مدة القراءة: 2 دقائق

نظم مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في مقره في بيروت محاضرة بعنوان “أضواء على العلاقات الإسلامية – المسيحية في رام الله في أواخر العهد العثماني وعهد الانتداب البريطاني بناء على سجلات بلدية رام الله”، وذلك في 28/6/2011. ألقى المحاضرة الدكتور سميح حمودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، بحضور نخبة من المفكرين والمتخصصين في الشأن الفلسطيني، وبإدارة الدكتور محسن صالح مدير عام مركز الزيتونة.

استهلّ د. حمودة محاضرته بالتأكيد على أهمية التفكّر في التاريخ الفلسطيني والرجوع إلى الوثائق التاريخية في مواجهة الرواية التاريخية الصهيونية، وذلك من خلال صياغة منظومة فكرية وطنية أساسها الدراسات العلمية للوثائق بطريقة علمية رصينة. كما أكّد على أهمية القراءة النقدية للمنظومة التحليلية الغربية، ودعا إلى استخدام منظومة تحليلية قريبة لمجتمعاتنا.

ولفت النظر إلى أنَّ الصهيونية قائمة على رواية تاريخية، إذ أنها ومنذ حضورها إلى فلسطين، تهتم بجمع الصحف والوثائق وتهتم بأرشفتها، كما قال بأنَّ المشروع الصهيوني هو مشروع الانفصال الثقافي وليس الاتصال الثقافي، وهو مناقض للصيرورة القائمة في فلسطين لدى الديانات المختلفة. ورأى أن الواقع الفلسطيني يعاني من مشكلة ناتجة عن الجهل بأهمية الوثائق الفلسطينية، ودعا إلى إعادة توثيق وصياغة روايتنا لمواجهة الرواية الصهيونية.

ثم تكلم المحاضر عن سجلات بلدية رام الله، التي تبلغ حوالي 126 سجلاً، وعن مقررات المجلس البلدي منذ إنشائه سنة 1912 إلى الآن، والتي تمت فهرستها من خلال عمل استمر عاماً كاملاً.

وتحدث عن العلاقة الوطيدة بين المسلمين والمسيحيين في مدينة رام الله والبيرة، وعن دخول المدارس التبشيرية فيها، وكيف جذبت هذه المدارس العديد من الطلبة من كل المدن. واعتبر أن هذا الانفتاح على الغرب عبر الانخراط في المدارس التبشيرية أسهم في تعزيز العلاقة بين المسلمين والمسيحيين.

ثم انتقل إلى عوامل ازدياد الحضور الإسلامي في رام الله في عهد الانتداب البريطاني، وهما عاملين، أولهما، الهجرة من رام الله إلى الولايات المتحدة لأسباب مادية واقتصادية، وثانيهما، حضور الأيدي العاملة إلى رام الله للعمل. وأكّد على أنَّ التوسّع الإسلامي في رام الله كان توسعاً عادياً ولم يُقابل بأيّ عدوانية. وكان الشيء الوحيد الذي اختلف عليه، هو مقام سيدنا إبراهيم، والذي كان المسيحيون يتعبدون فيه أيضاً، وهو وقف إسلامي مسجل في السجلات العثمانية، ولكن حُلَّ الموضوع بطريقة ودية دون حدوث أي خلاف أو فتنة بين الطرفين. وفي نهاية المحاضرة، تكلّم د. حمودة بشكل مقتضب عن الحركة الماسونية، ووجودها في فلسطين. وخلص المحاضر إلى أنَّه علينا الانتقال من التاريخ العام إلى التاريخ المفصل، والاهتمام بالتأسيس النظري والمعرفي لدراسات التاريخ والمجتمع.

وعقب الدكتور محسن صالح على المحاضرة، حيث أكد على التآخي الذي ساد المجتمع الفلسطيني بكل مكوناته الدينية المسيحية والإسلامية، لافتاً النظر إلى بعض الشخصيات الفلسطينية البارزة في التاريخ الفلسطيني والتي عملت في جوّ من التآخي، دونما تعصب ديني أو مذهبي. كما قدم عدد من المشاركين مداخلات مهمة حيث تحدثوا فيها عن أهمية البحث في العلاقات الإسلامية المسيحية، وأكدوا أن فلسطين قدمت حتى الآن نموذجاً في الوحدة الوطنية، والسبب أن هناك شعوراً وطنياً كان من أسبابه الإحساس بخطورة الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني. وتطرقوا أيضاً إلى الضبابية التي تكتنف المحافل الماسونية في العالم ودورها في المجتمعات العربية. كما أكدوا على أهمية التعليم في نشر روح التآخي بين أبناء الوطن الواحد على أسس وطنية ونبذ التفرقة الطائفية والمذهبية ليس في فلسطين فحسب بل في الوطن العربي كله، منوهين إلى أن المشكلة في الوطن العربي لم تكن فقط في محاولات الإلغاء الطائفي، إنما كان هناك معاناة من الإلغاء الحزبي ومن إلغاء النظم السياسية لحقوق الإنسان، وفق خلفيات أيديولوجية يسارية واشتراكية وعلمانية وغيرها.

 

                                         

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 30/6/2011