مدة القراءة: 6 دقائق

الصفحات الخمس الأولى من الفصل الثالث: “انتهاكات خطيرة ضدّ النواب الإسلاميين ومكاتبهم قبل الاعتقال الأول وفي أثنائه” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الثالث كاملاً اضغط هنا  (16 صفحة، 519 KB)

لم يسلم أحد من النواب الإسلاميين في الضفة الغربية من الملاحقة والاعتداء على أنفسهم ومكاتبهم وأولادهم والموظفين الذين يعملون معهم. بل وصل الأمر إلى إطلاق النار عليهم وإصابتهم بجراح على يد من سموهم “كتائب شهداء الأقصى”، كما حدث مع النائب الشيخ حامد البيتاوي رحمه الله وغيره.

وقد نال النواب جميعاً العديد من الانتهاكات والاعتداءات من قبل القوم، تنوعت بين حرق المكاتب النيابية، وملاحقة الموظفين العاملين في المكاتب والمرافقين للنواب، ومحاولة إلصاق التهم الخطيرة بالنواب ونشر الإشاعات الكاذبة عنهم، وتشويه صورتهم، وملاحقة سياراتهم، ومراقبة ومحاصرة منازلهم ومداهمتها ليلاً، واعتقال أبنائهم، وفصل أقاربهم من الوظائف الحكومية، والحرب الشاملة على الذين عملوا معهم في الدعاية الانتخابية. ومن ذلك الحرب الشاملة على المساجد والمدارس والجامعات والمؤسسات وأنصار الحركة الإسلامية بعد الانتخابات التشريعية…إلخ.

1. حرق المكاتب النيابية:

في غمرة الفلتان الأمني الممنهج في الضفة الغربية، والتي بدأت بعد الانتخابات التشريعية في كانون الثاني/ يناير 2006، وكانت تهدف إلى إفشال المجلس التشريعي والحكومة العاشرة، كانت الأحداث المؤسفة التي استهدفت مقرات المجلس التشريعي ومقر مجلس الوزراء في رام الله، ومكاتب النواب الفرعية في شهر آذار/ مارس 2006. فكان الحرق والتدمير وإطلاق النار والفوضى هي السياسة المتبعة في التعامل مع كلّ ما له صلة بالحركة الإسلامية ونوابها ووزرائها ومؤسساتها . وبعد أحداث غزة المؤسفة في حزيران/ يونيو 2007، حدثت اعتداءات أخرى على هذه المكاتب أشد وأقسى، وذلك في أثناء فترة اختطاف النواب الإسلاميين في سجون الاحتلال:

• ففي مدينة الخليل قامت مجموعة من مسلحي حركة فتح بحرق مكتب النواب بالكامل في آخر شهر حزيران/ يونيو 2007.

• وفي نابلس اقتحمت قوة مسلحة المكتب الكائن في عمارة العالول في اليوم نفسه، وقامت بإحراقة بالكامل ومنع الإطفائية من إخماد النيران.

• وفي رام الله تمّ حرق مكتب النواب الإسلاميين الموجود في عمارة الإسراء في التاريخ نفسه.

• وكذلك اقتحموا منزل رئيس المجلس التشريعي د. عزيز دويك في رام الله وأحرقوه. وذلك في أثناء فترة اختطافه من قبل الاحتلال.

• وفي الشهر نفسه تمّ مداهمة مكتب النواب في بيت لحم وسرقة محتوياته وحرقه بالكامل.

• وفي قلقيلية تمّ إطلاق النار على المكتب ليلاً وتحطيم نوافذه في شهر شباط/ فبراير2010.

• وفي طوباس اقتحموا مكتب النائب خالد أبو طوس وعاثوا فيه فساداً، وصادروا جهاز الحاسوب الخاص بالمكتب.

• وفي تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2007 داهموا مكتب النائب د. مريم صالح، في أثناء اعتقالها في سجون الاحتلال، وفتشوه بدقة وصادروا بعض محتوياته، وتكرر الاعتداء نفسه على مكتبها بعد ذلك بأسبوعين.

• وحصلت أمور مشابهة لذلك لمعظم مكاتب النواب في مختلف المحافظات.

إحراق مكتب سلفيت النيابي كمثال:

لم تسلم محافظة سلفيت من تلك الاعتداءات، وتعرضت مكاتبنا التشريعية فيها لما تعرضت له سائر المكاتب في الضفة، ففي الليلة نفسها التي اختطف فيها النائب خليل الربعي في مدينة رام الله في 12/6/2006، كنت نائماً في شقتنا المستأجرة في رام الله، وفي تمام الساعة الواحدة والنصف ليلاً اتصل بي مدير مكتبنا النيابي في سلفيت، وأخبرني أن مجهولين ملثمين أحرقوا المكتب كاملاً بكل ما فيه. لم أستطع النوم حتى الفجر، وفي الصباح الباكر توجهت إلى المكتب في سلفيت لأعاين الحدث. ففوجئت بما رأيت!!

أخبرني حارس العمارة أن ملثمين أخذوا منه مفتاح العمارة، وكسروا باب المكتب، ثم رشوا جميع غرفه ومحتوياته بجالون كبير من البنزين، ثم أشعلوا فيه النار، فأتت النيران على جميع مكونات المكتب وأثاثه وحولته إلى رماد، وتفتتت الجدران والأرضيات من شدة الحراراة، وتأثر المبنى كله من النار، وهو مبنى حديث البناء، وكانت الخسائر كبيرة مادياً ومعنوياً، واضطر المجلس التشريعي في رام الله أن يدفع 50 ألف دولار لترميم المبنى فقط، أما الأثاث والأجهزة والملفات المهمة الأخرى فلا يمكن تعويضها.

وفي يوم الجمعة التالي خطبت في مسجد سلفيت الكبير، وتكلمت في خطبتي عما حدث للمكتب، وقلت: إن مشكلتنا مع الاحتلال وليست مع أنفسنا، وأننا جميعاً مستهدفون، وأن المستفيد الوحيد من هذا التخريب هو الاحتلال، ثم إن حرق المؤسسات العامة وتخريبها هو خسارة لنا جميعاً، لأننا بحاجة ماسة إلى كلّ دينار في ظلّ هذا الحصار الذي فرضه علينا الاحتلال والمجتمع الدولي كله… وبعد الصلاة قام أحد قادة الأجهزة الأمنية الكبار وفاجأ الجميع بكلام يبرر فيه ما حدث من حرق المكتب، وهي إشارة واضحة لتبني المسؤولية عما حدث.

لم يكتف القوم بهذا العمل، فبعد عدة أيام من هذا الاعتداء الآثم، قام فريق آخر من القوم بمحاولة حرق مكتبنا النيابي الثاني في بلدة بديا، ولكن يقظة الأخوة هناك منعتهم من تنفيذ ذلك، فاكتفى القوم بإلقاء زجاجات حارقة على شبابيك المكتب الخارجية وأدى ذلك إلى حرق شباك المكتب، وبعض الأثاث القريب من ذلك الشباك، وهو المكتب نفسه الذي أحرقوه بالكامل في يوم 14/6/2007 في أثناء وجودنا في سجون الاحتلال، لتتكرر الجريمة الشنعاء نفسها، دون اعتبار لوطن أو دين أو أخلاق.

وبعد ترميم مبنى المكتب في سلفيت وإعادة تأثيثه من جديد على حساب النواب الخاص، قام الفريق نفسه بسرقة محتوياته مرة أخرى في جنح الظلام، وشهد أحد الأصدقاء أنه رأى بعضاً من ذلك الأثاث في بيت أحدهم.

2. اعتداءات على مدراء المكاتب النيابية:

 تعرض مدراء وموظفو المكاتب النيابية في جميع محافظات الضفة الغربية منذ تعيينهم وحتى هذه اللحظة لانتهاكات خطيرة على يد الأجهزة الأمنية، ليس لسبب إلا لعَمَلهم مع النواب الإسلاميين. والهدف من هذه الحملة الظالمة هي حملهم على ترك العمل مع النواب، وإبقاء النواب وحدهم دون أيّ مساعد أو مرافق أو مستشار، والهدف هو إفشال هؤلاء النواب في عملهم النيابي، وبالتالي بقاء القوم وحدهم على رأس السلطة دون منازع أو شريك.

مدير مكتب د. عزيز دويك:

لم يسلم من هذه الانتهاكات أحد من مدراء وموظفي المكاتب الفرعية في المحافظات، حتى مدير مكتب د. عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي، الذي تعرض للاعتقال والاختطاف مرات عديدة على يد هذه الأجهزة الأمنية، يحدثنا الأستاذ بهاء فرح مدير مكتب د. عزيز دويك عن هذه الانتهاكات فيقول:

• في 15/12/2006، أي قبل الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، قامت الأجهزة الأمنية بقمع مسيرة في ذكرى انطلاقة حركة حماس، وتعرضت في حينها للضرب مما أدى إلى إصابتي بنزيف داخلي في الكتف والظهر، كما تعرضت لجرح في حاجب عيني اليمنى تمّ قطبه بثلاث غرز.

• بعد الانقسام في شهر حزيران/ يونيو 2007، تمّ وقفي عن العمل كمدير لمكتب د. عزيز دويك، وصدر قرار الوقف بأثر رجعي من بداية شهر آذار/ مارس 2007.

• في شهر آب/ أغسطس2007، كان أول استدعاء لي للتحقيق من قبل جهاز الأمن الوقائي.

• في 18/1/2008، تمّ اعتقالي من قبل جهاز المخابرات بعد استدعائي للمقابلة، وأمضيت في التحقيق أسبوعين، وتعرضت خلال أول يوم من الاعتقال للضرب والشبح والإهانات، كما تمّ منعي من النوم، وما زلت أعاني حتى اليوم من آلام في رجلي اليمنى بسبب التعذيب. واستمر اعتقالي بعد ذلك حتى بداية شهر أيلول/ سبتمبر 2008.

• في شهر نيسان/ أبريل 2009، استدعيت للتحقيق لدى جهاز المخابرات، وتمّ احتجازي ليلة ثم أفرج عني.

• في 18/8/2009، تمّ اختطافي من قبل جهاز الأمن الوقائي في أثناء مغادرتي العمل، وتمّ احتجازي حتى 3/9/2009 تعرضت خلالها للشبح لأكثر من مرة.

• في 28/9/2009، تمّ اعتقالي لدى جهاز الأمن الوقائي بعد استدعائي للمقابلة، وأفرج عني في 25/10/2009.

• في 26/2/2010، اعتقلت لدى الاحتلال وتمّ تحويلي إلى مركز تحقيق المسكوبية، أمضيت فيه أربعين يوماً، ثم نقلت إلى سجن عوفر، وأفرج عني في 27/5/2010 بكفالة مالية قدرها 15 ألف شيكل (حوالي 3,900 دولاراً)، وما زلت أحضر جلسات محاكمة في المحاكم العسكرية للاحتلال حتى اليوم. وخلال الاعتقال تمّ مصادرة جهاز حاسوب نقال Laptop خاص بي، وثلاثة أجهزة محمول، وأوراق وصور.

• في 23/7/2010، تمّ اعتقالي لدى جهاز الأمن الوقائي، واحتجزت حتى 16/8/2012، وأفرج عني بقرار من المحكمة بكفالة مالية قدرها 3 آلاف دينار أردني (حوالي 2,126 دولاراً).

• في 19/9/2012، حاصرت قوة من الأمن الوقائي منزلي ومنزل والدي لاعتقالي، وتمّ اعتقالي في اليوم التالي وأفرج عني في 23/9/2012.

وهناك العشرات من الاستدعاءات الأخرى غير هذه الاعتداءات تعرضت لها بعد الانقسام، وكان التحقيق معي فيها عن عملي كمدير لمكتب د. عزيز دويك، ومحاولة ثنيي عن العمل مع الدكتور بطرق وأساليب مختلفة، ومحاولة تجنيدي للعمل معهم.

كما لم يسلم من هذه الحملة الظالمة أيّ موظف من موظفي مكاتب النواب، ومنهم موظفو مكتب رام الله للنواب الإسلاميين الذين تعرضوا جميعاً لمثل ما تعرض له مدير مكتب د. عزيز أو أكثر، حتى مراسل المكتب الأخ عبد الله غانم الذي يقدم الضيافة للزوار والضيوف لم يسلم هو الآخر من هذه الحملة، وتعرض للاعتقال والاستدعاء مرات عديدة في محاولة لثنيه عن العمل مع النواب. ولكنهم جميعاً صبروا وثبتوا أمام هذه الجرائم، وكان لصبرهم وثباتهم دور كبير في بقاء المكاتب النيابية مفتوحة أمام المواطنين، جزاهم الله كلّ خير.

مدير مكتب سلفيت النيابي:

منذ افتتاح مكتب المجلس التشريعي في سلفيت استلم إدارة هذا المكتب عدة أشخاص تعرضوا جميعاً لإجرام الاحتلال وانتهاكاته، وإجرام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بشكل كبير ومتواصل، واتضح ذلك من خلال سياسات هذه الأجهزة القائمة على تبادل الأدوار وتكاملها مع جيش الاحتلال. فقد تمّ اعتقال أول مدير للمكتب الأستاذ إبراهيم ماضي حيث قضى ثلاث سنوات في الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال، وأكثر من سنة في سجون السلطة الفلسطينية، مما اضطره لعدم العودة إلى إدارة المكتب. ثم قامت الأجهزة الأمنية في السلطة باعتقال المدير الآخر الشيخ محمد علقم الذي استلم إدارة المكتب في أصعب الظروف في أواسط سنة 2007، وتعرض هو الآخر لأصناف التنكيل والتعذيب على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبقيت تستدعيه وتعتقله وتعرّضه للتعذيب لفترات متقطعة.

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الفصل … للاطلاع على الفصل الثالث كاملاً اضغط هنا  (16 صفحة، 519 KB)




>> 
إقرأ أيضاً  

 
>> الصفحات الأولى من كتاب “الديموقراطية الزائفة والحصانة المسلوبة”

>> الصفحات الخمس الأولى من الفصل الأول: “إجراءات الاحتلال: اعتقال واستهداف وانتهاكات”

>> الصفحات الخمس الأولى من الفصل الثاني: “ظلم ذوي القربى: الانتهاكات قبل الاعتقال الأول حزيران/ يونيو 2006”

>> الصفحات الخمس الأولى من الفصل الرابع: “حرب شاملة على الحركة الإسلامية وأنصارها بعد أحداث غزة سنة 2007”