مدة القراءة: 20 دقائق

خلفيات السياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية … د. ألين جريش.
بدأت السياسة الخارجية الأوروبية تأخذ شكلها الحالي في السبعينيات. حيث يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل متعلقة بفلسطين والشرق الأوسط:
– من سنة 1970 إلى اتفاقية أوسلو، بدّلت أوروبا نظرتها للقضية الفلسطينية من قضية لاجئين إلى قضية وطنية. ولقد لعبت أوروبا دوراً مهماً لترويج فكرتي المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية وحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. حيث كانت في بعض الأحيان تقف في طليعة المواقف الغربية.
– اتفاقيات أوسلو: خلال التسعينيات، قام الاتحاد الأوروبي بزيادة مشاركته في تمويل السلطة الفلسطينية، ولكنه خسر في المقابل الدور السياسي لصالح الولايات المتحدة.
– في العقد الأول من الألفية الجديدة، مع وجود تقارب بين أوروبا وإسرائيل. حتى لو أن الموقف الرسمي لأوروبا لم يتغير –حلّ الدولتين، فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب- طوّرت أوروبا علاقاتها القوية (السياسية، الاقتصادية والعسكرية) مع إسرائيل، بالرغم من سياسة إسرائيل على الأرض (استعمار، حواجز تفتيش، اعتقالات، وغيرهم)، ورفضت أي ضغط جدي على إسرائيل.
فما هي أسباب وعوامل هذا التغيير في السياسة الأوروبية؟
وهل ستتطور في المستقبل القريب؟
***

العلاقات الاقتصادية الأوروبية الإسرائيلية ومدى تأثيرها على السياسة الخارجية الأوروبية … د. حسين أبو النمل.
نوجز العلاقات الاقتصادية الأوروبية الإسرائيلية بجملة واحدة ملخصها “إجتماع الفرصة والاستجابة”، حيث كانت الفرصة الأوروبية دائماً على مقاس الرغبة الإسرائيلية، وبالمقابل كانت إستجابة إسرائيل قدر الفرصة وربما يزيد أيضاً. وعليه، فإن العلاقات محل الحديث ليست ناشئة أو عادية محكومة بمعايير اقتصادية صِرف، بل علاقات تاريخية إستراتيجية قررتها عوامل سياسية وثقافية وأمنية و إيديولوجية.
لم يقرر الاقتصاد أمور السياسة، بل أن السياسة هي التي أملت الاقتصاد، بحيث يمكن بسهولة ملاحظة المشروع الاقتصادي الموازي لنفس المشروع السياسي، على ما تدل أنساق العلاقات الأوروبية- الإسرائيلية. تحاول دعاية أوروبا الإيحاء بأن علاقتها مع إسرائيل مزعجة ومفروضة عليها بالضغط الأمريكي.
تمت  قراءة العلاقات من ضمن معيار فحص “السياسي في ضوء “الإقتصادي”، ومقارنة ما قُدِم لإسرائيل قياساً بما قُدِم للفلسطينيين، والعكس بالعكس. نقول ما تقدم ربطاً بمعيار للقراءة يتقصى العلاقة، ليس وفق المعيار التقليدي؛ التجارة الخارجية، أي البعد التسويقي، بل من زاوية البُعد الإنتاجي أي توفير بنية تنتج مئتي مليار دولار، وتجارة خارجية تبلغ (130) مليار دولار سنوياً وتوازن الصادرات والواردات.
على أهمية الشق الاقتصادي ولكن ما لا يُقَدر بثمن هو تمكين أوروبا لإسرائيل علمياً وإستطراداً رفع إنتاجية العمل بحيث صارت على مستوى دولي، جراء كثافة إستخدام العلم، وهنا كان لأوروبا دورا حاسماً، لناحية حجم ما وفرته على هذا الصعيد ويقدر تراكمياً على مدار 1949- 2009، بحوالي (600) مليار دولار منها، هي قيمة نصيبها من الـ(232) ألف براءة إختراع قامت عليها التكنولوجيا الإسرائيلية.
من هنا ينبع تقييم دور أوروبا، أي توفير بنية أنتجت (200) مليار دولار وتجارة خارجية تبلغ (130) مليار دولار، معظمها صناعي كثيف التكنولوجيا، وهنا يبدو أثر نوعية القاعدة الإنتاجية التي بنيت.
وجدت إسرائيل في سوق أوروبا مجالاً لإستيعاب (45,5) بالماية و(35,7) بالماية من وارداتها وصادراتها. الحصة الأكبر من نصيب أوروبا هي  مع “الإتحاد الأوروبي” بنسبة (34,5) بالماية و(29) بالماية من واردات وصادرات إسرائيل. لو قصرنا الأمر على الصادرات الصناعية عدا الماس، ترتفع حصة الإتحاد الأوروبي إلى (32) بالماية، أي أكثر من نصيب الولايات المتحدة؛ (28) بالماية. يُظهر تفكيك الأرقام أن أوروبا، محطة عبور لتجارة إسرائيل الخفية مع دول “معادية” لها، تحرص على التعامل من خلال قِناع أوروبي.
إن العلاقات الإقتصادية، التي قامت على خلفية سياسية، تطورت بعد ستين عاما إلى حد تشكيل مصالح إقتصادية هامة بين الطرفين ولصالح الطرفين. وهذه لابد وأن تكون حاضرة لتعزيز العلاقات السياسية بينهما وليس العكس. لقد وفرت أوروبا لإسرائيل طاقة إنتاجية في حين تُشبع الفلسطينيين شروطاً سياسية مقابل تلبية بعض حاجاتهم الإستهلاكية التي تختلف نوعيا عن الطاقات الإنتاجية التي مُنِحَت لإسرائيل.
***

فرنسا والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني … أ. دنيس سيفير.
تهتم فرنسا بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي أكثر من باقي الدول الأوروبية، وذلك لعدّة أسباب منها: اجتماعية، وديموغرافية، وتاريخية. فهي تحتضن الجالية اليهودية الأكبر في أوروبا، كما أنها تحتضن حوالي 2 مليون و900 ألف مسلم ينحدر معظمهم من المغرب العربي. والسبب التاريخي يعود إلى حقبة الاستعمار، فالمسألة الاستعمارية تتقاطع مع علاقة فرنسا بالشرق الأوسط في كافة الجوانب، فهي ورثت لبنان وسوريا بعد تفكيك الامبراطورية العثمانية واتفاقيات سايكس بيكو سنة 1916، مع أنها كانت طامعة بشكل خاص بفلسطين.
لم تكن السياسة الفرنسية قبل الحرب العالمية الثانية صهيونية، ولم تشجع على إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، لأنها كانت تسعى فقط لتحقيق مصالحها في المغرب العربي، كما أنها كانت تخاف من ردّة فعل المغاربة، خاصة في ظلّ تهديد الثورة في المغرب العربي، بالإضافة إلى أنها كانت تعتبر أن الصهيونية ستكون ورقة بيد الامبراطورية البريطانية.
وبعد الحرب العالمية الثانية، تغيّرت السياسة الفرنسية تجاه الشرق الأوسط، وذلك بسبب الإبادة الجماعية وما أنتجته من شعور بالذنب في المجتمع الفرنسي. ومع بداية حرب الاستقلال الجزائرية، دخلت فرنسا في علاقة عداء مع العالم العربي، لأنها اعتبرت أنَّ علاقتها معه أصبحت خاسرة، وبدأت تدعم حركة الاستيطان اليهودي والسياسة الإسرائيلية.
ولا ننسى أنَّ جذور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نشأت في فرنسا، عندما كان الصحفي النمساوي ثيودور هرتزل يغطي لجريدته محاكمة دريفوس، وسمع صرخات “الموت لليهود” التي آلمته كثيراً، عندها بدأ يفكر وينظّّر لمفهوم دولة اليهود.
لقد قدّمت فرنسا (الجمهورية الرابعة) الدعم لـ”دولة إسرائيل” حتى سنة 1962، عندما مدّ ديغول يده من جديد إلى العالم العربي وتخلّص من العلاقات الحميمة مع “إسرائيل”، ولكنّ هذه القطيعة كانت رمزية، فلم تتأثّر مثلاً العلاقات الاقتصادية بينهما.
كان عام 1967 مفصلياً، لأنه كان شاهداً على الانقلاب الدبلوماسي بين فرنسا و”إسرائيل” بعد أن حمّل الجنرال ديغول “إسرائيل” مسؤولية عدوان حزيران سنة 1967. كما كان عام الظهور الفلسطيني في المجتمع الفرنسي بعد أن كان الفلسطيني غير موجود على الإطلاق قبل هذا العام، وكانت فرنسا أوَّل دولة غربية تلتقي رسمياً مع ياسر عرفات، على الرغم من خطف الرياضيين الإسرائيليين المشاركين في الألعاب الاولمبية في ميونيخ، واغتيال أول ممثل لفلسطين في فرنسا محمود الهمشري.
وأخيراً، مع أننا نرى وجود تعبئة في المجتمع الفرنسي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، نرى أن الدبلوماسية الفرنسية الجديدة تسير بالاتجاه المعاكس، خاصة بعد مجيء نيكولا ساركوزي القريب من فكر جورج بوش والذي يقف إلى جانب “إسرائيل” دون تحفظ.
***

السياسة الخارجية الألمانية تجاه القضية الفلسطينية … محمد أبوغزلة.
تهدف هذه الورقة إلى فهم وتحليل السياسة الخارجية الألمانية تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي من منظورين متداخلين: البرجماتي والقيمي. وهي تُركز بشكل أساسي على المحددات الرئيسية و القوى المحركة في صناعة وممارسة هذه السياسة. ولهذا نحاول هنا الإجابة على الأسئلة التالية: ما هي المصالح الألمانية الوطنية في المنطقة العربية؟ وكيف تساهم في صناعة السياسة الخارجية الألمانية تجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص و الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام؟ وما هي الأطر التي تصنع فيها هذه السياسة؟ وما هو تأثير ودور العلاقة الخاصة بإسرائيل؟ هل هناك فعلا سياسة ألمانية جديدة في المنطقة، وما هي طبيعتها واهم مظاهرها إن وجدت؟ انطلقنا للإجابة على هذه الأسئلة من افتراض مفاده أن العلاقة الخاصة بإسرائيل كانت ولا زالت القوة المحركة الأكبر في صياغة وممارسة السياسة الألمانية تجاه القضية الفلسطينية. فالمسؤولية التاريخية الناجمة عن الماضي النازي أو ما يسمى “الهلوكوست” مثَّل هنا ما يسمي “المعيار الأخلاقي” الذي قامت على أساسه السياسة الخارجية الألمانية تجاه القضية الفلسطينية والمنطقة العربية ككل. بل إن هذا العامل كان ولا زال “الدليل” الذي يتم الاسترشاد به عند صناعة هذه السياسة. ولهذا فان تحليل البعدين البرجماتي و”القيمي الأخلاقي” وتداخلهما الكبير يشير إلى وجود إشكالية في السياسة الخارجية الألمانية، تتمثل في حاجة ألمانيا لإيجاد توازن بين مصالحها المتنامية مع الدول العربية من جهة، وعلاقتها الخاصة بإسرائيل من جهة ثانية. وفي نفس الوقت تسعى ألمانيا إلى تنمية دورها وتوسيع دائرة نفوذها في الجهود الجارية لتسوية الصراع بما يتناسب وحجمها كأكبر قوة أوروبية، وكمساهم رئيسي في المساعدة المقدمة للأطراف المعنية في المنطقة؛ ولكن لا يبدو أنها قادرة على القيام بمثل هذا الدور ما لم تتحرر من القيود التاريخية، وتتبنى نهجا أكثر انفتاحا على القوى المؤثرة وخاصة المقاومة منها في الصراع العربي الإسرائيلي. حتى يتم ذلك سيبقى دور ألمانيا السياسي-كما هو حال الاتحاد الأوروبي- هامشيا في المنطقة وفي الصراع!! 
***

السياسة الخارجية البريطانية تجاه القضية الفلسطينية مع تركيز خاص على القرار 242 … أ. جون ماك هيوجو.
تكثر الإشارة إلى القرار 242 لاعتباره أساساً لأية حل سلمي اليوم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكنه يعتبر أيضاً مثالاً لما يمكن تسميته بـ”الغموض البنّاء” وهي الممارسة الملتبسة التي تترك في النص مجالاً يسمح لمختلف الأطراف المعنية بتفسيره بما يلائمها. إلا أن جون ماك هيوجو John McHugo وأكاديميين آخرين، أثبتوا أن التفسير المتبنى رسمياً من قبل الإسرائيليين ليس له أساس؛ مما يعني أن القرار 242 لا يصح القول بغموضه أو التباس تفسيره بعد اليوم.
وهنا يكون السؤال عن تبعات هذا الأمر، وكيف يرى صانعو السياسة البريطانية القرار    242اليوم ؟
لقد كان وعد بلفور مثالاً آخر على ممارسة “الغموض البنّاء”، مثالاً بحقّ؛ وهو ما لا يمكن قوله بعد اليوم عن القرار 242، الذي صاغه بعناية اللورد كارادون Caradon منذ حوالي نصف قرن أي في سنة 1967.
وبغضّ النظر عن السويس وعن حرب العراق، فإن بريطانيا تحرص على صورتها كدولة ملتزمة بالقانون الدولي. وهي إذ تتحسب من ممارسة أي ضغط على “إسرائيل” لدفعها للالتزام بالقانون الدولي، وإذ تتحسب أيضاً من توضيح الحقوق الفلسطينية بحسب القانون الدولي، إلا أنها لا تملك خياراً في كونها مجبرة على اتخاذ موقف ما بخصوص مستجدات القضية الفلسطينية؛ وهي المواقف التي تختارها بحيث يمكن لها تبريرها في إطار القانون الدولي. وهذا هو المنحى الذي نشهده -وبشكل متزايد- بخصوص موقفها من القرار 242.
***

العلاقات والاتفاقات العسكرية والأمنية الأوروبية الإسرائيلية ومدى تأثيرها على السياسة الخارجية الأوروبية … د. أمين حطيط.
بعد أن كانت الأساس في إطلاق الحلم الصهيوني بوطن قومي لليهود في فلسطين عبر وعد بلفور 1917، استمرت دول في أوروبا في تعهد إسرائيل ودعمها، فكانت العلاقات العسكرية بين إسرائيل ودول أوروبا أساساً تعتمده إسرائيل في تجهيز جيشها.
إن جوهر علاقة إسرائيل بأوروبا يتركز في العلاقة مع فرنسا، وهذا لا ينفي أن إسرائيل قد أقامت علاقات عسكرية مع أكثر من دولة أوروبية وحققت لنفسها مكاسب على أكثر من صعيد، خاصة التسلّح، والتدريب وتبادل الخبرات، فضلاً عن التبادل العلمي والتقني في المجالات العسكرية المتنوعة.
وبعد ذلك خططت إسرائيل لإقامة علاقات وتوقيع اتفاقيات مع الاتحاد ككل تنفذ عبرها من فقرة الأمن والدفاع الواردة في نظام الاتحاد، ليكون مفعول أي اتفاقية توقع معه منسحبة الآثار على كامل دول الاتحاد بقدر الإمكان. ولقد أظهرت الإحصاءات الأخيرة أن بعض الدول الأوروبية هي الأساس في عملية توريد السلاح وتأتي بعد أمريكا مباشرة وهي: فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، بلجيكا، بولونيا، رومانيا وغيرهم. أما في مجال التدريب فبعد اضطراب العلاقة مع تركيا التي كانت تؤمن لها الكثير في هذا المجال سعت إسرائيل إلى أوروبا لإيجاد ضالتها من حقول التدريب.
من البديهي القول بوجود ارتباط معين بين حركة السلاح بين طرفيين دوليين و سياستهما الخارجية، إذ أن لحركة السلاح خلفيات وأهداف عدة منها: الوجهة الاستراتيجية، من حيث تأثير هذه المبيعات على ميزان القوى العسكرية، والأهداف الاقتصادية؛ لجهة فتح السوق للخارج، والغايات العسكرية، أما الاتجاه الأخير فهو سياسي فمساعدات الأسلحة تكون مشروطة دائما بشرط خفي او ضمني يقوم في الحد الأدنى على  التنسيق في السياسة الخارجية و قد يصل إلى حد امتلاك أو مصادرة أو التحكم بالقرار السيادي الوطني. وفي تأثير العلاقات العسكرية مع إسرائيل على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فإن اهتمام أوروبا بإسرائيل هو نتيجة مصالح تؤمنها عبرها. والصور الأساسية لمشهد العلاقات السياسية بين إسرائيل وأوروبا هي ثلاث: سياسة أوروبية مستقلّة، سياسة أوروبية منسقة مع أمريكا، وبداية النفور الشعبي الأوروبي من إسرائيل وتأثيره على القرار الرسمي.
***

تأثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأوروبية تجاه فلسطين … د. داود عبد الله (مدير مرصد الشرق الأوسط Middle East Monitor، لندن(.
سبقت أنشطة جماعات الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل” تأسيس “إسرائيل” نفسها. فقد بذلت جماعات الضغط اليهودية والإسرائيلية نفوذاً كبيراً ومتواصلاً على السياسات والاستراتيجيات الأوروبية طوال الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى، بل يمكن القول طوال القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فبدون الدعم غير المحدود من الحكومات الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا، لم يكن المشروع الاستعماري في فلسطين لينجح أبداً.
استخدمت جماعات الضغط المصالح المالية والاستثمارية في جهودها التي بذلتها للتأثير على السياسة، تماماً كما استخدمت الأحزاب السياسية الأساسية مركزة على كامل الطيف السياسي من اليسار المتطرف إلى الجناح اليميني. وفي كل الأوقات، بذلت جماعات الضغط ما في وسعها لربط “إسرائيل” بالاستراتيجيات الكبرى للدول الأوروبية لدرجة تسخير هذه الاستراتيجيات لتحقيق أغراض الإستراتيجية الإسرائيلية الكبرى.
وبعد نجاحها في جعل السياسة في واشنطن تميل باتجاه مؤيد لـ”إسرائيل” منذ النصف الثاني من القرن العشرين، حوّل لوبي “إسرائيل” في الولايات المتحدة الأمريكية اهتمامه مؤخراً باتجاه أوروبا. وبالفعل، هناك علامات على حدوث تقدم كبير في هذا الاتجاه، إذ تقود العديد من المنظمات حالياً هذه المهمة في بروكسل وغيرها من العواصم الأوروبية. ومن الجهود التي بذلت في هذا الإطار مؤخراً قيام رئيس الوزراء الإسباني الأسبق خوسيه ماريا آزنار Jose Maria Aznar بإطلاق مبادرة “أصدقاء إسرائيل” في 31 أيار/ مايو 2010.
أما السمة البارزة لهذه العمليات التي يقوم بها اللوبي فهي إقناع الأوروبيين بأن بعض الانتقادات الموجهة لـ”إسرائيل” يمكن أن تعدّ شكلاً من أشكال معاداة السامية. وقد كان من الواضح أن المجموعات المؤيدة لـ”إسرائيل” تستغل تاريخ المعاناة اليهودية في أوروبا لثني السياسيين الحاليين عن اتخاذ مواقف متشددة ضدّ الاضطهاد الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.
ويعكس التأثير الحالي للوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأوروبية طبيعة العلاقة التكافلية لعلاقة ولدت من رحم النفعية السياسية والمصالح الإستراتيجية. ولم تكتف جماعات الضغط اليهودية والصهيونية باستغلال العداوات والتنافس بين الإمبراطوريات الأوروبية وحسب، بل قامت أيضاً بربط تأييد قيام “دولة إسرائيل” بالتطلعات والمصالح الأوروبية في الفترة ما بين 1914-2010.
وإذا كان تأثير اللوبي الإسرائيلي يتجلى في السياسات الفردية للدول الأوروبية، فإنه يتجلى بوضوح أكثر في سياسات الاتحاد الأوروبي الجماعية. فعلى الرغم من سجل “إسرائيل” الأسود، الذي لا يخفى على أحد، في مجال حقوق الإنسان، فقد تعهد الاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو 2008 برفع مستوى العلاقات معها، وهي الخطوة التي بينت بشكل ملحوظ مدى تفشي نفوذ اللوبي داخل الاتحاد الأوروبي.
وقد تجلى مثال آخر صارخ على تأثير اللوبي على سياسة الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، حينما أصدر الاتحاد الأوروبي مسودة مشروع سياسة وضعتها الحكومة السويدية التي كانت تتولى رئاسة الاتحاد في ذلك الوقت؛ وقد اقترحت المسودة الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة مستقبلية للدولة الفلسطينية. غير أنه بعد أسبوع واحد، وإثر احتجاجات قوية من جانب “إسرائيل” ومنظماتها، أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً حذف فيه الإشارة السابقة التي تنص صراحة على أن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية. ودعا بدلاً من ذلك لجعل القدس عاصمة لكل من “إسرائيل” والدولة الفلسطينية المستقبلية كجزء من أي تسوية سلمية يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض.
وربما يعبر خافيير سولانا Javier Solana أكبر تعبير عن مدى استسلام مسؤولي الاتحاد الأوروبي للوبي الإسرائيلي، فقبل فترة قصيرة من مغادرته منصبه كمنسق أعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، قال سولانا في مؤتمر عقده الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز Shimon Peres تحت عنوان: في مواجهة الغد (القدس، 20-22 تشرين الأول/ أوكتوبر 2009) “ليس هناك بلد خارج القارة الأوروبية يتمتع بهذا النوع من العلاقة التي تربط إسرائيل بالاتحاد الأوروبي”، وأضاف “واسمحوا لي بأن أقول بأن إسرائيل هي عضو في الاتحاد الأوروبي دون أن تكون عضواً في المؤسسات، فهي عضو في كل برامج الاتحاد، وتشارك في كل برامجه”. وقد ترجمت مثل هذه المواقف المتزلفة لمسؤولين أوروبيين كبار إلى سياسات، مما سمح لـ”إسرائيل” بأن تصبح المشارك الخارجي الرئيسي في “إطار برامج” الاتحاد الأوروبي للبحث العلمي، كما سمح لشركات الأسلحة الإسرائيلية أن تصبح مؤهلة للحصول على تمويل الاتحاد.
وفي الوقت الذي عززت فيه الاعتبارات الاقتصادية والسياسية سياسات الاتحاد الأوروبي في فلسطين، فإنه من الواضح تماماً أن العوامل الأيديولوجية قد لعبت دوراً مهماً أيضاً. فمنذ أيلول/ سبتمبر 2009، وكل الوفود البرلمانية الأوروبية الرسمية إلى الكنيست كانت برئاسة السياسي الهولندي باستيان بلدر Bastiaan Belder الذي ينتمي إلى حزب الإصلاح السياسي الهولنديPolitical Reformed Party (Staatkundig Gereformeerde Partij—SGP). ويرى هذا الحزب بأن تأسيس دولة “إسرائيل” كان تحقيقاً لنبوءة توراتية.
وبشكل عام، تشكل السياسات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في نواح كثيرة نموذجاً مصغراً عن سياسات الدول الأوروبية المحلية تجاه فلسطين. فلم تكتف الدول الأوروبية بتوفير الدعم السياسي والدبلوماسي وحسب، بل إنهم تدخلوا عسكرياً أيضاً في مراحل حاسمة من التاريخ بناء على طلب الصهاينة. ومن الجدير ذكره أن الفرنسيين هم الذي وضعوا الأساس لبرنامج “إسرائيل” النووي. وإن لم نقل شيئاً آخر، فإنه من الممكن القول بأن اللوبي قد حقق حـلم ثيودور هرتزل Theodor Herzl فـي فلسـطين حـين قال: “علينـا أن نـشكل متراـساً لأوروبـا في مواجهـة آسـيا”.
***

العلاقات الأوروبية الفلسطينية: الدور الاقتصادي الأوروبي … د. نصر عبد الكريم.
منذ توقيع اتفاقية أوسلو سنة 1993، وفّر المجتمع الدولي العديد من المساعدات للفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بهدفين أساسين، الأول إعانتهم في تحمّل صعوبات الحياة تحت الاحتلال، والثاني مساعدتهم في بناء مواردهم الخاصة لتشجيع التنمية المستدامة.
كما سارعت العديد من دول العالم إلى المبادرة والتوقيع على اتفاقيات التجارة والتعاون الحر مع السلطة الوطنية الفلسطينية في سعي لتشجيع أصحاب الأعمال والاستثمارات الخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة على انتاج وتصدير السلع والخدمات المختلفة. وفي هذاالإطار، كانت الدول الأوروبية –كل دولة على حدة، وكذلك بالمجموع كالاتحاد الأوروبي- في طليعة الشركاء الاقتصاديين مع الفلسطينيين خلال الفترة الانتقالية التي تلت أوسلو.
إلا أنه وبسبب الممارسات الإسرائيلية التدميرية والعدوانية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وموارده الحيوية، لم تأت مليارات الدولارات التي قدمت كمساعدات بأية نتيجة على المدى الطويل، ولا نفعت كذلك اتفاقيات التعاون والشراكة في أن توفّر للفلسطينيين آليات ومصادر التنمية المستدامة أو التطوير الذاتي.
وتهدف هذه الورقة إلى دراسة شاملة وتحليل للعلاقات الفلسطينية – الأوروبية في المجال الاقتصادي خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة، من منظورين أساسيين: المساعدات والتجارة. وتختم الدراسة بتوصيات حول كيفية توظيف هذه العلاقات بشكل أفضل كي تخدم المصالح الاستراتيجية للفلسطينيين.
ويمكن تلخيص النتائج الرئيسية للدراسة كالتالي:
• يقدر مجموع المساعدات الدولية للفلسطينيين بحوالي 15 مليار دولار خلال الفترة 1994-2009، بمعدل 250 دولاراً سنوياً للفرد. وازداد تدفق المساعدات من معدل 500 مليون دولار سنوياً للسنوات 1994-2000 إلى معدل مليار دولار سنوياً منذ اندلاع انتفاضة الأقصى سنة 2000 وحتى 2006؛ ليرتفع أيضاً خلال الفترة 2007-2009 إلى معدل 1500 مليون دولار سنوياً. ولقد كانت الزيادات الأخيرة بهدف دعم خطة التنمية والاصلاح الفلسطينية Palestinian Reform and Development Plan 2008-2010  (تعرف أيضاً بعنوانها: إنهاء الاحتلال وبناء الدولة)، وبالتوافق مع المبادرة الاقتصادية للسلام التي طرحها نتنياهو وبلير.
• قدّمت دول الاتحاد الاوروبي نسبة تتجاوز الـ 40% من اجمالي المساعدات، في حين قدمت الولايات المتحدة نسبة تقدر بـ 15%. وازدادت مشاركة الدول العربية من 8% في الفترة 1994-2000 إلى 30% في الفترة 2001-2009. ومن بين المانحين البارزين كذلك نذكر النرويج واليابان،  إلى جانب والهيئات الدولية والمؤسسات المتعددة الأطراف.
o خلال الفترة 1994-1999: 137 مليون يورو سنوياً مع التركيز على البنى التحتية وبناء القدرات.
o خلال الفترة 2000-2005: 250 مليون يورو سنوياً مع التركيز على المعافاة الاقتصادية، ودعم الموازنة، والاغاثة الانسانية.
o خلال الفترة 2006-2009: ازدياد ملحوظ في حجم المساعدات (340 مليون يورو في 2006؛ 550 مليون يورو في 2007؛ 540 مليون يورو في 2008؛ و440 مليون يورو في 2009) مع التركيز على دعم الموازنة وعلى المساعدات الانسانية، وازدياد طفيف في المساعدات الخاصة بالتنمية.
• عند تحليل توزع المساعدات على القطاعات نجد أن 60% من المساعدات استهدفت قطاع الخدمات الاجتماعية وبناء القدرات المؤسساتية للسلطة الوطنية الفلسطينية، و22% تم انفاقه على إعادة تأهيل البنى التحتية، وفقط 9% تم تحويله للقطاعات الانتاجية والخاصة. أبرز التحولات في مجال توزع المساعدات يمكن ملاحظته بعد اندلاع انتفاضة الأقصى سنة 2000، حيث تم تحويل النسب الأكبر من التمويل إلى المساعدات الطارئة ولإيجاد فرص عمل ولدعم الموازنة؛ على حساب الأنشطة التنموية بعيدة المدى.
• معظم المساعدات (85%) تم منحها على شكل هبات، أما الباقي (15%) فمنحت على شكل قروض. أما القنوات التي يتم التحويل عبرها، فكانت الحصة الأكبر للمؤسسات الفلسطينية العامة (82%)، ثم الأنروا UNRWA )10%)، والمنظمات غير الحكومية NGOs (8%).
• كافة المساعدات التي منحت مؤخراً كانت عبر آلية PEGASE، وهي الآلية المبنية على تجربة الآلية الدولية المؤقتة Temporary International Mechanism .
• أما بخصوص الترتيبات التجارية، فلقد تأسست علاقات السلطة الوطنية الفلسطينية مع الاتحاد الاوروبي عبر الاتفاقات التي كان أولها سنة 1997 عندما وقع الاتحاد الأوروبي مع منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة السلطة الوطنية الفلسطينية، الاتفاقية الانتقالية للتجارة والتعاونInterim Association Agreement on Trade and Cooperation.
• إنّ الشراكة الأورو- متوسطية والتي دشنت سنة 1995 في مؤتمر برشلونة مهّدت لسياسة طموحة وبأهداف بعيدة المدى. وعلى أساسها، تم تبني خطة العمل المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية في أيار/مايو 2005، والتي تمتد لفترة 3-5 سنوات. إلا أن الأجواء الأمنية والسياسية التي تلت، أعاقت تحقيق أي تقدم في تنفيذ هذه الخطة خلال 2006 والنصف الأول من 2007. لكن هذا تغيّر بعد أن استأنف الاتحاد الأوروبي علاقاته الطبيعية مع السلطة الفلسطينية، في حزيران/يونيو 2007، بما في ذلك الحوار السياسي.
تستنتج الدراسة أن التسهيلات الأوروبية والمساعدات في المجال الاقتصادي والتجاري لم تكن ذات تأثير وفعالية تعكس حجمها وبالتالي خيّبت بعض الطموحات والتوقعات الفلسطينية. وإذ لا يمكن التغاضي عن العديد من الانجازات التي حققتها المساعدات الدولية، مثل تطوير البنى التحتية، وبناء بعض القدرات لمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية؛ إلا أنها فشلت في تقوية المجتمع الفلسطيني وتمكينه بحيث يستطيع الاستقلال ذاتياً وتحديد مصيره، أو وضع الأساسات لتنمية بشرية مستدامة بعيدة المدى. ولم تتمكن المساعدات الدولية من تطوير الاقتصاد الفلسطيني، أو توفير فرص عمل مستدامة للفلسطينيين، أو التخفيف من كون الاقتصاد الفلسطيني تابعاً وعرضة للتغيرات والعوامل الخارجية.
لقد فشلت المساعدات في أن تعوّض على الفلسطينيين -كمجتمع وكأفراد- كافة الخسائر والأضرار التي يتسبب بها الاحتلال الإسرائيلي وسياساته وممارساته العدوانية. بل لعله، وعلى العكس، ساهمت هذه المساعدات بغير قصد في أن تخفف من العبء عن كاهل الاحتلال، بوصف دولة الاحتلال مجبرة عرفاً وقانوناً بالجوانب الاقتصادية والخدماتية الاجتماعية. فقد مكّنت هذه المساعدات السلطة الوطنية الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية من تقديم الخدمات الأساسية للفلسطينية. بالإضافة إلى ما ذكرنا، إن أحداً لا يتوقع أن يكون هناك نمو حقيقي للاقتصاد الفلسطيني في ظل تحكم الاحتلال وانتهاكه للموارد الطبيعية الرئيسية وفي طليعتها الأرض والمياه.
أما الاتحاد الأوروبي، فبوصفه تجمعاً لدول قوية تضم اثنين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وبوصفه أيضاً الشريك التجاري الأول لدولة الاحتلال، فإنه يحمل إلى جانب مسؤوليته التاريخية مسؤولية  أخلاقية بخصوص التوصل لحلّ للصراع في الشرق الأوسط. وعلى الاتحاد الأوروبي أن يلعب دوراً سياسياً أكثر فاعلية في عملية السلام، وألا يكتفي بكونه مجرّد مموّل لهذ العملية.
***
تحليل نقدي للدور الأوروبي في إصلاح الأجهزة الأمنية الفلسطينية … أ. آشلينج بيرن.
تحلل هذه الورقة عملية بناء الدولة المبنية على أسس أمنية والتي يتم تطبيقها في الضفة الغربية، ودور الاتحاد الأوروبي في هذه العملية.
 في الوقت الذي يوصف فيه بناء الدولة بأنه الطريق إلى قيام دولة فلسطينية، فإن ما نراه هو عملية تفكيك للدولة بدعوى محاربة الإرهاب، ما أدى إلى تفكيكها واعتمادها على التمويل الخارجي.
وتقود هذه العملية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمحتمون بهم من الفلسطينيين، فيما تستمر “عملية السلام” في كونها غطاء مضللاً لـمشروعهم “السياسي بامتياز”.
وقد وفرت الحملات التي قيل إنها تهدف إلى إعادة النظام العام، غطاء لقمع المعارضة السياسية، وعلى رأسها حركة حماس، وضرب المكونات الطبيعية لمشروع بناء الدولة، أي المساءلة الديموقراطية، والرقابة البرلمانية والشرعية الشعبية والتطوير المؤسسي، والمصالحة السياسية، فهذه الأمور ليست غائبة فقط، بل تم تدميرها عمداً بشكل أو بآخر. 
تثبت هذه الورقة أن مفهوم بناء الدولة القائم حالياً أبعد ما يكون عن التوصل إلى بناء الدولة الفلسطينية، بل إنه يسعى إلى تطوير شكل من أشكال تطبيع الاحتلال من أجل القيام بعملية تطهير سياسي للضفة الغربية من أي معارضة تقف في وجه هذا الحل.
إن هذا المشروع يسعى في جوهره إلى تقسيم الشعب الفلسطيني، وبالتالي، فإنه يجعل من الصعوبة بمكان على أي شخص أو مجموعة امتلاك القدرة على إيجاد حل سياسي.
كما يجري تدمير النظام السياسي الفلسطيني نفسه الذي يمكن أن يضفي الشرعية أو القبول بالتوصل إلى حل سياسي، مما يسهم بفاعلية بجعل التوصل إلى تسوية سلمية للصراع أمراً بعيد المنال.
***
المواقف الأوروبية من التعامل مع حركات المقاومة الفلسطينية حركة حماس نموذجاً … أ. أسامة حمدان.
تميز الموقف التقليدي للاتحاد الأوروبي ومعظم دوله باعتبار حركات المقاومة الفلسطينية إرهابية، وبإقرار حق إسرائيل في الدفاع عن أمنها وأمن مواطنيها.
 أما فيما يخص العلاقة بين أوروبا وحركة حماس، فقد مر مسارها بعدة مراحل، من مرحلة التعرف التي غلب عليها الاقتراب من الحركة والتواصل معها، دون أي موقف خاص بالعلاقة. إلى مرحلة التردد في العلاقة من الجانب الأوروبي؛ لا سيّما بعد إدراج الحركة على قائمة الإرهاب الأمريكية، إذ حرصت أوروبا على المحافظة على موقف دعم جهود التسوية من جهة، وعدم تجاوز الموقف الأمريكي من جهة أخرى. مروراً بمرحلة انفتاح جزئي في أعقاب انتفاضة الأقصى، فعلى الرغم من إدانة أوروبا للعنف الإسرائيلي بداية الانتفاضة الثانية إلا أنها أدانت دوماً عمليات المقاومة الفلسطينية. كما أعلن الاتحاد الأوروبي في بيانه سنة 2001 أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي منظمتان إرهابيتان، وطالب السلطة بتفكيكها وملاحقة أعضائهما.
وقد شهدت تلك المرحلة اتصالات أوروبية عديدة، أبرزها الاتصالات التي أجرتها المفوضية الأوروبية عبر ممثل سولانا للشؤون الأمنية في الأراضي الفلسطينية، وكان أهم ما أنجزته هذه الاتصالات إعلان فصائل المقاومة هدنة من جانب واحد في أيار 2003.
وبالرغم من إدراج الحركة على قائمة الإرهاب الأوروبية، إلا أن عدة دول حافظت على درجة من الاتصال بالحركة. وبعد مشاركة حماس في الانتخابات البلدية التي جرت في 2005، ظهر نوع من الارتباك في موقف الاتحاد الأوروبي تمثل في اتجاهين: نفي التحدث أو التواصل مع الحركة والدعوة إلى اعتبارها حقيقة موجودة يجب التعامل معها.
أما مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية في الضفة والقطاع عام 2006، فقد شهدت تبني الاتحاد الأوروبي لشروط الرباعية، كما سعت دول أوروبية لحمل الحركة على الموافقة عليها، لتكون شريكاً سياسياً، وإلا فعلى الحركة أن تواجه حصاراً سياسياً واقتصادياً. وقد ظلت العقوبات الاقتصادية مفروضة على السلطة إلى أن أعلن سلام فياض، تشكيل حكومة طوارئ في  حزيران 2007، إذ رحب الاتحاد الأوروبي بهذه الحكومة وأعلن انتهاء العقوبات الاقتصادية على السلطة. وعلى الرغم من ذلك فإن دولاً أوروبية تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي طورت اتصالاتها وعلاقاتها مع حركة حماس.
أما بالنسبة إلى رفع الحصار عن غزة فقد تباينت المواقف الأوروبية؛ حيث ركز الاتحاد الأوروبي مطالبته بإنهاء الحصار لأبعاد إنسانية، فيما قالت نائبة رئيس البرلمان الأوروبي أنه يتعين التدخل لفتح كل حدود غزة فوراً. وأصرت بعض الدول على الالتزام بآلية اتفاق المعابر عام 2005، فيما لا يزال بعضها يعارض فتح المعابر ولو بمشاركة أوروبية.
وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة تراوح الموقف الأوروبي بين المساواة بين الجلاد والضحية وبين اتهام المقاومة والتحامل عليها؛ إذ طالبت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي بوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل والقصف الإسرائيلي على غزة فوراً مع إدانة الاستخدام غير المتكافئ للقوى. فيما حمّلت الرئاسة التشيكية التي خلفت فرنسا حماس مسؤولية التصعيد، ووصفت العملية الإسرائيلية بالدفاعية أكثر منها بالهجومية. وبعد انتهاء العدوان ربط الاتحاد الأوروبي ودوله أية مساعدات للمتضررين وإعادة الإعمار بحكومة رام الله.
***
السياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية: النرويج ما بعد أوسلو  (دراسة حالة) … د. آري جون كنودسن وفرودي لوفلي.
تناقش هذه الورقة السياسة الخارجية النرويجية تجاه القضية الفلسطينية، منذ المحادثات السرية التي نتج عنها لاحقاً اتفاقات أوسلو منذ سنة 1993 وحتى اليوم. ولقد كان دور النرويج في تسهيل المحادثات السرية حتى الوصول إلى أوسلو دوراً رئيسياً، ومثالاً عن كيف يمكن لدولة أن تلعب دوراً يفوق حجمها بكثير على الصعيد العالمي. وفي حالة النرويج تحديداً، شكّل هذا الفارق بين حجمها الحقيقي كدولة وبين طموحها العالمي على صعيد السياسة الخارجية أحد أبرز المعالم في السياسة الخارجية للنرويج بعد انتهاء الحرب الباردة. ولقد اعتمدت النرويج هذه السياسة المبنية على نموذج “الدولة الصغيرة القادرة/ الفعالة” التي تقوم على أساس القيم التي تفترض أن الدول الصغيرة، يمكن ويجب أن تلعب دوراً هاماً في تعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. ويعود هذا النموذج أصلاً إلى منتصف الثمانينيات، لكنه لم يلق هذا الاهتمام في السياسة الخارجية النرويجية إلا عند انتهاء الحرب الباردة إذ أصبح من المعطيات الأساسية في سياسة خارجية تتبنى المثاليّة idealism كعنوان لسياستها في التدخل.
ويعدّ الاتساق في السياسة الخارجية ضرورياً بالنسبة لدولة صغيرة مثل النرويج. ولقد كان فشل اتفاقات أوسلو صفعةً حقيقية للسياسة الخارجية النرويجية، لكن هذا لم يثنها عن “سياسة التدخل” كمبدأ في السياسة الخارجية، في عهد مختلف الحكومات المتوالية في التسيعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين. أضف إلى هذا أن فشل النرويج في التوسط لنزاعات أخرى أو التدخل لحلها نهائياً كان يقابل بالفشل في عدة أحيان، إلا أن النرويج أصرّت على هذا المبدأ، ولم تلجأ حتى إلى مراجعته أو إعادة تقييمه. ولقد استهلكت هذه السياسة من النرويج موارد هائلة سياسيأ واقتصادياً، سواء تلك التي بذلتها أو التي أطلقت وعوداً ببذلها؛ وبالنتيجة، ارتبطت صورة النرويج على المستوى الدولي بدورها في حل النزاعات وجهودها التوسطية، إلى جانب كونها مانحاً رئيسياً للفلسطينيين والدول الأخرى.
أما اليوم، فتشهد السياسة الخارجية النرويجية تحولاً جذرياً لناحية تقليص دور سياسة التدخّل هذه، بحيث لا تظلّ محور السياسة الخارجية النرويجية. وتباعاً، تمّ تقليص الأهمية المعطاة للمساعدات الإنسانية، وللسلام والمصالحة، على حساب تعزيز مبادئ وقيم أخرى كالأمن القومي والمصالح الاقتصادية. كما أدرك النرويجيون أن دولة صغيرة وغنية مثل دولتهم لا يمكنها أن تحقق السلام، وأن كل ما يمكنها فعله يقتصر على إمداد الأطراف الرئيسية والجهات المعنية بالموارد والمساعدات. ولهذا، قصرت النرويج دورها اليوم على كونها مانحاً رئيسياً للفلسطينيين ولكن ليس لاعباً سياسياً رئيسياً في عملية السلام.
ترغب النرويج والدبلوماسيون النرويجيون بلعب دور فعّال، ولكن لا يوجد دورٌ واضحٌ بعد اليوم لدولة صغيرة غير منحازة. وإذ لم تنجح النرويج في إيجاد نموذج جديد للسياسة الخارجية ليحلّ محلّ النموذج المتقادم لـ “الدولة الصغيرة”، فإن النرويج تسعى اليوم للتوفيق بين مبدأين جد مختلفين في السياسة الخارجية وهما المثالية والواقعية (idealism and realism)، وأيضاً تحت عنوان: “سياسة التدخّل”.
***
الموقف الإسرائيلي من الدور الأوروبي في تسوية القضية الفلسطينية … أ. د. نظام بركات.
تهدف هذه الورقة إلى متابعة وتحليل الموقف الإسرائيلي تجاه الدور الأوروبي الجماعي في حلّ القضية الفلسطينية. وتنطلق الدراسة من تحليل العوامل التي تؤثر على الموقف الإسرائيلي وتشكّل المدخلات لهذا الموقف مثل البيئة التاريخية والجغرافية، والعوامل النفسية/ السيكولوجية، والثقافية، والاجتماعية والاقتصادية، وكذلك أخيراً الوضع والمعطيات الدولية.
ويلاحظ المراقبون أن الموقف الأوروبي بخصوص أية حل للقضية الفلسطينية يحرص دائماً على حماية المصالح الأوروبية وعلى ضمان الاستقرار السياسي في المنطقة.
وبشكل عام، فإن هناك نقاط تقارب بين المواقف الأوروبية والإسرائيلية، مثلاً:
1) أن عملية السلام ستربط اقتصاد المنطقة بالاقتصاد الرأسمالي واليهودي.
2) أن حل القضية الفلسطينية سيساعد على استقرار المنطقة ويعطي “إسرائيل” الفرصة لتكون الدولة المحورية في الشرق الأوسط من جهة، وسيؤمن المصالح الغربية من جهة أخرى.
أما نقاط الاختلاف بين الموقفين فهي:
1) يطالب الأوروبيون بإعطاء دور أكبر للأمم المتحدة والشرعية الدولية، في حين يرفض الإسرائيليون ذلك.
2) يرفض الإسرائيليون إعطاء الأوروبيين دوراً مستقلاً عن دور الولايات المتحدة.
3) يطالب الإسرائيليون بألا يتجاوز الدور الأوروبي الدعم الاقتصادي.
4) يتحفظ الإسرائيليون على المطالب الأوروبية بتفعيل القانون الدولي الإنساني وبإدانة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
ختاماً فإن استشراف المستقبل ينبئ أن الدور الأوروبي في حل القضية الفلسطينية هو في تراجع، وأن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية ستمنع الأوروبيين من تقديم مبادرات للحلّ.
***
المواقف الفلسطينية والعربية من الدور الأوروبي في تسوية القضية الفلسطينية … أ. د. عبد الفتاح الرشدان.
يحظى الموقف الأوروبي وما يمكن أن تضطلع به أوروبا من ادوار تجاه تسوية القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي باهتمام كبير في الأوساط العربية والفلسطينية، وتسعى الدول العربية إلى إيجاد دور أوروبي فاعل ومؤثر في منطقة الشرق الأوسط، وقد هدفت هذه الدراسة إلى مناقشة وبيان طبيعة المواقف العربية والفلسطينية من توجهات أوروبا وأدوارها في تسوية القضية الفلسطينية، وكشفت الدراسة انه لا يوجد موقف عربي أو فلسطيني موحد وواضح تجاه أوروبا، ودورها في تسوية القضية الفلسطينية، وتوصلت الدراسة إلى أن الضعف العربي والانقسام الفلسطيني ينعكس بصورة سلبية على المواقف الأوروبية تجاه هذه القضية.
وخلصت الدراسة إلى انه لا يمكن إعفاء الدول العربية والقوى الفلسطينية من مسؤولياتهم تجاه استغلال المصالح الأوروبية في المنطقة العربية، وتوظيفها بشكل ايجابي للضغط على أوروبا من اجل أن يتحمل مسؤولية اكبر وان تكون له دوراُ أكثر فعالية واستقلالاُ في المساهمة في تسوية القضية الفلسطينية.
***
المرتكزات الحالية للتضامن الأوروبي مع فلسطين … د. نهلة شهال.
بعد طول انتظار، تبنّت الحركة الأوروبية للتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني حملة المقاطعة والتجريد والعقوبات لإسرائيل (Boycott, Divestment and Sanctions against Israel) وهي الحملة التي صارت تعرف اختصاراً بحملة المقاطعة الدولية لإسرائيل أو BDS.
هذه الحملة التي أطلقها المجتمع المدني الفلسطيني سنة 2004، استغرقت وقتاً قبل أن يتمّ تبنّيها لعدة اعتبارات يدور معظمها في إطار خصوصية البيئة الأوروبية. إلا أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة (2008-2009) نحّت تلك الاعتبارات جانباً وجعلت الحركة الأوروبية أكثر وعياً بضرورة التحرّك الفعّال.
وكأنّها دورة الأيام والأحداث، فاليوم، لم يعد نشاط الحركة الأوروبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني مقتصراً على الدعم في إطار التظاهرات الاحتجاجية عند اشتعال الأحداث أو ضمن النقاشات الدبلوماسية والسياسية؛ بل تجاوزها بفضل حملة المقاطعة إلى إطار أكثر تأثيراً واستمرارية. وهذا ما يعني أيضاً أن الحركة الأوروبية لن تبقى بعد اليوم جزءاً هامشياً من الصراع أو طرفاً ثالثاً ذو تأثير محدود، بل أنها صارت جزءاً منه، وزجّت بنفسها طوعاً لدعم القضية الفلسطينية وردع الانتهاكات الإسرائيلية (مع الإشارة هنا إلى أن هذه الحملة دولية، أي أنها نشاطاتها تمتدّ أيضاً خارج أوروبا).
أما على مستوى الأفراد والمؤسسات فيجب أن يكون لديهم تحركاً فاعلاً في بلدانهم اليوم حيال القضية الفلسطينية. وإن السؤال حول استثنائية إسرائيل وتجاوزها للقانون الدولي وإفلاتها من العقاب واعتدائها على حقوق الشعب الفلسطيني يغدو مسألة وعي وأخلاق، ما يفتح باباً لسؤال جديد عن العالم الذي نريد أن نعيش فيه جميعاً. وإن القضية الفلسطينية هي مثال حي على الفرق بين عالم تحكمه شريعة الغاب وآخر تحكمه شريعة القوانين الإنسانية التي تحترم الآخر والعيش المشترك والقيم الحضارية.
ويتّهم المسؤولون الإسرائيليون هذه الحركة بالسعي لتجريد إسرائيل من الشرعية؛ وهم بهذا يحاولون الضغط على مخاوف الناس بتهمة اللاسامية الجاهزة دائماً.
من جهة أخرى فإن “استثنائية إسرائيل” هي بالفعل زبدة الصراع الذي تناضل لأجله هذه الحركة، لأن إنهاء هذه الاستثنائية سيعني إنهاء قدرة الاحتلال على التوسع الاستيطاني وعلى التمييز العنصري، وبالتالي سيفتح آفاقاً جديدة تسمح للشعب الفلسطيني باستعادة حقوقه أو بعضاً منها.
أما الحركة الأوروبية، فإن جلّ ما يعنيها هنا هو إنهاء الاستيطان والعنصرية، بغضّ النظر عن جغرافية فلسطين تحديداً. فهذه القيم هي قيم عالمية، لا يمكن حصر تبنيها بزمان أو مكان معينين، بل واجبٌ إنهاؤها أينما كانت وبجهود الجميع المباشرة. ولهذا، أصبحت حملة المقاطعة الدولية لإسرائيل هي الخيار الاستراتيجي للحركة، وهي تحتلّ حيّزاً أساسياً اليوم في هذا السياق.
***
الإعلام والسياسة الخارجية في التفاعل الأوروبي مع القضية الفلسطينية:  أدوار –  ظواهر –  اتجاهات … أ. حسام شاكر.
تبحث الورقة في طبيعة التفاعل الأوروبي مع القضية الفلسطينية، إعلامياً وسياسياً، فتنظر في الأدوار والظواهر والاتجاهات الماثلة على هذا الصعيد.
وتُذَكِّر الورقة ابتداءً بأنّ الدور الأوروبي له صفة محورية في نشأة القضية الفلسطينية وتطوّراتها، أمّا السياسات الأوروبية الراهنة نحو القضية الفلسطينية، فترسم الورقة ملامحها من خلال بعض معالمها، مع مناقشة نقدية.
وبشأن تناول الإعلام الأوروبي للقضية الفلسطينية؛ تشير الورقة إلى واقع الساحة الإعلامية الأوروبية، وتنظر إلى معايير وسائل الإعلام الأوروبية وتقاليدها، وتفحص تجاربها واتجاهاتها، في ما يتعلّق بتفاعلها مع القضية الفلسطينية وما يتّصل بهذه القضية من أبعاد.
وتسلِّط الورقة الأضواء على خصائص أوّلية تطبع تفاعل الإعلام الأوروبي مع القضية الفلسطينية، كما ترصد بعض الاتجاهات والظواهر في هذا التفاعل، مستنتجة أنه غالباً ما تتضافر هذه الاتجاهات والظواهر مع طبيعة المواقف والمضامين السياسية ذات الصِّلة.
وأخذاً بعين الاعتبار طبيعة العلاقة التفاعلية المتشابكة والمتداخلة للغاية، بين وسائل الإعلام والمستوى السياسي، فإنه يَصعُب بالتالي عزل أدوار التأثير الإعلامي والسياسي بعضها عن بعض في حالة التناول الأوروبي للقضية الفلسطينية.
وبالفعل؛ ترصد الورقة بعض الظواهر والاتجاهات في تفاعل وسائل الإعلام والسياسات الخارجية الأوروبية مع القضية الفلسطينية، والتي تأخذ طابعاً متناظراً إلى حدٍّ ما. ويؤكد ذلك تعذّر التوصّل إلى نقطة البدء في مصدر التأثير بين ما هو إعلاميّ وما هو سياسيّ، وهو ما يزداد تعقيداً عندما تتأثّر المضامين الإعلاميّة والسياسيّة بشأن القضية الفلسطينية بعوامل نفسية واجتماعية في البيئة الأوروبية المعنية، أو بخلفيّات ثقافيّة وخبرات تاريخيّة عامّة في البيئة ذاتها.
تلحظ الورقة مثلاً ظاهرة الانتقادات المخففة وغير المباشرة التي تتميّز بها المواقف السياسية الأوروبية عادةً إزاء سياسات ومواقف وممارسات جسيمة يرتكبها الجانب الإسرائيلي، ويجد ذلك ما يتماشى معه في التناول الإعلامي الأوروبي أيضاً. ومن الظواهر والاتجاهات التي ترصدها الورقة؛ نزعة “لوم الضحية”، ومركزية فكرة “السّلام”، وارتباط الموقف من الجانب الإسرائيلي بمقولة “الالتزام التاريخي إزاء اليهود”. وتنبِّه الورقة إلى أنّ التعرّف على اتجاهات الجمهور وقناعاته وآرائه من خلال وسائل الإعلام قد تقود إلى تقديرات غير دقيقة، بل ربّما تكون مضلِّلة.
ثمّ تخلص الورقة إلى اقتراح “أدوار منتظرة” من الإعلام الأوروبي في التفاعل مع القضية الفلسطينية، وذلك تأسيساً على كون الدور “الوسيط” لوسائل الإعلام.
***
دور الجالية العربية والإسلامية في أوروبا في التأثير على السياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية … أ. د. طارق رمضان.
لا شك أنه من المهم جداً أن نستشعر أهمية الوجود الإسلامي في أوروبا هذه الأيام. فنحن لم نعد نتكلم عن مهاجرين بل عن مواطنين أوروبيين، وبالتالي على هؤلاء الانخراط في النقاشات والمناظرات المتعلقة بالسياسات المحلية والخارجية.
يشكّل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أهمية كبرى سواءً على الصعيد المحلي والعالمي، وعلى الأوروبيين المسلمين والعرب المشاركة بشكل أكبر في السياسات وآليات اتخاذ القرار داخل أوروبا. إن هذا يعني عملياً وجوب العمل على ثلاثة مستويات:
1) ضمن المجتمعات المدنية، بحيث يتم إخبار المواطنين والمؤسسات حول حقيقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
2) عبر الإعلام، إذ عليهم أن يجدوا صوتاً في الإعلام لنشر منطق آخر وخطاب جديد للصراع.
3) في الساحة السياسية، حيث يجب الانخراط بشكل أكبر في هذه الساحة للضغط على الدول الأوروبية لاتخاذ موقف آخر.
لقد شهدنا في العقود الأخيرة تحولاً هاماً في “الحساسيات” الشعبية الأوروبية تجاه هذا الصراع، وهذا يعود جزئياً إلى وجود المواطنين الأوروبيين الجدد. ولكن مازال هناك الكثير مما يجب فعله لتحسين السياسة الأوروبية، والتي يبدو أنها متشرذمة.

***