مدة القراءة: 12 دقائق

 الزيتونة – بيروت – تحت شعار، “حقهم .. الحياة والحرية”، عقد في بيروت مؤتمر “انتهاكات حقوق الطفل: الطفل الفلسطيني نموذجاً” يومي الخميس والجمعة 17-18 أيار/مايو 2007، بدعوة وتنظيم من جمعية تكافل لرعاية الطفولة (لبنان) ورعاية كل من وزير التربية والتعليم العالي في لبنان، د. خالد قباني، والشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة وحرم حاكم الشارقة. وحضر المؤتمر حشد من الجمعيات الأهلية في لبنان ودول عربية واجنبية عدة منها مصر، والجزائر، واليمن، والسعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى تركيا، والنمسا، وايرلندا، وهولندا، وفرنسا، والسويد وماليزيا. كما شاركت في فعالياته نخبة من الأساتذة المتخصصين وناشطين في مجال العمل الإنساني وحقوق الطفل على رأسهم وفد من فلسطين.

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات شارك أيضاً بممثل عنه، وفيما يلي متابعة المركز لأوراق العمل التي قدمت خلال المؤتمر، مرتبة بحسب تقديمها في المؤتمر:

1.   انتهاك حقوق الطفل الفلسطيني وتهديد أمنه النفسي والاجتماعي من خلال ممارسات الاحتلال 
      إعداد: الأستاذ الدكتور محمود خليل أبو دف، أستاذ أصول التربية وعميد كلية التربية في الجامعة الإسلامية – غزة

2.   واقع الطفل الفلسطيني في دول اللجوء (لبنان، سوريا والأردن)
      إعداد: أ. علي هويدي، امين عام المنظمة الفسطينية لحق العودة (ثابت) – لبنان

3.   الآثار النفسية والاجتماعية على أطفال لبنان في ضوء عدوان تموز 2006
      إعداد: مريم حمزة، مديرة القسم الرعائي في مؤسسة الامام موسى الصدر – لبنان

4.   معالجة المواقع الالكترونية لمشكلات الطفل الفلسطيني: إسلام أون لاين.نت نموذجاً (1999-2006)
      إعداد: ليلى حلاوة، محررة اجتماعية بشبكة اسلام أون لاين

5.   الصدمة النفسية عند الاطفال الفلسطينيين من قبل الاحتلال الصهيوني
      إعداد: د. ابراهيم النوري – الضفة الغربية 

6.   أساليب التفكير لدى الطفل الفلسطيني في ظل ظروف الاحتلال
      إعداد: د. عاطف عثمان الأغا، كلية التربية، الجامعة الإسلامية – غزة 



انتهاك حقوق الطفل الفلسطيني وتهديد أمنه النفسي والاجتماعي من خلال ممارسات الاحتلال
إعداد: الأستاذ الدكتور محمود خليل أبو دف، أستاذ أصول التربية وعميد كلية التربية في الجامعة الإسلامية – غزة

يعرض الأستاذ الدكتور محمود أبو دف في هذه الورقة أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل الفلسطيني من قبل الاحتلال الاسرائيلي، ويتناولها عبر سبعة محاور، يركز كل محور منها على أحد الحقوق الاساسية للطفل، المكفولة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 44/25 المؤرخ في 20/11/1981، وهذه الحقوق هي:

1 – الحق في الحياة، بموجب المادة 6 فقرة 1 و2، والمادة 38 الفقرة 4 من اتفاقية حقوق الطفل.
وتنتهك قوات الاحتلال هذ الحق باستهداف الأطفال عن عمد، وبحسب تقرير أوردته صحيفة الحقائق في 2006، بلغت نسبة الأطفال الذين أصيبوا خلال انتفاضة الأقصى 35.4% من مجموع الاصابات، بينهم 12000 معاق اعاقة دائمة معطمهم من الأطفال. كما أن عدد الأطفال الذين استشهدوا منذ اندلاع هذه الانتفاضة في الـ200 بلغ 900 شهيداً في نهاية 2006. 

2 – الحق في مستوى معيشي ملائم، لكن الوضع الاقتصادي المتدني لاسيما في قطاع غزة يقف عثرة أمام هذه الحقوق، مما يجعل الطفل يعاني من نقص المواد الغذائية والسلع الأساسية، وبحسب إحصائية أجريت عام 2004، فإن 22% من الأطفال الفلسطينيين عانوا من سوء تغذية حرج او مزمن، و20% منهم عانوا من فقر الدم. وتشير التقديرات كذلك إلى أن 54.4% ممن هم تحت خط الفقر هم من لأطفال. ومن أ[رز أسباب هذه المعاناة، إغلاق الطرق والحواجز ومنع التجول الذي يفرضه الاحتلال، فضلاً عن انخفاض القوة الشرائية للعملة الفلسطينية.
ضمن هذا الحق أيضاً، يأتي حق الطفل في سكن ملائم (المبدأ الرابع من اعلان حقوق الطفل، المادة 27 فقرة 3 من اتفاقية حقوق الطفل). هذا الحق الذي تنتهكه دائماً ممارسات جيش الاحتلال من قصف وهدم للمنازل السكنية، يضاف إليه تدمير البنى التحتية من شبكات مياه وصرف وكهرباء وهواتف وطرق واتصالات، وما ينجم عن هذا التدمير من أضرار مادية ونفسية، تطال أيضاً الأطفال.

3 – الحق في الرعاية الصحية، والذي تنتنهكه الممارسات الاسرائيلية، خاصة الحصار المفروض. وكذلك، فإن الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال، وبحسب عدة تقارير لمؤسسات حقوقية، يعانون من تدهور في لوضع الصحي والعلاجي ولا يتلقون علاجاً غير المسكنات ولا غذاءً ملائماً وينتظر أكثرهم أشهراً وربما سنوات ليتلقى فحص طبيب مختص أو صورة ضرورية. 

4 – الحق في الترفيه واللعب، حيث أن اللهو واللعب احدى حاجات الطفولة الاساسية، وتنص على هذا الحق المادة 31 من اتفاقية حقوق الطفل. لكن الاطفال الفلسطينيين وعلى العكس، يعانون من جو التوتر العام، وانتشار حالات الخوف والهلع، واضطراب سلوكهم والكوابيس ومشاهدة أعمال العنف التي تمارس في حقهم وحق أهلهم وجيرانهم وأقربائهم وتلاحقهم في مدارسهم وبيوتهم. 

5 – الحق في الأمن النفسي والسلام، وهو الحق الذي يحرم منه الطفل الفلسطيني أيضاً بسبب ممارسات الاحتلال. ويعاني الاطفال الفلسطينيين من ضغوط نفسية شديدة ويتعرضون لأصناف من التعذيب الجسدي والارهاب النفسي والاهانة المتكررة خاصة أولئك المعتقلون منهم. وضمن هذا المحور، تحدّث أيضاً أبو دف عن استخدام الأطفال الفلسطينيين كدروع بشرية في عمليات الاقتحام التي يمارسها جنود الاحتلال للمنازل والمدن والأحياء. وبالأرقام، فقد أظهر مسح الصحة النفسية والاجتماعية للأطفال الفلسطينيين من عمر 5-17 سنة، أن هذه الفئة العمرية تعاني آثاراً نفسية تتراوح بين 1.5% إلى 11.5%.

6 – الحق في التعليم، والذي تكفله المادة 28 من حقوق الطفل، وتنتهكه، كما تنتهك غيره من الحقوق، ممارسات الاحتلال، وأبرزها اثنين، إغلاق المدارس وقصف المدارس. ويتم إغلاق المدارس إما بأوامر عسكرية، وهو ما برز خاصة خلال انتفاضة الأقصى حيث أشارت احصائيات وزارة التعليم إلى أنه وخلال الاجتياح الأول الواسع في 3/2003 للأراضي الفلسطينية تعطلت الحياة التعليمية بالكامل في 850 مدرسة لمدة 22 يوماً متواصلاً، أو بسبب سياسات منع التجول والاغلاق المتكرر التي تعيق الطلبة والمدرسين على السواء من الوصول لمدارسهم وبالتالي تعطل التدريس. كما أن جيش الاحتلال حول الكثير من المدارس الى ثكنات عسكرية ومعتقلات مؤقتة. أما عن قصف المدارس، والذي يعد أبرز الانتهاكات للقانون الدولي الانساني، ولاتفاقية جنيف الرابعة، فهو ما يمارسه الاحتلال بشكل عشوائي وبشتى أنواع الأسلحة، ففي الفترة الممتدة من اندلاع انتفاضة الأقصى (2000) وبداية العام الدراسي (2002-2003) تعرضت 197 مدرسة فلسطينية للقصف، من ضمنها 24 مدرسة تعرضت لقصف عنيف خلال الفترة 1/1/2001 – 30/6/2002.  وفي الفترة الممتدة من 29/9/200 – 30/4/2002 فقط، استشهد 276 طفلاً وأصيب أكثر من ثلاثة آلاف آخرون بحسب تقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الانسان. وبسبب هذه الظروف، يتخلف الكثير ن الأطفال الفلسطينيين عن الذهاب على مدارسهم وينخرط بعضهم في مجالات عمل، مما يساهم في خلق مشكلة “عمالة الأطفال” لأن أكثر الأطفال يعملون في الشارع طباعة متجولين.

7 – الحق في الحرية،  حيث أصدرت وزارة الأسرى في السلطة الفلسطينية تقريراً يشير إلى اعتقال قرابة الـ4000 طفل في السجون الاسرائيلية، منذ بداية انتفاضة الأقصى، لا يزال 348 منهم رهن الأسر. وبالاضافة لما يعنيه الأسر من ضياع التعليم والمستقبل لهؤلاء الأطفال، فإن هؤلاء الاطفال يتعرضون لشتى صنوف ووسائل التعذيب ، وما ينتح عن هذه الممارسات من آثار صحية ونفسية. حيث تؤكد التقديرات مثلاً أن 80% من المعتقلين الفلسطينيين الأطفال الذين تم اعتقالهم في الـ2002، تعرضوا لتعذيب. كما أن الاطفال المعتقلين وبعد الافراج عنهم، يعانون من عقبات ومشاكل، أبرزها، الخوف من اعادة الاعتقال، والاضطرابات العصبية، والمشاكل الصحية، وعدم التمكن من متابعة تحصيلهم العلمي، والبطالة، وغياب الاستقرار الاجتماعي والنفسي.

توصيات
يقدم أبو دف في ختام ورقته جملة توصيات لمواجهة هذه الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون، أهمها، مطالبة المجتمع الدولي بضرورة العمل على توفير الحماية اللازمة للطفل الفلسطيني، وضرورة فضح ممارسات الاحتلال هذه عبر وسائل الاعلام والمحافل الدولية المعنية بحقوق الانسان، ومحاكمة مجرمي الحرب المنتهكين لحقوق الطفل الفلسطيني، بالاضافة إلى توعية الطفل الفلسطيني وارشاده الى الاجراءات الأمنية الضرورية لوقايته من المخاطر، ورعاية الاطفال المتضررين نتيجة ممارسات الاحتلال والعمل على تأهيلهم من خلال مؤسسات اجتماعية وثقافية متخصصة، والعمل على توعية الآباء والامهات لطريقة التعامل السليمة مع أطفالهم في ظل الأوضاع والضغوط الصعبة، وكذلك الاهتمام بتقديم خدمات غذائية وصحية ملائمة للأطفال المحتاجين، والحرص على التعليم  والعمل على تطوير أساليب الارشاد النفسي والتربوي المستخدمة في مراحل التعليم الأساسي.

 


واقع الطفل الفلسطيني في دول اللجوء (لبنان، سوريا والأردن)
إعداد: أ. علي هويدي، امين عام المنظمة الفسطينية لحق العودة (ثابت) – لبنان

يقدم أ. علي هويدي في ورقته عرضاً ملخصاً، مدعوماً بالأرقام، لواقع الطفل الفلسطيني في دول اللجوء، تحديداً لبنان وسوريا والأردن، وكيف أن هذا الطفل محروم من الكثير من حقوقه الأساسية.

نظرة عامة
يبلغ عدد اللاجئين في الدول المضيفة، حسب احصائيات الانروا لمنتصف عام 2006، 4 ملايين و 426 ألف فلسطيني. أما عدد المخيمات فيبلغ 59 مخيماً، تتوزع على لبنان(12 مخيم)، سوريا (10 مخيمات)، الأردن (10 مخيمات)، الضفة الغربية (19 مخيم)، وقطاع غزة (8 مخيمات)، بالاضافة الى عدد كبير من التجمعات في الدول المذكورة أو دول أخرى. وبشكل عام فإن حال اللاجئين (وضمنهم الأطفال) في كل من سوريا والأردن أفضل منه في لبنان.
ويشدد الباحث في ورقته أن حق العودة والحق في الوطن هو الحق الأساس للاجئين، وللأطفال، وبالعودة تنتهي معاناة اللاجئين ونتائجها المدمرة.

الأردن
يحصل اللاجئ الأردني على الحقوق السياسية والمدنية، وجميع الامتيازات تقريباً كالمواطن الأردني، لكن ورغم هذا، فإن ظروف المخيمات الفلسطينية في الأردن صعبة، في ظل ارتفاع معدلي البطالة (اللاجئين: 25%، 17% ذكور، 33 % إناث. داخل المخيمات: 18%، 11% ذكور، 23 % اناث) والفقر (31% من عائلات المخيمات تحت خط الفقر، ترتفع إلى 36% في المخيمات شمال الأردن، و45% بين عائلات اللاجئين من قطاع غزة) وسوء الأحوال الصحية وتردي البنية التحتية والصرف الصحي، والاكتظاظ (معدل 3 أفراد للغرفة الواحدة داخل المخيمات، التي بنيت بحسب الدراسة على مساحة محدودة غير قابلة للتوسع أفقياً) وبروز مظاهر سلبية اجتماعية أخرى كالسرقة وتعاطي المخدرات والكحول….

سوريا
أكد القانون رقم 260 الصادر بتاريخ 10/7/1956، توفير كافة الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث تضمن نصاً وضحاً يعتبرون من خلاله كالسوريين أصلاً في جميع ما نصت عليه القوانين والأانظمة بحقوق التوظيف والعمل والتجارة وخدمة التعليم والاستشفاء بالاضافة الى تقديمات الأنروا ومع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية. ويشكل الاطفال بين اللاجئين في سوريا نسبة 43.2%. أبرز المشكلات التي يعانيها الأطفال، هي الاكتظاظ (معدل 2.3 فرد في الغرفة) وغياب الحدائق والمساحات المخصصة للعب في المخيمات. 

لبنان
تعكس معاناة الطفل الفلسطيني اللاجئ في لبنان، معاناة اللاجئين ككل في لبنان، حيث أنهم، وبعد 59 عاماً على لجوئهم لا يزالون محرومون من الحقوق المدنية والاجتماعية (الحق في العمل، والاستشفاء، والتمليك، والتعليم، وتشكيل المؤسسات، والانتساب للضمان الاجتماعي والنقابات المهنية)،بالاضافة إلى حالة اللااستقرار وظروف التهجير والحرب التي مر بها لبنان، وكذلك وجود نقاط التفتيش على مداخل بعض المخيمات، ونسبة بطالة مرتفعة، ونسبة فقر، نقص في البنى التحتية (يمنع ادخال مواد البناء الى بعض المخيمات في الجنوب إلا بتصاريح خاصة من ثكنات الجيش)، ازدحام سكاني (معدل 2.2 فرد في الغرفة الواحدة-4 أمتار مربعة، زيادة سكانية بنسبة 300% وعدم إمكانية التوسع الأفقي)، قلقلات أمنية في بعض المخيمات بين الفترة والأخرى (عين الحلوة، ونهر البارد).

كما تعرض الباحث إلى مشكلات محددة يعاني منها اللاجئون الفلسطينييون الأطفال في لبنان، منها، ضمن المشكلات التربوية، التسرب المدرسي (مثلاُ،45% في المرحلة الابتدائية في مخيم شاتيلا)، المستويات التعليمية (ثلث الأطفال يترك المدرسة قبل انهاء المرحلة الابتدائية او المتوسطة، 39% نسبة من لم يكملوا الدراسة وهي عشرة أضعاف تلك عند الطلاب اللبنانيين)، والمشكلات الصحية، كضعف النظر بسبب غياب الكهرباء معظم الاحيان، وتلاصق الابنية وعدم دخول الشمس، والرطوبة والظلمة، ومعاناة أخرى، مثلاً معاناة مخيم البرج الشمالي من أعلى نسبة تلاسيميا في لبنان (9.6%)، وكذلك مشكلة اجتماعية بارزة هي اللاجئين الفلسطينيين الغير مسجلين رسمياً وما يتبع هذه المشاكل عند زواجهم وانجابهم وعدم امكانية ارسال أولادهم إلى المدارس، وتشير التقديرات على ان عدد هؤلاء في لبنان حوالي 25 ألف لاجئ، و3 آلاف من فاقدي الأاوراق الثبوتية، قدم معظمهم بعد نكسة الـ67 وأحداث الأردن (1970).

توصيات
ختم هويدي ورقته بجملة توصيات، أبرزها، الضغط المستمر على الحكومات وصناع القرار لتطبيق حق العودة، والضغط على الأنروا لزيادة حجم المساعدات، وتوفير الحقوق المدنية للاجئين في لبنان، واعداد الخطط والبرامج الاجتماعية والتربوية، خاصة من قبل المؤسسات الاهلية واشراك المجتمع المحلي في هذا، وكذلك السماح بتمدد العمران الأفقي في المخيمات وتوفير مساحات للعب الاطفال، وتوفير الاسم والهوية لفاقدي الأوراق الثبوتية ولغير المسجلين وادخالهم إلى سجلات الانروا.

 


الآثار النفسية والاجتماعية على أطفال لبنان في ضوء عدوان تموز 2006
إعداد: مريم حمزة، مديرة القسم الرعائي في مؤسسة الامام موسى الصدر- لبنان.

تحت عنوان “الآثار النفسية والاجتماعية على أطفال لبنان في ضوء عدوان تموز”، وبورقة لا تتجاوز الثلاثة صفحات، تقدم الأستاذة مريم حمزة، محتوىً مختلف نوعاً ما، وهو في الحقيقة عرضاً لبرنامج التدخل النفسي والتربوي في المؤسسة التي تعمل بها (مؤسسة الإمام الصدر-لبنان) لمعالجة آثار الحرب عند الأطفال، بشكل عام وصفي (دون أية أرقام أو إحصائيات).

وتلخص في بداية الورقة، أبرز الآثار النفسية والاجتماعية للحرب على الأطفال، وهي، الخوف الشديد من الظلام، والعزلة وعدم الرغبة في المشاركة والتعبير (أي غياب الاندماج مع الآخرين)، واضطراب النوم (الكوابيس، الصراخ)، والتبول اللاإرادي ومص الأصابع، والشرود الدائم، والنسيان، والالتصاق بالوالدين، وزيادة الغضب والعنف السلوكي واللفظي والإحباط، ورفض الحدث وإنكاره، وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، والخمول.

ثم تتناول حمزة،البرنامج الخاص بالمؤسسة، أهدافه، وميادينه، ونتائجه، وخلاصة عامة تؤكد أنه رغم كل الظروف الصعبة، ورغم تربية اليهود لأطفالهم على الحقد، يجب أن نبقى أطفالنا بعيدين عن ثقافة الاعتداء والاستعلاء ونمنحهم حق العيش بسلام وأمان، لأن الحق، مهما طال العدوان، سينتصر. 

 


معالجة المواقع الالكترونية لمشكلات الطفل الفلسطيني: إسلام أون لاين.نت نموذجاً (1999-2006)
إعداد: ليلى حلاوة، محررة اجتماعية بشبكة اسلام أون لاين

كانت ورقة ليلى حلاوة هي الورقة الوحيدة التي تعالج بعداً إعلامياً -نوعاً ما- عن كيفية معالجة الإعلام لواقع الطفل الفلسطيني. وهي (أي الورقة) من ناحية تغطيتها لموضوعها، ورقة وافية، لكنها تبرز ضرورة وجود دراسات أخرى عن كيفية تعاطي وسائل الإعلام الأخرى، والأكثر تأثيراً كالتلفاز والصحف، مع واقع الطفل الفلسطيني والانتهاكات التي يعيشها. كما أن الموقع قيد الدرس (اسلام أون لاين)، باللغة العربية، هو موقع ذو طابع إسلامي، جمهوره العام بالأغلب، ذو لون واحد، وإن كانت الباحثة في بداية ورقتها أكدت أن الفئات المستهدفة منه هي كافة الشرائح.

وتحدد الباحثة في مقدمة الدراسة، الأهداف منها، وهي خمسة، نوردها فيما يلي مع النتائج المتعلقة بها.

أولاً: تحليل أجندة القضايا الرئيسية التي يعالجها الموقع فيما يتعلق بحقوق الطفل الفلسطيني وتحليل أجندة لقضايا المتفرعة عن كل قضية من القضايا المتضمنة في الطرح:

وتتناول الباحثة هذا عبر تسعة محاور رئيسية، يتضمن كل منها أيضاً الفروع المتعلقة به.
       أ – المشكلات التربوية: وعولجت من ناحيتين، أولها، عبر تقديم الاستشارات عبر المواقع، وقد تعلقت الاستشارات بعدة مواضيع أبرزها، التعامل مع خوف الاطفال، التربية الجهادية، تأثير البيئة المحيطة على تربية الأطفال (بالنسبة لفلسطينيي الداخل)، وتربية ابن الشهيد. أما الناحية الثانية فهي عبر المادة المقدمة من قبل الجانب التحريري، وهي بشكل عام التوصيات العامة المتعلقة بالأطفال وكيفية تربيتهم في ظل الاحتلال، والتي يتولى اعدادها باحثون مختصون.
       ب – مشكلات الدراسة: ويمكن ابرازها عبر المواد المتعلقة بعدد من القضايا الفرعية التي تأتي تحت هذا العنوان، وهي، اجتياز الحاجز، وتمزيق تصاريح الدراسة، والعودة للدراسة باعاقة، والفقر ومصاريف المدرسة، والعمل ليلاً عند بعض الطلاب في ظل الصعوبات المادية، والتنقيب عن النجاح بغياب وسائل الحياة.
       ج – المشكلات النفسية: وتبرز عبر التقارير والمواد المنشورة المختلفة، والتي تعبر عن معاناة هؤلاء الاطفال، إما عبر الأرقام أو عبر وصفهم هم لها، أو حوارات مع اخصائيين بشأنها. ومثلها أيضاً كل من القضايا التالية: د – عمالة الطفل الفلسطيني؛ هـ – المشكلات الاجتماعية؛ و – مقاومة الطفل الفلسطيني للاحتلال (بالحجر أو المقاومة السلمية)؛ ز – الأطفال الفلسطينيون في السجون الاسرائيلية (وضمنه أيضاً، الأطفال أسرى المنازل في إشارة رمزية لكن تعبيرية ومؤثرة عن الواقع الصعب الذي يفرض على الأطفال البقاء في منازلهم)؛ ح – المساعدات الموجهة للطفل الفلسطيني (معنوياً ومادياً)؛ ط – البطش العسكري لقوى الاحتلال. 

ثانياً:  تحليل مصادر المعلومات التي تعتمد عليها مادة الموقع بهذا الخصوص:
اعتمدت الشبكة بشكل أساسي على شبكة مراسليها في فلسطين، كما برز دور الآباء والامهات الفلسطينيين (في الجزء الاستشاري خاصة)، وتعاونت مع متخصصين تربويين ونفسيين واجتماعيين، وعلى نتائج الأبحاث والدراسات في استقاء المعلومات والبيانات المتعلقة بأطفال فلسطين وواقعهم، كما ركزت الشبكة على الأطفال أنفسهم في فلسطين كمصادر للمعلومات وهذا أعطى المادة مصداقية أكثر، إذ كان الأاطفال يروون معاناتهم بأنفسهم.

ثالثاً: تحليل اتجاهات طرح ومعالجة مشكلات الطفل الفلسطيني:
بما أن الموقع اسلامي، فإن المادة المعروضة بطبيعة الحال منحازة – بشكل أو بآخر- للطفل الفلسطيني، وتركز المادة على جنب واحد من الصراع، هو الفلسطينيين وتتجاهل الطرف الثاني (الاسرائيلي). 

رابعاً: تحليل الفاعلين الأساسيين المرتبطين بمشكلات الطفل الفلسطيني داخل المواد: 
وهم، بحسب درجة وجودهم في المواد، “العدو الصهيوني” ثم “الطفل الفلسطيني” ثم “الآباء والامهات” (الفاعل الأول داخل الجزء الاستشاري والتربوي).

خامساً: جهود شبكة اسلام أون لاين. نت المتعلقة بالطفل الفلسطيني على أرض الواقع
وأبرز هذه الجهود كان اعداد دليل الدعم النفسي للمتضررين من الحروب والكوارث، والذي أعد بداية خلال الحرب اللبنانية، لكنه عندما وجد مناسباً لظروف الطفل الفلسطيني، تم توزيعه على الأطفال الفلسطينيين.  

توصيات الدراسة
ختمت الباحثة دراستها بتوصية بضرورة تجهيز ونشر صفحة خاصة تهتم برصد ومعالجة قضايا ومشكلات الطفل الفلسطيني، وتهدف إلى زيادة التوسع في الرصد، والعمق في المعالجة، والتفاعلية لإيجاد مساحات للطفل الفلسطيني للتعبير عن نفسه، مثلاً المدونات، والتنويع في شكل المادة المقدمة والاهتمام بالصورة، وعدم الاقتصار والاكتفاء بالرصد بل الانتقال الى تقديم مقترحات وطرق للعلاج تكون مناسبة وواقعية، والاستفادة من المادة المتوفرة خاصة من خلال تقديمها في المؤتمرات المؤتمرات والندوات.

 


الصدمة النفسية عند الأطفال الفلسطينيين من قبل الاحتلال الصهيوني
إعداد: د. ابراهيم النوري –  الضفة الغربية 

مما لا شك فيه أن الظروف الصعبة التي يعيشيها الفلسطينيون في الضفة والقطاع لها انعكاساتها النفسية عليهم، وخاصة على الاطفال منهم. وقد زادت هذه المعاناة عقب اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 200 حيث كان الرد الاسرائيلي مزيداً من العنف والقصف والحصار ومنع التجول والمداهمات. ويعالج الدكتور ابراهيم النوري في هذه الورقة، الصدمة النفسية عند الأطفال الفلسطينيين بفعل ممارسات الاحتلال الصهيوني. ويبدأ الدراسة بعرض لواقع الصدمة على الأطفال، حيث تشير الدلائل إلى أن ما يعرف بـ “اعراض ما بعد الخبرة الصادمة” (PTSD) ترتفع معدلاتها بينهم في مناطق المواجهة لتصل إلى 54.6% بين الأطفال، ويعاني 49.2% منهم كذلك من الصداع، و51.4% من مزاج اكتئابي، و42% منهم من مشاكل في النوم، و46% منهم يخشون المواقف الجديدة، وتظهر على 63% منهم علامات القلق أحياناً، بينما يعاني 36.7% منهم من التبول ليلاً. ويشير الباحث إلى أن رسومات الأطفال تعكس خوفهم من القصف، والى وجود علاقة ارتباط بين معاناة الأم والطفل.

كما أن غياب الاستقرار والرعاية والأمان، بسبب ممارسات الاحتلال (قصف، اقتحامات، اعتقالات، ممارسات عنيفة، ..) والواقع الأسري الصعب (اعتقالات، استشهاد، فقر، بطالة، ..)، يؤثر في النمو النفسي للطفل. كما أن علماء النفس والأخصائيين أجمعوا على تأثير الفقر والمصاعب الاقتصادية في نمو الأطفال النفسي وكذلك في علاقاتهم بآبائهم.

ويختم د. النوري ورقته بتوصيات أبرزها، ضرورة رفع الحصار الظالم المفروض، وكذلك المعاناة عن اطفال فلسطين، وضرورة مكافحة العنف وكافة أشكال الاساءة والمعاملة للاطفال من خلال الاعلام وتفعيل دور المؤسسات الدينية التثقيفي والتوعوي، والاهتمام بتعيين المرشدين التربويين في المدارس الابتدائية للتدخل في معالجة مشكلات الأطفال المساء إليهم.

ملاحظة: مرفق مع الورقة ورقة علمية  باللغة الانكليزية بعنوان: Trauma, Violence and Children’s Mental Health، تدرس أيضا الصدمات النفسية عند الأطفال الفلسطينيين نتيجة ممارسات الاحتلال.

 


أساليب التفكير لدى الطفل الفلسطيني في ظل ظروف الاحتلال
إعداد: د. عاطف عثمان الأغا، كلية التربية، الجامعة الإسلامية – غزة

زاوية خاصة ومميزة وجديدة نوعاً ما، هي الزاوية التي تتناولها هذه الدراسة من اعداد د. عاطف الأغا، الأستاذ في كلية التربية في الجامعة الاسلامية بغزة.  ويركز د. الأغا في هذه الورقة على تأثيرات ممارسات الاحتلال على المنظومة المعرفية والفكرية للطفل الفلسطيني، ويحاول الاجابة عن سؤال: “كيف يفكر أطفالنا وكيف يتعلمون في ظل ظروف وأوضاع احتلالية صعبة، فرضت عليهم، وسلبتهم من أبسط حقوقهم؟”

بدايةً، يطرح الباحث التساؤلات الأساسية التي تسعى الدراسة لمعالجتها، مثل، ما مستوى التفكير وأبرز أساليب التفكير (الفعال، غير الفعال، الأساسي، المركب، تأملي، ناقد، عقلاني، دقيق، استدلالي، استقرائي، حدسي، تحليلي، شكلي، ..) عند الطفل الفلسطينيوهل تختلف باختلاف النوع (ذكور،اناث) أو باختلاف المستويات الاجتماعية والاقتصادية، أو باختلاف النمط الاحتلالي (قصف أو هدم بيوت أو دبابات ..) أو باختلاف نوع المدرسة (حكومية أو وكالة)؟

ويؤكد الباحث على أهمية هذا النوع من الدراسات، للتعرف على أنماط التفكير لدى الأطفال الفلسطينيين  وأساليبه، لتشجعيهم على التفكير التحليلي لا الشكلي ليواجهوا به واقعهم الصعب وللتغلب على ذاتهم التي أصابها الضعف والوهن النفسي.

بداية يعرف الكاتب المصطلحات المختلفة المتعلقة بالتفكير، وأولها، مصطلح التفكير، ثم أنماطه، ثم مستوياته، وثم مهاراته وأساليبه، لينتقل ثانياً إلى شرح منهج الدراسة، وهو، بحسب الكاتب، منهج وصفي يصف الظاهرة ويدرس الواقع ثم يعبر عنه من خلال الوصف الكمي للظاهرة المدروسة. 

وفي سياق ذكره للدراسات السابقة التي تطرقت للموضوع ذاته، يعرض الكاتب لدراسة سابقة له (الأغا، السحار، أثر الانتفاضة على شخصية الطفل وتوكيده لذاته، 2005)  أجريت على 250 طالبا وطالبة من المرحلة الأولى في التعليم الأساسي، وأظهرت نتائجها آثار ممارسات الاحتلال على صحة الأطفال النفسية. كما ويذكر الكاتب دراسة لـ (السياغي، 2005) تدرس أساليب التفكير عند طلبة المرحلة الثانوية في اليمن أظهرت أن لا تأثير للمستوى الاقتصادي/الاجتماعي على أساليب التفكير، أو لنوع المدرسة (حكومية أو خاصة)، لكن بالنسبة للنوع الاجتماعي، فإن الأسلوب التحليلي يغلب عند الذكور أكثر منه عند الإناث.  

ثم عرض الكاتب طريقة الدراسة والعينة قيد الدرس (150 تلميذا وتلميذة) وتوزعها حسب النوع الاجتماعي ومستوى الدخل ونوع المدرسة، ليصل الى نتائج الدراسة، وأبرزها:
– التفكير الحسي أكثر أساليب التفكير شيوعاً، هذا بحسب الكاتب يعود إلى الواقع المعاش وحالة القلق والخوف الدائمة.
– لا فروق تذكر بالنتائج مع اختلاف نوع المدرسة (فالاحتلال، أيضاً بحسب الكاتب) لا يميز بين مدرسة وأخرى في ممارساته). 
– لا فروق تذكر بالنتائج مع اختلاف المستوى الاقتصادي والاجتماعي (وهو أيضاً ما عزاه الكاتب إلى أن الفروق الاجتماعية والاقتصادية تذوب حين يكون العدو واحداً).
– الإناث يملن للتفكير الحسي أكثر من البنين، وكثير من الأطفال (الذكور والاناث) لا يستطيعون تفسير الأسباب والعلل، حيث أن أساليب الاستنتاج والاستدلال والتفكير المتوازي كلها تجمدت في عقولهم في ظل القهر والخوف وعدم الاستقرار والمعاناة النفسية والحرمان. 

ويختم الباحث دراسته بخلاصة صغيرة مفادها توصية بضرورة عقد وتصميم البرامج التربوية والإكلينيكية لتخفيف آثار الصدمة وما بعد الصدمة عن الأطفال الفلسطينيين، وتحريك وتجديد عقولهم، وألا نستصغر عقلاً لأن، الطفل، بعقله الصغير القادر على الإبداع والتخيل والتحدي وبأصابعه الرقيقة يواجه آلة الحرب الصهيونية القاهرة. 


إعداد: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات