مدة القراءة: 5 دقائق

الصفحات الخمس الأولى من كتاب “معاناة المريض الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الكتاب … للاطلاع على الكتاب كاملاً اضغط هنا     (132 صفحة، 7.5 MB)


تقديم

يقدّم مركز الزيتونة للقرّاء كتابه الحادي عشر من سلسلة “أولست إنساناً”، التي يسلط الضوء من خلالها على الجوانب المختلفة لمعاناة الشعب الفلسطيني.  يتناول هذا الكتاب “معاناة المريض الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي”، ويستعرض أبرز الانتهاكات التي يرتكبها هذا الاحتلال بحقه؛ بدءاً من الفجوات الصحية بين اليهود والعرب والتجارب التي تُقام على المرضى، مروراً بأثر الحصار والمعابر على مرضى قطاع غزة وابتزازهم، وتبعات الحواجز الإسرائيلية وجدار الفصل العنصري، وصولاً إلى معاناة الأسرى المرضى داخل السجون الإسرائيلية، والاستهداف المتعمد للطواقم الطبية.

والمريض الفلسطيني رهين المحبَسين، فهو يعيش بين معاناته من آلامه، ومعاناته من ممارسات الاحتلال العنصرية، التي تقطع عنه دواءه، وتمنعه في الوقت ذاته من الوصول إلى أماكن تلقي الرعاية الصحية اللازمة. وفي معايير الاحتلال الإسرائيلي، لا فرق كبير بين امرأة ورجل وشيخ وطفل؛ ولا استثناءات لحالات حرجة أو خطرة. ولا يخفى في هذا السياق تعارض ذلك مع الحق الأساسي للمريض تحت الاحتلال في تلقي الرعاية الصحية.

ويسير هذا الكتاب على نهج كتب سلسلة “أولست إنساناً”، فينقل المعاناة بأسلوب يخاطب العقل والقلب، في إطار علميّ منهجيّ موثّق، مستعيناً ببعض القصص والصور، لتقرّب إلى القارئ بشكل أوضح ما يعانيه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.

مقدمة

لم تنتهِ معاناة الإنسان الفلسطيني عند سلبه أرضه وبيته، بل تعدّت لحرمانه حتى من حقوقه الأساسية التي نصت عليها واعترفت بها جميع المواثيق والمعاهدات الدولية، والتي اعترفت بها “إسرائيل”.

وتُعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها “حالة اكتمال السلامة جسدياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد إنعدام المرض أو العجز”، وبالنظر إلى هذا التعريف وإلى ما يُطبّق فعلياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن الأوضاع الصحية قد تدهورت إلى أسوأ المستويات بسبب الممارسات الإسرائيلية، ومنها الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنة 2007، وإغلاق جميع المعابر بين القطاع و”إسرائيل”.

هذا العقاب الجماعي الذي يشمل معظم النواحي الحياتية، الاقتصادية والاجتماعية والصحية، والذي يمنع وصول العديد من الأدوية والأجهزة الطبية وقطع الغيار لها أدى إلى استشهاد العديد من الفلسطينيين الذين لم تتوفر لهم الأدوية ولم يُسمح لهم بمغادرة القطاع للعلاج. ويشتمل الحصار أيضاً على تقنين دخول المحروقات والكهرباء والكثير من السلع، كما أُغلق معبر رفح المنفذ الوحيد لأهالي القطاع إلى العالم الخارجي من جانب مصر. هذا عدا العمليات العسكرية التي تشنها “إسرائيل” على القطاع والتي أدّت إلى تدمير البنى التحتية واستهداف سيارات الإسعاف، وزيادة أعداد المرضى والأمراض جراء الأسلحة المحرّمة التي استعملتها في حربها. بالإضافة إلى معاناة التنقل بين منطقة وأخرى بسبب الحواجز الإسرائيلية والجدار الذي يحوْل بين المريض ووصوله لمكان علاجه.

وهذا الكتاب، يحكي معاناة المريض الفلسطيني، التي تصل في العديد من الأحيان إلى استشهاده على المعابر وأمام الحواجز ونقاط التفتيش، وهو في طريقه للبحث عن الطبابة التي هي من حقه. لكن الممارسات الإسرائيلية التي تمنع المريض الفلسطيني من التنقل حيثما يشاء للاستشفاء، تجعله في سجن ليس بكبير ينتظر السماح له في العلاج أو الموت.

تفتح الطفلة آية أبو مويس ذات الثلاثة أعوام عينيها على البكاء من الألم بسبب تعرضها لكسر في يدها لهشاشة عظامها إثر إصابتها بفشل كلوي، وحاجتها لغسيل خمس مرات في الأسبوع، وهي بحاجة لزرع كبد، ولكن لا يمكنها إجراء هذه العملية في “إسرائيل” لأنها ليست مواطنة “دولة إسرائيل”، لذلك هي مجبرة على أن تجري عملية الزرع في الخارج، ولكن العائق الآخر هو أن تكلفة العملية تتجاوز 700 ألف دولار.

عند كل صباح، تترك آية منزلها في جنين وأخواتها الأربعة، أصغرهم يبلغ الثمانية أشهر، لتذهب مع والديها متوجهة إلى حيفا حيث مستشفى رمبام التي تعالج فيه، عملية تستغرق قرابة الخمس ساعات، لأن المستشفيات الفلسطينية لا تملك آلة غسيل للكلى خاصة للأطفال تحت سن العاشرة.

يقوم والد آية بتوصيل زوجته وابنته عند الحاجز الذي يفصل الضفة الغربية عن “إسرائيل”، ثم يعود إلى المنزل لرعاية أولاده الآخرين. تصل فترة انطلاق آية من منزلها حتى دخول “إسرائيل” مدة 45 دقيقة تصل إلى ساعة حسب انتظارها على الحاجز. ثم تمضي فترة 45 دقيقة أخرى للوصول إلى المستشفى. وعند وصولها للمستشفى تستغرق عملية غسل الكلى نفسها قرابة الخمس ساعات.

وكانت العائلة قد تلقت فاجعة بوفاة إحدى بناتها قبل ست سنوات بسبب المرض ذاته، إذ أنها أيضاً عانت من فشل كلوي وتوفيت بسبب سوء العلاج.

CNN, Palestinian girl fights life-threatening condition, 28/11/2010


أولاً: المؤسسات الصحية في فلسطين

جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان The Universal Declaration of Human Rights -UDHR سنة 1948 المادة 25/1:

لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية، وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة، وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته .

تتعدد الأطراف التي تقدم الخدمات الصحية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس، حيث تتولى هذه المسؤولية كل من وزارة الصحة، ووكالة الغوث، ومؤسسات العمل الأهلي الطوعية، والخدمات الطبية العسكرية، إضافة إلى القطاع الخاص.

1. وزارة الصحة:

لقد ورثت السلطة الفلسطينية في بداية عهدها سنة 1994، وضعاً صحياً متدن وغاية في الصعوبة. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها وزارة الصحة، إلا أن الوضع الصحي في الضفة الغربية وقطاع غزة ما زال يواجه الكثير من المشاكل والعقبات التي تعترض سبل تطويره، وبالتالي تحد من قدراته على سدّ احتياجات المواطنين الفلسطينيين.

تشرف وزارة الصحة على 25 مستشفى  من أصل 76 مستشفى في الضفة الغربية وقطاع غزة ، أي ما نسبته 32.8% من المستشفيات، كما تشرف الوزارة على 57% من مجموع الأسرّة في القطاع والضفة بما فيها شرقي القدس . يوجد 12 مستشفى منها في الضفة الغربية، وهي: الوطني، رفيديا، جنين، قلقيلية، طولكرم، سلفيت، رام الله، بيت جالا، أريحا، الخليل، يطا، بيت لحم، وسعة هذه المستشفيات السريرية قدرها 1,324 سريراً، وهو ما يعادل 45% من مجمل الأسرّة التي تمتلكها وتديرها وزارة الصحة الفلسطينية بشكل عام، بينما يبلغ عدد أسرّة مستشفيات وزارة الصحة في قطاع غزة 1,593، أي 55% من مجمل أسرّة مستشفيات وزارة الصحة في فلسطين .

2. وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا):

تقتصر خدمات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East (UNRWA) على الرعاية الصحية الأولية المقدمة من خلال المراكز الموزعة على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة، هذه المراكز تشمل: عيادات خارجية، طب الأسنان، أمراض القلب، ضغط الدم، السكري، والفحوصات المخبرية. هذا إضافة إلى مراكز رعاية الأمومة والطفولة وتنظيم الأسرة وخدمات صحة البيئة، وأقسام الولادة والعلاج الطبيعي. وقد وصل عدد هذه المراكز حتى نهاية سنة 2009 إلى 61 مركز رعاية صحية أولية؛ 41 مركزاً منها في الضفة الغربية  و20 في قطاع غزة .

كما تتيح الأونروا الرعاية الثانوية والرعاية المتخصصة من خلال مستشفى واحد لها في قلقيلية، بسعة 63 سريراً ، أي على 1.3% من مجموع الأسرّة في الضفة الغربية وقطاع غزة . وكان متوسط استخدام الأسرّة يومياً 57.3%، إذ استقبلت هذه المستشفيات 24,831 مريضاً سنة 2009 .

لكن الوكالة تواجه مشاكل مالية كبيرة بسبب صغر حجم الميزانية المخصصة لها، خاصة أن الخدمات الصحية تقدم بشكل مجاني.

النص المعروض هو للصفحات الخمس الأولى من الكتاب … للاطلاع على الكتاب كاملاً اضغط هنا     (132 صفحة، 7.5 MB)