مدة القراءة: 16 دقائق

تقدير استراتيجي (83) –  تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.English_Version

ملخص:

توترت العلاقة بين القاهرة وحركة حماس بشكل مطرد عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، 3/7/2013، وتجسيداً لحالة العداء التي حكمت علاقة النظام المصري الجديد منذ وصوله للسلطة بحركة حماس، فقد تمّ التعبير عنها بسلسلة من الإجراءات أحادية الجانب، التي دفعت الأمور إلى مدارك أكثر سوءاً.

وبالنظر إلى مستقبل العلاقة بين الطرفين على ضوء المعطيات الإقليمية والدولية، وباحتساب عناصر القوة والضعف لدى كلّ طرف، فإنه من الممكن طرح ثلاث سيناريوهات ممكنة لمستقبل هذه العلاقة.

السيناريو الأول: القطيعة الكاملة: ويقوم على فرضية أن النظام المصري سيذهب بعيداً في إجراءاته ضدّ قوى المقاومة في القطاع إلى حدّ التدخل العسكري المباشر أو غير المباشر لحسم الوضع هناك. لكن هذا السيناريو تبقى احتماليته ضعيفة بالنظر إلى إمكانية أن تتورط مصر في قطاع غزة، ومعارضة هذا الخيار من العديد من الجهات الداخلية والخارجية.

السيناريو الثاني: بقاء الحال على ما هو عليه: من حيث استمرار حالة التوتر في العلاقة المحكومة باعتبارات أمنية صارمة. والسيناريو مبني على أساس أن الظرف غير مناسب لتغيير الوضع في غزة من جهة، كما أن حماس ما زالت متماسكة وهي الأقوى في القطاع، ناهيك عن وجود معارضة شديدة شعبية ورسمية، داخلية وخارجية، لتدخُّل مصر المباشر في قطاع غزة. ويعدُّ هذا السيناريو أقل كلفة من السيناريو الأول، لكن عواقبه وخيمة إذا بقي الحصار والتضييق قائماً أمام أوضاع إنسانية متدهورة، مما قد يؤدي بمرور الوقت للانفجار الذي يحذّر منه الجميع.

السيناريو الثالث: الاتجاه نحو الانفراج: ويتمثل في تهدئة الأمور بين النظام المصري وحركة حماس وقوى المقاومة، ورفع أو تخفيف الحصار، باعتبار أن ذلك يصبّ في مصلحة الجميع.

غير أن الظروف الراهنة تميل إلى السيناريو الثاني، بينما تتعزز فرص السيناريو الثالث مع مزيد من إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، وتزايد الشعور لدى النظام المصري بضرورة العمل لتحسين صورته الشعبية، وتجنب الأسباب التي تغذي التطرف وانفجار الأوضاع.

مقدمة:

تأثرت العلاقة بين القاهرة وحركة حماس في العلاقة المتأزمة تاريخياً بين النظام المصري وحركة الإخوان المسلمين في مصر، التي تمثل أحد أهم حركات المعارضة وأوسعها وأكثرها تأثيراً. وقد حدث التناقض مع النظام المصري في مسألتين مهمتين: الخيار الإسلامي وخيار التسوية السلمية.

وبالقدر الذي أربك فيه صعود حماس السياسي حسابات الحكم في مصر، فقد أربك أيضاً حسابات آخرين في الساحة الفلسطينية والإقليمية والدولية، وأدى إلى انزعاج القيادة المصرية، التي دأبت على لعب دور الراعي للمسيرة الفلسطينية، لذا فقد تعاطت مع حماس بوصفها تحدياً أو مشكلة أكثر منها لاعباً طبيعياً في الحياة السياسية الفلسطينية، ولم تُخفِ مخاوفها من حركة حماس للاعتبارات/ المحددات التالية:

1. حركة حماس حركة إسلامية منبثقة من حركة الإخوان المسلمين المنافس القوي للنظام في مصر، وقد منح صعودها دعماً معنوياً للتيار الإسلامي في مصر، وخصوصاً الإخوان، كما تمّ النظر إلى حركة حماس باعتبارها نموذجاً ملهماً في مقارعة المحتل أسهم في تعزيز حظوظ الإخوان المسلمين في الداخل والخارج.

2. الخشية من إفلات زمام السيطرة للنظام المصري على الملف الفلسطيني، وخصوصاً فيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، والذي عُدَّ شأناً مصرياً.

3. الخوف من إقامة “إمارة إسلامية” في غزة، تكون قاعدة انطلاق لعناصر إسلامية “متشددة” إلى الأراضي المصرية والعكس، وخصوصاً بعد انفلات الوضع الأمني في سيناء، على الرغم من نفي حماس الدائم سعيها لإقامة “إمارة” في قطاع غزة.

4. الخشية من اتهام مصر بمهادنة حماس أو التعاطف معها، من قبل “إسرائيل” والغرب، مما يعرِّض مصالحها للخطر، ولضغط اللوبي الصهيوني، ناهيك عن أن أيّ موقف إيجابي من حماس سوف يفسر على أنه تراجع عن دعم الرئيس عباس، ومشروع التسوية الذي تدعمه مصر، والعكس صحيح.

5. الحساسية من وجود علاقات بين حماس وبعض الدول العربية والإسلامية في المنطقة كالسعودية وقطر وإيران وتركيا، مما يرشّح تلك الدول للعب أدوار إقليمية على حساب الدور المصري التاريخي.

بقيت نواظم العلاقة هذه بين النظام في مصر في ظلّ حكم السيسي وبين حركة حماس، وزاد عليها أن النظام المصري عدَّ حركة حماس ميليشيا مسلحة، وذراعاً ضارباً لحركة الإخوان المسلمين في نسختها الفلسطينية، في منطقة رخوة هي الخاصرة الشرقية للدولة، ورفض سيطرة حماس على قطاع غزة؛ طالما أن عداوة حماس سوف تجلب رضا ودعم “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية والغرب، ضمن ما اصطلح على تسميته بـ”الحرب على الإرهاب”، ذلك الدعم اللازم لنظام طاردته إشكالية الشرعية منذ قيامه.

وفي الوقت الذي تجاهل فيه النظام المصري حماس كفصيل فلسطيني حاز على الأغلبية في انتخابات عامة، فإنه تعامل مع السلطة الفلسطينية بوصفها العنوان الرئيسي للقضية الفلسطينية، تماشياً مع موقف السلطة الفلسطينية وحركة فتح من النظام السياسي الحاكم والتطورات السياسية في مصر، وكذلك تماشياً مع متطلبات المحاور الإقليمية والدولية التي ترفض التعاطي مع حركة حماس. وعليه، فقد استمر النظام في عهد السيسي في التعاطي مع قطاع غزة والمقاومة وفي مقدمتها حماس بخاصة، على هدي تجربة نظام حسني مبارك، محكومة بالشك والريبة والاتهام، واعتبارها تهديداً أمنياً، ومن ثم التعامل معها عبر البوابة الأمنية ممثلة بجهاز المخابرات العامة.

ولما كانت حماس تدرك هذه الحساسية في العلاقة بمصر، وتستشعر خطورة استعداء مصر بوصفها ذخراً لجهادها ومعركتها مع المحتل، وبما لمصر من ثقل وتأثير عربي وإقليمي ودولي، وكأحد أهم أبواب الشرعية في المنطقة، وناظم للعلاقة مع بقية الأطراف الفلسطينية وخاصة حركة فتح، إضافة إلى كونها بمنطق الجغرافيا ممراً إجبارياً لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لحصار إسرائيلي مشدد دام لأكثر من تسعة أعوام، فقد ذهبت حركة حماس إلى طمأنة النظام المصري في أكثر من مناسبة، وعلى لسان قائد بارز هو د. محمود الزهار بقوله إن حماس تنظيم فلسطيني مستقل، وليس لأحد وصاية عليها، وهي حركة تحرر وطني من الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعزز أمن مصر وموقعها الإقليمي، وأن معركتها محصورة في فلسطين، وتحرص على عدم نقل المعركة إلى خارج فلسطين، وأنه ينبغي أن يُنظر لفعلها المقاوم في فلسطين كعامل ضغط لانتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية وليس العكس، وأن سياستها تقوم على عدم التدخل في شؤون الدول، وفي مقدمتها بالطبع مصر.

كما أكد نائب رئيس مكتبها السياسي د. موسى أبو مرزوق أن “حماس ستحترم أي خيار ينتقيه الشعب المصري في المرحلة المقبلة”، وأن ما يحدث في مصر من تجاذب سياسي إنما هو شأن داخلي مصري، وأن قطاع غزة أو حماس ليس لهما أيّ علاقة بما يحدث في سيناء، وليس هناك من دليل على التهم الموجه لها، مؤكدة حرصها على العلاقة التاريخية مع الشقيقة الكبرى مصر.

تمكنت حماس من تقديم خطاب هادئ ومتزّن تجاه مصر الرسمية، حتى في وقت الأزمات، مثل محاولات كسر الحصار وفتح معبر رفح البري، أو الحرب على غزة، وخطف عناصرها في رفح المصرية، والدعاية الرسمية المضادة والمستفزة. لكنها بقيت ثابتة على مواقفها تجاه القضايا الكبرى، وخصوصاً في مسائل وقف إطلاق النار، والمصالحة الفلسطينية، والعلاقة بالسلطة ومنظمة التحرير، والالتزام بخيار المقاومة، ورفض التسوية السلمية وإفرازاتها، والعلاقة بالاحتلال؛ وهو ما زاد في توتر العلاقة بين الطرفين، وأغضب نظام الحكم في مصر، الذي لم يعتد من أحد في الساحة الفلسطينية أن يقول له “لا”.

بين يدَي تناول السيناريوهات المستقبلية للعلاقة بين النظام في مصر والمقاومة لا بدّ من الإشارة إلى عناصر القوة والضعف لدى الجانبين:

أولاً: النظام المصري:

يمتلك النظام المصري العديد من أوراق القوة في إدارة ملف العلاقة مع قطاع غزة وتتمثل فيما يلي:

• تحكُّم مصر في معبر رفح كمعبر وحيد لقطاع غزة مع العالم الخارجي، في ظلّ إغلاق بقية المعابر مع الاحتلال.

• تمسّك بعض الأطراف الفلسطينية، وخصوصاً السلطة وحركة فتح، بِوساطة مصر “الحصرية” في ملفات المصالحة، ووقف إطلاق النار/ الهدنة، وتبادل الأسرى، ورعاية بقية ملفات القضية الفلسطينية، مما يعطي مصر ميزة تفضيلية عن بقية الدول التي يمكن أن تلعب هذا الدور، ناهيك عن تمسك مصر بلعب هذا الدور.

• التعاون الاستراتيجي بين النظام في مصر و”إسرائيل” وتنسيق المواقف فيما يتعلق بضبط الحالة في قطاع غزة، وحركة الدخول والخروج منه، وعزل حركة حماس.

بيد أن الموقف المصري يعاني من حلقات ضعف ممثلة بـ:

• تراجع دور مصر القومي في ملفات المنطقة بسبب التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه النظام.

• ضعف الدور المصري الديبلوماسي المصري (مقارنة بالسابق) في الملفات العالقة بين “إسرائيل” من جهة وحماس من جهة ثانية.

• رفض بعض الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها السعودية وقطر وتركيا، للإجراءات المصرية ضدّ حركة حماس وضدّ قطاع غزة، ولعل الضغط السعودي على الجانب المصري هو الذي كبح جماح تصعيد الهجوم السياسي والقضائي والإعلامي تجاه قطاع غزة.

• التدهور الأمني والسياسي والاقتصادي الذي تعانيه الدولة المصرية، والحاجة الماسة للتفرغ لملفات الداخل المتفجرة.

• معارضة بعض الأطراف الرسمية والشعبية داخل مصر للإجراءات المصرية تجاه القطاع باعتبارها تضر بالمصالح القومية المصرية.

ثانياً: حركة حماس:

تمتلك حركة حماس العديد من أوراق القوة، على النحو التالي:

• إفشال حماس للتدابير والإجراءات التي استهدفت تركيع المقاومة وفرض الشروط عليها، عبر سياسات الاستقواء والحصار والحرب التي شُنت لأكثر من ثلاث مرات، وبقاء سيطرتها على قطاع غزة، المحاذي لخاصرة الدولة الرخوة في سيناء.

• فشل مشروع التسوية السلمية في إحراز أيّ تقدم يذكر، بل حدوث نكوص إسرائيلي وأمريكي على ما تمّ التفاهم عليه في وقت سابق، وكذلك عجز السلطة الفلسطينية في تحقيق أيّ تقدم يذكر على صعيد الملف السياسي (الدولة، والاستيطان، واللاجئين، والأسرى…إلخ)، أو حتى ترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق المصالحة، ومن ثم الفشل في تقديم بديل عن مشروع المقاومة.

• بالرغم من التحديات الكبيرة والكثيرة التي تعرضت لها حركة حماس من خلال الحصار والحرب، إلا أنها ما زالت تمثل الكتلة الأكثر تماسكاً، والأكبر حزبياً وشعبياً (في قطاع غزة) مقارنة بحركة فتح التي تُعدُّ أكبر ثاني كتلة في الحياة الفلسطينية، والتي تعرضت خلال العقد الأخير للكثير من الشقاق والانقسام والترهل.

• تتمتع حركة حماس باحتضان جماهيري وطني وعربي وإسلامي، وتحتفظ بعلاقات إقليمية ودولية، وليست زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل لجنوب إفريقيا التي استفزت “إسرائيل” إلا مشهداً من هذه العلاقات.

• أدت عودة السعودية إلى سياستها التقليدية المعتادة، وانحسار الموجة الداعمة بقوة للنظام المصري الذي يقوده السيسي، مع بعض الانفراج في العلاقة مع حماس، إلى دفع الأمور باتجاه تخفيف الضغط المتصاعد على قطاع غزة، وإعادة النظام المصري النظر في عدد من حساباته السياسية.

في المقابل تعاني حماس من العديد من نقاط الضعف في علاقتها بالنظام المصري، على النحو التالي:

• تَحكُّم مصر في معبر رفح، شريان الحياة في القطاع، وغياب البديل عنه.

• شنّ العديد من الحملات السياسية والإعلامية والقضائية المصرية التي استهدفت قطاع غزة وحركة حماس، مما أسهم في تسميم الأجواء بين الطرفين، بما يؤدي إلى تجريم حماس وشيطنتها وتشويهها وعزلها تمهيداً لمزيد من الهجوم عليها واستهدافها.

• تلكؤ النظام المصري في تطبيق تفاهمات حرب 2014، باعتبار أن ما تمّ الاتفاق عليه سوف يعطي حماس أفضلية ويمنحها صورة الانتصار في الحرب، فلم نجدها تستكمل المباحثات حول اتفاق وقف إطلاق النار (2014)، كما أنها أبدت رفضها لفتح معبر رفح بشكل دائم، أو مناقشة مسألتي إقامة الميناء والمطار، وغير ذلك من التفاهمات.

• ردم الأنفاق وإغراق المنطقة الحدودية بالمياه، الأمر الذي حرم حماس من الحصول على السلاح والمال والسلع التي تمكنها من تسيير الحياة في القطاع؛ وعلى الرغم من أن هذه قد تبدو نقطة ضعف في حقّ حماس، إلا أنها يمكن أن تتحول لتصبح عنصر قوة لها، باعتبار أن السياسات المصرية بخصوص الأنفاق قد ينظر إليها على أنها عقاب جماعي أصاب كافة السكان بشكل مباشر أو غير مباشر دونما تمييز، في الوقت الذي يغلق فيه معبر رفح، وهو ما يمكن أن يقود إلى تأجيج غضب الناس ضدّ السلطات المصرية والالتفاف حول حماس وليس العكس.

الإجراءات المصرية تجاه قطاع غزة ومقاومته:

توترت العلاقة بين القاهرة وحركة حماس بشكل مطرد عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، 3/7/2013. وتجسيداً لحالة العداء التي حكمت علاقة النظام المصري الجديد منذ وصوله للسلطة بحركة حماس، فقد تمّ التعبير عنها بسلسلة من الإجراءات أحادية الجانب، أهمها:

• اتهام جهات حكومية رسمية، ووسائل إعلام مصرية، وجهات قضائية حركة حماس بالضلوع في هجمات وتفجيرات في الأراضي المصرية ولا سيّما في سيناء، وهو ما نفته الحركة بشكل دائم.

• تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود مع قطاع غزة، شملت تدمير الجيش المصري لأكثر من 1,500 نفق على جانبي الحدود بين قطاع غزة والأراضي المصرية منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، باستخدام المتفجرات والردم والإغراق والصعق الكهربائي وغيرها من الوسائل، بالتوازي مع إقامة منطقة عازلة في الجانب المصري من الحدود بعمق يصل لأكثر من اثنين كيلومتر من أجل “مكافحة الإرهاب” كما تقول السلطات المصرية، الأمر الذي لم يحدث حتى في عهد الرئيس مبارك.

• الإبقاء على إغلاق معبر رفح بشكل مستمر ولمدد طويلة، بذريعة وجود تهديد أمني في سيناء. وقد وصل مجموع أيام إغلاق المعبر خلال عام إلى ما يقارب 320 يوماً وبما نسبته 90% خلال الفترة من حزيران/ يونيو 2013 إلى حزيران/ يونيو 2014، عدا عن فتحه على فترات متباعدة للحالات الإنسانية من المرضى، والطلبة، وأصحاب الإقامات في الخارج، وحملة الجنسيات الأجنبية. علماً بأن معبر رفح هو المعبر الوحيد الذي يربط بين قطاع غزة والعالم الخارجي، في وقت تغلق فيه سلطات الاحتلال المعابر الأخرى لها مع قطاع غزة، وتُخضِع معبر “إيريز” لإجراءات أمنية مشددة.

• استخدام القضاء في الحرب ضدّ حماس عبر إصدار العديد من الأحكام، أهمها:

– تجريم مجرد الاتصال بحركة بحماس، ويكفي أن نشير إلى أن أحد التهم التي وجهت للرئيس السابق محمد مرسي هي “التخابر” مع حركة حماس.

– اتهام محكمة جنح الإسماعيلية في 23/6/2013 عناصر من حركة حماس وأطراف أخرى بالمشاركة في اقتحام سجن وادي النطرون لتهريب المعتقلين الإخوان في أثناء ثورة يناير.

– أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 28/2/2014 حكماً أولياً، عدَّت فيه حركة حماس “منظمة إرهابية”.

– إصدار محكمة مصرية في 4/3/2014 قراراً يحظر أنشطة حماس داخل الأراضي المصرية والتحفظ على ممتلكاتها، بالرغم أن الحركة فلسطينية النشأة والوجود والنشاط، وهو ما رأته حماس “مُسيّساً”، قبل أن تقرر الحكومة المصرية في 11/3/2015 الطعن فيه لعدم الاختصاص، ويعلن المحامي المصري الذي أقام الدعوى تنازله عن القضية، وعلى الرغم من أن هذا القرار عُدّ موقفاً إيجابياً من النظام المصري الحالي، حتى أن السيسي رفض الإجابة عن سؤال حول اعتبار حماس عدواً لمصر، والذي اعتبره قيادي بارز في حماس هو صلاح البردويل، بـ”الصمت الحكيم”، ودليلاً عن براءة الحركة من التهم الموجهة إليها، إلا أنه أثار تساؤلات حول طبيعة الخطوات الأخرى التي لحقت به.

• لم تلتزم مصر، كوسيط وضامن لصفقة شاليط، بالتدخل لدى “إسرائيل” التي تنكرت لتفاهمات الصفقة، فقامت باعتقال الأسرى المحررين الذين تمّ الإفراج عنهم، بل وأعادتهم لقضاء مدد محكوميتهم السابقة.

• الموقف السلبي من الحرب على قطاع غزة في سنة 2014، والذي تمثَّل بمطالبة الأطراف بضبط النفس، في مساواة بين المعتدي والمعتدى عليه، ناهيك عن إغلاق معبر رفح، وعدم السماح للعديد من الوفود الدولية والمساعدات الإنسانية من المرور عبر معبر رفح، بخلاف ما كان قائماً في عهد الرئيس مبارك.

• تردد مصر في التوسط في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة الذي بدأ في 7/7/2014، حيث امتدت الحرب أسبوعاً قبل أن تتقدم مصر بمبادرة للتهدئة مساء الأحد 13/7/2014، ودعت لوقف فوري لإطلاق النار، على الرغم من أن “إسرائيل” هي التي بادرت بإطلاق النار باغتيال ستة من كوادر حماس مساء 6/7/2014 في رفح، وجاءت صواريخ القسام كرد فعل على ذلك الخرق الإسرائيلي للتهدئة السابقة.

وبالنظر إلى نصوص تلك المبادرة التي أشادت بها الصحف الإسرائيلية، سنلاحظ ما يلي:

– عدم مخاطبة حماس أو حتى اطلاعها على المبادرة، إذ سمعت الحركة عن المبادرة من وسائل الإعلام، في الوقت الذي نُسّقت فيه الجهود المصرية بخصوص المبادرة مع الطرف الإسرائيلي والأمريكي ومع رئيس السلطة محمود عباس.

– تعريف المبادرة لأعمال المقاومة بـ”عمليات عدائية”، وهو التعريف الإسرائيلي لأعمال المقاومة.

– ربط فتح المعابر باستقرار الأوضاع الأمنية على الأرض، وهي ذريعة إسرائيلية لوَّحت بها “إسرائيل” دائماً في وجه الفلسطينيين، وبقي معبر رفح مغلقاً حتى بعد انتهاء الحرب ومرور أكثر من عام على انتهائها.

– رفض مطالبات حماس بتعديل المبادرة.

• التجريم والتشهير بقيادة حركة حماس وعلى رأسهم: خالد مشعل، وإسماعيل هنية، ومحمود الزهار… وغيرهم.

• منع قيادات وكوادر وعناصر حركة حماس من السفر.

• إطلاق دعوات مصرية متعددة لإغلاق معبر رفح نهائياً، وسحب الجنسية المصرية من 25 ألف فلسطيني حصلوا عليها وفق إجراءات قانونية.

• التشديد في إغلاق البحر أمام الصيادين الغزيين ومطاردتهم، وإطلاق النار على مراكبهم وإغراقها، واعتقال بعضهم، والتسبب في قتل البعض الآخر.

• تخفيض قبول الطلاب في الجامعات والمعاهد المصرية بشكل لافت، وواضح أن هناك تشديداً كبيراً من أجل التقليص، مقارنة بأعدادهم في الأعوام السابقة.

• شكلت عملية اختطاف نشطاء حركة حماس الأربعة في مدينة رفح المصرية في 19/8/2015 مؤشراً على تدهور العلاقة بين النظام المصري وحركة حماس.

وقد جرت عملية الاختطاف في أثناء مغادرة النشطاء معبر رفح متجهين إلى مطار القاهرة، في حافلة “الترحيلات” التي كانت تحت حراسة الأمن المركزي المصري، وذلك بعد حصولهم على الأذونات الرسمية بالدخول وختم جوازاتهم. وحاولت السلطات المصرية إعطاء الانطباع بأن الحديث يدور عن عملية اختطاف قام بها تنظيم “ولاية سيناء”، لكن الأخير سرعان ما نفى علاقته بالحادثة. وعلى الرغم من أن حركة حماس حمّلت السلطات المصرية المسؤولية عن سلامة الأربعة، على اعتبار أن العملية تمت في الأراضي المصرية وعندما كان الحافلة تحت حماية الأمن المصري، ملمحةً إلى تورّط الأخير، إلا أن مصادر حمساوية ذات صلة أكدت على أن العملية تمت بإرادة إسرائيلية وتنفيذ مصري، ولم تستبعد تلك المصادر أن العملية تجسد الشراكة الاستراتيجية بين النظام المصري و”إسرائيل”، ولا سيّما أن العلاقة بين الجانبين تمر في “عصرها الذهبي”، كما وصفها الصحفي أمير تيفون.

• أقدمت السلطات المصرية على إغراق المنطقة الحدودية بين قطاع غزة مع مصر (والتي تنتشر فيها الأنفاق) بمياه البحر المالحة، بهدف غمر الأنفاق ومن ثم انهيارها، وذلك عبر تمديد أنبوب ضخم تتصل به أنابيب رأسية تغوص في الأرض على عمق ثلاثين متراً وبها الكثير من الثقوب، بحيث يتم ضخّ مياه البحر عن طريق مولدات كبيرة إلى الأنبوب الضخم ومنه إلى الأنابيب الرأسية، ليندفع منها الماء فيذيب الرمال والطين بهدف خلخلة التربة وتدمير الأنفاق التي كانت تنقل الغذاء ومستلزمات القطاع والسلاح للمقاومة. وعلى الرغم مما يترتب على هذه الإجراءات من كوارث ستصيب الإنسان والبيئة والخزان الجوفي في منطقة رفح الحدودية والمناطق المجاورة لها، وكذلك انهيار البيوت والبنى التحتية، وخصوصاً خطوط الماء، والصرف الصحي، وخطوط الكهرباء، والهاتف، وتهدد الوجود البشري في تلك المنطقة، فإن تلك الخطوة التي لاقت استحساناً إسرائيلياً، قد لاقت أيضاً قبولاً من الرئيس محمود عباس.

• شنّ حملة إعلامية من جهات مدعومة من النظام أو محسوبة عليه، استهدفت قطاع غزة وحركة حماس، وطالبت بتوجيه ضربة جوية وشنّ حرب برية لإسقاط حكم حماس في غزة، ووصل الأمر إلى استعداء “إسرائيل” على غزة. ولا شكّ أن تلك الدعوات وأشباهها أكدت بما لا يدع مجالاً للشك بأن العلاقة بين الطرفين قد تسممت، وأن موقف السلطة في مصر من غزة والمقاومة فيها قد تغير جذرياً، وهو ما لا يتوقع لها أن تصفو في المديات القريبة.

سيناريوهات محتملة:

بالنظر إلى ما سبق يمكن الحديث عن ثلاث سيناريوهات محتملة يمكن أن تحكم العلاقة المستقبلية بين النظام المصري وحركة حماس في قطاع غزة، على النحو التالي:

السيناريو الأول: (القطيعة الكاملة):

يقوم هذا السيناريو على فرضية تقضي بأن النظام المصري القائم لن يكتفي بما قام به حتى الآن بحق المقاومة وقطاع غزة، كدفعة أولى فوق الطاولة لعلاقة استراتيجية مع “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية. وبالتالي سيذهب في خطواته تجاه حركة حماس وقطاع غزة إلى أبعد من مجرد تحريض إعلامي واتهامات وأحكام قضائية، إلى عمليات مطاردة وتصفية لعناصر وكوادر مطلوبة للسلطات، أو القيام بعمليات ميدانية “قطاعية مركزة”، خصوصاً على الحدود المصرية الفلسطينية، أو من خلال دعم وإسناد قوات فلسطينية تشرف على تدريبها وتسليحها، وتكون بمثابة قوات تدخّل وحسم للوضع في قطاع غزة بعد تهيئة الميدان لذلك، تحت ذرائع ومبررات مختلفة.

ويمكن أن يتدحرج هذا السيناريو من ردات فعل تبديها السلطات المصرية، رداً على ما تتعرض له قوى الأمن والجيش في سيناء من قِبل عناصر توصف بأنها “إرهابية”، باتجاه توجيه الاتهام إلى المقاومة أو بعض عناصرها أو قياداتها، والمطالبة بتسليمهم كما كان يحدث في السابق؛ حيث تمّ اتهام أشخاص بعضهم غير موجود أصلاً في سجل السكان المدني في القطاع، أو شهداء، أو معتقلين في سجون الاحتلال، ودون إقامة الدليل على تورطهم. ولعل رفض حماس للاستجابة لمثل هذه المطالب والتعاون معها يمكن أن يقدَّم كمبرر لاستهداف قطاع غزة بعمليات خاصة، كالاشتباك المباشر والهجوم الصاعق، أو خطف أفراد وقيادات، أو تدمير لبعض المنشآت، أو من خلال إثارة حالة من البلبلة والفوضى، يتم الطلب على إثرها، من قبل أطراف فلسطينية، من السلطات المصرية التدخل لحسم الوضع في قطاع غزة.

لكن السلطات المصرية سوف تجد نفسها متورطة في قطاع غزة وسكانه ورماله المتحركة، وهي المعضلة الأمنية التي حاولت التخلص منها طوال الوقت، بينما كانت التهمة التي وجهت للرئيس محمد مرسي، بأنه “سعى “لتوريط” مصر في قطاع غزة، وفتح سيناء أمام الفلسطينيين”.

هذا السيناريو، بالرغم من سلبيته، واحتماليته الضعيفة من جهة النظام المصري، إلا أن بعض المحسوبين على النظام القائم قد يعتقد بأن التوقيت الحالي هو أفضل الأوقات لاستهداف المقاومة، وخصوصاً حال حدوث عمل عسكري كبير يستهدف قوى الأمن والجيش في سيناء، أو من خلال الضغط من بعض الأطراف الإقليمية أو الدولية التي قد تسعى إلى حَرْف سلاح المقاومة الفلسطينية عن هدفه، أو بطلب من السلطة الفلسطينية، لحسم حالة الصراع الداخلي لمصلحتها.

السيناريو الثاني: (بقاء الحال على ما هو عليه):

أي بقاء حالة التوتر في العلاقة المحكومة باعتبارات أمنية صارمة، وسبب ذلك أن الظرف غير مناسب لتغير الوضع في غزة من جهة، وأن حماس ما زالت متماسكة والأقوى في القطاع من جهة أخرى، ناهيك عن وجود معارضة شديدة شعبية ورسمية، داخلية وخارجية، لتدخل مصر المباشر في قطاع غزة.

يقوم هذا السيناريو على فرضية أن حماسة النظام المصري تراجعت لاستهداف قطاع غزة بشكل مباشر، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر، بحيث يصبح الدخول إلى غزة أو حتى الانشغال بها هو نوع من الترف أمام القضايا المتفجرة داخل القطر المصري، وهو ما يستدعي إدارة النزاع مع غزة دون حسمه بالقوة المسلحة، مع السعي لمحاولة إعادة ترتيب عناصر القوة في القطاع عبر أطراف أخرى فلسطينية ودولية، على أن تبقى مصر بمثابة مفتاح المنطقة في التعاطي مع الشأن الغزي. وهو ما يمكن أن يُعدُّ أقل الأثمان التي يمكن أن تُدفع في ظلّ استمرار تدهور الأوضاع في القطر المصري.

وقد ينجح هذا السيناريو في ظلّ تفاقم مشكلات غزة بسبب الإغلاق المحكم للأنفاق وإغراقها، والتحكم في معبر رفح، والتعاون المصري الإسرائيلي الفلسطيني في خنق قطاع غزة، كما أن الأجواء الإقليمية المنشغلة بالحرب على “الإرهاب” يمكن أن توفِّر الغطاء لمثل هذا السيناريو، ناهيك عن انشغال العرب بأجنداتهم، وعجز أطراف صديقة لحماس، مثل تركيا، عن تقديم الدعم للقطاع، لتأزم علاقاتها مع النظام المصري، وتأخر إعمار غزة، وعدم طرح آليات بخصوص إقامة ميناء بحري أو مطار، وهو ما يجعل قطاع غزة منطقة محاصرة ومعزولة عن محيطها ومنكوبة بمرور الوقت.

ويُعدُّ هذا السناريو الأقل كلفة، والأعمق أثراً في كيِّ وعي سكان قطاع غزة، والتأثير في خياراتهم المستقبلية، وإشغال المقاومة ومشاغلتها بما يضمن عدم حدوث فراغ أمني في القطاع قد تملأه قوى أخرى متشددة.

السيناريو الثالث: (الاتجاه نحو الانفراج):

ويتمثل في محاولة تهدئة الأمور ما بين النظام المصري وحركة حماس، بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد يكون ذلك من خلال دخول بعض الوساطات العربية والإقليمية لإعادة رسم العلاقة، من خلال تعظيم نقاط التقارب بين الطرفين، وصولاً إلى إيجاد صيغة تقبل بها كافة الأطراف ذات العلاقة، تنتهي برفع الحصار عن غزة جزئياً أو كلياً. ولهذا السيناريو اعتبارات كثيرة؛ من أبرزها الظروف والتحديات الداخلية في مصر وقطاع غزة التي تشجع على خفض مستوى التوتر لتحقيق مصالحهما، ولأن مزيداً من الضغط على القطاع سوف يولد الانفجار، الذي سيكون حتماً في وجه الاحتلال، لذا فإن الاحتلال سيحاول التنفيس من حالة الاحتقان لحساب التفرغ لجبهات وملفات أخرى ذات أولوية كالضفة الغربية بما فيها القدس، أو بعض الملفات الإقليمية الأكثر أهمية.

وهذا السيناريو من الممكن أن يكون الأكثر قبولاً خلال الفترة المقبلة، بالنظر إلى مصالح الأطراف كافة فيه. إذ يواجه النظام المصري العديد من التحديات الداخلية والإقليمية الكفيلة بإشغاله بنفسه لفترة لا بأس بها، كما أن تورط مصر في قطاع غزة، يمثل تحدياً أمنياً وسياسياً كبيراً طالما تحاشت مصر من الوقوع فيه.

ناهيك عن الضغط الذي يمكن أن يمارس على النظام المصري من قبل بعض أطراف عربية ودولية ترى في حماس عنصر استقرار في المنطقة، وأنها تمتلك من أوراق القوة القادرة على بعثرة الترتيبات وفتح الاحتمالات على مصراعيها، وترى بأن الانفجار القادم لن يقف أثره عند القطاع فقط لكنه سيطال أطرافاً أخرى في الإقليم.

كما أن حماس لديها العديد من أوراق القوة التي من شأنها أن تُبقي على مخاوف الاحتلال والأطراف الدولية، فمسألة الجنود الأسرى لدى حماس، وكذلك قدراتها العسكرية وصمودها في الحرب الأخيرة، وقدرتها على إدارة القطاع وضبطه على نحو صارم وفي أصعب الظروف التي مرت عليها، كل ذلك يدفع باتجاه الإبقاء على حالة الهدوء في القطاع وعدم نبش عشّ الدبابير، ولعل مبادرة توني بلير تأتي في هذا السياق.

ولو أمكن إنهاء حالة الانقسام وخصوصاً في ظلّ الانتفاضة الفلسطينية القائمة، فلسوف يسحب ذلك الذرائع المصرية باستهداف المقاومة أو حصار قطاع غزة، ويمكن أن تكون البوابة المصرية هي الأقرب لتفعيل هذه المصالحة.

وقد يتيح هذا السيناريو للنظام المصري استمرار التعامل الرسمي مع الرئاسة الفلسطينية، في الوقت الذي يُبقي العلاقة مع حماس في حدها الأدنى، وعبر البوابة الأمنية، دون أن يصل الأمر حدّ الصراع المكشوف، وهو ما سيوفر لها شروط العمل على الساحة الفلسطينية، وسيتيح لها هامشاً يمكنّها من التأثير على حماس، بل ربما تطوير هذا التأثير إلى شكل من أشكال “الاستيعاب” و”الترويض”.

وقد تسعى حماس ضمن هذا السيناريو إلى تعظيم قوتها والمراهنة على تطورات الإقليم التي يمكن أن تلعب في مصلحتها. أما فيما يتعلق بالتنسيق مع غريمها القديم الجديد محمد دحلان، لخرق جدار العلاقة مع مصر، فصحيح أن الرجل يحتفظ بعلاقات إقليمية ودولية، لا سيما مع مصر التي تناصب حركة حماس العداء، وفي يدها مفتاح معبر رفح، كما أن الرجل يتمتع بنفوذٍ على المستوى القيادي داخل حركة فتح وبين كوادرها وجمهورها خصوصاً في قطاع غزة، غير أن هذا الخيار بالنسبة لحركة حماس يبقى مستبعداً بالنظر إلى حجم العداء التاريخي بينهما، وخشية أن يتسبب مسعى من هذا النوع بهزات ارتدادية داخل الحركة، من عناصر كثيرة ترى أن العلاقة المأزومة مع دحلان لا يمكن أن تغسلها المصالح التي يراها البعض.

خلاصة:

لقد حاولت حركة حماس تفهُّم محددات السياسة المصرية، والسقوف الممكنة لها، والوعي بخطورة استعدائها، لذا تعاطت الحركة مع الموقف المصري بشيء من الانضباط والصبر، وحرصت على عدم إغضاب مصر أو إثارتها، مؤكدة على دورها القومي وخصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وسعت إلى طمأنتها والتأكيد على أنها رصيد استراتيجي لمصر، وليست مصدر تهديد لأمنها وسلامتها.

إن المشاكل الداخلية الفلسطينية وعدم المضي الجاد في اتفاقية المصالحة، وكذلك الأوضاع القلقة في الحالة المصرية، ومع عدم حدوث تطورات ذات طبيعة حاسمة إسرائيلياً وإقليمياً ودولياً، تجعل السيناريو الثاني أقرب إلى الترجيح في الظروف الراهنة؛ غير أن ثمة آمال بحدوث نوع من الانفراج التدريجي، مع دفع الطرفين الفلسطيني والمصري بالمزيد من إجراءات بناء الثقة، بما يخفف من الحصار عن قطاع غزة.

وبالرغم من وجود عناصر وجهات متنفذة تراهن على إمكانية إسقاط العمل المقاوم وتركيعه في قطاع غزة، إلا أن هناك جهات أخرى تزداد اقتناعاً بعبثية السعي وراء تجربة تكرر فشلها لسنوات، وأنه آن الأوان للتعايش مع قوى المقاومة ضمن معادلة المصالح في المنطقة.

توصيات ومقترحات:

• الحرص على عدم تدهور العلاقة مع مصر أو استعدائها، واستحضار أهمية الإبقاء على هذه العلاقة وتطويرها، بما يؤدي إلى تهدئة المخاوف وتخفيف الحصار عن القطاع.

• تنسيق الجهود والتعاون مع حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني حول العالم، وتشكيل جماعات ضغط مساندة للقضية الفلسطينية ومناصرة لها، وتقوية شبكة العلاقات بين حركات المقاومة وبين الأوساط الشعبية والحزبية في الدول العربية والإسلامية، لصد أيّ محاولة للنيل من المقاومة.

• تشجيع الانتفاضة ودعمها في الداخل الفلسطيني، باعتبارها رافعة للمقاومة وللعمل الوطني، ودافعاً للمصالحة الفلسطينية، وعنصراً مؤثراً في تخفيف الحصار عن قطاع غزة.

• الضبط الميداني لكافة عناصر المقاومة، وعدم الانجرار لردات الفعل الضارة، والمحافظة على طهارة سلاح المقاومة.

• ضبط وتوحيد الخطاب الإعلامي لقوى المقاومة الفلسطينية، والابتعاد عن السجالات الإعلامية، مع بيان الحقائق بأعلى درجات المصداقية والمهنية.
• المحافظة على سلاح المقاومة، وتعظيم قدراتها، وترشيدها لتحقيق أهدافها في مشروع المقاومة والتحرير.

* يتقدم مركز الزيتونة للدكتور وليد المدلل بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

 >> تقدير استراتيجي (83): أثر الإجراءات المصرية على مستقبل العلاقة مع المقاومة في قطاع غزة  Word
(14 صفحة، 98 KB)

 >> تقدير استراتيجي (83): أثر الإجراءات المصرية على مستقبل العلاقة مع المقاومة في قطاع غزة 
(14 صفحة، 516 KB)*

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 19/11/2015