مدة القراءة: 8 دقائق

تقدير استراتيجي رقم (39) – كانون الأول/ ديسمبر 2011.

ملخص:

يتحرك المشهد الفلسطيني على وقع مواقف الاتجاه الفلسطيني المؤيد لمسار التسوية وحركة حماس من تطورات الملفات الثلاثة التالية: طلب عضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، واستحقاقات المصالحة، وتداعيات عملية تبادل الأسرى. وقد ظهرت مواقف كلا الطرفين على الشكل التالي:

1. تعامل الاتجاه المؤيد لمسار التسوية مع بنود المصالحة الموقعة في مايو/ أيار 2011 بما يسهم في دعم طلب العضوية، ووضع مزيد من الضغوط على الجانبين الإسرائيلي والأمريكي.

2. تمسكت حركة حماس بتوسيع م.ت.ف وإطلاق المرجعية القيادية، وإعداد استراتيجية وطنية شاملة، وتشكيل الحكومة بالتوافق، واتخاذ الإجراءات الكافية لضمان إجراء الانتخابات بصورة متكافئة ونزيهة.

3. سعي محمود عباس لتحييد خيار المقاومة المسلحة في المرحلة الحالية تفادياً لتأثيراته السلبية على مسار طلب عضوية الدولة، فيما تؤكد حماس أن المقاومة المسلحة خيار وطني استراتيجي وأن المقاومة الشعبية ليست بديلاً عنه.

لذلك، من المتوقع أن تسهم هذه المواقف في تحريك الوضع الفلسطيني نحو أحد الاتجاهات الثالثة التالية: تأجيل المصالحة وجمود طلب العضوية، أو تنفيذ جزئي للمصالحة مع توفير بعض شروط العضوية، أو انطلاق انتفاضة شعبية/ سلمية.

مقدمة:

تتفاعل تطورات الوضع الفلسطيني الداخلي على وقع ثلاثة ملفات، تتمثل في: سعي منظمة التحرير للحصول على العضوية الدائمة للدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويتعلق الثاني بتطورات المصالحة بين فتح وحماس بعد توقيع الاتفاق في مايو/ أيار 2011، وأما الملف الثالث فهو إجراء عملية تبادل الأسرى بين حماس و”إسرائيل”. هذه الملفات وتفاعلاتها والتداعيات المترتبة عليها تشكل خريطة طريق الأوضاع الفلسطينية الداخلية الحالية.

مواقف الأطراف المعنية؛ حركة حماس من جهة، وحركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة من جهة ثانية هي موضوع اهتمام هذا التقدير، إذ يحاول الإجابة على التساؤلات التالية: ما هي مواقف هذه الأطراف؟ وما هي نتيجة تفاعل مواقفها؟ وما هي التوقعات التي تنتظرها الساحة الفلسطينية؟  

الدولة تحتاج إلى التوافق:
 

الدولة الفلسطينية، بحسب الاتجاه المؤيد للتسوية، تحتاج إلى ثلاثة مرتكزات، هي: زوال الاحتلال الإسرائيلي بشكل تام عن قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، والوحدة الإقليمية للضفة والقطاع، والشرعية الديموقراطية للسلطة؛ باعتبارها نواة الدولة.

فيما يتعلق بالركيزة الأولى وهي زوال الاحتلال، فقد فشلت قيادة م.ت.ف عبر المفاوضات في جعل “إسرائيل” تنسحب من الضفة والقطاع بالشكل النهائي والناجز، وسعت لتجاوز هذا الواقع عبر الذهاب إلى الأمم المتحدة والحصول على العضوية الدائمة كخطوة لتحسين موقعها القانوني، الذي يمكّنها من إلزام “إسرائيل” بالانسحاب من أراضي الدولة الفلسطينية. لكن هذا المسعى بدوره توقف أمام عقبتين، هما: الفيتو الأمريكي الذي يدعو السلطة للتوصل إلى الدولة عبر المفاوضات المباشرة مع “إسرائيل”؛ الأمر الذي ثبت فشله وعقمه حسب تجربة المنظمة. والعقبة الثانية، هي فقدان وحدة السلطة التي تسيطر على الضفة والقطاع؛ خصوصاً أن هذه العقبة هي شرط لجنة العضوية التابعة لمجلس الأمن. 

ما تقدم، جعل قيادة المنظمة تراجع حساباتها الوطنية وتعود إلى المصالحة، التي تم توقيعها بين فتح وحماس في مايو/ أيار 2011، لعلها تجد فيها سبيلاً يضمن لها وحدة السلطة.

أما كلا الركيزتين الثانية والثالثة: أي وحدة الإقليم والشرعية الديموقراطية للسلطة، فهما متعلقتان أيضاً بالشأن الفلسطيني الداخلي، وخصوصاً بحركة حماس، التي تسيطر على القطاع وتسيّر الحكومة فيه. 

هذه الوقائع تعيد المنظمة إلى المربع الأول، إذ ستكون مضطرة لكي تراعي شروط حماس والأخذ بعين الاعتبار أولوياتها في تنفيذ بنود المصالحة، مما يعني أن تنفيذ المصالحة بالطريقة التوافقية الواردة في بنود اتفاق مايو/ أيار الماضي هو الممر الإجباري الذي يوصل قيادة م.ت.ف إلى بناء ركيزتي قيام الدولة الفلسطينية وتثبيت عضويتها.

المصالحة وعقدة الأولويات:

بما أن الاتجاه المؤيد للتسوية يريد من المصالحة ما يساعده في سعيه نحو تحقيق عضوية الدولة في الأمم المتحدة، فهذا يعني أن حركة فتح ستركز حالياً على إنجاز الوحدة والشرعية حصراً.

وما دامت حركة حماس تريد من المصالحة ما يمكّنها من المشاركة الفاعلة في أطر العمل الوطني ومرجعياته العامة والتأثير فيها أو قيادتها، فهذا يعني أن حماس ستعطي الأولوية لتوسيع المنظمة وتفعيلها وتثبيت حضورها في مؤسسات الحكومة. هذه الفوارق عكست نفسها على استحقاقات المصالحة، وقد ظهرت على الشكل التالي:

1. م.ت.ف: تسعى حماس إلى توسيع المنظمة، لكي تنضم لها هي وباقي فصائل المقاومة التي تتوافق معها حول الموقف من التسوية والمفاوضات والمقاومة ومسائل التسوية الأخرى؛ وذلك من أجل إعادة الاعتبار للمنظمة بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بما يضمن إضفاء الشرعية الوطنية على استراتيجيات المقاومة والتحرير، إضافة إلى وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات وكمرجعية للسلطة لا تابع لها.

في حين لم تكن قضية توسيع المنظمة وتفعيلها موضع اهتمام الطرف الآخر أو اهتمامه، لأن ذلك يتعارض مع رؤيته لها من حيث المبدأ، والتي تتمثل في أن العمل الوطني انتقل إلى مرحلة الدولة، وهو ما يقتضي نقل مركز الثقل من المنظمة إلى السلطة. ولذلك، فإن تسامح هذا الاتجاه مع أطروحة توسيع المنظمة وتفعيلها قد يكون من باب المناورة التي تساعده على احتواء طموحات حماس وحلفائها، بشرط عدم الإضرار بالتزامات التسوية وشروط المفاوضات.

2. الحكومة: انطلاقاً من كون الحكومة هي المؤسسة الرسمية التنفيذية، وهي عنوان الديموقراطية والشرعية، وبالتالي فإن سياساتها ومواقفها وإجراءاتها هي التي توصف بأنها قانونية دون غيرها، وبالنظر إلى سعي حماس للمشاركة في القرار الوطني، تتمسك الحركة بالحد الذي يبقيها حاضرة داخل الحكومة وفي مختلف المواقع والمؤسسات التابعة لها؛ مثل الأجهزة الأمنية والوزارات وغيرها. والمشاركة كذلك في الإشراف على الانتخابات وإعادة إعمار القطاع.

وفي المقابل، وبعكس الاتجاه، تسعى حركة فتح إلى أن تكون مشاركة حماس في الحكومة بشكل لا يؤدي إلى ظهور السلطة وكأنها مخالفة لشروط الرباعية أو للالتزامات الفلسطينية تجاه التسوية، مما قد يؤدي إلى توسيع الحصار باتجاه الضفة الغربية، وانقطاع المساعدات الغربية، وعدم استلام عائدات الضرائب التي تجنيها السلطات الإسرائيلية. كما تحاول أن تتجنب الفيتو الأمريكي والتهديدات الإسرائيلية، ولكي تتفادى أي عقبات من الممكن أن تعترض طريق طلب العضوية. وهذه معادلة يصعب تحقيقها، لأنها تسعى لأن تُرضي حماس، وأن تضمن في الوقت نفسه، على الأقل، سكوت الجانبين الإسرائيلي والأمريكي.

اختبار الاستراتيجيات:

وكحالة تطبيقية لطبيعة التباين الحاد بين رؤية قيادة المنظمة ورؤية قيادة حماس عاد الاختلاف بينهما ليتحدث نفسه من جديد، وقد تجلى ذلك من خلال حادثتي استحقاق طلب العضوية وعملية وفاء الأحرار. لعل هذا النزال أفسح بالمجال أمام ظهور جوانب القوة وجوانب الضعف في رؤية كل فريق واستراتيجيته الخاصة.

1. استحقاق سبتمبر: من خلال هذا الاستحقاق سعت قيادة المنظمة إلى القول بأنها ما تزال قادرة على اجتراح الحلول لكافة استحقاقات القضية الفلسطينية، وأن لديها من البدائل والدعم ما يمكنها من تجاوز عقبات الانقسام الفلسطيني الداخلي والاستغناء عن طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين، والقفز عنها نحو قاعة الأمم المتحدة للوصول إلى هدف حصول فلسطين على صفة عضو دائم في الأمم المتحدة.

نتيجة لهذه الخطوة، حققت المنظمة نجاحاً دبلوماسياً وشعبياً مؤقتاً، إلاّ أن ذلك كله لم يتمكن من تحويل الحلم بالعضوية إلى حقيقة الجلوس على مقعد الدولة الدائمة. السبب المباشر الذي يكمن وراء هذا الفشل هو الموقف الأمريكي الذي يرفض هذه الخطوة خارج إطار المفاوضات المباشرة مع “إسرائيل”. وقد هددت الإدارة الأمريكية بإفشال مسعى المنظمة، إما من خلال الحيلولة دون حصول الطلب على تأييد تسعة أعضاء، وهذا ما حصل، أو باستخدام حق النقض الفيتو، وهو الأمر الذي كانت تتفاداه لتجنب استفزاز الشارع العربي والفلسطيني في هذه المرحلة.

ونتيجة لعدم حصول الطلب على العدد الكافي لم يتوافق أعضاء لجنة العضوية التابعة لمجلس الأمن على رفع الطلب إلى المجلس، وقد تم تبرير هذا الموقف بذريعة عدم وجود سلطة تنفيذية (حكومة) واحدة تسيطر على أراضي الإقليم (الضفة والقطاع) الذي من المفترض أن تقوم عليه هذه الدولة. وبالقياس، يمكن أن يجري لاحقاً الحديث عن الطعن بالشرعية الدستورية للرئيس، وهكذا.. . المهم، أن قيادة المنظمة توصلت إلى نتيجة مفادها بأن الطريق إلى العضوية يمر حصراً عبر أحد طريقين، الأول: طاولة المفاوضات المباشرة/ المتعذرة، والثاني: المصالحة الصعبة/ المبرمجة.

2.
عملية التبادل: تعدّ عملية “وفاء الأحرار” إنجازاً وطنياً كبيراً بالرغم من أنها لم تحقق كافة المطالب والشروط التي وضعتها حماس، إلاّ أنها رفعت من الرصيد الشعبي للحركة، وعاد الحديث عنها باعتبارها طرفاً مركزياً في الواقع الفلسطيني، وعن أهمية التعامل معها كلاعب قوي يؤثر في تحديد المسار العام للقضية الفلسطينية والتأثير فيه.

مع أهمية ما تقدم، إلاّ أن القيمة المباشرة لهذه العملية تعود إلى المقاومة المسلحة؛ فالتبادل ابن المقاومة ونتيجة لتضحياتها. وبالتالي فإن الشارع الفلسطيني الذي خرج في منتصف مارس/ آذار 2011 يقول: الشعب يريد تحرير الأسرى، فكأنما يضع أوراق اقتراعه في صناديق المقاومة المسلحة، باعتبارها السبيل الوحيد ذا المصداقية، والقادر على إنجاز مهمة إطلاق الأسرى والمعتقلين، خصوصاً ذوي الأحكام العالية، الذين هم من قادة وكوادر الفصائل وخيرة أبناء الشعب الفلسطيني.

انطلاقاً من هذه الحقيقة، يمكن القول بأن خيار المقاومة المسلحة أعاد طرح نفسه بقوة، متسلحاً هذه المرّة بالالتفاف الشعبي، لاعتمادها كاستراتيجية وطنية. والذي يعزز فرص هذه النتيجة هو فشل مفاوضات التسوية السلمية في تحرير الأسرى والمعتقلين وتحديداً القيادات والكوادر أصحاب الأحكام العالية.

خلاصة القول: إن عملية التبادل أعادت التأكيد على أمرين مهمين بالنسبة لحماس، هما: محورية الحركة في رسم وقائع الساحة الفلسطينية وتوجيه المسار الوطني، وشرعية المقاومة المسلحة في أي برنامج عمل وطني قادم.

عباس – مشعل وبرمجة المصالحة:

على خلفية ما تقدم، جاء لقاء عباس – مشعل ليقدم الترجمة العملية لتداعيات الأحداث الجارية على الساحة الفلسطينية، وليظهر نتيجة تفاعل مواقف كلا الطرفين وليرسم ملامح الاتجاه العام الذي تسير نحوه تطورات الأوضاع الفلسطينية الداخلية. وقد جاءت كما يلي:

1. ترضية الشارع الفلسطيني وإضفاء أجواء من الإيجابية والتفاؤل، من خلال الاتفاق على بدء عملية إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في الضفة والقطاع “فوراً”.

2. إرضاء حركة حماس من خلال الاتفاق على بدء أعمال المرجعية القيادية في أواخر كانون الأول/ ديسمبر من العام الجاري. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الخطوة لا تعني بالضرورة أن هذا الإطار سيكون قادراً بالفعل على ممارسة مهامه بالصورة النموذجية التي تتمناها حماس، كما أنها لا تعني توسيع وتفعل المنظمة بشكل تلقائي، لأن ذلك الأمر مرتبط بالانتخابات، وبالتالي فإن هذا الأمر سيكون محكوماً بالتأجيل لحين ظهور نتائج انتخابات المجلس الوطني، إن حصلت.

3. إعادة تأكيد التوافق على الدولة الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس. من الجدير بالذكر أن هذه الخطوة تأتي بمثابة الرد على التشكيك بشرعية مسعى المنظمة نحو عضوية الدولة، ولتعزيز شرعية خيار الدولة بحدود الـ67. وهو الأمر الذي يُعدّ حاجة جوهرية للمعركة الدبلوماسية التي تخوضها المنظمة عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

4. الاتفاق على هدنة من طرف واحد تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، في إشارة ذات دلالة مفادها تجميد المقاومة المسلحة حتى إشعار آخر، أقرب آجاله تاريخ انتهاء الانتخابات القادمة. ويمكن تفسير ذلك على أنه مرونة من جانب حماس، إلاّ أنه يحسب أيضاً خطوة إلى الأمام يسعى رئيس السلطة لإنجازها على طريق تحييد خيار المقاومة المسلحة في هذه الفترة وتفادي تأثيراته السلبية على مسعى العضوية.

5. الاتفاق على المقاومة الشعبية/ السلمية لمواجهة الاحتلال والاستيطان، كتعبير واضح عن الاستراتيجية الوطنية المعتمدة للمرحلة القادمة.

6. الدعوة إلى التوافق على اسم رئيس حكومة التوافق، في حين يجري الحديث عن إمكانية استمرار عمل حكومتي هنية وفياض حتى انتهاء الانتخابات القادمة، وتشكيل شرطة مدنية مهمتها الإشراف على عملية الانتخابات.

7. مجمل ما تقدم، يعني أنه لم يتم حسم قضايا الخلاف الجوهرية (البرنامج السياسي والحكومة والأجهزة الأمنية) حتى الآن. ولعل الانتخابات القادمة، في حال أُجريت، سوف تحدد مستقبل حكومة/ حكومتي السلطة، والوحدة الإقليمية لأراضي الدولة الفلسطينية، والبرنامج الوطني، والشرعية الوطنية للرئيس والحكومة وم.ت.ف.

التوقعات المحتملة:

قد تسير الأمور في أي اتجاه من الاتجاهات الثلاثة التالية:

1. تأجيل المصالحة وجمود طلب العضوية:

مع أن كلا الطرفين حرصا على إشاعة روح التفاؤل في الأجواء العامة، إلاّ أن كلاً منهما ما يزال عملياً متمسكاً بشروطه والتزاماته، الأمر الذي قد يؤدي إلى مراوحة المصالحة في مكانهما في آن واحد وبشكل متزامن.

يزيد من احتمالات هذه الفرضية تأجيل البت بملف الحكومة، مما يؤشر إلى عدم التوصل لحل مشكلة اسم رئيس الحكومة، وكذلك تأجيل البت بشأن الأجهزة الأمنية.

ما تقدم يعني أن الساحة الفلسطينية من الممكن أن تشهد أجواءً إيجابية بفعل إطلاق المعتقلين السياسيين والانشغال في استعدادات الانتخابات. هذه الحالة تسمح لقيادة المنظمة أن تستمر بالتحرك على المسرح الدبلوماسي في أجواء فلسطينية داخلية مريحة، ولكن من غير أن ينعكس ذلك إيجابياً على حالة الانقسام بين الضفة والقطاع، وعلى مستوى المؤسسات الأمنية والحكومية، وبالتالي على تقدُّم طلب العضوية.

2. تنفيذ جزئي للمصالحة وتوفير بعض شروط العضوية:

إن الذي يدعو إلى القول بهذا الاحتمال هو ما رشح من أخبار بأن عباس أبدى مرونة بخصوص اسم رئيس الحكومة. وفي هذه الحالة سيكون الاقتراب من سيناريو التنفيذ الجزئي للمصالحة أمراً واقعاً؛ حيث يشمل إضافة إلى تشكيل الحكومة، إطلاق عمل المرجعية القيادية، وإعادة إعمار القطاع، والتحضير للانتخابات، ومعالجة ذيول الانقسام.

وقد يساعد على نجاح مثل هذا الاحتمال بقاء البرنامج السياسي بيد رئيس السلطة وعلى طاولة المرجعية القيادية. وتشكيل شرطة مدنية مهمتها الحصرية الإشراف على سير العملية الانتخابية وليس الأجهزة الأمنية (محل الاختلاف).

في هذه الحالة ستكون قيادة منظمة التحرير قد تمكنت من توفير وحدة الإقليم والسلطة، ولو ضمن صيغة توافقية؛ هذه الشروط تلزمها لدفع ملف العضوية لدى مجلس الأمن خطوات إضافية إلى الأمام.

3. انطلاق انتفاضة شعبية/ سلمية:

يشكل التوافق على قيام دولة فلسطينية بحدود الـ67 والمقاومة الشعبية/ السلمية لمواجهة الاحتلال والاستيطان القاعدة السياسية الأساس لهذا الاحتمال. وتزداد فرصهُ في التحول إلى حقيقة مع رفض “إسرائيل” إجراء الانتخابات في القدس، وتصعيد الاعتداءات العسكرية على الضفة والقطاع لعرقلة العملية الانتخابية وإحباطها.

كما أن مثل هذا الاحتمال يعد نقطة التقاء فلسطينية، تصب في خانة “زوال الاحتلال” و”قيام الدولة الفلسطينية” بالحدود المتوافق عليها وطنياً وبالصيغة المقبولة دولياً. 

المقترحات:

1. تشكيل حكومة توافق تتولى تنفيذ استحقاقات المصالحة، والقيام بالاستعدادات الكافية لضمان إجراء انتخابات متكافئة ونزيهة.

2. إطلاق المرجعية القيادية بصورة فاعلة لكي تأخذ دورها في تصحيح مسار القضية الفلسطينية والتحضير للشراكة الوطنية.

3. المسارعة في تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كحاضنة للمشروع الوطني، ولكافة أطياف الشعب الفلسطيني.

4. تقديم أولويات المشروع الوطني ومقتضيات إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، على الاشتراطات والضغوط الإسرائيلية والأمريكية.

5. المسارعة في تبييض السجون الفلسطينية من المعتقلين السياسيين، وعدم تصنيف كوادر أجنحة المقاومة وعناصرها في عداد الخارجين عن القانون والمخلين بالأمن.

6. البدء بمشروع إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في الضفة والقطاع على حد سواء، مع أولوية ما دمرته حرب الرصاص المصبوب.

* كتب مسودة هذا التقدير مشكوراً الأستاذ معين مناع، الباحث في مركز الزيتونة.

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 7/12/2011