مدة القراءة: 2 دقائق

هل دخل الفلسطينيون دوامة المفاوضات من جديد؟ سؤال بدأ يتبادر إلى أذهان الفلسطينيين أنفسهم الذين راقبوا اللقاء في عمان بين مفاوضي منظمة التحرير وسلطة الاحتلال. وما زاد من حيرة التساؤل الفلسطيني هو الإحباط الذي خرج به المفاوضون من الاجتماع، لكنهم مع ذلك بدوا مصرين على عقد لقاءات أخرى، سرية وعلنية.

وإضافة إلى الحيرة التي يقع فيها المواطن الفلسطيني عن اللقاءات العلنية، يطرح مجموعة من علامات الاستفهام عن مفهوم اللقاءات السرية والغاية منها، وخصوصاً أنه سبق أن تم اختبار مثل هذه اللقاءات وأدت في نهايتها إلى اتفاق أوسلو، فهل الأمور تسير على هذا المنوال؟

أسئلة كثيرة بلا أجوبة والحيرة سيدة الموقف، وخصوصاً إذا ما أخذنا تصريح المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية صائب عريقات الذي أكد أن الاجتماعات ليست عودة إلى المفاوضات المباشرة، إنما هي استكشافية. التصريح قد يكون مثيراً للسخرية فعلاً، فإذا لم تكن المفاوضات المباشرة هي جلوس الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي” على طاولة واحدة وتبادل الأفكار والوثائق والمخططات، فماذا تكون المفاوضات المباشرة؟ اللقاءات الاستكشافية، أو جس النبض، لا يمكن أن تستمر لأيام طوال، الاستكشاف قد يظهر من اللقاء الأول لقياس مدى رغبة الطرف الآخر في الدخول حقيقة في عملية التسوية من جديد، لكن أن تستمر اللقاءات لأسابيع، ويتم التحضير فيها لوثائق وخرائط، مع دخول مباشر للولايات المتحدة على خطها، فذلك بالتأكيد ليس استكشافاً، إنه عودة واضحة لدوامة التفاوض، لكن من الباب الموارب.

اللقاءات، كما قال أبو ردينة نفسه، ستستمر إلى نهاية الشهر الجاري، وفي حال تم إحراز تقدم خلالها، فإنه سيتم تمديدها برعاية مباشرة من الرباعية الدولية، إضافة إلى الأردن الذي يأخذ ملكه على عاتقه مهمة إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى عملية التفاوض، وهو يتوجه لهذه الغاية إلى الولايات المتحدة لتأمين الدفع أو الضغط اللازم.

بين الرباعية والولايات المتحدة والأردن لا يبدو أن السلطة الفلسطينية تملك الكثير من الخيارات لقول لا للمفاوضات، هذا إذا كانت في الأساس ترغب في قول لا، إذ إن من المعروف أن الرئيس محمود عباس يتحيّن الفرصة للعودة إلى الطاولة، لكن شروطه كانت تكبله في ظل التجاهل الذي كان يقابل به. الفرصة جاءت تحت عنوان جديد غير المفاوضات، إنه الاستكشاف. لعل هذا هو المخرج الأمثل للمأزق: “عباس لا يفاوض لكنه يستكشف”. كلمة جديدة لفعل قديم يعفي أبا مازن من الحرج، لكنه لا يلغي ان الفلسطينيين دخلوا في الدوامة نفسها.

الخليج، الشارقة، 8/1/2012