مدة القراءة: 4 دقائق

افتُتحت اليوم أعمال مؤتمر “السياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية” الذي يعقده مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في فندق كراون بلازا في بيروت، بحضور عدد كبير من الخبراء والأكاديميين المختصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، من نحو 20 بلداً عربياً وأجنبياً.

ويناقش المؤتمر الذي يتابع أعماله يوم غدٍ الخميس، نحو 18 ورقة عمل متخصصة، موزعة على ست جلسات، يسعى من خلالها إلى تحقيق جملة من الأهداف، أهمها: دراسة محددات السياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، والعلاقات الأوروبية الإسرائيلية، واستكشاف مدى الاختلاف بين المواقف الشعبية والرسمية الأوروبية من القضية الفلسطينية، وإمكانية استثمار هذا الاختلاف فلسطينياً وعربياً. إلى جانب البحث في مداخل وإمكانية تعزيز المواقف الأوروبية على المستوى الشعبي من القضية الفلسطينية، وإمكانية التأثير في المواقف الرسمية الأوروبية فلسطينياً وعربياً.

 وقد افتتح اليوم الأول من المؤتمر بكلمة لمدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات د. محسن محمد صالح، رحب فيها بالحضور، وأشار فيها إلى أن المركز، الذي لم يتجاوز عمره عملياً ست سنوات، قد أصبح أحد أهم وأبرز مراكز الدراسات المعنية بالقضية الفلسطينية، وهو يُصدر سنوياً أكثر من 25 كتاباً أكاديمياً متخصصاً في القضية بمعدل كتاب لكل أسبوعين. وأمل أن يستطيع المؤتمر تحقيق فهم أفضل للسياسات الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، وأن يقدم قراءة نقدية للسياسات الخارجية الأوروبية ويبحث في المقترحات العملية التي تعزز الدور الأوروبي الإيجابي تجاه هذه القضية.

ثم بدأت أعمال الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان “السياسة الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية: المدخل والإشكاليات الأساسية”، وأدراها الوزير أ.د. عدنان السيد حسين، وقدمت فيها د. ليلى الرحباني ورقة أعدها د. آلان جريش، رئيس تحرير اللوموند ديبلوماتيك، تحت عنوان: “خلفيات السياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية”، رأى فيها أنه على أوروبا أن تعترف بفكرة  كون الصراع ليس صراعاً بين أطراف متساوية، بل بين محتل وخاضع للاحتلال، وأنه إذا كانت أوروبا تعتقد فعلاً بأن الحل يكمن في قيام دولة فلسطينية مستقلة، فإنها يجب أن تضغط فعلاً باتجاه تحقيق هذه الفكرة، فوحدها الضغوط القوية والثابتة على “إسرائيل” يمكنها أن تحدث التغيير المطلوب. وأسف جريش لكون المجتمع المدني وحده حالياً يفهم هذا المبدأ، ووحده الذي حاول فرض التغيير من خلال حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات من “إسرائيل”.

ثم قدم د. حسين أبو النمل ورقة تحت عنوان: ” العلاقات الاقتصادية الأوروبية الإسرائيلية ومدى تأثيرها على السياسة الخارجية الأوروبية” قال فيها إن العلاقات الاقتصادية الأوروبية الإسرائيلية، التي قامت على خلفية سياسية، تطورت تحت ضغط الحوافز السياسية بعد ستين عاماً إلى حد تشكيل مصالح اقتصادية هامة بين الطرفين ولصالح الطرفين، لابد وأن تكون حاضرة لتعزيز العلاقات السياسية بينهما وليس العكس، إلا إذا تدخل موازن اقتصادي من حجم الاقتصاد العربي، وهذا ما لا يلوح في الأفق حتى الآن. وأضاف أن أوروبا وفرت لـ”إسرائيل” طاقة إنتاجية في حين تُمنن الفلسطينيين وتشبعهم شروطاً سياسية مقابل تلبية بعض حاجاتهم الاستهلاكية التي هي شيء، والطاقات الإنتاجية التي مُنِحَت لإسرائيل شيء آخر، مختلف نوعياً قبل أن يكون مختلفاً كمياً.

ثم كانت ورقة عمل لـ د. محمود المبارك بعنوان “البعد القانوني للسياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية”.

الجلسة الثانية كانت بعنوان ” السياسة الخارجية للدول المؤثرة في الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية”، وأدارها د. مجدي حماد. وقدم فيها أ. عبد الحميد الكيالي ورقة أعدها أ. دينيس سيفر تحت عنوان “السياسة الخارجية الفرنسية تجاه القضية الفلسطينية”، وقدم فيها عرضاً تاريخياً للسياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، ثم تحدث عن الوضع الحالي، فرأى أنه على الرغم من وجود تعبئة في المجتمع الفرنسي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، فإن الدبلوماسية الفرنسية الجديدة تسير بالاتجاه المعاكس، خاصة بعد مجيء نيكولا ساركوزي القريب من فكر جورج بوش والذي يقف إلى جانب “إسرائيل” دون تحفظ.

ثم تحدث الدكتور محمد أبو غزلة عن “السياسة الخارجية الألمانية تجاه القضية الفلسطينية في ضوء العلاقة الخاصة بإسرائيل”، فأكد أن ألمانيا تسعى إلى تنمية دورها وتوسيع دائرة نفوذها في الجهود الجارية لتسوية الصراع بما يتناسب وحجمها كأكبر قوة أوروبية، وكمسهم رئيسي في المساعدة المقدمة للأطراف المعنية في المنطقة؛ ولكن لا يبدو أنها قادرة على القيام بمثل هذا الدور ما لم تتحرر من القيود التاريخية، وتتبنى نهجاً أكثر انفتاحاً على القوى المؤثرة، وخاصة المقاومة منها، في الصراع العربي الإسرائيلي. حتى يتم ذلك سيبقى دور ألمانيا السياسي-كما هو حال الاتحاد الأوروبي- هامشياً في المنطقة وفي الصراع.

ثم قدم أ. جون ماك هيوجو ورقة بعنوان” السياسة الخارجية البريطانية تجاه القضية الفلسطينية مع تركيز خاص على القرار 242″،  قال فيها إنه على الرغم من تردد بريطانيا في الضغط على “إسرائيل” لإجبارها على الالتزام بالقانون الدولي، وعلى الرغم من غض حكومتها النظر عن حقيقة كون القانون الدولي مؤهلاً لحماية الحقوق الفلسطينية، فإنه ليس أمام بريطانيا خيار سوى توضيح مواقفها تجاه القضية الفلسطينية، وهي مواقف يمكن أن يدعمها ويبررها القانون الدولي، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالقرار 242.

الجلسة الثالثة جاءت تحت عنوان “العلاقات الأوروبية الإسرائيلية ومدى تأثيرها على السياسة الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية”، وأدارها أ. جواد الحمد، وقدم فيها العميد د. أمين حطيط ورقة عمل تحت عنوان: “العلاقات والاتفاقات العسكرية والأمنية الأوروبية الإسرائيلية ومدى تأثيرها على السياسة الخارجية الأوروبية”،  أكد فيها أن اهتمام أوروبا بـ”إسرائيل” هو نتيجة مصالح تؤمنها عبرها. والصور الأساسية لمشهد العلاقات السياسية بين “إسرائيل” وأوروبا هي ثلاث: سياسة أوروبية مستقلّة، سياسة أوروبية منسقة مع أمريكا، وبداية النفور الشعبي الأوروبي من “إسرائيل” وتأثيره على القرار الرسمي.

بعد ذلك قدم الدكتور داوود عبد الله ورقة حول “تأثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأوروبية تجاه فلسطين” أكد فيها أن السياسات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي تشكل في نواح كثيرة نموذجاً مصغراً عن سياسات الدول الأوروبية المحلية تجاه فلسطين؛ فلم تكتف الدول الأوروبية بتوفير الدعم السياسي والدبلوماسي وحسب لـ”إسرائيل”، بل إنهم تدخلوا عسكرياً أيضاً في مراحل حاسمة من التاريخ بناء على طلب الصهاينة، كما أن الفرنسيين هم الذي وضعوا الأساس لبرنامج “إسرائيل” النووي. وأضاف عبد الله أن اللوبي قد حقق حلم ثيودور هرتزل في فلسطين حين قال: “علينا أن نشكل متراساً لأوروبا في مواجهة آسيا”.

وفي ختام الجلسة كان تعقيب للأستاذ أليستر كروك على الورقتين.

ومن المقرر أن يستأنف المؤتمر أعماله صباح يوم غدٍ الخميس، حيث يناقش 9 أوراق عمل في ثلاث جلسات، ويصدر عن المؤتمر في نهاية اليوم مجموعة من التوصيات والملاحظات الختامية.


مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 3/11/2010