار السياسي، أو الباحثين والمهتمين بموضوع البحث؛ آملين أن يسهم ذلك في فهم حركة حماس بشكل خاص، وفي فهم موضوع الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني، الذي يُشكِّل بؤرة الصراع الدولي في العالم العربي أو ما يُعرف بِمنطقة “الشرق الأوسط” بشكل عام.

أولاً: الموجهات الأساسية في بلورة رؤية حماس:

نحن نتحدث هنا عن الموجهات، أو العوامل الأساسية في بلورة رؤية حركة حماس لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني، ورسم المواقف والسياسات العامة حول ذلك. أما اتخاذ القرار بشأن مستجدات الصراع، فيتم بحسب المنهج المتبع في ذلك، وهو تقدير الموقف في ضوء الظروف والتطورات المتعلقة بذلك الحدث، على قاعدة تحديد المصلحة، وعدم التعارض مع الاستراتيجية والأهداف المرحلية.

وقد شكلت النقاط التالية الموجهات الأساسية في رسم معالم رؤيتنا لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني، منذ بداية تأسيس الحركة وهي:

1. الخلفية الإسلامية:

ونعني بها الموازين الإسلامية أو الأحكام الشرعية بشكل عام، وتلك المتعلقة بالصراع مع العدو الصهيوني بشكل خاص. وهذا ناشئٌ عن كوننا جزءاً من شعب فلسطين، الذي يدين بغالبيته بالإسلام، وينتمي لأمة عربية إسلامية دينها الغالب هو الإسلام أيضاً. وبالتالي فمن الطبيعي، وسيظل كذلك إلى ما شاء الله، أن تكون القيم والأحكام الشرعية حاضرة ومؤثرة في مواقف وسياسات حركة حماس.

وفلسطين بالنسبة لأهلها، ليست أرضاً فحسب، بل هي ذات خصوصية إضافية، ناشئة عن كونها أرضاً مقدسة ومباركة، وقبلة المسلمين الأولى، وأرض الإسراء والمعراج حيث أُسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى القدس، ومن هناك عُرج به إلى السماوات العلا. وفيها المسجد الأقصى المبارك الذي وردت في فضله وأهميته نصوص في القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفلسطين نتيجة لهذه الخصوصية الإضافية من الناحية الدينية، ولمكانتها الاستراتيجية في المنطقة العربية والإسلامية، تحتل مكانة خاصة لدى العرب والمسلمين، كما أن لها مكانة خاصة لدى الأديان السماوية الأخرى، وخصوصاً العرب المسيحيين، لأنها مهد يسوع المسيح عليه السلام وفيها كنيسة القيامة، إضافة إلى كونها أرض آبائهم وأجدادهم.
وبناء على ذلك تدافع حماس عن أرض فلسطين ليس فقط بسبب أنها وطنهم وأرض آبائهم وأجدادهم، وأنها احتُلَّت من عدو غاصب، بل إن هناك دافعاً إضافياً هو مكانتها الخاصة لدى المسلمين التي تمتاز بها عن غيرها من أرض العرب والمسلمين.

كما يجعل مساعدة العرب والمسلمين لأهل فلسطين مساندة تختلف في الدرجة والقوة عن مساندتهم لأي شعب من شعوبهم يتعرض للاحتلال أو العدوان.

وترى حماس أن عدم أخذ ذلك بنظر الاعتبار لدى الغرب المناصر أو المنحاز للكيان الصهيوني، عامل يزيد المنطقة توتراً وعدم استقرار، مهما لقيت جهودهم من دعم وتأييد وإسناد.

2. ظروف النشأة:

ونعني بها هنا انتماء مؤسسي حركة حماس إلى تيار جماعة الإخوان المسلمين كبرى حركات الإسلام، ذات البعد الشامل في فهم الإسلام. وقد أسهم ذلك في أن جعل منهج حركة حماس من الناحية الدينية أشد قناعة وميلاً لما أصبح يسمى مدرسة الوسطية والاعتدال، التي تعبر عن التيار السائد في أوساط العرب والمسلمين في الوقت الحاضر. وهي ما تزال تنتمي لهذه المدرسة من الناحية الفكرية، أما من الناحية التنظيمية فحماس حركة تحرر وطني لها آلياتها الخاصة بها لإدارة القرار ورسم السياسات، وهي كما هو معلوم جعلت حجر الزاوية في علاقاتها الخارجية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والأحزاب والمنظمات.

وعلى سبيل المثال، نشير هنا إلى أن أحكام الشريعة الإسلامية تُوجب على المسلمين قتال من يحتل أرضهم، وهو ما حصل تماماً في فلسطين؛ حيث قامت الحركة الصهيونية بتنظيم حملات هجرة لليهود من أوروبا إلى فلسطين، وتمّ التمكين لهم من خلال الاحتلال البريطاني إلى أن تمكنوا بالقوة والغلبة من إنشاء “دولة إسرائيل”، وطرد الشعب الفلسطيني إلى المنافي والشتات.

وعلى سبيل المثال أيضاً، فإن ما يُذكر من “قتال اليهود” في فلسطين إنما هو في مواجهة من قام منهم بالاحتلال والاعتداء، وليس لأنهم يهود؛ طبقاً للقاعدة الإسلامية المعروفة “لا إكراه في الدين”.(نسخة نصيّة HTML)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 7/7/2015