مدة القراءة: 3 دقائق

 يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم ورقة عمل أ. أبو عماد الرفاعي، ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان بعنوان “المصالحة الفلسطينية: الواقع والآفاق”.

وقد قدمت هذه الورقة في مؤتمر “المصالحة الفلسطينية: الآفاق والتحديات”، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت بالتعاون مع مركز إفريقيا والشرق الأوسط AMEC (ومقره جنوب إفريقيا) في 25-26 /2015/3.

ويسعد المركز أن يوفر هذه الورقة بصيغتي الـ Pdf و HTML

لتحميل ورقة العمل، اضغط على الرابط التالي:
>>  ورقة عمل: المصالحة الفلسطينية: الواقع والآفاق …  أ.أبو عماد الرفاعي (7 صفحات، 466 KB)*>> ورقة عمل: المصالحة الفلسطينية: الواقع والآفاق …  أ.أبو عماد الرفاعي (نسخة نصيّة HTML)

* إذا كان لديك مشكلة في فتح الملف، اضغط هنا

 

ورقة ورقة عمل: المصالحة الفلسطينية: الواقع والآفاق …  أ.أبو عماد الرفاعي* [1]
تقف قضيتنا اليوم أمام تحديات كبرى تحيط بها من كل حدب وصوب. لقد فرضت التطورات التي شهدتها منطقتنا، على مدى السنوات الخمس الماضية، نفسها على قضية فلسطين، أدت إلى تراجع الاهتمام الشعبي والرسمي بها، الأمر الذي مكّن العدو الصهيوني ورعاته الإقليميين والدوليين من الاستفراد بالواقع الفلسطيني، وفرض وقائع هدفها تصفية القضية برمتها، والمضي في محاولات شطبها وإلغائها. وقد تجلّى هذا التراجع في التهميش المتعمد لمكانة القضية الفلسطينية من على سلّم الأولويات، الرسمي والشعبي، لصالح قضايا أخرى.

وسط هذه التطورات، سيطر على المشهد الفلسطيني نموذجان من الأداء: نموذج التسوية واستمرار الرهان على المتغيرات السياسية الصهيونية والأميركية والغربية، ونموذج المقاومة التي راكمت من قدراتها، نوعاً وكمّاً، وخاضت ثلاث حروب متتالية، استطاعت خلالها أن تفرض تحدياً وجودياً على الكيان الصهيوني، وأن تفشل جميع أهدافه في كل الاعتداءات التي شنها، وحافظت على قدراتها.

لم يستطع خيار التسوية تحقيق أيّ من أهدافه، على مدى عقدين من الزمن، تمتّع خلالها بكامل الدعم الدولي وبعض النظام العربي، رغم كل التمويل الذي أغدق عليه، ورغم كثرة المبادرات والمؤتمرات التي عقدت لأجله. لم ينتج الرهان على الإدارة الأميركية، وعلى التمويل الأوروبي، وعلى المتغيرات الداخلية الصهيونية، سوى تعميق مأزق الفريق الفلسطيني المفاوض، الذي يجد نفسه اليوم مكبلاً باتفاقات مع العدو، ومرتبطاً به، بحيث لم يعد بمقدوره تنفيذ قرار تتخذه أعلى مؤسسة سياسية. وكلنا يعلم أن قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني مع العدو هو قرار غير قابل للتطبيق. أما ما هو أشد من ذلك وأنكى، فهو أن خيار المفاوضات لم يستطع وقف الاستيطان في الضفة والقدس، والتي من المفترض أنها وبمقاييسهم أراض الدولة الفلسطينية التي اختزل فيها كامل حقنا في وطننا فلسطين.

في المقابل، استطاع خيار المقاومة أن يفرض على العدو الصهيوني تحدياً وجودياً، رغم الحصار المفروض على المقاومة، دولياً وعربياً، ورغم المؤامرات التي تستهدف تقويضها وإنهاكها وابتزازها. وإن كانت مقولة إن عدم قدرة الكيان الصهيوني على القضاء على المقاومة كافياً لإعلان انتصارها صحيحة، إلا أن المقاومة فعلت أكثر من مجرد الحفاظ على نفسها. لقد أثبتت المقاومة أن جيش العدو الصهيوني قابل للهزيمة، بعد أن دمرت ألوية النخبة لديه، وبعد أن سحقت جنوده، ومنعت قيادته من تحقيق أي من أهدافها، واستطاعت قصف مستعمرات العدو وعاصمته. لقد أثبتت المقاومة أنه يمكن تحدي كل الإملاءات، وإفشال كل المؤامرات، بالرهان على إرادة شعبنا وصموده وقدراته.

أيها السادة،

يتحدث البعض أن كلا الخيارين، خيار المفاوضات وخيار المقاومة، في مأزق، وهو استنتاج غير صحيح، لأنه مبني على الشكل دون المضمون. فمأزق التسوية ناتج عن خلل في فهم طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني والدور الذي يلعبه الكيان في المشروع الغربي في منطقتنا. مأزق مشروع التفاوض هو أنه يراهن على رعاة المشروع الصهيوني لفرض تنازلات عليه، ويتوهم أن بإمكانه الرهان على الخلافات الثانوية بين الغرب والكيان. ولذلك، فهو لا يتورع عن قمع أي تحرك فلسطيني في وجه الاحتلال، والقضاء على كل إمكانية لانتفاضة جديدة في مهدها. أما مأزق مشروع المقاومة فهو ناتج عن حجم الحصار المفروض عليها، وعن محاولات فرض شروط عليها عبر ابتزازها بحاجات أهلنا الأساسية، من دواء وغذاء وماء وكهرباء وغيرها. إن الرهان الأساسي للمقاومة هو على شعبها وإرادته واحتضانه لها، واستعداده لتقديم كل التضحيات. ولذلك، نرى أهالي غزة يدفعون اليوم غالياً ثمن صمودهم، عبر منع إعادة الإعمار، وتشديد الحصار. (نسخة نصيّة HTML)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 24/8/2015