مدة القراءة: 6 دقائق

الصفحات الأولى من “ورقة عمل: استراتيجية كتائب القسام القتالية: معركة العصف المأكول 2014 … أ.وسام تيسير جودة” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الأولى من ورقة العمل … للاطلاع على ورقة العمل كاملةً اضغط هنا  (20 صفحة، 692 KB)

ورقة عمل: استراتيجية كتائب القسام القتالية: معركة العصف المأكول 2014 … أ.وسام تيسير جودة [1]

ملخص البحث:

تختلف معركة العصف المأكول 2014، عن سابقاتها من الحروب التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، من حيث استعداد وإعداد المقاومة واستراتيجياتها، فقد استخدمت كتائب القسام استراتيجيات عسكرية معتمدة على منظومات قتالية استطاعت من خلالها السيطرة والصمود وتكبيد الجيش الصهيوني الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، كما أنها أسقطت استراتيجيات الجيش الذي لا يقهر من خلال هزيمته في استخباراته في عدد من المواقف والتي غيرت من طبيعة النظر إلى قوة الردع الإسرائيلية، وأصبح من الممكن التخطيط لهزيمته من خلال الإعداد والتدريب الجيد، والاعتماد على استراتيجيات غير تقليدية وفتح خطوط إمداد ومواجهة على جميع الجبهات المحيطة بالكيان.

مقدمة:

الاستراتيجية كلمة لها مدلولاتها العسكرية، وقد حرصت كتائب الشهيد عز الدين القسام على تبني استراتيجية تمّ إعدادها بشكل مدروس ومنظم لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني وذلك من خلال منظوماتها القتالية والتي بانت جلياً في أثناء خوضها معركة العصف المأكول في تموز/ يوليو 2014، والتي امتدت على مدار أكثر من خمسين يوماً استخدمت خلالها المنظومات القتالية والتي كان لها أثر مهم في تكبيد العدو خسائر كبيرة على المستويين البشري والمادي، وشكلت متغيراً يستحق التوقف حول مفهوم الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتكمن أهمية الدراسة في تبيان الاستراتيجيات العسكرية التي استخدمتها قوى المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام في أثناء معركة العصف المأكول والتي كان لها الأثر الكبير في تغيير وجهات النظر للجيش الذي لطالما كنا نعتقد أنه لا يهزم ولا يمكن التأثير في قوته.

المبحث الأول: التطور الاستراتيجي لكتائب القسام

أولاً: التطور التنظيمي لكتائب القسام:

إنه لمن الصعب الحديث عن الهيكل التنظيمي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، فلم تُصدر الحركة أي بيانات منشورة تتحدث عن الهيكل التنظيمي أو الإداري للحركة، كما أن قادة الحركة دائماً يرفضون الكلام عن الهيكل التنظيمي للحركة، وتفاصيله وفى هذا يقول الشيخ أحمد ياسين : “إن حركة حماس علنية سرية وحركة مجاهدة لا يمكن أن تكشف للناس كل أوراقها، فما هو مفهوم للناس فهو علني، وما هو غير مفهوم للناس فهو سري، ليس عندي استعداد أن أقول لك ما هي سياستي، وما هو نظامي الداخلي، لكنني أعمل بالشورى والنظام الصحيح والتعاوني، نحن حركة جهادية لها أعداء يتربصون بها لا يمكن أن تكشف كل أوراقها لهؤلاء الأعداء، نكشف جزء ونخبئ الباقي” .
 إن هدف العمل العسكري بالنسبة لحركة حماس هو تحرير فلسطين وأي عمل سياسي هو رديف ومكمل للعمل العسكري لأن العمل العسكري “استراتيجية ثابتة والتغير هو في الأدوات والتوقيت”.

وقد دخلت الحركة طوراً جديداً منذ الإعلان عن تأسيس جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام، في نهاية سنة 1991، وقد أخذت نشاطات الجهاز الجديد منحى متصاعداً ضدّ جنود الاحتلال ومستوطنيه، وفي كانون الأول/ ديسمبر 1992 نفذ مقاتلو الحركة عملية أسر الجندي نسيم توليدانو، فكانت النقلة النوعية المهمة والرئيسية في عمل حماس، حيث قامت تلك الكتائب بسلسلة من العمليات، وفي منحى آخر أخذ الجهاز العسكري لحركة حماس في التطور واستخدام المواد اللازمة للتفجيرات، فتمت تفجيرات أكثر عنفاً في قلب الدولة الإسرائيلية ضدّ حافلات جنود ومستوطنين، وهذه التفجيرات والعمليات أربكت الوضع الداخلي الصهيوني .

وتتمتع كتائب القسام اليوم بهيكل هرمي ومستوى تدريب جيد وتشكيلات عسكرية وتخصصات متنوعة حيث تتكون كتائب القسام من ستة ألوية، واللواء في العادة يتكون من خمسة آلاف مقاتل تقريباً، ويضم أربع إلى خمس كتائب. ويقدر عدد عناصر القسام بثلاثين ألف مقاتل، يتوزعون على العديد من الوحدات والكتائب التي تنتشر في قطاع غزة حيث لكل وحدة مهام معينة مناطة بها ومواقع معينة تعمل انطلاقاً منها .

ثانياً: تطور التسليح لكتائب القسام:

أبدعت المقاومة الفلسطينية في تسليح ذاتها من الأمور البدائية، من الحجر والسكين إلى العبوات والعمليات الاستشهادية وصناعة الصواريخ بكافة أنواعها والتي أصبحت تمس “دولة إسرائيل”، وهي الآن تصل في مداها إلى160 كم. وحتى هذه اللحظة تقوم حماس بتطوير أسلحتها وجهازها العسكري لتصل صواريخها إلى العمق الإسرائيلي، وهذا ما يجعلنا نقول إن لدى حركة حماس من الوعي السياسي والعسكري ما يمكنها من معرفة ما الذي تريده، والذي يخدم أولاً وقبل كل شيء “هدف التحرير” .

بدأ جهاد كتائب القسام العسكري باستخدام الحجر، ثم السكين، ثم المسدس والبندقية، حتى إنها صنعت رشاشاً بأيدي أبنائها صناعة محلية، وتطور سلاحها إلى العبوات الناسفة، مثل عبوة شواظ وصنعت عدة إصدارات، منها شواظ 1، و2، و3، و4، والعمليات الاستشهادية التي استخدمت فيها الأحزمة الناسفة والقنابل والمتفجرات ذات التفجير عن بعد. واشتهرت كتائب القسام حديثاً بصاروخ القسام، وهو السلاح الأبرز المستخدم في نشاطها العسكري في فلسطين، ويتركز في غزة، وطورت صواريخها المحلية لتصبح أطول مدى، مثل صاروخ أم 75 أوM75، وقد سمته بحرف الميم تيمناً بالقائد إبراهيم المقادمة ومداه 75 كم، ثم تبعه في 2014 ظهور صاروخ جي 80 أو J80، الذي سمي بحرف الجيم تيمناً بالشهيد أحمد الجعبري ومداه 80 كم، وصاروخ آر 160 أو R160 الذي سمي بحرف الراء تيمناً بالقائد الرنتيسي ويبلغ من المدى 160 كم، وصاروخ سجيل 55 الذي يبلغ من المدى 55 كم. وتمتلك كتائب القسام مجموعة متنوعة من الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، مثل صاروخ كورنيت، وصاروخ كونكورس، وصاروخ فونيكس (النسخة الكورية الشمالية لصاروخ فاغوت)، وصاروخ ساغر، وكذلك تمتلك صواريخ مضادة للطائرات، مثل صاروخ سام–7، وكتائب القسام أعلنت يوم الإثنين 14/7/2014 رسمياً عن طائرة أبابيل واحد، وهي أول طائرة بدون طيار فلسطينية من صناعتها الخاصة .

ثالثاً: أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام:

كتائب الشهيد عز الدين القسام هي الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وهي تنظيم سري يعتمد في تشكيلاته العسكرية ووحداته على السرية التامة في تكوينه التنظيمي، وعلى صعيد القادة فإن قادته يتمتعون بالسرية التامة ودائماً ما يكونون هدف لعمليات الاغتيال في حال تمّ اكتشاف أماكن تواجدهم مباشرة، وهذا ما يجعلهم يتخفون ولا يظهرون مطلقاً. ومن أبرز قادة كتائب القسام الشهداء: عماد عقل، ويحيى عياش، وإبراهيم المقادمة، وصلاح شحادة، وأحمد الجعبري، وعدنان الغول، وما زال محمد ضيف هو القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام.

المبحث الثاني: معركة العصف المأكول ونتائجها

أولاً: تمهيد:

عاش قطاع غزة على مدار ثماني سنوات حصاراً مطبقاً، وخلال تلك السنوات تعرض لحربين؛ أولاهما في سنة 2008 والثانية في سنة 2012، وكان للحربين تداعياتهما الاقتصادية والاجتماعية نتيجة ضراوة الهجمة، والتي أسفرت عن استشهاد آلاف المدنيين وهدم آلاف البيوت والمنشآت، ولكن فصول تلك الهجمات لم تنتهي؛ فقد شنّ الجيش الإسرائيلي حرباً جديدة في 8/7/2014، وذلك بذريعة خطف ثلاثة من جنوده في الضفة الغربية، فرد مستوطنون بقتل الطفل الفلسطيني محمد خضير حرقاً، الأمر الذي أجج حالة التوتر والغضب لدى فصائل المقاومة. وعلى مدار الأيام التي سبقت هذه الحادثة كانت جميع الشواهد تؤكد احتمالية قيام الجيش الإسرائيلي بالعدوان على قطاع غزة نتيجة الوضع السياسي الموجود في المنطقة سواء على الصعيد الداخلي أم الوضع الإقليمي، حيث إنها استمرت لأكثر من خمسين يوماً استخدمت فيها “إسرائيل” كل قوتها العسكرية وأسلحتها المتنوعة والمختلفة، ولكن هذه الحرب اختلفت عن سابقاتها؛ فقد كان للمقاومة فيها الكلمة العليا حيث أنتجت الحرب نظريات ومعالم جديدة، ورسمت منظومات ومفاهيم جديدة حول الصراع الفلسطيني الصهيوني.

ثانياً: أبرز عمليات كتائب القسام في المعركة:

نفذت المقاومة الفلسطينية وخاصة كتائب الشهيد عز الدين القسام عدداً كبيراً من العمليات العسكرية التي فاجأت الجيش الإسرائيلي بشكل أجبره على الاعتراف بقوة المقاومة، وقد كبدته العمليات العسكرية خسائر كبيرة بين قتيل ومصاب ومفقود وذلك وفق إحصائياته التي أعلن عنها. ومن أهم العمليات التي نفذتها كتائب القسام:

1. عملية بوابة إسناد صوفا: تقع شرق مدينة رفح، وفي تفاصيل العملية استطاعت مجموعة قتالية من النخبة التابعة لكتائب القسام تنفيذ عملية إنزال عبر أحد الأنفاق الاستراتيجية خلف خطوط الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية استخباراتية؛ وهي تدمير منظومة استخبارات الجيش حيث تمّ تنفيذ العملية وعند الانسحاب تمّ اكتشاف أمرهم مما أدى إلى تدخل الطيران وقصف عين النفق، لكن لم يصب أحد من أفراد المجموعة. وعند اقتراب الجنود لعين النفق تمّ تفجير النفق بهم حيث تمّ تفخيخه سابقاً مما أدى إلى مقتل جندي وجرح آخرين .

2. عملية نحال عوز: تقع شرق الشجاعية، وفي تفاصيل العملية أن إحدى وحدات القسام القتالية من النخبة نفذت عملية إنزال خلف خطوط الجيش الإسرائيلي، وتوجهت نحو موقع نحال عوز العسكري وقد استطاعت الوحدة من اقتحام الموقع وقتل كل من فيه وعددهم عشر جنود، ومحاولة اختطاف أحد الجنود، وقد تمّ عرض فيديو للعملية على جميع وسائل الإعلام، وقد عادت الوحدة إلى قواعدها بسلام .

3. عملية أبو مطيبق: تقع شرق مخيم المغازي، وفي تفاصيل العملية أن إحدى وحدات القسام المختارة وعديدها 12 مقاتلاً، نفذت عملية إنزال خلف خطوط الجيش الإسرائيلي إلى موقع أبو مطيبق العسكري عبر أحد الأنفاق وتوزعت إلى أربعة كمائن، وفور وصول إحدى دوريات الجيش المكونة من أربعة جيبات عسكرية قامت بمهاجمتها، وتمكنت من إبادة ثلاثة جيبات، وأجهزت على كل من كان بداخلها من مسافة صفر، فيما فرّ الجيب الرابع من المنطقة مذعوراً بعد الاشتباك معه، وقد قتل ستة من جنود الدورية وأصيب عدد آخر بجراح، وغنمت اثنتين من بنادق الجنود من طراز أم 16 أو M16، وقد عاد الأحد عشر مقاتلاً إلى قواعدهم، فيما ارتقى أحد المقاتلين شهيداً خلال الاشتباكات .

4. عملية اقتحام موقع إيريز: استطاعت مجموعة قتالية من النخبة التابعة لكتائب القسام وعددها 12 مقاتلاً، من تنفيذ عملية إنزال عبر أحد الأنفاق خلف خطوط الجيش الإسرائيلي، ووزعوا إلى مجموعتين، وقد تمكنت من استهداف دورية عسكرية للجيش مكونة من جيبين للقيادة بقذائف الـ آر بي جي أو RBG، وقد أدى الاشتباك إلى تدميرهما بالكامل، قبل تدخل الطيران الحربي الإسرائيلي، وقتل عشرة أفراد من المجموعة فيما عاد اثنان إلى قاعدتهما؛ وقد قتل ضابط برتبة مقدم وثلاثة من الجنود .

5. عملية التفاح: تقع شرق حي التفاح، وقد أعدت كتائب القسام كميناً طينياً لتعطيل حركة ناقلة جند متوغلة، وبعد توقفها وخروج الجنود منها قام مقاتلوها باستهداف ناقلة الجند التي جاءت لنجدتها بعبوة أرضية وصاروخ موجه وفتح النار على باقي الجنود الهاربين. وقد تسبب التفجير بمقتل جميع الجنود الذين تواجدوا داخل الناقلة الثانية وعددهم ستة، بينما تمّ اختطاف الجندي السابع.

وكشفت كتائب القسام أنها تمكنت من أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون صاحب الرقم 6092065، وذلك خلال عملية حي التفاح إلى جانب إعلانها أن مقاتليها قتلوا 14 جندياً وأصابوا أكثر من 50 آخرين خلالها .

[1] باحث مهتم بالشأن الفلسطيني.

النص المعروض هو للصفحات الأولى من ورقة العمل … للاطلاع على ورقة العمل كاملةً اضغط هنا  (20 صفحة، 692 KB)