مدة القراءة: 5 دقائق

الصفحات الأولى من “ورقة بحثية: العوامل المؤثرة في قرار الناخب الإسرائيلي … أ. أشرف عثمان بدر” (نسخة نصيّة HTML)

النص المعروض هو للصفحات الأولى من الورقة البحثية … للاطلاع على الورقة البحثية كاملةً اضغط هنا  (32 صفحة، 716 KB)

ورقة بحثية: العوامل المؤثرة في قرار الناخب الإسرائيلي … أ. أشرف عثمان بدر [1]

ملخص:

ينصب الاهتمام في هذه الدراسة على العوامل التي تؤثر على الناخب الإسرائيلي دون التطرق للعوامل التي تؤثر على قرار الأقلية العربية، فهذا ليس مجال بحث هذه الدراسة. السؤال البحثي الذي تسعى هذه الدراسة للإجابة عليه يتمحور حول العوامل المؤثرة في قرار الناخب الإسرائيلي في انتخابات الكنيست، وتنطلق الدراسة من فرضية مفادها أن العامل الاقتصادي/ الاجتماعي، وعامل الأمن هما العاملين الرئيسيين المؤثرين في قرار الناخب الإسرائيلي، أما المنهجية المعتمدة لكتابة هذه الدراسة فهي الاستقصاء والتحليل والمقارنة من خلال دراسة بعض النصوص والتقارير.

هذه الدراسة استهلت بمدخل نظري ومن ثمّ تطرقت للعوامل التي لها تأثير ملحوظ على قرار الناخب الإسرائيلي والتي يمكن تلخيصها بستة عوامل: التوجه الاقتصادي/ الاجتماعي، القدرة على جلب الأمن، التوجه الديني/ الأيديولوجي، شخصية رئيس الحزب، الموقف من التسوية السلمية، الانتماء الإثني، وأخيراً ختمت الدراسة باستنتاج مفاده أنّ الأمن والاقتصاد هما العاملين الأكثر تأثيراً في قرار الناخب الإسرائيلي بناء على بعض استطلاعات الرأي حول العوامل المؤثرة في قرار الناخب الإسرائيلي كاستطلاع المعهد الإسرائيلي للديمقراطية الذي تمّ إجراؤه عقب انتخابات 2013، والاستطلاع الذي أجراه البروفيسور كميل فوكس سنة 2015 حول العوامل الأـكثر تأثيراً في قرار الناخب الإسرائيلي بالإضافة لاستطلاع للرأي نشرته صحيفة هآرتس.

مدخل:

الإجابة على سؤال “ما هي العوامل التي تؤثر على قرار الناخب أثناء تصويته” ليست سهلة، وربما بقيت الإجابة في بعض الحالات مفتوحة، بالرغم من الجهود المبذولة من الباحثين والسياسيين من أجل التوصل لإجابة محددة إلا أنّه وحتى الآن لا توجد نظرية متكاملة تعالج هذا الموضوع، وربما يعود ذلك لتداخل العوامل المؤثرة وتعقيداتها، فعمر الناخب، وجنسه، وانتماؤه الإثني، ودرجة تدينه، ومستواه الاقتصادي، والاجتماعي، تسهم مجتمعة في قرار الناخب، وعلى الرغم من ذلك وضعت بعض النماذج لتفسير سلوك الناخب من أهمها نموذج الاختيار العقلاني، الذي يفترض أنّ الناخب يتخذ قراراه بناءً على توازنات وحسابات دقيقة، وبعد مقارنة البدائل المتاحة من أجل الوصول إلى الخيار الذي يحقق مصلحته، وهنالك نموذج آخر مبني على المشاعر والعواطف يمكن أنّ نطلق عليه نموذج الاختيار العاطفي الذي يعطي أهمية للهوية؛ أي أنه ينتخب من يعبر عن قيمه وهويته الفكرية، وأخيراً هنالك نموذج الانتماء الاجتماعي، حيث إن الناخبين يختارون بناءً على الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها، هذه النماذج تصلح لقياس توجهات الناخبين أصحاب التوجهات المحسومة سلفاً؛ لكن وفي ظل وجود نسبة عالية من الناخبين، أصحاب الأصوات “العائمة”، الذين يقررون في الساعات وربما في الدقائق الأخيرة فإنً الصعوبة في الإجابة على سؤالنا تبقى قائمة ، (تبلغ نسبة أصوات المترددين من مجموع الناخبين الإسرائيليين حوالي 25%) ، وبالرغم من ذلك سأحاول في هذه الدراسة رصد أهم العوامل التي تؤثر في قرار الناخب من خلال استعراض بعض استطلاعات الرأي وتحليلها.

العوامل المؤثرة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي:

هنالك عدّة عوامل تؤثر في قرار الناخب الإسرائيلي تتوزع على التوجه الاقتصادي والاجتماعي، القدرة على جلب الأمن، شخصية رئيس الحزب، الموقف من التسوية السلمية، الانتماء الإثني، والتوجه الديني والأيديولوجي، وفيما يلي التفصيل:

أولاً: التوجه الاقتصادي/ الاجتماعي:

يظهر استطلاع للرأي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية تزامناً مع انتخابات سنة 2013 أنّ 52% من الناخبين يولون الموضوع الاقتصادي/ الاجتماعي الأولوية أثناء اختيارهم من يمثلهم في الكنيست، كما أعرب 49% عن اعتقادهم أنّ تركيبة الحكومة المستقبلية ستؤثر على السياسات الاقتصادية ، ويظهر استطلاع رأي أجراه البروفيسور كميل فوكس سنة 2015 نتائج مشابهة، حيث يذهب 53% من المستطلعة آرائهم إلى أن الجانب الاقتصادي/ الاجتماعي يقع في مركز اهتمامهم عند اقتراعهم ، 53% هي النسبة نفسها في الاستطلاع الذي نشرته صحيفة هآرتس حول أولوية الناخبات الإسرائيليات . هذه الاستطلاعات تبرز أهمية الأجندة الاجتماعية وتأثيرها على قرار الناخب، وفيما يلي التفصيل:

1. خلفية تاريخية:

في سنوات تكوين “إسرائيل” (1948-1965) كانت مشاكل الاقتصاد تتركز في تمويل الحرب وتلبية الاحتياجات المتزايدة للأعداد الكبيرة من المهاجرين الجدد فاضطرت الحكومة لفرض برنامج تقشفي صارم، مما قاد إلى نسبة نمو عالية سريعة، ساعد على هذا النمو طبيعة الاقتصاد الاشتراكية؛ فالاقتصاد حينها كان مركزياً وموجهاً، بالإضافة الى المساعدات الأمريكية المترافقة مع التعويضات والمساعدات الألمانية، بعد احتلال أراضي 1967 تمّ دمج الاقتصاد الفلسطيني بشكل جزئي بالاقتصاد الإسرائيلي، واستفادت “إسرائيل” من الأيدي العاملة العربية الرخيصة .

في الفترة ما بين 1974-1985 حصل تضخم اقتصادي دفع الحكومة لوضع خطة طوارئ سنة 1985 والانتقال إلى الاقتصاد الليبرالي . سبب التضخم هو ازدياد عدد السكان الذي تزامن مع ضعف الدولة التي لم تستطع أن تقدم الخدمات التي اعتادت على تقديمها فاضطرت للتحول الاقتصادي نحو الليبرالية، ووضعت خطة الطوارئ لسنة 1985، وأهم بنودها :

أ. تقليص حجم الإنفاق الحكومي.
ب. تقليص الدعم الحكومي للمواد الاستهلاكية.
ج. خفض الأجور.

وبالتالي انكمش دور الدولة المباشر في الاقتصاد لكن بقيت الدولة توجه الاقتصاد للمصلحة العامة، من أهم العوامل التي ساعدت على نجاح الخطة تزامنها مع انهيار الاتحاد السوفييتي، مما قاد لفتح أسواق شرق أوروبا، وتدفق المهاجرين الروس لـ”إسرائيل” لتزداد بقدومهم حركة البناء وحركة الأيدي العاملة. كلّ هذه العوامل تلتها مسيرة السلام وتوقيع اتفاق أوسلو، فكسرت مقاطعة “إسرائيل”، وفتحت أسواقاً جديدة للاقتصاد الإسرائيلي، وبلغ الاقتصاد الإسرائيلي ذروته في هذه الفترة.

تزامن انطلاق انتفاضة الأقصى مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي تطورت فيما بعد وتبعتها أزمة الرهن العقاري التي أثرت على الولايات المتحدة، وبسبب ارتباط الاقتصاد العالمي بالاقتصاد الأمريكي تأثرت دول العالم ومن ضمنها “إسرائيل” ، فقد تأثرت “إسرائيل” اقتصادياً بفعل الانتفاضة، لكن وعلى ما يبدو فإن الاقتصاد الإسرائيلي لم يتأثر بشكل مباشر بالأزمة الاقتصادية العالمية؛ بسبب ابتعاد الاقتصاد الإسرائيلي عن التعامل بالمعاملات الافتراضية، وشراء الديون، إنما تأثرت “إسرائيل” بشكل غير مباشر، ففي سنة 2012 وحدها ارتفعت التكاليف وانخفضت الصادرات فبلغ معدل الواردات أكثر من خمسة مليارات دولار للشهر الواحد، ثلثها من أوروبا، وبلغ معدل الصادرات 3.5 مليار دولار للشهر الواحد؛ مما أدى لعجز شهري في ميزان التبادل التجاري يزيد عن 1.5 مليار دولار شهرياً ليصبح العجز المتراكم في 2012 يزيد عن 21 مليار دولار، وليصل العجز التجاري إلى 34.6% من الناتج المحلي .

وبالرغم من أن سنة 2013 شهدت استقراراً في أداء الاقتصاد الإسرائيلي مقارنة بالدول الأوروبية؛ حيث حافظت “إسرائيل” على معدل نمو بنسبة 3.3% ، إلا أنه من المؤكد بأن التبعات والتكاليف الاقتصادية لحرب “الجرف الصامد” على قطاع غزة في سنة 2014 ستؤثر على مجمل الاقتصاد الإسرائيلي من حيث انخفاض الاستهلاك وارتفاع خسائر فرعي السياحة والصناعة، بالإضافة للكلفة العسكرية؛ مما قد يؤدي إلى دخول الاقتصاد الإسرائيلي في حالة ركود قد تظهر في قابل الأيام .

إن التقرير الأخير الذي نشرته جمعية “لتت” الإسرائيلية يوضح صورة الوضع في سنة 2014 وهي أن ثلث الإسرائيليين فقراء، وأن الكثير من الأطفال يخلدون إلى النوم جوعى، ومسنين يتنازلون عن شراء أدوية، ونسبة مرتفعة من الفقراء فكروا بالانتحار، وتشير الجمعية إلى أن “انعدام القدرة على الحكم وانعدام الاستقرار السياسي أديا إلى وضع تغيرت فيه أربع حكومات خلال ثماني سنوات، وبالرغم من الوعود والتعهدات من جانب ثلاثة وزراء رفاه، فإنه حتى اليوم لم يصل ولو شيكل واحد من ميزانية الدولة إلى المبادرة الوطنية من أجل الأمن الغذائي” .

إن مشاكل الاقتصاد الإسرائيلي التي تتركز حول التحول من اقتصاد موجه إلى اقتصاد حرّ وارتباطه بالاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى وجود شركات احتكارية تسيطر على الاقتصاد، وترافق كلّ ذلك مع استمرار “إسرائيل” بخوض الحروب كلّ هذه العوامل تعطي مؤشراً قوياً أن الاقتصاد الإسرائيلي. سيعاني في المستقبل القريب من أزمة حادّة، ولعل الاحتجاجات الاجتماعية في صيف سنة 2011 هي بداية المؤشرات على هذه الأزمة التي لا يعرف كثير من الخبراء إلى أين ستقود الاقتصاد الإسرائيلي، لكن الشيء المؤكد أن الأسوأ ما زال قادماً، وأن المعالجات الاقتصادية العاجلة التي قام بها الخبراء الاقتصاديون لن تجدي نفعاً في قابل الأيام.

[1]   باحث فلسطيني، وأسير محرر. حاصل على ماجستير تخصص دراسات إسرائيلية من جامعة القدس في سنة 2014، ويتقن اللغة العبرية.

النص المعروض هو للصفحات الأولى من الورقة البحثية … للاطلاع على الورقة البحثية كاملةً اضغط هنا  (32 صفحة، 716 KB)